المغامرة السندباديَّة (قصة قصيرة)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 7 من 7

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية كونان المتحري

    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المـشـــاركــات
    445
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي المغامرة السندباديَّة (قصة قصيرة)

    [SUP]بسم الله الرحمن الرحيم
    و الصلاة و السلام على سيِّد الخلق أجمعين نبينا محمد و على آله الطيبين الطاهرين
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    مضت فترة طويلة على آخر موضوع أنزلته في القسم، و لخجلي من قلَّة ما أقدمه لم أكن أرغب في دخول المنتدى صفر اليدين، لذلك أتمنى أن تفي هذه القصة القصيرة بالغرض رغم قصرها و تواضع ما كتبته أمام تقصيري


    [/SUP]
    [SUP]المغامرة السندباديَّة[/SUP][SUP]

    [/SUP]
    في صبيحة يومٍ صيفي دافئ اجتمع أطفال العائلة كعادتهم في غرفة المستودع، كان هذا المستودع مخزناً للأشياء القديمة التي كانت تخص العائلة في بيت الجد، لكن لم يكن أي من الكبار يدخله إلا فيما ندر، لذلك وجد الأولاد فيه موقعاً مثالياً لمناقشة أسرارهم و خطط مغامراتهم، كان الظلام يظلل المكان خلا من ضوء مصباحٍ يدوي صغير تُرِك في أحد الجوانب، و ما زاد الموقف رهبةً كان ذلك الصوت المنخفض الذي تكلَّم به أحدهم شارحاً فكرة مغامرتهم القادمة، رغم انخفاض صوته أثناء الحديث كان أحمد يتكلم بحماسٍ منقطع النظير، حماسه انتقل للأطفال الأربعة الآخرين المتواجدين رغم أنَّ حماسهم لم يخلُ من التردد و الرهبة، كان هو الوحيد الذي ظهرت عليه الثقة أثناء شرح الخطة، حتى أنَّ بتول أخذت تردد بين الحين و الآخر رأيها في عدم عقلانية المقترح و خلوِّه من المخاطر رغم كون الفكرة جديدة و ممتعة، دافع أحمد بحماس عن رأيه و أنَّه شاهد الفكرة في كرتون السندباد البحري و قد نجح السندباد دون عناء في تنفيذها، أسرع جواد يدعم وجهة نظر أحمد مضيفاً أنَّهم فريق من الشجعان الذين لا تهزهم رياح الشتاء فيجب أن يستحقوا الاسم الذي أطلقوه على فريقهم هذا، وافقت مريم بحماس على رأي الصبيين، و لكن سليم كان يوافق أخته بتول فيما ذهبت إليه من رأي، مضيفاً ضرورة التزام الحكمة في الأمور المتعلقة بالجن و الأشباح، انتهى الاجتماع بانتصار رأي الأغلبية و قرر الجميع تنفيذها فوراً، أخرج أحمد زجاجة العصير الفارغة التي حضَّرها لهذا الغرض، و قد طلاها باللون الأزرق، و كـأنَّه كان مدركاً أنَ مقترحه سيُنفَّذ دون شك، لم تكُن بتول خائفة و لكنها كشقيقها سليم كانت تفضل دائماً دراسة الأمر قبل الإقدام عليه، بل ربَّما كانت تفوق الجميع جرأة، و ما كان أحدهم ليجرؤ على اتهامها بالجبن لأنَّه ما كان لينجو من سخطها و غضبها، فبتول كانت تتمتع بشخصية قوية للغاية، لكنها انصاعت في النهاية لرغبة الأغلبية، فقد كان هذا البند هو الأول في شروط الانضمام للفريق؛ اتباع رأي الأغلبية مهما كان القرار غير مريحٍ للفرد، سار الأولاد معاً حتى وصلوا إلى وجهتهم، نظر الجميع إليه بمشاعر متباينة و مختلطة من