[لغوي] |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . .

[ منتدى اللغة العربية ]


النتائج 1 إلى 17 من 17
  1. #1

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Post [لغوي] |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . .




    الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه . وبعد ، ، ،

    بدايةً أعلم أن الموضوع مكرر وقد وجد الكثير من التنبيهات على الأخطاء اللغوية الشائعة

    ولكن لا ضير من الإعادة والتذكير بشكل جديد . .

    وقبل ذلك أقول :
    أننا كثيرا ما نستخدم في حياتنا اليومية كلمات بمضمونها صحيحة المعنى لكنها قاسية مجحفة ..

    ولن نخسر شيء إن تحرينا استخدام بعض الكلمات اللبقة والجميلة ، ذات المعنى الرائع الواسع ولا يقبل التأويل والظن ، (والكلمة الطيبة صدقة) ، والمؤمن ؛ ذو خلق حسن وقد قال عليه الصلاة والسلام : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)

    وقد رأيت قبل مدة ليست بالطويلة كتاب جميل جداً للدكتور عبد العزيز الحربي بمسمى : [لحن القول]

    يصوّب بذلك بعض الأخطاء ويذكّر وينبّه ، وقد كان في الأصل سلسلة مقالات يكتبها في جريدة المدينة ..

    وعلمت أنه طبع كتاب بمسمى (لحن القول) جمع فيه تلك السلسلة من المقالات ووضعها في كتاب مع تنقيح وزيادة .. وقد طبع في دار ابن حزم في بيروت .. للأسف بحثت عنه ولم أجده فقط رأيته بيد أحدهم ليس إلا ..

    لعل طبعاته قليلة والله أعلم ..

    لذا أحببت أن أنقل لكم بعض ما وجدته على الشبكة العنكبوتية نقلاً من الكتاب ..

    وجزى الله مؤلفه خيراً وبارك فيه

    أما كيفية العرض فسأضع كل مدة وعلى حسب ما أرى مقطعًا منها





    لكن قبل أن نبدأ بسرد اللحونات ، نُبيّن معنى "لحن القول"

    لحن القول :

    وردت هذه الجملة في سورة محمد

    قال تعالى حكاية عن المنافقين
    {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}

    لحن القول : الحسن في فحواه. أو في مقصده ومغزاه .

    واللحن : العدول بالكلام عن الظاهر، كالتعريض والتورية، والمخطئ لاحن، لعدوله عن الصواب أى: لكي تفهموا دون غيركم .

    فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرفهم من كلامهم ..

    قال السعدي رحمه الله :
    (لا بد أن يظهر ما في قلوبهم، ويتبين بفلتات ألسنتهم، فإن الألسن مغارف القلوب، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر)

    قال ابن عاشور في التحرير والتنوير :
    وَلَحْنُ الْقَوْلِ : الكلَام المحال به إلى غير ظاهره ليفطن له من يراد أن يفهمه دون أن يفهمه غيره بأن يكون في الكلَام تعريض أو تورية أو ألفاظ مصطلح عليها بين شخصين أو فرقة كالْألفاظ العلمية .

    واللحن في الإعراب الذهاب عن الصواب .

    وهذا يكفي لمعرفة معنى اللحن في القول .. والله أعلم


    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 11-6-2012 الساعة 10:38 AM

  2. #2

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (1)

    الحروف الأبجدية !



    يُخْطِئُ من يقول: الحروف الأبجديّة يريد بذلك حروف الهجاء (ا، ب، ت،...)
    وهو خطأ شائع يزلُّ فيه اللسانان (والقلم أحد اللسانين)
    لأن حروف (أبجد، هوّز..) لها ترتيب آخر غير ترتيب الهجاء وهي (أبجد، هوّز، حُطِّي، كَلَمُن، سَعَفَصَ، قَرَشَت، ثَخَذْ، ضَظَغْ)
    ويمكن أن تقرأ على طريقة الشعر في بيت واحد من بحر المتدارك الذي زاده الأخفش : أبجدْ، هوّزْ، حُطّيْ، كَلَمُنْ سَعَفَصْ، قَرَشَتْ، ثَخَدٌ، ضَظَغٌ
    وقرأناها في الكتاتيب (ثَخَّذْ، ضَظَّغْ) بتشديد الخاء والظاء، وتسكين ما بعدهما،
    وضبطها شارح القاموس بفتح فسكون .
    وفي أساطير الأولين ما يفيد أن أحد ملوك مدْين كان له ستة أبناء وهذه أسماؤهم،
    وكان (أبجد) ملكًا على مكة، (وهوَّز، وحطِّي) بالطائف ونجد، ولم يكن (ثخذ، وضظغ) في معجم أهل مدين، فألحقها أهل الحجاز،
    وقال رجل من آل مدين يرثيهم : ملوك بني حُطّي وهوَّازُ منهمُ وسَعْفَصُ أهلٌ في المكارم والفَخرِ، هم صبَّحوا أهل الحجاز بغارةٍ كمثلِ شعاع الشمس أو مطلع الفجرِ
    ويقال: أصلها: (أبو جاد، هوّاز) كما يدل عليه هذا الشعر، ولكنهم خففوه بالحذف،
    وللمغاربة ترتيب آخر يختلف فيه موضع بعض الحروف كالشين والسين، وتستعمل حروف (أبجد) استعمالين، أحدهما: في الحساب، والآخر: في الطلاسم،

    والمقصود: أن من يقول: الحروف الأبجدية، مريدًا بذلك حروف الهجاء فهو لاحن،
    والصواب أن يقول: الحروف المعجمية أو الهجائية، أو الألِفْبائيّة، أو حروف المعجم، أو حروف الهجاء، أو حروف ألف باء.


