[موسوعة] ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

[ منتدى اللغة العربية ]


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 30
  1. #1

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي [موسوعة] ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::







    الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ... أما بعد :
    إخوانى وأخواتى رواد القسم العربى الكرام ، مرحبا بكم معنــا فى

    تعد هذه الموسوعة بمثابة المرجع لنا جميعاً عن الأدباء والشعراء العرب لكل العصور قديما وحديثاً ، والذى نفخر بأن أمتنا العربية قد أنجبتهم لنا ليحافظوا لنا على لغتنا العربية ، مع العلم بأن الكثير منا لا يعلمون منهم إلا بعض الأسماء القليلة ، وهناك أيضا من يعرفون عن الأدباء والشعراء الغربيين أكثر من العرب بل ويفتخرون بهم أيضا ، ولا يعلمون عن إلا بعض الأسماء لأدباء وشعراء جدد .. والأدباء والشعراء العرب يمتلكون الموهبة الأعظم في الكتابة وخطت أقلامهم أجمل وأروع ما كتب عبر التاريخ ، من أجل ذلك جاءت فكرة هذه الموسوعة إعترافاً منا بموهبتهم وتقديراً لهم ....

    التعرف بالأدباء والشعراء العرب المتميزون بكتاباتهم عبر التاريخ ، الذين تركوا أثراً واضحاً وكانت أقلامهم موثوق بها ...لا يوجد بين طيات كتبهم ولا شِعرهم غزو فكريا .. ولا أفكار هدامه .. بل كتابات نافعة بناءه .. وبالطبع تزخر مكتبتنا العربية بالعديد من مؤلفاتهم ...
    لكنَّ شعرَ العُرْبِ ديوانٌ به ... آثارُهم تسمو ومعنىً فائِضُ
    صاروا به بين البرية ساسةً ... إذا كلُّهم نحْو المعالي ناهِضُ

    لذا أدعوكم جميعا بالمشاركة بإثراء هذه الموسوعة بكل ما تعرفونه من هؤلاء الأدباء والشعراء المتميزون ، لتكون موسوعة شاملة زاخرة بأعلام العرب فى مجال الأدب والشعر ...

    - أرجو من جميع المشاركين الحرص على أمانة النقل وذلك بنقل المصادر التى تم الإعتماد عليها إن وجد.
    - كتابة معلومات عن كل شاعر أو أديب مثل :
    - اسمه ...
    - نبذة عن حياته ...
    - أشهر مؤلفاته ...
    - وفاته ....

    ومن كان له ملاحظة أو فكرة خاصة بالموضوع عليه بمراسلتى على الخاص ..
    وفي إنتظار مشاركاتكم وتزويد الموسوعة بكل من تعرفونهم سواء كان أديباً أو شاعراً .


    هنا سيتم إضافة مشاركاتكم :


    أول شاعر وددت أن أبدء به هذه الموسوعة هو من لقب بشاعر الرسول صلّ الله عليه وسلم :
    { حســـان بن ثابـــــت } :

    حسان بن ثابت الأنصاري شاعر عربي وصحابي من الأنصار، كان شاعرًا معتبرًا يفد على ملوك آل غسان في الشام قبل إسلامه، ثم أسلم وصار شاعر الرسول صلّ الله عليه وسلم بعد الهجرة.
    حياته :
    هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي من قبيلة الخزرج التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز، وأقامت في المدينة مع الأوس ، وهو ليس خزرجياً فحسب بل هو ومن بني النجار أخوال عبدالمطلب بن هاشم جد النبي صلّ الله عليه وسلم من قبيلة الخزرج ، ويروى أن أباه ثابت بن المنذر الخزرجي كان من سادة قومه، ومن أشرفهم، وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية. ولد 60 قبل الهجرة على الأرجح صحابي وكان ينشد الشعر قبل الإسلام ، وكان ممن يفدون على ملوك الغساسنة في الشام ، وبعد إسلامه اعتبر شاعر النبي صلّ الله عليه وسلم .
    وأهدى لهُ النبي صلوات الله وسلامه عليه جارية قبطية قد اهداها لهٌ المقوقس ملك القبط واسمها سيرين بنت شمعون فتزوجها حسان وأنجبت منهُ ولدهُ عبدالرحمن ، وحسن إسلامها وهي أخت زوجة الرسول مارية القبطية .
    ولقد سجلت كتب الأدب والتاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها في هجاء الكفار ومعارضتهم، وكذلك في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم. وأصيب بالعمى قبل وفاته، ولم يشهد مع النبي مشهدًا لعلة أصابته ويعد في طبقة المخضرمين من الشعراء لأنه أدرك الجاهلية والإسلام.فعاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة أخرى.

    شعره :
    واشتهرت مدائحه في الغسانين قبل الإسلام، ومن أشهر ما وصلنا من تلك القصائد لاميته التي جاء فيها:
    لله درّ عصابةٍ نادمتهم
    يوماً بجـِلَّقَ في الزمان الأولِ أولاد جفنة حول قبر أبيهمُ
    قبر ابن مارية الكريم المفضلِ يسقون من ورد البريص عليهمُ
    برَدى يصفّق بالرحيق السلسلِ بـِيضُ الوجوه كريمةُ أحسابهم
    شمَ الأنوف من الطراز الأولِ يغشون حتى ما تهرّ كلابهم
    لا يسألون عن السواد المقبلِ

    يؤكد الناقدون أن ما نظمه حسان بعد إسلامه افتقر إلى الجزالة وقوة الصياغة التي كانت له في الجاهلية. ولكنه في مقابل ذلك كان يتمتع بقدر كبير من الحيوية والرقة والسلاسة، ويتوهج من حين إلى آخر بتدفق عاطفي يكشف عما في قلبه من دفء وحرارة. ويتفق النقاد على أن أساليب حسان بن ثابت بعد إسلامه قد سلمت من الحوشية والأخيلة البدوية، ولكن خالطها لين الحضارة، ولم تخل في بعض الأغراض من جزالة اللفظ وفخامة المعنى والعبارة كما في الفخر والحماسة والدفاع عن النبي ووصف رسالته وما إلى ذلك مما ينبثق من العاطفة الحقَّة والعقيدة النفيسة، قال حسان:
    نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
    فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا يلوح كما لاح الصقيل المهنـد

    وأنذرنا نارًا وبشر جــنة وعلمنا الإسلام، فالله نحــمد

    وأنت إله الخلق ربي وخالقي بذلك ما عمرت في الناس أشهد


    ويلحق بهذا المدح رثاء محمد- صلى الله عليه وسلم- فقد ذرف الشاعر دموعًا حارة، وضمنه لوعة وتذكرًا لأفضال رسول الدين الجديد، وحنينًا إليه في النعيم:
    مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذلك اليوم أسعى وأجهد



    هجائه للمشركين:
    أما أسلوبه في هجائه فقد كان يعمد إلى الواحد منهم فيفصله عن الدوحة القرشية، ويجعله فيهم طائرًا غريبًا يلجأ إليها كعبد، ثم يذكر نسبه لأمه فيطعن به طعنًا شنيعًا، ثم يسدد سهامه في أخلاق الرجل وعرضه فيمزقها تمزيقًا في إقذاع شديد، ويخرج ذلك الرجل موطنًا للجهل والبخل والجبن والفرار عن إنقاذ الأحبة من وهدة الموت في المعارك.
    ويذكر إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "اهجُ قريشًا، فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل"، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: "اهجهم"، فهجاهم فلم يُرْضِ، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنَبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحقَ! لأفرينَّهم بلساني فرْيَ الأديم.. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا، حتى يلخص لك نسبي"، فأتاه حسان، ثم رجع فقال: يا رسول الله، قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق!! لأسلنَّك منهم كما تسل الشعرة من العجين.. قالت عائشة: فسمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله"، وقالت: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "هجاهم حسان، فشفى واشتفى".

    آثاره :
    اتفق الرواة والنقَّاد على أن حسان بن ثابت أشعَر أهل المدر في عصره، وأشعر أهل اليمن قاطبةً، وقد خلف ديوانًا ضخمًا رواه ابن حبيب، غير أن كثيرًا من الشعر المصنوع دخله؛ لأنه لما كان لحسان بن ثابت موقف خاص من الوجهة السياسية والدينية، دُسَّ عليه كثير من الشعر المنحول، وقام بهذا العمل أعداء الإسلام، كما قام به بعض كُتَّاب السير من مثل ابن إسحاق.

    وقال أبو عبيدة : فضل حسان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام.
    وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم:
    { سعيد بن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام } .

    النحل على لسانه :

    نظرًا لمكانته كشاعر الرسول، فقد لقي حسان بن ثابت من نحل الأبيات والقصائد على لسانه ما لم يلقه كثير من الشعراء، كما أدت المنافسة بين قريش والأنصارفي عهد بني أمية ، ثم الصراع بين القبائل اليمانية (الذين منهم الخزرج قوم حسان) والقبسية إلى المزيد من القصائد المختلقة على لسانه. وقد أشار إلى ذلك النقاد الأولون، يقول ابن سلام الحمحي :
    { وقد حمل عليه ما لم يحمل على أحد. لما تعاضدت قريش واستبت، وضعوا عليه أشعارا كثيرة لا تنقى.}
    وقد حذف ابن هشام من سيرة ابن اسحاق خمس عشرة قصيدة منسوبة إلى حسان، عشر منها قد وردت في ديوانه، ويقدّر أحد الباحثين المعاصرين نسبة الأشعار المنحولة في ديوان حسان بن ثابت بما بين 60 و 70%.

    قصائده :


    عفـتْ ذاتُ الأصابـعِ فالجـواءُ إلـى عـذراءَ منـزلـها خـلاءُ
    ديارٌ منْ بَنِـي الحسحـاسِ قفـرٌ تعفيهـا الـروامـسُ والسمـاءُ
    وكانـتْ لا يـزالُ بِهـا أنيـسٌ خـلالَ مروجهـا نعـمٌ وشـاءُ
    فدعْ هـذا، ولكـن منْ لطيـفٍ يـؤرقنِـي إذا ذهـبَ العشـاءُ
    لشعثـاءَ التـي قـدْ تيـمـتـهُ فليـسَ لقلبـهِ منهـا شـفـاءُ
    كـأنّ سبيئـةً مـن بيـتِ رأسٍ يكـونُ مزاجهـا عسـلٌ ومـاءُ
    عَلى أنيابـها، أو طعـمَ غـضٍّ مـنَ التفـاحِ هصـرهُ الجـنـاءُ
    إذا ما الأسربـاتُ ذكـرنَ يومـًا فهـنّ لطيـبِ الـراح الـفـداءُ
    نوليهـا الـملامـةَ، إنْ ألـمنـا إذا ما كـانَ معـثٌ أوْ لـحـاءُ
    ونشـربـها فتتركنـا ملـوكـًا وأسـدًا مـا ينهنهنـا اللـقـاءُ
    عدمنـا خيلنـا، إنْ لَـم تروهـا تثيـرُ النقـعَ، موعدهـا كـداءُ
    يبـاريـنَ الأسـنـةَ مصعـداتٍ عَلى أكتافهـا الأسـلُ الظمـاءُ
    تـطـلُّ جيـادنـا متمطـراتٍ تلطمهـنّ بالخمـرِ الـنـسـاءُ
    فإمـا تعرضـوا عنـا اعتمرنـا وكانَ الفتحُ، وانكشـفَ الغطـاءُ
    وإلا، فاصبـروا لـجـلادِ يـومٍ يـعـزُّ اللهُ فيـهِ مـنْ يـشـاءُ
    وجبـريـلُ أميـنُ اللهِ فـيـنـا وروحُ القـدسِ ليـسَ لهُ كفـاءُ
    وقالَ اللهُ : قـدْ أرسلـتُ عبـدًا يقـولُ الحـقَّ إنْ نفـعَ البـلاءُ
    شهـدتُ بـهِ فقومـوا صدقـوهُ فقلتـمْ : لا نـقـومُ ولا نشـاءُ
    وقالَ اللهُ : قـدْ يسـرتُ جنـدًا همُ الأنصـارُ، عرضتهـا اللقـاءُ
    لَنَـا فِي كـلّ يـومٍ مـنْ معـدٍّ سبـابٌ، أوْ قتـالٌ، أوْ هجـاءُ
    فنحكمُ بالقَوافِـي مـنْ هجانـا ونضربُ حيـنَ تَختلـطُ الدمـاءُ
    ألا أبـلـغْ أبـا سفيـانَ عنِّـي فأنتَ مجـوفٌ نَخـبٌ هـواءُ
    بـأنّ سيوفنـا تركتـكَ عبـدًا وعبـدَ الـدارِ سادتـها الإمـاءُ
    هجوتَ محمـدًا، فأجبـتُ عنـهُ وعنـدَ اللهِ فِـي ذاكَ الـجـزاءُ
    أتَهجوهُ، ولسـتَ لـهُ بكـفءٍ فشركمـا لخيـركمـا الفـداءُ
    هجوتَ مباركـًا، بـرًا، حنيفـًا أميـنَ اللهِ، شيـمـتـهُ الوفـاءُ
    فمنْ يهجـو رسـولَ اللهِ منكـمْ ويَمـدحـهُ، وينصـرهُ سـواءُ
    فـإنّ أبِـي ووالـدهُ وعرضـي لعـرضِ محمدٍ منكـمْ وقـاءُ
    فـإمـا تثقفـنّ بـنـو لـؤيٍ جذيـمـةَ، إنّ قتلهـمُ شفـاءُ
    أولئـكَ معشـرٌ نصـروا علينـا ففـي أظفـارنـا منهـمْ دمـاءُ
    وحلفُ الحـارثِ بن أبِي ضـرارٍ وحلـفُ قـريظـةٍ منـا بـراءُ
    لسانِـي صـارمٌ لا عيـبَ فيـهِ وبَـحـري لا تكـدرهُ الـدلاءُ



    قصائد أخرى :
    - نجى حكيما


    - والله ربي


    - رسم دارسة


    - جزى الله


    - تأوبني ليل بيثرب


    - بطيبـةَ رسـم للرسـول


    - الله أكـرمنـا


    - أبوك أبوك


    -ان الذوائب



    وفاته
    توفي حسان بن ثابت في المدينة المنورة سنة (54هـ= 673/674م) في عهد معاوية بن أبي سفيان عن عمر قد ناهز المائة والعشرين عامًا.

    المراجع
    - صحيح مسلم
    - سير أعلام النبلاء
    - الإصابة في تميز الصحابة
    - ويكيبيديا
    - شعر الدعوة الإسلامية في عهد النبوة والخلفاء الراشدين



