[إبداع] (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

[ شظايا أدبية ]


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 26
  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    56
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Talking [إبداع] (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ربما يعتب عليّ البعض نظراَ لأنني بدأت بترجمة هذه الرواية ثم توقفت
    ولكن كل ما أطلبه هو المعذرة فقد شغلت بشكل تام عن الترجمة بسبب دراستي الجامعية

    ولكن ها نحن نعود اليوم لنكمل ما بدأناه سابقاَ

    ابتداء من الخميس القادم ( الأسبوع القادم ) سأنشر تتمة الرواية بشكل منتظم
    وإلى ذلك الحين أترككم مع ما ترجمته سابقا من الرواية



    رواية

    توم جونز

    للكاتب : هنري فلدنغ

    (1)
    وصول توم جونز إلى بيت إقطاعي أولوورثي






    عاش الإقطاعي أولوورثي في غرب انكلترا. وكان رجلاً غنياً ولطيفاً جداً ؛ ماتت زوجته , فتولت أخته الآنسة بريدجت أولوورثي الاهتمام بشؤونه.
    كانت امرأة طيبة جداً في حوالي الثلاثين من عمرها ( أو أكثر قليلاً ) ولكنها لم تكن على قدر من الجمال.
    بعد غياب دام ثلاثة أشهر في لندن , عاد السيد أولوورثي إلى منزله في وقت متأخر من إحدى الأمسيات. وبعد أن تناول طعام العشاء مع أخته , توجه إلى غرفة نومه فقد كان متعباً جداً , وبعد تلاوة صلواته جذب أغطية السرير وكان على وشك الاستلقاء على فراشه عندما رأى طفلاً رضيعاً يتمدد نائماً بين الأغطية .
    " يا للمسكين الصغير ! " تمتم السيد أولوورثي ثم راح يقرع الجرس منادياً مدبرة المنزل التي لم تكن دهشتها أقل من دهشته عندما رأت الطفل.
    فصاحت : " آه يا سيدي , ماذا نفعل ؟ "
    في هذه الأثناء , كان السيد أولوورثي قد وضع إحدى أصابعه في يد الطفل , فأخذ هذا الأخير يضغط عليها وكأنه يطلب المساعدة .
    " خذي هذا الطفل إلى سريرك واطلبي من إحدى الخادمات أن تطعمه. وفي الصباح هيئي له بعض الملابس الملائمة ثم أحضريه إلي " قال السيد أولوورثي لمدبرة المنزل.
    في الصباح التالي , قرعت الآنسة بريدجت أولوورثي الجرس داعية السيد أولوورثي لتناول طعام الفطور . وقبل أن يبدأ باحتساء الشاي قال لها : " عندي لك هدية يا أختي العزيزة " . فردت قائلة : " آه , شكراً لك يا أخي العزيز . . لابد أنها ثوب جديد أو حلية جلبتها لي مـن لندن ! ". ولكنها لم تلقى ما توقعته عندما أحضرت مدبرة المنزل الطفل الصغير . ثم روى السيد أولوورثي لأخته كيف وجده , وأردف قائلاً : " إنني أنوي العناية به وتنشئته كما لو كان طفلي ".



    (2)

    من هي الأم ؟





    بعد أن خرج السيد أولوورثي , انتظرت مدبرة المنزل لترقب سلوك الآنسة بريدجت , التي نظرت إلى الطفل ثم قالت وهي تقبله : " يا له من طفل جميل ! " .
    وبعد ذلك , أمرت بسخاء كبير إحضار كل ما يحتاجه الطفل , كما اختارت له إحدى أفضل الغرف في المنزل لتكون غرفته الخاصة . وانتهت إلى القول : " بما أن الاحتفاظ بهذا المخلوق كان فكرة أخي السخيفة , فإنني أعتقد أننا يجب أن ننزل عند رغبته " .
    وانتشر الخبر بسرعة بين نساء القرية المسنات , فأخذن يتساءلن فيما بينهن , " من هي والدته ؟ " ؛ وذكرن عدة فتيات ممن كن يسكن في القرية , وفي نهاية الأمر تركزت شكوكهن على جيني جونز .
    لم تكن جيني جونز على قدر من الجمال , ولكنها كانت شديدة الذكاء . عاشت عدة سنوات مع أستاذ مدرسة يدعى بارتريدج , وكان قد اكتشف رغبتها وسرعتها في التعلم , فعلّمها اللاتينية . وقد حصلت في الواقع على قسط من التعليم أوفر بكثير من معظم أفراد القرية , مما جعل جيرانها ينفرون منها .
    قالت إحدى النساء : " كان الناس غالباً ما يرون جيني في منزل السيد أولوورثي , فقد كانت تقوم برعاية الآنسة بريدجت فترة مرضها وتسهر على راحتها . وقد رأوها هناك في اليوم الذي سبق عودة السيد أولوورثي " .



    (3)

    من هو الأب ؟





    قيل للسيد أولوورثي أن جيني هي الأم , فأرسل في طلبها , وعندما وصلت أدخلها إلى غرفته وقال : " أنتي تعرفين يا صغيرتي أنني أستطيع أن أعاقبك بشدة , لكنني لن آخذ بعين الاعتبار أنك قد ضاعفت ذنبك بوضعك الطفل في منزلي , فأنا أدرك أنك ما فعلت ذلك إلا بدافع المشاعر الطبيعية التي تحملينها تجاهه وبأمل حصوله على رعاية أفضل من تلك التي يمكنك أنتي أو ولده توفيرها له . وكنت فعلاً سأغضب كثيراً لو أنك تركته في مكان ما تحت المطر والبرد كما تفعل بعض النساء . إلا أنك يجب أن تعي نتائج ما فعلت " .
    فصاحت جيني : " آه يا سيدي , إنني حقاً نادمة على ما فعلت " .
    " أنا أصدقك في هذا , وقد تحملت كل هذا العبء لأنني اعتقدت فعلاً بأن لديك مشاعر طيبة . ماذا أفعل بخصوصك الآن ؟ " .
    وصمت السيد أولوورثي وأخذ يفكر بعمق , ثم قال : " سوف أتدبر أمر نقلك إلى مكان بعيداً عن هنا حيث يمكنك أن تبدئي حياة أفضل تحت اسم آخر " . فقالت جيني : " ولكن . . الطفل . . ؟ " .
    " لا تشغلي نفسك بالتفكير فيه , فأنا سأعتني به وأنفق عليه أكثر مما كنت تأملين " .
    " ما أحب طيبة قلبك يا سيدي . سوف أجعلك قدوة لي وأحاول أن أعيش حياة أقوم في المستقبل " .
    " إذاً , لم يبق إلا أن تخبريني باسم والد الطفل , فغضبي منه أكبر بكثير من غضبي منك " , رد السيد أولوورثي .
    " أوه ! أتوسل إليك سيدي ألا تسألني عن اسمه , فقد قطعت عهداً على نفسي أمام الله بعدم البوح به الآن , ولكنني أعدك بالبوح لك به يوماً ما " .




    (4)

    السيد سمّر والكابتن






    كان السيد أولوورثي رجلاً طيب القلب . وكان من عادته أن يستضيف في منزله أناساً محتاجين ولكنهم شرفاء . وكان السيد سمّر واحداً من هؤلاء الناس .
    وقد كان والده صديقاً قديماً للسيد أولوورثي .وعندما توفي الأب , تكفل السيد أولوورثي بنفقات تعليم الابن في المدرسة والجامعة . وبعد أن ترك الجامعة , عاش مع السيد أولوورثي لمدة عام , وقد كان السيد سمّر رجلاً وسيماً , محترماً , ولكنه لم يعش طويلاً , فقد هاجمه المرض ووافته المنية قبل حوالي ستة أشهر من بداية قصتنا.
    كان الكابتن بليفيل , وهو ضيف آخر من ضيوف السيد أولوورثي , لا يزال في ضيافته . كان في حدود الخامسة والثلاثين من عمره , أسنانه منضدة وابتسامته جذابة . وقد تلقى تعليمه الجامعي ليصبح راهباً , كما كان والده يريد , إلا أنه بعد وفاة والده أصبح ضابطاً في الجيش . عاش بعد ذلك في ضيافة أولوورثي . وكرس وقته كله لدراسة الإنجيل .
    يقول الحكماء إنه قد قُدّر على الناس أجمعين أن يقعوا في الحي مرة واحدة في العمر . وحب الفتيات الصغيرات حب متقلب , إذ أنهن يقعن في حب رجل وسيم ولا أحد يعلم ما هن فاعلات ومن المشكوك فيه أن يكنّ أنفسهن يعلمن ذلك .ولكن الآنسة بريدجت قد بلغت السن الأنسب للوقوع في الحب . لم تغرم بوجه جميل , إذ أن وجه الكابتن كان مغطى تماماً بلحية سوداء , جعلت من المستحيل رؤية لون وجنتيه . كان بسيطاً في اختيار ملابسه , ضخم الجثة , قوي البنية , وأشبه بمزارع في الحقل . ولكن بريدجت لم تر أياً من هذه العيوب في مظهره بل فتنها أسلوب حديثه الآسر والمليء بالسحر .
    لم يكن الكابتن يأبه لجمال المرأة , بل يميل لأن يحيا حياة مستقرة وإن مع امرأة قبيحة . وقد أحب أكثر ما أحب منزل السيد أولوورثي وحديقته وأراضيه , وكان قد علم منه أنه لا ينوي أن يتزوج ثانية . وبما أن أخته كانت أقرب المقربين إليه فإن كل ما يملك سيؤول إليها بعد موته . لهذا كان الكابتن يخشى أن يشك السيد أولوورثي بأمره إذا علم بما كان يجري , فكان دائماً يعامل الآنسة بريدجت ببرود وتكلف في حضوره.
    إلا أن الأمور سارت على ما يرام , فبعد شهر طلب الكابتن بليفيل من الآنسة بريدجت أن توافق على الزواج منه . وبالطبع رفضت هذا العرض للمرة الأولى كما هي العادة . كرر طلبه بإلحاح فاستمرت هي برفضها , ولكنها لم تعد جازمة . وفي المرة الثالثة لانت وأجابت بـ (( نعم )) .
    أصبح المهم الآن هو كيفية إخبار السيد أولوورثي بالأمر .
    بينما كان السيد أولوورثي يتمشى ذات يوم في الحديقة , جاء الكابتن إليه وقال : " لقد جئت يا سيدي لأحدثك بأمر هام جداً . إنه أمر يخجلني . . . . ." .
    فقال السيد أولوورثي : " لا حاجة بكما أنت وأختي لتكونا خجلين : .
    " يا إلهي ! هل تعرف بأمر علاقتنا هذه ؟ " .
    "نعم . لقد تجاوزت أختي الثلاثين من عمرها , ومن المفترض أن تعرف ما يسعدها .
    لذلك فأنا لا أرى سبباً يجعلني أرفض الموافقة على اختيارها . إنك رجل ذو حس سليم ولا شك في أنك تحبها بقدر ما تحبك . . . " .
    ثم أخذ يتحدث عن الزواج بالتفصيل , وكان الكابتن يشيد بحكمة السيد أولوورثي ويحاول أحياناً جاهداً إخفاء ابتسامات الغبطة والحبور .



