ذائقة الموت

[ منتدى قلم الأعضاء ]


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 24

الموضوع: ذائقة الموت

  1. #1

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي ذائقة الموت







    صَباحُكم / مساؤكُم عبق جاردينياَ

    رمضان مبارك على الجميع

    كُنت قد إنسحبت من المنتدى بصمت منذ مايقرب عن خمسة أشهر لشيء حزّ في نفسي!
    هذه الأيام في الشهر الفضيل جاءتني عبر الفايس بوك رسالة من مجهول كرواية شتيفن سفايغ كلمات قصيرة جدّا ترجاّني صاحبها بالعودة ،،،،وقد عدت عودة
    وإن كانت قصيرة ،قلت في نفسي لا بد أن أكتب نصوصا وفصوصا تبقى أثرا وبصمة قلم صادقة مع نفسها أكسر فيها زجاجة التقاليد على حد تعبير أبو حامد الغزالي وانتهجت بعضا من أسلوب الأخ المفضال الأستاذ عمر
    هي خلجات نفس عبر فصول ستتحدث عن الحب والموت وبينهما مجموعة إنسان!

    وقد إخترت لهذه النصوص عنوانا : ذائقة الموت أستعيرها من عنوان رواية الكاتب والشاعر أيمن العتوم


    يتبع بمشيئة الرحمن



  2. 7 أعضاء شكروا Moroboshi Dai على هذا الموضوع المفيد:


  3. #2

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (1)


    كيد فتاة حسناء



    في تونس لنا مثل يقول: "كِيد الرجال كِيدين(2) وكِيد النساء سُطّاشْ(16)"


    أوّل يوم في سنة السّابعة ثانوي
    شُعبة باكلوريا أداب ذهبت مُتأخرا للمعهد والحق يقال أني نسيت أن العودة الدراسية ذلك اليوم !،كنت منذ الصغر أكره الدراسة ومقاعدها فطريق المدرسة أو المعهد كان بالنسبة لي عبارة عن صعود سلسلة جبال الآبلاش ،وماعلمت بأن ذاك اليوم أول يوم دراسة إلا و أنا أستمع للمذياع صباحًا وأنا أحضّر فطور الصباح!
    عندما حاججت إدارة المعهد سبب تأخّري ضحك الجميع ملء أشداقهم ،
    أخذت بطاقة دخول القسم (Billet d'entrée) بعد ما أخذ الجميع أماكنهم،كانت أوّل حصة في مادة الفرنسيّة والأستاذة لم تقل لي شيء لأني كنت قد درست عندها في السنة سادسة ثانوي آداب فتعرف طبعي وخُلقي رحّبت بها
    ورحّبت بي بابتسامة مُضيفة طيران



    Bonjour Madame -
    Bonjour Anis -
    je vous prie d'excuser mon retard-

    كان ردّها بابتسامة فيها الكثير من الكلام وقد فهمتها كما فهمتني

    ***

    مالفت إنتباهي أن الكُل أخذ مكانه وكانت طاولة فارغة في وسط الطاولات وراءها طاولتين في آخر القسم ممتلئة بالطلبة فكانت متروكة فارغة عمدًا ،عندما وصلت إلى تلك الطاولة وتوقّفت لأضع أمتعتي كان بديهيا أن أرى من يجلس خلفي وكانتا فتاتين تتحدث إحداهن للأخرى وهذه الأخيرة أي (الأخرى)
    ترمقني بنظرات تائهة لا يكاد يرتد طرفها ،إحمّرت وجنتاي خجلاً ثم طأطت رأسي وجلست في مكاني
    كانت الطاولة فارغة من تدبيرها لكي أجلس أنا أمامها علِمت مُسبقا أنني سأكون في نفس القسم معها تلك السنة وكانت الفرصة مؤاتية يومها أني جئت للقسم متأخّرا وكان قلبها يحدّثها بأني سآتي متأخّرا...!!!

    يٌتبع وللحديث بقيّة إن كان في العمر بقيّة



  4. #3

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (2)

    الأمير!!


    في تلك الحصّة كانت المدة ساعتين،كل هذا الوقت وأذني تكاد تتصدع من كثر
    ة ثرثرة أحدى الفتاتين، لكن وصل إلى سمعي ماقالته تلك المِهذار : أبشري يا إعتدال هاقد جاء الأمير!
    طبعا كلمة مثل هذه لم أدعها تمرّ مرور الكرام فالسياق موجّه لي غير أني تغافلت عن
    الكلمة إلا أن تلك المِهذار كي تجلب أطراف الحديث معي والغاية بداية التعارف بها وخاصّة بزميلتها الحسناء وكان من شأنها أنها أمسكت بقميصي كأسلوب مناداة لأستدير خلفي وأرى ماذا تريد
    طبعا كنت حذرا لكي لا أرى صويحبتها عند أستدارتي ربما لكي
    لا أخجل ثانية،
    قالت لي: صباح الخير أنا زميلتك نادية لو سمحت لم آتي بكتاب مادّة الفرنسية أنا وزميلتي فضلا لو تكرّمت هلّا أعطيتني إياه للحظات لكي أشارك ثم أعيده لك مشكورًا؟
    قلت لا بأس تفضلي، وكانت الأستاذة تنادي بالإسم من دفتر الأسامي لكي يقرأ كل تلميذ نصيبه من القراءة وهي طريقة بيداغوجية من البداية من دون حصة تعارف كدأبنا في كل عودة مدرسية وذلك كي تعلم الأستاذة مستوى تلاميذها
    وأنا أتحدّث مع (نادية) بصوت خافت ، خائنة عيني رأت رواية مفضّلة لدي ألا وهي
    الأمواج لفيرجينيا وولف بجانب يد صاحبتها غير أنّ النسخة كانت بالأنجليزية فأجبرتٌ أن ألتفت لتلك الحسناء وقد قادني لاشعوري بما أني مهوس بأمهات الروايات وخاصة هذه الرواية التي طالما تمنيت قراءتها
    وبما أنها مصوبة نظرها لي طوال الوقت عندما شاهدت الرواية أيقنت من تهلل وجهي أني أحب هذه الرواية
    كتبت لها ورقة بما أننا في حصة دراسة لا مجال للحديث
    كتبت لها: صباح الخير، أنا زميلك أنيس وقع نظري على كتابك رواية الأمواج هل لديك نسخة عربية أو فرنسية مع الشكر
    فأجابتني بإجابة عجيبة غريبة

    -أسعد الله صباحك بكل خير ،أنا زميلتك إعتدال أسألك هل شاهدت في طفولتك كرتون طوم سوير؟
    قلت لها بلى
    - قالت في نفس الورقة التي أرسلتها لها أتذكر مشهد أول لقاء بين طوم وبيكي في المدرسة وكيف تواصلا في الكلام عبر لوحة كل منهما؟
    - قلت نعم أذكر ذلك المشهد جيّدا
    - قالت إذن فليكن تخاطبنا مبدئيا عبر دفتره الخاص، أما الرواية فلي نسخة فرنسية سآتيك بها غدا بمشيئة الله ،إتّفقنا ؟
    - إتّفقنا

    يتبع بمشيئة الرحمن

  5. #4

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (3)


    فتى الأحلام!



