بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله جميعا أيها الإخوة والأخوات ، وطبتم وطاب ممشاكم ، وتبوأتم من الجنة منزلا ، وجمعني الله وإياكم في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، فنسأل الله من فضله ، ونسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياكم على دينه حتى نلقاه، في زمن اشتدت فيه الفتن ، وقل فيه الناصر، وأصبح المؤمن فيه غريبا بين أهله وجيرانه، بل أصبح المؤمن الصادق مجرما ، والفاسق الفاجر صالحا بمنظورهم، في زمن القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر ، في زمن الغربة، فطوبى للغرباء .
قد يتسائل البعض ماذا فعل هذا المجرم؟
وأقول: هو لم يفعل شيء، بل هو لا يتجرأ حتى على إيذاء النملة والنحلة فدينه يحثه على الأخلاق وعدم الظلم وحب الخير للناس، لكن في زمن انقلبت فيه المفاهيم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأصبح الصادق كاذبا، والكاذب صادق، والأمين خائن، والخائن أمين ، فكانت جريمة هذا المجرم أنه يعفي لحيته ، ويلبس قميصه، ويريد جواز سفر ، إنه شخص مشتبه به عندهم ، وإليكم معركة الجواز والتي لا زالت مستمرة ، وإن شاء الله ستنتهي بالنصر ، وسآخذ الجواز بإذن الله تعالى بعد المرور من عدة إمتحانات وإجراءات.
بدأت المعركة عندما قررت الحصول على جواز السفر ، حتى إن تيسرت أقرب فرصة للخروج فعلت، لكني لا أدري هل أسميها فرصة خروج أم فرصة هروب.
المهم ذهبت إلى إحدى المقاطعات القريبة من بيتي وأعددت الوثائق ودفعتها ، وكم عانيت في جمع هذه الوثائق لبضع من الأيام، في الحين الذي تعطى هذه الوثائق كلها في يوم واحد لمن دفع الرشوة إلى المرتشين.
وبعد ذلك أعطاني الموظف توصيلا حتى أتابع به الجواز ، لأنه سيمر بخمس أو ست إدارات وكل لها إجراءاتها ، ثم ذهبت بعد ذلك إلى مركز الأمن القريب من بيتي فسألتهم عن الجواز ، فقال لي أحد رجال الأمن: سيذهب الآن إلى الإدارة العامة للتحقيق ، وعندما يرجع إلينا سنرسله فورا للمقاطعة والتي هي بدورها ترسله إلى إدارة أخرى، فانصرفت وجاء العيد أعاده الله علينا وعليكم بالصحة والعافية.
جاء العيد، ونسيت معه هم الجواز ونسيت كل الهموم ، وكانت أيام العيد جميلة ، الكل سعيد والكل فرح ، نسمات إيمانية لا توصف ، يا ليت كل أيامنا عيد .
وانقضت أيام الأكل والشرب والتكبير ، وكان اليوم يوم الأربعاء14ذي الحجة الموافق ل 2دجنبر 2009، واقترب موعد التحقيق ، وفي صباح اليوم تناولت فطوري مع الوالدة ثم صليت صلاة استخارة وذهبت بصديقة العمر وهي دراجتي الهوائية ، وركبت عليها ووضعت ملفي المليء بالوثائق خلفي ، ثم انطلقت بدراجتي أجوب شوارع المدينة متجها نحو الإدارة العامة للأمن الوطني ، فلما وصلت وكانت الساعة حينئذ العاشرة إلا ربع صباحا ، وكان جبيني يتصبب عرقا من سرعتي في الطريق بدابتي العزيزة ، فأوقفت الدابة(الدراجة الهوائية) عند الحارس ، ثم ذهبت متوجها نحو الإدارة ، وأنا داخل بدأت أعين الناس ترمقني بنظراتهم ، وكأني قرأت لغة أعينهم تقول: من أين جاء هذا الغريب؟ وما الذي يفعله في هذا المكان؟ كما أن شكله ولباسه غير عادي .
