//~ وقفات نورانية|| وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ~\\

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    الصورة الرمزية بوح القلم

    تاريخ التسجيل
    Apr 2014
    المـشـــاركــات
    3,354
    الــــدولــــــــة
    كندا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي //~ وقفات نورانية|| وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ~\\



    أهلًا ومرحبًا بكم آل النور والإيمان آل مسومس الطيبون الكرام

    تحية لكم زكية معطرة بالمسك يحملها لكم ضياء الصبح مع أول بوادر النور

    كن مع الله وعِش حياتك تحت أمره وثق أن تدبير الله هو الغالب مهما انتفش الباطل وعلا صوت الظالم.

    كن واثقًا بأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

    كثيرًا ما يريد الناس أمرًا ويريد الله أمرًا آخر، فيغلب الله تعالى الناس على أمره ويقهرهم على ما أراد وتتهيأ الظروف والأحوال ليقع أمر الله.

    وقد نزل هذا التعقيب في سياق قصة يوسف عليه السلام في لحظة لا تظهر فيها بوضوحٍ ما دبَّره الله ليوسف من تمكينه في الأرض.



    ولا بيع بالبـــــخس الـــمكرم يـــــوسف .... ليُمــــلَك لكــــــن حكمــــــــــه لِيلي مصرا



    ((
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ))


    المعنى الإجمالي: إذا أراد شيئًا فلا يُرَد، ولا يُمَانَع ولا يُخَالَف، بل هو الغالب لما سواه.

    قال سعيد بن جبير -رحمه الله- في قوله: {
    واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف:21]، أي: "فعال لما يشاء".

    وقوله: {
    وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} يقول: "لا يدرون حكمته في خلقه، وتلطفه لما يريد" (انتهى من تفسير ابن كثير).

    وذكر الطبري في تفسيره عن سعيد بن حبير: (والله غالب على أمره) قال: فعالٍ. وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}
    يقول: ولكن أكثر الناس الذين زهدوا في يوسف، فباعوه بثمن خسيس , والذين صَار بين أظهرهم من أهل مصر
    حين بيع فيهم , لا يعلمون ما الله بيوسف صانع، وإليه يوسف من أمره صائرٌ .


    وفي تفسير السعدي {واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} أي: أمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}
    فلذلك يجري منهم ويصدر ما يصدر، في مغالبة أحكام الله القدرية، وهم أعجز وأضعف من ذلك.

    والهاء في قوله: (
    أَمْرِهِ) فيها قولان: إما عائدة على الله تعالى، أو على يوسف -عليه السلام، ولا تعارض بينهما

    فتأمل كيف حوت هذه الآية معاني جامعة في "سورة يوسف" خاصة، وفي كل أحوال الخلق عامة.


    قال الإمام الرازي : "واعلم أن من تأمل في أحوال الدنيا وعجائب أحوالها عرف وتيقن أن الأمر كله لله، وأن قضاء الله غالب".


    ولو تتبعنا مسار التاريخ ومسيرة الإنسان لوجدنا أن هذه الحقيقة لا تشذ أبدًا، ولا تتخلف مطلقًا، فالله غالب على أمره، لا يقع في ملكه إلا ما يريد.

    والعباد -بمن فيهم الطواغيت المتجبرون- أضعف من الذباب، {
    وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه} (الحج:73)!

    وهم ليسوا بضارين من أحد إلا بإذن الله؛ وليسوا بنافعين أحداً إلا بأمر الله.


    وهذه الانتكاسات الحيوانية الجاهلية في حياة البشرية، لن يكتب لها البقاء، ولن يكون إلا ما يريده الله سبحانه من إعزاز دينه، ونصره عباده

    {
    ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} (التوبة:31)، {وإن جندنا لهم الغالبون} (الصافات:173)

    فأمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب.



