تعالوا نلعبْ
لا زال العرض ساريًا أيها الناس
بما أنكم تنسَون نتائج هذا اللعب الآن، فلا بأس بأن تلعبوا كما تريدون!

منذ سنوات فاجأتنا الدانمارك برسوم كاريكاتورية مسيئة إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأثار ذلك الاستنكار في أنحاء العالم الإسلامي، وقامت المظاهرات في عدة دول، احتجاجًا أمام السفارات الدانماركية على هذه الإساءات، ولكن...

أبشروا يا شباب!
أحد اللاعبين يأتي متحمسًا لِيَبُثَّ في المنتديات خبرًا مفاده أن الدين انتصر، فالرسام الدانماركي احترق، والحكومة الدانماركية تخبئ هذا الخبر عنا!
كيف عرفتَه أنتَ إذًا؟ هل نزل عليك الوحي؟
لا!
بل هو عرفه وجعل الناس (يتأثرون) بما يبثه من الأكاذيب، و(يتفاعلون) معه، كيف لا، ومصدر الخبر امرأة فلسطينية (موَحِّدة) أقسمت إنها رأت في منامها الرسام الدانماركي يحترق؟

تخيلوا هذا الهراء!
امرأة ترى في منامها الرسام الدانماركي يحترق، وتقسم على ذلك، وهذا يعني أن الأمة الإسلامية ستحتفل بانتصار الإسلام واحتراق الرسام الدانماركي، وتشمت بالحكومة الدانماركية التي تخبئ الخبر عنا!
من هي هذه المرأة؟ لا يهمنا هذا! المهم أن (المصطلح الديني) حاضر، فالمرأة (موَحِّدَة)، وبالتالي الخبر صحيح! بغض النظر هل هناك امرأة رأت في نومها هذا أم لا، بل بغض النظر هل لو رأى أحد في نومه هذا المنام، يكون ذلك نصرًا للإسلام، وحقيقة واقعية، تخبئها حكومات الأعداء!

لعبة سخيفة، أليس كذلك؟
لا ننكر ذلك، كما لا ننكر أنها نالت شعبيتها عبر انتشارها، وكم مرة يفاجئنا المنشور العالمي هذا، وكم مرة كنا نتحاور مع أصحابه، بل ونحذف هذا الهراء لهم، فيعيدون كتابته من دون أدنى خجل، ولِمَ يخجلون، وهم بالمسلمين يتلاعبون، وبمصطلحات الدين يهزأون؟!

لعبة سخيفة؟
تعالوا نلعبْ لعبة غيرها إذًا!
لكن تذكروا أن الحقيقة انكشفت وأن الرسام الدانماركي لم يحترق، بل وأن الأخير عاد يرسم رسوماته المسيئة، وأن... وأن اللعبة تواصلت من بعدها، الخبر نفسه بحذافيره عاد يتكرر، وكأن صاحبه لا يفهم، لا؛ بل كأن أمتنا الإسلامية تنغمس في ألعاب الغباء بكل قواها.

تعالوا نلعبْ لعبة أخرى كما وعدناكم!
الكومبيوتر يخضع إلى معجزة دينية مذهلة لا تتخيلونها!
هل تعلم لماذا لا تستطيع إنشاء ملف على الكومبيوتر باسم con؟
لأن الله تعالى وحده من يقول للشيء (كُنْ) فيكون!

ترى، هل (كُنْ) العربية هي نفسها لفظًا ومعنى (con) الأجنبية؟
ثم كيف نستطيع؛ إذًا؛ أن نكتب هذه الكلمة باستخدام كيبورد الكومبيوتر ولتظهر لنا على شاشته أمامنا واضحة جلية؟
لكن لا بأس، تعالوا نلعبْ هذه اللعبة، ولننظر هل سنحقِّق فيها تقدُّمًا؟
الإجابة، وبكل أسف، نعم سيحصل هذا، فكم مرة تكررت هذه اللعبة الغبية أمامنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكم من التعليقات المبهورة بإعجاز القرآن إذ يقرأ أصحابها هذه المعلومة (العالمية)!

تعالوا نلعبْ لعبة أخرى
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {للذكر مثل حظ الأنثيين}
وذلك في بعض حالات الميراث
ولكن قواعد اللعبة تختلف!

