ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 20 من 23

العرض المتطور

  1. #1

    الصورة الرمزية سلمى1415

    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المـشـــاركــات
    3,365
    الــــدولــــــــة
    الجزائر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    و عليكم السلام رحمة الله و بركاته
    ماشاء الله طرح مميز أستاذ عمر و تحليل راااائع
    لطالما ابتعدت عن اي نقاش سياسي ليس لشيء و لكن لأريح رأسي من نقاش يكاد ينعدم فيه الوعي و الحكمة, خصوصا أننا شهدنا قبلكم مظاهرات سلمية
    شخصيا لست ضد المظاهرات ابدا لكن رأيي من رأيك , داخل الحشود تعددت الشخصيات و اختلفت النوايا, حتى اكاد أجزم أنك لو تسأل أي شخص عن هدفه من التظاهر و ماذا يريد لن تجد سوى 1 أو 2 % من الناس اجاباتهم تحمل مغزى منطقي و الباقي تعددت أسبابه : من كرهت المكوث في البيت فخرجت مع صديقاتها , من تشاجرت مع زوجها فخرجت في المظاهرة لتنسى همّها , من تبحث عن فارس أحلامها ....و و و الخ
    حتى مرة سألَتْني فتاة كانت معي في الترامواي لماذا لا تأتي الى المظاهرة فأجبتها, إن كان عن حب البلد فالأولى أن أذهب إلى المختبر و أنهي بحثي الدراسي لعلي أكتشف شيء يفيد الناس و يمنعهم من عدة أمراض , و أنتِ ماذا ستفعلين في المظاهرة قالت بصراحة لا شيء نجتمع نحن الشباب و نغني ثم نذهب إلى البيت ....فقلت رجاءا لا تنسو تنظيف الطرقات قبل عودتكم الى بيوتكم ......و طبعا لما ذهبتُ الى الجامعة وجدتهم في اضراب و كان هناك مجموعة من الشباب يمثلون الطلبة يمنعون أي أحد من الدخول ...هممت أن أدخل قاطعني أحدهم بيده و قال إلى أين قلت الى المختبر عندي عمل تطبيقي هام و مذركتي لا تستطيع الانتظار فتخرّجي سيكون بعد أشهر قليلة , فنظر لي باستغراب و قال ادخلي ......لا أدري لماذا صار منظور الناس ضيق إلي هذه الدرجة .....أليس العلم هو من يرفع الانسان و به تتقدم البلاد ...
    أما عن ثقافة الحمير التي ذكرتها فنحن فعلا نعيشها .....يعطون الاختصاص لغير أهله أما من يستحق ذلك فيتركونه إلى أن يأخذ الله أمانته ....

    أنار الله دربك و جعلك نبراسا تنير عتمة من حولك
    في حفظ الرحمن



  2. #2

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,485
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)


    دوّنتُ أكثر من ملاحظة ....
    لي عودة إن شاء الله أستاذ

    في أمان الله







  3. #3

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,485
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)


    السلام عليكم أستاذ
    على الشبكة العنكبوتية هناك مقالات حول "خريطة برنارد لويس " مؤرّخ وباحث إسراتيجي بريطانى عمل مع الكنغرس الأمريكي الخريطة تبين تفكيك وتقسّم الدول العربية من خلال إستغلال الأحداث لتأليب المجتمعات وبث الفتنه لنشر الحقد الطبقي بين فئات المجتمع الواحد لتعميق الخلافات وضرب استقرار الشعوب وسلامتها
    لينتهي الأمر بالتقسيم ومن بين هذه الدول لبنان



    أول الشرارة كانت من تونس يعني من بلدي وأهل مكة أدرى بشعابها متشرّد بائع على عربة بدون رخصة قانونية عديم الأخلاق يهين إمرأة عَون في البلدية يخدش حياءها فردة فعلها كانت عادية فصفعته وأمام هستيريته وغضبه وكيف لإمرأة أن تصفع رجل حرق نفسه والغريب في الأمر أن والدته وأخته بعد الحادثة وماصار من أحداث أسكنوهما في إحدى الضواحي الراقية لتونس العاصمة ثم هجّروهما إلى كندا حيث السعادة والهناء !! فصُناع القرار هيّجوا الناس وأحدثوا القلائل ولسان حالهم قول الامام الشافعي إذا هبّت رياحك فاغتنمها أُستعملت المنابر الإعلامية المعروفة عالميا للتجييش وقلب الحقيقة فخرج الرعاع مسلبي العقول ولقنهم شعارت رنانة إلى أن صارت أحداث مؤسفة قتل وسفك دماء إلخ ونهاية الحلقة قالو "الإعلام الخارجي" أن رئيس تونس هرب بل تماشيا مع الموضوع والحمير صدّق الناس نهم أطردوا رئيس دولة قوية في أمنها لا وتلكم المنابر الإعلامية أخرجت إشاعة هي صحيحة بالنسبة لمسلوبي العقول أن الرئيس في طائرته معلق في السماء وكل مرة يتجه إلى دولة وترفضه والحال أن وجهته محددة مُسبقا ...
    9 سنوات بعد،،أصبحنا في لا دولة تم تمييع رموز بُناة الوطن رأينا السواد في كل شيء بعد ماكان شعب مُتحفظ أصبح المواطن المحافظ يذهب بساقيه إلى نشر فضائحه علنا فضلا عن خدش الحياء في كثير من منبر إعلامي حى أن سمعنا على الهواء أكثر من مرة سب الجلالة أما عن الحالة الإقتصادية وتدني القدرة الشرائية فحدث ولا حرج
    مثال يتكرر في لبنان إستحمار الناس وقيادتهم للوصول إلى نتيجة مدبرة بليل فوضى تناحر تدني مستوى معيشي،،،
    ومن هذا المنطلق الراقصة ومافعلته ليس عبثا بل هناك من وراءها وفق إستراتيجية ذات أبعاد رمزية توضع في إطارها تمهيدا لأشياء قادمة وقد حدث في بلادنا أكثر من هذا فهذه الراقصة على الأقل إرتدت مايستر بعضا منها
    بخصوص إقتباسك من مروج الذهب فالمسعودي معروف مذهبه وباتالي ستجد الكثير من القصص التي لا تصح قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المنهاج (4/84) : (( ... وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلاَّ الله تعالى ، فكيف يوثقُ بحكايةٍ منقطعةِ الإسناد ، في كتابٍ قد عرِفَ بكثرة الكذِب ... )).
    أختم بقول الله عزّ وجل: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )
    [البقرة : 120]
    .
    شكرا على جرأة الطرح
    تحية من القلب




  4. #4

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,621
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    وعليكمـ السلامـ ورحمة الله وبركاته~

    لا أدري بما أعلق،
    فالحال يزداد سوءا،
    يارب خلصنا مما نجد،
    واكتب لنا الخير واصرف الشر عنا،
    اكتم في نفسي الكثير،
    وأسألك ربي،
    وحدك من تعلم!!،
    يارب

    ما شاء الله الموضوع جميل جداً،
    يجذبنا لكتابة مقالة يوماً ما، هذا إن أصبحت بربع مستواها،
    ما شاء الله تبارك الرحمن،
    بوركت يارب
    ~


  5. #5


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    ثقافة الحمير _ الجزء الثاني
    الكاتب: د. عمر قزيحه
    في 23 _ 11_ 2019م

