صوتُها! (د. عمر قزيحه)

من عالم بعيدٍ بعيدِ
يتردَّدُ صوتُهَا الحاني
بآلامِ روحها تسألُنِي:
أتبكي يا أبي؟
كم كنتَ أمامَنَا عظيمًا في مجابهةِ الحياةِ الغادرةِ!
فما الذي حدث؟
وكيفَ تغيَّرَ الحالُ بِكَ يا قلبًا مَنَحَنِي الحبَّ فَمَنَحْتُهُ موتِي وتركْتُهُ وحدَهُ!
قد ذهبَتْ روحِي من جسدِي يا أبِي...
ثمَّ ذهبَ جسدِي أشلاءً تَتَبَعْثَرُ تَحتَ شواهِدِ القُبُورِ!
غَيرَ أنِّي قَدْ تركْتُ لكَ من روحِي ألوانًا متلوِّنةً بمشاعرِ أطيافِ الوجدانِ
إذ تحلِّقُ في سحائِبِ السَّماءِ!
خُذْ يا أبًا يبكِي طفلةً غابَتْ مِنْ دنياهُ بقايا روحِهَا
واحضُنْهَا إلى قلبِكَ فإنَّ في ذلكَ لقلبِكَ سلوىً ولوجدانِكَ بَلْسَمَا!
***************
ويصمتُ عنِ الكلامِ نُطْقِي ويتغاضَى عنِ التَّعليلِ مَنْطِقي!
يا طفلَتِي إنَّ روحَكِ تُكَلِّمُنِي، وسَتُجِيْبُهَا مِنْ أعماقِ الجراحِ روحِي!
أَتَظُنِّينَ أنَّكِ (فتاةٌ) فَحسبُ، أَتَتْ إلى الدُّنيا وتَرَكَتْهَا؟
أنتِ (ابنَتِي)، نَبَضَ قلبِي إذْ يَنْتَظِرُكِ ولَمَّا تَزَالِينَ في عالَمِ العَدَمِ!
أنتِ (ابنَتِي)، نَبْضُ قلبِي تَفَجَّرَّ حبًّا لكِ إذْ يَسمعُ صَوتَ صُراخِ اعتراضَاتكِ لِمُغادرَتِكِ الحِصْنَ الأمِينِ!
أنتِ (ابنَتِي)، أنتِ روحٌ تَحيَا بِهَا رُوحِي، فَكيفَ لِي ألَّا أبْكِي وأنَا أُوارِيْكِ تَحتَ التُّرابَ؟
كَيفَ لا أبكِي يا فتاةً أرَاهَا كلَّ يومٍ أمَامَ عينِي، وأعْجزُ عنْ لمسِ يدِهَا وتقبيلِهَا؟
لا تَستَغرِبِي أنَّ روحِي تَبْكِيكِ فَتَسِيلُ دموعُ عينِي أنهارًا حاميةً تَلتَهِبُ باسمِكِ!
لكنِ اسْألِي وتَعجَّبِي لماذا لمْ ألحَقْ بِكِ بَعْدُ؟ فَقَلبِي يَحيَا وقَدْ فَقَدَ نَبْضَهُ ومغزى وُجُودِهِ...
يا ابنَتِي...
يا حَبِيْبَتِي!


في 19 شباط/فبراير - 2020م: الساعة: 11:07 ليلًا
والخاطرة بكلِّ مضامينها من عالم الخيال فحسب