    (5)

    السيد بارتريدج المسكين





    رزقت السيدة بريدجت بطفل بعد ثمانية أشهر من زواجها من الكابتن بليفيل . وقد أبهج مولد هذا الطفل السيد أولوورثي كثيراً , ولكنه لم يقلل من حبه للطفل الآخر الذي سماه باسمه , توماس ( توم ) . وقال لأخته : " سيترعرع هذان الطفلان معاً " . فوافقته الرأي .
    إلا أن هذه الفكرة لم ترق للكابتن كثيراً , وقال : " إن السيد أولوورثي يرتكب خطأ كبيراً بهذا الخصوص . فالإنجيل يقول إن الله يصب ذنوب الآباء على الأبناء , وهذا يعني أنه يعاقب الأبناء على الأخطاء التي ارتكبها آباؤهم " . فأجاب السيد أولوورثي بأن الأطفال ليسوا أشراراً وهم بالتأكيد لم يرتكبوا أخطاء ليعاقبوا عليها , ولا علاقة لكلمات الإنجيل تلك بهذه الحالة على الإطلاق.
    أثار حب السيد أولوورثي الكبير لتوم وتعلقه به انزعاج الكابتن كثيراً فأخذ يفعل كل ما في وسعه ليحرضه ضده .
    في أحد الأيام كان الكابتن والسيد أولوورثي يتبادلان أطراف الحديث حول الدين والتصدق على الفقراء والمحتاجين . قال الكابتن : " هناك خطر يكمن في احتمال أن يُخدع المرء ويتصدق على من لا يستحق المساعدة . فأنت مثلاً تمنح المساعدة المالية ذلك التافه الذي يدعى بارتريدج " .
    كان بارتريدج أستاذ المدرسة في القرية . وكان ينجز بعض الكتابات للسيد أولوورثي , ويقص له شعره , إذ تعلم هذه المهنة من أحد الحلاقين .
    " لماذا تصف بارتريدج بالتافه ؟ " سأله السيد أولوورثي .
    " إنني أصفه بالتافه لأنه والد ذلك الطفل الذي وجدته في سريرك . إنني أعجب لعدم معرفتك ذلك , فجميع أهل القرية يعلمون هذا الأمر " .
    وهكذا أرسل السيد أولوورثي في طلب السيد بارتريدج ليدافع عن نفسه . كما حضرت أيضاً بعض نساء مسنات من أهالي القرية وشهدن بأنه مذنب . ولكنه أنكر ذلك مبرراً : " هذا غير صحيح ! إنه كذب وافتراء ! فأنا لست مذنباً . أرسلوا في طلب الفتاة جيني واسألوها " .
    كانت جيني تعيش على مسافة سفر يوم كامل من منزل السيد أولوورثي . فأرسل في طلبها وقال ك " لن أتخذ أي قرار بهذا الشأن حتى تصل جيني . وسنلتقي مرة أخرى بعد ثلاثة أيام " .
    بعد انقضاء المدة المحددة اجتمع الجميع في منزل السيد أولوورثي , وعاد الرسول ليقول : " لم أستطع أن أجدها . فقد تركت منزلها قيل أن أصل إلى هناك بأيام قليلة . لقد رحلت مع ضابط في الجيش " . فقال السيد أولوورثي : " إذاً نحن لا نستطيع أن نقول إن بارتريدج مذنب ويجب أن تتوقفوا جميعكم عن الخوض في هذا الموضوع " .
    ولكن الجيران استمروا في معاملتهم السيئة لذلك المسكين , فقرر في نهاية الأمر أن يذهب للعيش – أو لمحاولة العيش – في مكان آخر .



    (6)

    موت الكابتن







    لم يحقق الكابتن ما كان يصبو إليه , وهو أن يطرد السيد أولوورثي الطفل توم من منزله . ولم يفعل السيد أولوورثي هذا , بل كان تعلقه بالطفل يتنامى يوماً بعد يوم وكأنه كان يحاول أن يعوّض عن معاملة الناس السيئة للأب بزيادة حبه وعطفه على الابن . وقد أثار هذا الأمر حفيظة الكابتن .
    ومما كان يعكر مزاجه أيضاً قيام السيد أولوورثي بتوزيع الهبات بسخاء كل يوم هذا أو ذاك , فقد كان يرى في هذه الهدايا إنقاصاً لثروته هو . ولم يكن يتفق وزوجته في هذا الأمر أو حتى في غيره من الأمور . كان الكابتن ينظر إلى المرأة على أنها حيوان مفيد في المنزل , ويعتبرها أفضل قليلاً من القطة , ولكنها لا تختلف عنها كثيراً . فمنزل السيد أولوورثي وأراضيه كانت أهم بكثير بالنسبة له . لم يتفق وزوجته قط في حب أو كراهية شخص معيّن . فبينما كان يكره توم الصغير , بدأت السيدة بريدجت بالاهتمام به ورعايته أكثر فأكثر , وأخذت تعامله على قدم المساواة تقريباً مع ابنها .
    لقد حاول الزوجان إخفاء كل هذا عن السيد أولوورثي , إلا أنه رأى على الأرجح ما يكفي ليقلق بعض الشيء .
    كان الكابتن يعوض نفسه عن الدقائق التعيسة التي يمضيها مع زوجته , بالأفكار والآمال المشرقة التي كان يستمتع بها عندما يكون وحيداً . وقد كانت أفكاره هذه تدور حول التحسينات التي سيدخلها على منزل السيد أولوورثي وحديقته وأراضيه , ولذلك فقد قرأ العديد من الكتب التي تتحدث عن البيوت والحدائق والزراعة . إن إجراء هذه التحسينات سوف يتطلب الكثير من المال والوقت . ولكنه كان يحدث نفسه :
    " إن السيد أولوورثي يملك الكثير من المال , وهو سيؤول إليّ , وأنا أتمتع بقوة وصحة جيدة وهذا سيجعلني أعيش طويلاً لأنجز هذه الخطط " .
    لقد كان موت السيد أولوورثي هو الشيء الوحيد الذي يحتاجه الكابتن حتى يستطيع البدء بهذه التحسينات على الفور . ولذلك فقد أجرى حسابات دقيقة حول الزمن المتوقع لهذا الحدث , وأقنع نفسه بأن هناك احتمالاً كبيراً لحدوثه في غضون سنوات قليلة .
    إلا أنه في أحد الأيام , وبينما كان لا يزال منهمكاً في هذه الحسابات , مات فجأة أثناء مشواره المسائي المعتاد .
    طال انتظار السيد أولوورثي وأخته للعشاء أكثر من المعتاد , فقام السيد أولوورثي بإرسال بعض الخدم للبحث عن الكابتن .
    بدأت السيدة بليفيل بالنحيب والبكاء وقالت : " آه , لقد ضاع ! لقد قتله أحدهم ولن أتمكن من رؤيته ثانية " . وفي هذه اللحظة ذاتها جاء أحد الخدم وهو يجري ويصيح : " لقد وجدنا الكابتن " , ودخل في إثره رجلان يحملان جثة رجل ميت .
    استدعي طبيبان في الحال وخلصا إلى أن الكابتن قد فارق الحياة ولكنهما اختلفا حول سبب الوفاة . والحقيقة هي أن لكل طبيب مرضه المفضّل ليجعل منه السبب سواء تحسنت حالة المريض أو ساءت حتى الموت .
    حزنت السيدة بليفيل كثيراً . فمن الأشياء الغريبة الملاحظة غالباً أنه كلّما قلّ حب المرأة لزوجها في حياته , كان حزنها عليه بعد وفاته أكبر .
    التعديل الأخير تم بواسطة مضر ; 26-6-2007 الساعة 08:05 PM

  2. #2


    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    56
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: رواية توم جونز تعود من جديد

    (7)

    حارس الطرائد وطائر الحجل





    مرّت الآن عدة سنوات كبر توم جونز و بليفيل حيث أظهر كل منهما طباعه الحقيقية .
    كان الاعتقاد السائد هو أن توم قد وُلد ليُشنق , إذ برهن على أنه لص , فقد سرق بطة وتفاحاً من إحدى المزارع كما سرق كرة من جيب بليفيل . لكن بليفيل الصغير هذا , كان مختلفاً تماماً , فقد كان هادئاً , وحسن السلوك بل كان أفضل من أي صبي في سنّه . لقد كسب حب كل من عرفه , بينما لم يكن لتوم جونز سوى صديق واحد هو حارس الطرائد الذي يعمل لدى السيد أولوورثي , وكانت مهمته تنحصر في منع الناس من صيد أو سرقة الطيور , كالحجل مثلاً , من أرض المالك وغابته. وكلن حارس الطرائد هذا يدعى بلاك جورج .