    في الغد ، عند دخولي للقسم وجدت نفسي مجبرا على الجلوس في الطاولة التي فيها الحسناء بما أن زميلتها غيّرت مكانها إلى آخر العام الدراسي واتضحت إذن النيّة!
    فأصبحت دائما أجلس بجانبها حتى وإن جئت متأخّرا يبقى المكان شاغرا لا يجلس فيه أحد وترسّخ في أذهان الزملاء والزميلات أني والحسناء صديقين صداقة حب !! وكان الأمر غير ذلك مطلقًا بالنسبة لي.
    وفقا لما تعاهدنا عليه مبدئيا يعني مؤقّتا التواصل عبر الدفاتر وقد أوفت بوعدها وجلبت لي من الغد رواية الأمواج نسخة فرنسية جديدة خلت أنها إشترتها لي خصّيصًا!
    كان سبب إنتهاجها للتواصل معي عبر الدفاتر خفقان قلبها وعدم التغّلب على مشاعرها خافت من الإرتباك الذي تواصل معها أسابيعا فكان الدفتر لاريب أمانًا لها وقد أدركت هذا من الوهلة الأولى
    كتبت لي : هذه رواية فيرجينييا وولف خذ وقتك الكافي لقراءتها فلن أسألك عنها
    شكرت صنيعها ووعدتها بأن أعيدها في خلال كذا يوم
    في ردها الموالي كتبت جملة قصيرة أرعدت فرائسي :
    أحيطك عِلمًا بأني منذ العام الماضي وأنا أراقبك في حركاتك وسكناتك، وكانت أمنيتي الوحيدة أن ندرس معا في العام القادم وها قد تحقّقت أمنيتي وأنا سعيدة بالغ السعادة بذلك
    كانت المادة التي ندرسها حينها مادة الجغرافيا من أحب المواد لدي هي مادة التاريخ والجغرافيا ومن سوء الطالع أنني كنت منهمكا في المساجلة الدفترية نادى باسمي الأستاذ ليسألني عن ماهي عاصمة البرازيل لأننا سنبدأ وفق المقرر دراسة القفزة الإقتصادية البرازيلية فقلت له ساو باولو نسبة لفريق عريق في كرة القدم في البرازيل رغم أني أعرف جيدا ماإسم العاصمة إلا أني نُسّيت بسبب ماكتبته لي زميلتي في الدفتر فضحك الزملاء والزميلات لإجابتي فاستأذنت الأستاذ لمغادرة القسم قصد غسل وجهي برجوعي وجدت كلمات أضيفت لتلك الجملة
    ببيت شعر لنزار قبّاني بتصرّف : لن تهرب مني .. فإني فتاة مقدّرةٌ عليكَ. لن تخلُص منّي.. فإنَّ الله قد أرسلني إليكَ



    يتبع بمشيئة الرحمن




  6. #5

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت



    (4)


    كلّ يوم كتاب


    مما راق لي وفي الآن ذاته حيّرني ورجّ نفسي رجّا أنّها كانت تأتي كلّ يوم بكتاب جديد أنيق في طباعته والأغرب أنّ جُلّ هذه الكتب إن لم تكن كلها هي محببة لدي أو أرغب في قراءتها لقيمة محورها ك
    النبي لجبران، وأوراق الورد وحديث القمر للرافعي ودوواين شعر كالعبّاس بن الأحنف وجرير والبحتري وطائفة من شعراء العرب من مختلف العصور فضلا عن روايات عالمية كمائة عام من العزلة لماركيز، الحرب والسلم لتولستوي وبعض كتب التاريخ غير أنّها كانت تأتي بمجموعة كاملة باللغة الإنجليزية لشكسبير و فيرجينيا وولف وتشارلز ديكانز ،دجاين أوستين وآرثر كونان دويل وأسماء أخرى نسيتهم إلى جانب كتب علوم النفس بالأنجليزية مثل واين داير،بول واتزلاويك
    لكنها لم تعطني فرصة لكي أسألها
    حيث كتبت لي في أحد الأيام من الأسابيع الأولى : أعلم أنّ كل هذه الكتب ترغب في قراءتها وخاصة كيْت وكيْت ....
    بدأت أشعر بريبة وحيرة و أسئلة لا أجد لها إجابات من تكون هذه الفتاة كيف لم أرها العام الفارط كيف تستطيع قراءة مافي نفسي وبالكاد عرفتها؟
    كتبتُ لها : نعم أنتِ على صواب هذه الكتب محبّبة لدي وقد حبّبني فيها أستاذ التاريخ في العام الفارط كان يكمل الدرس قبل 20 دقيقة من نهاية الحصّة وكان يمتعنا أدبا وثقافة أفضل من حصة العربية وكنت أدوّن كل مايقوله

    قبل نهاية الحصّة أعطتني
    رسالة وضعتها في إحدى دوواين الشعر التي جلبتها معها يومها وكتبت في ورقة الدفتر : هذه الرسالة لاتفتحها إلا مع سكون الليل أما ديوان الشعر* فباستطاعتك إستعارته وقراءته وبإمكانك طلب مني أي كتاب أردت قراءته من الآن إلى نهاية السنة الدراسية بحول الله

    *الديوان كان للعبّاس إبن الأحنف وقد وضعت الرسالة في البيت الذي تريد أن أقرأه

    يتبع بمشيئة الرحمن



  7. #6

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت



    (5)

    رسالة من تحت الماء


    لازلت أذكر تلك الديباجة وإن نسيت بعض كلماتها


    تحيّة بعطر الزيزفون، قد لاحظتَ أني أتحاشى مخاطبتك مباشرة لكن لم يحن الوقت بعد للكلام!،عندما رأيتك العام الفارط أحسست بغبطة لاتوصف لماشعرته في داخلي من راحة نفسية ممزوجة بمشاعر جديدة في أعماقي، كنت أتابع كل خطواتك بأدق تفاصيلها سألت عنك مما أستثيقهم لا لشيء فقط لغاية في نفسي !
    مَن حولك يقتربون منك لوجهك البريء الذي إفتقدوه في ذواتهم أمّا أنا فضلا عن هذه الخصلة فقد كنت أنظر إلى قلبك وكأني أخرجته من غلافه وأمسكت به بين يدي أسمع نبضاته
    قلبك كتاب مفتوح أمامي ولاتعجب

    كنت أعد الأيّام وأتمنى أن ترتقي إلى سنة الباكلوريا لأني علمتُ أنك كسول تكره الدراسة وبنجاحك سنلتقي في نفس القسم سأعمل على أن ينقلوني إلى قسمك قبل العودة للدراسة
    أما شعوري تجاهك فهي منطقة وسطى بين شدّة الإعجاب والحب،أتمنى أن نبقى أصدقاء ولتكن الأيّام هي الفيصل
    والسلام


