أين كيانك يا عباس؟ (في صميم الألم)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 10 من 10

العرض المتطور

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: أين كيانك يا عباس؟ (في صميم الألم)

    بدأْتُ معَ الولد برائز حكايا لويزا داس، ساعدَتني زميلة لي في دار المعلِّمين، لأنَّ الحكايا للأطفال قد تجيدها النِّساء أكثر منَّا، بالأخصِّ أنَّ زميلتنا أمٌّ لها أطفال (رحمها الله، توفِّيَت منذ سنوات وهي تلد)، لن أذكر إجابات عبَّاس كلَّها بعد هذه السَّنوات الطِّوال، ما لم أجد نسخة من البحث الذي أجريُتُه آنذاك، لكنِّي أذكر بعضًا منها، ولمزيد من الإفادة سأعرض الحكايات كلَّها هنا، وهي مخصَّصة في المعتاد للأطفال، ما بين سنِّ السَّادسة والعاشرة:
    1-حكاية العصفور: بابا العصفور وماما العصفورة وابنهما العصفور الصَّغير، ينامون في عشِّهم على أحد غصون الأشجار، لكن ها هو الهواء قد هبَّ، فوقع العشُّ على الأرض، استيقظ العصافير، وطار البابا بسرعة إلى شجرة، والماما إلى شجرة، إلى أين يطير العصفور؟ (إجابة عبَّاس: يبقى مكانه أو يموت).
    2-حكاية عيد الزَّواج: اليوم عيد زواج البابا والماما، إنَّهما يحبَّان بعضهما البعض كثيرًا، وأقاما حفلة جميلة جدًّا، خلال الحفلة قام ابنهما وخرج وحده إلى الحديقة، لماذا؟
    (إجابة عبَّاس: لأنَّه حزين).
    3-حكاية الحمل: حمل يرعى في الحقل مع الماما-النَّعجة، ويلعب قربها، وفي المساء تعطيه الحليب السَّاخن الذي يحبُّه كثيرًا، ولكنَّه أصبح يأكل العشب الآن، وذات يوم طلبَت منه الماما أن يأكل العشب الطَّريَّ بسبب وجود حمل آخر صغير تريد أن ترضعه، فماذا يفعل؟
    (إجابة عبَّاس: يأكل ويسكت).
    4-قصَّة الدَّفن: موكب دفن يَمُرُّ في الشَّارع، والنَّاس يتساءلون: من الذي مات؟ فيجيب أحدهم أنَّه واحد من العائلة التي تقيم في هذا البيت، فمن هو؟
    (إجابة عبَّاس: أبوه)!
    5-حكاية الخوف: هناك طفل يقول بهدوء: آه، إنِّي خائف، ممَّ يخاف هذا الطِّفل؟
    6-حكاية الفيل: طفل يملك فيلًا صغيرًا، يحبُّه كثيرًا، الفيل جميل جدًّا، وله خرطوم طويل. ذات يوم عاد الطِّفل من نزهة، ودخل إلى غرفته، فوجد أنَّ الفيل قد تغيَّر، ما الذي تغيَّر فيه؟
    (إجابة عبَّاس: طالت أذناه).
    7-حكاية الشَّيء المصنوع: طفل صنع من عجينة كان يملكها شيئًا جميلًا جدًّا جدًّا، وكان الولد فخورًا بما صنع ووجده جميلًا جدًّا، إذا طلبَت منه أمُّه أن يعطيَها هذا الشَّيء الجميل، فهل يفعل؟ (ويجب التَّأكيد هنا للطِّفل الذي يخضع لهذا الرَّائز، بأنَّ الطِّفل حرٌّ تمامًا في اختياره، ويستطيع أن يقول نعم كما يستطيع أن يقول لا).
    (إجابة عبَّاس: نعم).
    8-حكاية النُّزهة مع الأمِّ: قام طفل بنزهة جميلة جدًّا مع أمِّه وحدهما، لقد فرحا كثيرًا معًا، عندما عادا إلى البيت رأى الصَّبيُّ أنَّ وجه أبيه قد تغيَّر، لماذا؟
    9-حكاية الخبر الجديد: عاد طفل من المدرسة، فقالت له أمُّه: لا تبدأ بالقيام بدروسك وفروضك تعال، أريد أن أخبرك خبرًا جديدًا، ماذا ستخبره أمُّه؟
    10-حكاية الحلم المزعج: استيقظ طفل من النَّوم وهو يشعر بالتَّعب، ثمَّ قال: يا للحلم المزعج الذي حلمْتُ به، فما هو هذا الحلم؟
    لن أستفيض في تحليل إجابات عبَّاس، يبدو أنَّها واضحة تمامًا، مثلًا حكاية العصفور، عبَّاس ولو كان يحبُّ أمَّه حبًّا كبيرًا، لكنه يفقد الانتماء تمامًا إليها وإلى والده، وحكاية الدَّفن تُبيِّن لنا كم يكره والده من أعماق قلبه، لكنْ من البديهيِّ أنَّنا لا نخرج باستنتاج متكامل من إجابة الولد عن حكاية واحدة، بل لا نخرج باستنتاج متكامل من إجابات الولد عن الحكايا كلِّها، بدون الرَّوائز الأخرى كرائز الرَّسم الذي يهدف إلى تحديد ملكة التَّركيز والذَّكاء عنده، ورائز السُّؤال الميدانيِّ المباشر، ولو أتيحَتِ الفرصة أكثر لنا لوسَّعنا دائرة البحث في العمل الميدانيِّ بزيارة منزل عبَّاس، لكنْ كان ذلك مستحيلًا لأنَّ والده يذهب من الصَّباح ليسترزق كسائق باصٍّ، ولا يعود إلَّا مساءً، وبيئتهم لا تتقبَّل دخول الرِّجال البيوت ما لم يكنِ فيها رجال، وهذا أمر نحترمه ونقدِّره، لكن، يكفينا بفضل الله تعالى، في تلك الحصَّة الفريدة في صفِّ الابتدائيِّ الثَّالث، وفي حصَّة تلك المعلِّمة الجزَّارة نفسها...
    عدد من رفاقي كانوا في المشاهدة الصَّفِّيَّة يتابعون تلك الحصَّة، ضمن مادَّة المشاهدات الصَّفِّيَّة، ويسجِّلون ملاحظاتهم وملحوظاتهم...
    طرحَتِ المعلِّمة سؤالًا صعبًا جدًّا، نظر الأطفال إلى بعضهم في حيرة تامَّة والتزموا الصَّمت...
    أمَّا عبَّاس فرفع يده، ظنَّتِ المعلِّمة أنَّه يريد أن يخرج إلى الحمَّام، سألتْهُ: نعم يا عبَّاس؟
    وإذ بعبَّاس، ينفض عن روحه غبار الأيَّام وينهض من تحت صخور الذِّكريات التي أثقلَت كيانه سنوات، ويجيب إجابة صحيحة تمامًا، بلغة فصيحة سليمة، بلا أدنى خطأ...
    نظر الجميع إليه في ذهول، الجميع بلا استثناء...
    المعلِّمة، ورفاقه التَّلاميذ، ورفاقي أنفسهم...
    ساد في الصَّفِّ صمت رهيب، ثمَّ تكلَّمَتِ المعلِّمة بغتة، وكان صوتها مرتفعًا بنبرة حماسيَّة...
    هل يا تراها شجَّعَت عبَّاس على إجابته الصَّحيحة ورحَّبَت به طالبًا جديدًا مُجدًّا؟
    أو أنَّها ارتكَبَت في حقِّه جريمة إنسانيَّة وتربويَّة جديدة تضاف إلى سجلِّ جرائمها القذرة؟
    لقد عاد عبَّاس إلى الحياة أخيرًا بما بدا أشبه بالمعجزة للجميع، فهل يستمرُّ في ذلك؟
    أو أنَّ هذه الجزَّارة ستعيد القضاء عليه من جديد، وإلى الأبد؟

