~✿"ومن يطيق ما تطيقين يا أم عُمارة؟".. مسابقة سِيـَ في رحاب الأصحاب ـرْ ✿~

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    الصورة الرمزية تشيزوكو

    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المـشـــاركــات
    4,317
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي ~✿"ومن يطيق ما تطيقين يا أم عُمارة؟".. مسابقة سِيـَ في رحاب الأصحاب ـرْ ✿~






    بدايةٌ مبكرة

    حين ضيّقت قريش أمور الدعوة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآذت أصحابه، كان الأوان قد حان لإيجاد موطنٍ بديلٍ يحتضن هذه الدعوة الناشئة..

    فكان صلى الله عليه وسلم يتحين موسم الحج ليقابل القبائل المختلفة، ويعرض عليهم دعوته..

    وفي العام الثاني عشر للبعثة، قابل صلى الله عليه وسلم في موسم الحج اثني عشر رجلاً من يثرب، اعتنقوا الإسلام وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على التوحيد والطاعة، فيما عُرف ببيعة العقبة الأولى..

    وعاد المسلمون الجدد إلى مدينتهم ليدعوا قومهم، ورافقهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ليعلمهم أمور دينهم..

    في موسم الحج التالي جاء المزيد من المسلمين من يثرب لمبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم..

    في بيعة العقبة الثانية بايعوه على الطاعة، وعلى النصرة والحماية..

    أسلموا خلال سنةٍ واحدة واستعدوا ليبايعوا على حماية الرسول صلى الله عليه وسلم بأرواحهم!

    أبطال البيعة الثانية كانوا ثلاثةً وسبعين رجلاً وامرأتين اثنتين..

    إحدى هاتين المرأتين كانت بطلة حكايتنا نسيبة بنت كعب رضي الله عنها..





    عائلةٌ مسلمة

    نسيبة بنت كعب والمكناة بأم عُمارة رضي الله عنها، كانت كما رأيتم من أوائل السبّاقين إلى الإسلام من الأنصار، ومن قبيلة الخزرج تحديدًا..

    أسلمت هي وزوجها زيد بن عاصم الأنصاري وولداها حبيب وعبد الله..

    ولم تكن هذه عائلةً عاديةً أبدًا..!

    فإن كانت الأم بطلةً عجيبةً نادرة، فكيف سيكون أبناؤها؟

    ثم إن زوجها رضي الله عنه توفي، وتزوجت من بعده بغزية بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه..

    وقد تجلت بداية بطولات أم عمارة وعائلتها في واحدةٍ من أشد المواقف على المسلمين..

    فحين انهزم الناس، ومروا من أمامها فارين، بقيت هي صامدةً ثابتة، تذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..

    بداية البطولات، كانت في غزوة أحد..!




    بطلة أُحد

    غزوة أحد لم تكن غزوةً سهلة..

    كانت تلك محنةً عصيبة، وعصيبةً جدًا على المسلمين..

    بدأت ببداية مشرقة للمسلمين، وفوزٍ مظفرٍ لهم..

    تلا ذلك ما حصل من نزول الرماة من مواقعهم لجمع الغنائم عاصين بذلك أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم..

    ثم التفاف فرقة خالد بن الوليد -وكان يومها مع المشركين- على المسلمين، ليبدأ الرعب والفرار والانهزام..

    كانت نسيبة رضي الله عنها قد حضرت مع زوجها وابنيها غزوة أحد، لتساعد في سقيا المسلمين..

    من مكانها شاهدت نصر المسلمين..

    شاهدت تغير الأحوال المفاجئ..

    شاهدت انقسام وتشتت جيش المسلمين..

    شاهدت فرارهم الكبير..

    شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند شِعب جبل أُحد يحاول تثبيتهم وهم يفرون من أمامه، وليس حوله سوى نفرٍ قليلٍ جدًا..

    شاهدت ذلك من مكانها، فشدت ثوبها على وسطها وحملت السيف وانطلقت مع زوجها وابنيها تذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم!

    المسلمون يفرّون، والمشركون يتسابقون لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، والثابتون حوله -وفيهم نسيبة- لا يكادون يتمون العشرة!