    في تلك الليلة لم أستطع النوم إلّا فجرا
    في الغد قرّرت أن لا أذهب للمعهد غبت ذلك اليوم وعدت في اليوم الموالي أعدت لها ديوان العبّاس بن الأحنف
    هذا الشاعر الغزلي من الطراز الأوّل الذي قال فيه البحتري : أغزل النّاس شعر العبّاس بن الأحنف وأعدت معه الرسالة و دوّنت فيها :وأنا أقرء رسالتك تذكرت أغنية سيلين ديون دون أن أذكر عنوانها!
    وددت أن أحتفظ بالديوان غير أن مروءتي أبت ذلك



    يتبع بمشيئة الرحمن





  8. #7

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (6)

    رفقا بالقوارير


    بعودتي ، عودة إلى الكتابة في الدفتر كتبت لي بعدما قرأت ردي على رسالتها : الأغنية التي أشرت إليها هي :
    "D'amour ou D'amitié"
    قلتُ: بلى
    فنظرت إلى وجهها المتلألئ وهي تبتسم كـفتاة خجولة
    ****
    ترعرعتٌ ونشأت بين أحضان إمرأة عظيمة ألا وهي جدّتي رحمها الله وبسببها والفضل يعود لها، كانت نظرتي للأُنثى طفلة كانت ،فتاة أو إمرأة منذ الصغر نظرة
    إكبار وإجلال واحترام تعظيما لشأنها لغزارة مشاعرها ورهف حسّها
    قد علمتُ أنها كجناح الفراشة الجميل الرقيق،من هنا في هذا الإمتحان الصعب في العلاقات الإنسانية كان عليّ إخراج كل مافي أعماقي من نُبل.

    قد قبلت شرط الصداقة لكن
    أبدا لم أقبل أن أقاسمها نفس مشاعرها أن أكذب عليها أن أوهمها وأهبها مالا أمتلكه
    فكانت معادلة صعبة أن تكون حذرا في كلامك وتصرفاتك وسلوكاتك وخاصة في تقاسيم وجهك فأنا أمام فتاة متضلعة في لغة الجسد وعلم النفس لكن كنت أُمنّي نفسي علّها حبُ فترة مراهقة كرسم دوائر مائية على ورق سرعان ماتتلاشى
    كنت صادقا مع نفسي طيلة السنة الدراسية ،كنت صديقا مثاليّا " فكل إمرأة تحتاج إلى كفّ صديق" وكنت صِدقاهذا الكفّ الذي أراد بكل مافيه من طاقة أن يرسيها على "ميناء سلام"
    مرت أيّام،أسابيع ،شهر وبعض يوم وأخيرا وضعت حدّا للمساجلة الدفتريّة !


    يتبع بمشيئة الرحمن

  9. #8

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (7)


    وتكلّمت الحسناء!


    إنتهت أيّام الدفاتر وبانتهائها بدأ التواصل عبر الّلسان بطيب الكلام وفق معجم الصداقة وكانت أوّل مانطقت به أن قالت لي: ”إن الله لا يُمسك عنّا فضله إلا حين نطلب ما ليس لنا أو ما لسنا له“
    - صباح الخير أنيس
    صباح الخير إعتدال
    قلتها وكأنّه شيئا عاديّا، بديهيّا ،روتينيّا ،لكن ببداية حصّة الفلسفة إسترجعتني الومضة الورائية لقد تكلّمت الحسناء أخيرًا!
    بأولى كلماتها بزغ فجر يوم جديد سيُحمّلني عبئا ثقيلا بين الخوف والرجاء وكان أول يوم تكلمت فيه أحضرت معها رواية "حديث القمر " للرافعي ومنها إقتبست أولى كلماتها كأسلوب سريالي واختيار موفّق يتماهى مع إشراقة صباح جديد غير كلّ الصباحات
    كان يوم سبت تنتهي الحصص في قسمنا نحن آنذاك في العاشرة صباحًا ولا دروس مسائيّة لا يوم الجمعة ولا السبت أمّا يوم الأحد فراحة أبديّة في سلك التعليم والمؤسّسات.
    عندما إنتهت حصّة مادة الفلسفة وكانت ساعتين مرهقتين لقوّة المادّة ومحاورها
    فمادّة الفلسفة عندنا في الباكلوريا شعبة أداب ضارب 4 وهي
    أكبرضارب بين سائر المواد في شعبة الاداب في السنة السابعة ثانوي ، إقتربت صديقة الحسناء ونحن نجمع أقلامنا دفاترنا وكتبنا
    صباح الخير أنيس
    صباح الخير
    بلاسابق إنذار وإعلام وإعلان قالت لي نادية مارأيك أن تذهب معنا إلى العاصمة جولة وترفيه عن النفس وإقتناء مراجع لبعض المواد التي تعيننا في المُراجعة
    اندهشت لجرءتها والراحة التّامة المطلقة وهي تتحدّث
    قالت مارأيك يا اعتدال وقد تفاجأت هي الأخرى ،نظرت لي باستحياء كأنها تريد أن تقول هذا ليس من تدبيري
    تلك النظرة جعلتني أوافق...

    ******

    ** طبعا هنا لابد من تأصيل مسألة على غاية من الأهميّة أن تونس دولة علمانية حداثية معروفة بين الأمم
    بموجب الدستور والقانون في تونس كان الإختلاط عاديّا وتكون ذروته بين سكّان الحضر وشعب تونس متفتح على العالم فهو شعب أغلبه تغريبي وهو جزء من البحر الأبيض المتوسط لكن ميزة جيلنا على الأقل كانت علاقاتنا تسودها الأخوّة المتينة العميقة كأخ وأخت من أمّ وأب نخشى عليهن نحميهن وكانت الصداقات الجميلة البريئة بعضها إنتهى بحب وزواج كرمز للوفاء وتبقى بعض الإستثناءات ولكن الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه



    *****

    قلت لا بأس لا مانع لدي فقط مساحة زمن أعود فيها للبيت ثم نلتقي في محطّة سيّارات الأجرة


    يتبع بمشيئة الرحمن

  10. #9

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (8)

    عهد الأصدقاء


    خلال حياتي باستثناء ماشاهدته من كرتونات وآنميات عديدة قديمة وحديثة أين تتجلى قيم الصداقة عبر عُروة وثقى لم أرى صديقين تصحّ فيهما كلمة صداقة مثل إعتدال ونادية
    أبهرتني نادية من أول يوم في الدراسة وتعللها بعدم إتيانها بكتاب مادة الفرنسية