    [/SPOILER]
    عبد الله بن رواحة الأنصاري :
    الأَمِيْرُ، السَّعِيْدُ ، الشَّهِيْدُ ، أَبُو عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ ، البَدْرِيُّ ، النَّقِيْبُ ، الشَّاعِرُ .
    يُكْنَى: أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَأَبَا رَوَاحَةَ ، وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ .
    وَهُوَ خَالُ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ .
    وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ الأَنْصَارِ .
    بَعَثَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - سَرِيَّةً فِي ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً ، إِلَى أُسَيْرِ بنِ رِزَامٍ اليَهُوْدِيِّ بِخَيْبَرَ ، فَقَتَلَهُ .
    قَالَ الوَاقِدِيُّ : وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِصاً عَلَى خَيْبَرَ .
    قَالَ قُتَيْبَةُ : ابْنُ رَوَاحَةَ ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ أَخَوَانِ لأُمٍّ .
    عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى : أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ ، فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُوْلُ : (اجْلِسُوا) .
    فَجَلَسَ مَكَانَهُ خَارِجَ المَسْجِدِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ( زَادَكَ اللهُ حِرْصاً عَلَى طَوَاعِيَةِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ ) .
    قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنْ كُنَّا لَنَكُوْنُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّفَرِ فِي اليَوْمِ الحَارِّ مَا فِي القَوْمِ أَحَدٌ صَائِمٌ إِلاَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ .
    قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ : كَانَ شُعَرَاءُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ ، وَحَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ ، وَكَعْبَ بنَ مَالِكٍ .
    كَانَ حَسَّان ؛ وَكَعْبٌ يُعَارِضَانِ المُشْرِكِيْنَ بِمِثْلِ قَوْلِهِم بِالوَقَائِعِ ، وَالأَيَّامِ ، وَالمَآثِرِ ، وَكَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ يُعَيِّرُهُم بِالكُفْرِ ، وَيَنْسِبُهُم إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا وَفَقِهُوا كَانَ أَشدَّ عَلَيْهِم .
    لَمَّا جَهَّزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مُؤْتَةَ الأُمَرَاءَ الثَّلاَثَةَ، فَقَالَ: (الأَمِيْرُ زَيْدٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ فَابْنُ رَوَاحَةَ ) .
    فَلَمَّا قُتِلاَ، كَرِهَ ابْنُ رَوَاحَةَ الإِقْدَامَ، فَقَالَ:
    أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلَنَّـــهْ ... طَائِعَــــــــةً أَوْ لاَ لَتُكْرَهِنَّـــــــهْ
    فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِيْنَ الجَنَّهْ
    فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
    قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: (كَيْفَ تَقُوْلُ الشِّعْرَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُوْلَ؟) .
    قُلْتُ: أَنْظُرُ فِي ذَاكَ، ثُمَّ أَقُوْلُ.
    قَالَ: (فَعَلَيْكَ بِالمُشْرِكِيْنَ) .
    ولَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ شَيْئاً، ثُمَّ قُلْتُ :
    فَخَبِّرُوْنِي أَثْمَانَ العَبَاءِ مَتَى ... كُنْتُمْ بَطَارِقَ أَوْ دَانَتْ لَكُم مُضَرُ؟
    فَرَأَيْتُهُ قَدْ كَرِهَ هَذَا أَنْ جَعَلْتُ قَوْمَهُ أَثْمَانَ العَبَاءِ ، فَقُلْتُ :
    يَا هَاشِمَ الخَيْرِ، إِنَّ اللهَ فَضَّلَكُمْ ... عَلَى البَرِيِّةِ فَضْلاً مَا لَـــــهُ غِيْـــــرُ
    إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيْكَ الخَيْرَ أَعْرِفُهُ ... فِرَاسَةً خَالَفَتْهُم فِي الَّذِي نَظَرُوا
    وَلَوْ سَأَلْتَ إِنْ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ ... فِي حِلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلاَ نَصَرُوا
    فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيْتَ مُوْسَى وَنَصْراً كَالَّذِي نُصِرُوا
    فَأَقْبَلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَجْهِهِ مُسْتَبْشِراً، وَقَالَ: (وَإِيَّاكَ فَثَبَّتَ اللهُ) أخرجه ابن سعد ، وابن هشام .
    عَنْ أَنَس، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ، وَابْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَقُوْلُ :
    خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيْلِهِ ... اليَوْمَ نَضْرِبْكُم عَلَى تَنْزِيْلِهِ
    ضَرْباً يُزِيْلُ الهَامَ عَنْ مَقِيْلِـــهِ ... وَيُذْهِلُ الخَلِيْلَ عَنْ خَلِيْلِــهِ
    فَقَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ! فِي حَرَمِ اللهِ، وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُوْلِ اللهِ تَقُوْلُ الشِّعْرَ؟
    فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خَلِّ يَا عُمَرُ، فَهُوَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ) .
    وَفِي لَفْظٍ: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَلاَمُهُ عَلَيْهِم أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ النَّبْلِ) رواه الترمذي .
    قال المرزباني في «معجم الشعراء» : (كان عظيم القدر في الجاهلية والإسلام، وكان يناقض قيس بن الخطيم في حروبهم، ومن أحسن ما مدح به النّبيّ صلى الله عليه وسلم قوله:
    لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر
    قال حسّان بن ثابت - رضي الله عنه- يبكي جعفرا وصاحبيه:
    تأوّبني ليل بيثرب أعسر ... وهمّ إذا ما نوّم الناس مسهر
    لذكرى حبيب هيّجت ثمّ عبرة ... سفوحا وأسباب البكاء التذكر
    بلاء وفقدان الحبيب بليّة ... وكم من كريم يبتلى ثمّ يصبر
    رأيت خيار المؤمنين تواردوا ... شعوب وقد خلّفت فيمن يؤخّر
    فلا يبعدنّ الله قتلى تتابعوا ... بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
    وزيد وعبد الله حين تتابعوا ... جميعا وأسباب المنيّة تخطر
    غداة غدوا بالمؤمنين يقودهم ... إلى الموت ميمون النّقيبة أزهر
    أغرّ كلون البدر من آل هاشم ... أبيّ إذا سيم الظّلامة مجسر
    فطاعن حتى مات غير موسّد ... بمعترك فيه القنا يتكسّر
    فصار مع المستشهدين ثوابه ... جنان وملتفّ الحدائق أخضر
    وكنا نرى في جعفر من محمّد ... وفاء وأمرا حازما حين يأمر
    فما زال في الإسلام في آل هاشم ... دعائم عزّ لا ترام ومفخر
    هم جبل الإسلام والناس حوله ... رضام إلى طود يروق ويقهر
    بهم تكشف الّلأواء في كل مأزق ... عماس إذا ما ضاق بالقوم مصدر
    هم أولياء الله أنزل حكمه ... عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهّر
    بهاليل منهم جعفر وابن أمّه ... عليّ ومنهم أحمد المتخيّر
    وحمزة والعباس منهم ومنهم ... عقيل وماء العود من حيث يعصر
    استشهد رضي الله عنه في غزوة مؤتة سنة 8 هـ
    من شعر عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :
    تَذَكّرَ بَعْدَمَا شَطّتْ نُجودَا، ... وَكَانَتْ تَيّمَتْ قَلبي وَلِيدَا
    كَذِي داءٍ غَدَا في النّاسِ يمشي، ... وَيَكْتُمُ داءَهُ زَمَناً عَمِيدَا
    تَصَيَّدُ عَوْرَةَ الفِتْيَانِ حتى ... تَصِيدَهُمُ، وَتَشْنَا أَن تَصِيدَا
    فَقَدْ صَادَتْ فؤادَكَ يَوْمَ أَبْدَتْ ... أَسيلاً خَدَّها، صَلْتاً، وَجِيدَا
    تُزَيِّنُ مَعْقِدَ اللّبّاتِ منها، ... شُنوفٌ في القَلائِدِ، والفَرِيدَا
    فإنْ تَضْنُنْ عَلَيْكَ بِمَا لَدَيْهَا، ... وَتَقْلِبْ وَصْلَ نَائِلِها، جَدِيدَا
    لَعَمْرُكَ ما يُوَافِقُني خَلِيلٌ، ... إذا ما كانَ ذَا خُلْفٍ كَنُودَا
    وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ، غَيْرَ فَخْرٍ، ... إذا لم تُلْفَ ماثِلَةً رَكُودَا
    بِأَنّا تَخْرُجُ الشّتَواتُ مِنّا ... إذا ما استحكمتْ، حَسَباً وجُودَا
    قَدُورٌ تَغْرَقُ الأوصالُ فيها، ... خَضيبٌ لَوْنُها بِيضاً وَسُودَا
    مَتَى ما تَأْتِ يَثْرِبَ، أَو تَزُرْها ... تَجدْنا نَحْنُ أَكْرَمَهَا وُجُودَا
    وَأَغْلظَها على الأعداءِ رُكْناً، ... وَأَلْيَنَها لباغي الخَيْرِ عُودَا
    وَأَخْطَبَهَا، إذا اجْتَمَعُوا لأَمِرٍ، ... وَأَقْصَدَهَا، وَأَوْفَاهَا عُهُودَا
    إذا نُدْعَى لثأْرٍ أو لجارٍ، ... فَنَحْنُ الأكثَرُونَ بها عَدِيدَا
    مَتَى مَا تَدْعُ في جَشْمِ بنِ عَوْفٍ ... تَجِدْنِي لا أَغَمَّ، ولا وحيدَا
    وَحَوْلِي جَمْعُ سَاعِدَةَ بنِ عَمرٍو، ... وَتَيْمُ اللاّتِ قَدْ لِبِسوا الحَدِيدَا
    زَعَمْتُمْ أنما نِلْتُمْ مُلوكاً، ... وَنَزْعُمُ أنما نِلْنَا عَبِيدَا
    وَمَا نَبْغِي مِنَ الأحْلاَفِ وَتَراً، ... وَقَدْ نِلْنَا المُسَوَّدَ والمَسُودَا
    وَكَانَ نِساءكُمْ في كلّ دارٍ، ... يُهَرِّشنَ المَعَاصِمَ والخُدُودَا
    تَرَكْنَا جُحَجَبَى كَبَنَاتِ فَقْعٍ، ... وَغَوْغَا في مَجَالِسِها قُعُودَا
    وَرَهْطَ أَبي أُمَيّةَ قَدْ أَبَحْنَا، ... وَأَوْسَ اللَّهِ أَتْبَعَنَا ثَمُودَا
    وَكُنْتُمْ تَدّعُونَ يَهُود مالاً ... أَلاَنَ وَجَدْتُمُ فِيهَا يَهُودَا
    وَقَدْ رَدّوا الغَنَائِمَ في طَرِيفٍ ... وَنَحَّامٍ وَرَهْطِ أَبِي يَزِيدَا
    المصدر : سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ، وكتاب جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي

    سأضيف عن شاعرة من شعراء العصر الأسلامى ..
    وهى الخنساء ..
    ..
    _ التعريف بالشاعرة _
    هى تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السُلمية ..
    لقبت بالخنساء ؛ لجمال أنفها ..
    وهى شاعرة مخضرمة .. أى عاشت فى الجاهلية وأدركت الأسلام فأسلمت ..
    وكانت الخنساء تمثل أروع معانى الحب بين الاخوان ..
    حيث أن أجود شعرها فى رثاء اخويها صخر ومعاوية ..
    ..
    _ مأساتها _
    فى الجاهلية ..
    قتل هاشم ودريد ابنا حرملة أخاها معاوية ..
    وقامت الخنساء بتحريض أخيها الأصغر صخر بالثأر ..
    واستطاع الأخير قتل دريد انتقاماً لأخيه ..
    ولكنه أصيب وتوفي فى عام 615 م ..
    وبرغم أنه كان لها أخ شقيق قد قتل قبل صخر – وهو شقيقها معاوية بن عمرو الذي رثته أيضا ..
    لكن صخر هو أحب أخوان الخنساء إلى قلبها ..
    حيث كان حليماً جوداً محبوباً بين أبناء العشيرة .. وكان يقف دائما إلى جانبها
    يمد لها يد العون ويرعاها ..
    ولما قتل أخوها صخر أخذت ترثيه .. وذاع صيت مرثيتها أو بكائيتها بين العرب ..
    حيث أصبحت مرثيتها الحزينة الأكثر تداولا من باقي أشعارها ..
    ..
    _ إسلامها _
    حينما علمت ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قدمت على النبي مع
    قومها بني سليم فأسلمت معهم ..
    وقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجب بشعرها ..
    ولعل موقفها يوم القادسية لخير دليل على صبرها وثباتها وحسن ايمانها ..
    فقد خرجت في هذه المعركة مع المسلمين في عهد عمر ومعها أبناؤها الأربعة ..
    وهم عمرة ، عمرو ، معاوية ، ويزيد ..
    وهناك وقبل بدء القتال أوصتهم فقالت :
    يا بني لقد أسلمتم طائعين ..
    وهاجرتم مختارين ..
    ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ..
    ما خنت أباكم ..
    ولا فضحت خالكم .. ..
    إلى أن قالت :
    فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين ..
    فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ..
    وبالله على أعدائه مستنصرين ..
    وعندما دارت المعركة استشهد أولادها الأربعة واحداً بعد واحد ..
    وحينما بلغ الخنساء خير مقتل أبنائها الأربعة قالت :
    الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ..
    وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته ..
    ..
    وقد توفت الخنساء مع مطلع خلافة عثمان بن عفان ..
    ..
    _ ومن شعرها _
    ( 1 )
    أبكـي على البطـل الـذي .. جللتـم صخـرا ثقـــالا
    مـا بالسيـف يركـب .. رمـحـه حـالا فحــالا
    يـا صخـر من للخيـل إذ .. ردت فـوارسهـا عجــالا
    متسربلـي حلـق الحديـد .. هم فيـه جـمـالا
    ويلـي عليـك إذا تـهـب .. الـريـح بـاردة شـمـالا
    والـحيـدر الصـراد لـم .. يـك غيمهـا إلاّ طــلالا
    خيـر البـرية فـي قـرى .. صخـر وأكرمهـم فعـالا
    وهـو الـمؤمـل والـذي .. يرجـى وأفضلهـا نـوالا
    ( 2 )
    أعَينَـيَّ جُـودا ولا تـجمـدا .. ألا تبكيـان لصخـر الـنَّـدى
    تبكيـان الجـريءَ الجميـل .. ألا تبكيـان الفتـى السَّـيِّـدا
    طـويل النَّجـاد رفيـع العِمَـ .. ـاد سـادَ عشيـرَتَـهُ أمـــردا
    إذا القـوم مـدَّوا بأيـديهــم .. إلـى الـمجد مـدَّ إليـه يـدا
    فنـال الـذي فـوق أيديهـم .. من الـمجد ثم مضـى مُصعِـدا
    يكلِّفـهُ القـوم مـا عـالهـم .. وإن كـان أصغرهـم مَولِـدا
    ترى المـجد يهـوى إلى بيتـه .. يرى أفضل الكسب أن يُحمَـدا
    وإن ذُكِـرَ المـجـدُ ألفيتـهُ .. تـأزَّر بالمـجد ثـم ارتـدى
    غيـاثُ العشيـرة إن أمحلـوا .. يُهينَ التِّـلادِ ويُحيـى الجـدا
    ..
    _ المصدر _
    ما تعلمته فى مدرستى أضافة الى بعض المواقع المتعددة ..
    امرؤ القيس
    هو امرؤ القيس بن حجر الكندي واسمه حندج بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر (آكل المرار) الِكندي. وله ثلاث كنى وهي : أبو وهب وأبو الحارث وأبو زيد. إشتهر بلقب إمرئ القيس ومعناه " رجل الشدة ". لقبه محمد بن عبد الله بالملك الضليل وعرف بذي القروح لإصابته بالجدري خلال عودته من القسطنطينية وتوفي بسببه. و كندة قبيلة قحطانية من قبائل كهلان مواطنها الأصلية حضرموت وعُمان. أقاموا دولة في عام خمس مئة وخمس وعشرين للميلاد في حضرموت على أنقاض **** وأكملوا مسيرهم شمالا حتى أسس بنو معاوية دولتهم في نجد. وولد شاعرنا هذا في نجد في اليمامة عند أخواله من بنو تغلب.
    وهو أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي رأس الطبقة الأولى من الشعراء العرب والتي تشمل زهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني والأعشى. وأحد أصحاب المعلقات السبعة المشهورة. كان من أكثر شعراء عصره خروجاً عن نمطية التقليد، وكان سباقاً إلى العديد من المعاني والصور. وامرؤ القيس صاحب أوليات في التشابيه والإستعارات وغير قليل من الأوصاف والملحات.
    ولادته:
    يذكر صاحب الروائع أن ولادته سنة 500م وعلّق على ما قاله شيخو بصدد تاريخ ولادته قائلاً: قد رجعنا...ما يذكره مؤرخو الروم عن شاعرنا، وقارنا بين حوادث حياته وماجرى على عهده في البلاد العربية... فرأينا أن نأخذ برأي دي برسفال الجاعل ولادته حول سنة 500م ووفاته حول 540م.
    نشأته:
    ولد في نجد ونشأ ميالا إلى الترف واللهو شأن أولاد الملوك وكان يتهتك في غزله ويفحش في سرد قصصه الغرامية وهو يعتبر من أوائل الشعراء الذين ادخلوا الشعر إلى مخادع النساء. كان ماجنا كثير التسكع مع صعاليك العرب ومعاقرا للخمر. سلك امرؤ القيس في الشعر مسلكاً خالف فيه تقاليد البيئة، فاتخد لنفسه سيرة لاهية تأنفها الملوك كما يذكر ابن الكلبي حيث قال: كان يسير في أحياء العرب ومعه أخلاط من شذاذ العرب من طيء وكلب وبكر بن وائل فإذا صادف غديراً أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح وشرب الخمر وسقاهم وتغنيه قيانة، لايزال كذلك حتى يذهب ماء الغدير ويبتقل عنه إلى غيره. إلتزم نمط حياة لم يرق لوالده فقام بطرده ورده إلى حضرموت بين أعمامه وبني قومه أملا في تغييره. لكن حندج إستمر في ما كان عليه من مجون وأدام مرافقة صعاليك العرب وألف نمط حياتهم من تسكع بين أحياء العرب والصيد والهجوم على القبائل الأخرى وسبي متاعها.
    نهاية حياته:
    لم تكن حياة امرؤ القيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة وطويلة جدا بمقياس تراكم الإحداث وكثرة الإنتاج ونوعية الإبداع. لقد طوف في معظم إرجاء ديار العرب وزار كثيرا من مواقع القبائل بل ذهب بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية ونصر واستنصر وحارب وثأر بعد حياة ملأتها في البداية باللهو والشراب ثم توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده وأنهك وتفشى فيه وهو في أرض الغربة داء كالجدري أو هو الجدري بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في سنة لا يكاد يجمع على تحديدها المؤرخون وان كان بعضهم يعتقد أنها سنه 540م، وقبره يقع الآن في تلة هيديرليك بأنقرة[1].
    لقد ترك خلفه سجلا حافلا من ذكريات الشباب وسجلا حافلا من بطولات الفرسان وترك مع هذين السجلين ديوان شعر ضم بين دفتيه عددا من القصائد والمقطوعات التي جسدت في تاريخ شبابه ونضاله وكفاحه. وعلى الرغم من صغر ديوان شعره الذي يضم الآن ما يقارب مئة قصيدة ومقطوعة إلا أنه جاء شاعراً متميزاً فتح أبواب الشعر وجلا المعاني الجديدة ونوع الإغراض واعتبره القدماء مثالا يقاس عليه ويحتكم في التفوق أو التخلف إليه.
    ولذلك فقد عني القدماء بشعره واحتفوا به نقداً ودراسة وتقليداً كما نال إعجاب المحدثين من العرب والمستشرقين، فأقبلوا على طباعته منذ القرن الماضي، القرن التاسع عشر في سورية ومصر وفرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان التي تهتم بشؤون الفكر والثقافة.
    من أشهر شعره والتي تُعد معلقة من المعلقات السبع أو العشر كما يقول البعض:
    قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل ........ بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
    فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ ......... لما نسجتْها من جَنُوب وشمالِ
    ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها ......... وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
    كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا .......... لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
    وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ ........... يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل
    وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقة ٌ ........... فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ
    كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها ........ وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل
    فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً .......... عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي
    ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح .......... ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ
    ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي ...... فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ
    فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها ........ وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل
    ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة ...... فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي
    تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً ...... عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
    فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ ...... ولا تُبعديني من جناك المعللِ
    فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ ...... فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول
    إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ ....... بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ
    ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت ...... عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ
    أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل ......... وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي
    وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَة ٌ ....... فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ
    أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي ...... وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل
    ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي ........ بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ
    و بيضة ِ خدر لا يرامُ خباؤها ........ تَمَتّعتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ
    تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً ........ عليّ حِراساً لو يُسروّن مقتلي
    إذا ما الثريا في السماء تعرضت .......... تعرضَ أثناء الوشاح المفصَّلِ
    فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثيابَها......... لدى السِّترِ إلاَّ لِبْسَة َ المُتَفَضِّلِ
    فقالت يمين الله ما لكَ حيلة ٌ ........ وما إن أرى عنك الغواية َ تنجلي
    خَرَجْتُ بها أمشي تَجُرّ وَراءَنا ......... على أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
    فلما أجزْنا ساحة الحيِّ وانتحى .......... بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
    هصرتُ بِفودي رأسها فتمايلت ........ عليَّ هضيمَ الكَشحِ رِيّا المُخَلخَلِ
    إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُها ......... نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ
    مُهَفْهَفَة ٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَة ٍ ......... ترائبها مصقولة ٌ كالسجنجل
    كِبِكْرِ المُقاناة ِ البَياضِ بصُفْرَة ٍ ......... غذاها نميرُ الماء غير المحللِِ
    تصد وتبدي عن أسيلٍ وتتَّقي ......... بناظرَة ٍ من وَحش وَجْرَة َ مُطفِلِ
    وجيد كجيد الرئم ليس بفاحِش ........ إذا هيَ نَصّتْهُ وَلا بمُعَطَّلِ
    وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ ........ أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ
    غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا ...... تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ
    وكشح لطيف كالجديل مخصر ......... وساق كأنبوبِ السقي المُذلل
    وَتَعْطو برخَصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّهُ.......... أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحلِ
    تُضيء الظلامَ بالعشاء كأنها ......... منارة ُ ممسى راهب متبتل
    وَتُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها ......... نؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّلِ
    إلى مثلها يرنو الحليمُ صبابة ......... إذا ما اسبكَرّتْ بينَ درْعٍ ومِجْوَلِ
    تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِبا ......... وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ
    ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه .......... نصيح على تعذَاله غير مؤتل
    وليل كموج البحر أرخى سدولهُ ....... عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
    فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصلبه ...... وأردَف أعجازاً وناءَ بكلْكلِ
    ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي ....... بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ
    فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ ....... بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ
    كأن الثريا علِّقت في مصامها ......... بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ
    وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها ......... بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ
    مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً ......... كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ
    كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ ......... كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ
    مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى ........ أثرنَ غباراً بالكديد المركل
    على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ ......... إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ
    يطيرُ الغلامُ الخفُّ على صهواته ....... وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ
    دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ .......... تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ
    لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة ......... وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تنفلِ
    كأن على الكتفين منه إذا انتحى ....... مَداكَ عَروسٍ أوْ صَلاية َ حنظلِ
    وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ ......... وباتَ بعيني قائماً غير مرسل
    فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه ......... عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
    فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه ........ بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ
    فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ ......... جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل
    فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ ...... دِراكاً ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ
    وظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ ........ صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ
    ورُحنا راحَ الطرفُ ينفض رأسه ........... متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تَسَفَّلِ
    كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره ........... عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ
    وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه ........... بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
    أحار ترى برقاً أريك وميضه .......... كلمع اليدينِ في حبي مُكلل
    يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ .......... أهان السليط في الذَّبال المفتَّل
    قعدت له وصحيبتي بين حامر ........... وبين اكام بعدم متأمل
    وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة .......... يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل
    وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة .......... وَلا أُطُماً إلا مَشيداً بجَنْدَلِ
    كأن ذرى رأس المجيمر غدوة ً ........... من السَّيلِ وَالأغْثاء فَلكة ُ مِغزَلِ
    كأنَّ أباناً في أفانينِ ودقهِ ......... كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
    وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ .......... نزول اليماني ذي العياب المخوَّل
    كَأَنَّ سِباعاً فيهِ غَرقى غُدَيَّةً ........ بِأَرجائِهِ القُصوى أَنابيشُ عَنصُلِ
    على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ ......... وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ
    وَأَلقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ .......... فَأَنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ
    المصادر والمراجع:
    1-ويكيبيديا الموسوعة الحرة
    2-الموسوعة العالمية للشعر العربي