ثم توجهت إلى الإستقبال ، فقلت: السلام عليكم
فرد الشرطي المؤدب: وعليكم السلام
فقلت له: جئت من أجل جواز السفر.
فقال لي: أعطني بطاقة التعريف
فأعطيته إياها ، فرأى رقمها ودونه عنده وأرجع لي البطاقة ،وقال لي: إذهب إلى الطابق الثالت من هذا الإتجاه، فشكرته وذهبت.
إجتزت الطابق الأول والثاني ، ولما وصلت للثالت إستغربت ، هدوء تام ، وكأن هذا الطابق تسكنه الأشباح ، ممرات فارغة، لا يوجد أحد ، فرأيت لا فتات مكتوب عليها : مكتب الإستخبارات العامة، مكتب كذا، مكتب كذا، فتوجهت ذات اليمين وذات الشمال بين ممرات المكاتب وكلما دخلت مكتبا أجده فارغا من الناس ولا أحد ، ترى أين ذهب الموظفون ، إلى أن وجدت مكتبا به شابة وامرأة أخرى وكان هو المكتب المقصود ، فدخلت فقلت: السلام عليكم
فردت السلام
فقلت لها: جئت من أجل جواز السفر
فقالت: ما اسمك؟
قلت لها: فلان بن علان
قالت: ومن الذي أرسلك؟
قلت: لم يرسلني أحد وإنما جئت أسأل عن الجواز حتى لا يتأخر.
فقالت: إجلس، فجلست
وبدأت تشتغل على حاسوبها وقالت لي: إسمحلي دقيقة من فضلك.
قلت: نعم
وبعد قليل دخل موظف فسلم علي وصافحني ثم ذهب، ثم دخل آخر فسلم علي وذهب.
ثم قالت: ما مستواك الدراسي؟
قلت لها: حصلت على دبلوم من الجامعة
فقالت: أي شعبة يعني أي تخصص؟
قلت لها: دراسات إسلامية
فقالت : ألم تقرأ الجريدة ، هناك مباراة أخرى غير السابقة ويريدون 100موظف وموظفة وآخر أجل للدفع هو16 دجنبر ، ثم ناولتني الجريدة وقالت لي: إقرأ ، فقرأتها وقلت لها: جزاك الله خيرا.
وبدأت أكتب في ورقة تلك الوثائق المطلوبة في ملف الترشيح وقد حفظت تلك الوثائق من كثر الدفع لمثل هذه المباريات دون جدوى، مهزلة المهازل يطلبون مائة شخص وعشرات الآلاف إن لم أقل أكثر من الشباب لديهم دبلومات لدراسات عليا تفوق مستوى الإجازة بكثير ويجوبون الشوارع والأرصفة بل هناك منهم من له دبلومات من الثمانينات والسبعينات ولم يجدوا عملا ، ناهيك عن الرشوة في العمل والمحسوبية والزبونية .
فنهضت الشابة من مكتبها وقالت: هيا ستذهب إلى مكان آخر ، فقمت ، وذهبت بي إلى مكتب آخر وقالت لي: أدخل هنا واجلس ، وكانت تلك غرفة التحقيق، فجلست وأكملت كتابة شروط المباراة ، وجاء المحقق الشاب وسلم علي ، فقالت له: دعه حتى يُكمل الكتابة ثم ابدأ عملك معه بعد ذلك، فقال المحقق:نعم
ثم انصرفت الشابة.