    فالصديق هو روح واحدة تعيش في جسدين،هذا ماتعلمته من هاتين الفتاتين،لإسعاد صديقتها فعلت نادية كل شيء متوقّع وغير متوقع، منها الذهاب إلى العاصمة مساحة أكثر ،ساعات أكثر ،،،،
    كان شَرطي في الذهاب معهما إلى العاصمة أن تكون أماكن التنزّه من إختياري أمّا المكتبات فموكّل لهن لمعرفتهن بها
    بوصولنا إلى العاصمة إتجهنا إلى أكثر من مكتبة وكانت نادية هي همزة الوصل لاتنقطع عن الكلام وكانت ذكية جدّا في طرحها أطراف الحوار أمّا إعتدال فكانت على إستحيائها تساير صديقتها أما أنا فكل ماكان يهمني أن أعي ماينطقه لساني
    إقتنينا عدة مراجع عبارة عن كُتيّبات لمختلف المواد والمحاور التي تستحق شروحات وتحاليل مثل المتنبي المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس (بالمناسبة في إمتحان البكلوريا في الدورة الرئيسية أخذت 8 من عشرين يعني تحت المعدل أما في دورة المراقبة فقد إخترت رسالة الغفران للمعرّي) كذلك إشترينا كتيبات عن المنزع العقلي عند الجاحظ وابن المقفع
    ودراسة عن مأساوية البطل لرواية حدّث أبو هريرة قال للمسعدي فضلا عن
    36 سؤالا وجوابا+ 4 تطبيقات للبكالوريا : المعرّي ورسالة الغفرانمازلت أحتفظ به الى الآن





    وكتب أخرى في التاريخ عن الحروب العالميّة.

    بعد الغذاء الفكري ومارافقه من ثرثرة نادية حان وقت الغذاء الروحي ذهب الى ظن نادية أني سنذهب إلى البلفدير وهي حديقة حيوانات في مكان راقي لكن استغربتا من الوجهة التي لم تخطر ببال أحدهن حتى قارءة نفسي لأنهما لاتعرفان المكان وقد كانت إكتشافا جميلا لهما

    ذهبنا إلى عبق التاريخ موطن أسلافنا الفنيقيين إلى قرت حدشت (قرطاج) مدينة علّيسة وحنّبعل والأثار الفينيقّة البونية وميناءها ودار الحوت بصلامبو ومتحف قرطاج بقرطاج بيرصا مرورا بمسرح قرطاج وحي ماغون وحمّامات أنطونان إلى جانب جولة على شاطئ البحر في يوم من أيّام الخريف وغيرها من الأماكن القرطاجنية
    هذه مفاجأة لم تخطر لي على بال ، كنت طيلة المسافة أخمّن في وجهة التنزّه على كل حال النيّه الطيّبه تجلب معها المفاجأت الجميله،،،،شُكرا وكفى؛ هكذا قالت لي إعتدال
    بينما كانت نادية منبهرة بالميناء البوني!
    علمت بأنّ قلبها رهيف جدّا فمشاعرها القوية تكتم أنفاس كلامها لذلك لا تعبر بلسانها كثيرا !


    يتبع بمشيئة الرحمن



  11. #10

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (9)

    الكعب العالي


    كانت
    إعتدال على ثقافة عالية في فقه النفس حيث بدأت بعد ذهابنا إلى العاصمة بدأت تعطيني كل سبت رتاجا من الجُرأة وتفصلني تفصيلا كقطعة قماش بين يدي خيّاطة بارعة حرفيّة في مهنتها
    بما أنّنا ككُلّ يوم سبت تنتهي حصتنا العاشرة صباحا فيبقى متسع من الوقت قبل منتصف النهار أين تنتهي الدروس في كافة الأقسام فكنا نذهب إلى مكتبة المعهد ثلاثتنا وتبقى نادية في ركن بعيد
    وكان من بديع ما أذهلتني يومها -وتلتها أيّام أُخر- أنها قالت لي أشياءكثيرة عن أعماق أعماقي تٌحدّثني عن نفسي في غاية من السلاسة وكأنّها تتصفّح مجلّة علمية عالمة بمفاهيمها أو أو رُقعة بلغة هيروغليفيّة حلّت شفراتها وعلمت مُحتواها وكأنّي أنا من أحدّثها عنها

    كنا نراجع أغراض المتنبي الشعريّة وكان معها يومها كتاب
    'قوّة الآن ' The Power of Now لايكهارت تولي Eckhart Tolle " المعلم الروحي الأشهر في عصره " كما لقّبته جريدة نيويورك تايمز

    حدّثتني عنه لجهلي به ثم عطفت على المتنبّي ونفسيّته المتأرجحة بين المدح والهجاء فكنت أستمع إلى أستاذة متمكّنة ،مثقّفة ، عالمة بفقه النفس ثم أردفت تحدثني عن نفسي
    وبدأت بقوة
    بلا مُقدّمات :
    مهما حاولت التكبّر على نفسك وإظهار السعادة التي تغزو ملامح وجهك إلّا أن في داخل أعماقك نقيض السعادة حزنك كبير عظيم دفين يعصر حُشاشة قلبك ليتني أعرف كنهه وماسببه غير أني أعلم علم اليقين أنك لن تخبرني
    تتألم ولاتشتكي حتى أن أحدهم لا ينتبه لما أنت فيه من ضنك وربما وأنت مريض، تتمزّق وجعا ومن يراك لايحسّ بشيء ،ليس من عادتها إطلاقا أن تقول لي مارأيك في ماقلته؟
    إذا قالت حُذام فصدّقوها، فإن القول ما قالت حُذام

    عندما خرجنا من المكتبة في طريقنا وصلنا أمام المسجد فعلتُ شيئا لا أعلم سببه إلى اليوم!
    كانت لي قارورة ماء معدني من البلاستيك بقي منها جُريعات ذهبت إلى حنفية المسجد الخارجية وملأتها ماءً ثم ذهبت وسكبت الماء عليها وأعدت الكرّة مرّتين وهي واقفة دون حراك ،دون تفوّه بحرف ،دون دهشة دون إستغراب !
    أمّا صديقتها فهرولت مصدومة تمسح لها وجهها بمناديل ،
    ،،
    ثُمّ
    إنصرفتٌ!


    يتبع بمشيئة الرحمن



  12. #11

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت



    (10)

    العالمة الآتية من السّواد


    ليست
    "ميانو شيهو/هايبرا آي" وإنما هي هذه الفتاة التي كانت تشبه شيهو خلقة وطبعا غير أنّ إعتدال لها قصب السبق في الحياء، سكبت عليها مايقرب عن خمس لترات من الماء البارد وفي شتاء قارص ذات شهر ديسمبر ولم ترد أي فعل مُشين !


    حادثة تركتها وراء ظهرها ،وبعودتنا يوم الإثنين كان أوّل أيّام الأسبوع المغلق فيها نقوم بالفروض التأليفية ثم يليها أسبوع لإصلاح الفروض وإرجاع مواضيعنا مع الأعداد ثم تأتي على إثرها عطلة الشتاء
    في ختام آخر يوم قبل بداية العطلة وقبل أن يُدقّ ذلك الجرس المُفزع ليعلن نهاية الحصّة ،كتبت لي عبر دفترها الأنيق ذي اللّون القزوردي مايلي : " أبهرني تصرّفك بأنّك لم تعتذر عمّا حصل أمام المسجد وأنا سعيدة بذلك،تصرّفك كان في جًزئه طفوليّ لكن في جزء كبير منه يرمز لشيء لا أقدر أن أكشفه الآن قد يكون آخر يوم في الدراسة غير أن تأويلي له أشعرني بغبطة !
    أعلم أنّ مثلُك لا يضرُّ أحدا حتى وإن غضبتَ "



    عند خروجنا تمنّيتُ لها عطلة طيّبة هي وصديقتها وتركت لي رواية
    "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي على أن أعيدها بعد العطلة التي تمتدُّ لأسبوعين


    يتبع بمشيئة الرحمن





  13. #12

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت



    (11)

    أمل وألم!!



