السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ولا عدوان إلا على الظالمين، فأما بعد:
فنحيي الإخوة والأخوات الطيبين والطيبات ، الغيورين على إخوانهم ، المخلصين المحبين للخير بصدق وإخلاص لا ادعاءا وتنميقا وزورا كما يفعل الخبثاء والمرائين وأبى الله إلا أن يُنطقهم بما في قلوبهم " والله مُخرج ما كنتم تكتمون"
فالخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات
أيها الجبناء سنعمم وإن خصص الحاقدون
وما غربة الإنسان من شقة النوى---ولكنها في الدين والخلق والبِر
إلى الله أشكو غربة الدين والهُدى---وطغيان أهل النفاق والفسق والغدر
أيها الحاقدون سنعمم وإن خصص ذوي الوجهين
لم أكن يوما مخطئا عندما قلت في نفسي أخاطبها ، إحذر فلانا وفلانا وفلانا ، فرائحة الحقد والتمييع ونشر الباطل تفوح في كلامهم مهما زينوا خطابهم بأعذب الألفاظ ومهما زينوها بالإبتسام المصطنع ، ومهما فنحن على علم بحقيقتهم أتم المعرفة ولو شئنا لفضحناهم ، ولكننا لا نفعل إلا عند الضررورة القصوى.
إذا رأيت نيوب الضبع بارزة---لا تظنن أن الضبع يبتسم
نعم إياكم أن تغركم إبتسامة الضباع إن رايتم نيوبها بارزة ، فإنها ما أرادت بذلك وجه الله ولم ترده يوما قط، بل أرادت منصبا ، وأرادت محمدة الناس ، وأرادت التملق ، فلم تحصل على أي منها ، وانقلب السحر على الساحر وباتوا معروفون للكثير .
أيها الجبناء سنعمم وإن خصص الحاقدون
عيناك قد دلتا عيني على أشياء---لولاهما ما كنت أدريها
والنفس تعرف في كلام محدثها---إن كان من ضربها أو من أعاديها
نعم فإن القلب دليل ، والكلام دليل ، والبعرة تدل على البعير والسير يدل على المسير، وكلام الخبثاء يدل على الخبث والمكر مهما زخرفوه وزوقوه ونمرقوه بأحدث النمرقات .
لا يستوي عاقل كلا وذو سفه---لا والذي علم الإنسان بالقلم
يجتمع الشياطين في مجالس المنكر والجهر بالمعصية لينفسوا عن أحقادهم التي مرت عليها شهور وشهور ولكن القلب الحاقد المريض سيبقى كذلك دائما مريض يحترق في كل يوم ويزداد .
أيها المغتابون ، سنعمم وإن خصص الحاقدون
فلتأكلوا لحم حمار يوم ، " وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها وكفى بنا حاسبين"
القصاص القصاص هناك
كسيرٌ وعويلٌ وثالث ما فيه خير
إجتمعوا على المنكرات ، وسب الناس واغتيابهم، والإحداث في دين الله عز وجل ما لم ينزل به سلطانا ، وتمييع الإسلام، واتخاذ النفاق في الكلام دينا والإستفزاز شعارا ، والذل للعبيد من أجل المصالح شعارا ، والجبن عنوان
العز في كنف العزيز---ومن عبد العبيد أذله الله
هكذا هم ما قامت قائمتهم إلا من أجل الدفاع عن منكر شلتهم ونصرته بدل نصرة الحق ، ولو أخلصوا لكان الحق أحب إليهم
أعمى يقود بصيرا لا أبا لكمُ---قد ضل من كانت العميان تهديه
أيها المجرمون الفارغون ، سنُعمم وإن خصص الحاقدون
ماذا استفاد الحاقدون؟؟؟ماذا استفاد الحاسدون؟؟
ما استفادوا إلا النصب ، ما استفادوا إلا التعب ، وما استفادوا إلا السيئات، ووالله لن يردوا نعمة أنعمها الله على عبد أيا كان ، فلن تقدموا شيء ولن تأخروا، فالناس تمضي على ما عليه ، فلنمضي قدما جميعا ، وليتأخر الحاسدون وهم يحترقون .
ولله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله.
