السنة النبوية و الدفاع عنها

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    الصورة الرمزية عُبيدة

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    4,267
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Book Icon السنة النبوية و الدفاع عنها


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
    فقد توالت الطعنات وتتابعت الضربات عبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة هجومًا على سنة النبي صلى الله عليه وسلم من أعداء السنة على اختلاف مشاربهم، ولأن الباطل قد يجد من يسمع له ويصغي، خاصةً وأن القوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا فيُلَبِّسُون على الناس دينهم، ويُفْسدون عليهم عقائدهم، الأمر الذي يستدعي من أهل السنة والجماعة التصدي لهذه الهجمة الشرسة دفاعًا عن السنة والذَّبِ عنها، والتأكيد على حُجيتها وكونها مصدرًا للتشريع وإبطال دعوى الاستغناء عنها بالقرآن.
    ونسوق في هذا المقال الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة التي تدل على حجية السنة النبوية وبيان منزلتها ومكانتها كمصدر للتشريع وأنها وحي كالقرآن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
    : «ألا إني أوتيت القرآن ومثله». [إسناده حسن أخرجه أحمد في مسنده برقم (31271)] فنقول مستعينين بالله عز وجل:

    الأدلة من القرآن الكريم

    أولا: دلت آيات القرآن الكريم على وجوب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعه والرضى بحكمه:
    1 ـ قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم [الحجرات:1].
    قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: «لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة».
    [رواه ابن جرير في «التفسير»، (62/611)]
    وقال سفيان ـ رحمه الله ـ: «دعوا السنة تمضي، لا تعرضوا لها بالرأي». [إعلام الموقعين (1/87)]
    وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: (أي: لا تقولوا حتى يقول، ولا تأمروا حتى يأمر، ولا تفتوا حتى يفتي، ولا تقطعوا أمرًا حتى يكون هو الذي يحكم فيه، ويُمضيه). [السابق (1/45)]
    2 ـ وقال عز وجل: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء:56].
    عن عروة قال: (خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ فِي شِرَاجٍ مِنَ الـْحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ»، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَي الجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ»، واستوعى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار عليهما بأمرٍ لهما فيه سَعة، قال الزبير: فما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء:56]». [رواه البخاري (5854)]


    ثانيًا: السنة تُبين القرآن وتوضحه:

    1 ـ قال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون [النحل:44].
    فصح أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كله في الدين وحي من عند الله ـ عز وجل ـ، لا شك في ذلك، ولا خلاف بين أحد من أهل اللغة والشريعة في أن كل وحي نزل من عند الله فهو ذكر منزل، فالوحي كله محفوظ بحفظ الله ـ تعالى ـ له بيقين، وكل ما تكفل الله بحفظه فمضمون ألا يضيع منه، وأن لا يحرفَ منه شيء أبدًا تحريفًا، لا يأتي البيان ببطلانه. اهـ.
    [الإحكام 1/901]
    2 ـ وقوله تعالى: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والـحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين [الجمعة:2].
    3 ـ وقال عز وجل: واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والـحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا [الأحزاب:43].
    عطف الله الحكمة على الكتاب، وذلك يقتضي المغايرة، وأنها ليست إياه، ولا يصح أن تكون شيئًا آخر غير الكتاب والسنة؛ لأن الله تعالى امتنَّ علينا بتعليمها، والْـمَنُّ لا يكون إلا بما هو صواب، وحق مطابق لما عنده، فتكون الحكمة واجبة الاتباع كالكتاب، خصوصًا وأن الله قد قرنها به، (وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مُبَيِّنَةٌ عن الله معنى ما أراد، دليلا على خاصِّه وعامِّه، ثم قرن الحكمة بها بكتابه، فأتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسوله). اهـ. [انظر: الرسالة ص87-97].
    قال الشافعي ـ رحمه الله ـ: (سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ). اهـ. [الرسالة ص87]
    قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: (والكتاب هو القرآن، والحكمة هي السنة باتفاق السلف، وما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله ـ سبحانه ـ فهو في وجوب تصديقه والإيمان به، كما أخبر به الرب ـ تعالى ـ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، هذا أصل متفق عليه بين أهل الإسلام، لا ينكره إلا من ليس منهم).
    اهـ. [الروح ص501]


