بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء الرابع من درس المراهقة والشباب وعلاقة الاسرة

* الود الأسري وإتقان العمل أحد أسباب إلغاء سن المراهقة

هذا الود الأسري ، وإتقان العمل ، أحد أسباب إلغاء سن المراهقة ، في إتقان العمل في الدخل معقول ، الدخل المعقول يحل مشاكل الابن ، طلب كومبيوتراً جاهز ، له غرفة خاصة ، ثيابه في الشتاء جيدة معقولة ، لا أطلب الرفاه إطلاقاً ولا الترف ، يستطيع أن يأكل أكلاً معقولاً ، مع أنّ الأسعار مرتفعة جداً الأب يعمل ، والله أشعر أحياناً أن هذا الذي يسعى لكسب رزق أولاده بطريق مشروع ، والله يكون في عبادة مستمرة .
لذلك أيها الأخوة الأمور متداخلة ، المراهقة متعلقة بالدخل ، متعلقة بالإنفاق ، متعلقة بأب واعٍ ، متعلقة بأب متفهم ، مثلاً :
يذهب الأب لمكان بعيد ليأتي بأموال ، ترك زوجته وأولاده ، يرجع معه ثمن بيت لكنه خسر أولاده .


* النجاح لا يسمى نجاحاً إلا إن كان شمولياً

أقول لكم كلمة دقيقة الآن : أنا لا أؤمن بنجاح جزئي ، النجاح شمولي ، النجاح الشمولي أساسه أربع فقرات ، أن تنجح مع الله معرفة ، وطاعةً ، وقرباً ، هذا أول نجاح ، وأن تنجح مع أهلك وأولادك ، أنا لا أتصور أن إنساناً ناجحاً مع الله بيته خرب ، بيته في مشكلات ، بيته في عداوة ، في بغضاء ، في تفلت ، ناجح مع الله ناجح في بيته ، وناجح بعمله ، وناجح بصحته ، أربعة أشياء ، أي خلل في أحدها ينعكس على الثلاثة ، خلل حتى بالصحة ينعكس على عبادتك ، على بيتك ، وعلى عملك ، خلل بعملك ، تأخرت ساعة أهانك مدير المدرسة ، تبقى مزعوجاً شهراً ، انعكس على بيتك ، يدك والضرب ، زعجك المدير ، لأنك أنت تأخرت .
الخلل بالعمل ، أو بالبيت ، أو بالصحة ، أو بعلاقتك مع الله ينعكس على الثلاثة فاعتقدوا معي جازمين ليس هناك نجاح جزئي ، النجاح الجزئي لا يسمى نجاحاً أصلاً ، لا يكون النجاح إلا شمولياً .


قد يظن الشاب ، أو قد تظن الشابة ، أن معارضتها ، أو معارضته لوالديه هو إثبات لذاته ، فتختلف وجهات النظر ، وهنا يأتي دور الأب العاقل كيف يعالج هذا الموضوع بحكمة ؟ كنت أقرأ عن علماء التربية يقول : ما المانع أن أخاطب هذا الولد وقد خالف رأيي بأمور لنتعلم أن الاحترام يولد الاحترام ، أقول له : وجهة نظرك جيدة ، إلا أني أرى غير ذلك ، أو بعبارة أخرى ، علينا أن نتفق أن آراءنا مختلفة في هذا الموضوع ، أفضل من الشتائم ، أو أن نقول لا بأس أن يكون لكل منا رأيه في هذا الموضوع ، أو أن نقول إني لا أرى الأمر كما تراه ، وهذا من حقك ، اختلاف وجهات النظر ظاهرة صحية ، ولكن كيف تعالج ؟ وكيف أصل بهذا الولد إلى جادة الأمن والأمان ؟ دون أن ينفر فلا يعود أبداً ، نريد في المحور الرابع أن نقف على نماذج متميزة من التاريخ أو من واقعنا المعاصر ، ثم نسأل أنفسنا هل عاش هؤلاء مرحلة المراهقة ؟.


