بسم الله الرحمن الرحيم
بمرور الأعوام والأيام، وكما في قصصِ شهرزاد .. شهرُ زاد ويوليو جاء، رجبي انتهى وشعبانِي جاء..
وشهوري التي تسري وأوقاتي التي تجري..
وفي سنتِي الماضية من سنيني التي تمضي..
فبعد أن كتبت في مذكرتي "ها أنا في أولى كلية"..
وكلمة "جامعي" التي عثرتُ عليهَا في سجلي وسجل غيرِي ممن هم في سني..
وفي يومٍ من تلك الأيام .. استيقظ العبد للرحمن "عبدالرحمن آل رسلان"،،
وهو يسمع صوتا أعظَم من صوت صرصور ، هل هو إنذار أم انفجار ؟! أم نهاية العالم أم الدمار..
ما ذلك الحفلُ الصاخب .. الذي لم يعثر على غيرِ طبلة أذني ليستخدمها في التّطبيلِ ؟ وتفعيل للرقص وحظر للنوم على السرير ..
أم هو مجرد أداة مزعجة تغرد للتنبيه .. توقظ النائمين من الجنود وتقوم بالتوجيه..
من أجمل نومة قاطعني وانفزعت .. أقول "أين ؟!"، "ما هي ؟!"
وفي شدة البرد صحوت وخلعت البطانية..
أطفأت المنبهَ قائلًا: ما بك يا منبه ؟!
لقد أفزعتني، خير ؟ هل النوم أصبح محرم لي أو محرم على السريرِ ؟
وقبل أن تجيب أعلم ما ستقول..
فأنا من طلب منك أن تزعجني أيها المنبه وتنبهني وتقول..
وتوقظني فليس في الجامعة من يوقظني وينبهني..
فأين أيام الابتدائية وأمي التي كانت ترافق الحليب وتوقظني بحنان..
أين أبي الذي كان ينتظرني بسيارتِه أنا متأخّر وهو غاضب على وشك الجِنَان..
تذكرت أني هنا لوحدي واعتمد هنا بعد ربي على نفسي..
وعلى هذا الحفل الصّاخِب المصغَّر الذي قاطَعَني..
الآن يجب أن نزعج أنفسنا لنلحق الموعد .. أم تطفئ منَبهك وتنام ولكن يا حبيبي ستطرد..
يا ويلي لقد تَأخرنا على المَوعِد!
اليوم هناك امتحان ومحاضَرة سيسبقني منها الزمان..
هيا لنرتدي الزي الحربي .. ونقفز بسرعة من الشرفات بحِبالنَا..
فعند استعجالنا نتجاهل وجود السَّلالِم وهل نحن أفطرنا ؟
تأخّرنا..
فالسَّاعَة الثَّامِنة تُسَابقنا..
إلى الحَرب ذاهبون بإرادتنا..
تصرخ لربما ترعبنَا..
وتجرح لربما تعيقنا..
وتقتل لربما توقفنا..
لكننا رجال لا يهمنا..
إلى الحرب يا "تاكسي" أوصلنا..
وللمدرج ذاهبون .. شهداءٌ أو منتصرون ولن تعيقنا ولو حتى أنفسنا..
ولن نسمح لظروفنا أن تعيقنا..
ففي شوارع جامعتنا مشينا..
وفي شوارع مدينتنا عبرنا..
نعاني ونكافح ولا شكونا..
نسابق المدة وتسابقنا..
نصارع المد وهو يجرفنا..
نمرجح الزمن وهو يرقص بنا..
نضاعف العجلة وهي تدهسنا..
نرفع التسارع وهو يصرعنا..
نقاوم الجاذبية وهي تسحبنا..
نسرع لعلنا نلحق ميعادنا، ولعل ميعادنا يسرع فيسبقنا..
دخلت الجامعة وصلت الكلية..
دخلت للمدرج حيث النكد والظروف المناخية القهرية..
أفكر بأن ألطم واقول أين أنتي يا ثانوية..