    كانوا جميعًا مترجلين لا يملكون ما يركبونه، بينما يهاجمهم المشركون من كل حدبٍ وصوب راكبين خيولهم..

    كانت رضي الله عنها تقاتل بسيفها، وترمي بقوسها، وليس عليها درعُ أو ترس!

    تصيبها الضربة تلو الضربة، ولا تتراجع قيد أنملة!

    ويمرّ أحد الفارين موليًا وهو يحمل معه ترسًا، فناداه صلى الله عليه وسلم: "ألقِ ترسك إلى من يقاتل"!

    فألقى الرجل ترسه وتابع طريقه، فالتقطت أم عمارة الترس وبدأت تدافع به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..

    وأقبل رجلٌ من المشركين على فرسه، فضربها فتترّست له، وبمجرد أن ولّى ضربت بسيفها قدم فرسه فوقع أرضًا، وأسرعت إليه!

    يراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فينادي: "يا ابن أم عمارة! أمك أمك!"

    فيهرع إليها ابنها ويعاونها عليه..!

    الهجوم لا يتوقف.. والموقف يشتد.. ولا مجال للراحة أبدًا..!

    وأم عمارة تقاتل كأشد الرجال!

    يُصاب ابنها عبد الله في كتفه الأيسر، ولا يتوقف الدم عن السيلان، فيقول له صلى الله عليه وسلم: "اعصب جرحك!"

    فتسرع إليه أمه تضمد جرحه وتقول: انهض بني، فضارب القوم!

    فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة"!

    ثم يقبل ضارب ابنها فيناديها صلى الله عليه وسلم: "هذا ضارب ابنك"!

    فتعترض له وتضرب ساقه فيسقط، ويتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يراها تُجهز عليه مع من معها ويقول: "الحمد لله الذي ظفرك، وأقر عينكِ من عدوك، وأراكِ ثأركِ بعينك"..

    لم تكن غزوةً سهلة..

    أصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة إصابات، حتى أن أحد الصحابة رضوان الله عليهم ارتمى فوقه ليستقبل الضربات بدلاً منه..!

    يقبل ابن قمئة من المشركين يصرخ: دلوني على محمد فلا نجوتُ إن نجا!

    ويعترض له مصعب بن عمير رضي الله عنه ونسيبة بنت كعب ونفرٌ آخرون..

    فيضرب ابن قمئة نسيبة ضربة قويةً في عاتقها، تضربه مقابلها عدة ضربات غير أنه كان يرتدي درعين..

    ويتمكن من قتل مصعب بن عمير رضي الله عنه، ولما كان مصعب شديد الشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ظن بأنه قتله فيصيح: قتلتُ محمدًا!

    وكان انتشار هذه الإشاعة من أسباب زيادة انهزام المسلمين يومها..

    ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتراجع مع النفر القليل الذين معه صاعدين شِعب جبل أحد، وكان متكئًا على طلحة والزبير رضي الله عنهما بسبب إصابته..

    ويلاحظ صلى الله عليه وسلم إصابة نسيبة الغائرة، فينادي ابنَها عبد الله: "أمك أمك! اعصب جرحها.. بارك الله عليكم من أهل البيت.. مقام أمك خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل البيت.. ومقام ربيبك -يعني زوج أمه- خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل البيت"..

    فتسرع نسيبة رضي الله عنها لتقول: ادع الله أن نرافقك في الجنة!

    فيقول صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة"!

    فتقول رضي الله عنها: ما أبالي ما أصابني من الدنيا!

    وخلال صعودهم الجبل ينضم إليهم مجموعةٌ من الصحابة كانوا قد احتموا خلف صخرةٍ في الجبل، وكان ممن انضم إليهم مجموعةٌ من الرماة مثل سعد بن أبي وقاص وأبي طلحة رضي الله عنهما..

    وينجح الرماة في رد المشركين الذين يحاولون صعود الجبل، ويتمكن بقية المسلمين من الانضمام إليهم ودحر المشركين..

    وينتهي ذلك اليوم الطويل أخيرًا.. ويعود الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وفي جسد أم عمارة رضي الله عنها اثنا عشر جرحًا ما بين طعنةٍ برمح أو ضربةٍ بسيف..

    ولا عجب! فهي من قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما التفتُّ يمينًا ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني"!