وبعد أن انتهيت من كتابة الشروط ، أخذ المحقق ملفا وكتب فيه إسمي وإسم أبي وأمي
وبدأ التحقيق مع المجرم
نظر إلي المحقق والقلم في يده والملف على الطاولة ، وقال لي : حسنا سنبدأ بالأماكن التي درست فيها منذ الصغر إلى يومنا هذا ، ثم قال: أين كانت دراستك الإبتدائية ؟
قلت: درست في مدرسة الفتح إلى السنة الثانية عندما تعرضت لحادث خرجت منه بسلام ، فقط بعض الجروح في الساق وقد ذهبت ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مدرسة أخرى وتسمى مدرسة الحاج قدور كريم
فقال المحقق وهو يكتب كل ما أقوله في الملف: وأين كانت دراستك الإعدادية؟
قلت : في إعدادية التادلي بمدينة الرباط
قال: وهل أكملت فيها إلى آخر سنة
قلت: نعم
قال: وفي أي ثانوية درست بعد ذلك؟
قلت: في ثانوية المالقي
قال: وهل أكملت حتى حصلت على الباكالوريوس ؟
قلت : نعم
قال: وماكان تخصصك آنذاك؟
قلت: آداب
قال: وما الميزة التي حصلت عليها وفي أي سنة؟
قلت: ميزة مقبول ، سنة 2002
وقد كانت مرحلة الثانوية التي درست فيها، مرحلة لهو ولعب ، ولم أكن مهتما حينها بالدراسة، ومع أني نجحت إلا أني نادم ندما شديدا
ثم قال المحقق: وبعدها توجهت إلى الجامعة صح
قلت : نعم
فقال : في أي جامعة درست؟
قلت له: في كلية الآداب والعلوم الإنسانية
فقال: وما كان تخصصك؟
قلت له: في الشهر الأول كان تخصصي قانون ، فكرهته فانتقلت إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وكان تخصصي بها دراسات إسلامية
فقال: هل سبق لك أن رسبت؟
قلت : لا
قال: ومتى حصلت على الإجازة؟
قلت: سنة 2006
قال: هل كنت في النظام القديم للتعليم، أم في الجديد
قلت له: كنت في آخر سنة سيكتمل فيها النظام القديم للتعليم
فقال لي : أنا أيضا درست في آخر سنة يكتمل فيها النظام القديم للتعليم ، وكان نظاما جيدا
ثم نظر إلي وهو يفكر ، فقال: والآن في هذه السنوات ماذا تعمل وما الذي تفعله؟
قلت: والله يا أخي ، في هذه السنوات تعبت من دفع الطلبات ولا زلت ولا يوجد عمل، لكن الرزق بيد الله ، لذلك أنا أعمل أعمالا هنا وهناك ، فمرة أبيع وأشتري في الشارع، ومرة أجلس، ومرة أعمل في محل عند أحدهم ، ثم أجلس وهكذا، فليس لدي عمل مستمر ، وإنما أحاول هنا وهناك .
فقال المحقق: قل ماهي الأعمال التي زاولتها ؟
قلت: مثلا كنت أبيع في محل أحدهم ما يتعلق بلوازم الحاسوب مدة معينة وبعدها لم يعد يحتاجني صاحب المحل ، ثم بعد ذلك عملت في بيع التمور لمدة ثلات أشهر ، وأشياء أخرى.
فقال:في أي مكان كنت تبيع هذه الأشياء؟
قلت: في إحدى الشوارع وحددت له المكان.
فقال: إذن فأنت بائع متجول
قلت: قريبا من ذلك ، لكني كنت أبيع أمام دكان أحد الأصدقاء.
فقال لي: الله ييسر لك الأمور ، وأنت لا زلت شاب ولازالت الفرص أمامك ، وأنا أيضا كنت مثلك ودرست تخصص الإقتصاد في الجامعة إلى أن عملت هنا، ( وطبعا تخصصه بعيد كل البعد عن هذا العمل الذي يعمل به )
قلت له: آمين
ثم نظر إلي مرة أخرى والقلم في يديه فقال: هل سبق لك أن شاركت في جمعية ما أو جماعة ما ؟
قلت له: يا أخي أنا لا أشارك في الجمعيات ولا الجماعات
فقال لي: يعني جمعية ثقافية أو ماشابه، ألم يسبق لك المشاركة؟
قلت له : لا ولست مهتما بهذه الجمعيات
فقال : لا هنا ولا هناك؟( يقصد لا في مدينة الرباط التي كنت أسكن فيها سابقا ولا في هذه المدينة)
قلت له : لا هنا ولا هناك
فقال: هل لديك سوابق في ملفك، أو هل أتي بك إلى الأمن فيما قبل بسبب مشكلة حدثت أو شجار فعلته .
