بشار بن برد
أدرك الدولتين: الأموية والعباسية، وهو من الموالي.
وكان جده في سبي المهلب بن أبي صفرة، فقدمه إلى زوجته "خيرة" القشيرية فوصل إلى ضيعتها بالبصرة ومعه ابنه برد. ولما بلغ بُرد مبلغ الشباب تزوج امرأة من بني عقيل، فولدت بشارا وإخوة له, وقيل إن أم بشار جارية من سبي الروم.
ولد بشار بالبصرة فاقد الإبصار ( لا يبصر)، وكان منذ صباه المبكر ميالا إلى هجاء الناس، وهجا جريرا طمعا في نباهة الذكر، فأهمله، ولم يجبه.
واختلط في البصرة بالعلماء والمتكلمين، وتردد على الحلقات والندوات، وحصّل علما غريزا؛ غير أنه كان مستهترا ميالا إلى الفسوق، ونتيجة تقلب الظروف ببشار، بدل معاشرة العلماء بغيرهم في مجالس الشعر واللهو، وسخر شعره للغزل المكشوف والهجاء، كما كان الشعر وسيلته للتكسب والتعيش.
مدح بشار "مروان بن محمد"، و"قيس عيلان"، وبعض أمراء الأمويين وولاتهم، كما مدح بعض الخلفاء العباسيين، لكنه لم يثبت على ولاء لقوم أو دولة أو سلطان، وكان المجون أغلب عليه، وتأذى الناس بهجائه وتحاشاه العلماء.
كان أول الشعراء المحدثين، رصين العبارة، فخم الألفاظ، يجمع في شعره بين مقومات الشعر التقليدية وبين أوائل معطيات الشعر المحدث وخصائصه. ساعده في ذلك ذكاؤه الحاد وسرعة بديهته، وحفظه لأشعار المتقدمين ورجزهم وخطبهم. وقد كانت وفاة بشار قتلا بتهمة الزندقة بعد أن أغرى يعقوب بن داود به الخليفة المهدي لأنه هجا يعقوب وفضحه، وقد أعان بشار على نفسه بسوء سلوكه وسوء معتقده.
ومن شعره قصيدة في المشورة منها :
إذا بلغَ الرأيُ النصيحة فاستعــــــنْ
بعزم نصيــح، أو بتأييـــد حــــــازم ِ
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة
مكـــان الخوافــي نــافـــع للقــــوادم ِ
ولقد أحسن إليه الوليد بن عبد الملك فما سبب قتله ؟؟؟؟
كان هذا الشاعر ممن يتهورون في شعرهم وبالذات الغزلي فقد تغزل بزوجة الوليد بن عبد الملك
فقال فيها - لما سافرت - :
صدع البين والتفرق قلبي * وتولت أم البنين بلبي
ثوت النفس في الحمول لديها * وتولى بالجسم مني صحبي
ولقد قلت والمدامع تجري * بدموع كأنها فيض غرب
جزعاً للفراق يوم تولت * حسبي الله ذو المعارج حسبي
وقال - لما مرضت - :
حتام نكتم حزننا حتاما * وعلام نستبقي الدموع علاما
إن الذي بي قد تفاقم واعتلى * ونما وزاد وأورث الأسقاما
قد أصبحت أم البنين مريضة * نخشى ونشفق أن يكون حماما
يا رب أمتعني بطول بقائها * واجبر بها الأرمال و الأيتاما
واجبر بها الرجل الغريب بأرضها * قد فارق الأخوال و الأعماما
بجناب ظاهرة الثنا محمودةٍ * لا يستطاع كلامها إعظاما
فلما سمع الوليد ذلك عزم على قتله فأمر بأن يؤخذ ويوضع في صندوق ويدفن حيا وقد اختلفت الروايات والله أعلم .
المفضلات