    وما كان لثقافة العقول الفارغة أن تكون بعيدة من هذه الأمثلة وشواهدها، فإذ كنا صغارًا في أيام مرحلة الدراسة الابتدائية "اخترع" أحد التلاميذ "حلالًا" من نوع جديد، ناسبًا إياه إلى أستاذ الدين، وهو إمام المسجد وكنا نسميه (شيخ الدين) أيامها، ولا أعلم سبب هذه التسمية! لكني أعلم أن أحد التلاميذ من أصحاب (الريق الزائد عن حده) ادعى أنه سأل الشيخ هل أكل الثمار من حدائق الآخرين يُعتَبَر حلالًا أم حرامًا، وأن الشيخ أخبره أنه إن فعل ذلك بقصد السرقة، فهذا حرام قطعًا، أما إن فعل ذلك شهوة منه لا أكثر، فيحق له أن يأخذ من كل صنف يشتهيه من الثمار ثلاث حبات يأكلها و(صحتين على قلبه)، من دون استئذان صاحب الأرض!
    لا أعلم كيف صدَّقه عدد من التلاميذ، ولماذا لم يفكر أحدهم في أن يسأل الشيخ هل كلام هذا الأحمق صحيح أم لا، بغض النظر عن توقيت سؤاله، فلربما رآه خارج المدرسة مثلًا، هذا لو أنه صادق في ما يقول، لكن الطريف فعلًا في هذا الموضوع الشائق أن أحد أساتذة صفنا كان نائمًا في أمان الله يومًا ما، وصحا على صوت هدَّار تحت بيته، فأسرع إلى الشرفة ليرى، وإذ بــ(جيش) من الأولاد يتسلقون أغصان أشجار حديقته، ويتناولون بشراهة ما يحلو لهم، وفرك المسكين عينيه ليتأكد من حقيقة ما يراه، وأنه قد استيقظ فعلًا، وليس نائمًا يحلم!
    وبعد تأكده من المصيبة التعيسة أمامه، صرخ بصوت مدوٍّ، ليتوقف اللصوص البائسون مرعوبين، وهو ينظر إليهم كأنه سيأكلهم، ورغم أنه تركهم ينصرفون وقتها، إلا أنه أضاع الحصة كلها في اليوم التالي بسببهم، إذ كان لا بد له من محاضرة يتكلم فيها عن اللصوص البائسين، وبعد ذلك يطلب منهم واحدًا تلو الآخر الاصطفاف بجانب الحائط، ومن بعدها أرسل في طلب عدد من الأولاد في صفوف أخرى كانوا مشاركين في حملة اللصوصية، وأخيرًا بدأ يضرب فيهم بالصفعات والركلات، وبالعصا الغليظة، متجاهلًا الصراخ والبكاء، والتوسلات والتعهدات!
    وربما كان في هذه القصة مثال حول ثقافة من نوع ما، وهي ثقافة تصديق ما يحلو لنا سماعه وفيه مصلحتنا، بغض النظر هل هو حقيقة أم كذب، ولكننا عشنا مثالًا آخر أشد فداحة من ذلك، وكنا _ على ما أذكر _ في الصف السادس، أيامنا كان هذا الصف هو الصف الأول في المرحلة المتوسطة، ويومها بدأت المعركة بين أمريكا والعراق، ومع بدء المعركة اخترع تلميذ قرآنًا جديدًا! لقد ادعى الأحمق بكل وقاحة أن يوم القيامة سيكون في السنوات القليلة القادمة، ولن نعيش حتى نصير شبابًا ونسأل متى سنتوظف، لذا لا داعي لأن ندرس شيئًا أبدًا، وذلك لأن يوم القيامة قبل عام 2000، وألف كلامًا من عنده مدعيًا أنه آية في القرآن!
    ربما يكون أحمق لا يعرف أن القرآن كتاب الله ولا يجوز التأليف فيه، ولكن من يستحقون لقب البلاهة على أصولها هم من صدقوه، فتلك هي ثقافتهم الحمقاء، لقد وجدوا سببًا كي لا يدرسوا دروسهم، وهو أن القيامة ستكون قبل نهاية تسع سنوات قادمة، وفي أية لحظة، ولم يفكر أحدهم في أن يفتح القرآن ويقرأ فيه ليتأكد من كذب هذا الدجال الصغير! وأكاد أتخيله بعين الذكرى يضحك ساخرًا، وهو يقول واصفًا من صدقوا نفاقه: (ما أكثر الحمير في العالم)!
    ولئن مَرَّ معنا كلام جيد عن الحمير بوصف إيجابي، كـ(مكافأة) التاريخ الخليفة الأموي الأخير لصبره النادر، ومكافأة جماهير الأرجنتين لاعبها الفذ (آرييل أورتيغا)، فإن (الحمرنة) مصطلح سلبي بحق، في معظم حالاته، بل ربما في كل حالاته ما عدا الحالتين السابقتين، ونذكر أستاذ لغة عربية درَّسَنا في الحلقة المتوسطة، وفعل (درَّسَنا) فعل مجازي بكل معنى الكلمة!
    لكن لا بأس سنعتبر أنه قد درَّسَنا فعلًا، أولى مسابقاته كانت بعد أيام قلائل من بداية السنة، وفوجئت حينما وزعها بأن علامتي صفر من عشرين، ولم أفهم السبب! كنت أعرف من أكون في اللغة العربية وقتها، وكنت أساعد أخواتي الأكبر مني سنًا، وبالتالي أعلى مني صفوفًا تعليمية، حاولت مراجعة الأستاذ إلا أنه رفض ذلك، ولكنه لم يستطع النجاة مني!
    لقد أتاه والدي اليوم التالي، ليستدعيه إلى غرفة الإدارة، ويدور بينهما حوار مثير للغيظ، فوالدي يسأل الأستاذ هل هذه جملة خبرية أم لا؟ يعترف الأستاذ أنها جملة خبرية، وأنه لم يرها، وإذًا لماذا شطبتها؟ لا عليك! سأمنحه نصف ربع علامة الآن! وهذه جملة إنشائية أم لا؟ يعترف الأستاذ بأنها كذلك وأنه لم يرها، وإذًا لماذا شطبتها؟ لا عليك! سأمنحه نصف ربع علامة أخرى! وهذا طباق أم لا؟ بلى، لكن لم أره، ولماذا شطبت الإجابة؟ ولا يهمك! سأمنحه نصف ربع علامة الآن!
    واستمر الحوار وفق هذا المبدأ الغريب المستفز، ومع كل إجابة صحيحة شطبها الأستاذ، يتعهد الأخير بأنه سيمنحني عليها نصف ربع علامة، حتى ضاق والدي به ذرعًا، وتحداه أن يجد خطأ واحدًا في المسابقة بأكملها، وأخبره أنه سيراجع بنفسه كل شيء، ولن يسمح له بأن يعلمنا معلومة خاطئة واحدة، فوالدي من أساتذة اللغة العربية المعدودين في منطقتنا، بل إنه ساعد هذا الأستاذ المتحمس إلى وضع الأصفار حينما كانا تلميذين، ولولا والدي لما نجح الأستاذ في الشهادة الثانوية!
    ومن ذلك اليوم والأستاذ يخافني! ولله الحمد لهذا طبعًا! ويومًا ما أراد الأستاذ أن يؤكد في أذهان الطلاب (ثقافة الحمير)، وأن كل من لا يعرف الإجابات يجب أن ينال صفة لها علاقة بهذا الحيوان، فدخل الصف متحمسًا معلنًا أنه سيُسَمِّع لنا (الأفعال الخمسة)، ولم تؤثر فيه عاصفة الاعتراضات من الطلاب الذين لم يسمعوا بهذه الأفعال من قبل، بل سمعوا بها في الصف السابق، لكن الأستاذ هناك لم يكن يشرح جيدًا، أما هذا الأستاذ المتحمس فلم يعطنا هذا الدرس نهائيًا، ومع ذلك أصرَّ على أن يسمِّع لكل تلاميذ الصف، وأنه سيضع صفرًا في خانة علامة القواعد والإملاء لمن لا يعرف الإجابة، فهمس لي صديقي الذي يجلس بجواري بكلمتين: (أنقذنا، نرجوك)!
    قلت للأستاذ بحزم إنه لم يعطنا هذا الدرس، ففوجئت به يصف رفاقي جميعًا بأنهم هم (الحمير)، وذلك من دون سبب واضح! وقال لي إنه يعرف أنني أقول هذا محاولًا (إنقاذ) هؤلاء الحمقى من التسميع، فهو واثق تمام الثقة في أنه أعطانا هذا الدرس بالأمس، بل هو واثق تمام الثقة في أنه أخبرنا أنه سيسمِّعه لنا، فادَّعَيْتُ هنا، في محاولة أخيرة لإنقاذ أصدقائي المساكين، أنني لم أستوعب شرحه بالأمس جيدًا، وأنني سأكون له شاكرًا لو أعاد الشرح لي، وإذ به يهتف متحمسًا: (تكرم عينك)!
    هَبَّ الرفاق يهللون بسعادة، فتابع بحزم: (لكن من بعد أن أسمِّع للحمير في الصف جميعًا)! ولا أعلم أي (إنجاز) يظن الأستاذ أنه يحققه إذا وصف التلاميذ بالحمير؟ ولكن المهانة لم تتوقف هنا، بل (تفاعل) الأستاذ مع تسميع التلاميذ بثقافته المعهودة:
    _ الأفعال الخمسة هم خمسة! ويفعلون شيئا ما، لكنْ لا نعلم ما يفعلون!
    _ ألا تعلم ما يفعلون؟ إنهم يفعلون أنهم يجحِّشون! جَحِّش إلى الحائط!
    _ الأفعال الخمسة؟ آه، إيه، أوه، إنها... يأكلون؟ لا، بلى! يأكلون، يأكلين، يأكـ...
    _ يأكلين؟؟ آه؟؟ يأكلين يا (يُجَحِّشين)! جَحِّش إلى الحائط!
    وما إلى ذلك الكلام من الثقافات (الراقية هذه)، المتعلقة بكل ما يخص الحمير وأولادها، ومترادفاتها ومشتقاتها، حتى لو لم يكن لها وجود في اللغة العربية بأكملها، مثل (يُجَحِّشين) هذه!
    وما أذكر مثل هذا الكلام، إلا لأن (ثقافة) الحمير التي يريد الأستاذ إقناع الطلاب بها، وصلت فعلًا إلى بعض الأذهان، فهذان طالبان في الصف، لم يَعُدْ هناك سواهما، أحدهما الأول في الناجحين دائمًا، والثاني الأخير في الراسبين دائمًا، لقد حان دورهما للتسميع (العالمي) هذا، الأول يرتجف خوفًا، والراسب يهتف في ثقة تامة بالأستاذ، أنه يعرف الأفعال الخمسة!
    وكأن الأستاذ أصابه صاعقة من السماء! هذا الـ(راسب) كما نعرف نحن، والـ(حمار) وفق مفهوم الأستاذ الغريب المستفز، يعرف الأفعال الخمسة؟ ولقد عَبَّر الأستاذ عن (ثقافة الحمير) التي يعتنقها، قائلًا لهذا الطالب بكل استهانة:
