وكما قلت سابقاً ..

لن أضعها الآن .. وإنما سأضعها حالما آخد النسخة من معلمتي ^^ ..

لذلك ..

سننتقل إلى الثانية على الفور :



في أكبر مدن إنجلترا .. تلك المدينة التي تسمى في السابق .. "مدينة الضباب" ..

.. لندن ..

المدينة الأكثر رعباً في الليل . التي لا يجرؤ أحد على الخروج من منزله حالما يحل عليها الظلام ..
بل حالما تختفي الشمس .. يهرع الناس إلى منازلهم خوفاً من القتلة والسفاحين واللصوص ..
فتصبح تلك المدينة كمدينة مهجورة لا يوجد بها أي علامة تدل على الحياة ..
في أحد الأحياء .. ذلك الحي الذي يسمى بالحي القديم .. لا توجد به مصابيح ..
كان الحي أشبه بمدينة للأشباح ..

في وسط ذلك الحي المظلم .. هنالك ضوء صغير .. يضيء من منزل يقع في منتصف الحي تماماً ..
صوت حركة خفيفة سمعها من كاد يدخل إلى الحي من السكون الذي يسود بالمكان ..
كان هنالك امرأة طاعنة بالسن يبدو عليها المرض والتعب ..
ذلك المنزل لم يكن سوى بناية يسكنها العديد من الناس ..
كانت المرأة قد حاولت بذل جهدها لتسند نفسها على جدار غرفتها
الذي ما إن أرخت جسدها عليه حتى أصدر صريراً بدا كصراخ أحد ما ..
كانت تجلس بحزن شديد وقد أشعلت شمعة صغيرة كانت بجوارها ..
فتحت كاتباً مهترئ الغلاف كانت تحمله .. لم يكن كتاباً بل مذكرة قديمة ..

في الصفحة الأولى :
كاثرين أوليفيا ..
العمر : 19 سنة ..
ذاك هو اسم العجوز .. وهذا عمرها قبل زهاء 60 عاماً .. وعمرها الآن يناهز التاسعة والسبعين ..
قلبت صفحات مذكرتها .. وصلت إلى إحدى الصفحات .. توقفت عندها وبدأت تقرأها والحزن يعتصرها ..
ابتسمت بحزن وبدأت بقراءة تلك المذكرة ..



1-1-1925 م ..

اليوم هو أسعد يوم في حياتي .. لم أصدق يوماً بأن هذا اليوم سيأتي أخيراً ..
ها أنا اليوم أسجل أولى انتصاراتي في تاريخي الكئيب ..
وها أنا ذا قد خرجت من الثانوية التي قضيت بها أسوء أيام حياتي التعيسة ..
تخرجت بكوني الخامسة على مستوى المدرسة .. يا له من يوم ..
عدت إلى المنزل وأنا أقفز فرحاً بانتصاري .. ولأول مره في حياتي أنتظر الغد بشوق ..



ابتسمت ابتسامة يملؤها الحزن .. اغرورقت عيناها بالدموع ..
سقطت دمعة على تلك المذكرة وتلتها دمعات .. لكنها مسحت عينيها بسرعة وقلبت الصفحات ..
توقفت عند إحدى الصفحات ..



10-1-1925 م ..
هذا اليوم هو الأسوأ في حياتي .. أتمنى الآن أن أقفز وأنهي هذه الحياة التعيسة ..
حقاً أتمنى أن أموت الآن من كل أعماق قلبي ..
عندما ذهبت لأرى نتائج امتحان القبول في الجامعة .. لم أجد اسمي .. بحثت عنه لكن لا فائدة .
تذكرت في تلك اللحظة أنني كنت واثقة من إجاباتي إلى درجة
أنني نسيت أن أسجل اسمي على ورقة الإجابات الخاصة بي ..

قلت لنفسي : أجل .. هذا هو السبب بالتأكيد ..

عدت إلى المنزل وأنا أجر أذيال الخيبة ورائي ..
وعندما وصلت إلى المنزل وجدت جارتنا وهي تقف بتوتر وقلق ..
أسرعت إليها لعلي أستطيع المساعدة ..
وعندما وصلت إليها .. نزل الخبر الذي نقلته إلي كالصاعقة ..
أخبرتني بأن والدتي أصيبت بحادث سير وأنني يجب أن أسرع إلى المشفى حالاً ..
ركضت بأقصى ما أستطيع لأصل إلى المشفى ..
وعندما وصلت أخبروني بأنها لن تستطيع السير بعد الآن ..



أغلقت مذكراتها قبل أن تكمل القراءة وأجهشت بالبكاء والأنين ..
مع محاولات يائسة لخفض صوتها حتى لا تزعج جيرانها ..
بكت لأنها تذكرت والدتها التي توفيت بعد سنتين من الحادث جراء مرض خطير خبيث أصابها ..