    كعب بن زهير هو شاعر مخضرم لانه عاش عصرين مختلفين هما عصر الجاهليه وعصر صدر الإسلام. عالي الطبقة، كان ممن اشتهر في الجاهلية ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلي الله عليه وسلم وأقام يشبب بنساء المسلمين، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم، دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ، فعفا عنه النبي صلي الله عليه وسلم ، وخلع عليه بردته. وهو من أعرق الناس في الشعر: أبوه زهير ابن أبي سلمي وأخوه بجير وابنه عقبة وحفيده العوّام كلهم شعراء. وقد كَثُر مخمّسو لاميته ومشطّروها وترجمت إلى غير العربية
    ورث موهبة الشعر عن والده فهو شاعر موهوب ابن شاعر فحل اجمع النقاد والأدباء على انه من اعظم شعراء عصره.

    إنه كعب بن زهير، أبوه زهير بن أبي سلمى الشاعر الجاهلي الكبير الذي كان شعره موضع التقدير في عصره وما بعد عصره، وكان عمر بن الخطاب لا يقدم شاعرا على زهير، وكان يقول: اشعر الناس الذي يقول: ومن ومن ومن، مشيرا بذلك إلى مجموعة من الحكم في معلقة زهير المشهورة بدأ كلا منها بكلمة “من” مثل قوله:

    ومن هاب أسباب المنايا ينلنه

    وإن يرق أسباب السماء بسلم

    ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله

    على قومه يستغن عنه ويذمم

    ولقد كان طبيعيا أن تكون نشأة كعب في أحضان والده الشاعر الكبير ووسط أسرة تقرض جميعها الشعر، سببا في أن ينظم الشعر وهو صغير، كما أثرت هذه النشأة في أخيه “بجير” الذي أخذ الشعر أيضا عن أبيه.

    إسلام كعب

    ولإسلام كعب قصة ترويها كل كتب التاريخ العربي وتراجم الأدباء العرب فعندما جاء الإسلام اسلم بجير، وبقي كعب على وثنيته، ووقف في الجبهة المعادية للرسول ولرسالته وللمؤمنين به، ولم ينج بجير بسبب إسلامه من لسان كعب، فهجاه لخروجه على دين آبائه وأجداده ورد عليه بجير وطالبه باتباع طريق الهدى لينجو بنفسه من نار جهنم، لكن كعباً عاند وظل على وثنيته إلى أن فتحت مكة فكتب إليه بجير يخبره بأن الرسول قد أهدر دمه، وقال له: “إن النبي قتل كل من آذاه من شعراء المشركين وإن ابن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب قد هربا، وما أحسبك ناجيا، فإن كان لك في نفسك حاجة فأقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا”، وعندما قرأ كعب كتاب أخيه ضاقت به الدنيا، وأشفق على نفسه، فلجأ إلى قبيلته مزينة لتجيره من النبي فأبت عليه ذلك، وعندئذ استبد به الخوف وأيقن انه مقتول.

    الشاعر والرسول

    يقول الشاعر الإسلامي صلاح الدين السباعي: في تلك اللحظات العصيبة شاءت إرادة الله أن يشرح قلبه للإسلام فاتجه إلى المدينة ونزل على رجل يعرفه من جهينة، فأتى به الرجل إلى المسجد، ثم أشار إلى رسول الله قائلا: “هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه” فتلثم كعب بعمامته، ومضى نحو الرسول حتى جلس بين يديه، ووضع يده في يده، ثم قال: “يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه إن جئتك به” قال رسول الله: “نعم”، وعندئذ كشف كعب عن وجهه وقال: “أنا يا رسول الله كعب بن زهير” وما إن قال ذلك حتى وثب عليه رجل من الأنصار قائلا: “يا رسول الله دعني وعدو الله اضرب عنقه”، فقال الرسول: “دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا”، وبين يدي الرسول وقف كعب ينشد لاميته الرائعة “بانت سعاد” فأعجب بها الرسول وكافأه عليها حيث كساه بردة كانت عليه، ويروى أن معاوية قد اشترى هذه البردة من أبناء كعب بعشرين ألف درهم وان الخلفاء من بعده كانوا يلبسونها في العيدين.

    والقصيدة التي أشاد بها النقاد والأدباء في كل العصور تعتبر من افضل ما قيل في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تتكون من ثلاثة أجزاء بدأها بالحديث عن رحيل محبوبته سعاد ومدى غرامه بها فيقول في بدايتها:

    بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

    متيم إثرها لم يفد مكبول

    وما سعاد غداة البين إذ رحلوا

    إلا اغن غضيض الطرف مكحول

    هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة

    لا يشتكى قصر منها ولا طول

    وبعد أن يعدد الشاعر أوصاف محبوبته بأسلوب عف كريم ويعبر عن حزنه لرحيلها عن الديار يدخل في الجزء الثاني من القصيدة فيتحدث عن وصف الناقة التي حملته، وبعد أن يستوفي وصف الناقة يخرج منه الى الجزء الثالث والأخير من القصيدة فيشير إلى انه سينطلق بهذه الناقة إلى الرسول بعد أن تخلى عنه أصدقاؤه فقال:

    وقال كل خليل كنت آمله

    لا ألهينك إني عنك مشغول

    فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم

    فكل ما قدر الرحمن مفعول

    كل ابن أنثى وإن طالت سلامته

    يوما على آلة حدباء محمول

    وبعد ذلك وصل كعب بن زهير إلى غايته وهي الفوز بعفو رسول الله وتأكيد إيمانه به وبرسالته، حتى إذا مدحه بعد ذلك كان مطمئنا إلى أن مديحه سيكون مقبولا عند رسول الله، ومن اجل تحقيق ذلك حرص كعب على أن يصور مدى ما في نفسه من هيبة من رسول الله، كما حرص على أن يتنصل من كل ما اغضب عليه الرسول مؤكدا توبته وإيمانه.

    ولذلك حشد كعب كل طاقته الشعرية ودفع بها في طريق تحقيق هذا الهدف ووظف كل ما يمتلك من أدوات فنية للوصول إلى ما يريد، فالمسألة مسألة حياة أو موت.

    وواصل كعب إلقاءه للقصيدة فقال:

    أنبئت أن رسول الله أوعدني

    والعفو عند رسول الله مأمول

    وظل يعتذر ويقدم المبررات ويناشد الرسول عدم تصديق ما نقله عنه أهل الوشاية إلى أن قال:

    إن الرسول لنور يستضاء به

    مهند من سيوف الله مسلول

    حكمة أصيلة

    وإلى جانب هذه القصيدة الشهيرة التي حققت له شهرة كبيرة فإن لكعب بن زهير إنتاجا شعريا متنوعا جمع بعضه أو معظمه في ديوان يحمل اسمه، أما موضوعات شعره فهي كغيرها من موضوعات الشعر الجاهلي، تتراوح بين الفخر والمدح والهجاء والرثاء والغزل والوصف وبعض الحكم، لكن النقاد يفرقون في شعره بين اتجاهين متباينين لأن إسلام كعب قد غير في نهج شعره وأمده بكثير من الصور، ورقق ألفاظه ومعانيه حيث كان كعب في الجاهلية يميل إلى الشدة والتقعر وخاصة في وصف الصحراء وحيوانها، بينما بعد الإسلام نراه كما يقول النقاد يميل إلى إرسال الحكمة والى الابتعاد عن الموضوعات الجاهلية.

    يقول محمد علي الصباح في كتابه “كعب بن زهير: حياته وشعره”: الحكمة في شعر كعب ليست أمرا طارئا عليه أو هي مستبعدة من أن تصدر عن مثله، فهو ابن زهير بن أبي سلمى الشاعر الذي زخرت معلقته بكثير من المواعظ والحكم، فليس غريبا أن يشتمل ديوان كعب على حكم كثيرة مبثوثة هنا وهناك في ثناياه، وأكثرها يمثل مقطوعات صغيرة مستقلة يبدو عليها اثر الإسلام واضحا، إذ استفاد كعب من تعاليم دينه ولذلك فإن إنتاجه بعد إسلامه كان مشبعا بتعاليم المدرسة الإسلامية فحين يقول كعب:

    لو كنت اعجب من شيء لأعجبني

    سعي الفتى وهو مخبوء له القدر

    يسعى الفتى لأمور ليس يدركها

    والنفس واحدة والهم منتشر

    والمرء ما عاش ممدود له أمل

    لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر

    فالتعاليم الإسلامية في هذا الشعر واضحة كل الوضوح وهي تشعرنا كيف يسلم كعب بقضاء الله وقدره، كما تشعرنا بمدى تغلغل الإسلام في روح كعب ونفسه، والذي استطاع أن يقضي فيها على نزعاتها الجاهلية ويحول نقمتها على الحياة إلى أمل، بعطاء الله وفرج قريب من رحمته الواسعة.

    وهكذا نرى كعبا في كل أشعاره الحكيمة يستمد زادها من الإسلام حيث يوكل أمره إلى الله الذي وحده يتكفل بالعباد، ويمن عليهم بالرزق والنعمة والأفضال، يقول كعب:

    أعلم أني متى ما يأتني قدري

    فليس يحسبه شح ولا شفق

    بينا الفتى معجب بالعيش مغتبط

    إذ الفتى للمنايا مسكم غلق

    والمرء والمال ينمي ثم يذهبه

    مر الدهور ويفنيه فينسحق

    فلا تخافي علينا الفقر وانتظري

    فضل الذي بالغنى من عنده نثق

    إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا

    ومن سوانا ولسنا نحن نرتزق

    ففي هذه الأبيات يقترب كعب من أن يكون واحدا من زهاد المسلمين الذين كانوا يكرهون أن يفكر الشخص منهم في رزق غد، بل كان منهم من يرى أن ذلك خطيئة لا تغتفر لأن رب العباد متكفل برزقهم، وليس عليهم إلا أن يسلموا أمرهم له فهو القادر على أن يرزقهم وسواهم من الناس قاطبة.

    ويمضي كعب في أشعاره الحكيمة محملا لها ما شاء من تعاليم الإسلام التي تدعو إلى التوكل على الله في كل أمر والسعي الدائم الذي لا يقعد المرء عنه خوفاً من أذى أو مكروه، لأن كل شيء يحدث للمرء بمشيئة من الله وأمر من قضائه العادل.

    مواقف من حياته :

    منع قول الشعر

    قال حماد الرواية :

    تحرك كعبٌ وهو يتكلم بالشعر فكان زهير ينهاه مخافة أن يكون لم يستحكم شعره، فيروى له ما لا خيرٌ فيه، فكان يَضرِبه في ذلك.فكلما ضربه تزيد فيه، فطال عليه ذلك فأخذه فحبسه فقال: والذي أحلف به، لا تتكلم ببيت شعرٍ إلا ضربتك ضرباً ينكّلك عن ذلك. فمكث محبوساً عدّة أيام. ثم أخبر أنه يتكلم به. فدعاه فضربه ضربا شديداً ثم أطلقه وسرّحه في بهمه وهو غلَيِّم صغير. فانطلق فرعى، ثم راح عشية وهو يرتجز:

    كأنما أحدو ببهمي (عيرا ***) من القرى موقرة شعيرا

    فخرج إليه زهير وهو غضبان. فدعا بناقته فكفلها بكسائه، ثم قعد عليها حتى انتهى إلى ابنه كعب. فأخذ بيده فأردفه خلفه. فقال زهير حين برز إلى الحي:

    إني لتعديني على الهمِّ جَسرةٌ *** تَخُبُّ بوصَّالٍ صرُومٍ وتُعنِقُ

    ثم ضرب كعباً وقال له: أجز يا لُكَعُ. فقال كعب:

    كبُنيانَةِ القَرئِيِّ موضِعُ رَحلها *** وآثارُ نِسعيها من الدَفِّ أبلَقُ

    فأخذ زهير بيد ابنه كعب ثم قال له: قد أذنت لك في الشعر يا بني.

    قراءة مختصرة عن أشهر آثاره :

    لكعب ديوان غير مطبوع، ليس فيه، إذا استثنينا قصيدة (بانت سعاد) إلا المقطوعات القصيرة التي نُظمت في الأغراض المعروفة من مديح وغزل وهجاء ورثاء وما إلى ذلك. أما أجود شعر له بالاتفاق فهو قصيدته (بانت سعاد) التي تدعى أيضاً (البردة) والتي تعد من المشوبات، وهي لامية من البحر البسيط لا تتجاوز 58 بيتاً وقد صار لتلك القصيدة شهرة واسعة، وتناولها العلماء بالشرح والتفسير، كما تناولها الشعراء فشطّروها وخمّسوها وعارضوها. أما أقسام القصيدة، فهي تقسم إلى ثلاثة أقسام:


    • توطئه غزلية على عادة الشعراء الأقدمين (من البيت 1 إلى 12).
    • وصف الناقة التي تبلغ بالشاعر إلى المحبوبة (من البيت 13 إلى 33).
    • اعتذار ومدح للنبي محمد والمهاجرين (من البيت 34 إلى 58).

    أما الذين شرحوها فكثيرون منهم ابن دريد، والتبريزي، وابن هشام، والباجوري، والسيوطي، وقد طبعت مراراً في الشرق وفي أوربة، تارة على حدة وتارة في مجامع أدبية. فطبعت في لندن سنة1748 م ،ثم في ليبسيك سنة ، ثم في برلين 1980 م ، ثم في باريس وقسطنطينية سنة 1904 م ؛ وطبعت في بيروت سنة 1931 م وترجمت إلى لغات كثيرة منها اللاتينية، والفرنسية، والألمانية، والانجليزية، والإيطالية, والفارسية.

    قصائدة :




    توفّي ابن أبي سلمى سنة 627 للميلاد.



    الإمام الشافعي
    150هـ - 204هـ

    إسمه ونسبه :
    محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .وأما ولادته ـ رضى الله عنه ـ فقد حكاها هو بنفسه فقال :
    ولدت بغزة سنة خمسين ومائة ـ يوم وفاة أبي حنيفة ـ وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين وقال : وكانت أمي من الأزد .