    ثالثًا: وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم طاعة مطلقة وأن طاعته طاعة لله تعالى:

    1 ـ قوله تعالى: وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون [آل عمران:231].
    2 ـ وقوله تعالى: قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين [آل عمران:23].
    3 ـ وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون [الأنفال:02].
    4 ـ وقوله جل وعلا: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا [النساء:95].
    قال ميمون بن مهران: «الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله إن كان حيًّا، فإن قبضه الله إليه فالرد إلى السنة». [تفسير الطبري (5/151)]
    قال الحافظ في الفتح: (فكأن التقدير: أطيعوا الله فيما نص عليكم القرآن، وأطيعوا الرسول فيما بَيَّنَ لكم من القرآن، وما ينصه عليكم من السنة، أو المعني: أطيعوا الله فيما أمركم به من الوحي المتعبد بتلاوته، وأطيعوا الرسول فيما يأمركم به من الوحي الذي ليس بقرآن). اهـ.
    [فتح الباري (31/111)]
    قال الطيبي: (أعاد الفعل في قوله: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول إشارة إلى استقلال الرسول بالطاعة، ولم يعده في أولي الأمر إشارة إلي أنه يوجد فيهم من لا تجب طاعته). اهـ. [فتح الباري: 31/111-211]


    رابعًا: وجوب اتباع النبي وأن اتباعه لازم لمحبته:

    دلت آيات القرآن الكريم على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما يصدر عنه؛ والتأسي به في ذلك، وعلى أن اتباعه لازم لمحبة الله تعالى. فمن ذلك:
    1 ـ قوله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم [آل عمران:13]
    2 ـ وقوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا [الأحزاب:12].
    3 ـ وقوله تعالى: ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون (651) الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالـمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون [الأعراف:651-751].


    خامسًا: السنة وحي كالقرآن الكريم:

    1 ـ قوله تعالى: وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3، 4].
    قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: (ولم يقل: «وما ينطق بالهوى»؛ لأن نفي نطقه عن الهوى أبلغ؛ فإنه يتضمن أن نطقه لا يصدر عن هوى، وإذا لم يصدر عن هوى فكيف ينطق به؟ فتضمن نفي الأمرين: نفي الهوى عن مصدر النطق، ونفيه عن نفسه، فنُطقه بالحق، ومصدره الهدى والرشاد لا الغي والضلال). اهـ. [بدائع التفسير (4/672)]