امرأتان في أمريكا ولدتا في يوم واحد، في غرفة واحدة، في دقيقة واحدة، امرأة أنجبت صبيًا وامرأة أنجبت بنتًا...
واختلط الأمر على ممرضة التوليد (يبدو أنها كانت تسحب كل طفل بإحدى يديها وتوضبه في كيس وراءها، ولذلك أخطأت ولم تعد تعرف أم كل طفل)!

المهم أن فحص ال dna شخصيًا أخطأ، ولم يأتِ بنتيجة، وهنا تتطور اللعبة وتزداد تشويقًا،
طبيب أمريكي مسيحي أو يهودي يتحدى طبيبًا مصريًا مسلمًا، القرآن فيه حلول كل المشكلات، فكيف يحل هذه المشكلة؟
فيسافر الطبيب المصري المسلم إلى بلاده ليلتقي بأحد مشايخ الأزهر ويعرض عليه المشكلة، فيقول له الشيخ على طريقة المحقق كونان، افتح كتاب الله واقرأ: {للذكر مثل حظ الأنثيين}، ولا يفهم الطبيب المصري التلميح، فيرجع إلى أمريكا حيث يعمل (وكأن مصر كلها ليس فيها سوى شيخ أزهري واحد مثلًا)، وهناك في أمريكا، في المستشفى، وبغتة، ينزل (الوحي) بالحل على رأس الطبيب المصري، ويعرف حل (اللغز)، فيطلب قياس قوة الحليب لدى المرأتين، فوجد الأطباء أن حليب إحداهما ضعف الثانية، فأعطاها الصبي، وأعطى البنت إلى ذات الحليب الأضعف، وذلك لأن {للذكر مثل حظ الأنثيين}، فأسلم الطبيب الأمريكي!
(الحمد لله أن اللعبة لم تتطور لتعلن إسلام كل طاقم الأطباء والممرضين، بل والمرضى أنفسهم في المستشفى الأمريكي)!

كيف يتم تحوير آية محكمة في بعض خصائص الوراثة في النظام الإسلامي لتتحول إلى فحص قوة الحليب لدى امرأتين، لتحديد ولد كلٍّ منهما؟ ومن هذا الذي قال إن القرآن فيه حل لكل المشكلات؟
لا أحد قال هذا، سوى مصممي ألعاب الغباء فحسب!
ومصيبتنا أن كثيرًا من أمتنا معهم لاعبون!

ولماذا لا نواصل اللعب؟
رسولنا صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولا يكتب، ولكن...
سِئَل (عالم جليل) هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أميًا لا يقرأ ولا يكتب؟ قال كذبوا عليكم! إنه كان يقرأ ويكتب بثلاثة وسبعين لسانًا، ولكن لقب بالأمي نسبة إلى أم القرى!

لا تنسَوا قواعد اللعب... العبوا على المصطلحات الدينية وحققوا مرادكم!
سُئِلَ (عالم جليل)... من هو؟ من اعتبره عالِمًا فضلًا عن كونه جليلًا؟
لا بأس، المهم أنه (عالم) و(جليل)، وليس المهم إطلاقًا أن نتذكر قول الله عز وجل:
{وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون}
فهذه هي قواعد اللعبة! أن نخوض مع الخائضين ونلعب مع اللاعبين
ونظن أنفسنا من المحسنين!
ويا خوفي من يوم يدعي عالم (جليل) آخر أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب ب 730 لغة مثلًا!!

تعالوا نلعبْ وبالقرآن نتلاعبْ!
يقول الله تعالى عن العسل: {شراب مختلف ألوانه}، ويقول الله تعالى: {وكلوا واشربوا}، فوجب شرعًا أن يسبق الأكلُ الشربَ، وبالتالي تناول العسل على الريق حرام، لأنه لم يُسْبَق بالأكل!
لعبة طريفة جدًا للحقيقة، وتثبت أن صاحبها لم يدرس اللغة العربية في حياته قط، وكأنه لم يسمع بقول الله عز وجل: {إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون}، ولكن (مؤلف) اللعبة لا يريد أن يعقل ولا يريد أن يفهم القرآن، بل يريد أن يلعب وكفى!

