لم؟ (تمهيد)

ترى، أكانَتِ ابتسامَتُها ابتسامةَ سعادةٍ، أو أنَّها بَسْمَةُ غيظٍ وأسى؟
اليومَ ارتَدتْ لباسَ التخرُّجِ، وكانَتْ بِهِ فِرِحَةً مزهوَّةً بنفسِهَا كأنَّمَا حقَّقَتْ إنجازًا فذًّا!
ولكنَّ لمحةَ الأسى نَغَّصَتْ عليها، إذ لم تَجِدْ مِنْ حولِهَا أبًا لها أو أمًّا!
كانَتْ نفسُها تَميلُ إلى أن تعانِقَ والدَهَا الذي أنفقَ ما أنفَقَهُ من دماءِ قلبِهِ لأجلِ تعليمِهَا...
واشتعلَتْ نفسُهَا غيرةً من زميلاتِهَا، كلُّ واحدةٍ منهنَّ تحقَّقَ لها ما تحبُّ وتهوى...
وعادَتِ الفتاةُ إلى بيتِهَا تَدُقُّ البابَ بِدَقَّاتٍ ملهوفةٍ، لكنَّ أحدًا لم يَسْتَجِبْ لها...
فَتَحَتِ البابَ مغتاظةً، أبوها وأمُّها لَيْسَا هنا، وكانَتْ تأملُ في أن يُباركَا لها فَرحةً كبرى بِتَخَرُّجِهَا...
ولكنْ، لا! إنَّهُمَا هنا! على بلاطِ المطبخِ يَسْتَلْقِيَانِ، يَحْتَضِنَانِ بَعضَهُمَا بِشِدَّة...
ترى، ما حصل؟ كانا لا يَكادَانِ يتكلَّمَانِ معًا إلا نادرًا، وبكلماتٍ جَافِيَةٍ جَوفاءَ...
فَمَتَى أحَبَّا بعضَهُمَا؟
ولكنْ، لا! لا لا وألفُ لا! الأيدي مَتَجَمِّدَةٌ، والعيونُ شاخصةٌ...
هذا لَيْسَ احتضانَ المحبَّةِ، بلِ احتضانُ الموتِ!
أبُوهَا جثَّةٌ هامدةٌ، وكذلك أمُّهَا!
وقريبًا منهما كوبٌ منَ العصيرِ...
تَكادُ محتوياتُهُ تَنْفَد!


(عمر قزيحه – في 3-7-2020م – الساعة: 1:42 ليلًا)

يتبع في
سمُّ الوداد