ولد يتيما لا يعرف والديه عاش وحيدا بالرغم من انه بين العشرات من أمثاله كلهم يشعرون بوحدة مشابهة و ينتظرون يبلغون الثامنة عشرة من العمر على أمل من التخرج من هذه الدار الشبيهة بالسجن يضع علامات على الأيام يعدها تنازليا ليغادر لعالم الفرص و الأحلام, ينتظر بشغف الهروب من أسوأ كوابيسه في بيته المجبور أن يسكن فيه.
و جاء اليوم الموعود و ركض نحو الحياة فقيرا من كل شيء إلا الأمل على يقين بأنه سيعيش حياة شبيهة بعالم الخيال الذي نسجه في البال, و لكن الحياة خدعته و كذبت عليه و لم تقل له بان العالم الخارجي عبارة عن غابة مليئة بالضباع تنتظر من يسقط لتلتهمه.
فقرر العمل في أي كانت طبيعة ذلك العمل , من الصعب البحث عن أمل بالدراسة في وضعه, لذا اختصر الطريق على نفسه فعمل حمالا تارة, وتارة أخرى في مصانع ألبان؛ لكنه لم يصمد في أي مجال خوفا منه لأنه متخرج من دار رعاية.
جلس يفكر في وضعه ماذا يفعل مضى على تخرجه من دار الرعاية خمس سنوات و هو نصف نتشرد, لا احد يستطيع أن يستقبله لأنه يتيم خريج دار أيتام , غير مؤدب و غير " متربي", متناسيين بأن وظيفتهم كمجتمع إرشاد أمثاله دينيا و أخلاقيا.
فكر صاحبنا بكافة الطرق و لم يترك سبيلا إلا و طرق بابه و بدأت تتقلص السبل حتى بقي سبيلا واحدا فقط؛ طرق باب أي مسؤول, حاول مرارا التحدث إليه و لكن لا حياة لمن تنادي.
قرر أن يقوم بحركة مجنونة بهدف التهديد فقط ذهب إلى إحدى محطات الوقود و احضر جالونا من البنزين و ملأه ثم اتجه الى مقر المسؤول و هدد بصراخ ان لم يخرج المسؤول سأشعل بنفسي النار, خرج احد موظفي المكتب و قال له: من تظن نفسك لتهددنا هيا غادر المكان سريعا. لم يعجب صاحبنا كلام الموظف فامسك الجالون مهددا فقط , و ملأ نفسه بالبنزين ثم قال: ان لم يخرج مسؤولك ساشعل في نفسي النار حالا,ضحك الموظف ساخرا ثم قال: انت لن تجرؤ و ستغادر حالا دون ان يقابلك المسؤول , فهو ليس مسؤولا عن امثالك.
شعر صاحبنا بجرح في الكرامة و اهانة لم يشعر بها من قبل بالرغم من انه اهين من قبل و لكن هذه الاهانة لها طعم آخر , اشعل القداحة و قربها من ثيابه و اشتعل كاملا من رأسه حتى اخمص قدميه , نقل إلى المشفى و مات بعدها بثلاث ايام.
قهرناه فنهرناه ثم للموت سلمناه
المفضلات