    نشأته وطلبه للعلم ونبوغه :
    حدث الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله بن الزبير : أنه خرج إلى اليمن فلقى محمد بن إدريس الشافعي وهو مستحض في طلب الشعر والنحو والغريب ، قال فقلت له إلى كم هذا! لو طلبت الحديث والفقه كان أمثل بك ، وأنصرفت به معي إلى المدينة فذهبت به إلى مالك بن أنس وأوصيته به ، قال فما ترك من العلم عند مالك بن أنس إلا القليل ولا شيئاً عند شيخ من مشايخ المدينة إلا جمعه ، ثم شخص إلى العراق فانقطع إلى محمد بن الحسن فحمل عنه ثم جاء إلى المدينة بعد سنتين .
    قال فخرجت به إلى مكة فكلمت له ابن داود وعرفته حاله الذي صار إليه ، فأمر له بعشرة آلاف درهم .
    وحدث الآبرى أبو الحسن محمد بن الحسن بن إبراهيم بن عاصم الآبرى السجزى قال : سمعت أبا اسحاق إبراهيم بن محمد بن المولد الشرقي يحكي عن زكريا بن يحيى البصري عن زكريا النيسابوري كلاهما عن الربيع بن سليمان وبعضهم يزيد على بعض في الحكاية قال :سمعت الشافعي يقول : كنت وأنا في الكتاب أسمع المعلم يلقن الصبي الآية فأحفظها أنا ، ولقد كنت ـ قبل أن يفرغ المعلم من الإملاء ـ قد حفظت جميع ما أملى ، فقال لي ذات يوم : ما يحل لي أن آخذ منك شيئاً . فقال : ثم لما خرجت من الكتاب كنت أتلقط الخزف والدفوف وكرب النخل واكتاف الجمال أكتب فيها الحديث وأجيء إلى الدواوين فاستوهب منها الظهور فأكتب فيها حتى كانت لأمي حباب فملأتها اكتافاً وخزفاً وكرباً مملؤة حديثاً ، ثم أني خرجت عن مكة فلزمت هذيلا في البادية أتعلم كلامها وآخذ طبعها وكانت أفصح العرب .
    قال : فبقيت فيهم سبع عشرة سنة أرحل برحيلهم وأنزل بنزولهم فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار وأذكر الآداب والأخبار ، وأيام العرب ، فمر بي رجل من الزبيريين من بني عمي فقال لي ، يا أبا عبد الله : عز علي ألا يكون مع هذه اللغة وهذه الفصاحة والذكاء فقه ، فتكون قد سدت أهل زمانك ، فقلت فمن بقى نقصد ؟ فقال لي : مال بن أنس سيد المسلمين يؤمئذ ، قال : فوقع في قلبي فعمدت إلى الموطأ فاستعرته من رجل بمكة فحفظته في تسع ليال ظاهراً قال : ثم دخلت إلى والي مكة وأخذت كتابه إلى والي المدينة ، وإلى مالك بن أنس قال : : فقدمت المدينة فأبلغت الكتاب إلى الوالي ، فما أن قرأ قال : يا فتى أن مشيي من جوف المدينة إلى جوف مكة حافياً راجلاً أهون من المشي إلى باب مالك بن أنس ، فلست أرى الذل حتى أقف على بابه فقلت ـ اصلح الله الأمير ـ إن رأى الأمير أن يوجه إليه ليحضر ، فقال : هيهات ، ليت إذا ركبت أنا ومن معي وأصابنا من تراب العقيق نلنا بعض حاجتنا . قال : فواعدته العصر وركبنا جميعاً ، فو الله لكان كما قال : لقد أصابنا من تراب العقيق . قال فتقدم رجل فقرع الباب فخرجت إلينا جارية سوداء ، فقال لها الأمير : قولي لمولاك أني بالباب قال : فدخلت فأبطأت ثم خرجت فقالت : أن مولاي يقرئك السلام ويقول : أن كانت مسألة فارفعها في رقعة يخرج إليك الجواب ، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس فانصرف ، فقال لها : قولي له أن معي كتاباً من والي مكة إليه في حاجة مهمة . وقال : فدخلت وخرجت وفي يدها كرسي فوضعته ، ثم إذا أنا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار . وهو شيخ طويل مسنون اللحية وهو متطلس فرفع إليه الوالي الكتاب فبلغ إلى هذا " أن هذا رجل من أمره وحاله فتحدثه وتفعل وتصنع " ، فرمى بالكتاب من يده ثم قال : سبحان الله ! أو صار علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ بالوسائل . قال : فرأيت الوالي وقد تهيبه أن يكلمه فتقدمت إليه وقلت : ـ أصلحك الله ـ إني رجل مطلبي ومن حال قصتي ، فلما أن سمع كلامي نظر إلى ساعة وكانت لمالك فراسة فقال لي : ما أسمك؟ قلت محمد ، فقال لي يا محمد : اتق الله واجتنب المعاصي ، فإنه سيكون لك شأن من الشأن ثم قال : نعم ، وكرامة إذا كان غداً جيء ويجيء من يقرأ . قال : قلت أنا أقوم بالقراءة .
    قال فغدوت عليه وابتدأت أن اقرأه ظاهراً والكتاب في يدي فلكما تهيبت مالكاً وأردت أن أقطع أعجبه حست قراءتي وإعرابي فيقول يا فتى رد حتى قرأته في أيام يسيرة ، ثم أقمت بالمدينة حتى توفى مالك ابن أنس ، ثم خرجت إلى اليمن فارتفع لي بها الشأن وكان بها وال من قبل الرشيد ، وكان ظلوماً غشوشاً وكنت ربما آخذ علي يديه وأمنعه من الظلم . قال : وكان باليمن تسعة من العلوية قد تحركوا ـ فكتب الوالي ـ وإني أخاف أن يخرجوا وإن ههنا رجلاً من ولد شافع المطلبي لا أمر لي معه ولا نهي . قال : فكتب إليه هارون الرشيد : أن أحمل هؤلاء وأحمل الشافعي معهم . فقرنت معهم . قال : فلما قدمنا على هارون الرشيد أدخلنا عليه وعنده محمد بن الحسن قال : فدعا هارون الرشيد بالنطع والسيف ، وضرب رقاب العلوية ، ثم التفت محمد بن الحسن فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا المطلبي لا يغلبنك بفصاحته فإنه رجل لسن ، فقلت مهلاً يا أمير المؤمنين ، فإنك الداعي وأنا المدعو ، وأنت القادر على ما تريد مني ولست القادر على ما أريد منك .
    يا أمير المؤمنين ، ما تقول في رجلين : أحدهما يراني أخاه والآخر يراني عبده ، أيهما أحب إلى ؟ قال الذي يراك أخاً . قال : قلت فذاك أنت يا أمير المؤمنين . قال فقال لي : كيف ذلك ؟ فقلت يا أمير المؤمنين : انكم ولد العباس ترونا اخوتكم وهم يرونا عبيدهم ، قال : فسرى ما كان به فاستوى جالساً فقال : يا ابن إدريس كيف علمك بالقرآن ؟ قلت : : عن أي علومه تسألني ؟ عن حفظه قد حفظته ووعيته بين جنبي وعرفت وقفه وابتداءه ، وناسخه ومنسوخه وليليه ونهاريه ووحشيه وأنسيه وما خوطب به العام يراد به الخاص ، وما خوطب به الخاص يراد به العام ، فقال لي : والله يا ابن إدريس لقد أدعيت علماً فكيف علمك بالنجوم ؟ فقلت أني لأعرف منها البري من البحري والسهلي والجبلي والفيلق والمصبح وما تحب معرفته ، قال فكيف علمك بأنساب العرب ؟ قال : فقلت اني لأعرف أنساب اللئام وأنساب الكرام ونسبي نسب أمير المؤمنين قال : لقد أدعيت علماً فهل من موعظة تعظ بها أمير المؤمنين ؟ قال فذكرت موظعة لطاووس اليماني فوعظته بها ، فبكى وأمر لي بخمسين ألفاً وحملت على فرس وركبت من بين يديه وخرجت فما أن وصلت الباب حتى فرقت الخمسين ألفاً على حجاب أمير المؤمنين وبوابيه . قال : فلحقني هرثمة وكان صاحب هارون الرشيد . فقال : اقبل هذه مني . قال فقلت له : أني لا آخذ العطية ممن هو دوني وإنما آخذها ممن هو فوقي . قال : وخرجت كما أنا حتى جئت منزلي فوجهت إلى كاتب محمد بن الحسن بمائة دينار وقلت : اجمع الوراقين الليلة على كتب محمد بن الحسن وانسخها لي ووجه بها إلى . قال : فكتبت لي ووجه بها إلى .

    جمعه لشتى العلوم :
    حدث الربيع بن سليمان أنه قال ، كان الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ يجلس في حلقته إذا صلى الصبح ، فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه ، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر ، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا ، وجاء أهل العربية والعروش والنحو الشعر فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار ثم ينصرف رضى الله عنه .
    وحدث محمد بن عبد الحكم قال : ما رأيت مثل الشافعي كان أصحاب الحديث يجيئون إليه ويعرضون عليه غوامض علم الحديث ، وكان يوقفهم على أسرار لم يقفوا عليها فيقومون وهم متعجبون منه .
    وأصحاب الفقه الموافقون ، والمخالفون لا يقومون إلا وهم مذعنون له ، وأصحاب الأدب يعرضون عليه الشعر فيبين لهم معانيه ، وكان يحفظ عشرة آلالف بيت لهذيل وإعرابها ومعانيها ، وكان من أعرف الناس بالتواريخ ، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله تعالى .
    وحدث محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال : أخبرنا أبو الحسن عن عبد الرحمن عن أبي محمد ابن ابنة الشافعي . قال : سمعت الجارودي أو عمي أو أبي أو كلهم عن مسلم بن خالد : أنه قال لمحمد بن إدريس الشافعي وهو ابن ثمان عشرة سنة : " أفت يا أبا عبد الله فقد آن لك أن تفتي "
    وقال الحميدي : كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم ، حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا .
    وقال أبو إسماعيل الترمذي : سمعت اسحق بن راهوية يقول : كنا بمكة ـ والشافعي بها وأحمد بن حنبل بها ـ فقال لي أحمد بن حنبل : يا أبا يعقوب ، جالس هذا الرجل (يعني الشافعي ) قلت : ما أصنع به ، وسنه قريب من سننا ؟ أأترك ابن عيينة والمقريء ؟ فقال ويحك ، أن ذلك يفوت وذا لا يفوت ، فجالسته .
    وحدث أبو بكر بن إدريس عن الحميدي . قال : خرجت مع الشافعي إلى مصر وكان ساكنا في العلو ونحن في الأوسط فربما خرجت في بعض الليل ، فأرى المصباح فأصيح بالغلام فسمع صوتي فيقول بحقي عليه أرق فأرقي ، فإذا قرطاس وداة فأقول مه يا أبا عبد الله ، فيقول : تفكرت في معنى حديث ـ أو مسألة ـ فخفت أن يذهب على ، فأمرت بالمصباح وكتبته .
    وحدث محمد بن يحيى بن حسان قال : سمعت أحمد بن حنبل قال : " كان ـ محمد بن إدريس الشافعي ـ أفقه الناس ، في كتاب الله " عز وجل " وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يكفيه قليل الطلب في الحديث " .
    وحدث محمد بن الفضل البزار قال سمعت أبي يقول : حججت مع احمد بن حنبل ، ونزلت في مكان واحد معه أو في دار (يعني بمكة ) ، وخرج عبد الله (أحمد بن حنبل ) باكراً ، وخرجت أنا بعده ، فلما صليت الصبح ، درت المسجد ، فجئت إلى مجلس سفيان بن عبينة وكنت أدور مجلساً ، طلبا لأب عبد الله (أحمد بن حنبل) ، حتى وجدت أحمد بن حنبل ، عند شاب أعرابي عليه ثياب مصبوغة وعلى رأسه جمة ، فزاحمته حتى قعدت عند أحمد بن حنبل ، فقلت يا أبا عبد الله تركت ابن عبينة وعنده من الزهرى وعمرو بن دينار وزياد بن علاقة والتابعين ـ ما الله به عليم ؟ فقال لي : اسكت ، فإن فاتك حديث بعلو تجده بنزول ـ ولا يضرك في دينك ولا في عقلك ، وإن فاتك أمر هذا الفتى ، أخاف أن لا تجده إلى يوم القيامة ما رأيت أحداً أفقه في كتاب الله من هذا الفتى ، قلت : من هذا ؟ قال : محمد بن إدريس الشافعي ".

    تواضعه وخضوعه للحق :
    قال الحسن بن عبد العزيز الجروي (شيخ البخاري) المصري قال الشافعي : ما نظرت أحداً فأحببت أن يخطيء ، وما في قلبي من علم إلا وددت أنه عند كل أحد ولا ينسب إلى .
    وأخبر الربيع قال : سمعت الشافعي ودخلت عليه وهو مريض ، فذكر ما وضع من كتبه ، فقال لوددت أن الخلق تعلمه ولم ينسب إلى منه شيء أبداً.


    ومن أقواله رحمه الله تعالى :
    وددت أن كل علم أعلمه تعلمه الناس أوجر عليه ولا يحمدوني .
    كل ما قلت لكم ـ فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتراه حقاُ فلا تقبلوه ، فإن العقل مضطر إلى قبول الحق . ما ناظرت أحداً إلى على النصيحة .

    ورعه وعبادته :
    وحدث الربيع المرادي المصري قال : كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين مرة ، كل ذلك في صلاة .
    وحدث الربيع بن سليمان قال :قال الشافعي : ما شبعت منذ ست عشر سنة إلا شبعة طرحتها لأن الشبع يثقل البدن ، ويقسي القلب ، ويزيل الفطنة ، ويجلب النوم ويضعف صاحبه عن العبادة .

    سخاء الشافعي :
    حدث محمد بن عبد الله المصري ، قال : كان الشافعي أسخى الناس بما يجد .
    وقال عمرو بن سواد السرجي : كان الشافعي أسخى الناس عن الدنيا والدرهم والطعام ، قال لي الشافعي : أفلست في عمري ثلاث إفلاسات ، فكنت أبيع قليلي وكثيري ، حتى حلى ابنتي وزوجتي ولم أرهن قط .

    فصاحته وشعره وبلاغته وشهادة العلماء له :
    حدث الربيع بن سليمان قال : سمعت عبد الملك بن هشام النحوي صاحب المغازي يقول :" الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة " . وقال أحمد بن حنبل : كان الشافعي : " من أفصح الناس ، وكان مالك تعجبه قراءته لأنه كان فصيحاً " .
    وحدث أبو عبيد القاسم بن سلام قال : كان الشافعي ممن يؤخذ عنه اللغة " أو من أهل اللغة" .
    وقال أحمد بن أبي سريع " ما رأيت أحداً أفوه ، ولا أنطق من الشافعي " .
    وحدث أبو نعيم الاستراباذي ، سمعت الربيع يقول : لو رأيت الشافعي وحسن بيانه وفصاحته لعجبت منه ولو أنه ألف هذه الكتب على عربيته ـ التي كان يتكلم بها معنا في المناظرة ـ لم يقدر أحد على قراءة كتبه لفصاحته وغرائب ألفاظه ـ غير أنه كان في تاليفه يجتهد في أن يوضح للعوام " .
    وقال أحمد بن أبي سريع " ما رأيت أحداً أفوه ، ولا أنطق من الشافعي فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي " الشافعي " كأن كلامه ينظم درا في عنقه منة " .
    وقال الذهبي : كان حافظاً للحديث بصيراً بعلله ، لا يقبل منه إلا ما ثبت عنده ولو طال عمره لا زادت منه " .

    وفاته رحمه الله تعالى بمصر بالفسطاط سنة 204 هـ :
    حدث المزني قال : دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقلت : كيف أصبحت ؟ قال أصبحت عن الدنيا راحلاً وللإخوان مفارقاً ولكأس المنية شارباً وعلى الله جل ذكره وارداً ، ولا والله ما ادري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها أو النار فأعزيها ، ثم بكى وأنشد :
    فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي****جعلت رجائي نحو عفوك سلما قال الربيع بن سليمان : " توفي الشافعي ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة بعد ما حل المغرب ـ آخر يوم من رجب ودفناه يوم الجمعة فانصرفنا فرأينا هلال شعبان سنة أربعة ومائتين " .
    وحدث الربيع : " كنا جلوساً في حلقة الشافعي بعد موته بيسير فوقف عليا اعرابي فسلم ، ثم قال : أين قمر هذه الحلقة وشمسها ؟ فقلنا توفى ـ رحمه الله تعالى ـ فبكى بكاءً شديداً ،ثم قال : رحمه الله تعالى وغفر له . فلقد كان يفتح ببيانه مغلق الحجة ويسد في وجه خصمه واضح المحجة ويغسل من العار وجوهاً مسودة ويوسع بالرأي أبواباً مسندة ثم انصرف " .
    وقال ابن خلكان صاحب وفيات الأعيان : " وقد أجمع العلماء قاطبة من أهل الحديث والفقه والأصول واللغة والنحو وغير ذلك على ثقته وأمانته وعدله وزهده وورعه وحسن سيرته وعلو قدره وسخائه " .


    بعضٌ أشعارٌ من ديوانه :

    كتمان الأسرار:
    إذا المـرء أفشـى سـره بلسانـه

    ولام عليـه غيـره فهـو أحمـق
    إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
    فصدر الذي يستودع السر أضيـق


    حمل النفس على ما يزينها
    صن النفس واحملها على ما يزينهـا
    عش سالمـاً والقـول فيـك جميـل
    ولا تـريـن الـنـاس إلا تجـمـلاً
    نبـا بـك دهـر أو جفـاك خليـل
    وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غدٍ
    عسى نكبات الدهـر عنـك تـزول

    ولا خير فـي ود امـريءٍ متلـونٍ
    إذا الريح مالت ، مال حيـث تميـل
    وما أكثـر الإخـوان حيـن تعدهـم
    ولكنهـم فــي النائـبـات قلـيـل

    والديوان كله كامل هنا


    ~..{عبدالله بن خميس شاعر أبدع القصيدة بمداد الأديب.. وأسهم في الإعلام برؤية المثقف }..~


    ،،
    هو /عبد الله بن محمد بن خميس العامري من أهالي الدرعية، شاعر الفصحى والنبط، أحد أدباء الجزيرة البارزين، وأحد باحثيها المعنيين بآدابها ومعالمها.



    والأديب الراحل من مواليد عام 1339هـ - 1919م بقرية الملقا، بالقرب من الرياض، وهو من أعلام أدباء الجزيرة العربية ومؤرخيها.