    _ وما شأنك أنت بالأفعال الخمسة؟ ما أنت إلا حمار صغير! ولعلمك كنت أريد أن أرحمك من التسميع، كي لا (تتبهدل)، أتعرف لماذا؟ لأنك حمار، حمار، حمااااااار!!
    ولا أستغرب أن غضب هذا التلميذ، وانبرى يؤكد، بغضب، أنه يعرف الأفعال الخمسة، والأستاذ يعيد التأكيد له أنه ليس أكثر من حمار صغير! إلى أن نفذ صبر الأستاذ أخيرًا، فتعهد للتلميذ أنه سيمنحه عشرين علامة من أساس عشرين علامة ممكنة في خانة القواعد والإملاء، ومع ارتياب التلميذ بهذا التعهد، أقسم له الأستاذ إنه صادق في ما يقول، لكن بشرط أن يكون يعرف الأفعال الخمسة فعلًا، وألا يظهر على طبيعته كـ(حمار) حقيقي، وانبرى زميلنا يهتف بحماسة وانفعال، والعشرون علامة تتراقص أمام عينيه:
    _ يجحِّشان، تجحِّشان، يجحِّشون، تجحِّشون، تجحِّشين!!
    أقسم بالله تعالى إن هذا الأمر حدث فعلًا! وما أزال أذكر كيف هَبَّ الأستاذ كالإعصار المدمر، لينتزع رفيقنا من مقعده انتزاعًا، وهو يَسُبُّه ويلعنه، ويشدُّ أذنيه ويصفعه، قبل أن يفتح باب الصف ويلقيه خارجًا بركلة قاسية أسفل ظهره، وأصوات الضحك المدوي تكاد ترج الصف، لهذه الإجابة غير المتوقعة من رفيقنا أولًا، ثم من ردة فعل الأستاذ العنيفة وصراخه المستنكر ثانيًا، وزاد شدة الضحك أن رفيقنا أخذ يطل برأسه من نافذة الصف كل عدة ثوانٍ، ليصرخ في وجه الأستاذ:
    _ أنت كذاب! لقد وعدتني بالعشرين وكذبتَ عليَّ! أنا أجبتُ إجابة صحيحة!
    وينفجر الأستاذ بالصراخ مرة جديدة، وينقض بعصبية يفتح باب الصف ليندفع خارجًا ويجري خلف المسكين ليضربه، والمسكين بالطبع لا ينتظر وصوله إليه، بل يطلق ساقيه للريح، لكنْ، ما إن يكاد الأستاذ يرجع إلى الصف حتى يرجع رفيقنا يطل برأسه من النافذة ليصرخ ناعتًا الأستاذ بالكذاب، ليتكرر مشهد الصراخ والركض، والضحك يدوي في الصف، ورفيقنا الأول دائمًا يشكر الله تعالى من كل قلبه لأنه نجا من الضرب العنيف المقبل، لا بسبب إجابات رفيقنا ونظرته العالمية نحو الأفعال الخمسة، بل إن ذلك كان بفضل ثقافة الأستاذ، ونظرته إلى الضعيف في مادته على أنه (حمار) لا طالب يحتاج إلى الدعم!
    ورغم أن الأستاذ طلب مني أن أستدعي الناظر، ورغم أن الناظر أتى ومعه الخشبة الثقيلة التي لا تفارق يده، بل ورغم أنه أخذ يضرب تلاميذ الصف الذين لم يعرفوا الأفعال الخمسة بعنف، إلا أن ضحكاتهم المدوية لم تتوقف، رغم الآلام القاسية، ما دفع بالناظر نفسه إلى محاولات كثيرة وحثيثة، ليقنعهم أنهم (حمير) بل أشد سوءًا من الحمير، ويا محلى الحمير!
    ولم أذكر قصة (ثقافة الحمير) هذه، عند الأستاذ المذكور، وكيف غرسها في ذهن التلميذ الضعيف في مادته، متوقفًا عند بعض تفاصيلها، بهدف التسلية أو الدعابة، وإن ضحكنا أيامها حتى سالت دموع عيوننا، بل لأنها ثقافة يجب أن ننتبه إلى وجوب محاربتها، وعدم غرسها في أذهان الأطفال، وكم من أب، وكم من أم، في حال غضب أحدهما من ولده ينعته بالغبي والتافه والـ(حمار)؟!
    يومًا ما، في أحد صفوف المرحلة الابتدائية التي درَّستها، فوجئتُ بأول إملاء أجريتها للتلاميذ، بإملاء غريب من نوعه، لم أصدق عينيَّ وأنا أقرأ فحوى ما كتب التلميذ: (حا دي حا دي شهنيقة شهنيقة)! ولقد سألتُه في دهشة تامة عن مغزى ما كتب، ليحتقن وجهه ويصرخ بغضب: (وهل والدي كذاب)؟ حاولت أن أفهم ما علاقة والده بالإملاء أساسًا؟ وهل يمكن أن والده أخذ يمرِّنه على الإملاء، قائلًا له: (اكتب: حا دي حا دي شهنيقة شهنيقة)؟! هذا أمر مستحيل قطعًا، ولا يمكن تخيله عقلًا!
    غير أن الإجابة كانت أقسى مما أتخيله لها أن تكون! فوالده يصرخ بالكلمات الأولى: ( حا دي حا دي)، لحماره كي يَسْتَحِثَّه على السير أكثر، ويدلِّله بـ(شهنيقة شهنيقة)، أو ربما يغني له بهذه الكلمات، ولكنْ، الضمير في فعل يدلِّلـ(ـه) عائد إلى كليهما، الحمار والولد، للأسف الشديد!
    لقد غرس الأب في ذهن ابنه أنه مثل الحمار، وكلاهما غبي أحمق، ولم يكن في ثقافة الأب للتعامل مع ابنه أية كلمات طيبة أو تشجيعية، حتى اقتنع الابن أن من (حق) والده عليه أن ينعته بنعوت الحمير، بل ويعامله مثلما يعامل حماره، بالإهانة لفظيًا، وبالضرب العنيف على مؤخرته إذا ما أخطأ، وربما بالعصا نفسها التي يسوق بها الحمار، وهذه (ثقافة) تربوية موجودة في بعض البيئات الخاصة الجاهلة، ولا يمكن لنا إنكارها على الإطلاق، لكن يمكن لنا استنكارها بكل تأكيد، والدعوة إلى تركها، فما كانت وسيلة تربوية صحيحة، وما كانت لتأتي بنتيجة إيجابية بأي حال من الأحوال.
    وقريبًا من هذا الأمر، بحث علمي قمتُ به أيام دار المعلمين والمعلمات، في أواخر الدراسة هناك، طُلِب منا اختيار بحث من اثنين، إما بحث حول ضيعتنا أو منطقتنا، وكيف كانت قديمًا وكيف هي الآن، وسؤال رئيس البلدية وبعض كبار السن، لنخلص باستنتاجات، أن الماضي في ضيعتنا أجمل من الحاضر، وهذا لا يثير أدنى اهتمام في نفسي، وإما بحث حول تلميذ متخلف دراسيًا ومحاولة رصد أسباب التخلف واقتراح حلول عملية لها.
    ورغم أن البحث الثاني أكثر بصعوبة بكثير، إلا أنه صادف هوى في نفسي وميلًا إليه، كان بالإمكان اختيار البحث الأول وسؤال والدي وأعمامي، بل وربما اختراع أناس وأسئلة وإجابات من ذهني، لكني أردت أن أقتحم مجال البحث الثاني، ومنفردًا، لم أرض بأن أكون مجرد فرد في مجموعة في صفنا أرادت هذا البحث، وذلك لدراسة أحد رفاقنا في علم النفس قبل الانتقال إلى فرع اللغة العربية، وانطلقت في بحثي مختارًا تلميذًا في الصف الابتدائي الثالث، من تكميلية قرب الدار، كنا نحضر فيها بعض الدروس آنذاك، وأخذت أبحث في كل الظروف المحيطة، وألتقي بمعلماته في السنة الحالية، والسنتين السابقتين، وأحاول إدراك كل شيء يخص الولد من الإدارة نفسها، بل ومن طبيب المدرسة شخصيًا، وأجريتُ أكثر من رائز نفسي على هذا الولد، وتحديدًا رائز حكايات لويزا داس، ورائز الرسم، وأدركتُ من نتيجة تحليل الرائزين أن الولد ليس بمعاق عقليًا، بل هو ذكي إلى درجة كبيرة، لكنه لا يشعر بأدنى استقرار في بيته.
    وكم يؤسفنا أن تجلَّت لنا ثقافة (الحمير) التربوية في بيت هذا الطفل المسكين! لم يكن الأمر حكرًا على هذا فحسب، ولكنها _ أي ثقافة الحمير _ كانت سببًا أساسيًا ولا يمكن التغاضي عنه، وتأكد لي هذا الأمر بمنتهى الوضوح، عبر مقابلة ميدانية مع والد الطفل، استدعيناه إلى المدرسة، وأجريتُ معه المقابلة ومعي أحد رفاقي في دار المعلمين يتابع ويستمع، ويغضب ويكاد يضرب الأب! فمع قدوم المولود الجديد في العائلة، انشغلت الأم عن هذا الطفل المعذب، ولم يَعُدْ في إمكانها تدريسه، وهو يحب الدراسة معها، فإن أتاها يريد منها أن تساعده في دروسه، تقول له اذهب إلى أبيك، ويذهب المسكين إلى والده، فيطلب منه أن يقرأ أو يسمِّع الدرس، وعند أول خطأ يصفعه على وجهه صارخًا به أنه جحش! جحش ومسطول! جحش وأبله! ويطلب منه أن يغرب عن وجهه، فانزوى الولد على نفسه في بيته، ويضاف إلى ذلك أمور حصلت له في مدرسته، ربما الدعاء بكسر يَدَي صاحبتها قليل، ليتراجع تمامًا ويبدو كأنه معتوه في صفه، وهو القادر على العطاء، ولقد كان يؤكد ذلك في حالات استثنائية نادرة فعلًا، وتحديدًا في حصة مادة اللغة الفرنسية، إذ كان الولد يشعر ببعض الحب تجاه معلمته، فكان ينتظر أن تطرح سؤالًا إعجازيًا لا يعرفه أحد في الصف كله، ويعجز عنه أفضل التلاميذ في المادة، وأكثرهم تميزًا في نيل العلامات، لِيَهُبَّ من مكانه متحمسًا ويجيب، ومن بعدها يخبو نهائيًا، ويرجع إلى مكانه، وفي ذهنه تلك الثقافة المقيتة، ثقافة الحمير التي غرسها والده في ذهنه، لا بل غرسها في أعماق وجدانه وكيانه، للأسف الشديد!!
    وما تزال مقالتنا (ثقافة الحمير) مستمرة، فإلى الملتقى في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى.
    عمر قزيحة: الساعة الثامنة وخمسون دقيقة مساءً.


