يقول شاعر اليمن الكبير أبو الأحرار محمد محمود الزبيري ...حينما قدمت ُ إلى اليمن من مصر حوالي عام 1941, انهالت عليّ نصائح الأصدقاء والأقرباء, بأن ألزم الصمت , والخمول, وأغض الطرف عن كل ما أراه من شرور, وأعكف في عقر داري.. ولا أتحرك منه إلا إلى ((المقام الشريف)) أو أنصار المقام الشريف وقيل لي : إذا أردت أن تعيش سعيداًمع أهلك وأن تنال المرتب والوظيفة فلا بد أن تتبع هذه التعاليم . أما إذا رفضت هذه التعاليم فلا تنتظر غير بلايا ورزايا ومحناً متلاحقة. وقد حذروني أشد التحذير من أن القي خطبة أو محاضرة أو أجتمع بأي فرد مستنير, وفي هذا الجو المكفهر جاشت نفسي بهذه القصيدة:
مت في ضلوعك يا ضمير وادفن حياتك في الصدور
إياك والإحساس فالدنيا العريضة للصخور
لا تطمئن إلى العدالة , فهي بهتان وزور
لاتُنسبن إلى الثقافة. فهي داعية الثبور
حطم دماغك إنه شر براسك مستطير
مزق فؤداك إنه يؤذي الخليفة والأمير
لا تنطقن الحق. فهو خرافة العصر الغرير
لا تنتصر للشعب. إن الشعب مخلوق حقير
لا تطمحن فلست أكثر في الحياة من الحمير
لن ترتدي غير اللجام . ولن تذوق سوى الشعير
واحذر تصدق رؤية العينين. أو نبض الشعور
فإذا نظرت دجى. فأعلن أنه الصبح المنير
وإذا تى الشيطان عربيداً فقل ملك طهور
فالنصح من شؤم الفضول... ومن اضاليل الغرور
''''''''
آهٍ... لمصرع أمة دفنت. وما برحت تسير!
كانت أسود الغاب. وهي اليوم دود في القبور
لم تسترح من رعب ديجور ٍ . ولامن عبء نير
يخشى التنفس في هواه . والتحرك وسط نور
فخذوه في سجن البغاة. فإنه شؤم خطير
واعنوا به قبل اللصوص وقبل أرباب الفجور
أيقوم يُنهى الناس عند خليفة الله الكبير
إن الأمامة عصمة عظمى تجل عن النكير
والأمر بالمعروف كفر بالمليك وبالوزير
لا تتركوا قلما يسطر. أو دماغاً يستنير
لا تأمنوا العقل المفكر, فهو خوان كفور
لا تنشروا العرفان , إلا في المبادىء والقشور
فالعلم يكتشف الزوايا والخبايا والستور
ودعوا لنا شعب نحنطه بأوهام العصور
ونذيقه نوماً يغط به إلى يوم النشور
''''''''
المفضلات