وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

باركك ربي تشيكو وجعل هذا الموضوع نورًا لك يوم القيامة وزادًا يوم لا زاد إلا صالح الأعمال

.......................××××××..................... ...

{
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } (التوبة:129)

يمتن الله تعالى على عباده المؤمنين بأنه قد بعث فيهم نبيًا من أنفسهم، يعرفون حاله ، ويتمكنون من الأخذ عنه

ولا يأنفون عن الانقياد له ، وهو صلى الله عليه وسلم في غاية النصح لهم ، والسعي في مصالحهم .


يشق عليه الأمر الذي يشق عليهم ويعنتهم .

يحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليهم ، ويحرص على هدايتهم إلى الإيمان


ويكره لهم الشر، ويسعى جهده في تنفيرهم عنه. شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم.



الآية في المجمل خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فيما يجب عليه قوله وفعله في حال إعراض من جاء

بدعوتهم عن الاهتداء بهديه، والانتفاع بما يدعوهم إليه، وإخبارهم بأن الله كافيه أمر توليهم وإعراضهم، وما يعقبه

من عداوتهم له، وصدهم عن سبيل الله، وقد بلغ الرسالة وما قصر، وأدى الأمانة وما فرط.


لكنها أيضًا خطاب خالد للمؤمن بالقول: لئن ودعتك الموجودات كلها، وانعدمت ومضت في طريق الفناء...

وإن فارقتك الأحياء، وجرت إلى طريق الموت...

وإن تركك الناس، وسكنوا المقابر...

وإن أعرض أهل الدنيا والغفلة والضلالة، ولم يصغوا إليك، وتردوا في الظلمات، فلا تبالِ بهم، ولا تغتم

بل قل: {حسبي الله} فهو الكافي، فإذ هو موجود، فكل شيء موجود...

وعلى هذا، فإن أولئك الراحلين لم يذهبوا إلى العدم، وإنما ينطلقون إلى عالم آخر لرب العرش العظيم

وسيرسل بدلاً منهم ما لا يعد ولا يحصى من جنوده المجندين...

وإن أولئك الذين سكنوا المقابر لم يفنوا أبداً، وإنما ينتقلون إلى عالم آخر

وسيبعث بدلاً منهم آخرين يعمرون الدنيا، ويشغلون ما خلا من وظائفها...

وهو القادر على أن يرسل من يطيعه، ويسلك الطريق المستقيم، بدلاً ممن وقعوا في الضلالة من الذاهبين.


فما دام الأمر هكذا، فهو الكفيل، وهو الوكيل، وهو البديل عن كل شيء

ولن تعوض جميع الأشياء عنه، ولن تكون بديلاً عن توجه واحد من توجهات لطفه لعباده ورحمته بهم

وإن الكائنات تتهادى جيئة وذهاباً في مسيرة كبرى؛ إنهاء لخدمات مستمرة، وقياماً بواجبات مجددة دائمة

عبر رحلة ذات حكمة، وجولة ذات عبرة، وسياحة ذات مهام، في ظل إدارة الحكيم الرحيم العادل القدير ذي الجلال

وضمن ربوبيته الجليلة البالغة، ورحمته الواسعة.