بسم الله الرحمن الرحيم
لا شيء ..!
مجرد سلسلة ذكريات أنهكتني ..!
-
كنّا مجرد طفلتين طاهرتين .. أصغر من أن نعي مرارة الحنين !
-
مشهد ضبابي في ذاكرتي ..
طفلة تقف بجوار أمها في خوف وخجل ..
نظرت إليها .. قيل لي : أنها ابنة خالي القادمة من مكان بعيد جداً .!
بخطوات مترددة اقتربت منها ..
ثم ... لا أذكر ما حدث بعدها .!
~
طفلة صغيرة بفستان وردي بورود بيضاء .. تقفز تارة وتدور أخرى وهي تردد أنشودة بصوت عذب ,
نظرت إليها وتوقفت .. ياااه ماذا ترسمين ؟ .. أرسم هدية لكِ ..
ضحكت بسعادة وجلست تتأملها بهدوء !
~
تجلسان معا في الحديقة .. إحداهن تصنع بيتا من الكرتون , وكعادة الأخرى لا تجيد سوى التأمل ..
أريد أن يكون في المنزل نافذتين .. تبتسم : حسنا .. متى ستنتهين لنلعب به ؟ .. قريبا عزيزتي .,
-
كنت أراك شيئا كبيرا وعظيما .. رغم سنواتك العشر .!
لكني كنت أراك كـ أخت كبرى لي ..!
-
تقفان أمام نخلة جدهما الطويلة .. والهواء يعبث بخصلاتهما الناعمة .
نظر إليهما جدهما في حنان .. هل النخلة جميلة ؟ ..
- كثيرا ..
- تريدون بعض البلح ؟ ..
بنشوة الفرح : هل نستطيع ؟ .. يضحك بسعادة ويتسلق النخلة بنشاط وهما تتأملانه بإعجاب ..
تفضلا .. شكرا جزيلا جدي .. يربت على رأسيهما بلطف .. الله يحفظكم .,
~
تتشاركان في السرير .. كانت تتأمل خيوط ضوء الشمس المتسللة عبر الستارة ..
نظرت إليها وسألتها قاطعة عليها تأملاتها : شعركِ طويييل , متى ستكون لدي جديلة طويلة مثلك ؟
إذا كبرتِ .. ومتى سأكبر ؟ .. نامي وسوف تكبرين .! ..
أغمضت عينيها بسعادة لتكبر ..!
~
ليلة العيد .. تجلسان عند جدتهما وهي تضع لهما الحناء في يديهما الصغيرة الناعمة ..
وتحكي لهم حكايا ماضيها العذب ..
كنت وحيدة والداي .. وكانوا يسمونني الدانة .. أيضا كنت ألبس فساتين بأزرار من ذهب ..!
ينظران إليها بعيون متسعة بذهول .. والله ؟ ذهب حقيقي ؟! .. تضحك : نعم يا صغيرتي .
تفتح حقيبتها وتخرج مجموعة من الحلوى : هذه حلوى العيد ,
~
تقف أمام الفرن .. فقد أصبحت كبيرة بما فيه الكفاية لتطبخ " جبنية " ,
أريد أن أطبخ أنا أيضا .. أنتِ الآن أنظري إلي فقط و احفظي الطريقة جيدا حتى تطبخينها إذا كبرتِ ..
بابتسامة متسعة : حسنا ..
يدخل أخاها المطبخ ليحدث كمية من الشغب ويخرج وقد ظفر بقطعتين .. وهما تصرخان عليه .!
-
الآن كبرتُ بما فيه الكفاية .. كبرت لأستطيع أن أرسم هدية بنفسي , وأصنع بيتا من الكرتون ..
كبرت لأعمل جديلة بشعري الطويل .. ولأطبخ الجبنية .!
لكنك لم تشاهديني وأنا أعمل كل هذه الأشياء ..!
لا أعرف لماذا ضعفت علاقتنا المتينة تلك ..!
جزء كبير من ذاكرتي مسح لـ أستطيع تذكر السبب ..!
-
فتاة كبيرة تبكي بحرقة وألم .. وفتاة أصغر تقف بعيدا لتراقبها بقلب مرتجف .!
أدرك جيدا أن هذه هي تلك الطفلة القادمة من ذلك المكان البعيد .. وهي تبكي الآن لأنها لاتريد العودة إليه .!
اقتربت مني واحتضنتني بقوة ودموعها تغرق خديها .. لم أكن أشعر بأي شيء حينها ولم تنزل من عينيّ أي دمعة ..
كل ما كنت أريده أن ينتهي ذلك الموقف فورا ..!
~
أشعر أنني أفتقد شيئا ما ..!
أجلس على سريري وأحاول رسم هدية .. أتأمل خيوط الضوء المتسللة عبر الستارة .. ألقي بكراستي وأخرج ..
أمسك الجبنية في يدي .. أحاول أن آكلها , أعيدها إلى الصحن وأنهض ..
أقف أمام المرآة أتأمل شعري , أمرر أصابعي بين خصلاتي في ضجر ..
أتلفت حولي .. هناك شيء مفقود لا أعلم ما هو ..!
-
اليوم قالوا لي إن ابنة خالي ستعود من ذلك المكان البعيد .!
أمسكت قلبي الذي تسارعت نبضاته .. وأنا أحاول أن أتنفس بانتظام ..
-
أراها تضحك بسعادة .. هذه المرة أنا التي أسرعت إليها واحتضنتها بقوة .. بدأت أبكي وأبكي ..
افتقدتك كثيرا ..
أحاول أن أمسح دموعي لكنها تزداد ..!
بدأت تسكتني وتحاول تهدئتي ..
صورة ضبابية بدأت تتضح تدريجيا في ذاكرتي ..
طفلة صغيرة تبكي مستندة على الجدار .. والأخرى تحاول إسكاتها ..
حينها ابتسمت من بين دموعي : لقد عدتِ لي حقاً ..!
-
محاولتي الأولى في الكتابة , كل ما كتبته سابقا كان عبارات قصيرة ..
لكن الحنين يجبرنا على الكتابة رغما عنّا ..!
..
دمتم بكل الود والحب ~
المفضلات