    عند إنتهاء عطلة الشتاء والعودة إلى الدراسة والثلاثي الثاني لم يتغير البرنامج أعدت الرواية مع الشكر وعدنا لأيام السبت في مكتبة المعهد بين المراجعات حسب برنامج المقرر وبين التحليل النفسي رغم قصر مدته بكلمات وجيزة إلا أنه كان بليغا في الدقّة
    أوشكت بل أصبحت أشكّ بأن هذه الفتاة عفريت من الجن!!

    أمام مبدئي الرئيس "رفقًا بالقوارير" كان لزاما عليّ أن لا أصُدّها ولا أقطع الحبل خصوصًا أني وجدت نفسي أمام قيمة من القيم النبيلة :الصداقة التي تجمع فتاتين في أرقى معانيها
    فقد ترجتّني صديقتها مرارا دون علم صاحبتها بأن أبقى كما أنا بنفس الصورة التي رأتني فيها قبل عام مضى وهذه الأيّام
    مع مرور الأيام حدث أن ذهبت إلى مباراة في كرة القدم مقابلة ودية تجمع فريقي المفضل الترجي الرياضي التونسي والفريق الألماني العريق بايرن ميونخ FC Bayern München في إطار الاحتفالات بعيد ميلاد الترجي الـ 82 وكانت المقابلة في شهر جانفي وليلا
    وتونس العاصمة تبعد عن مدينتي 40 كم والمواصلات آخرها الثامنة ليلا لكن لقدوم هذا الفريق العريق أردت أن لا أترك الحدث يفوتني فكانت "الفاتورة" غالية حيث تعرّضت لنزلة برد حادة ألزمتني الفراش مدة ثلاثة أسابيع

    غياب جعل من زملائي يأتون لزيارتي فعلمت
    إعتدال لمرضي فكانت تزورني كل يوم وتفوت على نفسها الحصص وكانت خالتي من تعتني بي خلال تلك الأسابيع أخذت عطلة عمل بما أنّي أسكن عند جدّي و بفطنة النساء بعد مرور أياّم من مرضي قالت لي خالتي إنّ هذه الفتاة أَتُراها تحبّك ؟ زياراتها يعني أنّها قلقة ويهمّها أمرك !

    وهذا ماتأكدت أنا منه وماقالته لي خالتي ماكان إلّا توكيدًا ، وإضمحلّت المنزلة بين المنزلتين
    كانت هذه الحقيقة متيقن بها منذ أول لقاء وأول الكلمات عبر دفترها القزوردي

    ببساطة
    ..حُبٌّ من طرف واحد
    غير أنّ قبل أيام قليلة من الأسبوع المغلق جاءت يوما على غير ماسبق من أيّام تخفي حٌزنا شعرتُ به لكنّها تجرّأت وقالته لي : "بنهاية السنة الدراسية ستنتقل هي وعائلتها إلى بريطانيا "


    يتبع بمشيئة الرحمن




  14. #13

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (12)


    خُذْ بيَدي أيّها المُستحيل*


    في لحظات صمت باردة كصقيع سيبيريا أخذت دفتري وكتبتُ لها : من روائع ماقالته دجاين أوستن "ما يُزرَعُ داخل أنفُسِنا يَنبُتُ على مَلامِحِنا" وصلت الرسالة...!


    بما أن والدتها اسكوتلنديّة لم تتأقلم كثيرًا في تونس فكان القرار حتميّا بالعودة إلى إيدمبورغ هناك في الشمال الإسكتلندي؛
    كان من المروءة أن أتحرّك وأسعى جاهدًا لإسعادها بما أستطيع فعله و بانتهاء الحصّة الصباحيّة إقترحت عليها وصديقتها أن يكون يوم الأحد القادم رحلة إلى مدينة بنزرت الجميلة شمال تونس العاصمة وقد إقترحت على والديها بما أنّها سبقت وعرّفتني بهما سابقا وزُرتهما في البيت أكثر من مرّة بطلبٍ منها فاستجابا برحابة صدر
    المدينة حتى والدها لا يعرفها كان قد هاجر مُبكرّا وهو شاب إلى أنجلترا ليكمل دراسته في إحدى الجامعات ثم إنتقل إلى اسكوتلاندا،كانت مدينة بنزرت إكتشافًا رائعا لهم قضّينا يوما ممُتعا واتّفقنا أن نعود مرّات أُخر لمدن أخرى تابعة لولاية (محافظة) بنزرت، وقد عدنا وكان نفس الإنطباع لديهم ،أمّا الهدف بقطع النظر عن الترفيه والنُزهة واعرف بلادك وتأريخًا لجميل الذكريات كان بالنسبة لي أن أُضحِك ثغرها في أصعب الأوقات وإن لم أقف أنا بجانبها فبئسَ الصّاحبُ أنا لظلّها

    اقترب الأسبوع المُغلق للثلاثي الثاني والفروض التأليفيّة بحكم أنّها تتقن اللغة الأنجليزية كانت أعدادها 20/20 ورغم أني أجلس بجانبها في القسم تحاول دائما أن تدعني أنقلُ ماتكتبه لكي أتحصّل على عددا جيّدا لكن كنت أرفض وحاولت عبثا مساعدتي في الدروس لكنها لم تفلح


    آخر يوم قبل العطلة أعطتني رواية آلام الشاب فرتر لجٌوته كنت قد قرأتها سابقا أخذت الرواية بألم لأنّي أعرف المحتوى والمغزى،،،،
    عطلة طيّبة !


    يتبع بمشيئة الرحمن

    على الهامش


    *العُنوان إقتباس من قصيدة هُو لاغيرهُ للشاعر محمود درويش




  15. #14

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت



    (13)

    بلا عنوان


    عدنا الى الثلاثي الثالث من الدراسة واقتربت إمتحانات البكالوريا،أعدت رواية آلام الشاب فرتر لـِإعتدال ووضعت فيها دفتري بدون إيداع ولا رجوع وفيه إقتباسا من الرواية " خيُر للبشر لو كفُّوا عن تقليب ذكريات الأحزان الغابرة بخيالهم المُتّقد ، بدلاً من تحمّل حاضرهم بصبرٍ و طمأنينة ، و لكنّ الله وحده يعلم لماذا جبل النّاس على هذا"
    وتمضي الأيّام سريعًا كلّها تحضير ومراجعات بنسق كثيف وإنتباه للأساتذة وكانت مراجعاتنا يوم السبت في مكتبة المعهد كما هي لم تتغيّر


    مرّ العام سريعًا بنهايته تنتهي قصّة زميلة ليست كالزميلات على مدى سنواتي الدراسية ذكرتها هنا تشريفًا لها كبداية ولو مُطوّلة وتوطئة للفصل الثاني الذي يتحدّث عن ذائقة الموت ،،،،،
    آخر يوم في الإمتحانات بعد نهاية اختبار مادة التفكير الإسلامي قالت لي : يوم سكبت علي ماتيسّر من مياه معدنيّة ولم أرد أي فعل قلت لك أن ماقمت به له رمزيّة أوّلتها وسأقولها لك آخر العام الدراسي وقد أكون مخطئة وقد حان أوانها : "كأنك أردت أن تسقي وردة جميلة !"