  6. #6


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    ثقافة الحمير _ الجزء الثالث
    الكاتب: د. عمر قزيحه
    في 24 _ 11_ 2019م

    وتحذيرنا من ثقافة الحمير التربوية هذه، يرجع إلى أننا واجهناها أكثر من مرة في حياتنا التعليمية، وندرك خطورة غرسها في أذهان الأولاد من قبل أهلهم، فلربما اختلفت البيئات بين ولد وآخر، فأتت هذه الثقافة جارحة قاسية، وصاحبها لا يقصد بها سوى التودد والمحبة!
    ومن ذلك ما ذكرناه أعلاه في جزء المقالة الأول عن درس (إما أن يموت الملك وإما أن يموت الحمار وإما أن أموت أنا)، ذلك الدرس المفروض على الطلاب في الحلقة الثالثة من مراحل التعليم، لصف الأساسي السابع، وفيه سؤال تحليل مفاده ما يأتي: (كيف تبدو علاقة الملك بجحشه)؟ والإجابة إن علاقة الملك بجحشه علاقة ودية، وأذكر في إحدى السنوات الدراسية، وتحديدًا سنة 2015م، يوم الخميس، الواقع فيه التاسع والعشرون من شهر نيسان/أبريل، بدأت الإجابات ضعيفة تقليدية، مثل (علاقة الملك بجحشه علاقة منيحة)! ووصلنا بالتلاميذ عبر الشرح إلى أن الملك لا يعامل الجحش كحيوان، بل يسمح له بدخول مجلسه والنهيق كما يشاء، في وجود الجلساء، وهنا تجلت لنا (ثقافة الحمير) التربوية عبر تلك المصيبة العمياء،لقد هتف أحد الأولاد بانفعال، وهو يضحك، ويضع يده على كتف رفيقه توددًا:
    _ علاقة الملك بجحشه مثل علاقتي برفيقي (...) هذا!
    مع دوي الضحك الشامت، واحتقان وجه التلميذ الثاني المسكين، أردتُ فرض عقوبة ما على التلميذ الأول لإجابته المهينة، ولكن رفيقه الذي تعرض إلى الإهانة لم يرض بذلك، وهذا لـ(أنني أعلم أنه لم يكن يقصد شيئًا، ولا بأس يا أستاذ، اتركه هذه المرة، حرام)! ورغم هذه الوساطة وذاك التشفع، لم يكن متلقي الإهانة سعيدًا أو راضيًا، لكنْ ربما أدرك على ما يبدو أن هذه المفردات مما يسمعه رفيقه في بيئته من باب المعاتبة، أو التودد ربما، وذلك بسبب (ثقافة الحمير) التي لا أعلم متى تخلص مجتمعاتنا العربية منها في أصول تربيتها تخلصًا تامًا لا استثناءات فيه ولا شواذ تخرق القاعدة الأساسية!
    وربما كان ما حصل يومذاك _ على مرارته _ هينًا لينًا، أمام أول مرة صححتُ فيها في امتحانات الشهادة الرسمية المتوسطة، قبل حادثة (علاقة الملك بجحشه مثل علاقتي برفيقي) بسنوات كثيرات في مر الزمان، ربما يبلغ عددها إحدى عشرة سنة كاملة، موضوع التعبير الكتابي يرتكز على السرد والوصف والحوار، لحادث سير، نزل السائقان بعده، أحدهما يتكلم بكلام قاسٍ، والثاني يتكلم بكلام لطيف، وفي النهاية تنتصر الكلمة اللطيفة.
    قرأنا الكثير من التعابير الجيدة، كما قرأنا تعابير لا نعلم متى تبدأ ولا كيف تنتهي، وكم من فعل لا فاعل له، وكم مرة نقرأ جملًا لا تترابط مع بعضها، وكأن التلميذ أتى بموضوعه بجمل متناثرة متفرقة من كتب متعددة، بل من جملة لا ترتبط كلماتها ببعضها، و...
    حدث حادث.
    _ ما بك أيها الجحش؟
    _ وحدك الجحش.
    _ أنت الجحش.
    وهكذا انتصرت الكلمة اللطيفة.
    هذا تعبير كتابي قرأته في امتحان الشهادة المتوسطة! أنا لم أعرف وقتها، كما لم أعرف إلى الآن، أي (جحش) فيهما هو الكلمة اللطيفة التي انتصرت، وأي (جحش) فيهما هو الكلمة القاسية التي اندحرت! إلا إن كان هذا الطالب يعيش بيئة غريبة جدًا، إن غضبت منه أمه أخبرته أنه جحش، وإن رضيت عنه أخبرته أنه، كذلك، جحش! ولا مناص له ولا مهرب من التسليم بهذه (الحقائق الدامغة)، فانغرست (ثقافة الحمير) في ذهنه بما لا يمكن انتزاعها منه بسهولة، وكل ذلك بسبب هذه الثقافة المقيتة البغيضة التي لم نَعُدْ نعرف كيف نخلص منها بعد، ولا كيف نستطيع إقناع بعض البيئات المحلية بالتخلي عنها!
    وإذ أتناول الأمر تربويًا، أحاول أن أربط ما بين تربية المنزل والبيئة، وبين تصرف الأولاد في مجتمعهم آنيًا ولاحقًا، وكيف يتعاملون مع الآخرين، بل كيف تكون ردودهم إذ يتكلمون مع الأعلى منهم مقامًا، بل لنقل مع الأكبر منهم سنًا على الأقل.
    فهذه حادثة لم أشهد فصولها، ولكني سمعت بها من إحدى وعشرين سنة، من ثقات رأوها وسمعوها، عن تلميذ في الثانوي الثالث، أصابه نوع من التدين الغريب بغتة قبل بدء السنة الدراسية، وفوجئ بعدها بأن عندهم معلمة في الصف تحب لبس القصير عادة، فكان هذا التلميذ يضع عينيه في الأرض، وغض البصر مطلوب ونشجعه، أما الغريب في الأمر فهو أن هذا الفتى لم يَعُدْ يَرُدُّ على المعلمة حتى لو سألته أي سؤال يخص الدرس، بل إنه لم يردَّ عليها حينما سألته عن اسمه أول حصة، وكان يكتفي بأن يدير لها رأسه فقط، حتى عمق في ذهنها أنه يعاني إعاقات ذهنية ما، ولكنها لم تيأس من محاولة جذب انتباهه إلى المادة، كانت تخاف عليه أن يذهب إلى امتحان الشهادة الرسمية، وهو لا يعرف شيئًا من أساسيات المادة، بينما كل اهتمامه هو أن تمضي حصص هذه المعلمة بسرعة، وهو يقضي وقته فيها بالاستغفار والدعاء لنفسه بالثبات، وكأن المعلمة هدفها أن تجذب انتباهه إليها هي شخصيًا، وليست قادمة إلى التدريس فحسب.
    غير أن هذا الموضوع ليس هو مجال تركيزنا الآن، بل تداعياته اللاحقة، إذ وقر في ذهن هذا الشاب أنه (رجل)، والمعلمة (امرأة)، والقرآن واضح وصريح: {الرجال قوامون على النساء}، فكيف يطلب منها الإذن ليذهب إلى الحمام لقضاء حاجته؟ جال هذا في ذهنه، وهو يعاني الأمرين محاولًا الصبر حتى تنتهي الحصة، ولا يكاد يستطيع، ووجهه يحتقن ألمًا، والمعلمة تنتبه إليه وتظنه مريضًا، فتسأله مشفقة ما به؟ ما يعاني؟ فيستدير بوجهه عنها، وهي لا تفهم أين خطؤها في سؤال الاطمئنان، ولكنْ، لقد أتى الفَرَج بغتة، تلميذ آخر يرفع يده قائلًا:
    _ مدموازيل، أريد دخول الحمام من بعد أمركِ!
    أجابته المعلمة بالإيجاب، ليغادر الصف بعد إذنها، وإذ بصاحبنا المتدين يلحق به من دون إذن! لقد سأل رفيقه المعلمة، وبالتالي (سقط السؤال عنه هو)! واتسعت عينا المعلمة عن آخرهما لهذا التصرف غير الصحيح من تلميذها في الصف، وكيف يغادر من دون إذنها كأنها ليست موجودة، وقررت أن تعاقبه بقسوة، وإلا ستواجه، على الأرجح، في صفها فوضى لن تستطيع السيطرة عليها، متمثلة في مغادرة كل من يريد متى أراد، وعودته متى أراد، وربما عدم عودته كذلك إن أراد!