    في أحد الأيام , خرج توم جونز لصيد الطيور مع بلاك جورج على أرض السيد أولوورثي , وبينما هما هناك , طارت بعض طيور الحجل وحطت على بعض الشجيرات على مسافة مائتي أو ثلاثة مائة ياردة خارج أرض السيد أولوورثي . فقال توم لصديقه : " هيا ! اذهب وأطلق النار على أحدهما , وأنا أعدك أنني لن أخبر أحداً . لم يكن جورج يريد القيام بذلك لأنه كان يعلم أنه لو فعل فإن السيد أولوورثي سيغضب كثيراً ويطرده من منزله وعمله . ولكن توم وعده بأنه لن يخبر أحداً .
    كانت ملكية الأرض المجاورة لأرض السيد أولوورثي تعود لشخص يدعى السيد وسترن , وقد كان هذا السيد يمتطي جواده على مقربة من المكان الذي يقف فيه توم وصديقه , عندما سمع صوت طلقتين ناريتين , فتوجه نحو مصدر الصوت ليجد توم جونز هناك , فقد اختبأ حارس الطرائد بين الشجيرات.
    فتش السيد وسترن (( توم )) فوجد طائر الحجل. فذهب إلى السيد أولوورثي في منزله وقال له : " أنا أعرف أنه كان ثمة شخص آخر هناك لأنني سمعت طلقتين , ولكني لم أستطع العثور عليه " .
    قام السيد أولوورثي باستدعاء توم وعندما وصل قال : " ولكن الطيور يا سيدي قد طارت من أرضك أنت " .
    " من هو الشخص الذي كان برفقتك " ؟
    أجابه توم : " لا أحد . لقد كنت وحدي " .
    حضر حارس الطرائد بعد أن استدعاه السيد أولوورثي .
    ولأنه كان يثق بالوعد الذي قطعه توم فقد أكدّ : " لا لم أكن معه " . وقال السيد أولوورثي بعد ذلك مخاطباً توم : " سننتظر حتى صباح الغد , فإذا لم تخبرني حتى ذلك الوقت أضعك بتصرف السيد ثواكم " .
    كان السيد ثواكم هذا مسؤولاً عن تدريس الصبيين .
    وفي الصباح التالي تلقى توم ضرباً مبرحاً منه , ومع ذلك رفض البوح باسم من كان معه . فأغضب هذا السيد ثواكم كثيراً وأخذ يضرب توم بشدة جعلت السيد أولوورثي يبدأ في الظن بأن السيد وسترن قد يكون مخطئاً .
    وقام باستدعاء توم وقال له : " أظن أنني قد ظلمتك , وقد نلت عقاباً لا تستحقه " . ثم أعطاه حصاناً صغيراً.
    فصاح توم : " أه يا سيدي , إنك طيب جداً معي " . وكاد أن يبوح بالسر , إلا أنه فكر بما قد يحدث لبلاك جورج وعائلته , فبقي صامتاً .
    ولكن الأمر لم ينتهي عند هذا الحد , فقد حدث شجار بين توم و بليفيل الصغير سببه أن بليفيل الصغير دعا توم بـ "اللقيط الحقير " , فضربه توم على أنفه . إن اللقيط هو الطفل المجهول الأبوين , ومن الفظاعة أن ندعو أي أحد بهذا اللقب.
    ذهب بليفيل إلى السيد أولوورثي و ثواكم والدم يسيل من أنفه والدموع تنهمر من عينيه وقال : " إن توم جونز هو الذي فعل هذا بي " .
    فسأله السيد أولوورثي : " لماذا فعلت هذا يا توم " ؟
    " فعلت هذا لأنه دعاني باللقيط الحقير ".
    فقال بليفيل : " هذا كذب ! فأنا لا اسمح لألفاظ كهذه أن تخرج من فمي " .
    " ولكنه فعل " , قال توم .
    فأجابه بليفيل : " إن من يكذب مرة يمكنه أن يفعل ذلك بسهولة مرة أخرى : .
    " أيّ كذب " ؟ سأله السيد ثواكم .
    " لقد قال أنه وحده عندما قتل طائر الحجل . ولكنه اعترف لي أن بلاك جورج كان معه , وجعلني أعده بعدم البوح بالسر " .
    " هل هذا صحيح " ؟ سأله السيد أولوورثي .
    فقال توم : " لقد رجاني بلاك جورج ألاَّ أدخل أرض السيد وسترن , ولكني أنا الذي دفعته إلى الدخول ووعدته بألا أخبر أحداً بالأمر لأنه كان يخشى أن تطرده وبذلك يفقد عمله وبيته . أرجوك يا سيد أولوورثي أن ترأف بحال عائلة هذا الرجل المسكين . خذ حصاني , ولكن أرجوك أن تصفح عن جورج المسكين " .
    كان على السيد أولوورثي الآن أن يصدر حكمه : " يجب أن يكافأ توم , لا أن يعاقب , لأنه حافظ على وعده . كما يجب ألا يعاقب لضربه بليفيل لأن بليفيل لم يفِ بوعده لتوم . أما حارس الطرائد فيجب أن يعاقب لأنه ترك توم يتلقى ذلك الضرب المبرح بينما كان بإمكانه أن يعترف بالحقيقة وينجيه من العقاب " . وهكذا فقد بلاك جورج عمله كحارس للطرائد .
    وأخذ الخدم والناس في القرية يرددون : " إن بليفيل صبي صغير وشقي ومخلوق كريه , بينما توم إنسان شجاع وصادق " . لم يكن بلاك جورج محبوباً لديهم . ولكنهم كانوا يشفقون عليه .
    كان السيد أولوورثي قد أمر ثواكم أن يعدل بين الصبيين , إلا أن المعلم كان يعامل بليفيل بلطف ورقة شديدين , بينما يعامل توم بخشونة وقسوة . وذلك لأن الأول كان يُظهر له الاحترام دوماً , كما كان يذكر ويكرر أفكار ثواكم الدينية وكان هذا ينمّ عن حكمة تدعو إلى الدهشة بالمقارنة مع كل من هم في سنّه .
    أمّا توم جونز فلم يظهر أي احترام لأستاذه , وكان في أغلب الأحيان ينسى نزع قبعته أمامه . لقد كان فتى مرحاً لا مبالياً , يضحك على بليفيل ويسخر من سلوكه الرزين .


    (8)

    الحصان الصغير وانجيل




    كان يعيش في منزل السيد أولوورثي رجل يدعى السيد سكوير .لم يكن ذكياً جداً , ولكنه طوّر نفسه بدراسة أعمال أفلاطون وأرسطو , الكاتبين الإغريقيين العظيمين . وكان يختلف كثيراً عن السيد ثواكم فيما يتعلق بآرائهما حول الطبيعة البشرية . فقد كان الأول يعتقد أن الإنسان طيّب بطبعه وأن ارتكاب الخطأ أمر غير طبيعي , مثله مثل المرض في الجسم الطبيعي . أما الآخر فاعتقاده هو أن الإنسان شرير بطبعه , وأن التدين وحده يطهر نفسه وينقي قلبه .

    بعد وفاة الكابتن بليفيل , استقطبت أرملته اهتمام هذين الرجلين , وأخذ كل منهما يغتنم كل فرصة لكسب رضاها من خلال معاملة ابنها بلطف وتفضيله على الصبي الآخر . كانت السيدة بليفيل تعي نواياهما تماماً , ولم تكن تنوي الزواج مرة ثانية ولكنها كانت تسلي نفسها بإظهار اللطف لأحدهما تارة وللآخر تارة أخرى . وقد أدّى هذا إلى نشوء الكراهية بينهما . إلا أنهما كانا مخطئين في معاملتهما المختلفة لكل من الغلامين , إذ أن السيدة بليفيل كانت تكره زوجها وبالتالي فهي لم تكنّ حباً كبيراً لأبنه . وفي الواقع كانت نادراً ما تراه أو ترعاه
    لقد كبر توم الآن وأصبح في الثامنة عشرة من عمره وأخذت تظهر عليه علامات الشجاعة والأخلاق الرفيعة التي تثير إعجاب جميع النساء . وقد وجدت السيدة بليفيل نفسها تحبه أكثر مما تحب أبنها بكثير , وكانت تبدوا سعيدة جداً في صحبته حتى أن الناس بدؤوا يتكلمون عن ذلك . وقد زاد هذا من كراهية كل من ثواكم و سكوير لتوم .
    كان السيد أولوورثي قد أعطى توم حصاناً صغيراً , فاحتفظ به توم مدة ستة أشهر تقريباً ثم أخذه إلى المدينة وباعه هناك .
    سأل ثواكم توم : " ماذا فعلت بالمال الذي حصلت عليه من بيع الحصان " ؟
    " لن أخبرك " أجابه توم .
    " ألن تفعل ؟ حسناً , سأضربك حتى تخبرني " .
    وفيما كان ينهال عليه بالضرب , دخل السيد أولوورثي إلى الغرفة , فأخذ توم إلى غرفة أخرى وطرح عليه السؤال ذاته .
    فأجابه توم : " آه يا سيدي , لو أن الحصان الصغير يستطيع الكلام لأخبرك كم كنتُ مولعاً به . لقد حزنت كثيراً لفراقه , ولكنني أعتقد أنك كنت ستفعل الشيء نفسه في حالة كهذه , إذ لا يوجد من هو أكثر تعاسة منهم " .
    " أكثر تعاسة مِنْ مَنْ " ؟ سأله السيد أولوورثي .
    " مِن حارس الطرائد المسكين وعائلته الكبيرة , إذ لم يكن لديهم طعام ولا كساء وأنا أعلم أنها غلطتي . أنا كنت سبب تعاستهم " , ثم بدأ يبكي وهو يقول : " لقد بعت الحصان الصغير الذي أعطيتني إياه لأنقذهم من الهلاك " .
    وقف السيد أولوورثي صامتاً وقد امتلأت عيناه بالدموع , ثم قال : " كان عليك أن تطلب مني مساعدتهم " .
    بعد فترة قصيرة اكتشف ثواكم أن توم قد باع إنجيلاً جميلاً كان السيد أولوورثي قد أعطاه إليه , كما أنه كان قد أعطى إنجيلاً آخر إلى بليفيل . وقد باع توم إنجيله إلى بليفيل الذي كان يقرأ فيه باستمرار ويسأل ثواكم أن يفسر له بعض الكلمات التي فيه . ولاحظ ثواكم اسم توم مكتوباً عليه , فسأله : " من أين حصلت على هذا الإنجيل ؟ " .
    فأجاب بليفيل : " لقد باعني إياه توم " . فقام ثواكم بضرب توم على الفور ثم أخبر السيد أولوورثي بالأمر , فكان ردّه : " حسناً , ما دام الصبي قد نال عقابه فلا حاجة بي لقول المزيد " .
    في إحدى الأمسيات , وبينما كان السيد أولوورثي يمشي مع توم وبليفيل خارج المنزل , أخذه توم إلى المنزل الذي يعيش فيه بلاك جورج وعائلته .
    قدّم السيد أولوورثي لهم بعض المال فقالت له المرأة : " إننا لا نملك من الطعام والملابس سوى ما أعطانا إياه توم جونز " . وكان توم قد أعطاهم المال الذي حصل عليه من بيع الحصان والإنجيل بالإضافة إلى أشياء أخرى .
    قال السيد أولوورثي : " لقد عانى هذا الرجل ما فيه الكفاية من جرّاء ما مضى , لذلك فإنني سأسامحه وأجد طريقة ما لإعالته هو وأسرته " . ولكن لم يكن بليفيل سعيداً بما كان يحدث .
    عندما فقد بلاك جورج عمله عند السيد أولوورثي , وقبل أن يقوم توم بمساعدته , كان يشكو من وطأة الجوع . لقد رأى ذات مرة أرنباً برياً في حقل من حقول السيد وسترن , فضربه على رأسه وباعه لرجل في المدينة , ولكن هذا الرجل أخبر السيد وسترون بالأمر .
    علم بليفيل بما حدث وأخبر السيد أولوورثي قائلاً : " إن بلاك جورج يصطاد الأرانب البرية في أرض السيد وسترن " . فغضب السيد أولوورثي من هذا كثيراً وقال لتوم : " إن لديّ الآن سبباً جديداً يجعلني أغضب من حارس الطرائد , لن أفعل أي شيء لمساعدته هو أو عائلته , لا تحدثني بأمره مرة أخرى . فقد خالف القانون , ولا يبدو أن هناك ما يردعه عن ذلك ".
    كانت أواصر الصداقة قد توطدت بين توم والسيد وسترن الذي كان كثيراً ما يدعوه للعشاء . وكان السيد وسترن خشناً وفظّاً بقدر ما كان السيد أولوورثي رقيقاً ومهذباً ؛ وقد أحب توم لشجاعته , فسمح له باستخدام كلابه وبنادقه وجياده . ولذلك قرر توم الاستفادة من هذا الفضل الذي يلقاه من السيد وسترن لمساعدة صديقه بلاك جورج .



