تمنيتُ أن تكون مزحة.. لن أغضب منها.. لن أبالي تكذيب الآخرين لي كوني من أكدتُّ الخبر.. فقط.. كوني بخير..

الرجفة في الصوت الذي أجابني على الهاتف كانت كافيةً للتأكيد.. لا شك أن الحزن يعتصرهم، ومع ذلك طاوعتني نفسي لأسأل.. شهقات البكاء التي أجابت سؤالي انغرزت في قلبي تمزقه أكثر مما كانت لتفعل ألف سكين.. وحتى بعد أن انتهى الأمر وأغلقتُ السماعة عدتُ لأتأكد من التاريخ.. قد تكون كذبة إبريل؟ قد تكون بخير؟

كيف عليّ أن أرد؟ وكيف أواسي قلوبًا مفجوعة بقلبٍ فُجع لتوه؟ لا تنتحبي معها.. قولي شيئًا! لا تجيب الشهقات سوى شهقات أخرى.. الكلمات تحتبس.. عليّ أن أقول أيَّ شيء! ذكروني مجددًا، ما الذي يقوله المرء في أوقاتٍ كهذه؟ ذكروني مجددًا، كيف كانت حناجرنا تصدر الكلمات؟

أمسك بالهاتف وأتأمل اسمها المتربع فيه.. أتذكر استشارتها لي بقلق.. أتذكر نصائحها اللطيفة.. صور ابنتها التي شاركتني إياها.. قراءاتها وأمانيها.. ومع ذلك لا يجرؤ إصبعي على الضغط على الشاشة والاطلاع على هذه المحادثات.. سأظنها حيةً حينها.. لن أقوى على التصديق إن فعلت..

عليّ أن أدوّن عزاءً.. ماذا عليّ أن أقول؟ وأية كلماتٍ يمكن أن تعبر عن هذه المشاعر المتدفقة والمتضاربة؟ منذ متى يمكن تحويل المشاعر إلى كلمات؟ إنني ضائعةٌ، رواتي.. ماذا أفعل؟

كنتُ لأستشيركِ لو كنتِ هنا.. ماذا أفعل بهذه الكلمات التي أدوّنها؟ وأيَّ بئرٍ أدفنها فيه؟ جلُّ نصوصي كانت تمر عليكِ بخجلٍ قبل العرض.. فأين أذهب بهذه الكلمات التائهة، الباحثة عن عينٍ تحتضنها؟ لمَ لم تخبريني أنكِ راحلة؟ كنتُ لأودعكِ على الأقل.. وأعيش معكِ مزيدًا من اللحظات.. إن كنتُ أنا أشعر بهذا، فكيف بهم؟ ربِّ الطف بهم..

لستُ أعترض.. ربِّ لستُ أعترض.. قد أحسنتَ ختامها.. وكل ما نرجوه أن تحسن ختامنا كذلك.. قد اخترتَها إلى جوارك، وستلطف بابنتها وأهلها بلطفك.. يا رب.. اجمعنا بها في جناتك كما جمعتنا على خيرٍ في هذه الدنيا البالية التي لا تساوي جناح بعوضة..

أحلامها التي أوقفتها عجلة الموت لم تندثر، بل تنتظرنا نحن لنتابع مسيرها.. رصيد حسناتها الذي توقف عن التحرك ينتظرنا نحن لنعيد تحريكه.. أنتِ رحلتِ ولكننا لا نزال هنا.. أريدكِ أن تكوني سعيدة لأنكِ عرفتِنا.. أريدنا أن نكون سببًا في جعله يتحرك مجددًا..

لا اعتراض على قضاء الله، فالله ألطف بكِ منا.. فقط.. أتمنى.. لو كنتِ هنا..
بقلم تشيزوكو
-كما طلبت-

إنا لله وإنا إليه راجعون
رحمكِ الله أي حبيبة القلب أثير وتغمدّك في واسح رحمته سبحانه وأجزل لكِ الثواب
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنّا لفراقكِ لمحزونون
جمعنا الله بكِ في جناته جنات النعم ياا حبيبة :"""