قلت له: لم يسبق لي أن أن أتيت أو فعلت أية جريمة ، فملفي والحمد لله نقي وليس لدي أية سوابق.
فقال: هل تنتمي لجماعة ما ؟
قلت : لا أنتمي لا لجماعة ولا لحزب
فقال لي: هذا شيء عادي فقط قل ، أنا أيضا كانت تأتي عندي جماعات وتقول لي أن أخرج معهم مثل جماعة التبليغ أو غيرهم
قلت له: يا أخي قلت لك أني لا أنتمي لأية جماعة أو حزب، كانوا يأتون إلي نعم ، لكني لا أذهب معهم، أنا فقط أدرس كتاب ربي وسنة نبيي عليه الصلاة والسلام وأحاول التطبيق ، ولست مهتما بهذه الجماعات التي ذكرت
فقال لي : إذن ماذا تقول في جماعة كذا وكذا ، وذكر لي إحدى الجماعات الضالة عن منهج الله ( وهذه الجماعة التي ذكر جمعت بين غلو الصوفية وبين الخروج على ولاة الأمر وهي في صراع دائم مع السلطات ومن خرافاتها أنها تدعي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ويدعون أنهم يكلمون الموتى إلى غير ذلك من الخرافات ، إضافة إلى خروجها على ولاة الأمر وغير ذلك من الضلالات )
قلت له: هذه الجماعة لما كنت أدرس في الجامعة كانوا يزعجوننا كثيرا ، ودائما ماتنقلب ساحة الجامعة إلى ساحة شغب ومعارك بسببهم ، وما تدعي إليه هذه الجماعة باطل ومخالف لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم، خرافات وخزعبلات وضلالات .
فقال لي: نعم نحن أيضا كانوا يزعجوننا في الجامعة بمظاهراتهم وشغبهم الدائم ضد السلطات.
صمت قليلا ثم قال: ومن هم العلماء الذين تستمع إليهم؟
قلت: والله يا أخي أنا أستمع لمجموعة من العلماء، على سبيل المثال بالنسبة لعلمائنا في البلاد هناك الشيخ فريد الأنصاري الذي توفي قبل شهر رحمه الله وهو مدير المجلس العلمي في مدينة مكناس ، وكذلك أستمع للشيخ المحدث أبي إسحاق الحويني ومن الدعاة محمد حسان وفلان بن فلان والشيخ فلان، فذكرت له مجموعة من المشايخ وهو يكتب ذلك في الملف.
ثم نظر إلي مرة أخرى وقال: هل تستمع للشيخ فلان الفلاني؟ ( وقد علمت أنه سيسألني هذا السؤال ، وهذا الشيخ هداه الله ولا داعي لذكر اسمه، تتبعه طائفة من الشباب الذين غلوا في دينهم فأصبحوا لا هم لهم إلا سب العلماء وتبديعهم وتبديع الناس وتفسيقهم إفتراءا وبهتانا )
فقلت له : لا
فأعاد علي السؤال مرة أخرى: هل تستمع للشيخ فلان ؟
فأجبت: لا أستمع إليه
سكت قليلا ، ثم جاءت تلك الشابة وجلست في كرسي آخر وأخذوا يحققون معي هم الإثنين في وقت واحد، فأخذ التحقيق منحى آخر، حيث أصبحت الأسئلة بصيغة سريعة ومن الإثنين معا في نفس الوقت.