    (9)

    صوفيا وسترن



    كانت صوفيا هي الابنة الوحيدة للإقطاعي وسترن . قامتها تميل إلى الطول , شعرها طويل وعيناها سوداوان براقتان , شفتاها قرمزيتان وبشرتها ناصعة البياض . لقد كانت في الواقع فتاة لطيفة وجميلة جداً . وكان السيد وسترن يحبها أكثر من أي شيء آخر , ولكن حبه لها لم يكن بالطبع يفوق حبه لكلابه وجياده وبندقيته.
    كانت صوفيا تكره بليفيل , وقد بدأت هذه الكراهية منذ زمن . وكان السيد أولوورثي وعائلته يزورون السيد وسترن كثيراً . وذات مرة ذهبوا لتناول طعام الغداء في منزله . كانت صوفيا عندئذ في الرابعة عشر من عمرها , وكان لديها طائر صغير عزيز على قلبها كثيراً , علمته الغناء والوقوف على إصبعها , ولكنها كانت تبقي رجله مربوطة بخيط حتى لا يطير بعيداً ويضيع. عندما رأى بليفيل مدى تعلقها بطائرها قال لها : " أرجو أن تدعيني أمسكه قليلاً " , فسألته صوفيا : " هل ستحرص عليه "؟
    وما إن أمسك بليفيل به حتى نزع الخيط من رجله ورماه في الهواء , فطار وحط على إحدى الأشجار .
    وصاحت صوفيا ط أوه , لقد طار طائري الصغير وذهب بعيداً " .
    سمع توم صوتها , فجاء يجري إلى حيث كانت تقف , وسرعان ما خلع معطفه وتسلق الشجرة , وكاد أن يمسك بالطائر لولا انكسار الغصن الذي كان يقف عليه وسقوطه في الجدول .
    أخذت صوفيا تصرخ : " أنقذوه! أنقذوه ! لقد وقع توم المسكين في الجدول " , فخرج الآخرون من المنزل وجاؤوا يركضون , وكان توم في هذه الأثناء قد وصل إلى الضفة بأمان ولكنه كان مبللاً يرتجف من البرد .
    بدأ ثواكم على الفور بتوجيه اللوم إلى توم , إلا أن السيد أولوورثي نظر إلى بليفيل وقال : " ما سبب كل هذا ".
    فأجاب بليفيل : " في الحقيقة , إنني آسف جداً لما فعلت يا خالي . فقد كان طائر الآنسة صوفيا في يدي , وتصورت أنه يريد أن يكون حراً , فأعطيته ما أراد , إلا أنني لم أتخيل أنها ستحزن إلى هذا الحد كما أنني لم أتوقع ما سيحصل له " .
    عندما تسلق توم الشجرة ووقع في الماء , طار العصفور فانقض عليه طائر كبير وحمله بعيداً , فأخذت صوفيا المسكينة تنتحب بصوت عالٍ. فوعدها السيد أولوورثي بأن يعطيها عصفوراً آخر , ولكنها قالت : " لا , لا يمكنني أن أقتني غيره أبداً " .
    فقال لها السيد وسترن : " ينبغي ألا تبكي على طائر تافه كهذا , ولو أن بليفيل هذا ابني لأشبعت مؤخرته ضرباً بعصاي هذه " .
    بعد ذلك ذهبت صوفيا للعيش في لندن مع عمتها الآنسة وسترن مدة ثلاث سنوات , ولكنها لم تنس توم , ولم تنس كراهيتها لبليفيل .


    (10)

    توم جونز يطلب معروفاً




    عندما عادت صوفيا من لندن كانت قد بلغت الثامنة عسر من عمرها , فجعلها السيد وسترن مسؤولة عن منزله , وأخذت تترأس مائدته , فقد أصبحت سيدة منزل .
    كانت عودتها بعد أيام قليلة من حادثة طائر الحجل . ذهبت وعمتها لتناول الغداء غي منزل السيد أولوورثي , وهناك سمعت قصة الحجل بكاملها .
    وفي تلك الليلة , بينما كانت خادمتها السيدة أونور تساعدها على خلع ملابسها , قالت لها : " أعتقد أنك قد رأيت الفتة بليفيل اليوم " ؟
    فأجابتها صوفيا بغضب : " إنني أكره سماع اسم بليفيل هذا . إنه شخص منحط وكاذب ومخادع " . وبعد ذلك سردت الحكاية كلها على خادمتها ثم قالت : " ألا تعتقدين أن توم فتى نبيل " ؟
    كان توم آنذاك في العشرين من عمره , وقد أصبح صديقاً حميماً للإقطاعي وسترن . كما كان معروفاً بين نساء المنطقة بتهذيبه ولطفه الشديدين , وربما كان يعامل صوفيا باحترام أكثر من غيرها بسبب جمالها وثروتها وحسها المرهف ولطفها , ولكنه لم يكن يفكر في كسب ودها أو إظهار الحب لها .
    كانت صوفيا تبدوا أكثر سعادة وإشراقاً حينما تكون بصحبته . ولكن لم يبد أن أياً من توم أو السيد وسترن قد لاحظ ذلك .
    في إحدى الأمسيات وجد توم صوفيا وحدها فقال لها بكل جدية : " أود أن أطلب منك معروفاًَ كبيراً " . لم يكن هناك سبب يدعوها للاعتقاد بأنه ينوي مغازلتها , ولكنها ما أن سمعت كلماته هذه حتى شحب لون وجنتيها ثم همست : " ماذا يا توم " ؟.
    " أريد أن أطلب منك أن تفعلي شيئاً من أجل حارس الطرائد , فالسيد وسترن يهمّ برفع دعوة قضائية ضده لأنه قتل أرنباً برياً . هذا الأمر سيودي به وبعائلته " .
    فابتسمت صوفيا ابتسامة عذبة : " أهذا هو المعروف الكبير الذي طلبته بكل تلك اللهجة الجدية ؟ سأفعل ما طلبت بكل سرور فأنا أشفق حقاً على ذلك المسكين , وقد أرسلت بعض المال والملابس لزوجته البارحة " .
    عند ذلك سأل توم : " هل يمكنك الطلب من والدك أن يجد له عملاً عنده ؟ إنه حقاً إنسان مخلص جداً . ووالدك بحاجة لحارس طرائد " .
    فأجابت : " سأحاول , لا أستطيع أن أعد بالكثير ولكنني سأفعل ما بوسعي , فأنا حقاً آسفة على ما حصل لهذا المسكين وعائلته . والآن يا سيد جونز , سأطلب منك معروفاً ".
    وصاح توم : " معروفاً " ! ثم تابع قائلاً : " يسعدني أن أتلقى أية أوامر منك , وأقسم بأني أضحي بحياتي في سبيل مساعدتك " . وأمسك بيدها وقبّلها , فعاد الدم الذي فارق وجنتيها منذ قليل على التدفق بعنفوان محولاً لون وجهها وعنقها إلى الأحمر القاني , واعترتها مشاعر لم تألفها من قبل .وربما كان القارئ يستطيع تخمين ماهية تلك المشاعر .
    وأخيراً قالت له : " أرجو ألا تقود أبي إلى الكثير من المخاطر أثناء الصيد " . فوعدها توم بتنفيذ طلبها .
    كان السيد وسترن يحب الاستماع إلى ابنته وهي تعزف بعض الأنغام بعد تناول الغداء . وكانت صوفيا تحب عزف المقطوعات الجيدة لموسيقيين كبار مثل هاندل , إلا أن والدها كان يريد دوماً سماع معزوفاته المفضلة مثل " أولد سير سايمون – Old Sir Simon " و " جمبينغ جوان – Jumping Joan " وغيرها.
    في هذا المساء عزفت صوفيا له جميع معزوفاته المفضلة ثلاث مرات فسُر لهذا كثيراً وقام من مقعده ليقبّلها . عندئذ طلبت منه أن يفعل شيئاً من أجل حارس الطرائد , فقال لها : " إذا عزفت لي أولد سير سايمون مرة أخرى سأفعل ما تطلبين " .
    في الصباح التالي ذكّرته بوعده لها , فأرسل في طلب محاميه وأمره بوقف الدعوى ضد بلاك جورج .
    غضب بليفيل كثيراً لدى سماعه هذه الأنباء , وقال : " إن بلاك جورج شخص سيء , وليس هناك مبرر لمساعدة شخص كهذا . والسيد أولوورثي سيستاء لهذا كثيراً " . وشاركه الرأي كل من ثواكم وسكوير إلا أن السيد أولوورثي قال : " إنني مسرور بما قام به توم من عمل جيد . فعلى الإنسان أن يقف إلى جانب أصدقائه في أوقات ضيقهم " .



