عندما تستلم عملاً جديداً ، فإن أصعب ما عليك بداياته ، وأيامه
الأولى ، بل ساعاته الأولى .
وأذكر أنه وفي أول يوم لي في العمل في وكالة المدرسة صادفني
موقف محرج وصعب .
فبعد نهاية اليوم الدراسي وأثناء انصراف الطلاب من المدرسة كنت
في مكتبي أرتب بعض الأوراق وأصنفها .. ، إذ بولي أمر قد تجاوز
الخمسين من عمره يطرق باب المكتب ليقول بصوت مذعور : لم أجد أبني
الذي يدرس في الصف الأولى ابتدائي .. لقد ضاع ابني ..
راعني وجه الرجل أفزعني خوفه وهلعه ، فقلت له : لا تخف
يا رجل .. لعله هنا أو هناك . فالمدرسة كبيرة كما ترى .. فقال لي : لقد
بحثت عنه في كل مكان فلم أجده .. ثم أخذا يصرخ : رباه أين أبني ؟
ثم أخذا ينادي باسمه ..
خرجت من مكتبي لأساعد الرجل الذي أخذ يجري أمامي كالمجنون
يبحث عن ابنه ، فقابلت عامل النظافة فطلبت منه أن يبحث عن الطفل
خارج المدرسة ، مع أن حارس المدرسة موجود ، ويحكم السيطرة على
خروج الطلاب ، لكن قد يكون خرج في غفلة منه .
انطلقنا نحن الثلاثة نبحث عن الطفل في اتجاهات مختلفة ، العامل
خارج المدرسة ، والأب في الساحات الخارجية للمدرسة ، أنا داخل
المدرسة أسأل الطلاب عنه .
وبعد عدة دقائق من الخوف والتوتر ، جاءني طالب ليقول : إن
الطالب الذي تبحثون عنه موجود في سيارة والده .
عرفت فيما بعد أن الأب من النوع الذي يخاف ويقلق بسرعة ..
فقد دخل المدرسة وعندما لم يجد ابنه أمامه ، أعتقد أنه ضاع فأصابه
الخوف والرعب بينما الابن لما شاهد سيارة والده ، قال للحارس هذه
سيارة والدي ، فخرج من المدرسة وركب السيارة ينتظر والده .. في
الوقت الذي كان والده يجري في أنحاء المدرسة يبحث عنه في هستيريا
شديدة .
هذا الموقف مرَّ بسلام ، لكن منظر الرجل وهو يجري في أنحاء
المدرسة كالمجنون ويصرخ ضاع ابني .. ما زال عالقاً في ذهني ..
وظاهرة خروج الطلاب والبحث عنهم مثيرة جداً .. فقد سمعت أن
بعض الطلاب قد خرج من مدرسته يريد بيته ليقطع عدة كيلو مترات
سيراً على الأقدام .
كما أن مجموعة من الأخوة خرجوا من مدرستهم وظلوا
يمشون من الواحدة ظهراً ، إلى الساعة الخامسة عصراً !! واستنفرت
مدرستهم وخافت أسرتهم ، وهب الجميع للبحث عنهم لساعات ،
ليطرقوا الباب وقد أظناهم التعب .
وهنا يأتي دور النقل المدرسي ، وضرورة تفعليه ، فا الأب ( قد )
يتأخر في عمله ، وحارس المدرسة ( قد ) يغفل في زحمة الطلاب أثناء
خروجهم من المدرسة .. ليبقى الحل :
الــنـقــل المدرســــي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روابط القصص 1 و 2
ارجع ... نحن آسفون (1)
طلق .. بسرعة (2)
وانتضروني في سلسلة مواضيعي ونراكم مع القصه رقم (4)
خالص تقديري ومودتي ~
المفضلات