  3. #3

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (2)

    سيَّما



    من الشائع على الكتاب والشعراء والعلماء والواعظين إسقاط ( لا ) من ( لا سيمّا )
    وهو من الّلحن الذي أنكره أبو بكر الزُّبَيدِي ( ت 379 هـ ) قبل ألف سنة وخمسين عامًا في كتابه ( لحن العامّة ) ولم ترد في شعر المتقدمين ممن يستشهد بكلامهم .
    بل لم ترد ( لا سيّما ) برمَّتها إلا قليلا , ومن ذلك قول امرئ القيس في معلقته :
    ألا رُبَّ يومٍ لك منهنَّ صالحٍ .. ولاسيّما يومٌ بدارةِ جُلجُلِ

    قال في ( تاج العروس ) : قال السَّخاوي عن ثعلب : ( من قاله بغير اللفظ الذي جاء به امرؤ القيس فقد أخطأ ) ذلك بأن معنى (لا سيّما) لا مثل ,
    فإذا قلت : تعجبني كتب النحو لا سيما كتاب سيبويه , كان معناه اختصاص كتاب سيبويه بإعجاب زائد على سائر كتب النحو ,
    فإذا طرحت (لا) وقلت : سيما كتاب سيبويه صار المعنى : مثل كتاب سيبويه ,
    وهذا غير مراد , فإن أراده من تكلم به قلنا له : إنّ العرب لم تتكلم بها إلا مع (لا)
    وقد نصّ أبو جعفر النحاس شارح المعلقات عند شرحه لبيت امرئ القيس على أن ّ (سيما) لا تستعمل إلا مع (لا)
    , ومن الشعراء الذين ولِعوا بحذف (لا) ابن الروميّ ,
    ولعل الشريف الرضيَّ استأنس بذلك حينما صرّح بجواز الحذف ,
    ولغرابة هذه الّلفظة توسّع المتأخرون في التصرف فيها بحذف الواو , وتخفيف الياء , وفتح السين , وحذف ( ما )
    ورأى النحاة التوسّع في إعراب ما بعدها فأجازوا فيه الرفع والنصب والجرّ .



    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 25-4-2012 الساعة 05:57 PM

  4. #4

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (3)

    بَسْ !!



    في محفل جمع صفوة من أهل العلم والفضل في لجنة إصلاح ذات البين بمكة شاركت فيه بكلمة ( وكِلْمةٌ بها كلامٌ قد يُؤَم) ونبهت على شيء من لحن القول ، استحسنه من كان بالحضْرة ،
    وقلت: إنه ضربٌ من إصلاح ذات بين الكلم والمنطق،
    فقال أوسطهم : فما معنى كلمة
    (بَس) وقد أوردتها في كلامك؟
    فقلت تظرّفًا: الصّواب فيه كسر الباء، أشير إلى معنى آخر سيأتي ذكره،

    وأوجز ههنا ما قيل في هذه اللفظة من مسوّدات كتبتها من قبل:
    قال المجدُ في القاموس: (بَسْ : بمعنى حَسْب ، أو هو مسترذل)
    فقال الزبيدي: متمِّما: كذا قاله ابن فارس. ولم أجده لابن فارس في (المقاييس) ولا في (المجمل)
    ثم قال: (وقد صححها بعض أئمة الغة، وفي الكشكول للعاملي عن بعض أئمة اللغة أنها فارسية، وليس للفُرْس في معناها كلمة سواها، وللعرب كلمات كثيرة، منها: حسب، وبَجَل، وقَطْ، ومنها: أمسك، واكفف، وناهيك، و مَهْ ، ومهلا ، واقطع ، واكتف)

    ورجَّح المجمعيون فارسيتها، ولا أعلم مسوغات ترجيحهم، فالنقول متكافئة، والمادة عربية،
    وفي الألفاظ ما هو مشترك بين اللغات، وهو أصل في كل منها، لم ينقله أحد عن أحد، لاسيما حكاية الأصوات، والألفاظ ذات الحرفين والثلاثة.
    و(البَس) بفتح الباء: الهِرّ ، والأنثى: بَسَّة، بفتح الباء أيضا لا بكسرها، كما نلفظه اليوم،
    فهو لحن باتفاق، والجمع: بِساس، بالكسر.

    وأما (بِس) بالكسر – ولا يكون إلا مكرّرا – فهو دعاء للغنم وزجر للإبل، ويجوز فيه فتح الباء وضمها أيضا، والظاهر أن سينه مخففه،
    وأما مادة (بَسَسَ) فمن مواد القرآن، ومنه (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً)، أصله من: بسَّت الأفعى إذا انسابت مسرعة.