يا لسخافتهم ، والأعجب من ذلك من رضي بالمنكر معهم ، ويقهقه كذلك ، أنت والله مثلهم فقد جلست في مجلس المنكر وما أنكرت ولا انسحبت بل انسجمت، أنت معهم ، أنت مثلهم
إن النفاق لآفة فتاكة---إن أهملت أدت إلى الأسقام
وقضت على آمالها في أمة---راياتها في البحر كالأعلام
المنافقون ، ذلكم السوس الذي ينخر في جسد الأمة المسلمة منذ عهد النبوة إلى اليوم ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ما يريدون أن يتكلم داعية ولا كاتب ولا ناصح ، ما يريدون أن يُأمر بالمعروف، ولا ينهى عن فواحشهم التي يريدون إضفاء صبغة الشرعية عليها نفاقا وتمييعا، فقبحهم الله وأرداهم في الحافرة.
أيها الجبناء شرذمة الحاقدين ،سنعمم وإن خصص الحاقدون
لهم ألف وجه بعدما ضاع وجههم---فلم تدر فيها أي وجه تصدقه
يريدون بالحق باطلا، ولذلك ما ألقى الله لهم قبولا ، فالإخلاص سر القبول والنية الصادقة سر القبول، وهاهو يعلنها بنفسه وأنطقه الله على لسانه أنه ما وضع ذلك الشيء إلا لفلان استفزازا وحقدا واستدلالا على منهجه التمييعي بكلام في غير محله ولا يختلف عليه اثنان لكن أهواءهم تقول لهم خذوا فقط ما جاء على أهواءهنا واتركوا ما لم يوافق أهواءنا وإن كان من شرع الله، يكيلون بمكيالين ، وهكذا كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للحوارج: " إنه كلام حق أريد به باطل" ونحن نقول لهم إنه كلام حق أردتم به الباطل فما جعل الله لذلك قبولا والجزاء من جنس العمل .
ولو كان سهما لاتقيته---ولكنه سهم وثان وثالت
يُدير رحاها الف كسرى وقيصر---وألف مدير للمدير مديرُ
قد تقولون متسائلين من هؤلاء؟؟؟من هم؟؟ ما أسماؤهم؟؟ صفهم لنا؟؟ فأقول الجواب بكل بساطة وثقة : " ولتعرفنهم في لحن القول"سورة محمد
نعم ستعرفونهم في لحن القول ، فلحن قولهم يُظهر خبثهم مهما حاولوا تغطيته بالزخارف والتمويه، ولتعرفنهم في لحن قولهم .
لهم أشد على المؤمنين من اليهود والنصارى .
كل سيلقى الله بسريرته وعلانيته، وعندها يتبين من بكى ممن تباكى ، ومن ابتسم لله من غيره، ومن صدق من غيره، ومن أخلص من غيره ، وعند الله تجتمع الخصوم.
لا تغفلوا عن حاقد يقظان---يرقب نومكم كالوحش في الآجام
إن العصاة المعترفون بذنوبهم المقرون بها، المستجيبون للحق أينما كان دون تكبر عن الحق ودون تفلسف وتعقلن ضد الحق ، فهؤلاء هم أحب إلى الله من أولائك الشرذمة المتكبرون عن الحق المتفلسفون والمفتخرون بالمجاهرة بمعاصيهم وأشد الناس عذابا يوم القيامة المجاهرين.
اللهم إني أشهدك على محبة عبادك المستغفرين العاصين المقرون بذنوبهم ، وأشهدك على بغض المتكبرين الحاقدين المعرضين عن الحق وعن الدليل إن صادم أهواءهم .
ما زال فينا ألوف من بني سبأ---يؤذون أهل التقى بغيا وعدوانا
ما زال لابن سلول شيعة كثروا---أضحى النفاق لهم سمتا وعنوانا
أيها الجبناء ، سنُعمم وإن خصص الحاقدون
هذا هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم من باب ما بال أقوام ، والمنهج بتطبيقه لا بالإدعاء ومناقضة المرء كلامه في نفس كلامه ، والمحبة بالإتباع لا بالإبتداع والإدعاء
إن كلمة الحق سائرة لا تُخمد أبدا، فالحق أبلج والباطل زبد لجج.