    وانتظرت المعلمة وانتظرت، وعاد التلميذ (المهذب) الذي تصرف وفق الأصول وطلب إذنها، وتأخر الثاني كثيرًا، قبل أن يرجع مرتاحًا، وقد بَدَتْ على وجهه علامات الخلاص، وزال منه الاحتقان الأليم الذي كان قبل ذلك، غير أن الاحتقان عاد إليه مضاعفًا، والمعلمة تصرخ في وجهه غاضبة:
    _ من أذن لك بالخروج من الصف؟ آه؟!
    لم يتحمل عقله كيف لـ(امرأة) أن ترفع صوتها! بل كيف لـ(امرأة) أن ترفع صوتها على (رجل)؟ هذا لا يجوز قطعًا، ولكن هل يجوز له هو أن ينصحها؟ ألا يُعتَبَر هذا من باب (كلام الرجال والنساء)؟ وقبل أن يستقر عقله على قرار، تابعت المعلمة صراخها ومعاتبتها، واستغرقت في ذلك بعض الوقت، قبل أن تُنهِي (الأسطوانة) بهتاف غاضب:
    _ وبعد هذا كله، تغيب نصف ساعة؟ نصف ساعة في الحمام؟ ما الذي كنتَ تفعله هناك يا هذا؟!
    وطبعًا هي نطقت كلمة (في الحمام) بلهجة استنكار، كأنها تقول له أنت تكذب لم تكن في الحمام، وبالتالي مقصدها بكلمة (هناك) بعد ذلك لم يكن الحمام، بل كانت تقصد ما الذي كان يفعله هناك، في مكان ما خارج الصف، بعد أن أنهى دخول الحمام، إذ قالت لاحقًا إنها فهمت أن احتقان وجهه السابق كان بسبب اضطراره إلى قضاء حاجته، ولكن بعيدًا من تحليلاتنا وأقوالها، المهم هنا موقف هذا الفتى الغر، لم يفهم ما تقصده المعلمة، ووجد نفسه مضطرًا إلى إنهاء هذه (المهزلة)، إذ يجب أن تخفض (المرأة) صوتها ولا ترفعه، فصرخ في وجهها بغتة، بصوت رهيب مؤثر:
    _ كان معي إسهال، من (يللي بيحبه قلبك)!!
    وترافق الضحك الشامت من التلاميذ، الشباب والبنات، بصرخة المعلمة الاستنكارية التي كادت ترج أنحاء المدرسة بأكملها: (ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااء)! قبل أن تنفجر المعلمة بعدها في نوبة صراخ، وسبابها يتعالى بألفاظ من عوالم مألوفة، وإن كانت نابية طبعًا، وألفاظ من عوالم أخرى لم يسمع بها أحد من قبل، ولئن أبديتُ رأيي في ردة فعلها، فإنني لا ألومها قطعًا، وأتفهم ردة فعلها هذه، بل لا أعلم كيف تمكنت من ضبط أعصابها ولم تهجم على هذا الأحمق لتصفعه صفعتين مدويتين على وجهه، وتُنْشِبَ أظفارها في وجهه لتمزقه، لعل عقله يرجع إلى العمل من بعد ما طال به السبات العميق!
    وبما أننا نذكر الأساتذة والتلاميذ، فلم لا ننتقي من دفاتر ذكرياتنا وأوراقها وصفحاتها هذه الحادثة الآتية؟ وربما لا يكون لها علاقة مباشرة بعنوان المقالة الأساسي، ولكن استطرادًا من جهة، وتخفيفًا عن الأنفس وترويحًا لها وتسلية من جهة أخرى!
    تلك مدرسة ابتدائية، أي تحتوي في داخلها صفوف المرحلتين الأساسية والمتوسطة، وهذه معلمة تعودت ترك حقيبتها الشخصية على طاولتها حتى لو أرادت مغادرة الصف، ولا أفهم ما الذي جال في خاطر الأولاد أيامها، ولا لماذا أرادوا (تربيتها) لأنها (أنيقة) ترتدي الملابس الغالية؟ وكي لا نظلم كل الأولاد، سنقول إن هذا الأمر كان هاجسًا لدى خمسة منهم فحسب، واتفقوا على القيام بمقلب (طريف)، مقلب يفرح قلوبهم ويكون صدمة قاسية لمعلمتهم لتذوق معنى الفقر قليلًا، نقول (ربما كان الأمر كذلك)، فأنا لم أعرف الدوافع الكامنة خلف تصرفهم تمامًا، ولكن لا يبدو أنها ستخرج عن إطارين، الإطار الذي افترضناه، أو أنهم أرادوا أن يفعلوا ما فعلوهم من باب الأذى فحسب، لا أكثر ولا أقل!
    وبوسيلة ما يحسدهم عليها أبرع اللصوص الدوليين المحترفين الذين دوَّخُوا خلفهم أذكياء رجال استكوتلنديارد، وعباقرة محققي الانتربول، تمكن أحد هؤلاء الأولاد من (لطش) مئة ألف ليرة لبنانية من حقيبة المعلمة من على طاولتها، وهي في الصف لا خارجه! لم ينتظر الولد كثيرًا، بل لم يُطِقِ الانتظار لإثبات (مواهبه)! انتظر حتى استدارت المعلمة لتكتب على اللوح، وتظاهر بأنه يريد إلقاء شيء ما في النفايات، وبعد ذلك مرَّ قرب طاولة المعلمة ليمد يده في حركة خاطفة مرنة داخل حقيبتها ويخرج منها بما (اصطاده) من الصيد الثمين!
    وبما أن هؤلاء الأولاد الخمسة (شركاء) في كراهية المعلمة ووجوب سرقتها، كان لا بد من تقاسم (الغنيمة) الباردة الدسمة هذه! كان هذا المبلغ أيامها يُشَكِّل 09، 21% من راتب الأستاذ المعيَّن حديثًا في التدريس، ولا أعرف بأي قلب جامد فعل هذا الفتى فعلته هذه، ولا كيف فعلها من دون أن يراه أيٌّ من التلاميذ في الصف سوى رفاقه شركائه في الكراهية، الذين كانوا يعرفون أنه سيقوم بهذه الجريمة!
    لكني أعلم أمرًا غريبًا ومستنكرًا! بعد دوام المدرسة، وهذا الصف انصرف قبل سواه لغياب أستاذ الحصة الأخيرة، اتَّجَهَ الأولاد الخمسة إلى المسجد المجاور للمدرسة، ليصلوا الظهر معًا، (جماعة) و(في المسجد)، وذلك من باب (الاحتفال) بنجاح عمليتهم هذه و(مباركتها)! فمن حسن حظهم أن الجامع لا يغلق أبوابه بين أوقات الصلاة،وإلا لما تمكنوا من أداء هذا (الاحتفال المبارك) من وجهة نظرهم طبعًا، لأن الظهر يؤذن وهم في المدرسة في صفوفهم يتعلمون، ولكن لا بأس من صلاته متأخرين أفضل من عدم الصلاة بالمرة، والصلاة جماعة فيها البركة وزيادة الأجر بكل تأكيد، ولكن ليس احتفالًا بعملية سرقة، وبكل تأكيد!
    وبعد صلاتهم (الخاشعة) هذه، تبادل الأولاد التهاني، وجلسوا معًا في زاوية منفردة في المسجد، يريدون تقاسم المبلغ بـ(الحلال)! هذه مئة ألف ليرة، وهم خمسة أولاد، أي أن نصيب كل واحد فيهم عشرون ألف ليرة بالتمام والكمال، يبقى فقط أن يجدوا دكانًا قريبًا يرضى بأن يصرف لهم هذه المئة ألف ليرة، خمسة أوراق مالية من فئة ال عشرون ألف ليرة، ولكن هنا أفاق أخيرًا ضمير أحدهم، فأعلن تنازله عن (نصيبه)، و(حلال زلال) لرفاقه، لتزيد احتفالات هؤلاء الأربعة، سيكون لكل واحد فيهم خمسة وعشرون ألف ليرة، و(زيادة الخير خير يا عمي)!!
    ولكن الانتصار لم يَدُم طويلًا، والبهجة لم تستمر كثيرًا، وكما يقول المثل (يا فرحة ما وصلت للقرعة)، لقد أنفق هؤلاء الأولاد معظم حصصهم على شراء الحلوى والشوكولا وما إلى ذلك، ولكن لم يحسبوا حسابًا كان يجب أن ينتبهوا إليه قبل قيامهم بعملهم البائس هذا، لقد فتحت المعلمة حقيبتها لاحقًا وانتبهت إلى ضياع المئة ألف ليرة، وهي واثقة من أنها كانت معها قبل دخولها الصف، لقد كانت ترتب محتويات حقيبتها قبل ذلك مباشرة، ونقلت المعلمة شكوكها إلى الناظر، ولم يتردد الأخير في سؤال بعض الأولاد ممن لم ينصرفوا وظلوا في المدرسة ينتظرون نهاية الدوام المعتاد، ليأتي أهلهم ويصطحبوهم إلى البيوت، ولم يَرَ أحدهم أي شخص من رفاقهم يسرق من حقيبة المعلمة، لكن كلمتهم اتفقت مع توالي أسئلة الناظر، على أن المعلمة كانت تضع حقيبتها على الطاولة، وهي تكتب على اللوح، وتلميذ واحد فقط هو الذي قام من مقعده، ورأوه وهو يرجع يمر بالقرب من طاولة المعلمة تمامًا، ويعلمون كذلك أن هذا الزميل، هو وأربعة آخرين، لا يطيقون المعلمة إطلاقًا، ويتمنَّون لها الأذى بأي شكل كان!