الحماس و القلق و كذلك بعض الخوف، ابتلع أحمد ريقه رغم كونه صاحب الفكرة عندما تخيَّل ما يمكن أن يحدث لو لم تسِر الأمور كما خطّط، لكنه سرعان ما نفض تردده و توتره حتى لا يظهر بمظهر الجبان أمام أبناء و بنات خالاته، رفع الزجاجة أمام وجهه ليحفِّز نفسه على الحديث بنفس الحماس الذي تحدَّث به في بيت جدِّه، لكن منظر يده المرتعشة الممسكة بالزجاجة أخرس لسانه، فضمَّها إلى صدره بكلتا يديه ليخفي توتره، و ليمنعها من السقوط و التحطم، كان من حسن حظِّه أنَّ جميع الأولاد كانوا منشغلين في التحديق بتفاصيل المكان، كان بيتاً مهجوراً و شبه مهدَّم، يظهر من الشقوق و الصدوع المنتشرة في جدرانه الخارجية أنَّ أهله قد هجروه قبل ولادة أيٍ من آبائهم، و رغم صغر المساحة التي كان يشغلها إلَّا أنَّ الأحاديث حوله لم تنقطع، سمعوا من الكثير من الجيران و سكان القرية الكبار عن الأصوات التي يسمعها من يمر بجواره ليلاً، و كذلك حركة بعض الجمادات المحيطة به و تغير موضع الأشجار المجاورة له بعض الشيء، و ربَّما أضاف البعض شيئاً من وحي خياله ليمنع الأطفال من الاقتراب منه لوحدهم، لم يكونوا يعلمون حقيقة ما يروى عنه من كذبه، لكن حتَّى هم إذا اضطروا للمرور بجواره ليلاً أثناء ذهابهم للدكان يسرعون بالجري و أصابعهم في آذانهم، ليصلوا إلى بيت الجد و قلوبهم تخفق تعباً و رعباً، لذلك تقصَّدوا المجيء نهاراً لكثرة المارة بالجوار، و الأهم أنَّ وجه الشمس المبتهج في السماء يكسبهم بعض الشعور بالطمأنينة و الراحة، كانت فكرة أحمد تتلخص في دخول الخمسة ذلك البيت المهجور و اكتشاف ما فيه، لربما يحتوي على بعض الكنوز المخفية، أو حتى بعض الأشياء القديمة التي قد تفيد فريقهم في مهماته القادمة، لكن الهدف الأهم من ذلك كله و الذي أحضر الزجاجة لأجله، كان رغبته في تجربة ما قام به السندباد البحري عندما حبس المارد داخل القمقم، كلَّما عليه فعله عند ظهور المارد المخيف هو التحلي بقليل من الشجاعة و رباطة الجأش، ثم أن يتحداه و يشكِّك في قدرته على دخول زجاجة العصير، و أخيراً يغلقها عليه عندما يتأكد من استقراره فيها، و بالطبع سيرجوهم المارد المسكين و يستعطفهم لإخراجه، لكنهم لن يفعلوا ذلك قبل أن يعدهم بتحقيق أمنية و ربَّما اثنتين لكلٍ منهم، كان ما يقلق أحمد هو إمكانية غدر المارد بهم عند خروجه من الزجاجة، و كذلك احتمالية وجود أكثر من واحد منهم قد يسارعون لمهاجمتهم بعد أسر رفيقهم، لكنه طرح هذه الاحتمالات جانباً ما دام لم يطرحها شخصٌ غيره، فشخصية أحمد كان يغلب عليها الاندفاع و التسرع، و رغم الشجاعة القليلة التي كان يمتلكها، فقد كانت أفكاره غريبةً و مخيفة لكنها تحمل حساً إبداعياً يجبر الجميع على طرحها للنقاش، و قد تصير قيد التنفيذ لو لقيت القبول الذي لقيته هذه الفكرة عند أغلبية أفراد المجموعة، تقدَّم جواد الجميع نحو الداخل من فتحة الباب المخلوع، تبعه سليم ممسكاً يد أخته بتول، كادت مريم تلحقهم لكنَّ أحمد أسرع يسير بجوارها حتى لا ينكشف خوفه، و كذلك حتى لا يبقى وحيداً خارج المنزل، بالاستعانة بأضواء مصابيحهم اليدوية أخذ الأولاد يستكشفون