أهلاً! أنا "درادران" و أحسب هذا واضحاً، في الواقع أنا لا أحب الاستظراف و هذه السخافات؛ لذا عليكم ان تتحملوا جفافي مؤقتاً، و على كل حال فتلك المستجدة الملقبة بإعصار ستروي القليل و آمل ان يغدو الامر سمجاً بما فيه الكفاية! أنا الآن في المطار الدولي بالسودان، فالمطار الدولي الجديد لا يزال قيد الإنشاء و سيبدأ استخدامه - إن شاء الله- عام 2010 م-، مشكلة هذا المطار أنه يتعرض للزحف السكاني و صار موقعه خطراً بالنسبة للسكان السودانيين بالخرطوم، المشكلة الحقيقية هنا أن المتحولين يقطنون الأدغال و المناطق القريبة منها فحسب، فالحكومة السودانية تشدد كثيراً على إقامة المتحولين -خاصة الدُغْل- داخل المدن الحديثة منعاً لتزايد الإشاعات عن بدائية أهل إفريقيا، و هذا يجبرني على لف ذيلي حول خصري و ساقي اليمنى -فأنا أفضل هيئة التحول- طوال الطريق بدءاً من المطار و في الحافلة إلى خارجه، و في الحافلة الاخرى التي تجتاز المدن لنصل إلى المناطق العشبية الرعوية، و هي نفسها المنطقة التي يعرفها الكثيرون باسم "السافانَّا"، و هناك تعيش الزمرة..عائلتي.
أخيراً أنا بعيدٌ عن السكان و أستطيع ان افرد ذيلي كما أشاء هنا، صحيحٌ ان بعض الرعاة العوام يرونني لكن لا خطر من هؤلاء، فالمنظمات الدولية لا تهتم لكلامهم، و عندما يتحمس مغامر محموم اخرق من أمريكا أو غيرها تنهال عليه الاتهامات بالجنون و الحماقة و السخافة ، طبعاً تلك الاتهامات يقذفها متحولون آخرون لا أكثر و لا أقل للتستر علينا، و هذا هو الأمر الوحيد تقريباً الذي يتفق فيه متحولو العالم باختلاف طبائعهم: التخفي عن أعين العوام. دعونا من هذه التفاصيل و رحبوا معي بـ"نامو"، و هو أحد شباب زمرتي الذين هم في مثل عمري، يبدو مكلفاً بجس نبض جماعة أبناء آوى المزعجة هذه، كتب لي ابي - و هو زعيم الزمرة- و أعلمني أن تلكم الجماعة الجديدة تحاول بسط النفوذ هاهنا، لكنها تلقت عدة ضربات مؤلمة من رجال الزمرة. و دون أن أنسى، أخبركم أن الطفل هنا هو من دون العاشرة، و من يتجاوزها يصبح شاباً أو فتى حتى يتم الخامسة عشرة، و عندها يعد رجلاً بعد ان يتغلب على أسد حقيقي دون ان يقتله، و الإناث -بالمثل- تظل الواحدة منهن طفلة حتى سن العاشرة عملها هو التعلم بالمراقبة و المساعدات البسيطة،و بعد ذلك تمارس الصيد الحقيقي، على الأرانب و الحيوانات الصغيرة حتى الخامسة عشرة ثم تصبح امرأة لها ترتيبها في فرق الصيد، و يصبح لها منزل مع أختين لها، عليهن معاً أن يدبرنه و يلجأن إلى إحدى الأمهات عندما تعترضهن عقبة ما.