(7)
وتكلّمت الحسناء!
إنتهت أيّام الدفاتر وبانتهائها بدأ التواصل عبر الّلسان بطيب الكلام وفق معجم الصداقة وكانت أوّل مانطقت به أن قالت لي: ”إن الله لا يُمسك عنّا فضله إلا حين نطلب ما ليس لنا أو ما لسنا له“
- صباح الخير أنيس
صباح الخير إعتدال
قلتها وكأنّه شيئا عاديّا، بديهيّا ،روتينيّا ،لكن ببداية حصّة الفلسفة إسترجعتني الومضة الورائية لقد تكلّمت الحسناء أخيرًا!
بأولى كلماتها بزغ فجر يوم جديد سيُحمّلني عبئا ثقيلا بين الخوف والرجاء وكان أول يوم تكلمت فيه أحضرت معها رواية "حديث القمر " للرافعي ومنها إقتبست أولى كلماتها كأسلوب سريالي واختيار موفّق يتماهى مع إشراقة صباح جديد غير كلّ الصباحات
كان يوم سبت تنتهي الحصص في قسمنا نحن آنذاك في العاشرة صباحًا ولا دروس مسائيّة لا يوم الجمعة ولا السبت أمّا يوم الأحد فراحة أبديّة في سلك التعليم والمؤسّسات.
عندما إنتهت حصّة مادة الفلسفة وكانت ساعتين مرهقتين لقوّة المادّة ومحاورها
فمادّة الفلسفة عندنا في الباكلوريا شعبة أداب ضارب 4 وهي أكبرضارب بين سائر المواد في شعبة الاداب في السنة السابعة ثانوي ، إقتربت صديقة الحسناء ونحن نجمع أقلامنا دفاترنا وكتبنا
صباح الخير أنيس
صباح الخير
بلاسابق إنذار وإعلام وإعلان قالت لي نادية مارأيك أن تذهب معنا إلى العاصمة جولة وترفيه عن النفس وإقتناء مراجع لبعض المواد التي تعيننا في المُراجعة
اندهشت لجرءتها والراحة التّامة المطلقة وهي تتحدّث
قالت مارأيك يا اعتدال وقد تفاجأت هي الأخرى ،نظرت لي باستحياء كأنها تريد أن تقول هذا ليس من تدبيري
تلك النظرة جعلتني أوافق...
******
** طبعا هنا لابد من تأصيل مسألة على غاية من الأهميّة أن تونس دولة علمانية حداثية معروفة بين الأمم
بموجب الدستور والقانون في تونس كان الإختلاط عاديّا وتكون ذروته بين سكّان الحضر وشعب تونس متفتح على العالم فهو شعب أغلبه تغريبي وهو جزء من البحر الأبيض المتوسط لكن ميزة جيلنا على الأقل كانت علاقاتنا تسودها الأخوّة المتينة العميقة كأخ وأخت من أمّ وأب نخشى عليهن نحميهن وكانت الصداقات الجميلة البريئة بعضها إنتهى بحب وزواج كرمز للوفاء وتبقى بعض الإستثناءات ولكن الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه
*****
قلت لا بأس لا مانع لدي فقط مساحة زمن أعود فيها للبيت ثم نلتقي في محطّة سيّارات الأجرة
يتبع بمشيئة الرحمن
المفضلات