    وصفوة القول: أن (بَس) بمعنى حَسْب، كقولنا: فقط، عربية فصيحة في الأرجح، ومن أمثلة العامّة المشهورة: كلَّما أقول: يا رب توبة، يقول الشيطان: بسّ النَوبة.
    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 25-4-2012 الساعة 05:56 PM

  5. #5

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (4)

    قل: وقَفتُ السيارة، ولا تقل: أَوقفتُها



    من أكثر ما يلحن فيه الّلاحنون الخلط بين الثلاثي والرباعي ..
    وأخبرني أحد الظرفاء أنه جلس إليه رجل لا يدري، ويدري أنه يدري، أخذَ ينعَى على الذين لا يحسنون الإعراب،
    وقال: إن جمهورهم «يُلحِنون» وضم الياء،
    فقال له جليسه: نعم؛ لأنهم لا يفرقون بين الثلاثي والرباعي..
    وانفض المجلس وهو لا يزال عاذلًا غير عاذر.. ومسألتنا هذه من هذا الباب،

    قال أبو عمرو بن علاء: «لم أسمع في شيء من كلام العرب: أوقفت فلانًا»..
    وقال الصفدي في «تصحيح التصحيف وتحرير التحريف»: «والعامة تقول: أوقفت دابتي والصواب: وَقَفْتُ.. وحكى الكسائي: ما أوقفك هنا، أي: أيُّ شيء صيّرك إلى الوقوف»..
    واتفق المحققون أنها لغة رديئة. واستعمال الرديء عند اللغويين كاستعمال المكروه عند الفقهاء،
    كل منهما يطمح الذوق السليم إلى تركه، فلا حاجة إلى أن يدع الإنسان العربيّ المبينُ الفصيحَ إلى الرديء،
    ولم يستعمل في القرآن إلا الثلاثي: قال عز وجل:
    (وقِفُوهُمْ إنَّهُم مَّسْئُولُونَ) [الصافات24] ولم يقل: أوقفوهم،
    وقال:
    (ولَوْ تَرَى إذْ وقِفُوا عَلَى النَّارِ) [ الأنعام27] ولم يقل: أوقفوا، وقال: (إذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ) [سبأ31]
    ولم يقل: موقَفُون. ونسب الفيّومي «أوقفَ» إلى تميم..
    فإن صحّت نسبتها إليهم فلا يصحّ أن يقال عنها: رديئة..
    ومما يضعف هذه النسبة كلام أبي عمرو في أنه لم يسمعها،
    وأبو عمرو تميمي مازني يبعد أن يخفى عليه ذلك الأمر.
    وفرّق بعضهم بين الفعلين، فجعل «أوقف لما يمسك باليد، ووقف لما لا يمسك بها».

  6. #6

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (5)

    لَعِبَ دورًا بارزا !!!


    لما أصبح الّلعب يُلبَسُ لباسَ الجدّ والحزم في قانونه وأحوالِه , واستعداد فرسانه وأبطاله , وامتثالهم لأحكامه وآدابه , وخضوعهم لجزاءاته وعقابه ,
    صارت لفظة الّلعب لفظة محترمة ذات وزن وقدر , وتطور استعمالها بتطوّر معناها ,
    فأصبحت تستعمل فيما يشارك فيه المرء من أمور الحياة صناعة وإنجازًا وإنجاحًا ونحو ذلك ,
    فيقولون لعب فلان في مؤتمر السلام دورا بارزا .
    وأظن أن المستعمل الأول للّعب على هذا النحو قد استحضر خيالُه صورةَ لاعب ذلك الدّور وهو يذهب ويجي , ويستجيشُ ويَلتجيْ , ويقتَنصُ الفرص ويروغ , ويُعمل الحيلة في تصرفه حتى يصل إلى غايته ويحقق هدفه ,
    فقال عنه : ( لَعِبَ ) استحضارا لهذه الصورة وتشبيها بالّلاعب الذي يسعى إلى تحقيق هدفه ,
    وهذا هو سرّ التطور في استعمال الألفاظ ,
    وسعةِ التشبيه وضروبِ الكنايات , ولا يصح إطلاق اللّعب إلا على ضدّ الجدّ ,
    ولولا قرنية الحال والسياق التي تفهم المقصود لما جاز استعمالها إلا في معناها الأصلي .
    ولفظ ( دورا ) في قولهم : لعب دورا , يعرب مفعولاً مطلقا , أو مفعولا لـ( لَعِب ) المضمن معنى ( أدّى ) ,
    ولهذا كان رأي الأكثرين من شيوخ مجمع الّلغة بالقاهرة أن يقال : أدّى دورا , مكان : لعبَ دورا ,
    والذوق يرفض أن يُستعمل الّلعب في مقام التدين والمعتقد والجِدّ الخالص فلا يقال : لعب في الإمامة دورا بارزا ,
    وما قلته في أمر الاستحضار والتخيل يمنع صاحبَ الذوق الصائب والنظر الثاقب أن يستعمله إلا فيما هو مناسب له .



  7. #7

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (6)




    هل (المظاهرة) جائزة ؟!



