هل نرى الدنيا على حقيقتها ؟!!!!

سؤال غريب أليس كذلك ؟! ... لكن هناك المزيد ...

هل هذه السماء زرقاء فعلا .. و هل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
هل العسل حلو .. والعلقم مر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الجدران صماء ؟

ربما تظن/ تظنين بأن هذه الأسئلة لها إجابات بديهية ... و قد فرغ العلم منها منذ زمن ...
لكن .. لا ...
الإجابة عن هذه الأسئلة هي ..
لا ...
ليست هذه الحقيقة ...
هذا ما نراه .. وما نشعر به بالفعل .. لكنها ليست الحقيقة ...
لكن كيف هذا ؟ أيعقل بأنها ليست كذلك ؟
لنعلم السبب وراء هذه الإجابة التي فاقت الأسئلة في غرابتها ..
سنتطرق فيما يلي لسبب الإجابة بلا عن كل سؤالٍ على حدا ...

الألوان ...
هي إحدى نعم الله علينا ..
فبدونها كيف لنا أن نتمتع بالنظر للجمال من حولنا ؟
و جميعنا يعلم بأن اللون الأبيض إذا ما حللناه وجدناه يتكون من ألوان الطيف السبعة ..
لكن إذا درسنا ماهية هذه الألوان .. سنجدها ليست ألوانا !!
بل سنجدها عبارة عن
موجات تختلف في طولها فقط ..
لكن أعيننا لا تستطيع رؤية الموجات كموجات ..
فكل ما يحصل أن الخلايا العصبية في شبكية العين تتأثر بكل نوع من الموجات بطريقة مختلفة ..
فتترجم مراكز الإبصار في المخ هذا التأثرالعصبي على شكل ألوان ..
أي أن اللون هو عبارة عن ترجمة أدمغتنا لهذه الموجة فقط ..
فكل موجة ذات طول معين لها
ترجمة اصطلاحية في المخ مرادفة لها ..

للتوضيح :

الحقول الخضراء ليست خضراء أصلا ..
إنما أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ما عدا تلك الموجة ذات الطول الموجي المعين
التي تدخل أعيننا وتؤثر على خلاياها
فتكون ترجمة هذا التأثر في اصطلاحات المخ ما نسميه باللون الأخضر
أي لا وجود للون الأخضر بل توجد موجته التي يصورها لنا المخ بهيئة اللون الأخضر لنفرق بينها وبين موجات الضوء المختلفة التي يترجمها المخ كألوان أخرى ...

ليس هذا فقط ..
بل أن ما نراه من لونٍ للأشياء رغم أنه مجرد تصور لأدمغتنا فقط ف
هو ليس بالضرورة
أن يكون الحقيقة
.. بل ربما يكون ما يتلاءم مع تركيبنا فقط ...

مثال :




هذه الوردة نراها نحن بيضاء .. بينما تراها النحلة زرقاء .. أما الثور فيراها رمادية ... والكلب يراها سوداء
إذن ما هو
لون الوردة الحقيقي ؟.
لا يعلم ذلك إلا
الله سبحانه و تعالى وحده ..

لكن لما اختلفت رؤية لون الوردة بين الكائنات ..
هذا يعتمد على شيئين :

1. تركيب العين ... هل تحتوي على خلايا مخروطية أم لا ؟ وهي الخلايا المسئولة عن رؤية الألوان .

2. مدى تعقيد تركيب الفص البصري في المخ ...


إذن كلما نظرت إلى لونٍ ما ... فلتتذكر بأن هذا هو لونه بالنسبة لك فقط ، أما ما هو لونه الحقيقي فالله أعلم به ..

العسل ... تتذوقه ألسنتنا بطعمه الحلو ...
لكن ..
دودة المش لا تقربه ولا تتذوقه ...
إذن ..فالحلاوة هي صفة نسبية .. نسبة لأعضاء التذوق لدى الكائن
فترجمة أدمغتنا لتأثير العسل على اللسان هي المذاق الحلو ...
لكن بالنسبة لدودة المش الترجمة مختلفة فهي أقرب للمرارة ...
فهل العسل حقيقة حلو أو مر المذاق ؟
لا يعلم هذا إلا
الله سبحانه وتعالى ..

الماء ، البخار ، و الجليد .. مادة كيميائية واحدة ، تركيبها الكيميائي هو اتحاد ذرتي الهيدروجين مع ذرة الأكسجين
وما بين هذه الحالات من اختلاف ليس اختلافا في حقيقتها بل اختلافا في كيفيتها ..
فحينما نضع الماء على النار ..فإننا نزوده بالحرارة ..
فتزداد حركة جزيئاته وتتباعد إلى أن تصل إلى درجة تتفكك فيها الجزيئات وتصبح سابحة بعيدة عن بعضها فتترجمها أدمغتنا على أنها غاز ( البخار ) ..
ولكن إذا فقدت الطاقة ( الحرارة ) فتتباطئ حركة الجزيئات وتقارب من بعضها لتصل إلى درجة من التقارب تترجم لدينا على أنها السيولة ( الماء ) ...
ومع زيادة فقد الطاقة وزيادة التقارب حتى تصل إلى درجة من التقارب تترجمها حواسنا على أنها الصلابة ( الجليد ) ..
أي أن حالات المادة ما هي إلا ترجمات لأدمغتنا لدرجات تقارب جزيئات المادة ...
فلربما إن وجدت كائنات أخرى .. تكون المقاييس لديها مختلفة و بذلك تختلف حالة المادة لديها ..
فالسائل لدينا غاز لديهم ..
فعندما تلامس يديك الماء ، تذكر بأنها مجرد جزيئات متباعدة تباعدا جعلك تراها سائلة ..
فيا سبحان
الله ..