كل تفصيلٍ صغير من تفاصيل المدخل، اللوحات المعلَّقة المؤطَّرة و المغلفة بشباك العنكبوت، الأرائك القديمة الممزَّقة المكسوَّة بالغبار و بحصَّتها الأكيدة من أعمال الحشرات الفنيَّة، الكراسي المحطَّمة و الزجاج المكسور المتناثر في الأنحاء و بضعة قطع من أشياء معدنية لم يعُد بالإمكان التعرُّف على أصلها بعد ما عرَّضها له الزمن و ربَّما عوامل أخرى، أطلال صناديق خشبية يظهر أنَّها لم تتحطَّم بفعل الزمن وحده، رؤيتهم لها أثارت بعض مخاوفهم، و أسرعت مريم تقترح فكرة الانصراف رغم أنَّهم لم يتوغَّلوا في الداخل بعد، سخر جواد من مخاوف مريم بصريح العبارة ممَّا جعلها تلوذ بالصمت خجلاً، أسرع الأولاد يستكشفون الغرفة تلو الأخرى، و كان الظلام يزداد في الغرف الداخلية التي لا نوافذ لها، ما يرونه يشير إلى أنَّ السكان السابقين للبيت قد اكتفوا بحمل ما خفَّ وزنه و غلا ثمنه معهم، تاركين الأثاث و الأشياء غير الضرورية خلفهم، مفضِّلين شراء أخرى جديدة على إطالة المكوث في هذا البيت حتى يتسنى لهم نقلها، انهمك سليم و بتول في البحث أكثر مما أنساهما القلق الذي كان يتملكهما، خاصَّةً و أنَّ شيئاً مما خشيا حدوثه لم يحدث، حتَّى أحمد الذي كانت فرائصه ترتعد عند دخول المنزل وجدت الشجاعة طريقها إلى قلبه، و أخذ يستكشف المكان بحماس مع غيره، و فجـأةً قرَّر الهتاف بعد أن كاد يجزم بعدم وجود مخلوقات غريبة أو مخيفة في المنزل صارخاً: " أين أنتم؟!... هل نحن نرعبكم بهذا القدر؟!"، و لمَّا لم يجد أيَّ استجابة أخذ يضحك مقهقهاً ساخراً من رغبة مريم في الانصراف، واصفاً إيَّاها بالجبن و التردد، و أشار بمصباحه اليدوي نحو الدرج خلف ظهره زاعماً أنَّه سيتقدم الجميع نحو الطابق العلوي، كادت مريم أن ترد عليه بأنَّها ليست خائفة، لكنَّ وقوع ضوء مصباحه على الدرجات العلوية عقد لسانها عن الكلام، فاكتفت بالإشارة بسبابة يدها نحو ما تراه، و قدماها ترتعشان في مكانيهما، كانت على الدرج حية سوداء ضخمة، لم يرَ في حياته أضخم منها، كانت تنظر نحوه مباشرةً، لسانها المشقوق يتمايل خارج فمها كأنها تسخر منه، بينما يخترق فحيحها المرعب أذنيه ليدمع عينيه، لم يجد الصبي داعياً للكلام، كانت الأقدام المسرعة هروباً أفضل وسيلة للتعبير حينها، انتبه بقية الأولاد لما حدث و شاهدوا مريم تقف مرعوبة تحدِّق بذلك المخلوق الضخم المخيف، فراعهم ما رأوه و أسرعوا لاحقين بأحمد بعد أن سحبوا مريم معهم، لكنَّهم لم يجرؤوا على العودة من الباب، بل اختاروا أقرب نافذة مخلوعة ليخرجوا منها، و كان أحمد ينتظرهم بالخارج باكياً و بجواره زجاجة العصير المكسورة، و عندما خرج آخرهم سمعوا صوت ضحكات ترج المكان فأسرعوا بالجري نحو بيت الجد، بعد أن قرَّروا بالإجماع و دون كلمات عدم أخذ أفكار أحمد على محمل الجد، خاصةً إن كانت من هذا النوع المؤذي، و في المنزل المهجور تواصلت الضحكات حتى ابتعاد الأولاد و ثلاثة من الحيَّات السوداء تتقلَّب على جوانبها من فرط الضحك.




  2. 4 أعضاء شكروا كونان المتحري على هذا الموضوع المفيد:


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...