    المظاهرة : إعلان رأي، أو عاطفة بصورة جماعية ..
    هكذا عرَّفها مجمع اللُّغة العربية، كما نقل ذلك المعجم الوسيط .
    وزعم طائفة من أهل اللُّغة المعاصرين أن استعمالها بهذا المعنى خطأ، لم يرد في معاجم العربية ..
    وقالوا: إنّما وردت بمعنى المعاونة، والمؤازرة ،
    كقوله عز وجل: (وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ).. ، وقوله: (وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا)..
    ولها معنى آخر في الشرع، وهو الظهار: (أن يقول لامرأته : أنت عليَّ كظهر أمي) .
    وظاهَر بين الثوبين: طابق بينهما، ولبس أحدهما على الآخر .
    وهذا من المانعين جمود ظاهر، وضعف في النظر؛ فإن جميع هذا المعاني موافقٌ لمعنى المظاهرة الشائع في عصرنا، دالٌّ عليه بالمطابقة، والتضمن، واللزوم، دون تكلّف،
    فالمعاونة، والمؤازرة بالمطابقة، وكذلك المطابقة بين الثوبين، وكلّ مطابقة فيها تضمن وزيادة،
    والمظاهرة بما يدّل عليه الظهار، ويلزم منه من القطيعة، والفراق، والتحريم، وما تدل عليه المظاهرة في المحتجّ عليه دلالةُ التزام.
    وتزيد على ذلك معنى الظهور، والبروز، وإظهار المخالفة، أو الموافقة، والسير في الظهيرة؛
    لأن العرب تقول: أظهر القوم .. أي: ساروا في الظهِيرة .
    وهؤلاء حينما نقدوا هذه اللّفظة لم يتحفونا باسم بديل لمعنى المظاهرة اليوم، وما إخالهم واجدين سواه،
    ويلزمهم أن لا يثبتوا التسمية بالسيّارة، ولا الطيّارة، ولا الهاتف ؛
    لأن إطلاقاتها في كلام العرب، ليست كإطلاقاتنا اليوم ..

    وأمّا المظاهرة في الإسلام فلم تكن معروفة، مع وجود أسبابها يومئذٍ.
    والواقع يشهد أن ضررها أكبر من نفعها، وهي عاطفة عاصفة، تجمع ما هبّ، ودبّ، ودرج من الرجال والنساء والولدان، وفيهم المتردية، والنطيحة، ومَن كان ذا رجل صحيحة..

    وهذا تذييل عارض، ليس من شأن (لحن القول) التفصيل فيه.



  8. #8

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (7)

    يوم عاشوراء


    «عاشوراء» على زنة فاعُولاء من الألفاظ القليلة التي جاءت على هذا الوزن، ومن ذلك ضارُوراء، وفي «عاشوراء» خطآن مزعومان :

    أحدهما: قول الجوهري في «الصحاح» إنها مولدة ورُدَّ عليه بأنها جاءت على لسان خير البشر، والمولد لا يصدق على ذلك في اصطلاح أهل اللغة، ثم إن دعواه مجرّدة عـــاريـة عن البرهان.

    الثاني: خطّأ الصقلي في كتابه «تثقيف اللسان» من يقول: «عاشوراء» بالقصر، وقال: الصواب المدّ وشنّع على أهل الحديث، ورد عليه بأنّ القصر لغة فيه بل هو لغة في كل ممدود حتى في القرآن الكريم، فمن السبعة من يقرأ بحذف كل همز متطرف يوقف عليه بالسكون، وهو حرف مد، كالسماء، والعلماء والفقراء، وذلك حين الوقف عليه.

    ويوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، وقيل اليوم التاسع

    وهو قول ابن عباس كما في صحيح مسلم والعرب قد تسمى التاسع عِشراً (بكسر العين) وفي ذلك بحث فقهي ولغوي ليس هذا موضعه .. والله أعلم.

  9. #9

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (8)

    قولُهم : يا وجْهَ الله !


    من الشائع على الألسُن قولهم : ( يا وجه الله ) وكذلك ( يا رحمة الله )
    والوجه صفة ، والرحمة صفة ، والصفة غير الاسم .
    والصفة لا تنادَى ، وإنما الذي ينادى الاسم ؛ لأنه صادق على المسمّى .
    والصفة بعض المسمّى ، قال الله تعالى : {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِها }
    وأما السؤال والتوسّل بالصفة ، كسؤال الله بعظمته وقدرته ورحمته ، وبوجهه الكريم فلا نزاع في جوازه بين علمائنا .
    غير أنه يحسن التفصيل في قولهم : ( يا وجه الله ) لأنه قد يراد بها الذات ،
    بل فسّر بها قوله تعالى : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } أي : إلا ذاته ،
    ولا يطلق الوجه على الذات إلا على من له وجه ،
    وكذلك قوله سبحانه : { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }
    ولا محظور في إطلاق الوجه على الذات مع إثبات صفة الوجه الذاتية لله ،
    فإن إطلاقه على الذات معلوم في لغة العرب وسائر اللغات والأفهام ،
    وكل صاحب فطرة سوية لم يرد عليها ما يغيرها عن أصلها يفهم من نحو قوله تعالى : {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } أمرين ،
    أحدهما : ويبقى ربك ،
    الثاني : أن له وجها .

    فعلى هذا التفصيل المبني على مراد المتكلم يكون الكلام في الحكم على هذه المسألة . .
    وفي معجم المناهي الّلفظية يقول الشيخ بكر أبو زيد –رحمه الله– : ( يجري على لسان بادية الجزيرة قول : يا وجه الله . فسئل المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله– عن ذلك فقال : (ما تنبغي و ممكن أن مقصودهم الذات) .


