قصص واقعية في






قال سبحانه وتعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إيَّـاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إحْساناً إمَّا يبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أو كِلاهُما فلا تَقُـلْ لهُما أُفٍّ ولا تَـنْهَـرهُما وقُـلْ لهُما قولاً كريماً * واخْفِــضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُـل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّـيَانِي صَغِيراً ) .

يسعدني ويشرفني أن أنقل لكم بعضاً من القصص الرائعه التي تدور حول البر بالوالدين والرأفه بهما والشفقه عليهما وغض الجناح لهما ، وذلك نظراً للمكانه العظيمه والجليله التي يحضى بها الوالدين في ديننا الإسلامي الحنيف ، فوجب علينا ككل أن نبرز هذا التوجه الإسلامي العظيم ، ونذكر أنفسنا أولاً ومن نحب ثانياً بحقوق الوالدين العظيمه والجليله .







إن حكم بر الوالدين فرض واجب على كل مسلم ومسلمه ، وأن الأمة قد أجمعت على وجوب بر الوالدين وطاعتهما ، وأن عقوقهما حرام ومن أكبر الكبائر؟؟




ففي هذا الحديث الحديث الشريف:




عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا ؟ فقالوا : حارثة بن النعمان ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كذلكم البر كذلكم البر وكان أبر الناس بأمه ) .




وهذا الحديث ايضاً:








إذا كنا جميعاً نعلم علم اليقين بأن الوالدان الكريمين ، هما السبب في وجود الإنسان ولهما عليه غاية الإحسان .


فالوالد بالإنفاق .. والوالدة بالولادة والإشفاق .


فللّه سبحانه نعمة الخلق والإيجاد .. ومن بعد ذلك للوالدين نعمة التربية والإيلاد .


أفلا يجب علينا إذاً أن نبر بهما ونحسن إليهما في حياتهما وبعد مماتهما ، ألا يجب أن نتأمل ونفكر ونتمعن في هذا الحديث النبوي الشريف








وبما أن القصه هي من أفضل الوسائل السريعه للوصول الى القلوب فرأيت أن أخصص هذا الموضوع لبعض القصص القصيره والرائعه ، التي تضرب أروع الأمثله في البر بالوالدين والإحسان إليهما .









[ قصة سيدنا موسى مع القصاب ]




طلب سيدنا موسى "عليه السلام" يوما من المولى تعالى أثناء مناجاته ، أن يريه جليسه بالجنة في هذه الدنيا فأتاه جبرائيل على الحال وقال: يا موسى جليسك هوالقصاب الفلاني الساكن في المحلة الفلانيه .


فذهب موسى "عليه السلام" إلى دكان القصاب فرآه شاباً يشبه الحارس الليلي وهو مشغولا ببيع اللحم ، فبقي موسى "عليه السلام "مراقبا لأعماله من قريب ليرى عمله ، لعله يشخص ما يفعله ذلك القصاب ، لكنه لم يشاهد شئ غريب.


فلما جن الليل اخذ القصاب مقدار من اللحم وذهب إلى منزله ، فذهب سيدنا موسى "عليه السلام" خلفه وطلب موسى عليه السلام ضيافته الليلة بدون أن يعرّف بنفسه ، فأستقبله الرجل بصدر رحب وأدخله البيت بأدب كامل .


وبقى سيدنا موسى يراقبه فرأى عليه السلام أن هذا الشاب قام بتهيئة الطعام وأنزل زنبيلا كان معلقا في السقف وأخرج منه عجوز كهله وقام بغسلها وأبدل ملابسها وأطعمها بيديه وبعد أن أكمل إطعامها أعادها إلى مكانها الأول .


فشاهد موسى أن الأم تلفظ كلمات غير مفهومه ، ثم أدى الشاب أصول الضيافة وحضر الطعام وبدأوا بتناول الطعام سويه ، سأل سيدنا موسى عليه السلام من هذه العجوز ؟


أجاب : هي أمي .. أنا أقوم بخدمتها


سأل عليه السلام : وماذا قالت أمك بلغتها ؟؟


أجاب : كل وقت أخدمها تقول :


( غفر الله لك وجعلك جليس موسى يوم القيامة في قبته ودرجته ) .