    ولنا في قصة يوسف وقفات تخبرنا معنى القانون الإلهي {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}

    الوقفة الأولى: عندما قال يعقوب لابنه يوسف عليهما السلام: {يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}
    [يوسف:5]، فهو لم يقصص عليكم الأالولد المعلَّم الطائع، وهم ما حضروا قطعًا مجلس يوسف وأبيه، ولكن {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ
    كادوا له، ولم يغنِ حذر من قدر، فوقع ما كان يحذر يعقوب -عليه السلام!

    والوقفة الثانية: عندما أرادوا أن يخلو لهم وجه أبيهم، ويخصهم بمحبته، وينتزعوا حب يوسف من قلبه، لكن {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ
    ظل يعقوب يحبه ويرجف قلبه بمحبته هو، حتى بعد فقد أخيه ما قال إلا: {
    يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف:84]!
    وبقي يوسف في سويداء قلبه، وقال: {
    يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف:87]،
    فلم ينسه، وتطاولت الأزمان والسنون {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة الثالثة: عندما أرادوا أن يخدعوا أباهم بالبكاء والقميص، فغلب أمر الله، فلم ينخدع، وقال: {بل سولت لكم أنفسكم أمرا}
    (يوسف:18)وأرادوا أن
    يجعلوه في قاع الجب، فرفعه الله إلى قمة المُلك، وقال المَلِك له: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}
    [يوسف:54]! {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة الرابعة: عندما أرادوا بيعه بيع العبيد فاشتراه من مصر عزيزها ليحيا فيها حياة الملوك وأبناء الملوك -بل ملكها هو بعد ذلك-
    وأرادوا بذلك إهانته فقال الذي اشتراه من مصر لامرأته: {
    أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف:21]؛
    لتعلم أن {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}!

    الوقفة الخامسة: عندما قالوا: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف:9]، أي تائبين، فغلب أمر الله حتى نسوا الذنب،
    وأصروا عليه حتى أقروا به بين يدي يوسف -عليه السلام- بعد سنين، وقالوا لأبيهم: {
    يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف:97].