  10. #10

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (9)

    حاجَة وحوائج



    اللغويون والجموع في نبأ عظيم، فالمقيس فيها كثير، والمسموع كثير، وفيها النادر، والقليل والشاذ، وما جاء على صيغة الجمع وهو مفرد، وما جاء على صيغة من صيغ المفرد وهو في معنى الجمع، وفيها ما يجمع على صيغة جمع القلة وهو كثير، وما جمع على صيغة الكثرة وهو قليل..
    ومما اختلفوا فيه أو أنكروه، جمع مشكلة على مشاكل، ومدير على مدراء، وصبور ونحوه جمعا مذكرا سالما، وكذلك لفظ كثير؛ لأنه يستوي في المذكر والمؤنث، ولم يسمع كثيرون..

    ومن ذلك جمع حاجة على حوائج، قال الحريري في (درَّة الغواص) :
    (ويقولون في جمع حاجة: حوائج فيوهمون فيه...
    والصواب أن يجمع في أقل العدد على حاجات كقول الشاعر:
    وقد تخرج الحاجاتُ يا أمَّ مالك كرائمَ من ربٍّ بهن ضنين
    وأن يجمع في الكثرة على حاجٍ، مثل هامة وهام)

    وسبقه المبرّد إلى ذلك، وقَبْلَه الأصمعي، وكان يقول: هو مولّد ، وتبعهم في ذلك أصحاب القياس ، ورأي الأكثر أنه سماعي ، وفي ذلك شواهد من شعر الشعراء الأقحاح ، كالشماخ ، والأعشى ، والفرزدق ، وهميان بن أبي قحافة ، وتروى في ذلك أحاديث مرفوعة ، وآثار موقوفة ، ولعلّ أصحَّها إسنادا حديث: (ولا تقضوا عليها – أي : على الطرق – الحوائج) ومن مشهورها: (إن لله عبادا خلقهم لحوائج الناس) ولأبي عمرو بن العلاء وابن الأعرابي وابن خالويه إنشادات ، وأثبتها الخليل في العين ، وابن دريد في الجمهرة ، وابن جني في اللمع ، وابن السكيت في كتابه الألفاظ ، وقال الجوهري: (هو كثير في كلام العرب) وقال الزبيدي في التاج: (وهو رأي الأكثر) ومن هؤلاء من يقول: حوائج جمع حائجة، ثم انقسموا إلى قسمين، فقال فريق منهم: حائجة هو المفرد إلا أنه لم تنطق به العرب، وقال فريق آخر: بل نطقت به، ولم يوردوا شاهدا على ذلك، ويكفي فيه نقل الإثبات كأبي عمرو بن العلاء، قال رحمه الله: يقال: في نفسي حاجة وحائجة وحوجاء، والجمع حاجات وحوائج وحاج وحِوَج.
    فظهر بهذا أن لفظ (حوائج) صيغة صحيحة نقلا صحيحا، وأن فرسان النصوص إذا جالت في ميادين الكفاح طارت رؤوس المقاييس في مهابِّ الرياح.

  11. #11

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (10)

    (شَرْواك) و (أشْوى)


    شَرْوى ، كـ" تَقْوى" ؛ بمعنى مِثْل .
    من أفصح الفصيح الشائع على الألسنة اليوم ، ويحسبه العامِّيّ من العامِّيّ . . .

    جاء هذا اللفظ في الآثار وورد في الأشعار ؛ ففي الأثر عن عمر رضي الله عنه : "فلا يأخذ إلا تلك السّن من شروى إبله" ، أي : مثلها .
    وعن علي رضي الله عنه : "ادفعوا شرواها من الغنم" ، أي : مثلها منها .

    ومن شعر الجاهليين قول الحارث بم حِلِّزة اليشكُري :
    وإلى ابن ماريةَ الجوادِ وهل . . شروى أبي حسّانَ في الإِنسِ
    أي : لا أحد مثله .

    وقالت الخنساء :
    أخَوانِ كالصقرين لم . . يرَ ناظرٌ شرواهما

    وقلت في "ما هب ودب" :
    مثل اشترى: باع، كذلك شَرى . . شرواكَ ؛ أي : مثلك في المجد جرى

    يقال : هم شرواك ، وهن شرواك ، وهو وهي وهما شرواك ؛ أي: مثلك .

    ويكثر ورودها في كتب الفقه ؛ لورودها في آثار الأحكام .

    وأما (أشْوَى) ، أي : أهون ، فمشتقة من "الشَّوى" : وهو الأمر الهيّن .

    كما نصت على ذلك المعاجم .
    وهي أيضاً من الألفاظ التي لا تستعمل في مقام الفصاحة والخطابة مراعاة البيان العربي ؛ لظنّهم أنها غير فصيحة . .
    ويطلق الشَّوى أيضاً -كما في "القاموس"- على رُذَالِ المال ، واليدين ، والرجلين ، والأطراف وقحفِ الرأس ، وما كان غير مَقْتَلٍ ..

    والخلاصة : (شرواك وأشوى) لفظتان عربيتان لمعنيين صحيحين .

  12. #12

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (11)

    أَيشْ هذا ؟!