فقال عليه السلام : يا شاب أبشرك أن الله تعالى قد استجاب دعوة
أمك رجوته أن يريني جليسي في الجنه فكنت أنت المعرف وراقبت أعمالك ولم أرى منك سوى تجليلك لأمك واحترامك وإحسانك إليها .




[ قصة سيدنا أبو هريره مع والدته ]




قال سعيد بن المسيب : بلغنا أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها .


ومن بره بأمه أيضاً ما أخرجه ابن سعد بسند صحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه تمرتين .


قال أبو هريرة : فأكلت تمرة وجعلت تمرة في حِجري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة لم رفعت هذا التمرة ؟


فقلت : لأمي ، فقال : كلها فإنا سنعطيك لها تمرتين ، فأكلتها وأعطاني لها تمرتين .



وعن أبي مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب: " أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بـ ( العقيق ) فإذا دخل أرضه صاح بأعلى صوته :


عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أماه .


تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته .


يقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرا .


فتقول: يا بني ! وأنت فجزاك الله خيرا ورضي عنك كما بررتني كبيرا .





[ القصة التي أبكت سيدنا عمر الفاروق ]




كان أمية الكناني رجلاً من سادات قومه بني كنان ، وكان له ابناً يسمى كلاباً ، فهاجر كلاب إلى المدينة في خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه ، فأقام بها مدة ثم لقي ذات يوم بعض الصحابة فسألهم أي الأعمال أفضل في الإسلام ؟؟


فقالوا: الجهاد في سبيل الله .


فذهب كلاب إلى سيدنا عمر رضي الله عنه ، يريد الغزو في سبيل الله ، فأرسله سيدنا عمر رضي الله عنه ، إلى الجيش المتوجه الى بلاد الفرس ، فلما علم أبوه بذلك تعلق به .


وقال له: لاتدع أباك وأمك الشيخين الضعيفين ربياك صغيراً حتى إذا احتاجا إليك تركتهما؟


فقال: أترككما لما هو خير لي في آخرتي .


ثم خرج غازياً في سبيل الله بعد أن أرضى أباه ، فأبطأ كلاب في الغزو وتأخر على والديه .


وكان أبوه وأمه يجلسان يوماً ما في ظل نخل لهم وإذا حمامة تدعو افرخها الصغير وتلهو معها وتروح وتجئ ، فرآها الشيخ فبكى فرأته العجوز يبكي فبكت ، ثم أصاب الشيخ ضعف في بصره ، فلما تأخر ولده كثيراً ذهب إلى عمر رضي الله عنه ودخل عليه المسجد .


وقال: والله يا ابن الخطاب لئن لم ترد علي ولدي لأدعون عليك في عرفات ، فكتب عمر رضي الله عنه برد ولده إليه .


فلما قدم كلاب ودخل على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال له سيدنا عمر :


ما بلغ قدر برك بأبيك يا كلاب ؟


قال كلاب: كنت أُفضله وأكفيه أمره ، وكنت إن أردت أن أحلب له لبناً أجيء إلى أغزر ناقة في أبله فأريحها وأتركها حتى تستقر ، ثم أغسل أخلافها ( أي ضروعها ) حتى تبرد ثم أحلب له فأسقيه .


فبعث عمر إلى أبيه فجاء الرجل فدخل على عمر رضي الله عنه وهو يتهاوى وقد ضعف بصره وانحنى ظهره وقال له سيدنا عمر رضي الله عنه:


كيف أنت يا أبا كلاب؟


قال: كما ترى يا أمير المؤمنين .


فقال سيدنا عمر : ما أحب الأشياء إليك اليوم .


قال : ما أحب اليوم شيئاً ، ما أفرح بخير ولا يسوءني شر .


فقال سيدنا عمر رضي الله عنه : فلا شيءآخر .


قال: بلى ، أحب أن كلاباً ولدي عندي فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت .


فبكى رضي الله عنه وقال: ستبلغ ما تحب إن شاء الله تعالى.


ثم أمر كلاباً أن يخرج ويحلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه فقام ففعل ذلك ثم جاء وناول الإناء إلى عمرفأخذه رضي الله عنه وقال أشرب يا أبا كلاب فلما تناول الإناء ليشرب وقربه من فمه .


قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب .


فبكى عمر رضي الله عنه


وقال: هذاكلاب عندك وقد جئناك به فوثب إلى ابنه وهو يضمه ويعانقه وهو يبكي فجعل عمر رضيالله عنه والحاضرون يبكون .