    (11)

    مولي سيغريم




    قد يعجب القارئ من سلوك توم تجاه صوفيا , فقد كانت فتاة ثرية وجميلة ولطيفة جداً , كما أنها كانت تحبه كثيراً . كان توم معجباً بجمالها ورقة طبعها , إلا أن الأمر لم يتعد هذه الحدود , إذ أنها لم تمس شفاف قلبه ولم يقع في حبها . فما هو السبب يا ترى ؟ في الواقع كانت هناك امرأة أخرى هي التي امتلكت قلبه . لقد كان توم يحب امرأة أخرى .
    كان الاسم الحقيقي لبلاك جورج هو جورج سيغريم . وقد كانت عائلته تتألف من زوجته وخمسة أطفال , ومولي هي ثانيتهم . وكانت من أجمل الفتيات في المنطقة كلها وعندما بلغت السادسة عشر كان توم في التاسعة عشر من عمره وبدأ عندئذٍ بالتطلع عليها , ولكنه تدارك نفسه معتقداً أنه من الفظاعة أن يظهر لها الحب ووالدها يعتبر صديقاً له , ولذلك فقد قرر ضبط مشاعره , فلم يذهب إلى منزل آل سيغريم أو ير ابنتهم أشهراً ثلاثة .
    كانت مولي فتاة مهذبة إلا أنها كانت جريئة ومقدامة جداً . فكلما كان توم يحاول التراجع والابتعاد عنها أكثر ,كانت هي تندفع نحوه أكثر . ظلت مولي تلقي بنفسها في طريقه حتى حصلت على ما كانت ترغب فيه بعد فترة قصيرة . وظن توم أنه قد فاز بها ولكن الحقيقة أنها هي التي فازت به . كان يعتقد أنه قد يتسبب في مشاكل جمّة لهذه الفتاة المسكينة , وكان يشعر بالأسى والأسف من أجلها ,إلا أنه كان لا يزال يريدها . فإذا ما أخذنا هذين الشعورين المختلفين معاً , أمكننا أن ندعوهما " الحب ".
    وهذا يفسر سلوك توم تجاه صوفيا . إذ لم يكن بإمكانه أن يترك فتاته مولي وهي على تلك الحال من البؤس وعدم الحيلة . وفي الوقت ذاته كان عليه أن يكون صادقاً مع صوفيا .
    كانت صوفيا قد أرسلت فستاناً جميلاً إلى السيدة سيغريم , فقامت هذه الأخيرة بإعطائه لمولي عندما لاحظت التغير الذي طرأ على شكل جسمها . فقد كان الفستان يخفي معلم هذا التغيير . لبست مولي الفستان ووضعت على رأسها قبعة جميلة جداً وذهبت إلى الكنيسة مسرورة بمظهرها . وهناك أخذ الناس يتهامسون فيما بينهم متسائلين عمن تكون هذه الفتاة . وعندما عرفوا الحقيقة جعلوا يضحكون ويسخرون . وانزعج السيد أولوورثي كثيراً من صدور تصرف كهذا في الكنيسة .
    كانت صوفيا موجودة هناك أيضاً , وقد سرّت بجمال الفتاة ولكنها شعرت بالأسف عليها بسبب الطريقة الساذجة التي ارتدت بها ملابسها والتي جعلت أهل القرية يسخرون منها .
    وعندما وصلت صوفيا إلى المنزل أرسلت في طلب حارس الطرائد . ولدى حضوره بادرته قائلة : " سأجعل مولي خادمة لي " .
    وكان سيغريم المسكين يعلم بتغير شكل مولي فلم يدر ما يقول ولكنه في نهاية الأمر قال لصوفيا : " إنها لن تكون ذات نفع لك , فهي لا تعرف شيئاً عن هذا العمل إذ أنها لم تعمل في خدمة أحد من قبل قط " .
    فأجابته صوفيا : " ستتحسن . أن الفتاة تعجبني وقد قررت أن أجربها " .
    عندما خرجت مولي من الكنيسة تبعتها نساء القرية وأخذن يقذفنها بالأقذار , فاستدارت لترد هجومهن , واندلعت معركة حامية في فناء الكنيسة .؟ أخذت مولي ترمي الحجارة عليهن فأصابت رجلاً يدعى جيمي تويدل في مؤخرة رأسه . كان الجميع يهاجمونها من كل الجهات , فتمزقت ملابسها وتلطخت بالطين . وفي تلك اللحظة ذاتها مرّ كل من السيد سكوير وبليفيل وتوم جونز وهم على جيادهم . وقفز آخرهم من فوق السور وأنقذ مولي . ثم أركبها على جواده وأخذها إلى منزلها إلى كوخ آل سيغريم .



    وبعد ذلك بقليل عاد بلاك جورج من زيارته لصوفيا , وقال لابنته : " كيف عساي أجيب السيدة وأنت على هذا الشكل " ؟ .
    وبعد حديث طويل تقرر أن تذهب السيدة سيغريم إلى الآنسة وسترن وتحاول إقناعها بأن تستعيض عن مولي بأختها الكبرى . ولكن الحظ كان عدو هذه الأسرة البائسة , فما كانوا يرمون إليه لم يحدث قط .
    في صباح اليوم التالي ذهب توم مع السيد وسترن إلى الصيد , فدعاه هذا الأخير إلى الغداء . كانت صوفيا في ذلك اليوم مشرقة وفاتنة جداً إلى حد أنها سحرت توم بجمالها .
    وكان السيد سابل أيضاً , وهو القس في كنيسة السيد أولوورثي , مدعواً إلى الغداء في منزل السيد وسترن .
    قال السيد سابل مخاطباً صوفيا : " عندي بعض الأخبار لك يا آنسة صوفيا . أعتقد أنك رأيت شابة ترتدي أحد فساتينك في الكنيسة البارحة ز إنها ابنه حارس الطرائد بلاك جورج . وقد سخر الناس منها أثناء القداس , ثم نشب شجار في فناء الكنيسة وأثناء الشجار رمت حجراً أصاب جيمي تويدل فاشتكاها لسيد أولوورثي الذي أمر بإحضارها , وكان يمكن أن يبعدها بعد أن ينذرها , ولكن تبين له أنها تنتظر مولوداً . وقد سألها السيد أولوورثي عن هوية الوالد فرفضت الإجابة , فقرر السيد أولوورثي إرسالها إلى الإصلاحية (( وهي نوع من أنواع السجون ترسل إليه الفتيات من هذا النوع حتى ينلن عقابهن ويتعلمن كيفية التصرف بصورة أفضل في المستقبل )) .
    قال له السيد وسترن : " هل هذه كل أخبارك ؟ مجرد فتاة تنتظر مولود ؟ " .
    فأجابه السيد سابل : " إنها غير متزوجة " .
    " نعم أعرف ذلك " قال السيد وسترن وتابع قائلاً : " هيا توم اشرب النبيذ الذي في كأسك واملأها ثانية " .
    ولكن توم نهض عن الطاولة وقال : " إنني آسف يا سيدي , يجب أن أغادر حالاً إذ أن عملاً هاماً يجب القيام به " . ثم أسرع خارجاً .
    فقال السيد وسترن : " اللعنة عليه . أستطيع أن أخمن ما هو عمله . لابد أن توم هو والد الطفل , لقد طلب مني أن أساعد والد الفتاة . نعم توم هو الأب " .
    قال السيد سابل : " إنني آسف لهذا " .
    " لماذا أنت آسف " ؟ .
    " أخشى أن يسيء إليه هذا في نظر السيد أولوورثي .
    " يسيء إليه في نظر أولوورثي ؟ إن أولوورثي نفسه يحب إحدى الفتيات . ألا يدري الجميع ابن من يكون توم ؟ إنني أذكر السيد أولوورثي عندما كنا في الكلية . فقد كان لكل منا العديد من المغامرات مع الفتيات حينئذ . اطمئن , لن يؤثر هذا على علاقة توم بأولوورثي . اسأل صوفيا . إن شيئاً كهذا لا يجعل رأيك بشاب ما أسوأ أليس كذلك يا فتاتي " ؟ .
    كان هذا السؤال قاسياً على صوفيا المسكينة , لقد لاحظت تغير لون وجه توم لدى سماعه قصة السيد سابل , ورأته وهو يغادر فجأة . فقامت ثم غادرت الغرفة .
    بعد تناول الغداء , أخذ السيد وسترن قيلولة لمدة نصف ساعة , ثم طلب من ابنته أن تعزف له بعض الموسيقى . فاعتذرت منه قائلة : " اعذرني أرجوك , إذ أنني أعاني من الصداع . وأرجو أن تسمح لي بالتغيب عن العشاء " .
    كان توم قد ركب إحدى جياد السيد وسترن, لذا وجب عليه أن يعود إلى المنزل سيراً على الأقدام . فقطع الطريق بطوله عدواً , وفي اللحظة التي وصل فيها إلى بوابة منزل السيد أولوورثي رأى الشرطي وهو يخرج آخذاً مولي إلى الإصلاحية . كانت هذه الإصلاحيات أماكن سيئة جداً , ضررها بالفتيات أكثر من نفعها لهن ......
    وأخذ توم مولي بين ذراعيه وقال : " سأقتل أول رجل يلمسها " . ثم وجه حديثه إلى مولي قائلاً :
    " لا تخافي , سأذهب معك أينما ذهبت " . وتابع حديثه مع الشرطي : " تعال معي إلى والدي , وأنا متأكد من أنه سيطلق سراح الفتاة عندما يستمع إلى ما سأقوله " . وقد دعا توم السيد أولوورثي بـ (( والدي )) حتى يرغم الشرطي على طاعته . وعندما دخلوا إلى منزل السيد أولوورثي , بحث توم عنه حتى وجده ورمى بنفسه عند قدميه قائلاً : " أتوسل إليك أن تصبر عليّ وتسمعني . أنا والد طفل مولي . إنني أرجوك أن تشفق على الفتاة المسكينة . وإذا كان هناك أحد يقع عليه أي ذنب فهو أنا . إنه ذنبي . فلا ترسلها إلى مكان سيدمرها بالتأكيد " .
    لم يكن ما قاله السيد وسترن عن السيد أولوورثي صحيحاً . إذا أن هذا الأخير لم يذهب إلى الكلية قط , وكان ينزعج كثيراً من سلوك الآخرين المتهتك . وقد غضب من تصرف توم مع مولي ولكنه سر بقول توم الحقيقة واعترافه بالذنب . كان اعتراف توم في كل من مسألة طير الحجل والحصان والإنجيل قد أسعد السيد أولوورثي .والآن في هذه الحادثة اعترف توم بخطئه مرة أخرى . لذلك أمر السيد أولوورثي الشرطي بإطلاق سراح مولي .
    التعديل الأخير تم بواسطة مضر ; 26-6-2007 الساعة 08:07 PM

