يسم الله الرحمن الرحيم
لا تزال لغتنا العربية تبهرنا برونقها و جمالها وسلاستها ودقتها ومكنوناتها الفذة , فهي لغة لا تقبل إلا الإبداع , شهد بذلك أعدائنا قبل أصحابنا , ولا نحتاج لشهادتهم , لأن الحق أبلج , والحق أحق أن يتبع .
وقبل أن أذكر هذا المثال - وهو كثير من نوعه في اللغة - أحببت أن أطلعكم على ما قاله الشاعر الأريب حافظ إبراهيم (رحمه الله) على لسان حال اللغة العربية , حيث قال :
- رجعت لنفسي فإتهمت حــــــصاتي **** و ناديت قومي فاحتسبت حــياتي
- رموني بعـــقم في الشباب و ليتني **** عقمت فلم أجزع لقول عـــــــداتي
- ولــــــدت و لما لــم أجد لــــعرائسي **** رجالاً و أكفاء وأدت بـــــــــــــــــناتي
- و ســــعت كــــتاب الله لفــظاً و غاية **** و ما ضقت عن أي به و عــــــــظات
- فــكيف أعــــــجز عـــــن وصــــــف آلة **** و تنسيق أسماء لمخــــــــــترعات
- أنا الــــــــبحر في أحشائه الدر كامنٌ **** فهل ساءلوا الغواص عن صـــدفاتي
- فــــيا ويحكم أبلى و تبلى محاسني **** و منكم و إن عز الدواء أســـــــاتي
- فـــلا تكــــــــــــــــلوني للزمان فإنني **** أخاف عليكم أن تحــــــــين وفاتي
- ارى لــــــــــــــرجال الغرب عزاً و منعة **** و كم عز أقوام بعز لــــــــــــــــــــغات
- أتــــوا اهلـــــــــــهم بالمعجزات تفنناً **** فيا ليتكم تأتون بالكـــــــــــــــلمات
- أيطـــــــــربكم من جانب الغرب ناعب **** ينادي بوأدي في ربـــــــــيع حياتي
- و لـــــــــــو تزجرون الطير يوماً علمتم **** بما تحته من عثرة و شـــــــــــــتات
- سقى الله فـــي بطن الجزيرة أعظما **** يعز عليها ان تلين قــــــــــــــــــناتي
- حــــفظن ودادي في البلى و حفظته **** لهن بقلب دائم الحــــــــــــــــسرات
- و فاخرات أهــ الغرب و الشرق مطرق **** حياءبتلك الأعظم الــــــــــــــــنخرات
- أرى كـــــــــــــــــل يوم بالجرائد مزلقا **** من القبر يدنيني بــــــــــــــــغير أناة
- و اسمع للكتاب في مـــــــــصر ضجة **** فأعلم أن النائحين نـــــــــــــــــعاتي
- أيهــــــــــجرني قومي عفا الله عنهم **** إلى لغة لم تـــــــــــــــــتصل بــــرواة
- سرت لوثة الـــــعجام فيها كما سرى **** لعاب الأفاعي في مســـــــيل فرات
- فجائت كـــــــــثوب ضم سبعين رقعة **** مشكلة اللوان مختلـــــــــــــــــــفات
- إلى مــــــعشر الكتاب و الحمع حافل **** بسطت رجائي بعد بسط شــكاتي
- فإما حـــــياة تبعث الميت في البلى **** و تنبت في تلك الرموس رفـــــــاتي
- و إما مــــــــــــــــــــمات لا قيامة بعده **** ممات لعمري لم يقس بمـــــــمات
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
فالمـــــــــــــــثال هـــــــــــــــو :
سَِيرٌ لهم طابت فما خَبُثت **** رُبِحتْ لهم سِلَعٌ فما خسروا
********
أزرٌ بهم شُدت وما جُلبت **** رُفعت لهم مدح فما كدروا
*******
ٌنصروا فما خَذُلت لهم دولٌ
عملوا بما علموا وما نقروا
*******
ظفروا وماعفت لهم فرق **** رفعوا فما هدمت لهم جدر
*********
عمروا فما خربت لهم طرق **** كبرت لهم همم وما صغروا
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
وهذه الأبيات جمعت بين الضدين و المتناقضين هما ( المدح والهجاء) , وهذا محال طبعاً إلا إذا قرأت قراءة مخالفة او ما يسمى بالطرد والعكس .
فإنك تجد المدح إذا قرأت الأبيات قراءة طبيعية , وأما إن أردت الهجاء والذم , فاقرأكل شطر بالعكس فإنك تجد العجب ??
وأتمنى أن الموضوع نال إعجابكم
*********************************************
أخوكم : kudoo
المفضلات