ثم قال سيدنا عمر: يا بني الزم أبويك فجاهد فيهما ما بقيا ثم اعتنى بشأن نفسك بعدهما .




[ قصة أسامه بن زيد ووالدته ]




وعن محمد بن سيرين قال :


بلغت النخلة في عهد عثمان بن عفان ألف درهم .


قال : فعمد أسامة بن زيد إلى نخلة فعقرها فأخرج جُمّارها ( قبها وشحمتها التي في قمة رأس النخلة) فأطعمه أمه .


فقالوا له : ما يحملك على هذا و أنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟


قال : إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا أعطيتها إياه .




[ قصة إبن المكندر ووالدته ]




ولقد كان للسلف الصالح رحمهم الله مواقف و آثار عجيبة في البر بالأمهات فعن عبد الله ابن المبارك قال :


قال محمد بن المنكدر : بات عمر يعني أخاه يصلي وبت أغمز رجل أمي ( أي يجسها ويكبسها بيده ليذهب ما بها من ألم ) وما أحب أن ليلتي بليلته .




[ قصة الفضل بن يحيى وأبوه ]




وقد روى الخليفة العباسي ( المأمون ) أنه لم يرى أحد أبر بأبيه من الفضل بن يحى البرمكي .


فقد كان أبوه لا يتوضأ إلا بماء ساخن ، فلما دخلا السجن منعهما السجان من إدخال الحطب في ليلة باردة ، فلما نام أبوه قام الفضل وأخذ إناء الماء وأدناه من المصباح فلم يزل قائماً به حتى طلع الفجر، فقام أبوه فصب عليه الماء الدافئ .


فلما كانت الليلة الأخرى أخفى السجان المصباح ، فقام الفضل فأخذ الإناء فأدخله تحت ثيابه ووضعه على بطنه حتى يدفأ بحرارة بطنه متحملاً بذلك برودة الماء والجو من أجل البر بوالده.




[ قصة الولد البار ووالده الكبير ]




طرق الباب طارق ورجل مسكين يجلس متصدراً المجلس و نادى من يفتح الباب وحضر ابنه الشاب الذي لم يتجاوز السابعة و العشرين من عمره ، وعندما فتح الباب اندفع رجل بدون سلام ولا كلام و لا احترام ، وتوجه نحو الرجل العجوز (الشايب ) و أمسك بتلابيبه وقال له :


اتق الله وسدد ما عليك من الديون فقد صبرت عليك أكثرمن اللازم ونفد صبري .


ماذا تراني فاعل بك يا رجل ؟


وهنا تدخل الشاب ودمعة في عينيه وهو يرى والده في هذا الموقف وقال للرجل : كم على والدي لك من الديون ؟


فقال الرجل : أكثر من تسعين ألف ريال .


فقال للرجل : اترك والدي واسترح وأبشر بالخير .


ودخل الشاب إلى المنزل وتوجه إلى غرفته حيث كان قد جمع مبلغا من المال قدره سبعة وعشرون ألف ريال من رواتبه التي يستلمها من وظيفته والذي جمعه ليوم زواجه الذي ينتظره بفارغ الصبر ، ولكنه آثر أن يفك به ضائقة والده ودينه على أن يبقيه في دولاب ملابسه.


فدخل الشاب إلى المجلس وقال للرجل : هذه دفعة من دين الوالد قدرها 27 ألف ريال ، وسوف يأتي الخير ونسدد لك الباقي في القريب العاجل بإذن الله .


هنا بكى الشيخ بكاءً شديداً وطلب من الرجل أن يعيد المبلغ إلى ابنه فهو محتاج له ولا ذنب له في ذلك.


ورفض صاحب الدين إعادة المبلغ مع إصرار الشاب على أن يأخذ الرجل المبلغ ، وودعه عند الباب طالبا ًمنه عدم التعرض لوالده و أن يطالبه هو شخصياً بما على والده و أغلق الباب وراءه .


وتقدم الشاب إلى والده وقبل جبينه وقال: يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغ وكل شيء ملحوق عليه إذا أمد الله عمرنا ومتعنا بالصحة والعافية .