  3. #3

    الصورة الرمزية Jigsaw

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    907
    الــــدولــــــــة
    المغرب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: رواية توم جونز تعود من جديد

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    عمل رائع أخي ^^يستحق التثبيت وبقوة
    جزاك الله خيرًا على عملك الفذ وأتمنى أن تستمر في هذا الأبداع..
    إلا أن الخط سيء أخي وصعب في القراءة
    لن أغيره..لكن افعل ذلك أنت في القريب ^^
    شكرًا مرة أخرى


  4. #4

    الصورة الرمزية K.Shinichi

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    2,945
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: رواية توم جونز تعود من جديد

    ماشاء الله

    صراحة اخوي ممبدع بكل معنى الكلمة

    ما شاء الله كل هذا ترجمته

    مميز بكل معنى الكلمة

    الف شكر لك اخوي على الرواية المذهلة هذه و ان شاء الله تتم القراءة

    و جعلها الله في ميزان حسناتك

  5. #5

    الصورة الرمزية MiDo-Kun

    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    1,968
    الــــدولــــــــة
    المغرب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    مشــالله ماشــالله ماشــالله
    عـمـل رائــع يستحــق التتبــيـت !!!!!!
    تســلــم اخــوي مضر !!!!

    midoootop


  6. #6


    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    140
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    مشكوووور اخوي ع الروااية

    ولي عودة بعد القراءة

  7. #7


    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المـشـــاركــات
    8
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    تسلم اخوي على الروايه وهيا من بدايتها ولا لها اجزاء سابقه وشكرا ^_^

  8. #8

    الصورة الرمزية alwadea

    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    79
    الــــدولــــــــة
    الامارات
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    شكرا وجزاك الله خير وماقصرت
    لكن نبغ النص الأنجليزى بعد من أجل ان يصبح درس كامل في الغة والترجمة

  9. #9


    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    56
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    بسم الله الرحمن الرحيم

    شكراااااااااااااا لكم جميعاً على الردود الطيبة وشكراً لمشرف منتدى اللغة العربية على تثبيته الموضوع واعتباره من المواضيع المميزة

    أعرف أن الخميس لم يحن بعد ولكن لم أطق الانتظار لنشر ما ترجمته
    أعلم أنه ليس بالكثير ولكن سأكمل البقية في موعدنا " الخميس " إن شاء الله
    والآن إلى الرواية




    (12)
    كيف كسرت ذراع توم

    كان تعلق السيد وسترن بابنته يزداد يوماً بعد يوم, حتى أنه أصبح يحبها أكثر من كلابه
    وقد طلب منها أن تذهب معه لركوب الخيل والصيد لأنه كان يريد أن يجمع أكثر الأشياء التي يحبها معاً, أي ابنته وكلابه . لم تكن صوفيا تحب الصيد, ولكنها تريد أن تجعل والدها أكثر حرصاً أثناء ركوبه الخيل, ولذلك وافقت على طلبه

    وأثناء عودتها في اليوم الثاني من خروجها للصيد, وعلى مقربة من السيد وسترن بدأ جوادها الصغير المفعم بالحيوية بالقفز هنا وهناك فجأة , وبدت أنها على وشك السقوط. كان توم على مسافة قريبة منها, فترجل عن جواده ثم أمسك برأس جوادها, إلا أن هذا الأخير وقف على قائمتيه الخلفيتين ورمى صوفيا من فوق ظهره فتلقاها توم بين ذراعيه.
    " أوه, شكراً لك توم " قالت صوفيا, " شكراً لأنك أنقذتني, شكراً لك ".فأجاب توم : " وددت لو أنقذك من أقل أذى قد يصيبك وإن كان الثمن ألماً أكبر بكثير من ذلك الذي عانيته هذه المرة ".
    " أي ألم ؟ أتمنى ألا تكون قد أصبت بأذى ".
    " لقد كسرت ذراعي, لكن هذا لا يُعدّ شيئاً بالمقارنة مع خوفي الكبير عليك. ومازالت لدي الذراع اليمنى فأرجوا أن تدعيني أساعدك على امتطاء جوادك مرة أخرى ". ولم تستطع صوفيا أن تمنع نفسها من النظر إليه نظرة مفعمة بالحب والرقة.
    كان السيد وسترن في هذه الأثناء قد عاد فسار إلى المنزل برفقة توم وصوفيا.
    أرسل في طلب الطبيب, وذهبت صوفيا إلى غرفتها بينما بقي توم في البهو. جعل الطبيب توم يخلع قميصه ثم بدأ يفحص ذراعه, مما سبب ألماً كبيراً لتوم ولكنه كان شجاعاً جداً فلم يدع أية صرخة تفلت منه. بعد ذلك قام الطبيب بإصلاح وضع العظم فقرّب نهايتيه المكسورتين من بعضهما بعضاً وقد سبب هذا مزيداً من الألم لتوم. وضع الطبيب قطعاً من الخشب على ذراع توم وقام بربطها بإحكام حتى تثبت العظم في مكانه. ثم أمر توم بالذهاب إلى الفراش, عندئذ طلب السيد وسترن منه البقاء في منزله.
    كانت خادمة صوفيا , السيدة أونور, في البهو عندما كان الطبيب يعالج ذراع توم., وعندما انتهى من ذلك ذهبت إلى صوفيا وقالت لها : " آه يا آنستي ! لقد كان شجاعاً جداً ! وهو رجل ساحر ووسيم جداً. فعندما خلع قميصه ظهر لون بشرته الناصع البياض. إنه أجمل رجل رأيته في حياتي, وهو محبوب من قبل جميع الخدم والجيران. وأستطيع أن أخبرك بشيء إلا أنني أخشى أن تنزعجي منه ".
    فقالت صوفيا: " حسناً ؟ ما هو هذا الشيء " ؟
    " لقد أعطيتني البارحة قفاز الفرو الجميل الذي كنت ترتدينه لتبقي يديك دافئتين.
    حسناً, في أحد الأيام دخل إلى الغرفة حيث كنت أعمل وكان القفاز موضوعاً على الكرسي هناك. فأخذه ووضع يديه فيه. فقلت له: " ستفسد قفاز سيدتي " . ولكنه أبقى يديه فيه وقبله. إنني لم أر في حياتي قبلة كتلك القبلة".
    ربما لم يكن يعرف أنه قفازي ".
    " لقد قبله مرة بعد أخرى, وقال: " إنه أجمل قفاز في العالم ". ثم أعطاني بعض المال وقال لي:" اقسمي على الإنجيل بألا تخبري أحداً عن هذا الأمر شيئاً", وجعلني أقسم على كتاب, ولكنني لا أعتقد أنه كان إنجيلاً".
    تحول لون وجه صوفيا إلى لون أحمر كحمرة الورد, وقالت لخادمتها: " إذا وعدت بألا تخبري أحداً آخر بهذا فسوف أسامحك".
    كان الإقطاعي وسترن يزور توم في غرفته أثناء مرضه باستمرار. وكان في بعض الأحيان يشرب البيرة هناك, ويقول لتوم: " إن البيرة هي أفضل دواء على الإطلاق لذراع مكسورة". ولكن توم لم يكن يوافقه. وعندما كان السيد وسترن يخرج للصيد, كان يطلق بوق صيده تحت نافذة توم.
    بعد مضي فترة قصيرة, سُمح لتوم بالنزول إلى الطابق السفلي. وفي أحد الأيام, وبينما كانت صوفيا تعزف موسيقاها وتوم يستمع إليها, دخل السيد وسترن الغرفة وقال لتوم: " لقد اختلفت مع ذلك الذي يدعى ثواكم من أجلك, إذ أنه قال: " إن تلك الذراع المكسورة ما هي إلا حكم عليه وعقاب له على سلوكه"
    فأجبته: " لدى توم أسباب كثيرة ليفخر بذراعه المكسورة لا ليخجل بها ".
    فقال توم: " في الحقيقة يا سيدي سأظل أعتقد ما حييت أن هذه أسعد حادثة جرت في حياتي لأنها أنقذت صوفيا ".
    وقال السيد وسترن: " كنت على وشك أن أضرب ذلك الرجل بعصاي, ولكنه قس, وهو يرتدي ذلك الرداء الطويل. إنني أحبك كثيراً يا ولدي, وسأفعل كل ما بوسعي لأجلك. تستطيع أن تختار أياً من جيادي غداً- ما عدا شيفالييه وسلاوتش- والفرس التي كانت صوفيا تركبها, فقد كلفتني خمسين جنيهاً".
    فقال توم : " حتى لو كلفت ألف جنيه, فأني سأجعلها طعام للكلاب"
    ماذا ؟ ألأنها تسببت بكسر ذراعك ؟" سأله السيد وسترن. ولكن صوفيا كانت تدرك أن هذا لم يكن سبب ما قاله توم.
    كان توم يعلن أنه يحب صوفيا , وكان يظن أنها تبادله الحب, ولكنه لم يكن متأكداً من هذا تماماً . كان يفكر قائلاً :" قد أتمكن من الفوز بها مع الوقت , ولكنني متأكد أن المشكلة ستكون مع والدها, فهو شديد التعلق بها وقد قال مراراً :" أتمنى أن أراها متزوجة من أثرى الرجال في هذه المنطقة من البلاد ".
    وهناك مولي أيضاً . إنني سبب كل مشاكلها . الجيران وحتى إخوانها أصبحوا يكرهونها ! يا لمولي المسكينة ! وهي شديدة - شديدة الإغراء ".
    أمضى توم المسكين ليلة طويلة جفاه النوم فيها مع هذه الأفكار .
    وفي اليوم التالي, دخلت السيدة أونور, خادمة صوفيا , غرفة توم وقالت :" لقد أمرتني سيدتي بألا أخبرك , لكنني لا أرى سبباً لإبقاء الأمر سراً ".
    فقال لها توم :" أوه , أخبريني بهذا السر ! وأعدك بألا أخبر أحداً ".
    حسناً , لقد أرسلتني سيدتي لأرى ما إذا كانت مولي سيغريم تحتاج إلى شيء . لم أكن أريد الذهاب ولكن على الخدم أن يطيعوا الأوامر . بعد ذلك جعلتني سيدتي آخذ بعض الملابس والأشياء الأخرى إليها, وكانت قد أعطتني القفاز , ولكنها عندما سمعت ما فعلت ".....
    " هل أخبرتها بما فعلت "؟
    " إذا كنت قد أخبرتها يا سيدي , فما من داع لغضبك مني . إذ أنها بعد أن رويت لها القصة بيوم أو اثنين قالت لي :" هذا القفاز الجديد لا يعجبني . إنه أكبر بكثير من أن يكون لي . يمكنك أن تأخذيه وتعيدي إلي قفازي القديم".
    وأنا متأكدة من أنها قد أسبعته بقبلات مليئة بالحب عندما كانت وحدها ".
    وهنا دخل السيد وسترن وقال :" تعال توم , ستعزف صوفيا بعض الموسيقا ".