    جهادٌ وإيمان

    في اليوم التالي لغزوة أحد، نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ليخرجوا للقتال!

    وقال: "‏‏لا يخرج معنا إلا من شهد القتال"..

    كان ذلك الخروج ضروريًا خشية هجوم المشركين على المدينة بعد فشلهم في تحقيق أهدافهم في أُحد، ولرفع الروح المعنوية للصحابة كذلك..

    وخرج المسلمون بجراحاتهم التي لم تشفى بعد.. يستندون على بعضهم تسبقهم شجاعتهم وإيمانهم..

    سمعت أم عمارة رضي الله عنها النداء.. وهي من شهدت ما شهدت من القتال.. فربطت جرحها واستعدت للخروج، غير أن الألم غلبها ولم تقو على الخروج والمشاركة..

    وفرّ المشركون بعد أن عرفوا بخروج المسلمين، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جيشه ثلاث ليالٍ في حمراء الأسد، ثم عادوا إلى المدينة لم يمسهم سوء..

    وفور عودته إلى المدينة، أرسل صلى الله عليه وسلم من يُطَمْئِنُهُ على نسيبة رضي الله عنها، فطمأنوه أنها بخير فسُرَّ بذلك..

    ولم تتوقف شجاعة أم عمارة هنا، فقد شاركت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني قريظة..

    كما كانت كذلك من المشاركين في بيعة الرضوان الذين قال تعالى فيهم: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ"..

    وقال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ"..

    ثم شاركت رضي الله عنها مع المسلمين في غزوة خيبر، وبعدها في غزوة حنين، وثبتت مجددًا حين انهزم الناس، فحملت سيفها وأخذت تقاتل وهي تنادي في الأنصار: أيَّة عادة هذه؟! ما لكم وللفِرار؟!

    واستمرت في صمودها حتى كتب الله للمسلمين النصر..

    وكانت نسيبة رضي الله عنها شديدة الحرص على الاستزادة من أمور دينها، فقد جاءت يومًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة: ما أرى كلَّ شيءٍ إلا للرجال، وما أرى النساءَ يذكرن بشيء!

    فنزل قوله تعالى: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"..


    واستمرت أم عمارة رضي الله عنها في مسيرتها الجهادية والدينية، بينما
    ابتلاءٌ عظيم ينتظرها في صفحات الغيب..





    صمودٌ في وجه السيف

    ابتلاءٌ عظيمٌ كان ينتظر نسيبة بنت كعب رضي الله عنها..

    بدأ الأمر كله بظهور مسيلمة الكذاب في اليمامة..

    مسيلمة كان رجلاً ادعى النبوة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعُرف بالكذّاب..

    وقد أرسل له صلى الله عليه وسلم كتابًا يدعوه إلى الإسلام وترك افترائه، وكان حامل هذا الكتاب هو حبيب بن زيد رضي الله عنه، ولد أم عُمارة..

    غضب مسيلمة عند قراءته لكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إلى حبيبٍ رضي الله عنه وأخذ يسأله: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟

    فيجيب حبيب بثباتٍ وإيمان: أجل أشهد أن محمدًا رسول الله!

    فيعود مسيلمة ليسأل: أتشهد أنني رسول الله؟

    فيرد عليه حبيب: إنني أصم ولا أسمعك!

    فيغتاظ عدو الله مسيلمة، ويقطع أحد أعضاء جسده!

    ثم يعيد سؤاله بغضب: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟

    ومن بين دمائه النازفة وألمه الجارف، يجيب حبيبٌ بالثبات ذاته دون أن يهتز: أجل أشهد أن محمدًا رسول الله!

    فيعود مسيلمة ليسأل: أتشهد أنني رسول الله؟

    فيرد عليه حبيب: إنني أصم ولا أسمعك!

    ويتكرر المشهد المؤلم ذاته.. يقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا.. وحبيبٌ مصرٌّ على ثباته وإيمانه حتى الرمق الأخير، وحتى يرتقي شهيدًا رضي الله عنه وأرضاه..

    ويصل النبأ الأليم إلى أمه نسيبة رضي الله عنها..

    تستشعر ألم حبيب فؤادها، تفخر بصبره وثباته، فتردد بصبرٍ مماثل: لمثل هذا أعددتُه، وعند الله احتسبتُه!