فإذا ذقت من استهزاءهم وسبابهم في اجتماعات شيطانية ، وذقت من افتراءهم وأكاذيبهم، وذقت من جهلهم الكبير ، والإنسان عدو ما يجهل ، وإذا ادلهمت الخطوب ، وعز الصديق وقل الناصر وزمجر الباطل، وأهله، ودُعم الفساد وأهله وكُبت الحق وأهله ، ونطق الرُويبضة وهو السفيه يتكلم في أمور العامة ، وغدا القرد ليثا وأفلتت الغنم، فارفع يديك إلى من يقول : " ادعوني أستجب لكم"
أيها الجبناء ، سنُعمم وإن خصص الحاقدون
إذا سبني ندلٌ تزايدت رفعة---وما العيب إلا أن أكون مُساببه
ولو لم تكن نفسي علي عزيزة---لمكنتُها من كل ندل تحاربه
أيها الأندال، سنعمم وإن خصص الشاتمون
يعيبون الناس وهم المعيبون، ولو شئنا لعرضنا صفحات لشطحاتهم وأكاذيبهم وغدرهم ورجسهم وتلاعبهم ولفضحناهم شر الفضيحة ، نعم لاحتجنا لصفحات قد لا ننتهي منها إلا بشق الأنفس .
يا عائب الناس وهو معيبُ---اتق الله، أعراض المسلمين حفرة
أيها المغتابون ، سنعمم وإن خصص الحاقدون
وكم من عائب قولا صحيحا---وآفته من الفهم السقيم
وإن يك ذا فم مر مريض---يجد مرا به الماء الزلال
فإن عبت قوما بالذي فيك مثله---فكيف يعيب الناس من هو أعورُ
وإن عبت قوما بالذي ليس فيهمُ---فذلك عند الله والناس أكبرُ
لم يروا الجذع في أعينهم فحالهم كقول القائل:
إن يسمعوا سُبة طاروا بها فرحا مني---وما يسمعوا من صالح دفنوا
صم إذا سمعوا خيؤا ذُكرت به---وإن ذُكرت بسوء عندهم أذنوا
إن يعلموا الخير أخفوه وإن علموا---شرا أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا
كذب الجبناء، كذب الجبناء ، وقد ندمت يوما أن كلمت الجبناء ، فهؤلاء الشرذمة متشابهون في حقدهم متشابهون في مكرهم ، فالصاحب كصاحبه، وأن القرين بالقرين، وأن الناس أشكال كأشكال الطير، الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب ، والدجاج مع الدجاج ، والنسور مع النسور ، والصقور مع الصقور، والحمار مع الحمار، كل مع شكله ، والطيور على أشكالها تقع ، والخليل على دين خليله ، وقد ندمت يوما أني كلمت ذلك الشكل الخبيث .
ففروا من خليل السوء فراركم من الأسد ، فهو أجرب معد يقودك إلى جهنم إن أجبته قذفك فيها، وسيكون لك عدوا بين يدي الله الواحد الأحد، وهذا ما نراه أنهم إجتمعوا كلهم بسبب الخلة على منكرات الأمور والمدافعة عنها " الأخلاء يومئذ بعضهم على بعض عدو إلا المتقين"
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه---فكل قرين بالمقارن يقتدى
من جالس الجُرب يوما في أماكنها---لو كان ذا صحة يأمن الجرب
أنت في الناس تقاسُ---بالذي اخترت خليلا
نعم إسأل عن أقرانهم تجدهم عكفوا على سماع المحرمات ، واغتياب خلق الله، وعكفوا على سفاسف الأمور وعكفوا على تتبع العورات واستحلال بعض المحرمات ، فهم إذن مثلهم .
إن إرضاء الناس غاية لا تُدرك ، فارض الله وكفى.
فلست بناج من مقالة طاعن---ولو كنت في غار على جبل وعر
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما---ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر
" وإن تطع أكثر من في الأرض يُضلوك عن سبيل الله" سورة الأنعام
دعهم يعضوا عن صم الحصا---كمدا من مات من غيضه منهم له كفنُ
وصلى الله اللهم وسم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا
خربشة وبوح خاطر بقلم : عثمان بالقاسم
المفضلات