    وتقلد الفقيد مناصب حكومية عدة؛ حيث عُيّن عام 1373هـ مديراً لمعهد الإحساء العلمي، وفي عام 1375هـ عُيّن مديراً لكليتي الشريعة واللغة العربية بالرياض. وفي عام 1376هـ عُيّن مديراً عاماً لرئاسة القضاء بالسعودية، وفي عام 1381هـ صدر مرسوم ملكي بتعيينه وكيلاً لوزارة المواصلات، وفي عام 1386هـ عُيّن رئيساً لمصلحة المياه بالرياض، وفي عام 1392هـ طلبا التقاعد للتفرغ للبحث والتأليف.

    كما كان - رحمه الله - عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العراقي، ومجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، ومجلس إدارة المجلة العربية، ومجلس إدارة مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، وجمعية البر بالرياض، وهو أول رئيس للنادي الأدبي بالرياض.



    وأصدر عام 1379هـ مجلة الجزيرة، وبذلك يُعَدّ من مؤسسي الصحافة في السعودية، وتحولت مجلة الجزيرة بعد ذلك إلى جريدة الجزيرة اليومية.



    ومثل الأديب ابن خميس - رحمه الله - السعودية في مؤتمرات أدبية وعلمية عدة، وله العديد من المشاركات الإذاعية والتلفزيونية، منها برنامجه الإذاعي "مَنْ القائل"، الذي استمر أربع سنوات، وبرنامجه التلفزيوني مجالس الإيمان. ونشرت له الصحافة السعودية والعربية العديد من البحوث والمقالات.



    وأثرى الفقيد المكتبة العربية بعشرات الكتب في الأدب والشعر والنقد والتراث والرحلاتز


    .{من كتبه . .


    "تاريخ اليمامة" - سبعة أجزاء

    "المجاز بين اليمامة والحجاز" - جزء


    "على ربى اليمامة" - جزء

    "من القائل" - أربعة أجزاء
    "معجم اليمامة" - جزءان
    "معجم جبال الجزيرة" - خمسة أجزاء
    "معجم أودية الجزيرة " - جزءان
    "معجم رمال الجزيرة" - جزء
    "راشد الخلاوي" - جزء، "الشوارد" - ثلاثة أجزاء
    "من أحاديث السمر" - جزء
    "الدرعية" - جزء
    "شهر في دمشق" - جزء
    "محاضرات وبحوث" - جزء
    "من جهاد قلم" - جزء
    "فواتح الجزيرة" - جزء
    "أهازيج الحرب أو شعر العرضة" - جزء
    "الأدب الشعبي بجزيرة العرب" - جزء
    "بلادنا والزيت" - جزء
    "الديوان الثاني" - جزء
    "رموز من الشعر الشعبي تنبع من أصلها الفصيح" - جزء
    "جولة في غرب أمريكا" - جزء
    "تنزيل الآيات - شواهد الكشاف" - جزء
    "إملاء ما مَنّ به الرحمن" - جزءان
    "أسئلة وأجوبة" - جزء.










    .{قصائده . .


    كان الشعر من أهم الجوانب في حياته الاجتماعية فينظم الشعر في أغلب المناسبات الوطنية والعربية والإسلامية وكانت المساجلات الشعرية والإسلاميات والفلسطينيات

    وشعر الطبيعة والمراثي من أهم قصائده الشعرية :


    عاثوا ولكنْ لم تَطْل أيامُهم = فعِدادُ أيامِ البغاةِ قصِارُ



    سفكوا دماءَ الأبرياءِ فخانَهم = لمصارع السوءِ المبيرِ بَوارُ



    يا ويحَهم لم يعرفوا أنّ الحِمى = طَوْدٌ وأنّ حماتَه أحرارُ



    تتحطّمُ الرغباتُ دونَ سُفوحِهِ = ويذوبُ دونَ مرامِه الجبّارُ



    لم يبنِه (عبدُالعزيزِ) على شَفا = مترنّحٍ يَلوْيِ به الإعصارُ






    رسختْ قواعدُه وصانَ بناءَه = غُلبٌ، إذا داناه غِرُّ ثاروا



    فعليه مِن شُهبِ السمّاءِ مصاقع = تَرمِي العُداةَ، وللهُدَى أقْمار



    ما أخلفوا (عبدالعزيزِ) وإنَّهم = لَعَلى مَحَجَّةِ هَدْيِهِ قد ساروا



    في أُمَّةٍ ما كانَ في تاريِخها = غَمْزٌ ولا أزْرىَ بها استعمارُ



    ضَنَّتْ بمبدئِها الأَصيلِ عروبةً = ولها بما شَرَعَ الإلَهُ فَخارُ



    ورعَتْ لقادتِها الأباةِ صنيعهَم = في الحُكْمِ، لا ظُلْمٌ ولا استكبارُ






    فتواشَجَتْ صِلَةُ المحبّةِ بينهَم = فهمُ لصالح أمرِهم أنْصارُ



    يا ويحَ من جعَل الديانَةَ سُلّماً = تُقْضى بها الثاراتُ والأَوطارُ



    ويخوضُ فيها جاهلٌ متَأوّلٌ = تأبَى فجاجة خَوْضِهَ الآثارُ



    نكروا على سنَنِ الأئمِة نَهْجَهم = وتأوَّلوا فِقْه الحديثِ فجاروا



    أفَأنَتْمُ أَدْرى بُسنّةِ أحمدٍ = أمْ أهلهُا الأفذاذُ والأطهارُ؟!



    أوَتَسْمعُ الدُّنيا لِنَأمَةِ ناعِقٍ = ويُثارُ في الهَدْيِ المبينِ غبارُ؟!



    هذا سبيلٌ للخوارجِ قَبْلهَم = أغراهُمُ ورماهُمُ الغَرّارُ



    قد كفّروا أهْلَ الصغائر عنوةً = فالمسلمونَ -بزعْمِهم- كُفّارُ



    فتجاهلوا واستنَكفُوا أنْ يَسمعوا = وأشاحت الأعناقُ والأبصارُ



    يا للغرورِ فهَذهِ آثارُه = ومنِ الحِوادثِ ما بِه إنذارُ



    فاقطعْ إمامَ المسلمين جذورَهم = كي لا تعود لفتنةٍ أظْفارُ



    وَكّلْ بقادةِ أمرِهم سيفَ القَضا = والتابعون وكيلهم (دَوّارُ
    .{قصيدته في زوجته . .

    أأرحل قبلك أم ترحلين..؟

    وتغرب شمسي أم تغربين


    ويَنْبَتُّ ما بيننا من وجود

    ونسلك درب الفراق الحزين
    ويذبل ما شاقنا من ربيع
    تؤرجه نفحة الياسمين
    وتسكب سحب الأسى وابلاً
    على مرقدٍ في الثرى مستكين
    /
    فإن كُنْتُ بادئ هذا الرحيل
    فيا حزن رُوْحٍ براها الحنين
    وإن كُنتِ من قد طواها المدى
    فيا فجعة لفؤادي الطعين
    لقد كُنتِ لي سعد هذا الوجود
    ويا سعدنا بصلاح البنين
    هُمُ الذخر دوماً بهذي الحياة
    وهم كنزنا بامتداد السنين
    /

    سلكنا سويا طريق الحياة

    وإن شابها كدرٌ بعض حين


    لقد كُنتُ نعم الرفيق الوفيّ

    وأنتِ كذاك الرفيق الأمين
    لك الحمد يا رب أن صغتها
    خدينة دينٍ وعقلٍ رصين
    تسابقني في اصطناع الجميل
    وتغبطني في انثيال اليمين
    فيا زخَّة من سحاب رهيف
    ويا نفحة من سنا المتقين
    حياتي بدونك حرٌّ وقرٌّ
    وأنت على صدق ذا تشهدين
    وينفض سامرنا موغلا
    رحيلاً إلى أكرم الأكرمين


    ،،


    .{قصائد نجديه . .



    "قال هذه الأبيات في جبل طويق"



    أحبب بسفح طويق انه جبل = ممراع مجد لمعتام ومشتاري



    تفيأته تميم في فتوتها = واستقدحت من ذراه زندها الواري



    وعامر وقشير والألى سلفوا = من جعدة في ربى كرز وهدار



    ومن حنيفة حيث العرض مرتفقا = يفيض في عدوتيه ماؤه الجاري



    أحب فيك طويق كل فارعة = شماء في مستجار فرعها عاري



    وأعشق الصفحة البيضاء معرضة = مثل السبيكة في تفويف زنار



    وكنت أبعث ألحاني مولهة = واليوم حطمت الا فيك قبثاري



    واخترت من حضنك الممراع وادعة = في ربوة ذات أسرار وآثار



    جبل على فوديه طامنت السهى = من جانبيها فازدهى وتغزلا



    منه القوافي الفاتنات تبلجت = حوراء رائعة تبرج في الحلى


    بيضا غرانق يستريح لشدوها = طير السماء ويستجيب مهللا



    ما لابن كلثوم عليه من يد = شروى يديك وقد بسطت وأجملا



    وكأن ماأرسى الجزيرة كلها = طود اليمامةراسخا ومكللا



    عدنان أو قحطان عنه تلقيا = ما نصت الفصحى أغر محجلا



    يا أيها الجبل الأشم تحية = تزجي اليك فرائضا ونوافلا



    ليست من اللغو الأثيم وانما = من منكبيك سمت اليك تفاؤلا



    من لصب ضاعف النأى هيامه = مدنف حن الى حجر اليمامة



    كلما رق له ريح الصبا = عاج توا عله يروي أوامه



    واذا ما أنجدت سارية = حمل البرق مناه وسلامه



    حبذا حجر ومن يسكنه = وأهيل الود من وادي ثمامة



    وقضى الأعشى عليها نحبه = ما قضى صناجة العرب مرامه



    يا جاثما بالكبرياء تسربلا = هلا ابتغيت مدى الزمان تحولا



    شاب الغراب وأنت جلد يافع = ما ضعضعت منك الحوادث كاهلا



    وأراك معتدل المناكب سامقا = تبدو بك الشم الرعان مواثلا



    وكأن عمروا خالها اذا أعرضت = مثل السيوف المصلتات نواحلا



    يا أيها العملاق زدنا خبرة = عمن أقاموا في ذراك معاقلا



    واقصص علينا اليوم من أخبارهم = ما ثم من أحد يجيب السائلا



    عن طسم حدثنا وعن جبروتها = لما استباحت من جديس عقائلا



    وجديس اذ هبت لتثأر منهم = تخفي لهم تحت الرغام مناصلا






    واذكر عن الزرقاءما فاهت به = عن نظرة تطوي الحزون مراحلا



    واذكر حديثا عن مسهبا = واذكر ربيعة في حماك وائلا



    واقصص عن الأعشى وهوذة والألى = من بعدهم ملأوا الحياة فضائلا



    حيث انبرى وادي حنيفة صارخا = في أمة تدعو القبور وسائلا







    .{ . . . . . . . . .




    كتاب وقارئ



    عبدالله بن خميس ناثراً


    تأليف: هيا بنت عبدالرحمن السمهري.



    إن الوفاء للكبار من أسمى وأنبل الخصال التي يستحق المرء عليها الإشادة والثناء والمحبة.



    ولعل من أبرز علمائنا وروادنا الذين بحثوا وكتبوا ودونوا تاريخ الجزيرة العربية وجغرافيتها الشيخ الأديب والشاعر الكبير عبد الله بن خميس (رحمه الله).


    ويستعرض هذا المؤلف -وهو في الأصل رسالة الماجستير- الذي قامت بتأليفه الأستاذة هيا بنت عبد الرحمن السمهري عن هذا العلم، ونوقشت الرسالة في عام 1425ه. وقد أوردت فيه الكثير عن المعلومات الشخصية للمترجم له بالإضافة إلى الإفادات الشفهية مع تتبع الأوراق والوثائق الشخصية التي لم تر النور. إلا تلك الإضمامات التي نقلتها الباحثة من مكتبته الخاصة..

    قدمت الباحثة إهداءها إلى هذا العلم بالقول : إلى الشيخ عبد الله بن محمد بن خميس كلمة وفاء تعلمتها من تاريخ مشرق بثراء العربية وشموخها ثم أتبعتها الباحثة بقصيدة تدل على إجادتها وعنايتها وإلمامها بإنشاد الشعر بالقول :
    بسطت دراستنا مسيرة مبدع أجرى القريض بفكره أنهارا.
    وهذه لمسة وفاء ليست مستغربة على الباحثة الكريمة حيث تدل على خلق وأدب جميل وفقها الله للخير.



    .{ . . . . . . . . .

    ابن زيدون يقول بعد وفاته

    ،،،


    يا رائد الشعر إبداعاً وتلوينا

    كيما تخلد منه الخُرَّد العِينا


    ألهمتَه نفثات السحر راقصة

    ورُضته ليكون الدرَّ موضونا
    كنا نعدُّ رقيق الشعر مثلبةً
    ونركب الصعب من قبل ابن زيدونا
    فاقتاده مترف الألفاظ طيِّعها
    يكاد ينقدُ من أطرافه لينا
    وكان شعر الفراقيات نسمعهُ
    فلا نحس بكاء منه يبكينا
    حتى تغنّى لسان الدهر مرتجلا
    أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
    وما تأتَّت لموهوب مقابلة
    كشارد من بديع الشعر يروونا
    سرّان في خاطر الظلماء يكتمنا
    حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
    أبقيت في الشعر -عَبْر الدهر- معجزة
    تكاد تُعرف في شرع الهوى دينا
    فكر تفتَّقَ إلهاماً وموهبة
    وضاحكاً من مناخ العُرْب مفتونا
    في مسترادٍ خصيب ساحر عبِقٍ
    يشدو به الطير تطريباً وتلحينا
    يستنزل الشعر رهواً من مفاتنه
    وينفث السحر إلهاماً أفانينا
    تغدو به الغيد أسراباً يرنِّحها
    سُكْر الصبا ويثنِّيها رياحينا
    من كل فاتنة قال الجمال لها
    يا آية الله كوني ما تكونينا
    ما لي إليك سبيل فاذهبي طلقاً
    لم يبدع الله أحلى منك تكوينا
    أبا الوليد لقاح الشعر ما سُكِبتْ
    فيه الملاحة تدبيجاً وتزييناً









    وفي الختام أحب أن أشكر أختي وصديقتي الغالية هـالة
    على فواصلها الجميلة فجزاها الله خيراً...
    وجزاكم الله خيرا ً ، وأستودعكم الله حتى نلتقى مــع أول أديب أو شاعر ...

    التعديل الأخير تم بواسطة معتزة بديني ; 28-5-2011 الساعة 01:10 AM

  2. #2

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::



    أول شاعر وددت أن أبدء به هذه الموسوعة هو من لقب بشاعر الرسول صلّ الله عليه وسلم { حسان بن ثابت} :
    حسان بن ثابت الأنصاري شاعر عربي وصحابي من الأنصار، كان شاعرًا معتبرًا يفد على ملوك آل غسان في الشام قبل إسلامه، ثم أسلم وصار شاعر الرسول صلّ الله عليه وسلم بعد الهجرة.
    حياته :
    هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي من قبيلة الخزرج التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز، وأقامت في المدينة مع الأوس ، وهو ليس خزرجياً فحسب بل هو ومن بني النجار أخوال عبدالمطلب بن هاشم جد النبي صلّ الله عليه وسلم من قبيلة الخزرج ، ويروى أن أباه ثابت بن المنذر الخزرجي كان من سادة قومه، ومن أشرفهم، وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية. ولد 60 قبل الهجرة على الأرجح صحابي وكان ينشد الشعر قبل الإسلام ، وكان ممن يفدون على ملوك الغساسنة في الشام ، وبعد إسلامه اعتبر شاعر النبي صلّ الله عليه وسلم .
    وأهدى لهُ النبي صلوات الله وسلامه عليه جارية قبطية قد اهداها لهٌ المقوقس ملك القبط واسمها سيرين بنت شمعون فتزوجها حسان وأنجبت منهُ ولدهُ عبدالرحمن ، وحسن إسلامها وهي أخت زوجة الرسول مارية القبطية .
    ولقد سجلت كتب الأدب والتاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها في هجاء الكفار ومعارضتهم، وكذلك في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم. وأصيب بالعمى قبل وفاته، ولم يشهد مع النبي مشهدًا لعلة أصابته ويعد في طبقة المخضرمين من الشعراء لأنه أدرك الجاهلية والإسلام.فعاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة أخرى.

    شعره :
    واشتهرت مدائحه في الغسانين قبل الإسلام، ومن أشهر ما وصلنا من تلك القصائد لاميته التي جاء فيها:
    لله درّ عصابةٍ نادمتهم
    يوماً بجـِلَّقَ في الزمان الأولِ أولاد جفنة حول قبر أبيهمُ
    قبر ابن مارية الكريم المفضلِ يسقون من ورد البريص عليهمُ
    برَدى يصفّق بالرحيق السلسلِ بـِيضُ الوجوه كريمةُ أحسابهم
    شمَ الأنوف من الطراز الأولِ يغشون حتى ما تهرّ كلابهم
    لا يسألون عن السواد المقبلِ

    يؤكد الناقدون أن ما نظمه حسان بعد إسلامه افتقر إلى الجزالة وقوة الصياغة التي كانت له في الجاهلية. ولكنه في مقابل ذلك كان يتمتع بقدر كبير من الحيوية والرقة والسلاسة، ويتوهج من حين إلى آخر بتدفق عاطفي يكشف عما في قلبه من دفء وحرارة. ويتفق النقاد على أن أساليب حسان بن ثابت بعد إسلامه قد سلمت من الحوشية والأخيلة البدوية، ولكن خالطها لين الحضارة، ولم تخل في بعض الأغراض من جزالة اللفظ وفخامة المعنى والعبارة كما في الفخر والحماسة والدفاع عن النبي ووصف رسالته وما إلى ذلك مما ينبثق من العاطفة الحقَّة والعقيدة النفيسة، قال حسان:
    نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
    فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا يلوح كما لاح الصقيل المهنـد

    وأنذرنا نارًا وبشر جــنة وعلمنا الإسلام، فالله نحــمد

    وأنت إله الخلق ربي وخالقي بذلك ما عمرت في الناس أشهد


    ويلحق بهذا المدح رثاء محمد- صلى الله عليه وسلم- فقد ذرف الشاعر دموعًا حارة، وضمنه لوعة وتذكرًا لأفضال رسول الدين الجديد، وحنينًا إليه في النعيم:
    مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذلك اليوم أسعى وأجهد



    هجائه للمشركين:
    أما أسلوبه في هجائه فقد كان يعمد إلى الواحد منهم فيفصله عن الدوحة القرشية، ويجعله فيهم طائرًا غريبًا يلجأ إليها كعبد، ثم يذكر نسبه لأمه فيطعن به طعنًا شنيعًا، ثم يسدد سهامه في أخلاق الرجل وعرضه فيمزقها تمزيقًا في إقذاع شديد، ويخرج ذلك الرجل موطنًا للجهل والبخل والجبن والفرار عن إنقاذ الأحبة من وهدة الموت في المعارك.
    ويذكر إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "اهجُ قريشًا، فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل"، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: "اهجهم"، فهجاهم فلم يُرْضِ، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنَبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحقَ! لأفرينَّهم بلساني فرْيَ الأديم.. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا، حتى يلخص لك نسبي"، فأتاه حسان، ثم رجع فقال: يا رسول الله، قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق!! لأسلنَّك منهم كما تسل الشعرة من العجين.. قالت عائشة: فسمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول لحسان: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله"، وقالت: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "هجاهم حسان، فشفى واشتفى".

