▪
▪
جرَت بين "المهلب" وبين الأزارقة وقعَة ، وكان مع الأزارقة رجلٌ حدّاد يقال له : "أبزى" ، يصنع نِصالاً مسمومةً فيرمي بها أصحاب "المهلب" فتصيب منهم وتقتل ، فرفعوا ذلك إلى "المهلب" واشتكوا نكاية الرجل فيهم ، فقال : (أنا أكفيكموه إن شاء الله) [وجد مدخل للحيلة].
.
فوجّه رجلاً من أصحابه بكتابٍ [رسالة] وألف درهم إلى معسكر الأزارقة ، وقال له "المهلب" : ( ألق هذا الكتاب في عسكر قَطَري [أمير الأزارقة] واحذر على نفسك) [يريد المهلب من الرجل أن يلقي الرسالة ومعها المال في مكان تجمّع جيش الأزارقة بشكلٍ لا يلفت الأنظار ، لماذا ؟ السرّ في محتوى الرسالة .. انظر]
.
فمضى الرسول ، وكان في الكتاب : (أما بعد ، فإن نِصالك قد وصلت إليّ وقد وجهتُ إليك بألف درهم فاقبضها وزدنا من هذه النصال) فأخذ الكتاب أحد الجنود وأطلع أميره "قطري بن الفجاءة" عليه فشعر الأمير بخيانة "أبزى" ، فدعا بالحدّاد "أبزى" ، فقال له : (ما هذا الكتاب ؟) ، قال : ( لا أدري) ، قال : (فهذه الدراهم) ، قال : (ما أعلم علمها) فأمر به فقُتل !!
.
[بدأ مفعول صنيع المهلّب] فجاء "عبد ربه الصغير" أحد قادة الجيش ، وقال لقطري بن الفجاءة : (أقتلت رجلاً على غير ثقة ولا تبيّن ؟؟) فقال "قطري" : (فما هذه الدراهم؟؟) ، قال "عبدربه" : (يجوز أن يكون أمرها كذبًا ، ويجوز أن يكون حقاً) ، فقال "قطري" : (قتلُ رجلٍ في صلاح الناس غير منكر ، وللإمام أن يحكم بما رآه صلاحًا ، وليس للرعية أن تعترض عليه) فتنكّر له "عبد ربه" في جماعة من أنصاره وتغيّرت قلوبهم على [قطريّ] .. فـ كرهوه .. لكنهم لم يفارقوه . [الآن انظر خطوة "المهلب" المجنونة بعدما بلغه خبر الخلاف بينهم]
.
فبلغ "المهلب" ما جرى بين القائد والأمير ، فدسّ رجلاً نصرانيًا إلى "قطري بن الفجاءة"وأوصاه إذا رأى "قطريًا" أن يسجد له ، وقال للنصراني : (إذا نهاك فقل : إنما سجدت لك) ، فذهب النصراني وسجد والخوارج ينظرون ، فقال له "قطري" : (إنما السجود لله) فقال النصراني : (ما سجدت إلا لك) فقال رجل من الخوارج لقطريّ : ( قد عبدك من دون الله ، وتلا "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون") [جهل] فقال "قطري" : (إن هؤلاء النصارى قد عبدوا عيسى بن مريم فما ضر ذلك عيسى شيئًا) ، فقام رجل من الخوارج إلى النصراني فقتله ، فأنكر عليه "قطري" وقال : (قتلت ذميًا) ، فاختلفت الكلمة وتنازع القوم .
[بقي الخطوة الثالثة .. "المهلب" يغذّي الخلاف عن طريق استغلال نزعة التكفير والجهل]
.
فبلغ ذلك "المهلب" .. فوجّه إليهم رجلاً يسألهم سؤال جاهل مستفتٍ عن مسألةٍ عقديّة لقّنها له "المهلب" ، فأتاهم الرجل فقال : (أرأيتم رجلين خرجا مهاجريْن إليكم فماتَ أحدهما في الطريق ، وبلَغَكم الآخر فامتحنتموه فلم يجز المحنة [الاختبار] ما تقولون فيهما ؟) [كان السؤال أمام الجميع وهذا مقصود] ، فقال بعضهم : (أما الميت فمؤمن من أهل الجنة وأما الآخر الذي لم يجز المحنة فكافر حتى يجيزها) ، وقال قوم آخرون : (بل هما كافران حتى يجيزا المحنة) فكثر الاختلاف ، فتركهم "قطري" وخرج إلى حدود [مدينة] "اصطخر" وخرج معه بضعة عشر ألفا ، وانشق عنه -بسبب حيلة المهلب - ثلاثة من القادة في ثلاث فِرَق : "عبدربه الكبير" ومعه سبعة آلاف ، و"عبدربه الصغير" ومعه أربعة آلاف ، و"عبيدة اليشكري" ومعه جماعة .. فاقتتلوا فيما بينهم قتالًا شديدا ، فأرسل "الحجاج" إلى "المهلب" يستحثه على انتهاز الفرصة والقضاء عليهم ، فقال له "المهلب" : (إني لست أرى أن أقاتلهم ما دام يقتل بعضهم بعضًا ، فإن تمّوا على ذلك ، فهو الذي تريد وفيه هلاكهم ، وإن اجتمعوا لم يجتمعوا إلا وقد رمق بعضهم بعضًا ، فأناهضهم حينئذ ، وهم أهون ما كانوا وأضعفهم شوكة إن شاء الله تعالى) ، واستمر القتال بين الخوارج شهرًا كاملًا يفني بعضهم بعضا .. فلما خارت قواهم وضعفت شوكتهم ، أرسل "المهلب" إلى كل مجموعةٍ أحد قادته ، فتمكن من القضاء عليهم إلى الأبد .
.
فقط ، وفهمكم كفاية : ) •
----
طبعا القصة منقولة، وبنقلي لها طرأت لي فكرة موضوع جديد فإن أعجبتكم القصة فتعليق أو رسالة أو على أقل تقدير تقييم تبين مستوى التفاعل وتشحذ همتي للمزيد وطرح الموضوع الجديد..
المفضلات