إن الحمد لله نحمده تعالى ونستينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومنسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد
أن محمدًا عبده ورسوله ، وصفيه من خلقه وخليله ، أجى الأمانة وبلغ الرسالة ، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين
فاللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك اللهم على محمد
وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين ، إنَّك حميد مجيد.
وبعد فإن أصدق الله كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وكل محدثه بدعة
وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، أما بعد
ففي هذا الموضوع - إن شاء الله - سوف يكون حديثنا عن الأسماء الموصولة بشرح يسير من دون ما وحشية في
الألفاظ ، فسوف نتكلم عنها من خلال شرح قطر الندى وبل الصدى لابن هشام الأنصاري - رحمه الله - وهو كتاب
للمبتدئين في هذا العلم أو السالكين ، وعليه فسيكون الشرح مفهومًا - إن شاء الله تعالى - ، وأبدأ متوكلًا على
الله ، فهو نعم الوكيل.
فلتعلم أولًا أن الموصولات تنقسم إلى قسمين: الأول الموصولان الحرفية ، والثاني الموصولات الاسمية
فأما الموصولات الاسمية فهي التي سيكون كلامنا عليها في هذا الموضوع.
وأما الموصولات الحرفية فهي التي تؤول مع ما بعدها بمصدر ، ولا تحتاج إلى عائد يعود عليها ، وهي خمسة أحرف
أن المفتوحة الهمزة الناصبة للاسم الرافعة للخبر ، وأن المفتوحة الهمزة الناصبة للمضارع ، وما ، وكي ، ولو الدالة على التمني.
فهذه الخمس تسمى الموصولات الحرفية.
أما الموصولات الاسمية التي تعنينا الآن على ضربين : خاصة ، ومشتركة.
فالخاصة : "الذي" للمفرد المذكر ، و"التي" للمفرد المؤنث ، و"اللذان" لتثنية المفرد ، و"اللتان" لتثنية المؤنث ،
و"الألى" لجمع المذكر ، وكذبك "الذين" وهو يكون بالياء في كل أحواله على اللغة المشهورة، بيد أن ثمة لغة أخرى لقبيلة هذيل
أو عقيل ، فإنهم يقولون "الذون" رفعًا ، و"الذين" نصبًا وجرًّا ، ويُستشهد على ذلك ببيت أبي حرب بن الأعلم وهو من عقيل:
نَحْنُ الَّذُوْنَ صَبَّحُوْا الصَّبَاحَا .... يَوْمَ النُّخَيْلِ غَاْرَةً مِلْحَاحًا
و"اللائي" و"اللاتي" لجمع المؤنث ، ويمكن إثبات الياء فيهما وتركهما.
أما المشتركة فهي ستة : مَنْ ، وما ، وأي ، وأل ، وذو ، وذا.
وإنما سميت مشتركة لأن المفرد والجمع والمذكر والمؤنث فيها سواء ، تقول "يعجبني من جاءك ، ومن جاءتك ، ومن جاآك ،
ومن جاؤوك ، ومن جئنك" وقس على البقية بنحو هذا.
أما "أل" الموصولة فإنها تكون كذلك بشرط أن تدخل على وصف صريح لغير تفضيل ، ونعني بالوصف الصريح ثلاثة أشياء
وهي اسم الفاعل كالضارب ، واسم المفعول كالمضروب ، والصفة المشبهة كالحسن.
لإنك إذا وجدت "أل" داخلة على اسم جامد كالرجل ، أو على وصف يشبه الأسماء الجامدة كالصاحب ،أو على وصف التفضيل
كالأفضل فإنما هذه حرف تعريف وليست "أل" ااموصولة.
وأما "ذو" فإنما تكون موصولة في لغة طيئ خاصة ، قال سنان بن الفحل الطائي
فَإنَّ الْمَاءَ مَاءُ اَبِيْ وَجَدِّي .... وَبِئْرِيْ ذُوْ حَفَرْتُ وَذُوْ طَوَيْتُ
أي بئري التي حفرت ، والتي طويت.
وأما "ذا" فإنما تكون موصولة إذا سُبِقتْ بـ"ما" أو "من" الاستفهاميتين
فأما الشاهد على "ما" قول لبيد بن ربيعة - رضي الله عنه :
أَلَا تَسْأَلَانِ الْمَرْءَ مَاْذَا يُحَاْوِلُ .... أَنَحْبٌ فَيُقْضَى أَمْ ضَلَالٌ وَبَاْطِلُ
وشاهد "من" قول أبي بصير الأعشى واسمه ميمون بن قيس :
وَقَصِيْدَةٍ تَأْتِيْ الْمُلُوْكَ غَرِيْبَةٍ .... قَدْ قُلْتُهَا لِيٌقَالَ مَنْ ذَاْ قَالَهَا
أي من الذي قالها.
فإن لم يدخل عليها "ما" أو "من" الاستفهاميتين فهي حينئذ اسم إشارة خلافًا للكوفيين.
يتبع - إن شاء الله - في موضوع آخر نتكلم فيه عن صلة الموصول.
أرجو أن أكون قد أفدتكم ، ومن أراد نقل الموضوع فله ذلك ، ولا يلزمه ذكر المصدر.
تم الاعتماد على شرح قطر الندى لابن هشام كما ذكر آنفًا.
أستودعكم الله.
المفضلات