حرف الواو في اللغة العربية لا يأتي بمعنى الترتيب ولا التعقيب، أما لو كانت الآية: (وكلوا فاشربوا) لأتت بوجوب الشرب بعد الأكل مباشرة، ولكنها لن تنفي _ حتى في هذه الحالة _ جواز الشرب من دون الأكل قبل ذلك، فما الحال وفاء التعقيب كلها لم يتم استخدامها في هذا الأمر! والقول (وكلوا واشربوا) تفيد لغة، أن نبدأ بهذا الأمر أو بذاك الأمر، ثم لماذا لم نقرأ الآية من بدايتها؟
أنسي اللاعب ما قبل (وكلوا واشربوا)؟ أو لم يقل الله تعالى:
{يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا}، وفق مقياس فهم هذا اللاعب، يجب أن نأخذ زينتنا عند كل مسجد، وبعدها نأكل، وبعدها نشرب! ترى أيعني هذا وفق مقياسه كذلك أنه لا يجوز الأكل أو الشرب إن لم نأخذ زينتنا عند كل مسجد؟! لا علينا! المهم أن يلعب بالدين وأوامره ونواهيه، والأكثر أهمية أن يلعب معه المسلمون!

تعالوا نلعبْ
كل أحمق يتصدى للإفتاء ويضل الناس بغير علم، ترى أتباعه يهتفون متحمسين، ليسوغوا أخطاءه الشنعاء: (من) اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد.
وهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام؟ هل فتح الباب أمام كل جاهل أحمق ليدلي بدلوه في شريعة الله عز وجل، ويخلط المفاهيم ويدس السم في العسل، بحجة أن له أجرًا واحدًا؟
الحديث النبوي الشريف: (إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب، فله أجران، وإذا حكم واجتهد وأخطأ فله أجر واحد).
إذا اجتهد (الحاكم) وليس (من اجتهد) ينال الأجر، خاصة إن كان أحمق لا يعرف دين الله تعالى، ولكن قواعد اللعبة أن يؤلف اللاعبون حديثًا ما، ويلعبوا على أوتاره، ليضلوا الناس ويفرحوا بانتصارهم عليهم!

تعالوا نلعب معًا!
دجال يحضِّر الجن، بحجة أنه (شيخ)، أي رجل دين!
بل وهذا الدجال يؤم المصلين في صلاة الفجر كذلك!
والسبب في ذلك أنهم سألوه أليس تحضير الجن بحرام؟ فأجابهم واثقًا: بلى، هو حرام، ولكن...
يخوض الدجال لعبة الدين النادرة هذه، فيقول إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يطلب إليه أن يستمر في فعلته هذه، لأنه ساحر رحماني!
ويكاد يتحول الساحر (الرحماني) إلى مشروع نبي جديد! كيف لا يكون كذلك، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم؟
أما كيف يطلب النبي صلى الله عليه وسلم من شخص ما أن يستمر في فعل الفاحشة، فهذا ما لا يعني اللاعبين في شيء، وحجتهم في ذلك أن الرجل ساحر رحماني فعلًا، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من رآني فقد رآني حقًا)... لكن... هل رأى هذا الدجال النبي فعلًا؟ وهل أمره النبي فعلًا بالاستمرار بالمعصية؟
لا علينا، تستطيع أن لا تصدق أنت ذلك، أما اللاعبون فقد انقادوا خلف اللاعب الخفي، وهل هناك ما هو أكثر طرافة من اللعب بالأحاديث النبوية الشريفة، وبمكانة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، وبكتاب الله عز وجل؟

تعالوا نلعبْ فمراحل اللعبة طويلة طويلة، وما هذه إلا نماذج قليلة فيها
تعالوا نلعبْ، لكن إلى اللاعبين بغفلتهم تذكروا أن الدين تشريع من رب العالمين، فلا تلعبوا في ما لا تعلمون!
لو تذكرتم أن الدين ليس بلعبة لما وصلنا إلى هذه الدرجة من استهانة الأمم بكم وبدينكم...

تعالوا نلعبْ
يا مخترع هذه الألعاب تذكر واعلم يقينًا أن كلام رب العالمين صادق، سواء أكانت تؤمن بدين الإسلام أم لا تفعل...
تذكر مصير من يلعب بدين الله عز وجل ويستهزئ بآياته، واعلم أن ألعابك لم تنتهِ الآن بصدور نسخ جديدة وأفكار في ذهنك فريدة...

ولنا عزاؤنا في الدنيا، قبل عذابك في الآخرة، أن محاولاتك ستنتهي يومًا بالفشل:
{يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}


عمر قزيحة
19_2_2019م
الساعة: 21:38 دقيقة ليلًا