    آثاره :
    اتفق الرواة والنقَّاد على أن حسان بن ثابت أشعَر أهل المدر في عصره، وأشعر أهل اليمن قاطبةً، وقد خلف ديوانًا ضخمًا رواه ابن حبيب، غير أن كثيرًا من الشعر المصنوع دخله؛ لأنه لما كان لحسان بن ثابت موقف خاص من الوجهة السياسية والدينية، دُسَّ عليه كثير من الشعر المنحول، وقام بهذا العمل أعداء الإسلام، كما قام به بعض كُتَّاب السير من مثل ابن إسحاق.

    وقال أبو عبيدة : فضل حسان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام.
    وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم:
    { سعيد بن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام } .

    النحل على لسانه :

    نظرًا لمكانته كشاعر الرسول، فقد لقي حسان بن ثابت من نحل الأبيات والقصائد على لسانه ما لم يلقه كثير من الشعراء، كما أدت المنافسة بين قريش والأنصارفي عهد بني أمية ، ثم الصراع بين القبائل اليمانية (الذين منهم الخزرج قوم حسان) والقبسية إلى المزيد من القصائد المختلقة على لسانه. وقد أشار إلى ذلك النقاد الأولون، يقول ابن سلام الحمحي :
    { وقد حمل عليه ما لم يحمل على أحد. لما تعاضدت قريش واستبت، وضعوا عليه أشعارا كثيرة لا تنقى.}
    وقد حذف ابن هشام من سيرة ابن اسحاق خمس عشرة قصيدة منسوبة إلى حسان، عشر منها قد وردت في ديوانه، ويقدّر أحد الباحثين المعاصرين نسبة الأشعار المنحولة في ديوان حسان بن ثابت بما بين 60 و 70%.

    قصائده :

    عفـتْ ذاتُ الأصابـعِ فالجـواءُ إلـى عـذراءَ منـزلـها خـلاءُ
    ديارٌ منْ بَنِـي الحسحـاسِ قفـرٌ تعفيهـا الـروامـسُ والسمـاءُ
    وكانـتْ لا يـزالُ بِهـا أنيـسٌ خـلالَ مروجهـا نعـمٌ وشـاءُ
    فدعْ هـذا، ولكـن منْ لطيـفٍ يـؤرقنِـي إذا ذهـبَ العشـاءُ
    لشعثـاءَ التـي قـدْ تيـمـتـهُ فليـسَ لقلبـهِ منهـا شـفـاءُ
    كـأنّ سبيئـةً مـن بيـتِ رأسٍ يكـونُ مزاجهـا عسـلٌ ومـاءُ
    عَلى أنيابـها، أو طعـمَ غـضٍّ مـنَ التفـاحِ هصـرهُ الجـنـاءُ
    إذا ما الأسربـاتُ ذكـرنَ يومـًا فهـنّ لطيـبِ الـراح الـفـداءُ
    نوليهـا الـملامـةَ، إنْ ألـمنـا إذا ما كـانَ معـثٌ أوْ لـحـاءُ
    ونشـربـها فتتركنـا ملـوكـًا وأسـدًا مـا ينهنهنـا اللـقـاءُ
    عدمنـا خيلنـا، إنْ لَـم تروهـا تثيـرُ النقـعَ، موعدهـا كـداءُ
    يبـاريـنَ الأسـنـةَ مصعـداتٍ عَلى أكتافهـا الأسـلُ الظمـاءُ
    تـطـلُّ جيـادنـا متمطـراتٍ تلطمهـنّ بالخمـرِ الـنـسـاءُ
    فإمـا تعرضـوا عنـا اعتمرنـا وكانَ الفتحُ، وانكشـفَ الغطـاءُ
    وإلا، فاصبـروا لـجـلادِ يـومٍ يـعـزُّ اللهُ فيـهِ مـنْ يـشـاءُ
    وجبـريـلُ أميـنُ اللهِ فـيـنـا وروحُ القـدسِ ليـسَ لهُ كفـاءُ
    وقالَ اللهُ : قـدْ أرسلـتُ عبـدًا يقـولُ الحـقَّ إنْ نفـعَ البـلاءُ
    شهـدتُ بـهِ فقومـوا صدقـوهُ فقلتـمْ : لا نـقـومُ ولا نشـاءُ
    وقالَ اللهُ : قـدْ يسـرتُ جنـدًا همُ الأنصـارُ، عرضتهـا اللقـاءُ
    لَنَـا فِي كـلّ يـومٍ مـنْ معـدٍّ سبـابٌ، أوْ قتـالٌ، أوْ هجـاءُ
    فنحكمُ بالقَوافِـي مـنْ هجانـا ونضربُ حيـنَ تَختلـطُ الدمـاءُ
    ألا أبـلـغْ أبـا سفيـانَ عنِّـي فأنتَ مجـوفٌ نَخـبٌ هـواءُ
    بـأنّ سيوفنـا تركتـكَ عبـدًا وعبـدَ الـدارِ سادتـها الإمـاءُ
    هجوتَ محمـدًا، فأجبـتُ عنـهُ وعنـدَ اللهِ فِـي ذاكَ الـجـزاءُ
    أتَهجوهُ، ولسـتَ لـهُ بكـفءٍ فشركمـا لخيـركمـا الفـداءُ
    هجوتَ مباركـًا، بـرًا، حنيفـًا أميـنَ اللهِ، شيـمـتـهُ الوفـاءُ
    فمنْ يهجـو رسـولَ اللهِ منكـمْ ويَمـدحـهُ، وينصـرهُ سـواءُ
    فـإنّ أبِـي ووالـدهُ وعرضـي لعـرضِ محمدٍ منكـمْ وقـاءُ
    فـإمـا تثقفـنّ بـنـو لـؤيٍ جذيـمـةَ، إنّ قتلهـمُ شفـاءُ
    أولئـكَ معشـرٌ نصـروا علينـا ففـي أظفـارنـا منهـمْ دمـاءُ
    وحلفُ الحـارثِ بن أبِي ضـرارٍ وحلـفُ قـريظـةٍ منـا بـراءُ
    لسانِـي صـارمٌ لا عيـبَ فيـهِ وبَـحـري لا تكـدرهُ الـدلاءُ

    قصائد أخرى :
    - نجى حكيما


    - والله ربي


    - رسم دارسة


    - جزى الله


    - تأوبني ليل بيثرب


    - بطيبـةَ رسـم للرسـول


    - الله أكـرمنـا


    - أبوك أبوك


    -ان الذوائب



    وفاته
    توفي حسان بن ثابت في المدينة المنورة سنة (54هـ= 673/674م) في عهد معاوية بن أبي سفيان عن عمر قد ناهز المائة والعشرين عامًا.

    المراجع
    - صحيح مسلم
    - سير أعلام النبلاء
    - الإصابة في تميز الصحابة
    - ويكيبيديا
    - شعر الدعوة الإسلامية في عهد النبوة والخلفاء الراشدين

    وفي إنتظار مشاركاتكم لإثراء هذه الموسوعة



  3. #3

    الصورة الرمزية Fifa san

    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المـشـــاركــات
    6,249
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    أهلا بك أختي معتزة
    كم هي رائعة هذه الفكرة
    فكم كان هناك من شعراء سطروا كلماتهم بحروف من ذهب
    بإذن الله ستكون لي عودة لأحد الشعراء
    شكرا لك معتزة على كل ماتقدمينه

  4. #4

    الصورة الرمزية blue star

    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المـشـــاركــات
    3,034
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكمــ السلامــ ورحمة الله وبركاتهــ ..

    أهلاً معتزة .. كيف حاالكـ ؟!

    .gif" border="0" alt="" title="0" class="inlineimg" />

    شكراً لكــِ على موضوعكـ المفيد ..

    سأضيف عن شاعرة من شعراء العصر الأسلامى ..

    وهى الخنساء ..

    ..

    _ التعريف بالشاعرة _

    هى تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السُلمية ..

    لقبت بالخنساء ؛ لجمال أنفها ..

    وهى شاعرة مخضرمة .. أى عاشت فى الجاهلية وأدركت الأسلام فأسلمت ..

    وكانت الخنساء تمثل أروع معانى الحب بين الاخوان ..

    حيث أن أجود شعرها فى رثاء اخويها صخر ومعاوية ..

    ..

    _ مأساتها _

    فى الجاهلية ..

    قتل هاشم ودريد ابنا حرملة أخاها معاوية ..

    وقامت الخنساء بتحريض أخيها الأصغر صخر بالثأر ..

    واستطاع الأخير قتل دريد انتقاماً لأخيه ..

    ولكنه أصيب وتوفي فى عام 615 م ..

    وبرغم أنه كان لها أخ شقيق قد قتل قبل صخر – وهو شقيقها معاوية بن عمرو الذي رثته أيضا ..

    لكن صخر هو أحب أخوان الخنساء إلى قلبها ..

    حيث كان حليماً جوداً محبوباً بين أبناء العشيرة .. وكان يقف دائما إلى جانبها

    يمد لها يد العون ويرعاها ..

    ولما قتل أخوها صخر أخذت ترثيه .. وذاع صيت مرثيتها أو بكائيتها بين العرب ..

    حيث أصبحت مرثيتها الحزينة الأكثر تداولا من باقي أشعارها ..

    ..

    _ إسلامها _

    حينما علمت ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قدمت على النبي مع

    قومها بني سليم فأسلمت معهم ..

    وقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجب بشعرها ..

    ولعل موقفها يوم القادسية لخير دليل على صبرها وثباتها وحسن ايمانها ..

    فقد خرجت في هذه المعركة مع المسلمين في عهد عمر ومعها أبناؤها الأربعة ..

    وهم عمرة ، عمرو ، معاوية ، ويزيد ..

    وهناك وقبل بدء القتال أوصتهم فقالت :

    يا بني لقد أسلمتم طائعين ..

    وهاجرتم مختارين ..

    ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ..

    ما خنت أباكم ..

    ولا فضحت خالكم .. ..

    إلى أن قالت :

    فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين ..

    فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ..

    وبالله على أعدائه مستنصرين ..

    وعندما دارت المعركة استشهد أولادها الأربعة واحداً بعد واحد ..

    وحينما بلغ الخنساء خير مقتل أبنائها الأربعة قالت :

    الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ..

    وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته ..

    ..

    وقد توفت الخنساء مع مطلع خلافة عثمان بن عفان ..

    ..

    _ ومن شعرها _

    ( 1 )

    أبكـي على البطـل الـذي .. جللتـم صخـرا ثقـــالا

    مـا بالسيـف يركـب .. رمـحـه حـالا فحــالا


    يـا صخـر من للخيـل إذ .. ردت فـوارسهـا عجــالا

    متسربلـي حلـق الحديـد .. هم فيـه جـمـالا

    ويلـي عليـك إذا تـهـب .. الـريـح بـاردة شـمـالا

    والـحيـدر الصـراد لـم .. يـك غيمهـا إلاّ طــلالا

    خيـر البـرية فـي قـرى .. صخـر وأكرمهـم فعـالا

    وهـو الـمؤمـل والـذي .. يرجـى وأفضلهـا نـوالا

    ( 2 )

    أعَينَـيَّ جُـودا ولا تـجمـدا .. ألا تبكيـان لصخـر الـنَّـدى

    تبكيـان الجـريءَ الجميـل .. ألا تبكيـان الفتـى السَّـيِّـدا

    طـويل النَّجـاد رفيـع العِمَـ .. ـاد سـادَ عشيـرَتَـهُ أمـــردا

    إذا القـوم مـدَّوا بأيـديهــم .. إلـى الـمجد مـدَّ إليـه يـدا

    فنـال الـذي فـوق أيديهـم .. من الـمجد ثم مضـى مُصعِـدا

    يكلِّفـهُ القـوم مـا عـالهـم .. وإن كـان أصغرهـم مَولِـدا

    ترى المـجد يهـوى إلى بيتـه .. يرى أفضل الكسب أن يُحمَـدا

    وإن ذُكِـرَ المـجـدُ ألفيتـهُ .. تـأزَّر بالمـجد ثـم ارتـدى

    غيـاثُ العشيـرة إن أمحلـوا .. يُهينَ التِّـلادِ ويُحيـى الجـدا

    ..

    _ المصدر _

    ما تعلمته فى مدرستى أضافة الى بعض المواقع المتعددة ..

    ..

    شكرا مرة أخرى معتزة ..

    وأنتظر مشاركات باقى الأعضاء باذن الله ..

    فى حفظ المولى _ عز وجل _ ..
    التعديل الأخير تم بواسطة blue star ; 14-2-2011 الساعة 11:40 AM

  5. #5

    الصورة الرمزية Rampo

    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المـشـــاركــات
    692
    الــــدولــــــــة
    تركيا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    أنا أيضاً لي عودة إن شاء الله

  6. #6

    الصورة الرمزية ابن القلعة

    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المـشـــاركــات
    1,582
    الــــدولــــــــة
    المغرب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    لي عودة إن شاء الله لإثراء الموضوع

  7. #7

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


    بورك فيك أختي ، فكرة جميلة وهادفة ، منذ رؤيتي للموضوع فكرت بأن أشارك ..



    وما دمت قد أضفتي شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فسأضع الشاعر الثاني وهو الصحابي الجليل "عبد الله بن رواحة" رضي الله عنه :




    عبد الله بن رواحة الأنصاري :


    الأَمِيْرُ، السَّعِيْدُ ، الشَّهِيْدُ ، أَبُو عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ ، البَدْرِيُّ ، النَّقِيْبُ ، الشَّاعِرُ .


    يُكْنَى: أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَأَبَا رَوَاحَةَ ، وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ .


    وَهُوَ خَالُ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ .


    وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ الأَنْصَارِ .


    بَعَثَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - سَرِيَّةً فِي ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً ، إِلَى أُسَيْرِ بنِ رِزَامٍ اليَهُوْدِيِّ بِخَيْبَرَ ، فَقَتَلَهُ .


    قَالَ الوَاقِدِيُّ : وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِصاً عَلَى خَيْبَرَ .


    قَالَ قُتَيْبَةُ : ابْنُ رَوَاحَةَ ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ أَخَوَانِ لأُمٍّ .


    عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى : أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ ، فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُوْلُ : (اجْلِسُوا) .


    فَجَلَسَ مَكَانَهُ خَارِجَ المَسْجِدِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ( زَادَكَ اللهُ حِرْصاً عَلَى طَوَاعِيَةِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ ) .


    قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنْ كُنَّا لَنَكُوْنُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّفَرِ فِي اليَوْمِ الحَارِّ مَا فِي القَوْمِ أَحَدٌ صَائِمٌ إِلاَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ .


    قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ : كَانَ شُعَرَاءُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ ، وَحَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ ، وَكَعْبَ بنَ مَالِكٍ .


    كَانَ حَسَّان ؛ وَكَعْبٌ يُعَارِضَانِ المُشْرِكِيْنَ بِمِثْلِ قَوْلِهِم بِالوَقَائِعِ ، وَالأَيَّامِ ، وَالمَآثِرِ ، وَكَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ يُعَيِّرُهُم بِالكُفْرِ ، وَيَنْسِبُهُم إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا وَفَقِهُوا كَانَ أَشدَّ عَلَيْهِم .


    لَمَّا جَهَّزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مُؤْتَةَ الأُمَرَاءَ الثَّلاَثَةَ، فَقَالَ: (الأَمِيْرُ زَيْدٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ فَابْنُ رَوَاحَةَ ) .


    فَلَمَّا قُتِلاَ، كَرِهَ ابْنُ رَوَاحَةَ الإِقْدَامَ، فَقَالَ:


    أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلَنَّـــهْ ... طَائِعَــــــــةً أَوْ لاَ لَتُكْرَهِنَّـــــــهْ


    فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِيْنَ الجَنَّهْ


    فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.


    قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: (كَيْفَ تَقُوْلُ الشِّعْرَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُوْلَ؟) .


    قُلْتُ: أَنْظُرُ فِي ذَاكَ، ثُمَّ أَقُوْلُ.


    قَالَ: (فَعَلَيْكَ بِالمُشْرِكِيْنَ) .


    ولَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ شَيْئاً، ثُمَّ قُلْتُ :


    فَخَبِّرُوْنِي أَثْمَانَ العَبَاءِ مَتَى ... كُنْتُمْ بَطَارِقَ أَوْ دَانَتْ لَكُم مُضَرُ؟


    فَرَأَيْتُهُ قَدْ كَرِهَ هَذَا أَنْ جَعَلْتُ قَوْمَهُ أَثْمَانَ العَبَاءِ ، فَقُلْتُ :


    يَا هَاشِمَ الخَيْرِ، إِنَّ اللهَ فَضَّلَكُمْ ... عَلَى البَرِيِّةِ فَضْلاً مَا لَـــــهُ غِيْـــــرُ


    إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيْكَ الخَيْرَ أَعْرِفُهُ ... فِرَاسَةً خَالَفَتْهُم فِي الَّذِي نَظَرُوا


    وَلَوْ سَأَلْتَ إِنْ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ ... فِي حِلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلاَ نَصَرُوا


    فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيْتَ مُوْسَى وَنَصْراً كَالَّذِي نُصِرُوا


    فَأَقْبَلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَجْهِهِ مُسْتَبْشِراً، وَقَالَ: (وَإِيَّاكَ فَثَبَّتَ اللهُ) أخرجه ابن سعد ، وابن هشام .