    وفي اليوم التالي صباحًا، كان الناظر متأهبًا للقيام بواجب آخر يحبه قلبه وتهواه نفسه! انتظر هؤلاء الخمسة ليستوقفهم واحدًا تلو الآخر، ويوقفهم قرب الحائط، وهم لا يعلمون كيف تم اكتشاف أمرهم، وظن بعضهم بادئ الأمر أن زميلهم الذي صحا ضميره فجأة هو الواشي بهم، ولكن، ها هو يقف معهم، فما الذي حصل يا ترى؟
    ربما لم يعرف هؤلاء التعساء ما الذي حصل قبل قدومهم إلى المدرسة، لكنهم يعرفون ما الذي حصل بعدها! ويا لبؤسهم لما نالهم من خشبة الناظر التي لا ترحم أحدًا! بل ويا لبؤسهم إذ إن الناظر كان كلما أهوى بخشبته على يد أحدهم يصرخ بصوت عالٍ:
    _ هل يعلمك هذا ألا تمد يدك لتسرق أيها اللص!
    فكان أن جرَّسهم
    [1] جميعًا، وأمام التلاميذ جميعًا، بل أمام أهلهم! لقد اتصل بأهلهم واحدًا وراء الآخر ليلحقوا بهم إلى المدرسة، ويروهم واقفين في الزواية وأيديهم متورمة، وأعينهم تسيل منها الدموع الحرى، وأخذ كل واحد فيهم يعاتب ابنه ويصرخ في وجهه، إلا امرأة من الأهل، وهي أم الذي صحا ضميره ولم يمد يده لينال نصيبه من المال الحرام، لقد أخذت الخشبة من الناظر وأخذت تضرب ابنها بها، من دون رحمة به وببكائه وصراخه، وذلك لتعاقبه على غبائه الشديد، كيف يحتفل مع اللصوص ويترك نصيبه وينال الضرب والعقاب بعدها؟ إما أن يمشي معهم في حماقتهم إلى النهاية أو لا يصاحبهم من البداية! وكان أن شاركت مثلها مثل سائر الأهالي في تعويض المعلمة عن المبلغ المسروق منها، بكل تأكيد!
    نرجع إلى صلب مقالتنا، ونبقى ضمن أجواء المدرسة والتلاميذ، ومعلمة اللغة الفرنسية تحديدًا، وتلك سنة أخرى، وصف مختلف، وتلاميذ آخرون، وبالتالي معلمة نحكي عنها الآن، غير المعلمة السابقة المسكينة، هذه المعلمة التي نعرض قصتها وثقافتها، كانت تكلم تلاميذها الذين تعلمهم في هذه الثانوية التي انتقلت إليها حديثًا، بألفاظ احتقار لهم وتجريح، فهم أبناء قرية، وهي تؤكد لهم في كل مناسبة أنهم قادمون من وراء (البقرة) وأن عقولهم مغلقة، وهم أغبياء لا يفهمون شيئًا، وذلك بسبب صحبتهم الطويلة لـ(الحمير)، ما أوجد صداقة كبرى بين (التلاميذ) و(الحمير) نجم عنها (غباء) شديد، بكل تأكيد!
    ولم ينفع التلاميذ اعتراضهم على المعلمة شيئًا، ولم ينفعهم كذلك الشكاوى المستمرة في الإدارة، فالمعلمة مستمرة في أسلوبها هذا، شاء من شاء وأبى من أبى، إلى أن نفد صبر التلاميذ، وقرروا معاقبتها بقوة، وذلك لتعلم أن أبناء القرية (أذكياء)، حتى لو أتوا من وراء (البقرة)، وكان أصدقاؤهم (الحمير)!
    واستطرادًا نقول إنهم لم يكونوا أبناء قرية بالمعنى الصحيح، فهي أقرب إلى المدينة بطبيعتها، لكنها كانت في ما مضى، قبل تطورها، قرية صغيرة، لذا ظلت المعلمة تعايرهم بهذا، ومع أن غالبيتهم لم يروا بقرة أو حمارًا في حياتهم، إلا أن المعلمة أصرت على وجود علاقة حميمة بينهم وبين البقر والحمير، لم تحاول المعمة أن تطور ثقافتها ولو نسبيًا، وتخرج بها من دائرة (ثقافة الحمير)، لذا أراد التلاميذ أن يعاقبوها بثقافة أخرى، تعتمد تشغيل العقل عبر الاختراع اليدوي، عسى أن تتربى وتسكت عن إهاناتها المتوالية هذه!
    وبوسيلة ما لم نعرف أبعادها، قام بعض هؤلاء التلاميذ بصنع مفرقعات نارية يدوية، باجتماع بهيج جمعهم سويًا، وهي مفرقعات نارية تعتمد التوقيت لتنفجر، لا حاجة بأحد إلى إشعالها وإلقائها بعيدًا! فقط حينما يريدون لها أن تنفجر يديرون شيئًا ما فيها، لتنفجر بعد دقائق معدودات، وفي سجل زمان الحصة الدراسية محدودات!
    وإذ خرج أستاذ الحصة السابقة لحصة اللغة الفرنسية من الصف، أسرع التلاميذ يضعون المفرقعات النارية في طبقة الطاولة التي تجلس إليها المعلمة، وهم يتبادلون الابتسامات السعيدة والتهاني، سيكون انتقامًا مدويًا رائعًا فعلًا، ولن تجرؤ المعلمة على إهانتهم بعد ذلك، وما أجمل شكلها حينما تقفز من مكانها صارخة برعب: (ولييييي، شو هيدااااااااا)، وضحكاتهم ستدوي وتدوي مهما حاولت إسكاتهم حتى تنتهي الحصة إن شاء الله!
    لم يحسب التلاميذ حسابًا للإدارة وتحقيقاتها بهذا الصدد، ولا بالعقوبات التي ستنالهم لهذا التصرف الغبي، غير أنهم لم يحسبوا ما هو أشد فداحة من ذلك، لم يدخل الصفَ معلمتُهم، بل دخل الناظر! نعم، الناظر جاء لاهثًا ليخبرهم أن المعلمة غائبة، وبالتالي أسرعوا: (إلى الملعب حالًا وفورًا)!!
    كانت صاعقة مدوية هَوَتْ فوق رؤوسهم!! حاولوا المماطلة لعلهم يجدون حلًا للموضوع ولا تضيع ساعات عملهم الطويلة بالأمس هدرًا، حاولوا أن يدفعوا بالناظر إلى الخروج قبلهم، وبعدها يخرجون على راحتهم، فلربما يتمكنون من إبطال عمل توقيت هذه المفرقعات النارية، ولكن عبثًا! لقد خرجوا جميعًا أمام عينَي الناظر إلى الملعب، وعاد الأخير إلى غرفته ربما، أو تابع في جولة بين الصفوف، والتلاميذ في الملعب غاضبون لضياع جهودهم عبثًا، ولكن لا، سيصنعون واحدة أخرى بالطبع، ولكن لا مرة أخرى! ستعلم المعلمة بنواياهم حتمًا، مع انفجار هذه المفرقعات اليوم، لا شك في أن الناظر سيخبرها، ولن تكون مباغتتها بها بعد ذلك أمرًا سهلًا، ولكنْ لا، هذا تردد ثالث ورأي مختلف! سيخبرها الناظر، ستتخذ احتياطاتها، سيهدؤون مدة طويلة، سيعاقبونها بعد أن تطمئن أعصابها وتهدأ نفسها إلى أنهم لن يجرؤوا على فعل أي شيء مرة أخرى.
    وكانت هذه الأفكار تجول في خاطر هؤلاء التعساء، وهم ينظرون بحسرة من الملعب إلى صفهم عبر النافذة، ولكنْ، وبينما هم في أفكارهم هذه وغضبهم، دوى انفجار مفرقعتهم النارية اليدوية...
    وكان انفجارًا هائلًا بحق...
    انفجارًا ارتجت له المدرسة بأكملها بعنف...
    وأمام أعينهم المذهولة تطايرت قطع ما لتنضرب في أرض الصف وجدرانه...
    وبمنتهى القوة والقسوة!
    وما تزال مقالتنا (ثقافة الحمير) مستمرة، فإلى الملتقى في الجزء الرابع إن شاء الله تعالى.
    عمر قزيحة: الساعة الثانية ودقيقة واحدة قرب العصر.