    الأدلة من السنة النبوية


    قد ورد في السنة من الأدلة ما يدل دلالة قاطعة على حجية السنة الشريفة؛ فمنها:
    1 ـ ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس كتب عليكم الحج»، قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: «لو قُلتها لوجبت، ولو وجبت لم تَعْمَلُوا بها، ولم تستطيعوا أن تَعْمَلُوا بها، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع». [أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/552) وصححه الشيخ أحمد شاكر]
    2 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». [رواه البخاري (788)]
    3 ـ وعن أبي رافع رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا أُلْفِيَّن أَحَدَكم مُتَّكِئًا على أريكَتِهِ، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدناه في كتاب الله اتَّبَعْنَاهُ». [أخرجه الإمام أحمد (6/8) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (9483)]
    4 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله». [أخرجه البخاري (7317)]
    5 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى»، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى». [أخرجه البخاري (0827)]
    6 ـ وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه مرفوعًا: «وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ». [صحيح أخرجه الترمذي (6762)]
    7 ـ وعنه صلى الله عليه وسلم قال: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم». [رواه مالك في الموطأ]
    فَعَلَّقَ صلى الله عليه وسلم العصمة من الضلال على التمسك بالقرآن والسنة معًا، وما عُلِّق على شرطين لا يتم بأحدهما، وقال تعالى: قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ الـمبين [النور:45]، وقال عز وجل: وما كان لـمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الـخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [الأحزاب:63]؛ فمِن ثَمَّ يجب القطع بضلال من جحد حجية السنة، وادَّعى الاقتصار على القرآن الكريم، كما هو شعار المبتدعة في كل عصر ومصر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم».
    [جزء من أثر رواه مسلم، (652)، (456)]
    8 ـ وقال أيوب السختياني: (إذا حدثت الرجل بسنة، فقال: «دعنا من هذا، وأنبئنا عن القرآن»، فاعلم أنه ضال). [حجية السنة ص233]
    إنَّ فَصْلَ السنة عن القرآن يفتح المجال للمبتدعة كي يفسدوا معاني القرآن الكريم ما شاءوا أن يُفسدوا، دون أن يُجابَهوا بما يبينها من السنة الشريفة، وما أكثر النصوص القرآنية العامة، أو المطلقة، التي يستدل بها المبتدعون إذا فُهمت بمعزل عن السنة التي تفسرها، وتبينها بيانًا يتعين المصير إليه.
    9 ـ وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «نَضَّرَ الله امْرَأً سمِعَ منا حديثا، فحفظه، حتى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حامل فِقْهٍ إلى من هو أَفْقَهُ مِنه، وَرُبَّ حامل فقه ليس بفقيه». [أخرجه الإمام أحمد (5/381)]
    وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قول النبي صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس، بعد أن أمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع: «احفظوه، وأخبروا من وراءكم».
    [أخرجه الإمام أحمد (1/734)]
    وقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتعمد الكذب عليه بتبوئ مقعده من النار، وحذر من ذلك أشد التحذير، وما ذاك إلا لأنه ـ أي الكذب عليه ـ مستلزم لتبديل الأحكام الشرعية، واعتقاد الحرام حلالا، والحلال حرامًا.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم».
    [رواه مسلم (1/59)]