    هذا من العامّي الفصيح الذي تكلم به عامة العرب . . وأصل (أيش) : أيُّ شيء ؟ ، كما قالوا في (بسم الله) : بسملة ، (الحمد لله) : حَمْدلة .
    وكقولهم : طلبقك الله ؛ أي: أطال الله بقاءك .
    قال السيوطي في المزهر : (قول العرب : أيش صنعت؟ يريدون : أي شيء؟ و: لا بشانيك ؛ يعنون : لا أب لشانيك ، و: لا تُبَل؛ أي: لا تُبَال) .

    وقال ابن حجر في فتح الباري : (وعند أبي داود -في سؤال الصحابة عن الهرج- قالوا: يا رسول الله إيش هو ؟ قال : (القتل القتل) ، فيه وفي غيره : أيُّمَ هو ؟ وأيُّما هو؟ وأيةُ هو ؟ فلعل بحثي قاصرٌ ؛ لوجوده في نسخ أخرى في رواية أخرى . . ورواية الصحيحين: (وما الهرج؟) . .

    ولم يصب محقق شرح الرضي على كافية ابن الحاجب حين قال : إنها مستحدثة ، فقد نقلها علماء اللغة عن العرب ، وباب النحت يقبل دخولها منه ؛ فإن كان الفصحاء قد تركوها ، ولم ترد في شعر الشعراء ؛ فلا يمنع ذلك من عربيتها ؛ لأن في كلام الناس ماهو خاصٌّ، ومنه ماهو عامٌّ.
    ولهم كلامٌ في بيوتهم ، وفي بيعهم، وشرائهم، وخصامهم، وحُبهم، وغزلهم، وغير ذلك ؛ يتكلمون به في مقاماتهم تلك ، ولا يتكلمون به في المقامات وفي المجامع التي تطلُب الفصاحة والبيان الرفيع .
    وقد تبتذل الكلمة الفصيحة فتنحط عن مرتبتها إلى مرتبة العامّي .
    ومن عيون كلام ابن درستويه قوله : (ليس كل ما ترك الفصحاء استعماله بخطأ ؛ فقد يتركونه لاستغنائهم بفصيح غيره ، أو لعلّة أخرى) .

    وقد كثر جريان هذا اللفظة على ألسنة المحدثين والأدباء في المئة الثالثة والرابعة .
    وقد رُوي في (أيش) كسْر الألف وفتحها ، والفتح أقرب ، وأقيس .

  13. #13

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (12)

    العَريس !!



    العَروس : وصف يستوي فيه الرَّجل والمرأة ما داما في إعراسهما ، وكذلك (العِرْس) للرجل والمرأة ولا يقال : عرسَة ؛ لأنه وصف مشترك بينهما ؛ لأن كلا من الزوجين ملازم للآخر ، والعرب لم تضع فارقا بين الرجل والمرأة فيما يستويان فيه ولم يختص به أحدهما سواء طالت مدته كلفظ الزَّوج يسمّى به الرجل والمرأة من غير تاء فارقة ، أو قصرت كالعروس ، ولأنهما كالذات الواحدة فلا حاجة للتفريق ، والسياق والحال وسائر القرائن اللفظية وغير اللفظية هي التي تعيّن أحد الزوجين الذكر والأنثى ، ويجمع العروس إذا كان وصفا للرجل على عُرُس، فإذا كان وصفا للأنثى جمع على عرائس، والجمع يردّ الأشياء إلى أصلها ..

    ولم يُعجب ابنَ فارس نعتُ الرجل بالعَروس، وقال: إنه من زعمات الخليل ابن أحمد ، ورأى أن الأحسن أن يقال للرجل: مُعرِس ، أي : اتخذ عروسا ، وقد يقال للمرأة: عروسة كما يقال لها زوجة، ولكنه ليس من فصيح الكلم.

    وأما العريس بالياء: فلم ينقل عن العرب ، بل هو لفظ محدث اضطرّ إليه للتفريق بين الرجل والمرأة، وينزل الحكم في استعماله منزلة الضرورات تستعمل حين لا قرينة ثـــَــمَّ ولا من لا يفهم القرينة ؛ لأن مادتها وصيغتها موجودة في لسان العرب ولولا خشية التوسع في هذا لما كان في إدراجه في فصيح الاستعمال وصحيح الكلم من ضير ، ويجمع العَريس على عِرسان ، وأصل المعنى في مادته يعود على الملازمة والإقامة.
    التعديل الأخير تم بواسطة بسّام ; 14-6-2012 الساعة 12:01 AM

  14. #14

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . . .

    (13)


    البَحرُ المالحُ!!



