إنها تدق الثانية عشرة ..منتصف النهار , كان لؤي يشاهد التلفاز
مع جدته ..فالكل رحل ولم يتبق سواها ..بعد قليل بدأ الهاتف
بالرنين ..رفع لؤي السماعة..
- مرحبا ..هل أنت لؤي شاكر؟؟
- نعم معك..
- سيدي عليك الحضور يوم الثلاثاء من الأسبوع القادم إلى الكلية
لا تنسى..
أغلق السماعة وهتف عاليا ..جدتي سأذهب الأسبوع القادم..
ارتسمت ابتسامة مترهلة على وجهها وقالت: مبارك حفيدي..
مع هروب سواد ذلك الليل ومجيء الفجر.. حزم ذلك الفتى حقائبه..لقد خطر في
باله أمر لم يفكر به قبلا فهو لم يخبر أهله ..ولا يعرفون شيئا ..ومضى
يتمتم مع نفسه ويقول: عليّ إلا أقلق لهذا مادمت الجدة هنا ..لا بأس
سأسرع الآن ..
عند بوابة المنزل ودع جدته محدثا إياها : سأعود قريبا ..أخبريهم بما
حصل ..إذا هاتفوك جدتي..وأكمل بشيء من الاستياء: وأظنهم لن يفعلوا
- بني لا تكن متشائما ..الآن امض في أمان الله
- كوني قوية
- ما هذا؟!.. أنت تقول لي ذلك ألا تراني قوية ..
,أمسكت بذراعه مداعبة إياه
قال: ااعلم العم..كنت أمرح فقط..أتمنى أن أراك قريبا..
*******
نزل لؤي من أعلى الدرج مسرعا كي يلحق بمحاضرته..مرت
عدة أسابيع على اتصال والديه ..ولم تبلغه جدته أية اتصالات
جديدة..
بعد خروجه من تلك القاعة المكتظة, ذهب كي يهاتف جدته كعادته
وما إن اطمأنت على حاله..
قالت له : بني ..أشعر أنني أدنو من نومي الطويل
- ماذا .. هل أصابك شيء ما..
- كلا... أحس بالوهن والضعف هذه الأيام ..لم تعد بي
طاقة..الخادمة التي تعمل هنا تأتي في فترات عملها
ثم تغادر .. تؤنسني ابنة جارنا أحيانا ..إنها فتاة طيبة..
أشعر بالوحدة والضعف
- جدتي ..ماالذي تتفوهين به! على أية حال سآتي إليك
في نهاية هذا الأسبوع..كوني صبورة أرجوك
وأغلق تلك الأداة الصغيرة ..وهو يفكر بها ..
هل أذهب إليها ..ولكن قد تطلب مني البقاء فماذا سأفعل؟؟
أخذت الأفكار تتضارب في رأسه ..كما الصغار يتخاطفون لعبة صغيرة
من بين أيديهم ..
قال: سأذهب إليها ..وسأرى الأمر فيما بعد..
*******
حزم لؤي حقائبه, وبينما يسير في الشارع.. وينظر هنا وهناك
تواجهت نظرات عينيه مع عيني شخص داخل سيارة
تسير بجانبه ..توقف وهو لا يصدق ما يراه..أوقف ذلك الشخص السيارة
ونزل منها مناديا باسمه لدى رؤيته
فتح لؤي فمه مندهشا وقال: صديقي وائل.. ياللمصادفة
وأرع لاثنان يتعانقان فلم ير أحد منهما الأخر منذ زمن..
ركبا السيارة وبينما كانت تسير ..قال وائل وهو في غاية السرور
- لم أرك منذ شهور ..
- صحيح قلّي الآن ..ما الذي أتى بك؟
- حسن ُ ..أنه أمر سيسرك كثيرا ..لقد نقلت مع أسرتي
حديثا إلى هذه المدينة ,,قررت أن أكمل دراستي الجامعية من هنا
ويا للمصادفة الرائعة..كانت كليتك هي عينها التي سجلت فيها
قرأت اسمك من بين لائحة الطلاب..الم يكن حلمنا علوم الفضاء
منذ صغرنا ..
أجاب لؤي بابتسامة عريضة : بلى..
أكمل وائل مستغربا: لقد تغيرت كثيرا ..لؤي ..ملامح وجهك باهته وشاحبة
جسدك هزيل أيضا ..ما الخطب..
- لا شيء ..مهم
- حسنا قلّي..ما أخبار دراستك ..آه صحيح هل رجعت أسرتك بالسلامة..
- ليس الآن الوقت المناسب للحديث عن هذا.. تعال لنتناول الشاي
معا..ثم..ثم سأغادر..لكم أكره أن أقول هذا..
- تغادر ..إلى أين؟!
- الحقيقة ..علي أن أعود إلى جدتي حاليا خلال الإجازة..قد أمكث
معها طويلا..
وبينما كانا يشربان الشاي كان لؤي يثرثر بأشياء ليصرف انتباه وائل ٍ عن سؤاله
لكن وائلا لم يكترث بثرثرته المزعومة وقاطعه قائلا: أخبرني الآن ..كيف
حال جدتك..الم يعد أبواك وأختك ؟
نظر لؤي إلى ساعته متجاهلا صديقه وقال: كل شيء على مايرام..
- ماذا تقصد..أهنالك ما تخفيه عني!!
- علي المغادرة الآن ..أراك قريبا..
- انتظر..
- لا استطيع سأتأخر أكثر إن انتظرت ..
وودعه راكضا وهو يلوح بيديه قائلا: ستعرف كل شيء قريبا..أنا آسف ..
أما وائل فقد أكله الاستغراب من تصرفات لؤي الغريبة ..وراح يتمتم بكلمات
تعجب منه صاحب المقهى..
*******
حسنا جدتي ..عليك أن تتناولي هذه الأدوية كما قال لكِ الطبيب وستساعدك نادية..
- أنا آسفة يا بني ..لقد أتعبتك معي كثيرا..
- ما الآمر ..هل نسيت انك جدتي أم ماذا..
ضحكت الجدة وهي تقول له: أنت حفيد حقا..
رن جرس المنزل ..فقال لؤي: لطفا نادية هلا فتحت الباب..
- حاضر سيدي..
وأسرعت نادية بينما كانت الجدة تتحدث مع لؤي الذي لم يمض على
قدومه سوى يومين..
أسرعت الخادمة وهي تهتف بأعلى صوتها سيد لؤي..سيد لؤي
انتبه لؤي الى صوتها فقالت الجدة: ماالامر ياترى ..كأن شخصا ما يناديك
(كان سمعها ثقيلا بعض الشيء)
- انتظريني قليلا..
المفضلات