أمّا قبلُ،،،

”أنا الجُرح والسِكّين
أنا الضَحيّة والجَلاّد
أنا عدُوّ نَفسي“*
شارل بودلير

أمّا بعدُ،،،

قَديمًا، قال لي أحد الصعاليك الظُرفاء غير أنّه كان ينطقُ لآلئ الحِكم قال لي : ياصاح!عليكَ أن تتعاطى الخَمرة لتجتثّ هذا الخجل الذي يسكُنُكَ فالضَّرورات تُبيحُ المَحضُورات وإلاّ،،،ستنحبُ مأساتك يوماً ما ولات حين مناص و ستذكرني ثق بذلك،لكنّي لم أرعه سمعي!!
****


5 سنتيمترات في الثانية
(1)


هُناك،،، في أقصى الغرب على مرمى حجر من الجزيرة الخضراء ومن على شرفات نافذة لازورديّة تقبع في مزهريّتها الناصعة البياض وردةٌ تتقلّب في لونها تَارَةً حَمراء وطَوْرًا زَهّرِيّة، مررتُ من بعيدٍ،،،بعيدٍ أرمقها وقلبي يخفق مبتهجًا،ناديتها بصوتٍ خافتٍ على استحياء : أيتها الوردة الجميلة! خجلي الشديد يمنعني بَوْحِي لك بمكنون الفؤاد فأعذريني
بيني وبينكِ ألف وألف مِيل أسعى بعزم الحاجب المنصور سيرها حافي القدمين لأنحني أمامكِ بِكَمَانِي الكَسْتَنائِيّ وأعزف لكِ مقطوعة”الفصول الأربعة“**
أيا رحيقًا طَيَّبَ نَفسي السَجينة بِنفْحِهِ لاتبرحي صَرْحَكِ النديّ فالذنب ليس ذنبي
هو القدرُ ياوردتي الرقيقة لا إعتراض عليه ، لكني أجهد نفسي للقاء ما استطعتُ سبيلاً
أتُراني أسبقٌ الريح المُرسلة وأخترقُ الزمان والمكان ؟
أم سيأتي من يسرقكِ منّي؟
أجيبي ياوردتي الزهيّة!
هل يصلك صوتي المُرتجف؟
بحق الله أجيبي
ياوردتي الزكيّة! أتعلمين؟
أعيشُ بين الخَوفِ والرجاء أمّا الخوفُ فمِمّن سَيسبِقني و يصلُ إليكِ ويقطفكِ قَبلي
الطرق وعرة متعرّجة في ثناياها أودية وشعاب وهضاب وجبال أمّا الرجاء فبِفُسحَة الأمل حين أنشَدتني بعبق رحيقكِ :
يا قلب!لا تقنع بشوك اليأس من بين الزهور
فوراء أوجاع الحياة عذوبةُ اï»·مل الجسور***
ماذا لو استمعتي من علياءِك لإعترفاتي المرتجفة؟
ماذا لو كنتُ صَدَعْتُ بعواطفي دون وجلٍ رغم صوتي الضعيف البريء براءة صوت الأطفال؟
أيّ حمقٌ لِي؟
أيّ جُبن لِي؟
عنادي،!كبريائي،! أنصفاني، أسعفاني
وأنت أيّها القدر تمهّل أرجوك لستُ مُذنِبا لستُ مجرمًا
الأيّام تمضي كالبرق توتّر،أمل،ثم خوف ثم خيبة أمل
رغم تكبّد الصعاب أجد نفسي متوقّفا في نقطة الصفر وي كأني لم أتحرّك فرسخًا
وفي الأثناء ،،،، يأتي من يقطفُ وردتي الحَيِيّة في غفلةٍ من الزمن

كم هو مؤلم أن نكتم مشاعرنا خوفًا أن نمسّ من كبريائنا فنتوارى من وراء حجاب كي لا نُكتشف وتفضحنا أحاسيسنا النبيلة
نتصنّعُ اللامُبالاة
نتجمّد أكثر من التجمّد
نقتل أنفسنا بداعي الخجل
و في النهاية نعضُّ أناملنا كمدًا

أمّا وقد إنتهى كل شيء ... الآن فقط أعترفٌ لكِ يا قطر الندى: لقد أحببتُكِ بصدق

ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا،،، حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا****
****
(1) عنوان لفيلم آنيمي لماكوتو شينكاي
( فُسِّرت في بداية الفلم كسرعة تساقط أزهار الكَرَز )

* الفصول الأربعة مجموعة من أربعة كونشرتو كمان من تأليف أنطونيو فيفالدي
**من المجموعة الشعريّة أزهار الشرّ للشاعر الفرنسي شارل بودلير
*** من ديوان أغاني الحياة لأبي القاسم الشابِّي
**** من قصيدة أضحى التنائي للشاعر الأندلسي إبن زيدون