    عَنْ أَنَس، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ، وَابْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَقُوْلُ :


    خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيْلِهِ ... اليَوْمَ نَضْرِبْكُم عَلَى تَنْزِيْلِهِ


    ضَرْباً يُزِيْلُ الهَامَ عَنْ مَقِيْلِـــهِ ... وَيُذْهِلُ الخَلِيْلَ عَنْ خَلِيْلِــهِ


    فَقَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ! فِي حَرَمِ اللهِ، وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُوْلِ اللهِ تَقُوْلُ الشِّعْرَ؟


    فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خَلِّ يَا عُمَرُ، فَهُوَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ) .


    وَفِي لَفْظٍ: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَلاَمُهُ عَلَيْهِم أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ النَّبْلِ) رواه الترمذي .


    قال المرزباني في «معجم الشعراء» : (كان عظيم القدر في الجاهلية والإسلام، وكان يناقض قيس بن الخطيم في حروبهم، ومن أحسن ما مدح به النّبيّ صلى الله عليه وسلم قوله:


    لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر


    قال حسّان بن ثابت - رضي الله عنه- يبكي جعفرا وصاحبيه:


    تأوّبني ليل بيثرب أعسر ... وهمّ إذا ما نوّم الناس مسهر


    لذكرى حبيب هيّجت ثمّ عبرة ... سفوحا وأسباب البكاء التذكر


    بلاء وفقدان الحبيب بليّة ... وكم من كريم يبتلى ثمّ يصبر


    رأيت خيار المؤمنين تواردوا ... شعوب وقد خلّفت فيمن يؤخّر


    فلا يبعدنّ الله قتلى تتابعوا ... بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر


    وزيد وعبد الله حين تتابعوا ... جميعا وأسباب المنيّة تخطر


    غداة غدوا بالمؤمنين يقودهم ... إلى الموت ميمون النّقيبة أزهر


    أغرّ كلون البدر من آل هاشم ... أبيّ إذا سيم الظّلامة مجسر


    فطاعن حتى مات غير موسّد ... بمعترك فيه القنا يتكسّر


    فصار مع المستشهدين ثوابه ... جنان وملتفّ الحدائق أخضر


    وكنا نرى في جعفر من محمّد ... وفاء وأمرا حازما حين يأمر


    فما زال في الإسلام في آل هاشم ... دعائم عزّ لا ترام ومفخر


    هم جبل الإسلام والناس حوله ... رضام إلى طود يروق ويقهر


    بهم تكشف الّلأواء في كل مأزق ... عماس إذا ما ضاق بالقوم مصدر


    هم أولياء الله أنزل حكمه ... عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهّر


    بهاليل منهم جعفر وابن أمّه ... عليّ ومنهم أحمد المتخيّر


    وحمزة والعباس منهم ومنهم ... عقيل وماء العود من حيث يعصر


    استشهد رضي الله عنه في غزوة مؤتة سنة 8 هـ



    من شعر عبد الله بن رواحة رضي الله عنه :


    تَذَكّرَ بَعْدَمَا شَطّتْ نُجودَا، ... وَكَانَتْ تَيّمَتْ قَلبي وَلِيدَا


    كَذِي داءٍ غَدَا في النّاسِ يمشي، ... وَيَكْتُمُ داءَهُ زَمَناً عَمِيدَا


    تَصَيَّدُ عَوْرَةَ الفِتْيَانِ حتى ... تَصِيدَهُمُ، وَتَشْنَا أَن تَصِيدَا


    فَقَدْ صَادَتْ فؤادَكَ يَوْمَ أَبْدَتْ ... أَسيلاً خَدَّها، صَلْتاً، وَجِيدَا


    تُزَيِّنُ مَعْقِدَ اللّبّاتِ منها، ... شُنوفٌ في القَلائِدِ، والفَرِيدَا


    فإنْ تَضْنُنْ عَلَيْكَ بِمَا لَدَيْهَا، ... وَتَقْلِبْ وَصْلَ نَائِلِها، جَدِيدَا


    لَعَمْرُكَ ما يُوَافِقُني خَلِيلٌ، ... إذا ما كانَ ذَا خُلْفٍ كَنُودَا


    وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ، غَيْرَ فَخْرٍ، ... إذا لم تُلْفَ ماثِلَةً رَكُودَا


    بِأَنّا تَخْرُجُ الشّتَواتُ مِنّا ... إذا ما استحكمتْ، حَسَباً وجُودَا


    قَدُورٌ تَغْرَقُ الأوصالُ فيها، ... خَضيبٌ لَوْنُها بِيضاً وَسُودَا


    مَتَى ما تَأْتِ يَثْرِبَ، أَو تَزُرْها ... تَجدْنا نَحْنُ أَكْرَمَهَا وُجُودَا


    وَأَغْلظَها على الأعداءِ رُكْناً، ... وَأَلْيَنَها لباغي الخَيْرِ عُودَا


    وَأَخْطَبَهَا، إذا اجْتَمَعُوا لأَمِرٍ، ... وَأَقْصَدَهَا، وَأَوْفَاهَا عُهُودَا


    إذا نُدْعَى لثأْرٍ أو لجارٍ، ... فَنَحْنُ الأكثَرُونَ بها عَدِيدَا


    مَتَى مَا تَدْعُ في جَشْمِ بنِ عَوْفٍ ... تَجِدْنِي لا أَغَمَّ، ولا وحيدَا


    وَحَوْلِي جَمْعُ سَاعِدَةَ بنِ عَمرٍو، ... وَتَيْمُ اللاّتِ قَدْ لِبِسوا الحَدِيدَا


    زَعَمْتُمْ أنما نِلْتُمْ مُلوكاً، ... وَنَزْعُمُ أنما نِلْنَا عَبِيدَا


    وَمَا نَبْغِي مِنَ الأحْلاَفِ وَتَراً، ... وَقَدْ نِلْنَا المُسَوَّدَ والمَسُودَا


    وَكَانَ نِساءكُمْ في كلّ دارٍ، ... يُهَرِّشنَ المَعَاصِمَ والخُدُودَا


    تَرَكْنَا جُحَجَبَى كَبَنَاتِ فَقْعٍ، ... وَغَوْغَا في مَجَالِسِها قُعُودَا


    وَرَهْطَ أَبي أُمَيّةَ قَدْ أَبَحْنَا، ... وَأَوْسَ اللَّهِ أَتْبَعَنَا ثَمُودَا


    وَكُنْتُمْ تَدّعُونَ يَهُود مالاً ... أَلاَنَ وَجَدْتُمُ فِيهَا يَهُودَا


    وَقَدْ رَدّوا الغَنَائِمَ في طَرِيفٍ ... وَنَحَّامٍ وَرَهْطِ أَبِي يَزِيدَا



    المصدر : سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ، وكتاب جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي

  8. #8

    الصورة الرمزية وميض الأمل96

    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المـشـــاركــات
    387
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    جميل جدا..بإذن الله سيكون لي عودة

    وميض..

  9. #9

    الصورة الرمزية [ اللــيـــث ]

    تاريخ التسجيل
    Sep 2009
    المـشـــاركــات
    4,329
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكمـ السلامـ ورحمة الله وبركاتهـ
    بارك الله فيكـِ وباركـَ فـي الموضوع الرائع ...
    لا بد لنا أن نعرف عـن شعراء العصور [~ وخاصة العصر الاسلامي ~]
    .. لــنــا عــودة بإذنه تعالى ..~

  10. #10

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دلوعة صحبتها مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    أهلا بك أختي معتزة
    كم هي رائعة هذه الفكرة
    فكم كان هناك من شعراء سطروا كلماتهم بحروف من ذهب
    بإذن الله ستكون لي عودة لأحد الشعراء
    شكرا لك معتزة على كل ماتقدمينه
    أهلا بكِ ومرحبا أختي الغالية
    جزاكِ الله خيراً
    صدقتي ، وفي إنتظار مشاركتك
    الشكر كله لله عز وجل ، في أمان الله

  11. #11

    الصورة الرمزية شينتشي كودو..

    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    المـشـــاركــات
    172
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    أعجبتني فكرة هذا الموضوع
    وأحببت أن أقدم هذه المشاركة
    عن شاعر أحببته بكل صراحة
    ألا وهو:...
    امرؤ القيس
    هو امرؤ القيس بن حجر الكندي واسمه حندج بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر (آكل المرار) الِكندي. وله ثلاث كنى وهي : أبو وهب وأبو الحارث وأبو زيد. إشتهر بلقب إمرئ القيس ومعناه " رجل الشدة ". لقبه محمد بن عبد الله بالملك الضليل وعرف بذي القروح لإصابته بالجدري خلال عودته من القسطنطينية وتوفي بسببه. و كندة قبيلة قحطانية من قبائل كهلان مواطنها الأصلية حضرموت وعُمان. أقاموا دولة في عام خمس مئة وخمس وعشرين للميلاد في حضرموت على أنقاض **** وأكملوا مسيرهم شمالا حتى أسس بنو معاوية دولتهم في نجد. وولد شاعرنا هذا في نجد في اليمامة عند أخواله من بنو تغلب.
    وهو أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي رأس الطبقة الأولى من الشعراء العرب والتي تشمل زهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني والأعشى. وأحد أصحاب المعلقات السبعة المشهورة. كان من أكثر شعراء عصره خروجاً عن نمطية التقليد، وكان سباقاً إلى العديد من المعاني والصور. وامرؤ القيس صاحب أوليات في التشابيه والإستعارات وغير قليل من الأوصاف والملحات.
    ولادته:
    يذكر صاحب الروائع أن ولادته سنة 500م وعلّق على ما قاله شيخو بصدد تاريخ ولادته قائلاً: قد رجعنا...ما يذكره مؤرخو الروم عن شاعرنا، وقارنا بين حوادث حياته وماجرى على عهده في البلاد العربية... فرأينا أن نأخذ برأي دي برسفال الجاعل ولادته حول سنة 500م ووفاته حول 540م.
    نشأته:
    ولد في نجد ونشأ ميالا إلى الترف واللهو شأن أولاد الملوك وكان يتهتك في غزله ويفحش في سرد قصصه الغرامية وهو يعتبر من أوائل الشعراء الذين ادخلوا الشعر إلى مخادع النساء. كان ماجنا كثير التسكع مع صعاليك العرب ومعاقرا للخمر. سلك امرؤ القيس في الشعر مسلكاً خالف فيه تقاليد البيئة، فاتخد لنفسه سيرة لاهية تأنفها الملوك كما يذكر ابن الكلبي حيث قال: كان يسير في أحياء العرب ومعه أخلاط من شذاذ العرب من طيء وكلب وبكر بن وائل فإذا صادف غديراً أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح وشرب الخمر وسقاهم وتغنيه قيانة، لايزال كذلك حتى يذهب ماء الغدير ويبتقل عنه إلى غيره. إلتزم نمط حياة لم يرق لوالده فقام بطرده ورده إلى حضرموت بين أعمامه وبني قومه أملا في تغييره. لكن حندج إستمر في ما كان عليه من مجون وأدام مرافقة صعاليك العرب وألف نمط حياتهم من تسكع بين أحياء العرب والصيد والهجوم على القبائل الأخرى وسبي متاعها.
    نهاية حياته:
    لم تكن حياة امرؤ القيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة وطويلة جدا بمقياس تراكم الإحداث وكثرة الإنتاج ونوعية الإبداع. لقد طوف في معظم إرجاء ديار العرب وزار كثيرا من مواقع القبائل بل ذهب بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية ونصر واستنصر وحارب وثأر بعد حياة ملأتها في البداية باللهو والشراب ثم توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده وأنهك وتفشى فيه وهو في أرض الغربة داء كالجدري أو هو الجدري بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في سنة لا يكاد يجمع على تحديدها المؤرخون وان كان بعضهم يعتقد أنها سنه 540م، وقبره يقع الآن في تلة هيديرليك بأنقرة[1].
    لقد ترك خلفه سجلا حافلا من ذكريات الشباب وسجلا حافلا من بطولات الفرسان وترك مع هذين السجلين ديوان شعر ضم بين دفتيه عددا من القصائد والمقطوعات التي جسدت في تاريخ شبابه ونضاله وكفاحه. وعلى الرغم من صغر ديوان شعره الذي يضم الآن ما يقارب مئة قصيدة ومقطوعة إلا أنه جاء شاعراً متميزاً فتح أبواب الشعر وجلا المعاني الجديدة ونوع الإغراض واعتبره القدماء مثالا يقاس عليه ويحتكم في التفوق أو التخلف إليه.
    ولذلك فقد عني القدماء بشعره واحتفوا به نقداً ودراسة وتقليداً كما نال إعجاب المحدثين من العرب والمستشرقين، فأقبلوا على طباعته منذ القرن الماضي، القرن التاسع عشر في سورية ومصر وفرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان التي تهتم بشؤون الفكر والثقافة.
    من أشهر شعره والتي تُعد معلقة من المعلقات السبع أو العشر كما يقول البعض:
    قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل ........ بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
    فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ ......... لما نسجتْها من جَنُوب وشمالِ
    ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها ......... وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
    كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا .......... لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ
    وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ ........... يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل
    وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقة ٌ ........... فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ
    كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها ........ وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل
    فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً .......... عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي
    ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح .......... ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ
    ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي ...... فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ
    فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها ........ وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل
    ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة ...... فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي
    تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً ...... عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
    فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ ...... ولا تُبعديني من جناك المعللِ
    فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ ...... فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول
    إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ ....... بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ
    ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت ...... عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ
    أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل ......... وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي
    وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَة ٌ ....... فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ
    أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي ...... وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل
    ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي ........ بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ
    و بيضة ِ خدر لا يرامُ خباؤها ........ تَمَتّعتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ
    تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً ........ عليّ حِراساً لو يُسروّن مقتلي
    إذا ما الثريا في السماء تعرضت .......... تعرضَ أثناء الوشاح المفصَّلِ
    فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثيابَها......... لدى السِّترِ إلاَّ لِبْسَة َ المُتَفَضِّلِ
    فقالت يمين الله ما لكَ حيلة ٌ ........ وما إن أرى عنك الغواية َ تنجلي
    خَرَجْتُ بها أمشي تَجُرّ وَراءَنا ......... على أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
    فلما أجزْنا ساحة الحيِّ وانتحى .......... بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
    هصرتُ بِفودي رأسها فتمايلت ........ عليَّ هضيمَ الكَشحِ رِيّا المُخَلخَلِ
    إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُها ......... نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ
    مُهَفْهَفَة ٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَة ٍ ......... ترائبها مصقولة ٌ كالسجنجل
    كِبِكْرِ المُقاناة ِ البَياضِ بصُفْرَة ٍ ......... غذاها نميرُ الماء غير المحللِِ
    تصد وتبدي عن أسيلٍ وتتَّقي ......... بناظرَة ٍ من وَحش وَجْرَة َ مُطفِلِ
    وجيد كجيد الرئم ليس بفاحِش ........ إذا هيَ نَصّتْهُ وَلا بمُعَطَّلِ
    وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ ........ أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ
    غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا ...... تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ
    وكشح لطيف كالجديل مخصر ......... وساق كأنبوبِ السقي المُذلل
    وَتَعْطو برخَصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّهُ.......... أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحلِ
    تُضيء الظلامَ بالعشاء كأنها ......... منارة ُ ممسى راهب متبتل
    وَتُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها ......... نؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّلِ
    إلى مثلها يرنو الحليمُ صبابة ......... إذا ما اسبكَرّتْ بينَ درْعٍ ومِجْوَلِ
    تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِبا ......... وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ
    ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه .......... نصيح على تعذَاله غير مؤتل
    وليل كموج البحر أرخى سدولهُ ....... عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
    فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصلبه ...... وأردَف أعجازاً وناءَ بكلْكلِ
    ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي ....... بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ
    فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ ....... بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ
    كأن الثريا علِّقت في مصامها ......... بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ
    وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها ......... بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ
    مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً ......... كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ
    كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ ......... كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ
    مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى ........ أثرنَ غباراً بالكديد المركل
    على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ ......... إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ
    يطيرُ الغلامُ الخفُّ على صهواته ....... وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ
    دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ .......... تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ
    لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة ......... وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تنفلِ
    كأن على الكتفين منه إذا انتحى ....... مَداكَ عَروسٍ أوْ صَلاية َ حنظلِ
    وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ ......... وباتَ بعيني قائماً غير مرسل
    فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه ......... عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
    فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه ........ بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ
    فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ ......... جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل
    فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ ...... دِراكاً ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ
    وظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ ........ صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ
    ورُحنا راحَ الطرفُ ينفض رأسه ........... متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تَسَفَّلِ
    كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره ........... عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ
    وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه ........... بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
    أحار ترى برقاً أريك وميضه .......... كلمع اليدينِ في حبي مُكلل
    يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ .......... أهان السليط في الذَّبال المفتَّل
    قعدت له وصحيبتي بين حامر ........... وبين اكام بعدم متأمل
    وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة .......... يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل
    وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة .......... وَلا أُطُماً إلا مَشيداً بجَنْدَلِ
    كأن ذرى رأس المجيمر غدوة ً ........... من السَّيلِ وَالأغْثاء فَلكة ُ مِغزَلِ
    كأنَّ أباناً في أفانينِ ودقهِ ......... كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
    وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ .......... نزول اليماني ذي العياب المخوَّل
    كَأَنَّ سِباعاً فيهِ غَرقى غُدَيَّةً ........ بِأَرجائِهِ القُصوى أَنابيشُ عَنصُلِ
    على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ ......... وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ
    وَأَلقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ .......... فَأَنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ


    المصادر والمراجع:
    1-ويكيبيديا الموسوعة الحرة
    2-الموسوعة العالمية للشعر العربي

    ختماً:
    أرجو أن أكون قد أفتدكم
    واعذروني على عدم التنسيق الجيد للمشاركة لأنني على عجلة من أمري
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحياتي للجميع

  12. #12

    الصورة الرمزية smart-girl

    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المـشـــاركــات
    2,435
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    فكرة جميلة جداً

    هل يمكن وضع رابط لموضوع ؟ ^^"
    لأنني كنت سأكتب موضوعاً عن [ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ] كشاعر

    سؤال: هل سيكون هناك موضوع خاص فقط بالموسوعة [ خالي من الردود ] ؟

  13. #13

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيكِ أخية

    هل يمكن وضع رابط لموضوع ؟^^"
    لأنني كنت سأكتب موضوعاً عن [ علي بن أبي طالب
    رضي الله عنه ] كشاعر

    يمكنك إضافه ما بالرابط هنا .. حتى أضيفه من ضمن المشاركات الأخرى ..
    سؤال: هل سيكون هناك موضوع خاص فقط بالموسوعة [ خالي من الردود ] ؟

    إن شاء الله سيكون ولكن بعد زيادة المشاركات لآن لدي ترتيباً خاصاً بها ...
    جزاكِ الله خيراً على مرورك وكلماتك
    في حفظ المولى~


  14. #14

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::


    blue star

    وعليكمــ السلامــ ورحمة الله وبركاتهــ ..
    أهلاً معتزة .. كيف حاالكـ ؟!

