على سطحِ العمارة المهجورة .. عندما اجتمعت العقاربُ الثلاثُ في الساعة
معلنةً منتصف الليل ، كنا هناك ..
الرياحُ تتلاعب بشعرها ، و يتلاعبُ تلاعب الرياحُ بشعرها .. بشعوري !
X1 - العالم مخيف ..
كيف أمكنها أن تكسر الصمتَ و تقول هذه العبارة .. و هي .. هي ؟!
X2 - أنتِ اشد رعباً من كل العالم !
قالت بضجر ..
X1 - حقاً ؟
لم يكن ليحرك قلبها شيء ..
X2 - نعم ! ألا تدركين ذلك .. كم أشفق عليكِ ..
X1- هل أنا مخيفة ؟ كيف ذلك ؟
X2 - أووه يا عزيزتي .. إن قلبكِ أشد سواداً من ظلمة الليل بلا بدر !
X1 - أوه ؟ ..
و لم تدري أهو مديح .. أم ..
X2 - هل هناك ما يخيف أكثر ؟
X1 - هل ترين أن العالمَ يخافُني ؟
X2 - ألا يخافونكِ ؟ إنهم حتى لا يستطيعون لفظ اسمكِ الخالي من أي رحمة !
و كأني بها تشعر بتحسن !
X1- همم .. كلام سليم !
X1- عالمي يا صغيري .. مازلتُ على قيدِ الحياة فلا تفرح !
وجب تحذيرها ..
X2 - ولا تفرحي أنتِ .. لأن وقت نومك قد اقترب جداً ..
X2 - إنهم وراءك .. فلتحذري !
إنها تحادثني و تحدقُ في السماء .. أيّ لا مبالاة هذه ؟
X1 - من هم ؟
X1 - و كيف يلاحقوني و هم يخافوني ؟
و كأنها لا تعرف الإجابة مسبقاً !
X2 - و هل تظنين أن الخوف يمنع الدنيئين من ملاحقة العظماء !
X2 - يا عزيزتي .. إنكِ لا تفهمين! إنهم فقط يريدون أن يطعنوكِ من ظهركِ .. ويهابون مواجهتكِ ..
رأيتُ شيئاً من الشك في عينيها لأول مرة ..
X1- هل أنتِ صادقة/ متأكدة من كل حرف تقولينه ؟
X2 - أتشكين بكلامي؟ لم أعهد منكِ ذلك !
و شيئاً من الحزنِ و الحيرة لأولِ مرة !
X1- كلامكِ سيثبت في البالِ كما تعلمين .. لذا أطلب الصدق فقط
أشفقتُ عليها للحظة !
X2 - وهل رأيتِ مني غير الصدق يوماً ؟! إذاً أنتِ لم تعرفيني أبداً !
X1- كلا ..
X1- أعرفكِ و أعرفُ الجميع أكثر مما يعرفوا أنفسهم ..
هل عادت ثقتها بنفسها.. أم أنها لم تكن لتذهب أبداً ؟
X2 - جيد .. وهذا ما أردت سماعه منكِ .. لكنك .. لا زلت تجهلين عني شيئاً !
X1- ذلك السرّ ؟
X2 - نعم! ولهذا .. لا تكوني واثقة بذلك القدر !
X1- لن يغيرَ شيئاً .. فأنتِ أنتِ
كيف أمكنها أن تتكلم بهذه الثقة ؟
X2 - إذاً أخيراً عرفتِ سري !
X1- هل صرّحتُ بأني عرفته ؟
X2 - لا تعرفين!؟
X1- و هل قلتُ أني لا أعرفه ؟
X2 - أنتِ تتعبيني ..
تباً للمراوغة !
X1- الأسرارُ تُصنِّعُ البشر ... من أساليب تعامل البشر أستطيع الحُكم على الأسرار التي يكتمونها في أنفسهم، هي تحركهم ..
X1 - لكِ أن تتخيلي مرتكب الجريمة، كيف يمشي مضطرباً بين الناس ..
X1 - دون أن أعرف أنه ارتكب جريمة .. أعرف أنه يحملُ سراً يبعث القلق ، و لماذا يبعثُ القلق؟ لأنه خطأ ..
X1 - لأن الأسرار .. دوماً "الخوف" بالنسبةِ للبشر، خوفُ المجرمينَ أمام أعيُنهم، هو يحركهم، أجل .. X1- الخوفُ هو المتحكم بهذه البشرية !
X1 - و بحكمِ احتكاكي بك، أعرف أن السر الذي تكتمينه .. لن يغير بنظرتي لكِ شيئاً
X1 - فأنتِ تتصرفين بطبيعية ..
كيف أمكنها إلقاء كل هذا دفعةً واحدة بالتحديقِ إلى أعلى السماء ؟
إلى أي درجة يبلغ جنون هذه الروح ؟ مرعبة مرعبة !
أظنني قاطعتُها !
X2 - هل ستتمسكين برأيك بأن ذلك لن يغير شيئاً ؟
لم يضايقها أني قطعتُ حديثها ..
X1- قطعاً
X2 - لكن هذا لا ينطبق علي .. أعرف أنكِ تخفين عني شيئاً !
X1- شيئاً؟ مثل ماذا؟
X2 - لا أدري ..
X2 - لكنني على يقين أنك تخفين شيئاً .. ولن أرتاح حتى أعرفه
X2 - هل تقبلين قوله لي أنتِ .. أو أعرف ذلك بنفسي !
نظرةٌ ساخرة أنهت العزمَ بداخلي ..
X1- أرني قدرتك على كشفه بنفسك و لكِ احترامي كُله !