طلقتك بالثلاث وطردتك بعيدًا عن عَينيّ..
ثم ندمت عالطلاق ندم تائب وكأني كنت من "الحرامية"..
فما أراه الآن ليست محاضرة طبيعية..
لا أحد منا فهم كلمة حتى يقول "هذه هي"..
ولا أجد حلاوة حتى أقول لها يا عسلية..
ولا أعرف حتى هل نحن رزُّ أم ملوخية..
انتهت محاضرتنا السحرية..
واتصل بي محمد من الشرقية..
كان زميلي في الثانوية..
ليطمأن ويسألني هل أنت حي أم ميت في هذه الحرب العالمية..
- أطمئنك أنا بخير وسأظل بخير ولو حتى أصبحت مصائبي باليوميّة..
فأنا بخير ما دام من في قلبي بخير وما دمت أتنفس وأقف على رجليّ..
أنا عنيد ودائمًا عنيد وأنت تعرفني في وقت الجدية..
ولو وقف في طريقي شيء وفرضنا أني لم أستطيع الحصول عليه فلن أبكي لأجله لكن سأدمره وأنساه وفوق ذلك سأعثر على غيره مية..
الهزيمة مهما كانت ليس لها بيننا مكان ولو حتى في أفلامنا الهندية..
ولو حصلت الهزيمة مرة ولو وصلت إلى مليون مرة فلن تصبح هزيمة يا شعب إطلاقًا قبل أن تعترف بها حالتنا النفسية..
وكيف ستعترف بها حالتنا النفسية وكل باب مغلق هناك غيره أبواب كثيرة مفاتيحها في مكان ما مرمية..
ولو طريقنا وصل لآخر مساره لا نيأس ونتوقف ولكن سنحاول الاتجاه يمينًا أو يسارًا بسيارتنا القوية..
وفي البداية والنهاية، توفيقنا والمستقبل بيد الرب .. ليس بمزاج دكاترة أو أناس بشرية..
أغلقت صفحة مذكرات المكالمة وما قبلها لأكتب فيما بعدها وأنا على علم بأن كل ما مر علي من أيامي السوداء قبل هذه الصفحة،،
ستصبح ولا شيء بالنسبة لبعض أيامي القادمة..
متشوق يا حاضر للمستبقل يا ترى ماذا أنت تخبئ لي ؟؟ حيرت أهلي معك لكن لم التعجل ؟؟ هذا العمر سيمر في ثانية !
إلهي وفقني ووفق كل من في قلبي قبلي والطف بي وابعد عنا الاذية..
قاطعني زملائي المجندون في الجيش فالحرب الأقوى ستبدأ الآن..
أغلقت المكالمة فسيبأ الامتحان بعد ربع ساعة من الآن...
بعيارات الخمسة ملم، عمرنا بالسنون أقلامنا..
ومشاط السبعة ملم، واحتياطي أقلام لمزاجنا..
وكتبنا توزن أطنان، تصلح ذخيرة لمدافعنا..
ومواد مناهجها طلاسم فليحضرو لنا ساحرًا كي يترجمها..
لكن نسأل الله أن نفهمه ولا يسحرنا..
أو يكون كما الذين سبقوه فيظلمنا..
طلاسم ويا زميلي عاصم قل معي "يا ساتر استرنا"..
وامتحانات مسمومة نراها بأعيننا..
ثم ظهر العميد وهو فينا شمتان..
"حلّو ما تعرفوه إذا عرفتو حلًا لشيء"..
"وإذا "لم" فهذا أفضل؛ سنضع لكم الصفر ومن عناء التصحيح أرحتونا"..
بالله عليك هل أنت حقًا عميد ؟
هل أنت عميد في كليتنا تقودنا في جامعة حكومية ؟؟
أم أنت عميدُ في جيش العدو تحاربنا في ساحة عسكرية ؟!
لكم أتمنى أن أصبح "سوبر مان" وأخرج أشعة من عيني لأدمر هذا الشخص بأشعة من عيني..