    شكراً لكــِ على موضوعكـ المفيد ..
    أهلا بكـ ومرحبا أنرتي الموضوع أخيتي
    الشكر لله أولا واخراً


    شكرا مرة أخرى معتزة ..

    وأنتظر مشاركات باقى الأعضاء باذن الله ..

    فى حفظ المولى _ عز وجل _ ..
    بارك الله فيكِ
    وأنا أنتظر معكـِ ، فمشاركاتهم ستثري الموسوعة بإذن الله ..
    في حفظ المولى~

  15. #15

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rampo مشاهدة المشاركة
    أنا أيضاً لي عودة إن شاء الله
    مرحيا بك وننتظر عودتك
    بإذن الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن القلعة مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    لي عودة إن شاء الله لإثراء الموضوع
    ونحن في إنتظار إثرائك للموضوع
    بارك الله فيك

  16. #16

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    om_ar

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


    بورك فيك أختي ، فكرة جميلة وهادفة ، منذ رؤيتي للموضوع فكرت بأن أشارك ..



    وما دمت قد أضفتي شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فسأضع الشاعر الثاني وهو الصحابي الجليل "عبد الله بن رواحة" رضي الله عنه
    جزاك الله خيراً على مشاركتك
    وعلى مرورك الطيب
    في امان الله

  17. #17

    الصورة الرمزية أبوعبيده92

    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المـشـــاركــات
    358
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    فكرة رائعة أختي بارك الله فيكِ
    وإن سمح لي الوقت سأشارك إن شاء الله
    ولكني أري الحجوزات كثيرة ويؤسفني ذلك
    ولكني لا احجز ولي عودة بمشاركة
    شكرا الله لكِ

  18. #18

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    جزاكم الله خيراً
    لكل من مر وشكر أو قيم أو حتي حجز ولم يعد
    ويبدو أني سأكمل المسيرة بمفردي
    حسنا لا بأس ...

    شاعرنا اليوم هو شاعر مخضرم اشتهر بقصيدة قالها للرسول صلي الله عليه وسلم وذلك بعد أن أباح الرسول دمه
    هو الصحابي كعب بن زهير بن أبي سلمي
    فتعالوا نأخذ عنه نبذة لنتعرف عليه وعلي شعره
    كعب بن زهير هو شاعر مخضرم لانه عاش عصرين مختلفين هما عصر الجاهليه وعصر صدر الإسلام. عالي الطبقة، كان ممن اشتهر في الجاهلية ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلي الله عليه وسلم وأقام يشبب بنساء المسلمين، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم، دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ، فعفا عنه النبي صلي الله عليه وسلم ، وخلع عليه بردته. وهو من أعرق الناس في الشعر: أبوه
    زهير ابن أبي سلمي وأخوه بجير وابنه عقبة وحفيده العوّام كلهم شعراء. وقد كَثُر مخمّسو لاميته ومشطّروها وترجمت إلى غير العربية
    ورث موهبة الشعر عن والده فهو شاعر موهوب ابن شاعر فحل اجمع النقاد والأدباء على انه من اعظم شعراء عصره.
    إنه كعب بن زهير، أبوه زهير بن أبي سلمى الشاعر الجاهلي الكبير الذي كان شعره موضع التقدير في عصره وما بعد عصره، وكان عمر بن الخطاب لا يقدم شاعرا على زهير، وكان يقول: اشعر الناس الذي يقول: ومن ومن ومن، مشيرا بذلك إلى مجموعة من الحكم في معلقة زهير المشهورة بدأ كلا منها بكلمة “من” مثل قوله:
    ومن هاب أسباب المنايا ينلنه

    وإن يرق أسباب السماء بسلم
    ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله
    على قومه يستغن عنه ويذمم

    ولقد كان طبيعيا أن تكون نشأة كعب في أحضان والده الشاعر الكبير ووسط أسرة تقرض جميعها الشعر، سببا في أن ينظم الشعر وهو صغير، كما أثرت هذه النشأة في أخيه “بجير” الذي أخذ الشعر أيضا عن أبيه.

    إسلام كعب
    ولإسلام كعب قصة ترويها كل كتب التاريخ العربي وتراجم الأدباء العرب فعندما جاء الإسلام اسلم بجير، وبقي كعب على وثنيته، ووقف في الجبهة المعادية للرسول ولرسالته وللمؤمنين به، ولم ينج بجير بسبب إسلامه من لسان كعب، فهجاه لخروجه على دين آبائه وأجداده ورد عليه بجير وطالبه باتباع طريق الهدى لينجو بنفسه من نار جهنم، لكن كعباً عاند وظل على وثنيته إلى أن فتحت مكة فكتب إليه بجير يخبره بأن الرسول قد أهدر دمه، وقال له: “إن النبي قتل كل من آذاه من شعراء المشركين وإن ابن الزبعري وهبيرة بن أبي وهب قد هربا، وما أحسبك ناجيا، فإن كان لك في نفسك حاجة فأقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا”، وعندما قرأ كعب كتاب أخيه ضاقت به الدنيا، وأشفق على نفسه، فلجأ إلى قبيلته مزينة لتجيره من النبي فأبت عليه ذلك، وعندئذ استبد به الخوف وأيقن انه مقتول.

    الشاعر والرسول

    يقول الشاعر الإسلامي صلاح الدين السباعي: في تلك اللحظات العصيبة شاءت إرادة الله أن يشرح قلبه للإسلام فاتجه إلى المدينة ونزل على رجل يعرفه من جهينة، فأتى به الرجل إلى المسجد، ثم أشار إلى رسول الله قائلا: “هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه” فتلثم كعب بعمامته، ومضى نحو الرسول حتى جلس بين يديه، ووضع يده في يده، ثم قال: “يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه إن جئتك به” قال رسول الله: “نعم”، وعندئذ كشف كعب عن وجهه وقال: “أنا يا رسول الله كعب بن زهير” وما إن قال ذلك حتى وثب عليه رجل من الأنصار قائلا: “يا رسول الله دعني وعدو الله اضرب عنقه”، فقال الرسول: “دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا”، وبين يدي الرسول وقف كعب ينشد لاميته الرائعة “بانت سعاد” فأعجب بها الرسول وكافأه عليها حيث كساه بردة كانت عليه، ويروى أن معاوية قد اشترى هذه البردة من أبناء كعب بعشرين ألف درهم وان الخلفاء من بعده كانوا يلبسونها في العيدين.

    والقصيدة التي أشاد بها النقاد والأدباء في كل العصور تعتبر من افضل ما قيل في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تتكون من ثلاثة أجزاء بدأها بالحديث عن رحيل محبوبته سعاد ومدى غرامه بها فيقول في بدايتها:

    بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

    متيم إثرها لم يفد مكبول
    وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
    إلا اغن غضيض الطرف مكحول

    هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
    لا يشتكى قصر منها ولا طول

    وبعد أن يعدد الشاعر أوصاف محبوبته بأسلوب عف كريم ويعبر عن حزنه لرحيلها عن الديار يدخل في الجزء الثاني من القصيدة فيتحدث عن وصف الناقة التي حملته، وبعد أن يستوفي وصف الناقة يخرج منه الى الجزء الثالث والأخير من القصيدة فيشير إلى انه سينطلق بهذه الناقة إلى الرسول بعد أن تخلى عنه أصدقاؤه فقال:

    وقال كل خليل كنت آمله

    لا ألهينك إني عنك مشغول
    فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم
    فكل ما قدر الرحمن مفعول
    كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
    يوما على آلة حدباء محمول

    وبعد ذلك وصل كعب بن زهير إلى غايته وهي الفوز بعفو رسول الله وتأكيد إيمانه به وبرسالته، حتى إذا مدحه بعد ذلك كان مطمئنا إلى أن مديحه سيكون مقبولا عند رسول الله، ومن اجل تحقيق ذلك حرص كعب على أن يصور مدى ما في نفسه من هيبة من رسول الله، كما حرص على أن يتنصل من كل ما اغضب عليه الرسول مؤكدا توبته وإيمانه.

    ولذلك حشد كعب كل طاقته الشعرية ودفع بها في طريق تحقيق هذا الهدف ووظف كل ما يمتلك من أدوات فنية للوصول إلى ما يريد، فالمسألة مسألة حياة أو موت.

    وواصل كعب إلقاءه للقصيدة فقال:

    أنبئت أن رسول الله أوعدني
    والعفو عند رسول الله مأمول

    وظل يعتذر ويقدم المبررات ويناشد الرسول عدم تصديق ما نقله عنه أهل الوشاية إلى أن قال:

    إن الرسول لنور يستضاء به

    مهند من سيوف الله مسلول

    حكمة أصيلة

    وإلى جانب هذه القصيدة الشهيرة التي حققت له شهرة كبيرة فإن لكعب بن زهير إنتاجا شعريا متنوعا جمع بعضه أو معظمه في ديوان يحمل اسمه، أما موضوعات شعره فهي كغيرها من موضوعات الشعر الجاهلي، تتراوح بين الفخر والمدح والهجاء والرثاء والغزل والوصف وبعض الحكم، لكن النقاد يفرقون في شعره بين اتجاهين متباينين لأن إسلام كعب قد غير في نهج شعره وأمده بكثير من الصور، ورقق ألفاظه ومعانيه حيث كان كعب في الجاهلية يميل إلى الشدة والتقعر وخاصة في وصف الصحراء وحيوانها، بينما بعد الإسلام نراه كما يقول النقاد يميل إلى إرسال الحكمة والى الابتعاد عن الموضوعات الجاهلية.


    يقول محمد علي الصباح في كتابه “كعب بن زهير: حياته وشعره”: الحكمة في شعر كعب ليست أمرا طارئا عليه أو هي مستبعدة من أن تصدر عن مثله، فهو ابن زهير بن أبي سلمى الشاعر الذي زخرت معلقته بكثير من المواعظ والحكم، فليس غريبا أن يشتمل ديوان كعب على حكم كثيرة مبثوثة هنا وهناك في ثناياه، وأكثرها يمثل مقطوعات صغيرة مستقلة يبدو عليها اثر الإسلام واضحا، إذ استفاد كعب من تعاليم دينه ولذلك فإن إنتاجه بعد إسلامه كان مشبعا بتعاليم المدرسة الإسلامية فحين يقول كعب:

    لو كنت اعجب من شيء لأعجبني

    سعي الفتى وهو مخبوء له القدر
    يسعى الفتى لأمور ليس يدركها
    والنفس واحدة والهم منتشر
    والمرء ما عاش ممدود له أمل
    لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر

    فالتعاليم الإسلامية في هذا الشعر واضحة كل الوضوح وهي تشعرنا كيف يسلم كعب بقضاء الله وقدره، كما تشعرنا بمدى تغلغل الإسلام في روح كعب ونفسه، والذي استطاع أن يقضي فيها على نزعاتها الجاهلية ويحول نقمتها على الحياة إلى أمل، بعطاء الله وفرج قريب من رحمته الواسعة.

    وهكذا نرى كعبا في كل أشعاره الحكيمة يستمد زادها من الإسلام حيث يوكل أمره إلى الله الذي وحده يتكفل بالعباد، ويمن عليهم بالرزق والنعمة والأفضال، يقول كعب:

    أعلم أني متى ما يأتني قدري

    فليس يحسبه شح ولا شفق
    بينا الفتى معجب بالعيش مغتبط
    إذ الفتى للمنايا مسكم غلق
    والمرء والمال ينمي ثم يذهبه
    مر الدهور ويفنيه فينسحق
    فلا تخافي علينا الفقر وانتظري
    فضل الذي بالغنى من عنده نثق
    إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا
    ومن سوانا ولسنا نحن نرتزق

    ففي هذه الأبيات يقترب كعب من أن يكون واحدا من زهاد المسلمين الذين كانوا يكرهون أن يفكر الشخص منهم في رزق غد، بل كان منهم من يرى أن ذلك خطيئة لا تغتفر لأن رب العباد متكفل برزقهم، وليس عليهم إلا أن يسلموا أمرهم له فهو القادر على أن يرزقهم وسواهم من الناس قاطبة.


    ويمضي كعب في أشعاره الحكيمة محملا لها ما شاء من تعاليم الإسلام التي تدعو إلى التوكل على الله في كل أمر والسعي الدائم الذي لا يقعد المرء عنه خوفاً من أذى أو مكروه، لأن كل شيء يحدث للمرء بمشيئة من الله وأمر من قضائه العادل.

    مواقف من حياته :
    منع قول الشعر
    قال حماد الرواية :
    تحرك كعبٌ وهو يتكلم بالشعر فكان زهير ينهاه مخافة أن يكون لم يستحكم شعره، فيروى له ما لا خيرٌ فيه، فكان يَضرِبه في ذلك.فكلما ضربه تزيد فيه، فطال عليه ذلك فأخذه فحبسه فقال: والذي أحلف به، لا تتكلم ببيت شعرٍ إلا ضربتك ضرباً ينكّلك عن ذلك. فمكث محبوساً عدّة أيام. ثم أخبر أنه يتكلم به. فدعاه فضربه ضربا شديداً ثم أطلقه وسرّحه في بهمه وهو غلَيِّم صغير. فانطلق فرعى، ثم راح عشية وهو يرتجز:
    كأنما أحدو ببهمي (عيرا ***) من القرى موقرة شعيرا
    فخرج إليه زهير وهو غضبان. فدعا بناقته فكفلها بكسائه، ثم قعد عليها حتى انتهى إلى ابنه كعب. فأخذ بيده فأردفه خلفه. فقال زهير حين برز إلى الحي:
    إني لتعديني على الهمِّ جَسرةٌ *** تَخُبُّ بوصَّالٍ صرُومٍ وتُعنِقُ
    ثم ضرب كعباً وقال له: أجز يا لُكَعُ. فقال كعب:
    كبُنيانَةِ القَرئِيِّ موضِعُ رَحلها *** وآثارُ نِسعيها من الدَفِّ أبلَقُ
    فأخذ زهير بيد ابنه كعب ثم قال له: قد أذنت لك في الشعر يا بني.
    قراءة مختصرة عن أشهر آثاره :

    لكعب ديوان غير مطبوع، ليس فيه، إذا استثنينا قصيدة (بانت سعاد) إلا المقطوعات القصيرة التي نُظمت في الأغراض المعروفة من مديح وغزل وهجاء ورثاء وما إلى ذلك. أما أجود شعر له بالاتفاق فهو قصيدته (بانت سعاد) التي تدعى أيضاً (البردة) والتي تعد من المشوبات، وهي لامية من البحر البسيط لا تتجاوز 58 بيتاً وقد صار لتلك القصيدة شهرة واسعة، وتناولها العلماء بالشرح والتفسير، كما تناولها الشعراء فشطّروها وخمّسوها وعارضوها. أما أقسام القصيدة، فهي تقسم إلى ثلاثة أقسام:

    • توطئه غزلية على عادة الشعراء الأقدمين (من البيت 1 إلى 12).
    • وصف الناقة التي تبلغ بالشاعر إلى المحبوبة (من البيت 13 إلى 33).
    • اعتذار ومدح للنبي محمد والمهاجرين (من البيت 34 إلى 58).

    أما الذين شرحوها فكثيرون منهم ابن دريد، والتبريزي، وابن هشام، والباجوري، والسيوطي، وقد طبعت مراراً في الشرق وفي أوربة، تارة على حدة وتارة في مجامع أدبية. فطبعت في لندن سنة1748 م ،ثم في ليبسيك سنة ، ثم في برلين 1980 م ، ثم في باريس وقسطنطينية سنة 1904 م ؛ وطبعت في بيروت سنة 1931 م وترجمت إلى لغات كثيرة منها اللاتينية، والفرنسية، والألمانية، والانجليزية، والإيطالية, والفارسية.
    قصائدة :
    ألاَ بَكَرتْ عِرْسِي تُوَائمٌ مَنْ لَحَى
    هَلاَّ سَأَلْتِ وأَنتِ غَيْرُ عَيِيَّة ٍ
    وهنـــــــا باقي قصائدة

    توفّي ابن أبي سلمى سنة 627 للميلاد.
    هذه كانت نبذة عن كعب بن زهير بن أبي سلمي رضي الله عنه ..
    وإلي أن القاكم استودعكم الله



  19. #19

    الصورة الرمزية M.Bahaa

    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المـشـــاركــات
    1,795
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    وعليكم السلام ورحمه الله وبركانه
    .

    لى عوده باذن الله

  20. #20

    الصورة الرمزية معتزة بديني

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    5,036
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ::< موسوعة الأدباء والشعراء العرب >::

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rafail مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمه الله وبركانه
    .

    لى عوده باذن الله
    جزاك الله خيراً علي المرور
    وفي إنتظار العودة إن شاء الله
    دمت في أمان الله

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...