* كلما صحت عقيدة الشاب صحّ عمله

شاب عمره سبعة عشر عاماً ، عينه النبي صلى الله عليه وسلم قائداً للجيش ، من جنوده أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، هذا الشاب سيدنا أسامة ، كان يركب الناقة وسيدنا الصديق يمشي ، قال له يا خليفة رسول الله : لتركبن أو أنزلن ، قال له : والله لا ركبت ولا نزلت ، وما عليّ أن تغبر قدماي ساعة في سبيل الله .
الآن هذا الشاب قائد ، سيدنا الصديق بحاجة لسيدنا عمر ، قال له : يا أسامة أتأذن لي بعمر ؟ هذا النظام ، الآن معه الهمبرغر وذاهب إلى الملعب ، اختلف الوضع شاب قائد جيش عمره سبع عشرة عاماً !.
صدقوا أيها الأخوة شباب المسلمين في عصور الازدهار كانوا آيات تدل على عظمة الله ، شهد الله الآن أحياناً أدخل إلى مسجد كله شباب ، أرى عدداً كبيراً من الشابات المؤمنات الطاهرات العفيفات المحجبات ، هذه ظاهرة طيبة جداً الآن ، نحن عندنا تصور غير صحيح ، نظن أن الشاب همه أن يتزوج فقط ، والشابة همها أن تتزوج ، لا ، هناك هموم ثانية ، أحياناً الشاب يحمل همّ أمته ، والشابة تحمل همّ أمتها أحياناً ، هذا شيء يرفع من مستوى الشباب ، فكلما صحت عقيدة الشاب صحّ عمله ، وكلما تلقى توجيهاً صحيحاً صار بطلاً ، مثلاً : من منا يصدق أنه إلى جانب رسول الله غلام صغير ، جاءت ضيافة ، بحسب توجيه النبي من حقّ الصغير أول شيء ، قال له سيد الخلق ، حبيب الحق ، سيد الأنبياء والمرسلين يا غلام أتأذن لي أن أعطي الأشياخ قبلك ؟ قال له : لا والله هذا حقي ، هذا لمن التوجيه ؟ هذا التوجيه لنا ، نمّى له شخصيته ، استأذنه ، وضعه إلى جانبه .
إنسان بعيد عن اللباقة ، دخل ليصلي في المسجد ، كان هناك صف واحد فقط ، إلى جانبه طفل صغير فدفعه نحو الخلف ، لا يوجد صف ثانٍ ، هذا الطفل يقسم بالله ترك الصلاة خمسة و خمسين عاماً ، لم يدخل إلى المسجد إلا بعد خمسة و خمسين عاماً .
هناك قصة بالمقابل ابن صغير والده اشترى له حذاء جيداً على العيد ، دخل إلى الجامع ، سُرق ، صار يبكي ، أخذه رجل وقور إلى محل أحذية ، اشترى له حذاء أجمل من حذائه السابق ، يقسم بالله ما ترك الصلاة بحياته ، المعاملة واحدة ، هذا الطفل كيف النبي احترمه ، كيف النبي كرمه .

* الإسلام انضباط و حبٌّ حينما تحترم ابنك أحياناً تحترمه تسأله ، ما قولك بابا نعمل هكذا ، أنا أحب أن أسمع رأيك ، بماذا شعر ؟ أما إذا قلت له اخرس أنت لا تفهم ، هكذا الآباء ، أي أب هذا ؟ ابنك هذا ، نعم بابا طمئني عنك ، أما كلام عنيف !! .
والله أنا سمعت طالبة قالت لها معلمتها أنت حمارة ، تعقدت ، عشرون سنة هذه الكلمة حطمتها ، لا يصح أن تقول هذا الكلام ، والله يوجد كل كلمة تعد جريمة .
((
إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاٍ )) .
[ الترمذي عن أبي هريرة ]
كلمة واحدة السيدة عائشة قالت عن صفية أنها قصيرة ، الآن يشرحوها مليون تشريح ، قصيرة ، قال ( صلى الله عليه وسلم): يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ، هذا الإسلام ، الإسلام انضباط ، بيت منضبط لا يوجد فيه مراهقة ، بيت فيه حب ، نحن نفهم الحب بعيد الحب مثلاً ، الحب ضمن الأسرة مهم جداً

* المساواة في المعاملة بين الأولاد
أريد أن أعلق تعليقاً ، أحياناً يكون في البيت ولدان ، ولد ذكي ، وجميل الصورة ، والثاني أقل ذكاء وأقل جمالاً ، وأحياناً معه قليل من الغلاظة ، أنت كمؤمن عليك أن تعامل الاثنين نفس المعاملة ، تقبل الاثنين ، تحضن الاثنين ، تشم الاثنين ، تعطي الاثنين ، بهذه الطريقة تلغي له هذه العقدة ، أما أكثر الآباء يهتم بالابن الذكي قليلاً ، أو الذي صورته جميلة ، أو عينه عليه دائماً ، بابا أكلت ؟ والثاني تاركه ، أنت بهذا حطمت الثاني ، أنت مؤمن ، لا يمكن أن تميز واحداً على واحد بقبلة إطلاقاً ، يجب أن تكون عدلاً تماماً .
في بعض الروايات وضع سيدنا أسامة على إحدى رجليه ، وسيدنا الحسن على الثانية ، ما في نسبة بالشكل بينهما ، ضمهما وشمهما .
أحياناً هناك بنت أقل جمالاً من أختها ، إذا سمعت كلمة قاسية من أخوتها الذكور يجب أن تقيم القيامة عليهم ، لا يوجد أي تعليق على الشكل إطلاقاً ، تعليق على السلوك فقط ، هذه أشياء أساسية بالبيت ، أب عادل ، أم عادلة ، برعاية فائقة يلغي كل العقد عند أولاده الأب ، تلتغى العقد كلها ، و إلا كلها تصبح عقداً

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى لقاء أخر مع الجزء الاخير بإذن الله