    [HR][/HR]
    [1] جَرَّسَ: كلمة فصيحة، لا كما نظنها من اللغة العامية، ومن معانيها: التنديد والتشهير والفضح العلني، كما أنها تحمل معنى إعطاء الخبرة والاحتراف، كما في قولنا: "جرَّسته الأيام مثلًا"، فإنها تحتمل معنى الفضيحة ومعنى تقوية شخصيته وإعطائه الخبرة والاحتراف، ونستطيع إدراك المعنى المقصود من خلال سياق الكلام الذي نقرأه.

  7. #7

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,621
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    أهلاً أستاذ^^,

    يا سلآااام سلم!!

    تأكل مجاناً؟!، حتى المجانين لا يحلمون بهذا!!
    وإن حلموا يفيقوا مصدومين من الواقع المر!
    وللأسف أخذوا علقة ضخمة تنسيهم تلك اللذة!!
    >>ضخمة تعبر عن قساوتها!!
    رحمتهم جداً فهم صغار!

    ياليتها وقعت في رأس من كذبxD!
    استغفرالله
    أظن هو من يستحق!!
    استغفرالله مرة أخرى
    والحمدلله على كل حال
    لا إله إلا الله



    يا إن أستاذ الأفعال الخمسة يقهر فعلاً!
    مشكلة جداً صعبة!، ما فعله يعد جريمة في حق التربية!
    لكن التلميذ برد علتي!!

    المشكلة الحقيقية يقولون: قف للمعلم ووفه التبجيلا!
    أي تبجيل ونحن رأينا العجب منهم!
    الحمدلله والشكر لله
    لاه والأدهى والأمرّ أنهم يضعون اللوم على الجيل هذا وأنه لا يحترم المعلمين، عجباً والله!
    والأشنع من هذا كله يتمنون أن تعود سياسة الضرب وأنها في الزمان السابق كانت وسيلة تأديبية رائعة للطلاب!، رحم الله حال الطلاب سابقاً ولاحقا!، وفكهم من شروركم!!
    استغفرالله،
    وهو ممنوع مازالت أياديكم طائلة!
    قطع.....!!
    استغفرالله

    وإني هنا لا أشمل الجميع، بل هناك من هو أرقى وأنقى
    لكن العجب من يرى الضرب حل أو كان حل يوماً ما!!
    بأبي هو وأمي نبيِّ محمد ما ضرب أحداً قط، أَهُم أحسن منه كلا وربي لا يأتون ولو بجزء منه صلى الله عليه وسلم، ثم يأتون يقولون أن الضرب وسيلة جيدة!!
    ربّوا أنفسكم قبل أن تربّوا!!
    لا إله إلا الله فقط!



    >>الجزء الثالث<<
    رحمت الشاب المتدين جداً!
    لما نُجبر على أن نتواجد في مكان لا نحب الوجود فيه؟!
    لا أخلاقنا تسمح، وليس هذا من شأننا!!
    طبيعي تصرفه فهو في بداية إلتزامه!
    في خوض وصراع وشبه معركة ونزال شديد!!
    ماذا يفعل؟!، وكيف يصنع؟!
    لو كان هناك نظام في المدرسة يمنع المعلمة من لبس ما تشاء لما حدث هذا!
    مو على كيفك تحبين القصير ولا تكرهينه، التزمي بالحدود!، ما تبغي تتستري اجلسي في البيت مو في مكان أتوا الطلاب لتعلم الفضائل والمحاسن وكل شيء يفترض به أن يكون جميل!
    نحن عرب وللأسف شيء فشيء نفقد عروبتنا وأصالتنا!
    ولا حول ولا قوة إلا بالله
    صحيح أنو خبص ويعني قام يفسر الآيات بمزاجه!
    لكنه ضحية للمجتمع للأسف.....!!،
    إلى هنا أقف عند هذا الحد في هذه النقطة!


    لا إله إلا الله!، كيف تضربينه؟!، وضميره كان حي!!
    هذا تضمينه تعويضاً لما ناله!
    والله ما أدري هل نزعت الرحمة من القلوب؟!!
    أي صحيح أنهم سرقوا لكن يعدوا أطفال!!
    نعلمهم ونربيهم!، مو نعاملهم معاملة البهائم!!_أكرمكم الله_
    يارب لطفك يا منان
    هذه ما سلتني هذه ابكتني!!
    النهاية؛ خاصة لمن لم يطعم من شراكته شيئاً كان مؤلم!
    أسأل المنان أن يفرج بهذا له كربات الآخرة يا رحمن

    لَـمَّا انفجرت شو صار؟!