لعلكم تتساءلون أين والدي من كل هذا ؟؟

سأخبركم ..

عندما كنت في أولى سنوات دراستي في الثانوية حدثت مشكلة بين أبي وأمي مما جعلهما ينفصلان ..
فذهبت للعيش مع والدتي وحدنا دون مساعدة من أحد ..
فليس لدينا أقارب في أي مكان ..



توقفت المرأة عن البكاء .. كانت تسعل بشدة .. أحست بأنها لن تعيش أكثر من ذلك ..
فتحت تلك المذكرة وأمسكت القلم ثم كتبت :

" جارتي العزيزة السيدة صوفي ..
شكراً لكِ على اعتنائكِ بي طوال هذه المدة ..
أعرف أنني سببت لكِ العديد من المشاكل ..
وأرجو أن تسامحيني ..
لا تقلقِ علي .. سأذهب إلى حيث ذهبت أمي ..
اعتني بنفسكِ أرجوكِ .."

سقط القلم من يدها وابتسمت وهي تشعر براحة عجيبة ..

قالت لنفسها : هذا هو شعور الموت إذن ..

أغمضت عينيها .. من يراها يظنها نائمة .. لكن الحقيقة هي أنها قد ماتت ..



.. في صباح اليوم التالي ..


جاءت السيدة صوفي كعادتها لتقدم طعام الإفطار لجارتها العجوز ..
طرقت الباب وكانت تنتظر الرد المعتاد .. لكن هناك شيء غريب اليوم .. لم تسمع أي رد ..
بدأت بمناداتها ..

صوفي : سيدة كاثرين .. سيدة كاثرين ..

لكن لا مجيب .. ذهبت لتنادي ابنها الأكبر .. طرق الباب بقوة .. ولكن لا مجيب ..

تحدث بقلق محدثاً السيدة التي بالداخل : سيدتي .. أعتذر .. سأكسر الباب ..

دفع الباب بقوة ففتح .. تفاجئ الاثنان لمشهد السيدة المتوفاة ..
أسرعت إليها الجارة وهي تظن أن هذه إحدى أعراض مرضها الدائم ..
قامت بتحريكها علها تجيب .. لكنها سقطت ..

الجارة "بقلق" : سـ .. سيدة كاثرين ..

تحسست نبضاتها .. وكانت ترقب أن تكون على قيد الحياة .. لكنها قد ماتت ..
فبدأت تبكي بحزن ..
وبينما هي كذلك .. لفت نظر ابنها إلى المذكرة التي على الأرض ..
فقام بفتحها وتقليب صفحاتها بسرعة إلى أن تفاجأ برؤية تلك الرسالة ..
قرأها .. ثم قال لأمه ..

: أمي .. لا تبكي .. فقد ذهبت لتستريح من معاناتها ..

لم تتوقف الجارة عن البكاء ..



وفي اليوم التالي ..

أقيمت جنازة لسيدة كاثرين أوليفيا ..

.. وهكذا انطوت ذكريات كاثرين وبدأت تأن حزناً على صاحبتها ..
.. || النهاية || ..

◥ يُرْجَى عَدَم الرَّد ..◣

إممممممممم

عودة بعد القراءة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


طريقة كتابتك لأحداث القصة رائعة .. والوصف أكثر من رائع
تشعر وكأنك تشاهد الأحداث ولا تقرأها فقط .. حقيقة أنتِ بارعةً في وصف وإثارة المشاعر !

سأكون بإذن الله أول متابعٍ لكتاباتك

ملاحظة : الحبكة هي أساس القصة .. لا القصة القصيرة جداً .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

جميلة جدا.. أحببتُ هدوءها وجمالها الصامت..

الوصف والذكريات رغم هدوءها توصل المغزى المراد وبقوة..

بانتظار القصة الثانية

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

عيدية لذيذة و عيدك مبارك لومة الأحلام

ما أحوالك عزيزتي ؟؟

تصدقين أني كتبت ردًا مرتين و تعطل المنتدى :$

أحببت أجواء قصتك الهادئة .. و حزنت على السيدة و مذكراتها

+

لطيفة هي صوفي و قلما نجد كهذه جارة

أنتظر قصتك التالية و إياك وحذف الملف

+

لا نصائح لدي .. فقط همسة لي قبل أن أهمسها لك ^^:

- القراءة لجهابذة الأدب يعين على فهمه و حذو إبداعهم بل و تجاوزه

دمتِ ذخرًا للقلم

وكرري الزيارة


أرسلت بواسطة iPhone بإستخدام Tapatalk