X2 - سأكشفه .. وبكل سهولة ! فقط انتظري حتى أقابل ذلك الشخص
لا أدري هل حقاً عنيتُ ذلك أم لا ..
X2 - أنتِ تثقين به كثيراً .. لكن في الأصل هو لا يستحق ثقتك !
X1- لا أذكرُ أني وثقتُ بأحد ؟
X2 - أوه يا عزيزتي , ها أنتِ تثبتين مرة أخرى .. أنكِ تستحقين الإعجاب !
X2 - حسناً .. ربما لم تثقي به في الأصل ! وربما لم تقولي له أيضاً .. لكن هو قام باكتشاف سرك بنفسه ؟!
X2 - ألن تمنعيني من مقابلته ؟
X1- لن تقابليه فهو ليس موجود في هذه الدنيا .. لأني أثق .. بأني لم أثق بأحد مسبقاً
بدت كأنها تتصنع وهي تقول ذلك , ومع هذا لن أخفي أني تفآجأت !
X2 - ولا أنا !؟
X1- عفواً من أنتِ ؟
X2 - هه .. لا عليكِ .. لا يجب أن تقسي على نفسك أكثر من هذا ..
X1- لستُ أقسو عليها فلا تقلقي
X2 - لا تقلقي .. حتى وإن عرفتُ ما تخفين عني .. فسأظل معكِ .. لأني أحبكِ أو لأن لي مصلحة في ذلك ؟ حتى أنا لا أدري
يبدو أنني أنا من قسوت عليها بهذه العبارة
X1- ربما يجتمع الأمرين ! ..فالكونُ هذا يجمعُ كل الأضداد
X1- من كان يتصور أن تجتمع النار و الماء في كرة أرضية واحدة ؟
X2 - وهل تظنين أن هذا يبرر فعلتكِ الشهر الماضي !!؟
أغلقت عينيها وأخذت نفس عميق ثم ردت فجأة:
X1- كنتُ أمضي الشهرَ الماضي في النوم .. متى قابلتك ؟
X2 - أوه يا عزيزتي .. لا يجب علينا أن ننسى أخطاءنا! بل أن نتعلم منها .. وهل تظنين أن ما تفعلينه وأنتِ نائمة سنغفره لكِ ؟
X1- هل أخطأتُ عليكِ في الحلم ؟ ربما !
X1- أجل و رغماً عن أنوفكم ..
صرختُ بانزعاج:
X2 - إذاً لازلتِ تحلمين !!
بينما ردت هي بكل هدوء !
X1- هذا حلم .. حلمٌ طويل
X1- لعله كابوس
X1- كل ما أعرفه أننا نستفيق عند الموت !
X2 - ألسنا نحن من نحدد ذلك ؟
X1- لا أعرف ..
X2 - إذا كان حلماً أم كابوساً !
X1- لعله القدر ،
X2 - إنه يرسم لنا الطرق لكن نحن من نختار أي طريق سنسلك !
X2 - وربما بعض الطرق مسدودة .. فلماذا لا نحطمها ؟!
X1- الإنسانُ ضعيف .. و لو أنكر !
وكأني لمحت ابتسامة تزين وجهها مع هذه الجملة !
X2 - إذاً ها أنتِ أخيراً تعترفين بذلك !
X2 - سأصفق لكِ صدقيني !
X1- تباً لي ..
واختفت تلك الابتسامة بسرعة البرق ..
X2 - لا عليكِ .. لكن لا زال هناك سؤال أخير عالق في محيط عقلي !
X2 - هل سأجد له جواباً عندكِ ؟
X1- قد ..
أكملت بنبرة قوية:
X1- اطرحيه !
X2 - ذلك القناع .. إلى متى ستصرين على ارتداءه !؟
X1- أيُّ قِناع ؟
X2 - ها قد بدأنا مرة أخرى ! ستبدئين بإنكار كل ما أقوله .. ثم تتظاهرين بالجهل !
X2 - بالله عليكِ ماذا تسمى هذه ؟
X1- يسمى .. خبث .. أظن
X2 - إذا لم تتخلي عن ذلك القناع قريباً .. فستنكشفي يا عزيزتي .. ألستِ خائفة من ذلك ؟
X1- ولا شك.. فمصير الأقنعة السقوط .. و لستُ أخشى سقوط القناع، فـ تحته قناع ..
X2 - ألا تخشين أن يهجركِ الجميع ؟!
X1- لا أظن أن تركيبتي النفسية مؤهلة للشعور بالوحدة حقيقة .. أحب نفسي ، أصادقُ نفسي .. و كفى !
X2 - وهل أنتِ حقاً -وضعي خطوط كثيرة تحت حقاً- سعيدة بذلك ؟!
X1- سعيدة؟ ربما! لكني لستُ حزينة
X2 - وهؤلاء الناس الذين آذيتيهم ؟ ألستِ حزينة من أجلهم ؟
X1- همممم .. هم في البال و لكنهم لا يثيرون أحزاني !
صمتُّ ..
X1- أتعلمين .. أنتِ لا تفهمين شيئاً في عالمِ الإجرام .. فاحذري
X2 - ولا أريد أن أفهم !
X1- يعجبني ردك هذا !
صمتنا لعشرِ دقائق ثم ..
.
.
وفجأة ! لم أستطع أن أمنع نفسي أكثر ,
دفعتها بقوة إلى الأسفل ......
وأنا أصرخ:
X2 - لأمثالك .. الموت وحده !
رأيتها تغلق عينيها وهي تسقط !
كأنها قد رضيت بالموت مصيراً ..
سالت دمعة واحدة فقط على خدي ..
همستُ :
س
أ
ف
ت
ق
د
كِ
!
المفضلات