    مرّت بضعة سنوات إلتقيت بصديقتها الحميمة الوفيّة سألت عن أحوالي، سألت عن أحوالها وانتظرت مني أن أسأل عن صاحبتها غير أني فعلت مثلما فعل الشاعر العراقي عبد الوهاب البيّاتي عندما إلتقى بأخ إبنة الجيران التي أحبّها ورحلت لمدينة أخرى لا يعلمها ومن ذلك اليوم لم يرها تحدّث مع أخيها عن أحواله وتحاشى أن يسأله عن المدينة التي يسكن فيها وأخّص الخصوص عن أخته عائشة بكبرياء المُحب أمّا أنا فمنعني السؤال عنها كبرياء الصديق!


    يتبع بمشيئة الرحمن

  16. #15

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (14)

    آسف على الإزعاج


    رُبّما قد مرّ بكم هذا العنوان يوما ما ،،،نعم هو ذاك! "آسف على الإزعاج" هو فلم لأحمد حلمي على إمتداد 40 دقيقة تشاهد فلمًا كوميديّا فجأة تأتي "الصدمة" تتحوّل وجهة الفلم 180 درجة ،ذائقة الموت (وهو لُبّ الموضوع) في نفس السياق كان الفصل الأوّل بمجموعة نصوص مُطوّلة عن تجربة شخصيّة لإبراز قيمة وإحساس وشعور إفتقدتهم واحتجتهم بقوّة في الفصل الذي سيأتي والمغاير كٌليّا عمّا سبق فكانت ذائقة الموت ،،،،


    يتبع بمشيئة الرحمن




  17. #16

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (15)

    ذائقة الموت

    المشهد الأوّل

    على مايقرب عن خمسة أشهر من شهر أوت/أغسطس 2019 إلى شهر جانفي/يناير 2020 كان لي نسق كثيف،حثيث، أصلُ الّليل بالنّهار آملاً في العثور على بُقعة ضوء تحت هذه الشمس ، مسألة شخصية لي مُدة وأنا أسعى إليها جاهدًا أخذتُ بالأسباب وعملت كلّ ما في وسعي في سبيل تحقيقها لكن في كلّ مرّة أجد الأبواب مؤصدة وزاد في الطّين بلة أن تزامنت الأشهر الأخيرة بظهور جائحة "كوفيد 19" وباء بدء شيئا فشيئا ينتشر كالنّار في الهشيم على كامل أصقاع العالم وأخبار عن وفايات في كل أرض وصلها ووافق مع بداية سنة 2020 أن كانت بوادر أخبار سارة في الأُفق فتحت لي باب أمل غير تلك الأبواب التي أوصدت وكان الإنتظار بشغف عظيم و كانت الآمال كبيرة ومن المفترض أن تتحقق في آخر جانفي ثم بداية شهر فيفري ثم وسطه وآخره، وتلاه شهر مارس وكان الرّجاء كل الرّجاء في الأسبوع الأوّل غير أنّه لم يحدث شيء وبتصاعد وتيرة العدوى وكثرتها بسبب الوباء وتفاقم عدد الوفايات يوميّا من هنا وهناك حلّ الهلع في أنحاء المعمورة وأغلقت كل دولة حدودها برّا وجوّا وبحرا وبدأ العالم في حالة فريدة مُستجدّة دولة تبعتها أخرى في "الحجر الصحّي الشامل" الكل في المنزل لا للخروج ،،،الموت أقرب من شراك النعل!

    يتبع بمشيئة الرحمن




  18. #17

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (16)

    ذائقة الموت

    المشهد الثاني

    بعد مضي عشرة أيام من بداية شهر فيفري/فبراير 2020 بدأت أشعر بحرارة في الجسم لكنها داخلية
    كٌلّما ألمس الفراش أجده ساخنا أو حتى عندما أجلس على الأريكة
    تواصل الأمر كذلك، لم ألتفت لهذه الحالة فعقلي منشغل أيّما إنشغال بما أنتظر تحقيقه
    على أحرّ من الجمر

    مع بداية شهر مارس،و
    مع هذه الحالة ظهرت أعراض أخرى إحمرار في وجهي مباشرة تحت العينين تظهر تارة وتارة أخرى تغيب

    حتى أنّني
    أسأل بوجس بعض أقاربي فيطمّنوني بما أنني لا أحتمل الشمس وأشعتها مع بداية فصل الربيع فربما تكون حساسية لكن تشعّبت الأمور فأصبح الإحمرار في الخدّين كحُمرة الخجل ووصل إلى الأذنين كأنّي أرى دمًا سيتدفّق ويسيل ويخرج كطوفان عظيم كُلّ هذا تحت أعين الأهل والأقارب ومن يراني وأتحدّث معهم
    لا أحد لاحظ أو لمّا لاحظ تساءل ولا أوجس في نفسه خيفة !!!!!!!!،أمّا أنا صاحب الأعراض أشعر بأنّي لستُ بخير
    غير أنّ ذلك الأمر الذي شُغِلتُ به أنْسَاني الألَم الذي تفاقم يومًا إثر يومٍ


    يتبع بمشيئة الرحمن



  19. #18

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (17)

    ذائقة الموت

    المشهد الثالث

    إنتصف شهر مارس ومع فقدان الأمل لما أسعى إليه جاهدًا وهيهات ! إزداد الألم والإحمرار في الوجه والحرارة التي أشعر بها تُحيّرني،
    بما أن كلّ دولة من دول العالم تبيتُ مفزوعةً على وجلٍ ولا تدري ماذا تصنع
    وباء مستجد سلاح فتّاك فعّال أخافها وأقلق ليلها ونغّص نهارها وجعل أهلها مشرّدين أو يريدون أن يتشردّوا في أنحاء العالم كأنّما يريدون الفرار من الموت،جعل الله تبارك وتعالى من جُنده كائنًا حيّا هو أدقّ الكائنات الحيّة فيروس
    ("التاج" كوفيد 19) فيروس لا يُرى في الغالب إلّا إذا كُبّر ربع مليون مرّة ونصف مليون مرّة من أجل أن تراه العين المُجرّدة بالميكروسكوبات الدقيقة الحديثة التي تُكبّر هذا التكبير العظيم،
    أُغلقت بسببه الموانئ والمطارات والحدود البرّية وتُمنع بسببه الرِّحلات وتعطى لأجله الإجازات وأُنفقت من أجل الحياطة منه مليارات البليارات وهو لا يُرى ولا يُنظر ولا يدري أحدٌ من أين يأتيه و قد مسّني الضرُّ وأنا حينئذ كنت أعيش في عالم لوحدي خارج شبكة التغطية !!

