أشعر بالندم يا إلهي حتى نخاع العظم من أني ذكرت سواك بالأمس و هتفت بغير اسمك و طافت بخاطري كلمات غير كلماتك

سمحت لنفسي أن أكون مرآة للسراب و مستعمرة للأشباح
...
جهلت مقامي و نزلت عن رتبتي و ترجلت عن فرسي الأصيلة لأركب توافه الأمور و لأمشي مع السوقة و أزحف على بطني مع دود الأرض

خدعني شيطاني و استدرجني إلى مسرح العرائس الذي يديره و إلى تماثيل الطين و الزجاج و الحلي المزيفة

استدرجني إلى بيوت القماش و قصور الورق و قدمني إلى ناس يبتسمون للمصلحة و يحبون للشهوة و يقتلون للطمع و يتزاوجون للتآمر..

رجال وجوههم ملساء مدهونة و نظراتهم خائنة و لمساتهم ثعبانية و نساء تغطيهن المساحيق فلا تبدو ألوانهن الحقيقية بشرتهن مشدوة و وجوههن مكوية و خطواتهن حربائية و أيديهن تتسلل إلى القلوب يسرقن كل شيء حتى الحقائق

عالم جذاب كذاب يضوع بالعطور و يبرق بالكلمات.. عالم لزج معسول تغوص فيه الأرجل كما يغوص النمل في العسل حتى يختنق بحلاوته و يموت بلزوجته

و الأصوات في هذا العالم كلها هامسة مبللة بالشهوة تتسلل إلى ما تحت الجلد و تخترق الضمائر و تأكل الإيمان من الجذور


لــدكتور/ مصطفى محمود