السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا آسف جداً لتأخري وأرجو أن تعذروني لفترة وجيزة من الوقت لأسباب الدراسة والامتحانات.
ولكن أحببت أن أضيف اليوم قصيدة، لا أعتقد أن أحداً لم يسمع بها أو لم يسمع بشاعرها،
سأبدأ باسم شاعرها ألا وهو الأصمعي
أسمحوا لي أن أحكي نبذه عن حياة الأصمعي قبل أن أبدأ بالقصيدة؛
الأصمعي
ولد في عام 122 هجري وتوفي في عام 216 هجري
هو عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي.
راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان. نسبته إلى جده أصمع. ومولده ووفاته في البصرة.
كان كثير التطواف في البوادي، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها، ويتحف بها الخلفاء، فيكافأ عليها بالعطايا الوافرة. أخباره كثيرة جداً. وكان الرشيد يسميه (شيطان الشعر).
قال الأخفش: ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي. وقال أبو الطيب اللغوي: كان أتقن القوم للغة، وأعلمهم بالشعر، وأحضرهم حفظاً.
وكان الأصمعي يقول: أحفظ عشرة آلاف أرجوزة.
وللمستشرق الألماني وليم أهلورد كتاب سماه (الأصمعيات) جمع فيه بعض القصائد التي تفرد الأصمعي بروايتها.
والآن سأكتب أبيات القصيدة التي انتشرت قصتها في كل مكان ، وسمِع بها الناس في الماضي وفي وقتنا الحاضر.
ويحكى أن الخليفة المنصور كان يقيم مجلس للشعر والشعراء واشترط على الشعراء أن يأتوا بقصــــــيده لم يسمعها قط ويعطيهم عيها وزنها ذهب.
وكان الخليفة ذكي يحفظ القصيدة إذا سمعها من أول مره وكان عنده غلام يحفظ القصيدة إذا سمعها من ثاني مرة وعنده جاريه تحفظ القصيدة إذا سمعتها من ثالث مرة فكان كل مرة يأتيه شاعر ويلقي قصيدته يقول الخليفة إنها قصيدة قديمه وأنا سمعتها وأحفظها وقام الخليفة وألقى القصيدة له فالشاعر تفاجئ لم يصدق قال الخليفة لم تصدق نادوا على الغلام وجاء الغلام وقال الخليفة هل سمعت هذه القصيدة قال نعم سمعتها وقام وألقى القصيدة أمامهم والشــــــــاعر لم يحرك ساكنا فقال الخليفة نادوا على الجارية فقال للجارية هل سمعتي هذه القصيدة قالت الجارية نعم وقامت وألقت القصيدة فقال الخليفة للشاعر إذا فأنت تسرق الأشعار اخرج ولا ترجع لي فكان كل ما يأتيه شاعر عمل الخليفة نفس الفعل حتى لا يعطيهم الذهب فالشعراء أفلسوا وكان رأس مالهم ألسنتهم .
وفي يوم من الأيام عندما كان معظم الشعراء جالسين مجلسهم دخل عليهم الأصمعي وقال ما بكم هكذا فأخبروه بالقصة وقالوا كلما نعد قصيدة بالليل ونأتي لنعدها للخليفة نجده حافظا لها هو وغلامه وجاريته فقال الأصمعي: إذا في الأمر حيلة.
فأعد قصيدته الشهيرة ودخل على الخليفة في مجلسه متنكرا واضعا عباءة على وجهه حتى لا يعرفه أحد فقال للخليفة إن عندي قصيدة سألقيها عليك فقال الخليفة أتعرف الشروط قال نعم اعرفها قال فألقها علينا
فقال الأصمعي
صَوتُ صَفِيرِ البُلبُلِ **** هَيَّجَ قَلبِي التَمِلِ
الماءُ وَالزَهرُ مَعاً **** مَع زَهرِ لَحظِ المُقَلِ
وَأَنتَ يا سَيِّدَ لِي **** وَسَيِّدِي وَمَولى لِي
فَكَم فَكَم تَيَمَّنِي **** غُزَيِّلٌ عَقَيقَلي
قَطَّفتَهُ مِن وَجنَةٍ **** مِن لَثمِ وَردِ الخَجَلِ
فَقالَ لا لا لا لا لا **** وَقَد غَدا مُهَرولِ
وَالخُوذُ مالَت طَرَباً **** مِن فِعلِ هَذا الرَجُلِ
فَوَلوَلَت وَوَلوَلَت **** وَلي وَلي يا وَيلَ لِي
فَقُلتُ لا تُوَلوِلي **** وَبَيّني اللُؤلُؤَ لَي
قالَت لَهُ حينَ كَذا **** اِنهَض وَجد بِالنقَلِ
وَفِتيةٍ سَقَونَنِي **** قَهوَةً كَالعَسَلَ لِي
شَمَمتُها بِأَنَفي **** أَزكى مِنَ القَرَنفُلِ
فِي وَسطِ بُستانٍ حُلِي **** بِالزَهرِ وَالسُرورُ لِي
وَالعُودُ دَندَن دَنا لِي **** وَالطَبلُ طَبطَب طَبَ لِي
طَب طَبِطَب طَب طَبَطَب **** طَب طَبَطَب طَبطَبَ لِي
وَالسَقفُ سَق سَق سَق لِي **** وَالرَقصُ قَد طابَ لِي
شَوى شَوى وَشاهشُ **** عَلى حِمارِ أَهزَلِ
يَمشِي عَلى ثَلاثَةٍ **** كَمَشيَةِ العَرَنجلِ
وَالناسِ تَرجم جَمَلِي **** فِي السُواق بِالقُلقُلَلِ
وَالكُلُّ كَعكَع كَعِكَع **** خَلفي وَمِن حُوَيلَلي
لَكِن مَشَيتُ هارِباً **** مِن خَشيَةِ مُبَجَّلِ
يَأمُرُ لِي بِخَلعَةٍ **** حَمراء كَالدَم دَمَلي
أَجُرُّ فيها ماشِياً **** مُبَغدِداً لِلذِيِّلِ
أَنا الأَدِيبُ الأَلمَعِي **** مِن حَيِّ أَرضِ المُوصِلِ
نَظِمتُ قِطعاً زُخرِفَت **** يَعجزُ عَنها الأَدبُ لِي
أَقولُ فَي مَطلَعِها **** صَوتُ صَفيرِ البُلبُلِ
وبعد ما انتهى الأصمعي من قصيدته حاول الخليفة أن يجمع شي من القصيدة فلم يستطلع إلا صوت صـــــفير البلبل وقال نادوا على الغلام قال: يا غلام هل تحف
القصيدة قال لا والله فقال: نادوا على الجارية يا جارية هل سمعت القصيدة من قبل قالت لم أسمعها من قط فقال الخليفة: يا أعرابي ما رزقك إلا من عند لله هات ما كتبت عليه القصيدة قال لقد كتبتها على لوح من الرخام وأريد من يساعدني على حمله وبعد وزنه للرخام اخذ الأصمعي كل ما في خزينة الدولة من ذهب من ثقل الرخام وبعد ما خرج الأعرابي قال أحد الجالسين في مجلس الخليفة والله إنه للأصمعي فقال الخليفة: إإتوني بالأعرابي فلما جاء قال للأعرابي أزل العباءة من وجهك فلما أزالها ظهر الأصمعي فقال الخليفة أعد الذهب فقال الأصمعي: أرجعها على شرط قال الخليفة: ما هو ؟؟ قال: أن تعطي كل شاعر أتاك ثمن قصيدته.
المفضلات