    لم تكن لي المعلومات الشافية عن هذا الفيروس هذا المٌخيف المُفزع ،
    هذا العدو المُفضعُ خِلت لوهلة أنني -سلّمني الله وإياكم - قد أُصبت بهذا الفيروس

    يوم 16 مارس 2020 من باب التأدّب والخُلق ،قلت لوالدي أشعر بأنّني لستُ على مايرام سأذهب إلى الطبيب غدًا بحول الله،
    قال لي : إنتظرني يوم غد منتصف النّهار نذهب معا غير أنّه رجع إلى البيت مع آذان المغرب
    وكأني به نسي أمري وله الحق في ذلك فقد عشت دهرا في منزل جدّي أين نشأت وترعرت وعدت إلى منزله حديثًا
    فأصبح غيابي عن العائلة شيئا مألوفًا فكانت هذه البرودة!!!
    إتفّقنا من الغد صباحًا
    على أن نذهب إلى طبيب عام سوري الجنسيّة فرّ بجلده قديما حين كان حافظ الأسد رئيسا للجمهوريّة العربية السوريّة

    يوم 18 مارس 2020 ذهبنا للطبيب "خَلدون" باقتراح من والدي
    ، في تونس بدأنا في التباعد الجسدي بين أفراد العائلة وبين النّاس في حالة الخروج و غسل الأيدي بالماء والصابون أو تنظيف اليدين بفركهما بمُطهّر كحولي الكثير من المرّات في اليوم وإرتداء "اللثام" عند الخروج من المنزل وهي أصحُّ لغويَّا من"الكمّامة" كما وضّحها بعض أهل اللغة المعاصرين في الطريق بما أنّه ذهب في إعتقادي قد أكون مُصاب بالفيروس لحيرتي لما أنا فيه وتزامنا مع ظهور هذا الوباء وجهلي بأعراضه بسبب ماشٌغلت به دار حوار بيني وبين والدي حول هذا الأمر فبدأ يزوّدني بمعلومات ثم إستوقفني للتجربة عمليّا
    قال لي : خُذ نفسًا عميقًا هل تحس بوجع في صدرك؟
    قلت : لا
    قال : لا تقلق ..

    كان أحد المارّة متوقّفا ينتظر وسيلة نقل و كان يشاهد التجربة العمليّة والتنفّس،عندما
    إقتربنا منه قال: كورونا،كورونا!!وكم هم المتطفّلون عديمي الأخلاق في مجتمعنا،لولا إحترامًا لوالدي لرجعت لهذا اللُّكع ولرُبما وكزته وأنا في حالة لا يعلمها إلاّ الباري عزّ وجل

    يتبع بمشيئة الرحمن

  20. #19

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت


    (18)


    ذائقة الموت

    المشهد الرّابع


    مُنذ زمن بعيد يعود إلى فترة الطفولةلم ألج عتبة باب عيادة الطبيب "خلدون"،لما دخلت العيادة عاد بي طيف الذّاكرة
    ،تقريبا لم يتغير شيء: البهو،قاعة الإستقبال،الجدران العتيقة،السقف،وكراسي "مُوديل" قديم! أمّا المرضى فكانوا كثر
    يومها الكل في قاعة الإستقبال رغم بعض التباعد ففي عيادات أخرى يدخل المرضى فُرادى ويستعملون المطهّر الكحولي ومن
    يسعل أو عنده كٌحة يعطونه اللّثام أو هذا القناع الواقي
    إنتظرت دوري طويلاً،كنت أشعر بالإختناق لقدم مبنى العيادة وظُلمتها المهم الحصول على المال أما العيادة فلما تبذير النقود ؟! المهم المضمون لا الشكل كذا لسان حال "خلدون" يقول

    أخيرًا حان دَوري، مايزال "خلدون" على لهجته السوريّة لم يتمكّن من إتقان اللهجة التونسيّة رغم أنّه يعيش فيها منذ أكثر من أربعين سنة ،مازال يتتعتع جملة فسيفسائيّة تونسيّة -سوريّة
    قاس لي ضغط الدم،ثم
    أخرجني من مكتبه إلى غرفة أخرى فيها آلة تصوير تشخيصي طبي
    قائمة كالخزانة تلصق بأحد أطرافها ثم يُطبق الطرف الآخر على جسمك قال "إرفع إيديك لفوق"،ثم عدنا إلى مكتبه قاس لي الحرارة ثم قال 37 وشويّييييية !أطال في كلمة شوية لخفظ التوتر الذي لاحظه
    عندي
    قال لابأس عليك وتحدّث معي قليلا ثم أمدنّي بوصفة دواء أحدهما إسمهُ Kela Vit energy أقراص غنيّة بالمعادن والفيتمينات
    و يُنصح به لمن يعاني من الضغط اليومي



    ثم قال لي كُل البرتقال!

    لامني بعض أبناء الجيران وصديق الطفولة لمّا قابلني في طريق العودة من عيادة الطبيب "خلدون" فـ"خلدون" مدرسة قديمة أكل عليها الدهر وشرب كيف أذهب
    إليه ؟!،دعا لي بالشفاء وأوصاني بطبيبين الطبيب فُلان أوّلا ثم الطبيب الآخر إذا ما استجد أمر ما ولا تعد لخلدون
    السباق ضد السّاعة ومراطون فاق الخمسة أشهر من الركض وراء أُمنية ، وبعض أشهر كنت صائمًا عن الطعام لا صوم نافلة وعبادة بل صوما لقلّة الوقت الذي أجده لنفسي في سبيل تحقيق ماأريد تحقيقه وغضبُ دخيلٌ على طبعي بدأ يخنقني والإكثار من إحتساء بعض أنواع القهوة السوداء القويّة لستُ من عُشّاقها وقلّة النوم من الأرق سبّب لي إرهاقا وإنهيار نفساني قوي
    إمتثلت لوصفة خلدون غير أن الأمر إزداد سوءً مع الدواء الذي لم يكن فعّالا معي لأن التشخيص كان تقريبا ساذجًا وافق مع
    20 مارس 2020 أن أعلنت الحكومة التونسيّة عن الحجر الصحّي الشامل وفرضت إغلاقا عاما
    خبرُ زاد في الطين بلّة ساءت حالتي كثيرا بعد ثلاثة أيّام من ذهابي للطبيب مساء السبت
    21 مارس 2020 إرتفعت حراراتي ،بمجرّد أن تأخذني سِنة أفيق مرتجّاً كزلزال عظيم ،آلام كبيرة ،أوجاع لم أعتد عليها من قبل ،لم أستطع النّوم تلك اللّيلة جسمي يرُجُّ رجًّا كلّما أردتُ النوم!
    من الغد ، يوم الأحد الثانية ليلاً
    وأنا أدور كالرحى أو كجمل بئر روطة في مدينة "القيروان" موقوف على بئر يدور ويدير ناعورة ليُخرج ماءً رقراقا في قواديس من فخِار مُلوّنة ؛أتألّم،أصيح، أرقي نفسي تارة ،أُناجي ربّي تارة أخرى وأسأله السلامة والعافية ،عقلي يكاد ينفجر
    كثوران بركان "ماونت بيناتوبو"