    تحتسب نسيبة ولدَها عند الله، وتعزم أمرها على الثأر له..!





    ثأرٌ يوم اليمامة

    لم يطل الوقت حتى لاحت لها في الأفق فرصة الأخذ بثأر ولدها..

    كان ذلك في عهد أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه.. فمبجرد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدّ كثيرٌ من العرب عن الإسلام..

    وأعلن أبو بكرٍ رضي الله عنه الحرب على المرتدين، وكان مسيلمة أول من استغل كل هذا وقاد قومه في ردتهم..

    إحدى أكبر معارك الردة كانت معركة اليمامة ضد مسيلمة وقومه المرتدين..

    ولم تتأخر أم عمارة في الانضمام إلى جيش المسلمين.. كيف لا والمعركة ستكون ضد قاتل ولدها..؟

    معركة اليمامة لم تكن سهلةً أبدًا..

    كان جيش مسيلمة كبيرًا جدًا، جلّهم ممن أراد المُلك وغلبته نزعة العصبية، فكانوا يقولون: نشهد أن محمدًا صادق ومسيلمة كذاب، غير أن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر..! وكانوا يريدون أن يكون منهم نبي كما للمسلمين نبي..

    لذا كوّنوا جيشًا ضخمًا وقاتلوا قتالاً شديدًا، حتى كاد المسلمون بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه ينهزمون أمامهم..

    وبدأت نداءات الثبات تصدح من بين المسلمين.. فيجتمع أهل القرآن ويجتمع كبار المهاجرين وكبار الأنصار..

    تمتاز كل جماعةٍ عن أختها حتى يُعرف الثابت من المنهزم..

    يستشهد عددٌ كبيرٌ جدًا من كبار الصحابة..

    تثور روح الجهاد وروح الشهادة في نفوس المسلمين فيكرون كرة رجل واحد، ويجبرون مسيلمة ومن معه على اللجوء إلى حديقةٍ كانت له.. حديقةٍ كانت أشبه بحصنٍ بسبب ارتفاع أسوارها.. حديقةٍ صارت تُعرف في التاريخ باسم حديقة الموت..!

    احتمى مسيلمة الكذّاب وجيشه في الحديقة وأغلقوا على أنفسهم أبوابها، ولم يتمكن المسلمون من الوصول إليهم..

    فيهب أحد أبطال المسلمين وهو البراء بن مالك رضي الله عنه، فيطلب من المسلمين وضعه فوق ترس ورفعه برماحهم وإلقاءه في الحديقة ليفتح لهم الباب..!

    وفي مشهدٍ بطولي نادر، يتم إلقاء البراء رضي الله عنه إلى داخل حديقة الموت، وحيدًا وسط جيشٍ كاملٍ من الأعداء..!

    هجموا عليه جميعًا وقاتلهم ببسالة عند الباب، ليتمكن من فتحه ويقتحم المسلمون الحديقة..!

    ومن بين المسلمين المقتحمين، تقدمت امرأةٌ مقاتلة، تحمل سيفها، وتبحث عن قاتل ولدها..!

    قاتلت ببسالة، وأصيبت بأحد عشر جرحًا ولم تتوقف.. قُطعت يدُها ولم تتراجع..!

    ولدُها عبد الله كان من بين الباحثين عن مسيلمة وعن ثأر أخيه فيه..

    ولم يكن وحده.. كان هنالك أيضًا وحشي بن حرب رضي الله عنه..

    وحشي كان هو من قتل حمزة رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد..

    ثم إنه أسلم، غير أن رسول الله لم يكن يتمكن من النظر إلى وجهه الذي يذكره بمقتل عمه، واستمر ذلك حتى توفي صلى الله عليه وسلم..

    كان الأمر مؤلمًا لوحشي رضي الله عنه، وأراد أن يكفر عن ذنبه بقتل عدو الله مسيلمة الكذاب..

    وهناك في اليمامة.. في حديقة الموت.. وقعت عيونهما عليه في الوقت ذاته..!

    شدّ عبد الله بن زيد يده على سيفه، وانطلق نحو مسيلمة، وهزّ وحشيٌّ حربته وألقاها بمهارته الفذة..!