جزيئات كل المواد حتى الحديد مخلخلة ومنفصلة عن بعضها .. بل إن الجزيء نفسه مكون من ذرات منفصلة..
والذرة مكونة من بروتونات و إلكترونات هي الأخرى منفصلة ومخلخلة ومتباعدة
تباعد الشمس عن كواكبها .. أتتصورون مدى بعد المسافة !!!
كل المواد وحتى
الصلب منها عبارة عن خلاء منثورة فيها الذرات ..
ولو أن حسنا البصري مكتمل لأمكننا أن
نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلل كنسيج الغربال
ولو كنا نرى عن طريق أشعة أكس ، لا عن طريق النور العادي لرأينا بعضنا عبارة عن هياكل عظمية ، لأن أشعة إكس تخترق المسافات الجزيئة في اللحم ..
وتراه في شفافية الزجاج ..

ليس هذا كل شيء ..
فنحن لا نرى الأشياء مشوهه عن أصلها فقط ..
وإنما
لا نراها إطلاقا في بعض الأحيان !!..
فمثلا .. هناك غير ألوان الطيف السبعة .. فهناك أمواج أقصر من أن ندركها هي فوق البنفسجية ..
وهناك أمواج أطول من أن نراها هي تحت الحمراء .. ومثل ذلك الأصوات ..

وعلى العكس فأحيانا
نرى أشياء لا وجود لها !!!!..
فبعض النجوم التي نراها في السماء ...
قد تكون انفجرت و اختفت أي لا وجود لها ..
وما نراه هو مجرد ضوءها الذي كانت تبعثه قبل ملايين السنين و قد وصل إلينا الآن
( أي أننا نرى ماضيها فقط أما حاضرها فلا يعلمه إلا
الله ولن نتمكن من معرفته إلا بعد مضي ملايين السنين )..
فكلما نظرت إلى نجم في السماء .. تذكر عظمة قوله تعالى :
(( فلا أقسم بمواقع النجوم * و إنه لقسم لو تعلمون عظيم ))
فأنت تنظر لنجم لا تعلم أين هو الآن .. بل إن كان ما يزال له في وجود مكان ..

إذن فالعالم الذي نراه و نشعر به ، هو عالم اصطلاحي كونته لنا أدمغتنا ..
لكن العالم الحقيقي و ماهية الأشياء فيه ..
ستظل غامضة و لا يعلمها إلا الذي خلقها سبحانه و تعالى ..

إذن .. فهناك أكثر من دنيا
هناك الدنيا كما هي في الحقيقة والتي لا نعرفها .. ولا يعرفها إلا الله
وهناك دنيانا كما نراها نحن ...
وهناك الدنيا كما يراها الصرصور .. وهي مختلفة تماما عن دنيانا ، لأن الجهاز العصبي للصرصور مختلف تماما عن جهازنا .. فهو يرى الشمس بطريقة مختلفة .. وهو لا يرى الشجرة كما نراها نحن شجرة ..و لا يميز الألوان ..
وهكذا كل طبقة من طبقات المخلوقات لها دنيا خاصة بها .. وحيث لا توجد وسائل للتخاطب بين طبقات الكائنات فكل طبقة تعيش سجينة في تصوراتها ..

وهكذا إخوتي و أخواتي الكرام أختم هذا الموضوع على أمل أن يكون قد جعلنا نرى الأشياء حولنا بأعين عقولنا لا بحواسنا القاصرة فقط ،
واستشعرنا
عظمة الخالق سبحانه و تعالى عن طريق تأملنا في خلقه لنا و للكون من حولنا ..
وهنا يتجلى معنى قوله تعالى :
(( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ))
فكلما ازددنا علما أدركنا مدى جهلنا ..

فكل ما يمكن للعلم أن يدركه هو
الكميات و الكيفيات ، لكن لا سبيل له لإدراك الماهيات
فمقدار من نعلمه عن عالم الشهادة يماثل ما نعلمه عن عالم الغيب ...
ومن هنا ندرك الإعجاز في
قوله سبحانه وتعالى :

(( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ))

1. كتاب إينشتاين و النسبية للدكتور مصطفى محمود ..
2. برنامج " بيني و بينكم " للدكتور محمد العوضي – حلقة الإعجاز العلمي في عالم الغيب و الشهادة .


ملاحظة هامة

معظم فقرات الموضوع مقتبسة بتصرف أو أعيدت صياغتها من المصدر الأول مع تبيين بعض النقاط من المصدر الثاني ..