    استغفرالله،
    ياربي خلاص استهلكت طاقتي كلها!!
    من جد شيء يحزنني جداً!
    ما نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل وكفى!!
    أقول رحم حالهم الله
    إذا كانت الأم فعلت هذا بإبن ضميره حي!، ما الناظر صانع بِهؤلاء المساكين؟!!


    ممتاز جداً ما شاء الله تبارك الرحمن
    الروعة تنسكب انسكابا!!، عاجزة عن شكر هذا الإبداع!
    فبورك بقلمكم وجعله ربي سيال!
    زدتم رزقاً وفضلاً من المنان، يارب
    في حفظ المولى،،

    ~

  8. #8


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    وعليكمـ السلامـ ورحمة الله وبركاته~

    لا أدري بما أعلق،
    فالحال يزداد سوءا،
    يارب خلصنا مما نجد،
    واكتب لنا الخير واصرف الشر عنا،
    اكتم في نفسي الكثير،
    وأسألك ربي،
    وحدك من تعلم!!،
    يارب

    ما شاء الله الموضوع جميل جداً،
    يجذبنا لكتابة مقالة يوماً ما، هذا إن أصبحت بربع مستواها،
    ما شاء الله تبارك الرحمن،
    بوركت يارب
    ~

    بارك الله بكِ ولكِ

  9. #9


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Moroboshi Dai مشاهدة المشاركة

    السلام عليكم أستاذ
    على الشبكة العنكبوتية هناك مقالات حول "خريطة برنارد لويس " مؤرّخ وباحث إسراتيجي بريطانى عمل مع الكنغرس الأمريكي الخريطة تبين تفكيك وتقسّم الدول العربية من خلال إستغلال الأحداث لتأليب المجتمعات وبث الفتنه لنشر الحقد الطبقي بين فئات المجتمع الواحد لتعميق الخلافات وضرب استقرار الشعوب وسلامتها
    لينتهي الأمر بالتقسيم ومن بين هذه الدول لبنان



    أول الشرارة كانت من تونس يعني من بلدي وأهل مكة أدرى بشعابها متشرّد بائع على عربة بدون رخصة قانونية عديم الأخلاق يهين إمرأة عَون في البلدية يخدش حياءها فردة فعلها كانت عادية فصفعته وأمام هستيريته وغضبه وكيف لإمرأة أن تصفع رجل حرق نفسه والغريب في الأمر أن والدته وأخته بعد الحادثة وماصار من أحداث أسكنوهما في إحدى الضواحي الراقية لتونس العاصمة ثم هجّروهما إلى كندا حيث السعادة والهناء !! فصُناع القرار هيّجوا الناس وأحدثوا القلائل ولسان حالهم قول الامام الشافعي إذا هبّت رياحك فاغتنمها أُستعملت المنابر الإعلامية المعروفة عالميا للتجييش وقلب الحقيقة فخرج الرعاع مسلبي العقول ولقنهم شعارت رنانة إلى أن صارت أحداث مؤسفة قتل وسفك دماء إلخ ونهاية الحلقة قالو "الإعلام الخارجي" أن رئيس تونس هرب بل تماشيا مع الموضوع والحمير صدّق الناس نهم أطردوا رئيس دولة قوية في أمنها لا وتلكم المنابر الإعلامية أخرجت إشاعة هي صحيحة بالنسبة لمسلوبي العقول أن الرئيس في طائرته معلق في السماء وكل مرة يتجه إلى دولة وترفضه والحال أن وجهته محددة مُسبقا ...
    9 سنوات بعد،،أصبحنا في لا دولة تم تمييع رموز بُناة الوطن رأينا السواد في كل شيء بعد ماكان شعب مُتحفظ أصبح المواطن المحافظ يذهب بساقيه إلى نشر فضائحه علنا فضلا عن خدش الحياء في كثير من منبر إعلامي حى أن سمعنا على الهواء أكثر من مرة سب الجلالة أما عن الحالة الإقتصادية وتدني القدرة الشرائية فحدث ولا حرج
    مثال يتكرر في لبنان إستحمار الناس وقيادتهم للوصول إلى نتيجة مدبرة بليل فوضى تناحر تدني مستوى معيشي،،،
    ومن هذا المنطلق الراقصة ومافعلته ليس عبثا بل هناك من وراءها وفق إستراتيجية ذات أبعاد رمزية توضع في إطارها تمهيدا لأشياء قادمة وقد حدث في بلادنا أكثر من هذا فهذه الراقصة على الأقل إرتدت مايستر بعضا منها
    بخصوص إقتباسك من مروج الذهب فالمسعودي معروف مذهبه وباتالي ستجد الكثير من القصص التي لا تصح قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المنهاج (4/84) : (( ... وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلاَّ الله تعالى ، فكيف يوثقُ بحكايةٍ منقطعةِ الإسناد ، في كتابٍ قد عرِفَ بكثرة الكذِب ... )).
    أختم بقول الله عزّ وجل: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )
    [البقرة : 120]
    .
    شكرا على جرأة الطرح
    تحية من القلب




    وعليكمم السلام ونسأل الله الأمن والأمان... حياك الله

  10. #10


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Moroboshi Dai مشاهدة المشاركة

    دوّنتُ أكثر من ملاحظة ....
    لي عودة إن شاء الله أستاذ

    في أمان الله



    حفظك الله

  11. #11


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ثقافة الحمير (مقالة اجتماعية: الكاتب أ. عمر)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمى1415 مشاهدة المشاركة
    و عليكم السلام رحمة الله و بركاته
    ماشاء الله طرح مميز أستاذ عمر و تحليل راااائع
    لطالما ابتعدت عن اي نقاش سياسي ليس لشيء و لكن لأريح رأسي من نقاش يكاد ينعدم فيه الوعي و الحكمة, خصوصا أننا شهدنا قبلكم مظاهرات سلمية
    شخصيا لست ضد المظاهرات ابدا لكن رأيي من رأيك , داخل الحشود تعددت الشخصيات و اختلفت النوايا, حتى اكاد أجزم أنك لو تسأل أي شخص عن هدفه من التظاهر و ماذا يريد لن تجد سوى 1 أو 2 % من الناس اجاباتهم تحمل مغزى منطقي و الباقي تعددت أسبابه : من كرهت المكوث في البيت فخرجت مع صديقاتها , من تشاجرت مع زوجها فخرجت في المظاهرة لتنسى همّها , من تبحث عن فارس أحلامها ....و و و الخ
    حتى مرة سألَتْني فتاة كانت معي في الترامواي لماذا لا تأتي الى المظاهرة فأجبتها, إن كان عن حب البلد فالأولى أن أذهب إلى المختبر و أنهي بحثي الدراسي لعلي أكتشف شيء يفيد الناس و يمنعهم من عدة أمراض , و أنتِ ماذا ستفعلين في المظاهرة قالت بصراحة لا شيء نجتمع نحن الشباب و نغني ثم نذهب إلى البيت ....فقلت رجاءا لا تنسو تنظيف الطرقات قبل عودتكم الى بيوتكم ......و طبعا لما ذهبتُ الى الجامعة وجدتهم في اضراب و كان هناك مجموعة من الشباب يمثلون الطلبة يمنعون أي أحد من الدخول ...هممت أن أدخل قاطعني أحدهم بيده و قال إلى أين قلت الى المختبر عندي عمل تطبيقي هام و مذركتي لا تستطيع الانتظار فتخرّجي سيكون بعد أشهر قليلة , فنظر لي باستغراب و قال ادخلي ......لا أدري لماذا صار منظور الناس ضيق إلي هذه الدرجة .....أليس العلم هو من يرفع الانسان و به تتقدم البلاد ...
    أما عن ثقافة الحمير التي ذكرتها فنحن فعلا نعيشها .....يعطون الاختصاص لغير أهله أما من يستحق ذلك فيتركونه إلى أن يأخذ الله أمانته ....

    أنار الله دربك و جعلك نبراسا تنير عتمة من حولك
    في حفظ الرحمن


    بارك الله بكِ
    وأنا لم أقصد بها السياسة
    لكني انطلقت منها لمواقف اجتماعية متعددة
    ونسأل الله تعالى صلاح الأحوال، والوعي والحكمة، كي لا نبقى آخر الأمم...
    حفظكِ الله تعالى من كل سوء

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...