لكن هذا أفضل، أخشى أن أرسل عليه أشعة من عيني فيعكسها بمرآته التي تقع فوق جمجمته فيقضي علي..
قليل من الوقت ثم أعطى العميد الإشارة للعساكر فقامو لنا..
هددونا بالرصاص فأسكتوننا..
أجلسونا واختبرونا ثم أوقفونا وطردونا..
بعدما أعطونا ورق مفخخ وفجرونا..
أعطونا الصفر مع مرتبة الشرف وكرمونا..
ودرجات أرقامها "بايناري" أصفارٌ أغلبها..
ونتائج كالسكاكين التي غدرت بنا..
خللتنا خمرتنا خلعتنا خربتنا خرشمتنا خلتنا قلنا،،
استوينا اطبخنا اتسلقنا اتقلينا اتشوينا..
لكننا في النهاية بالصمت والصمود رددنا..
تجاهلنا الصعاب وبالفعل لا بالقول اشتغلنا..
وفي كل العواقب تحملنا وحاربنا..
وعندما ضعِفنا ضاعَفنا تيارنا من الـ100 للـ200 فولت وما فوق حوّلنا..
بذلنا الجهد وبكل طاقاتنا حاولنا..
حتى عندما مرضنا وتعبنا تحركنا..
هرمنا ولم نقل بعد "استسلمنا"..
وفي يوم من الأيام سنقول لصغارنا "انتصرنا"..
على أيام صعبة ضيعتنا..
وبمشيئة ربنا نجحنا وأنجزنا..
زفينا وأنجبنا ونسينا..
سنينًا طويلة أرهقتنا..
أشخاص ومشاكل في حياتنا كرّهتنا..
في يوم من الأيام سنعبر والأيام الصعبة تصبح..
أي شيء يمكن نسيانه في ذكرياتنا..
ثم نجلس ونحن نأكل مع صغارنا نتذكر أيام حربنا..
شريط حياتي يمر علي كما تمر الآن في المريء معكرونتنا..
تذكرت أيام الحرب تذكرت طفولتنا..
وأقارب أعزاء في ديرتنا..
وأكرمهم الله أباءنا وأمهاتنا الذين ربونا..
أصحاب أحباب من زمن المدارس لا ننساكم ولا تنسونا..
ثم اتذكر كلام زملاءي في الكلية أيام الحرب ومزاحنا..
كنا ولا نزال وسنظل وسنستقبل الحروب بأنواعها بقوتنا وقواتنا..
اعمل يا سيدي ما عليك وادعي لك وادعي لنا..
اتوكل على ربك واجعل الأمل موجود مهما كان ليس له حاليًا مجال ما بيننا..
ومهما اسودت الطرقات وانقطعت ولم يتبقى غير طريق استسلامنا..
أيضًا ثابت واحلم بالأمل فإنك لا تدري لعلك تصحو في يوم من أيامنا..
تجد نفسك أصبحت رئيس جمهورية تترأس العالم وتترأسنا..
لا أحد ولد عظيمًا من أصغرنا لأكبرنا..
لم يصل قبل ما عانى وكره وجرح وتحمل كما عملنا..
لم يمل أبدًا فملت منه الهموم..
اشتاقت له الفرحة وصار إنسانًا مشهور..
يوم ميلادي يوم 15 مايو قد مر مرارًا وتكرارًا يا إخواننا..
19 عامًا مرو من أعمارنا والوقت مر بسرعة أمامنا..
قبل ما تفقد الأمل وتقول لا زال الوقت مبكرًا لتحقق أملنا..
خذ لك أمل من أعوامك التي مرت كيف مرت وركضت أمام أعيننا..
سلكنا طريقًا طويلًا ونحن أقرب لنهاية طريق الحروب مما ابتدأنا..
وبإذن ربي في يوم من الايام سأكتب مثل هذه كلمات لتوصف انتصارنا..
حتى ذلك الحين أتمنى لكم الخير والله يوفقكم ويوفقنا...
عبدالرحمن رسلان \\ BLaCK-BuLLeT
المفضلات