    وفي اللحظة ذاتها دون أن يعلم أحدٌ أيهما سبق، يخترق جسدَ مسيلمة سيفُ عبد الله ورمحُ وحشي رضي الله عنهما فيسقط صريعًا..!

    وتصل نسيبة رضي الله عنها، قد أثخنت جراحها وسالت دماؤها، فتبصر مسيلمة صريعًا على الأرض وولدها يمسح سيفه بثيابه..

    فتقول: أقتلته يا بني؟

    فيجيب: نعم يا أماه..

    فتسجد لله شكرًا، وترتاح نفسها بعد عناء..

    ويرسل خالد بن الوليد رضي الله عنه لها بمن يكوي لها يدها المقطوعة بالزيت المغلي..

    وتعود إلى المدينة مع الجيش المظفر مثخنةً بجراحها..

    وفي العام التالي، في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ترتقي روح نسيبة رضي الله عنها إلى بارئها متأثرةً بجراحها..

    تاركةً خلفها سيرةً عطرة، لامرأةٍ بطلة، حفرت اسمها بسيفها ونقشته بإيمانها في صفحات التاريخ..






    التعديل الأخير تم بواسطة تشيزوكو ; 27-9-2016 الساعة 12:46 PM


  2. #2

    الصورة الرمزية نور الدُجى

    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المـشـــاركــات
    781
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ~✿"ومن يطيق ما تطيقين يا أم عُمارة؟".. مسابقة سِيـَ في رحاب الأصحاب ـرْ ✿~

    رضي الله عنها وأرضاها ..
    أين نحن من مثل هؤلاء !!
    موضوع مؤثر جداً جزاكِ الله خير ..

  3. #3

    الصورة الرمزية بوح القلم

    تاريخ التسجيل
    Apr 2014
    المـشـــاركــات
    3,354
    الــــدولــــــــة
    كندا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ~✿"ومن يطيق ما تطيقين يا أم عُمارة؟".. مسابقة سِيـَ في رحاب الأصحاب ـرْ ✿~

    يا الله ما أحلاه من سرد وما أطيبه من كلام

    تشيزوكو لقد أبدعتِ فعلًا وأسرتِ فؤادي
    لله دركِ ما أحلاكِ وما أنقى مداكِ

    لكم شعرت بضآلتي أمام ما قدمته هذه
    الصحابية المجاهدة من وهبت نفسها لله وابتغت رضاه

    مالذي قدمناه بجانب ما قدمت ثم نجرؤ على طلب الجنة بل حتى أننا نمنن
    الله ببعض ركعات نؤديها بتكاسل وبعض أيام نصومها قسرًا

    لقد ارتعدت أوصالي وأنا أتنقل بين
    السطور لأقطف ثمار الكلمات وأستنشق روحًا من عبير حروفها ...

    رباه أويحق لي الطمع بجنتك رغم تقصيري ؟

    رباه أنا بتّ خجلى من سؤالك والتقصير يثقلني أبيت و شوقي إلى الجنات يبكيني

    شهيدة
    رباه إن حانت بيوم منيتي واختمها بالحسنى عن التقصير تجزيني

    سلمك
    ربي وباركك تشيزوكو ممتنة جدًا لجمال ما أغدقتنا به من روعة الحروف وفخامة الطرح وأناقة التنسيق

    أسأل
    الله أن يفتح لك به أبوابًا من الخير مغلقة ويفيض عليك من كريم عطائه ويجعله ثقلًا في ميزان حسناتك

    بالتوفيق



  4. #4

    الصورة الرمزية (عامر)

    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المـشـــاركــات
    1,527
    الــــدولــــــــة
    سانت لوشيا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ~✿"ومن يطيق ما تطيقين يا أم عُمارة؟".. مسابقة سِيـَ في رحاب الأصحاب ـرْ ✿~

    طرح جميل وماتع
    كأني أرى الأحداث رأي عين
    أم عمارة من الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن
    ترينا هي والصحابية صفية بنت عبد المطلب كيف أن للمراء دور كبير
    في المجتمع في بنائه والكفاح لأجل رفعت هذا الدين

    بارك الله في كتابتك وطرحة الماتع
    جزاك الله خيرا
    في أمان الله

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...