    الوقفة السادسة: عندما كادت به امرأة العزيز، وغلقت الأبواب، وطلبت وقت غيبة العزيز؛ ليبعد ذلك عن علمه وعلم الناس،
    ولكن: {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}، كشف الأمر وهتك الستر: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف:25]، وشاع الأمر حتى
    {
    قَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف:30]؛ لتعلم أن {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة السابعة: عندما ابتدرته بالكلام بين يدي العزيز؛ لتغلبه: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}؛ فأظهر الله براءته بشهادة
    شاهد من أهلها حتى استقر الحق في نفس العزيز، فقال لها: {
    وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}
    [يوسف:29]، {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة الثامنة: عندما كادت به هي والنسوة، وتعالت صيحتها وهي تقول: {لَيُسْجَنَنَّ } [يوسف:32]، فأرادت إدخال
    الوحشة عليه بالسجن؛ فآنس الله وحشته بذكره لربه وإحسانه للخلق ودعوته لتوحيد الله
    وقالت: {وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}
    فغلب أمر الله، وقال المَلِك: {
    إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف:54]، فأرادت إذلاله -عليه السلام؛ فأعزه الله،
    وجعل أقوات الخلق بين يديه! {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة التاسعة: عندما دبر يوسف -عليه السلام- أن يخلص من السجن فطلب من ساقي الخمر أن يذكر شأنه للمَلِك
    فغلب أمر الله تعالى؛ إذ أراد أن يمكث يوسف في السجن بضع سنين، فأنسى الشيطانُ الساقي ذكر قصة يوسف للملك؛
    فلبث يوسف في السجن بضع سنين وكان قد تد
    بر شأن نفسه ليخرج من السجن في أول الأمر، ولكن أراد الله ألا يكون لأحد عليه منة،
    وأن يعلي قدره جزاء إحسانه؛ فأرى اللهُ الملكَ الرؤيا ليخرج يوسف مطلوبًا لا طالبًا، مرغوبًا لا راغبًا، ويقول الملك:
    {
    ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} [يوسف:54]، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة العاشرة: عندما حاول الساقي إخفاء أنها رؤيا الملك فقال: {أَفْتِنَا} [يوسف:46]، ولم يقل: أفتِ الملك،
    وقال: {
    لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ} [يوسف:46]، ولم يقل: إلى الملك، حتى بادي الأمر قال: {فَأَرْسِلُونِ
    ولم يذكر جهة إرساله فتكتم قبل خروجه وحين جاء يوسف، ولكن فهم الملك وكشف الله الأمر له، وما نفع هذا
    الرجل ما فعل، {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة الحادية عشرة: عندما أراد يعقوب -عليه السلام- حفظ أولاده أن يصيبهم أذى فقال: {لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف:67]،
    وهو يعلم أنه لا يغني عنهم من الله شيئًا، وقد فعلوا {
    وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} [يوسف:68]،
    ولكن غلب أمر الله ففقدوا واحدًا منهم {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة الثانية عشرة: وتأمل بعد هذا كله كيف كان تدبير الله ليوسف أن ينقل من كنف بيت النبوة إلى بلاط الملك والسياسة؛
    ليكون هذا هو محل دعوته، ومكان عمله
    وفي هذا كله... تأمل حفظ الله لأهل مصر! وكيف أخرج لهم من الشام يوسف -عليه السلام-؛
    ليدبر لهم شأنهم في السنين العجاف؛ ولتبقى مصر سلة الغلال وخزانة الدنيا، تأتيها الناس لتطلب ميرتها منها،
    وما ذلك إلا بتدبير الله لها {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة الثالثة عشرة: أنظر كيف كان قدر الله لبني يعقوب -بني إسرائيل- أن يأتوا إلى مصر ليستوطنوها،
    لتبدأ دورة أخرى في حياة البشر، ليأتي بعد ذلك فرعون فيستعبدهم، ثم يبعث الله موسى -عليه السلام؛ ليستنقذهم
    {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}؛ لتعلم بعد هذه الكلمات: أن الله عزيز؛ إذا أراد شيئًا وأراد كل الخلق شيئًا؛
    كان ما أراد الله، ولا مغالب لما أراد {
    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
    فلا تكن بعد هذا كله ممن قال الله فيهم في آخر السورة:
    {
    وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف:105]!





    تعلمنا من هذه الوقفات أنه لا يغني حذر عن قدر، وهذه الحقيقة حين تستقر في ضمير المؤمن،
    تطلق تصوره لمشيئة الله وفعله من كل قيد يَرِدُ عليه من مألوف الحس، أو مألوف العقل، أو مألوف الخيال!
    فقدرة الله وراء كل ما يخطر للبشر على أي حال. والقيود التي تَرِدُ على تصور البشر بحكم تكوينهم المحدود،
    تجعلهم أسرى لما يألفون في تقدير ما يتوقعون من تغيير وتبديل فيما وراء اللحظة الحاضرة، والواقع المحدود،
    وهذه الحقيقة تطلق حسهم من هذا الإسار، فيتوقعون من قدرة الله كل شيء بلا حدود، ويكلون لقدرة الله كل شيء بلا قيود.

    المراجع
    تفسير ابن كثير
    تفسير الطيري
    تفسير السعدي
    موقع طريق الإسلام
    موقع إسلاو ويب



  2. 5 أعضاء شكروا بوح القلم على هذا الموضوع المفيد:


  3. #2

    الصورة الرمزية بوح القلم

    تاريخ التسجيل
    Apr 2014
    المـشـــاركــات
    3,354
    الــــدولــــــــة
    كندا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: //~ وقفات نورانية|| وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ

    مساؤك نور وسرور أهلًا بك وعلى الرحب

    اللهم آمين وإياكم يا ورقة

    ممتنة لكريم المرور وطيب الحضور .. باركك ربي

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...