    كانت صوفيا تعزف بعض الألحان المفضلة عند والدها , وكان هو منحنياً على كرسيها فإذا بالقفاز يسقط على أصابعها فيوقفها عن العزف . تضايق السيد وسترن مما حدث , فأخذ القفاز ورمى به في النار . فقفزت صوفيا على الفور وأبعدته عن اللهب بلهفة كبيرة .
    كان لهذا كبير الأثر على توم . لقد عرف أنه يحبها وأنها تحبه .
    التعديل الأخير تم بواسطة مضر ; 10-7-2007 الساعة 08:01 PM

  10. #10
    ساحر السماء الفضيه
    [ ضيف ]

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    الله عاااد انا اموووت في الروايات االاجنبية
    تقدر اخوي تحطها لنا تحميل في ملف كامل
    وشكرا

  11. #11

    الصورة الرمزية MILLENNIUM307

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    148
    الــــدولــــــــة
    بريطانيا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    شكرا وجزاك الله خير وماقصرت

  12. #12

    الصورة الرمزية conan__ran

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    317
    الــــدولــــــــة
    البحرين
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    نننتظر الجزء اليديد..

  13. #13

    الصورة الرمزية المزيون

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    543
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    مشكووور أخوي وبنتظار البقية على أحر من جمر

  14. #14

    الصورة الرمزية ايما

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    980
    الــــدولــــــــة
    الصين
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    لي عودة بعد قراءة الرواية
    شكراً على العمل الفذ
    إلى الامام

  15. #15


    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    56
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    (13)
    نهاية مولي

    كان توم لايزال مهموماً يفكر بمولي. فقال لنفسه : " لقد أعطتني كل مالديها من حب, وأنا وعدتها أن أساندها, وهي تثق بأن وعدي هذا سيجلب السعادة "
    ثم خطر بباله فكرة : " ربما كانت تحتاج بعض المال. عليّ أن أذهب وأرى "
    وهكذا توجه توم إلى آل سيغريم. وهناك قالت له أمها : " مولي ليست موجودة. إنها ليست في المنزل " ولكن أختها الكبرى بيتي أشارت له : " إنها في غرفتها في الطابق العلوي "
    فصعد توم السلم الذي يقود إلى غرفة مولي الواقعة في أعلى المنزل, تحت السقف المنحدر, ولدهشته وجد بابها موصداً, فطرقه ولكنه لم يلق جواباً لفترة من الوقت. وفي نهاية الأمر فتحت الباب. وحينما رأت توم كانت دهشتها وارتباكها كبيرين لدرجة عقدت لسانها عن الكلام. حدثها توم بعد ذلك عن قصده من الزيارة قائلاً : " لقد أمرني السيد أولوورثي ألا أراك ثانية أبداً, وإذا عصيته فستكون النتائج خطيرة , حتى أنها قد تصل إلى حد تدميري. لذلك وبما أننا يجب أن نفترق فإنني أود أن أظهر لك حقيقة حبي من خلال تقدمة سخية اسخى مما تتوقعين إنني واثق من أنك ستجدين رجلاً يتزوجك ويجعلك تعيشين في سعادة أكبر من تلك التي قد تجدينها معي "
    ظلت مولي صامتة لبضع لحظات ثم انفجرت باكية بسيل من الدموع وصاحت به قائلة : " هل هذا هو حبك لي ؟ أن تتركني بعد أن قضيت عليّ ؟ إن كنوز الدنيا كلها لا تعني لي شيئاً بدونك. لماذا تتحدث عن رجل آخر ؟ لا يمكن أن أحب رجلاً آخر ما دمت على قيد الحياة ! هذا محال ! "
    وكانت تنوي قول المزيد لولا أن حادثاً أوقفها.
    كانت غرفة مولي تقع تحت سقف منحدر ولم يكن فيها أية خزانة لذا فقد قامت بتثبيت ستارة بالمسامر أمام ملابسها وبعض الأشياء الأخرى في أحد أركان الغرفة. وربما لمست مولي الستارة بقدمها, أو لعل توم جونز هو الذي فعل ذلك : فقد سقطت الستارة بعد أن خرج المسمار من مكانه وكسف عن كل ما كان خلفها - كل ملابس مولي وكذلك - السيد سكوير! وقف ينظر إلى توم جونز والرعب الشديد يملاً عينيه المتسعتين
    كان السيد سكوير قد رأى مولي في الكنيسة وأعجب بمظهرها كثيراً, فبدأ يحوم حول منزلها وهو على جواده آملاً في رأيتها ثانية. ونجح السيد سكوير في مسعاه مستفيداً من عدم وجود توم لمدة أسبوعين.
    هذا هو السبب الذي جعل السيدة سيغريم تقول أن مولي " ليست في المنزل " بينما أن بيتي, شقيقة مولي, كانت تكرهها لذلك قالت : " إن مولي في الطابق العلوي"
    انفجر توم ضاحكاً, واقترب من السيد سكوير ماداً له يده ليساعده على الخروج من مخبأه.
    قال سكوير : " حسناً يا سيدي, أرى أنك تستمتع باكتشافك, وأنك مبتهج لفكرة إخبار الجميع بالأمر "فرد توم : " آه, لا ! لم أكن في يوم من الأيام أسعد بك كما الآن. إنك تقدم لي خدمة كبيرة وستبقى هذه العلاقة سراً على الدوام. وإذا كنت لطيفاً مع الفتاة فلن أخبر أحداً بالأمر. وأنت يا مولي, يجب أن تكوني مخلصة لصديقك الجديد "
    كان توم لا يزال يخامره شعور بالذنب لتصوره أنه أول من قاد مولي لارتكاب الخطيئة, إلا أن أختها الكبرى, بيتي, أخبرته فيما بعد عن ويل بارنس. فقالت : " كان ويل بارنس رجلاً عظيماً في نظر النساء. وقد وقع في حبي في أحد الأيام إلى أن كبرت مولي, عندئذ تركني من أجلها. وهذا هو سبب كرهي لها, فقد أخذت من الرجل الذي أحب. إنه والد طفلها لا أنت"
    كانت هذه هي نهاية مول بالنسبة لتوم. ولقد أصبح قلبه حراً لا يشغله سوى حبه لصوفيا الذي ازداد قوة عما قبل

    (14)

