| ¤ ¤ | ~ انتصار ~ | ¤ ¤ |

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 20 من 24

مشاهدة المواضيع

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المـشـــاركــات
    8,616
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي | ¤ ¤ | ~ انتصار ~ | ¤ ¤ |





    في كل يومٍ يمر علينا
    نفقد أشخاص
    وفي كل يومٍ أيضاً
    نكسب آخرين
    فالعبرة طالما أن الحياة مستمرة
    لا يحق لنا التخاذل





    (انتصار)


    في مكانٍ ناءٍ بعيدٍ عن العمران... حيث قرر من يسمون أنفسهم أرباب عملنا القيام بمشروع صغير يدر عليهم ولو القليل من المال بعد سلسلة مشاريعٍ لم يكتب لها النجاح.

    كان مشروعاً يهدف في البداية لجلب مستثمرين جدداً وتشجعيهم على التخلي عن بضعةِ ملايينٍ قد لا يتذكرون قيامهم بصرفها يوماً ما.

    لا زلت أتذكر أول يومٍ من العمل حيث كنا نقوم بوضع حقائبنا الرياضية داخل تلك العربات الكبيرة الشبيهة بتلك التي يستخدمها الممثلون أثناء تنقلات عمهلم حول مناطق التصوير بإستثناء كونها شبيةً بغرف فندق ذي نجمة واحدة, وربما أقل. كان المكان مقفراً لا نكاد نسمع سوى دبيب النمل والعقارب وعواء الذئاب طوال الليل.

    كان العمل يجري على قدم وساق ولم يخطر ببال أحدٍ, وقطعاً أنا بكل تأكيد, بأن حياتي ستتغير في ذلك المكان.
    وإلى الأبد!







    كانت ليلة مقمرةٍ بغير العادة, وكنت وقتها أتقلب فوق فراشي, والذي كنت أتخيله كذلك, وكنت مشغولَ البالِ تلك الليلة خاصة وأنها الليلة العاشرة لي بعيداً عن أحبائي, زوجتي وابنتي التي أكملت عامها العاشر.

    انتفض قلبي بين ظلوعي وذلك الصوت يمزق سكون الليل ليغطي على صوت عواء الذئاب والذي كنت قد اعتدت على سماعها كما كنت استمع للمذياع القديم والذي تناقله أسلافي من جيل إلى جيل وظنوا بأنني سافتخر بأن أكون الوريث له.

    دعنا من الذكريات ولنعد حيث كانت الصرخة. صرخةٌ حادةٌ من حنجرة فتاةٍ تسببت في خروج كل من في العربات ولتضيء الكشافات اليدوية لتغمر ذلك الوجه الطفولي البريء والذي ظن البعض, بحكم بعد المكان عن المناطق المأهلوة, بأنه وجه جانٍ متلبسٍ بصورة طفلةٍ صغيرة.

    تقدمتُ نحو الفتاة الصغيرة والتي بدت متماسكة الأعصاب أو كما أرادت لنا أن نظن ولكنها لم تستطع خداع عيناي. ذلك الخوف لا يمكن اخفاؤه, خوف يتملك العقل ويظهر على الأعين ولا يخفى عن أعين خبير صال وجال في غياهب ومصائب علم النفس البشري, وقد تتساءلون لم آلَ الوضع بشخص مثلي كبناءٍ في مشروع مثل هذا, ولكن تلك قصة أخرى قد أخبركم بها في وقت آخر.
    نسيت, لنعد إلى الفتاة.



    كانت تكبر ابنتيتقريبا بسنتين أو ثلاثة. وكانت ترتدي عباءة غطت جسدها ووشاحا على رأسها وظهر على ملابسها آثار التعب والسقوط المستمر. ركضت إلى غرفتي, أقصد عربة العمال, وأحضرت علبة الماء وأعطيتها اياه أو أنها بالأحرى اختطفته من يدي حتى ظننت أنها كادت تقتلني كما كنت أشاهد في الأفلام بتلك الحركة السريعة.