    قال الإمام الشافعي في أول كتابه (الأم): (كل ماء من بحر عذب أو مالح فالتطهر به جائز)
    فأنكر عليه المبرّد وغيره ونسبوا الإمام إلى اللحن، وقالوا: الصواب: ملح لا مالح؛ لأن الله تعالى قال: (وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)، فأثار ذلك حفيظة الأئمة من الشافعية، كالبيهقي والجويني والنووي، وحُقَّ لهم ذلك، فالشافعي إمام في اللغة نقلا ودراية، وأجابوا بأجوبة نقلها النووي في (تهذيب الأسماء واللغات) وأقومها وأقواها: أن هذه الصيغة من الصيغ المنقولة عن العرب، يقال: ماء ملح وماء مالح، وفيه لغتان أخريان، مَليح ومُلاح، بضم الميم، ولام مخففة، نقلها أبو سليمان الخطابي، ومن شواهدها قول عمر بن أبي ربيعة:
    ولو تفلتْ في البحرِ والبحرُ مالحٌ . . لأصبحَ ماءُ البحرِ من ريقها عذبَا
    ووجد هذا البيت في قصيدة لمحمد بن أبي صفرة، واستشهد لها ابن برّي بشواهد أخر، وأثبتها ابن فارس والراغب الأصفهاني، والبَطَلْيوسي، وآخرون، وقالوا: إنها لغة صحيحة قليلة، ونقل الأزهري عن أبي عُمر غلامِ ثعلب قال: سمعت ثعلبا يقول: كلام العرب: ماء مالح، وسمك مالح، وقد جاء ماء مِلْحٌ ، وقال آخرون: هي لغة رديئة، ليست بالعالية، وأنكرها من المتقدمين يونس بن حبيب، وقال: لم أسمع أحدا من العرب يقول: ماء مالح..
    وعدم سماعه ليس بحجة، وإنما هو مبلغه من العلم، فقد سمعها الثقاة ونقلوها ولكنهم يقولون: هي قليلة أو رديئة..
    وبقي أن يقال: لأيّ معنى آثر الإمام الفصيح أو ما دونه على الأفصح؟
    والجواب: أنه لا يلزم اختيار ما هو أفصح في الكلام ولا ما هو أفشى وأشهر، ولو لزم ذلك لضاع كثير من الكلام المنقول عن العرب، وفي القراءات القرآنية الصحيحة الثابتة ما وصفه النحاة واللغويون بالقلة والندرة والرداءة، بل ضعف بعضهم كثيرًا من القراءات التي نقلها الأئمة، وجعلوا كلام الشعراء الهائمين حجة على القراءة (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) ..
    ولما كان المقام مقام خطاب للعامّة وفي مسائل الفقه حَسُن أن يُختار ما هو شائع لدى العامة.
    وبدا لي فرق دقيق بين مِلْح ومالح، وهو أن الملح وصف ثابت كماء البحر، والمالح لما طرأت عليه الملوحة، كالفرق بين الصفة المشبهة، واسم الفاعل، ولهذا نظائر.


  15. #15

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: [لغوي] |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . .

    (14)


    كبَّه .. وزَقَفَه!!



    من أبي عمّار المغامسي بالمدينة المنورة، وردني هذا السؤال: هل كلمة (كبَّ) التي نستعملها بمعنى سكب فصيحة؟ وهل قولنا: (زقفتُ الشيءَ) بمعنى أمسكتُ به بعد أن رُمي عليَّ، صحيح أيضًا؟ وما مفرد كلمة: (حليب)، (ذهب)، (هواء)؟

    وأجيبُ على السؤالين الحسنين الأملحين بإيجاز، فأقول: الزّقفُ في لغة العرب: التلقّف، وهو بمعنى ما ذكرته سواءً سواءً، وفي الفائق في غريب الحديث للزمخشري: (يأخذ الله السموات والأرض يوم القيامة بيده، ثم يتزقفها تزقّف الرمّانة.. التزقف والتلقف أخوان، وهما الاستلاب والاختطاف بسرعة). وذكر آثارًا أخرى، والحديث مذكور في النهاية لابن الأثير، ولا يختلف أهل اللغة في صحة هذه اللفظة بمعناها المذكور سواء صح لفظ الحديث أم لم يصح.

    كما لم يختلفوا في صحة كلمة (كبَّ) ومعناها كفأ وقلب، وفي تكملة المعاجم : (كبَّ: صبَّ، وسكبَ، وأَراق. وكبَّ القَدَحَ: أفرغ ما فيه). وهذه المعاني مردودة إلى ما ذكرته أمهات كتب اللغة، وهاتان اللفظتان (زقفه وكبّه) من روائع الكلم التي حفظتها قبائل الجنوب ونطقت به.

    وأمّا السؤال عن مفرد كلمة الحليب، والذهب، والهواء، فجوابه: أنّ هذه الألفاظ وما شابهها، كلفظ: الماء، واللبن، والعسل، لا مفرد لها، بل هي من نوع الإفراد، واصطلح على تسميتها باسم الجنس الإفرادي، يُطلق اللفظ منها على القليل والكثير، فما يملأ الكأس يُسمّى ماء، وما ملئ به البحر هو ماء أيضًا، كالمصدر ، يطلق على القليل والكثير، فضرب رجل سوطًا واحدًا كضرب رجل ألف سوط، كل ذلك ضرب، وإنّما لم يكن له مفرد لأنّه ليس له جزء يصدق على مسمّاه ينفصل وحده، كما تتميز التمرة عن التمر، وإنّما يتميّز بالقلة والكثرة، فقليل من الهواء هواء، وكثيره هواء، وبعض القليل هواء، وكلّه إذا جمعته هواء.

    ولك شكري على ما أبديته من عنايتك بفصيح اللغة وصحيحها، وما سجلته من إعجابك الشديد، وثنائك على (لحن القول)، وإن كنا وأنتم وصالحُ المؤمنين لا نحمد لحنَ القول الذي جردَّنا أقلامنا لنبذه بالعراء بلا مراء.


  16. #16

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: [لغوي] |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . .

    (15)


    قول أهل مكة: (وحَشْتَني) !!