فانا لم أستطع أن أتحمل ذلك الموقف ولو كنت أملك كل ما عليك من دينل دفعته له ولا أرى دمعة تسقط من عينيك على لحيتك الطاهرة وهنا احتضن الشيخ ابنه و أجهش بالبكاء وأخذ يقبله ويقول الله يرضى عليك يا ابني ويوفقك ويحقق لك طموحاتك.


في اليوم التالي وبينما كان الابن منهمكاً في أداء عمله الوظيفي إذ زاره أحد الأصدقاء الذين لم يرهم منذ مدة ، وبعد سلام وعتاب وسؤال عن الحال و الأحوال قال له ذلك الصديق الزائر :


يا أخي أمس كنت مع أحد كبار الأعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل مخلص و أمين وذوي أخلاق عالية ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل بنجاح و أنا لم أجد شخصاً أعرفه تنطبق عليه هذه الصفات إلا أنت فما رأيك في استلام العمل وتقديم استقالتك فوراً ونذهب لمقابلة الرجل هذا المساء؟؟!


فتهلل وجه الابن بالبشرى وقال إنها دعوة والدي وقد أجابها الله فحمدالله كثيراً على أفضاله وفي المساء كان الموعد المرتقب بين رجل الأعمال والابن .


فما أن شاهده الرجل حتى شعر بارتياح شديد تجاهه وقال : هذا الرجل الذي أبحث عنه .


فسأله : كم راتبك ؟ فقال : 4970 ريال .


وهناك قال رجل الأعمال : اذهب صباح غد وقدم استقالتك وراتبك 15000 ريال ، وعمولة من الأرباح 10% وبدل سكن ثلاثة رواتب ، وسيارة أحدث طراز وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك .


وما أن سمع الابن ذلك حتى بكى بكاءاً شديداً وهو يقول : ابشر بالخير يا والدي .


وهنا سأله رجل الأعمال عن سبب بكائه فحدثه بما حصل له قبل يومين ، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده.


وكانت محصلة أرباحه من العام الأول لا تقل عن نصف مليون ريال ، إن ذلك هو ثمرة طيبة لبر الوالدين وفك ضائقة المسلمين وسداد ديونهم.




[ قصة الداعية مع العجوز الأجنبية ]




أحد الدعاة كان في زيارة لإحدى الدول الأوروبية ، وبينما هو جالس في محطة القطارشاهد إمرأة عجوزا شارفت على السبعين من العمر تمسك تفاحة بيدها وتحاول أكلها بما بقي لديها من أسنان .


فجلس الرجل بجانبها وأخذ التفاحة وقطعها الى قطع صغيره ، وأعطاها للعجوز وذلك ليسهل عليها أكلها .


فإذا بالعجوز تنفجر باكية !!!


فسألها لماذا تبكين ؟؟



قالت: منذ عشر سنوات لم يكلمني أحد ، ولم يزرني أولادي
فلماذا فعلت أنت معي ما فعلت ؟؟!!




قال لها الداعية : إنه الدين الذي أتبعهيأمرني بذلك ويأمرني بطاعة وبر الوالدين ، والإحسان بهما .



وقال لها في بلدي تعيش أمي معي في منزلي وهي بمثل عمرك
وتعيش كالملكة !!


فلا نخرج إلا بإذنها ولا نأكل قبل أن تأكل ،ونعمل على خدمتها أنا وأبنائي وزوجتي ، وكل من بالبيت يقوم بذلك .


وهذا ما أمرنا به ديننا الإسلامي .


فسألته ومادينك ؟؟


قال: الإسلام


وكانت حسن المعامله هوسبباً في إسلام هذه العجوز ، وبعدها برحمة الله من النار والعياذ بالله ...!!


قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :


(لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمرالنعم)









تأملوا إخوتي مقدار وعظم الأجر الذي أعده الله تعالى لمن يبر بوالديه ، فعاقبت ذلك تكون ملموسه في الدنيا بتوفيق الله تعالى لك في كل شيء ، وفي الآخرة رضا الله والفوز بالجنان برحمته تعالى .


ووصيتي لكل قارئ ممن لازال والـــداه على قيد الحياة أن يغتنم برهــــما و لا يؤجل بره فإنه لا يعلم متى الأجل له ولوالديه .



أسأل الله أن يرزقنا البر بوالدينا
وأن يثبتنا على ذلك
وأن نكون قرة عين لهم
اللهم ارحمهما كما ربياني صغيرا