    مرض السيد أولوورثي



    كان حب توم لصوفيا كبيراً, نابعاً من صميم قلبه. وكان يعتقد أنها تحبه أيضاً, ولكنه كان يقول لنفسه: " لكن والدها لن يوافق على زواجنا أبداً, وأنا لا أستطيع أن أطلب منها أن تحبني بلا زواج يربطنا معاً. فهذا أمر مريع - مريع بالنسبة لكل من السيد وسترن والسيد أولوورثي. لذلك يجب أن تكون لقاءاتي معها أقل ما يمكن, وعندما نلتقي يجب أن يكون سلوكي تجاهها متسماً بالبرود الشديد "
    كان يصاب بالشحوب عند رؤيتها تقترب منه, وإذا التقت عيناه بعينيها اندفع الدم إلى وجنتيه, أما إذا اضطر إلى شرب نخبها على مائدة الطعام, أحس بصعوبة في إيجاد الكلمات.
    لم يلاحظ السيد وسترن هذا الأمر, ولكن صوفيا لاحظته وعرفت السبب.
    كانت تحترمه لقدرته على السيطرة على نفسه, وفي الوقت ذاته, كانت تشفق عليه. وقد زاد هذا من مكانته في قلبها. وعندما التقيا في صباح أحد الأيام في الحديقة, كان كلاهما تعيسين حتى إنه تحتم على توم أن يساعدها في العودة إلى داخل المنزل وبالرغم من أنه كان ممسكاً بذراعها, إلا أنه لم يجرؤ على الضغط عليها
    كانت ذراع توم قد شفيت تماماً الآن, ولكن السيد وسترن رجاه أن يبقى في منزله بسبب تعلقه الشديد به. وبقي توم حوالي عشرة أيام أخرى دون أن يذهب إلى منزل السيد أولوورثي أو يسمع أخباره.
    أصيب السيد أولوورثي بالزكام لبضعة أيام, ولكنه لم يلزم غرفته وتابع القيام بأعماله المعتادة مما زاد حالته سوءاً حتى إنه اضطر إلى استدعاء الطبيب. وعندما حضر هذا الأخير وفحصه هزّ رأسه قائلاً : "كان عليك أن تستدعيني من قبل يجب أن أعترف الآن بأنك في خطر ". فأرسل السيد أولوورثي إثر ذلك في طلب جميع أفراد عائلته
    قال الخادم لتوم : " احضر حالاً, فالسيد أولوورثي يحتضر ". فأبعدت هذه الأنباء كل أفكار الحب التي كانت تشغل تفكير توم.
    اجتمعت العائلة المكونة من بليفيل وتوم و ثواكم و سكوير حول سرير السيد أولوورثي. أما السيدة بليفيل فقد كانت في لندن.
    قال السيد أولوورثي : " لقد أخبرني الطبيب أن حياتي في خطر, ولذلك فقد قررت أنت أخبركم عن الترتيبات التي وضعتها في وصيتي. ستحصل أنت يا بليفيل على كل شيء, ما عدا خمسمائة جنيه ستكون من نصيب والدتك, ولكنك ستستردها بعد وفاتها. وقد أعطيتك يا توم ستمائة جنيه, وسوف أضيف إلى هذا المبلغ ألف جنيه "
    فصاح توم : " آه يا والدي, يا صديقي ! إن طيبتك معي الآن وفيما مضى أكثر بكثير مما أستحق "وضغط السيد أولوورثي على يد توم قائلاً : " إنك تتحلى بالكثير من الطيبة والكرم والشرف. إذا أضفت الإيمان والحكمة إلى هذه الصفات, فإنني واثق من أنك ستكون سعيداً "
    كما أترك ألف جنيه لكل من ثواكم و سكوير, وكذلك بعض المال للخدم.
    وهنا دخل رجل إلى الغرفة وقال : " هناك محام من ساليز بري يحمل رسالة إلى السيد أولوورثي ذاته, وهو في عجلة كبيرة من أمره ". فقال السيد أولوورثي : " اذهب يا بليفيل واعرف ما يريد فأنا لا أستطيع أن أقابل أحداً الآن "
    عاد بليفيل وقال للطبيب لقد توفيت والدتي في ساليز بري أثناء عودتها من لندن "
    فقال الطبيب : " يجب ألا يعلم السيد أولوورثي بوفاة أخته, فقد يكون لهذا تأثير سيء عليه في حالته الراهنة "
    ولكن بليفيل لم يوافقه الرأي : " إذا شفي خالي, فإنه لن يغفر لي أبداً إخفائي عنه سراً كهذا "
    وهكذا دخل الطبيب و بليفيل إلى غرفة المريض. وفي الحقيقة, لم يكن مرض السيد أولوورثي شديداً إلى الدرجة التي ذكرها الطبيب. إذ أن الأطباء كقادة الجيوش : يجعلون الأخطار والصعوبات تبدو دوماً أكبر مما هي عليه في الواقع, فإذا انتصروا, حصلوا عندئذ على مجد أكبر, أما إذا خسروا, فلا أحد يستطيع أن يلومهم.
    تلقى السيد أولوورثي النبأ بهدوء وقال : " إنها مشيئة الله, ومشيئة الله يجب أن تنفذ ". ثم طلب من بليفيل أن يتولى أمر الجنازة.؟

  16. #16


    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المـشـــاركــات
    24
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    يعطيك العافيه

  17. #17


    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    56
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة K.Shinichi مشاهدة المشاركة
    ماشاء الله


    صراحة اخوي ممبدع بكل معنى الكلمة

    ما شاء الله كل هذا ترجمته

    مميز بكل معنى الكلمة

    الف شكر لك اخوي على الرواية المذهلة هذه و ان شاء الله تتم القراءة


    و جعلها الله في ميزان حسناتك
    مشكور أخي الكريم على هذا الرد الجميل


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة midoootop مشاهدة المشاركة
    مشــالله ماشــالله ماشــالله
    عـمـل رائــع يستحــق التتبــيـت !!!!!!
    تســلــم اخــوي مضر !!!!

    midoootop



    تشكر أخي على الرد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلى جداوي مشاهدة المشاركة
    تسلم اخوي على الروايه وهيا من بدايتها ولا لها اجزاء سابقه وشكرا ^_^
    شكراً على المرور
    الرواية من بدايتها وليس لها أجزاء أخرى أو سابقة ولكن شكراً على السؤال

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alwadea مشاهدة المشاركة
    شكرا وجزاك الله خير وماقصرت
    لكن نبغ النص الأنجليزى بعد من أجل ان يصبح درس كامل في الغة والترجمة
    حالياً لدي القصة مطبوعة على صفحات باللغة الانكليزية و أنا أقوم بترجمتها وكتابتها على الكمبيوتر
    لذلك لا يمكنني خدمتك الآن على الأقل حتى أنتهي من ترجمة الرواية بشكل كامل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساحر السماء الفضيه مشاهدة المشاركة
    الله عاااد انا اموووت في الروايات االاجنبية
    تقدر اخوي تحطها لنا تحميل في ملف كامل
    وشكرا
    بإذن الله عندما تنتهي الرواية بشكل كامل سأقوم بتحميلها على شكل ملف وررد......... شكراً على السؤال والمرور


  18. #18

    الصورة الرمزية ShooShoo

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    928
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    .:[ السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهـ ]:.

    رواية رائعهـ جدا .. أعجبتني كثيرا .. واستمتعت بقرائتهــا ..^^
    شكرا لك أخي مضر على الترجمة .. وبانتظـار التكملة

  19. #19

    الصورة الرمزية ايما

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    980
    الــــدولــــــــة
    الصين
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    من الفصل 4
    يقول الحكماء إنه قد قُدّر على الناس أجمعين أن يقعوا فيالحي مرة واحدة في العمر .
    الكلمة الصحيحة هي "الحب "
    الفصل 10 : قد بلغت الثامنة عسر من عمرها " عشر"

    هههه يستاهل الكابتن بليفيل مات ،، وهو كان يفكر طول الوقت في أن الآخر سيموت قبله ، مما قرأت يبدو لي بليفيل و توم كل منهما يجيد أن يصنع أعذاراً ، أولاً صوفيا ثم مولي ثم صوفيا لماذا من البداية لم يحبها وينهي الموضوع ،، آه هؤلاء عبيطون الخدم و أسيادهم "لا تخبر احداً" فيخبرون ذاك الشخص الذي لا يريد أحدهم أن يسمع ذلك ثم يقولون آه يا سيدي لا تخبر هذا ، إنهم مرتع للقيل والقال

    بانتظار الفصول القادمة

    ايما

  20. #20


    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المـشـــاركــات
    56
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: (رواية توم جونز)-من ترجمتي-

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shooshoo مشاهدة المشاركة
    .:[ السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهـ ]:.


    رواية رائعهـ جدا .. أعجبتني كثيرا .. واستمتعت بقرائتهــا ..^^

    شكرا لك أخي مضر على الترجمة .. وبانتظـار التكملة
    شكراً لكي على المرور والرد الجميل

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايما مشاهدة المشاركة
    من الفصل 4
    يقول الحكماء إنه قد قُدّر على الناس أجمعين أن يقعوا فيالحي مرة واحدة في العمر .
    الكلمة الصحيحة هي "الحب "
    الفصل 10 : قد بلغت الثامنة عسر من عمرها " عشر"

    هههه يستاهل الكابتن بليفيل مات ،، وهو كان يفكر طول الوقت في أن الآخر سيموت قبله ، مما قرأت يبدو لي بليفيل و توم كل منهما يجيد أن يصنع أعذاراً ، أولاً صوفيا ثم مولي ثم صوفيا لماذا من البداية لم يحبها وينهي الموضوع ،، آه هؤلاء عبيطون الخدم و أسيادهم "لا تخبر احداً" فيخبرون ذاك الشخص الذي لا يريد أحدهم أن يسمع ذلك ثم يقولون آه يا سيدي لا تخبر هذا ، إنهم مرتع للقيل والقال

    بانتظار الفصول القادمة

    ايما
    شكراً لكي أيما على تصحيح الأخطاء وأعتذر عن ذلك وسأحاول ألا أقع في الخطأ مرة أخرى
    بالنسبة للتعليق فأنا أرى أنك على حق ولكن أنتظري حتى نهاية الرواية لتدركي مقدار الحبكة والقيل والقال
    إنها رواية جميلة جداً لذلك أنا أتعب نفسي لأقدمها لأحلى شباب وصبايا في المنتدى

    لا تقطعينا من الردود


    سلااااام

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...