قال المحقق الشاب: ما ذا يعمل أباك وكم عمره؟
قلت له: أبي متقاعد وعمره كذا وكذا
قال: الآن أذكر لي عدد إخوتك ومهنهم وأعمارهم ، وابدأ من الأكبر إلى الأصغر
قلت: نحن ثلاتة، أختي الكبيرة أستاذة سنها كذا وكذا
فقالت تلك الشابة: هل هي متزوجة وكم عدد أطفالها ؟
قلت : نعم ولديها طفلان
ثم أكملت حديثي: ولدي أخ آخر لديه جنسية بريطانية يعمل في أوروبا وسنه كذا وكذا
فقالت الشابة المحققة : وما عمله وهل هو متزوج ولديه أطفال؟
قلت لها: عمله كذا وكذا ، وسنه كذا وكذا ، ولديه طفل
فقال المحقق: أكمل
قلت: لا غير نحن الثلاثة فقط وأنا أصغرهم .
قالت المحققة : إذن فأنت تريد جواز السفر لتذهب عند أخيك؟
قلت لها: لا أريد الذهاب عند أخي هناك ( بل إن أخي هو الآخر لم يعد يطيق الجلوس هناك وإن كانت لديه الجنسية إلا أنه لا يريد البقاء هناك) لكني أريد جواز السفر لشيئين اثنين: إن تيسرت لي فرصة لحج بيت الله ، والشيء الآخر إن تيسرت لي فرصة عمل في بلاد مسلمة أخرى إن قدر الله ذلك .
فقالت المحققة : وفقك الله
قلت: آمين .
ثم أعادوا علي بعض الأسئلة السابقة، وبمجرد ما يسألني المحقق وأريد الجواب فتقاطعني المحققة وتسألني بدورها سؤالا مما جعلني أنفعل قليلا ، لكني هدأت وركزت على جواب واحد فقط ولا أستمع للآخر حتى أنتهي .
قال المحقق: هيا قل هل تستمع للشيخ فلان؟
قلت: لا يا أخي لا استمع له
فقال: هل تعرف الشيخ الفلاني؟
قلت : نعم وهو شيخ فاضل لكني لا أستمع له
قال: من هم أصدقائك ؟
قلت: والله يا أخي أصدقائي كثر
فقال: لكن أذكر لي بعضا منهم من الإخوة الذين تجالسهم ، من الملتزمين
فقلت: أصدقائي كثر فيهم الملتزم والغير الملتزم
فقال لي: أذكر لي بعضا منهم من الملتزمين
ولم أرد أن أذكر له أسماء أصدقائي إلا واحدا منهم قد أخبرني أن أذكره لهم ، فقلت : فلان بن فلان هذا من أعز أصدقائي
فقالت المحققة : نحن نعرف هذا الشاب ، وهو أيضا أتى من أجل جواز السفر خاصته هذه الأيام
قلت لها: نعم أعلم ذلك.
ثم قالت: أتعرف هؤلاء الذين يبدعون ويفسقون أنهم يجرون الشباب إلى هذا المنهج
قلت : نعم أعلم ذلك.
فقال المحقق : إذن ما تقول في هؤلاء؟ ونسبهم إلى ذلك الشيخ الذي سألني عنه
فقلت له: يا أخي هؤلاء الشباب هداهم الله غلوا في الدين بسبب الجهل فأصبحوا يسبون في العلماء ويبدعونهم ويهجرون إخوانهم ، والتبديع والهجر ليس من منهج النبي صلى الله عليه وسلم ( إلا في حالات قد ينفع فيها الهجر وذلك بضوابط وشروط حددها العلماء ، وكذلك التبديع هذا للعلماء وله ضوابطه وشروطه ، وطبعا لا أريد أن أدخل معه في هذه التفاصيل) .