    أقوال سلف الأمة

    قال عمر رضي الله عنه: «سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله». [سنن الدارمي (1/94)]
    ولما أرسل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ابن عباس رضي الله عنهما إلى الخوارج قال له: «اذهب إليهم فخاصمهم، ولا تحاجهم بالقرآن؛ فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة». [حجية السنة ص923]
    وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه: (أنهم كانوا يتذاكرون الحديث، فقال رجل: دعونا من هذا وجيئونا بكتاب الله، فقال عمران: إنك أحمق؛ أتجد في كتاب الله الصلاة مفسرة؟ أتجد في كتاب الله الصيام مفسرًا؟ إن القرآن أحكم ذلك، والسنة تفسره). [جامع بيان العلم (2/2911)]
    وأخرج مالك عن ابن شهاب عن رجل من آل خالد ابن أُسِيد: أنه سأل عبد الله بن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن، ولا نجد صلاة السفر؟ فقال ابن عمر: يا ابن أخي، إن الله عز وجل بعث إلينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ، ولا نعلم شيئًا فإنما نفعل كما رأيناه يفعل). [الموطأ ص901]
    وأخرج البيهقي في «المدخل» من طريق شبيب بن أبي فضالة المكي، أن عمران بن حصين رضي الله عنه ذَكَرَ الشفاعة، فقال رجل من القوم: «يا أبا نجيد، إنكم تحدثوننا بأحاديث، لم نجد لها أصلا في القرآن»، فغضب عمران، وقال للرجل: قرأتَ القرآن؟ قال: نعم، قال: فهل وجدت فيه صلاة العشاء أربعًا، ووجدت المغرب ثلاثًا، والغداةَ ركعتين، والظهر أربعًا، والعصر أربعًا؟ قال: لا. قال: فعمن أخذتم ذلك؟! ألستم عنا أخذتموه، وأخذناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! أوجدتم فيه: في كل أربعين شاةٍ شاة، وفي كل كذا بعير كذا، وفي كل كذا درهم كذا؟ قال: لا، قال: فعمن أخذتم ذلك؟! ألستم عنا أخذتموه، وأخذناه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟! قال: في القرآن وليطوفوا بالبيت العتيق [الحج:92]، أوجدتم فيه: فطوفوا سبعًا، واركعوا ركعتين خلف المقام؟ أوجدتم في القرآن: «لا جَلَبَ ولا جَنَبَ، ولا شِغَارَ في الإسلام»؟!.
    أما سمعتم الله قال في كتابه: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب [الحشر:7]، قال عمران: «فقد أخذنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء ليس لكم بها علم».
    [حجية السنة ص033-133]
    وذكر ابن عبد البر في كتابه (جامع بيان العلم)، عن عبد الرحمن بن يزيد: أنه رأى محرمًا يحج، وعليه ثيابه، فقال: ائتني بآية من كتاب الله تنزع ثيابي، قال: فقرأ عليه: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب [الحشر:7].
    وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أن امرأة جاءت إليه، فقالت له: أنت الذي تقول: «لَعَنَ الله النامصات والمتنمصات والواشمات»... الحديث؟ قال: نعم، قالت: فإني قرأت كتاب الله من أوَّله إلى آخره، فلم أجد فيه ما تقول، فقال لها: إن كنتِ قرأتِيهِ لقد وجدتيه، أما قرأتِ: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب؟! قالت: بلى، قال: فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لعن الله النامصات»... [رواه البخاري (6884)]
    قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ في المحلى 2/002: «في أي قرآن وجد أن الظهر أربع ركعات، وأن المغرب ثلاث ركعات، وأن الركوع على صفة كذا، والسجود على صفة كذا، وصفة القراءة فيها والسلام، وبيان ما يُجْتَنَبُ في الصوم، وبيان كيفية زكاة الذهب والفضة، والغنم والإبل والبقر، ومقدار الأعداد المأخوذة منها الزكاة، ومقدار الزكاة المأخوذة، وبيان أعمال الحج؛ من الوقوف بعرفة، وصفة الصلاة بها، وبمزدلفة، ورمي الجمار، وصفة الإحرام، وما يجتنب فيه، وقطع السارق، وصفة الرضاع المحرم، وما يحرم من المآكل، وأحكام الذبائح والضحايا، وأحكام الحدود، وصفة وقوع الطلاق، وأحكام البيوع، وبيان الربا، والأقضية، والتداعي، والأيمان، والأحباس، والعمرى، والصدقات، وسائر أنواع الفقه؟
    وإنما في القرآن جمل لو تُركنا وإياها لم ندر كيف نعمل بها، وإنما المرجوع إليه في كل ذلك النقلُ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك الإجماع إنما هو في مسائل يسيرةٍ، فلا بد من الرجوع إلى الحديث ضرورة، ولو أن امرأ قال: لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافرًا بإجماع الأمة، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر؛ لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حَدَّ للأكثر في ذلك، وقائل هذا كافر مشرك، حلال الدم والمال). اهـ.
    وبعد فقد بان للأمة مكانة السنة ومنزلتها في التشريع، فهل يتوقف سيل الضلالات والانحرافات عبر الفضائيات والصحف والمجلات التي تهاجم سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يرتدع العلمانيون وأشباههم عن غيهم وضلالهم، هذا ما نأمله ونرجوه.
    والله تعالى من وراء القصد.



  2. #2

    الصورة الرمزية أبو رويم

    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المـشـــاركــات
    4,560
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: السنة النبوية و الدفاع عنها

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله خيراً أخى عبد الله وبارك الله فيك
    وجعل هذه المواضيع فى ميزان حسناتك ووفقك لكل خير



  3. #3

    الصورة الرمزية عُبيدة

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    4,267
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: السنة النبوية و الدفاع عنها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو رويم مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله خيراً أخى عبد الله وبارك الله فيك
    وجعل هذه المواضيع فى ميزان حسناتك ووفقك لكل خير


    بارك الله فيك اخى الحبيب عبد الرحمن
    وجزاك الله كل خير
    وتقبل الله منك اعمالك وضاعف حسناتك
    وجزاك الله خير الجزاء

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...