    وبعد أن هدأت والتقطت أنفاسها أدخلناها إلى عربتي لنحميها من جو الليل القارص, وبدأت بالحديث.
    ويالها من قصة..!







    باختصار شديد. كانت الفتاة من إحدى القبائل التي تتجول الصحراء. وهي قبيلةٌ صغيرةٌ نوعاً ما, وكثيرة التنقل حيث لم يسمح لها بالبقاء في مناطق القبائل الأخرى لصغر اسمها. حينها قرر كبار القبيلة عرض أجمل بناتهم لإحدى القبائل الشهيرة في المنطقة كزوجة لأحد أبنائهم المقربين من كبير القبيلة والذي أعجب بها ووافق بأن يتقدم لها, ولكن الفتاة التي أختيرت كانت ابنة كبير القبيلة, وهي نفس الفتاة التي جاءت هاربة إلينا. كانت ترفض ذلك القرار المتعجرف والذي كان طمعاً في سمعة سيئة السمعة كما يحلو لي وصفها. أو كما يمكن القول بأنه سعي للمصلحة على حساب فتاة لا ذنب لها سوى انه قدر لها تواجدها في ذلك المكان والزمان.

    لا زلت اتذكر اليوم الذي أخبرتنا فيها بالقصة. لكم امتلأ قلبي بالغضب, وتصلبت الدموع في محجري, وتحجرت تلك الغصة في حلقي تخنقني. لم أتجرأ أن أتخيل ابنتي في نفس موضع تلك الفتاة المسكينة. ولا كيف يكون لذلك الوالد ألا يكو له قلب يشعر به, ناهيك عن قلبٍ يفكر به. يا الهي!






    مرت الأيام وتم العثور على الفتاة ولكن..
    كان على كبير القبيلة أن يواجه الجميع هذه المرة.
    الإعلام, الناس, منظمات الحقوق, فكلهم يعلمون الآن. كُشفت الحقيقة للجميع . أتذكر وبوضوح عملية الاستقالة الجماعية من قبلي ومن قبل جميع العاملين على ذلك المشروع الذي لم أكن أفكر ولو للحظة بنجاحه على أية حال. وكيف توجهنا جميعنا للمدينة, ووضعنا خطتنا وكلفنا المحامين وعرضنا قضيتنا وانتصرنا!

    انتصرنا على من ظن أنه باستطاعته الهرب بذلك الظلم لفتاة بعمر الزهور, ليضيع عمرها على ابن كبير قبيلة أخرى, والذي نسيت بأن أذكر بأنه رغم كونه الابن, إلا أنه بعمر والدي. أناس استغلوا ابتعادهم عمن يراقبهم ويُشًهِر بهم, ولكن تلك الفتاة الذكية قامت بما أملاه عليها ضميرها. وركضت!

    ركضت وسقطت وتابعت. حتى وصلت إلينا, وربما تسببت بخسراننا لأعمالنا, ولكن الناتج استحق, فأنا أب في النهاية, وجميع من كان يعمل معنا كانوا أباءاً أو اقتربوا من تحقيق ذلك الحلم..
    ياله من انتصار..
    انتصارنا..

    وانتصار انتصار. وذلك هو اسم الفتاة..
    واسم ابنتي الثانية


    ولكن..
    حان وقت البحث عن عملً جديد
    ربما أعود لمَ كنت عليه سابقاً

    وسأخبركم لاحقاً بما سيحدث معي..




    بقلم

    والدٌ ناجحُ وبنّاءٌ غيرُ موفق






    علينا الدفاع بما نقدر عن الضعفاء
    ولنحاول أن نضع من نحب في أماكنهم ولنقرر
    إن كنا سنتخذ موقفاً أم لا






    أخوكم
    mohbaboo
    التعديل الأخير تم بواسطة mohbaboo ; 10-6-2010 الساعة 08:10 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...