قالت المحققة: وهل تحضر لخطب الشيخ فلان بن فلان؟ ( هذا الشيخ كان من الأسباب التي سخرها الله لي للهداية وكانت له خطب منبرية رائعة مؤثرة ، حتى تاب على يديه الكثير من المجرمين والقتلة ، بل أتحدى من كان قلبه قاسيا ألا تدمع عينه لخطبه ، فجزاه الله خيرا ، لكن للأسف تم إيقافه عن أداء خطب الجمعة والدروس في المساجد في هذا العام بعد شهر رمضان لأسباب مجهولة ، ولم نعرف الشيخ إلا ناصحا ناهيا عن المنكر ، داعيا لعقيدة السلف الصالح ، لا تخلو مجالسه من الدعوة للتوحيد ومحاربة الشرك والبدعة ، وقد تم رميه هو الآخر بالسب والتبديع من قبل هؤلاء الجهلة الذين سألوني عنهم المحققين ).
فأجبت المحققة: نعم كنت أحضر لخطب الجمعة لهذا الشيخ .
فقام المحقق بتدوين إسم الشيخ في الملف مع مجموعة العلماء الذين ذكرت له، وكم أفخر أني ممن كنت يحضر خطب الشيخ يوم الجمعة، وكانت أياما رائعة يأتي الآلاف من مدن بعيدة حتى يحضروا الخطبة لهذا الشيخ الجليل الذي لا يخاف في الله لومة لائم ، فكلماته على المنبر لن أنساها ، يلقي بالكلمة فسرعان ما تجد مكانها في القلب، حرمونا من خطبك حرمهم الله .
ثم نظر إلي المحقق وقال: هل تعرف أبو كذا
قلت : لا
قال: وأبو كذا
قلت : لا
قال: وأبو كذا وفلان الفلاني
قلت: لا ، لا أعرف أحدا منهم
فقال : ألديك لقب؟
قلت : لا ( ولي كنية وليس لقبا ) .
فقال المحقق: أعطني رقم هاتفك
فأعطيته رقم جوالي فدونه ( وطبعا حتى تتم مراقبته ، فليراقبوا متى شاءوا فوالله إنهم يضيعون أوقاتهم )
فقالت المحققة : أعطني صورة من فضلك تبقى لدينا .
فقلت :هل أعطيكم صورة قديمة أم صورة جديدة، الكل موجود ، ولكم التي تريدون
فقالت: لا ،نريد صورة جديدة نضعها في ملفك
فأعطيتها الصورة .
فقالت: لقد انتهينا الآن، وناولتني بطاقة التعريف خاصتي ، وقالت: لا تنسى أن تدفع الطلب لذلك الإمتحان
قلت: نعم سأفعل إن شاء الله.
وقال لي المحقق: وفقك الله
قلت: آمين .
فسألتهم قائلا: ما الذي علي فعله الآن، هل أرجع عندكم مرة أخرى لأتابع جوازي أم ماذا ؟
قالت المحققة: الآن ملفك لم يصلنا بعد وإن وصلنا يكون خير إن شاء الله
قلت لها: عجيب لكني لما ذهبت لمركز الأمن القريب من بيتي قالوا لي بأنه وصل إلى هنا ولذلك أتيت .
فقالت لي: إذن سأبحث عنه في الملفات، وارجع إلينا في أي وقت ستجدنا وسنساعدك إن شاء الله .
فقلت لهم: جزاكم الله خيرا
فقالوا : العفو لا مشكلة
فقلت لهم: السلام عليكم وانصرفت .
هذه قصتي يوم الأربعاء، أردت أن أنقل لكم من خلالها جانبا من واقع الشباب المتدين .
تنبيه: ما كتب بين قوسين ليس من التحقيق، وإنما فقط بعض التوضيحات.
ولا زالت معركة الجواز مستمرة ، وستنتهي بإذن الله عز وجل بالنصر إن شاء الله تعالى ، ولا تنسونا من صالح دعائكم .
في أمان الله.
المفضلات