بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
--------------------
إخواني وأخواتي .. أسعد الله أوقاتكم بكل خير .. :clap:
تحية طيبة لكم :fish: .. كيف الحال ؟
وكيف هي أوقاتكم في هذا الشهر الفضيل ؟
-------------------
إشتقت للكتابة ..
فقد مر زمن طويل عن هذا القلم الذي مر بأزمة كساد الأفكار
فأردت اليوم أن أقوم بتحريك هذه الأصابع وكتابة موضوع جديد قد لا يحمل من المعلومات المفيدة الشيء الكثير ..
لكنني أردت التعبير عن بعض المواقف السلبية التي نعيشها بشكل يومي في مجتمعاتنا المسلمة ..
والتي تكاد تكون مسلمة بالإسم فقط .. بينما هي على الحقيقة أبعد ما تكون عن معرفة مقاصد الدين والالتزام بأوامره ..
وأشير إلى الجميع أن الموضوع بقلمي وقد نشرته في منتدى آخر إضافة إلى منتديات محمد شريف .. فأرجو عدم اعتباره منقولاً وأتمنى ألا يكون هذا مخالفاً للقوانين L:sly:
----------------------
مقدمة
لا يخفى على أحد منكم أن أحكام ديننا الإسلامي هي الوحيدة القادرة على قيادة البشرية إلى أعلى مراتب الكمال الجائز في حقها ..
سواء على مستوى المجتمعات أو الأفراد ..
لكن إرادة الله في الكون شاءت أن ينقسم الناس إلى خير وشر ..
ومازال هناك من ينذر حياته خصيصاً للقضاء على الدين الإسلامي وتشويه صورته في قلوب وعقول المسلمين ..
ولهم في ذلك ألف طريقة وطريقة .. ولن ينكر أحد أن خطتهم حتى الآن قد آتت الكثير من ثمارها ..
حتى وإن لم يستطيعوا اجتثاث الدين من أصوله لأنه محفوظ من عند الله ..
لكنهم أحكموا سيطرتهم على كثير من العقول .. ومع الاستعانة بكيد الشيطان .. فإن كثيراً من الأفكار الهدامة قد استشرت في جسد الأمة ونالت منه الشيء الكثير ..
في موضوعي هذا سأتحدث بإيجاز عن بعض مظاهر هذا الغزو الفكري الذي لجؤوا من خلاله إلى تخدير عقول كثير من المسلمين وسلبهم الوعي بأمور دينهم .. هذا الوعي الذي يخافون منه لأنه يشكل خطراً عليهم ..
فإذا كانت الضربات المباشرة لجسد الدين لم تنفعهم كثيراً .. لأن جسده أصلب من ضرباتهم .. فإنهم قد لجؤوا إلى محاربة الدين بالدين .. !!! فخاطبوا الناس بعقولهم .. وتكلموا بألسنتهم .. واستشهدوا بنصوص دينهم .. فكانت كلماتهم حقاً أريد به باطل .. وهكذا انطلت الخدعة على كثير من الناس ..
فانتشرت في رؤوسهم كثير من الأفكار الهدامة التي جعلت عامتهم أشبه بالعمي الذين يمشون دون معرفة الطريق ..
وجعلت بعض مثقفيهم مجرد مكتبات مغلقة تفتقر إلى القدرة على مخاطبة الناس فضلاً عن إقناعهم ..
فكانت حكمتهم حكمة العاجز الذي لا تزداد ثقافته إلا بقدر ما يزداد بؤسه .. ولا يزداد اختلاطه بالناس إلا بقدر ما يزداد تحسره على حالهم ..
هه الضربات غير المباشرة هي ما يصطلح عليه باسم [ التمييع الديني ] ..
وهو تمييع بعض أحكام الدين ولي عنقها لتكون موافقة لما يتناسب مع أهواء الناس وشهوات أنفسهم .. حتى أصبحنا نرى الناس كلهم غارقين في بحور الشهوات والشبهات والهوى ومعهم تبريرات جاهزة ومعلبة وأعذار مجهزة لإخراجها وإلقائها على كل من يراجعهم في المنكر الذي وقعوا فيه ..
--------------------------------
أصحاب التمييع الديني
وأصحاب هذه السموم المنتشرة في جسد الأمة ينقسمون إلى قسمين رئيسيين .. وطبعاً فإن الشيطان هو الرئيس والعقل المدبر ..
- الشيطان -
وكما جاء في النصوص الشرعية فإن الشيطان هو العدو المبين الذي يريد إغواء البشرية وسحبها معه إلى قعر جهنم والعياذ بالله .. وهو يسعى إلى ذلك بشتى الطرق المباشرة منها وغير المباشرة ..
[ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ]
ومن الأساليب الماكرة له في التمييع الديني ما يوسوس به لبعض الناس باتخاذ الأعذار والمبررات لارتكاب بعض الأخطاء والمعاصي المخالفة للشرع ..
وهذا ما يحصل معنا واحداً واحداً دون استثناء .. فلا نزال نخطئ ونخطئ ثم لا يستطيع أحد مجابهتنا في صياغة الأعذار وإلصاق تقصيرنا بالظروف والأسباب ..