    ملحوظة: أعتقد أنَّ النِّهاية واضحة، لقد انتفضَت المعلِّمة في غضب شديد، وصرخَت في وجه عبَّاس: "أنت سدّ بوزك"، ولقد أثار هذا استنكار الجميع، عبَّاس دمعت عيناه، لكن سرعان ما مسح دموعه، وعاد إلى حالة السُّكون التَّام، فهل أحكم على بحثي وجهدي في تشخيص حالته وعلاجها بالنَّجاح أو بالفشل؟ صراحة لا أدري، الحكم لكم...

  2. #2

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,621
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Actions Go Next View Icon رد: أين كيانك يا عباس؟ (في صميم الألم)

    لا عاد وسكتوا لها؟!!
    أليس فيهم من يستطيع أن يوقفها عند حدها؟!!
    حقارة ودناءة ما رأيت مثلها ربما أبدا!!
    حسبي الله ونعم الوكيل!
    ربي يعوضه خيرًا ويجبر خاطره
    ويأخذ حقه ممن أذاه!!
    وينسيه ما مر به!
    الأب لا تعليق!
    شخصية مستفزة
    صبرنا ربي على من نلاقي!
    وزاد إيماننا وأغنانا عن الناس!
    نجحت لكن بعض الناس لا نسلم من شرهم وأذاهم وسوء أفعالهم!
    ملاحظة:
    ليس هناك إلا عيدين،

    بوركت يارب
    جمال وسرد ممتع!
    زدت فضلًا وقدرا!
    في حفظ المولى،،
    ~

  3. #3


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: أين كيانك يا عباس؟ (في صميم الألم)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    لا عاد وسكتوا لها؟!!
    أليس فيهم من يستطيع أن يوقفها عند حدها؟!!
    حقارة ودناءة ما رأيت مثلها ربما أبدا!!
    حسبي الله ونعم الوكيل!
    ربي يعوضه خيرًا ويجبر خاطره
    ويأخذ حقه ممن أذاه!!
    وينسيه ما مر به!
    الأب لا تعليق!
    شخصية مستفزة
    صبرنا ربي على من نلاقي!
    وزاد إيماننا وأغنانا عن الناس!
    نجحت لكن بعض الناس لا نسلم من شرهم وأذاهم وسوء أفعالهم!
    ملاحظة:
    ليس هناك إلا عيدين،

    بوركت يارب
    جمال وسرد ممتع!
    زدت فضلًا وقدرا!
    في حفظ المولى،،
    ~

    للأسف، سكتوا لها...
    وتصرفاتها هذه ندعو الله بأن تنال جزاءها في نفسها وأولادها...
    أما عباس فندعو بأن يكون شابًا ملتزمًا واعيًا، لم يعد طفلًا بعد مضيِّ 22 سنة على هذه الذكرى، لكن فعليًا من وقتها لم أره ولا أعلم شيئًا عنه...
    أما هذا الأب، فلم أر مثيلًا له من قبل، وسلم صديقي الذي لم يقصر فيه بالصراخ والعتاب...
    بارك الله بكم ولكم...

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...