    وردني سؤال عن كلمة (أوحشوني) في أبيات زجليّة، وفيها قوله:?فارقتهم يومَ لاِثنينْ صُبحَ الثّلاثا أوحشوني?
    ثم قال السائل: هل (وحَشْني) مِن لحن القول أم من صحيحه؟ وهي تكثر عند أهل مكة.

    والجواب: صدقت -أيُّها السائل- هي من ألفاظ أهل مكة، وهي من صريح الكلِم وصحيحه القديم..
    غير أن الاستعمال الصواب هو (أوحشتني) بالألف (أي: أدخلت عليَّ الوحشة بسبب غيابك عني)؛ لأن هذا الفعل لا يتعدَّى بنفسه، وفي المكييّن مَن ينطقها كذلك..
    وأنقل لك هذا النص النفيس من كتاب (تاج العروس) للزبيدي، قال في استدراكه على القاموس: (وقد أوحشتُ الرجلَ فاستوحش، ومنه قول أهل مكة: أوحشتنا. وأنشدنا غير واحد من الشيوخ عن البدر الدماميني:يا ساكني مكة لا زِلتمُ أنسًا لنا، إنّيَ لم أَنسكُمْ؟ ما فيكمُ عيبٌ سوى قولكمْ عند اللقا: أوحشَنا أنسُكُمْ؟)
    وقد ردّ عليه الإمام عبد القادر الطبري، وحذا حذوه ولده الإمام زين العابدين..
    ولم أظفر بالرّد المذكور، وأردّ أنا فأقول:؟لا تردّ صحاح الألفاظ العربية بمثل هذا الكلام الذي يشبه المزاح،
    ويشبه أيضًا أن يكون من باب التوكيد بما يشبه الذم عند إرادة الامتداح، فإن لم يكن هذا ولا ذاك، فهو مردود بما نقل عن أهل اللّغة الأقحاح، وبأن أصل المادة يقبل هذا الاستعمال، وإن لم يرد نصًّا عن العرب،
    وفي لهجة المكيين من التفخيم، والترقيق، والترخيم، والتخفيف، والتثقيل، والحذف، والمد، والزيادة، والإبدال، والنّبر، والتصويت ما يجعلها عذبة الإيقاع، خفيفة على الأسماع؛ لأنها تجمع محاسن إيقاع لهجات العالم الذي يفد إلى البلد الذي تُجبى إليه ثمرات كل شيء، وجعله الله قيامًا للناس، وقد تلقّف الناسُ هذه الكلمة، فشاعت في بلاد العرب.



  17. #17

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: [لغوي] |لَـحْـنِ الْقَــوْلِ| تصويب وتنبيه . .

    (16)


    الغاية تبرِّر الوَسيلة !!




    هذه القاعدة من فاحش لحن القول ومنكره وزوره، وهي مبدأ من المبادئ التي بنى عليها الكاتب اليهودي ميكافللي تفاصيل كتابه (أسس الغزو الاستعماري وأخلاقه النفعية)
    وكم من أخلاق فسدت ، وأعراض استبيحت ، وأموال نُهبت ، وعقولٍ ضُيعت بسبب هذا القول ، والقاعدة الكاذبة الخاطئة..

    إن تبرير الوسيلة من أجل الغاية شعار ترتفع أعلامه في هذا العصر لكثرة الوسائل ،
    ومن قبل كان واحدا من سبل الشيطان وحِبالاتِه ، وأصوله ضاربة بأطنابها في أعماق تاريخ البشر ، منذ أن طوعت لأحد ابني آدم نفسه قتل أخيه فقتله ،
    غير أنه ندم وأصحاب هذه المقولة لا يندمون ، والسبب في ذلك أنهم يعملون بها على أنها قانون من قوانين الحياة ،
    ومن يعمل كذلك يفرح بالغاية ولا يندم ؛ لأنه ينطلق من مبدأ ، وقابيل لم يكن له من قائد سوى الأثرة والهوى.

    إن غريزة حب البقاء ، والطمع ، والهوى ، وخبث الطوية، والغل، والحسد من وراء تبرير الوسيلة للوصول إلى الغاية ،
    ومن زَعَماتِ زعماء صِهْيَون (على وزن فِرعَون) أنهم صفوة العالم وشعب الله المختار، وهم أحق بالحياة الدنيا، والدار الآخرة خالصة لهم؛ لأنهم أولياء لله من دون الناس..
    وإفسادهم اليوم وبغيهم وعدوانهم وكيدهم الأحمر وقتلهم الناس بغير حق صورة من صور القسوة التي عوقبت بها قلوبهم ،
    فطوعت لهم أنفسهم العمل بكل وسيلة تورث بقاءهم وتطيل حياتهم ،
    فحياة غيرهم تبدأ حينما تنتهي حياتهم وحياتهم هي الحقيقة بالبقاء وحدها ولا نهاية لها إلى يوم يبعثون..
    ألا فليعلم العالَم أنّ من يقتلون اليوم في (غزة) لو كانوا يهودا واعتدى عليهم بعض المسلمين بهذه الوحشية والقصف المدمر لوجب على المسلمين ردّ البغي والظلم وكفّ أيدي الناس عنهم..
    فكيف والظالمون هم الصهاينة، وأهل غزة يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله؟!
    إن الله على نصرهم لقدير.



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...