    الأحد ليس يوم عمل في تونس بقطع النظر عن الحجر الشامل والذّاتي وتم إغلاق تقريبا كافة المؤسسات والمحلّات
    باستثناء المنشآت الحيويّة المستشفيات والمخابز والدكاكين وبعض المؤسّسات يوم الأحد بالنسبة لأصحاب العيادات فيوم راحة ،في حالة مثل ما أنا عليها حينئذ لم يكن في خاطري أن العيادات مغلقة
    بقيت على حالي وأنا أعاني الأمرّين لم أرد أن أوقظ والدي
    إنتظرت الساعة التّاسعة صباحًا ذهبت لأوقظه : أبي ،،،سأموت !

    يتبع بمشيئة الرحمن

  21. #20

    الصورة الرمزية Moroboshi Dai

    تاريخ التسجيل
    Oct 2017
    المـشـــاركــات
    3,484
    الــــدولــــــــة
    تونس
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ذائقة الموت



    (19)

    ذائقة الموت


    الفصل الأخير


    إستيقظ والدي ولا يزال نومه ثقيلا لم يكد يفهم ما أقوله ، كانت ليلة رهيبة مهما وصفتها لا أفي بماشعرت به قلت له أشعر بأوجاع أريد الذهاب إلى الطبيب لو سمحت إهتف لعمّي يأتي بسيارته لأني لا أقدر على المشي،عارضني في الأول تركته في غرفته وعُدت إلى غرفتي أنتظره ،مضت ساعة ولم يأتي ،وفي ذلك الوقت وأنا أغوص عميقًا في أنين الألم متكئا على فراشي أنزل الله الرؤوف الرحيم السَكينة فغلبني النُّعاس بعض الوقت ثم إستفقت وعدت لوالدي وجدته يستعمل حاسوبه لا أدري عما يبحث قلت له سأموت يا أبي أجد لي سيّارة توصلني إلى العيادة قال لي اليوم يوم أحد وحدها المستشفيات مفتوحة كان الجميع حينئذ يخاف الذهاب إلى المستشفى لبداية ظهور الإصابات فكان النّاس في حالة رعب وأخيرا تحرّك والدي ذهب لمنزل عمي القريب من منزلنا فلم يجده كان في ضيعته عندما صدر قرار الحجر الصحّي الشامل ومنع التنقل
    بين المدن والقرى ، لم يكن لي خيارا إلا الذهاب على قَدماي بعد 200 متر مشيا قال لي أبي لا داعي للذهاب إلى المستشفى فلنحاول علّنا نجد عيادة مفتوحة
    قطعت كيلومترين مشيا لأصل لعيادة طبيب عام كفؤ وهو أحد الأطبّاء اللذين دلّني عليهم صديق
    الطفولةوابن جيراننا عند منزل جدّي ،غير أننا وجدناه مغلقا ،ذهبت إلى محل تمريض لقياس ضغط الدم فوجدت الضغط مُرتفعًا بعض الشيء ،عدنا إلى المنزل ماباليد حيلة فقط الصبر والتصبّر قدر الله نافذُ في الإبتلاء عساه طهورًا ،كفّارة للذنوب

    عدت بألمي ووجعي ماديّا ومعنويا خُذلت وأنا في
    أمسّ الحاجة

    إلى الغير قريبا أم بعيدا، من هاتفناهم كانوا مرعوبين كرعب بعض المسلمين أمام التَّتر وجدتُ نفسي أمام قدري

    في المساء عاودتني الأوجاع بعدما سكنت بعض الشيء نفس الأعراض تتزامن مع بعضها البعض وفي نفس التوقيت إرتفاع في الحرارة ،واحمرار في الوجه والأذنين وألم في المعدة طال اللّيل وأنيني متواصل
    في الغد ذهبت إلى الطبيب الذي ذهبت إليه يوم الأحد لكني وجدته مغلقا فذهبت إلى الطبيب الآخر
    كان يُدخل المرضى فُرادى مع تنظيف اليدين بالمطهّر الكحولي كانت في مكتبه شاشة تريه سائر الغرف كان مرعوبا هو الآخر حتى مُعاينته كانت في بضع دقاىق لكن أكثر حرفيّة بمراحل على الطبيب "خلدون"
    قال لي لديك ضغط رهيب أربك الجسم ولديك حرقة في المعدة وارتجاع معدي مريئي، أمدّني بأدوية
    أعانتني قليلا ثم عادت الإرتجاجات في كل غفوة !!!!
    منذ 18 مارس 2020 إلى غاية 5 ماي2020 ذهبت إلى أربعة أطبّاء منهم الخاص والعام زيادة لبعض التحاليل في بعض المخابر ،أطبّاء ليس لهم همّ إلاّ المال أظهر جشعم الوباء

    في كل مرة تأتيني أعراض جديدة من جرّاء الضغط الذي انبثق عنه الإنفعالات والأعصاب ولرُبما من بعض الأدوية التي كانت قويّة على جسمي الهزيل المُنهك من قلّة الأكل والنوم وكثرة التفكير والقلق وحرق الأعصاب بغضب طارئ مع مُنبّهات كالقهوة السوداء القويّة
    الحمدلله على ماقدر وقضى لك الحمد ربي مِلئُ أرضك والسماء حمدا ً يليق بوجهك وعظيم سلطانك

    وفي الإبتلاء دروس نتعلّمها وعبر نستخلصها في أحلك الأوقات تظهر معادن الرّجال ،
    زميلتي في الدراسة تلك الفتاة المثقّفة "شُرطيّة إسكوتلاند يارد " كما كنت أطلق عليها لم تكن تدرس في الجامعة حينئذ وليس لها تخصّص في علم النفس ولم تتعرّف عن بعض أعماقي وهي تجلس معي في نفس المقعد الدراسي في كامل العام بل عندما كانت تراقبني عن بعد قبل أن تدرس معي أمّا هؤلاء فهم كسراب بقيعة؛

    هي نقاء الأرواح وصفاء الطويّة هي العلاقات الإنسانيّة في أسمى معانيها حين تُعطّر الذّات بأزكى عطور الدنيا فتُضفي على القلب بصيرة،،،،


    تمّت بحمد الله

    ******



    جزيل الشكر والإمتنان ووافر الثناء وجميل العرفان لمن سمح (ت) لهذه النصوص أن تُنشر في هذا الصرح الطيب ولكل من مرّ من هُنا بهدوء أو بصخب


    دمتم بخير




صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...