وكثير من الأعذار التي نختبئ خلفها إنما هي في الواقع ليست سوى تلبيساً لبسه علينا الشيطان فنظن أننا على حق بينما نحن على خطأ ...
( وإن لم يكن عون من الله للفتى ... فإن أول ما يجني عليه اجتهاده )
- اليهود والنصارى -
وهم اليد الخفية التي تعمل في الظلام .. وتحيك الخطط وتدبر الأمور .. ثم تنفذ ما دبرته ..
نعم أيها القراء الأعزاء .. إن لبروتوكولات أعداء الإسلام أهدافاً محددة وواضحة وإن اجتهدوا في إخفائها والتمويه عنها .. فكل أزمة من أزمات الأمة إلا ولهم الدور الأكبر في انتشارها ...
حتى أنهم يعمدون إلى صناعة عقول الأطفال المسلمين حسب أفكارهم وقناعاتهم الباطلة .. وطبعاً مع تشويه صورة الإسلام في أذهانهم عبر الحملات التنفيرية وفتح العيون على ما يوافق النفس ويخالف الشرع ..
وهكذا صار الشباب المسلم هدفاً سهلاً لهم .. وقد نجحوا في صناعة عقول الكثير منهم حسب الطريقة الغربية شكلاً ومضموناً ..
فأصبح الشاب المسلم أقرب ما يكون إلى غير المسلم ولا أقصد من حيث الشكل .. بل من حيث الأفكار أيضاً ..
- المخدوعون من المسلمين -
وإن من المسلمين كثيراً ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا .. لكنهم ومع الأسف الشديد أشد خطورة على الأمة من أعدائها .. فهم من ديننا ويتكلمون بلغتنا ويخاطبوننا بواقعنا ..
لكنهم أيضاً متأثرون ومخدوعون بالأفكار الهدامة المستوردة من الغرب .. فيكونون بذلك قد استعملوا المسلمين ضد المسلمين بعد أن أعادوا صياغة عقولهم بما يتوافق مع أهدافهم النتنة ..
والمشكلة أن أكثر هؤلاء المخدوعين هم من أهل الإعلام والفن الذين نعتاد على رؤية وجوههم على شاشات التلفاز وحولهم المعجبين الذين يقتدون بهم في كل صغيرة وكبيرة شكلاً ومضموناً .. :محبط:
وأنتقل الآن للحديث عن بعض مظاهر التمييع الديني المنتشرة في مجتمعاتنا وفي شاشات تلفزاتنا .. علماً أن ما سأكتبه لا يعتمد على أي تخصص أو دراسة متعمقة بل هو فقط عبارة عن مشاهد متكررة شاهدتها وحاكت في نفسي فقررت كتابتها ..
فأنا إذن مجرد شاهد عيان لن أخبركم في هذا الموضوع بشيء لا تعرفونه
-----------------------------
مظاهر التمييع الديني
- عند أهل الفن والسينما والإعلام عموماً -
طالما تمنيت أن أشق رؤوس أهل الفن لأعرف ما يوجد داخلها .. خاصة المسلمين منهم .. فرواد الشاشة العربية وصناع المسلسلات والأفلام والبرامج هم مسلمون وهذه حقيقة لا ينكرها أحد ..
لكن الغريب في الأمر هو ذلك التوجه السام الذي تتجه فيه الشاشة العربية بشكل عام .. فالمسلسلات والأفلام هي مرتع خصب لكثير من مظاهر التمييع الديني الذي كان سبباً في تخدير بعض العقول وجعل كثير من المسلمين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ..
ولعل الأنكى من ذلك رؤية مظاهر التمييع الديني حتى عند بعض الجهات الإعلامية التي تعمل تحت الشعار الديني الإسلامي .. وهذه هي الكارثة العظمى والفتنة التي كان لها أشد الضرر على المجتمع المسلم ..
وحتى أكون منظماً سأتحدث عن كل الجهتين على حدة
1 - الجهات الإعلامية العربية التي لا تعمل تحت الشعار الديني :
وتشمل جميع القنوات العامة والخاصة والمسلسلات والأفلام العربية التي لا تحمل شعاراً دينياً .. وعدم حملها للشعار الديني هو نفسه مظهر من مظاهر هذا التمييع لأن كون المنتجين مسلمين يجب أن يحملهم على العمل من أجل الدين وليس العكس !! ..
نجد من هذه المظاهر وباختصار :
- تشويه صورة المتدينين وإلصاق المعايب بهم :
وهذا مشاهَد في كثير من الأعمال العربية .. وهو أمر غني عن التعريف .. والخدعة في هذا الأمر قولهم بأن وجود تلك الفئة المختبئة خلف قناع الدين أمر ثابت في المجتمع وتجب معالجته ..
نعم جميعنا نعرف وجود أشخاص يختبؤون خلف لحاهم الطويلة وتمتماتهم بالأذكار لكنهم في الواقع أبعد ما يكونون عن الالتزام بالأخلاق الإسلامية الحميدة .. لكن أي مسلم ذكي سيفطن إلى أن الهدف من تصويرهم في المسلسلات والأفلام هو تعميم تلك الصورة السيئة على جميع المتدينين وليس فقط تلك الفئة .. والدليل على هذا عدم وجود أية شخصية إسلامية معتدلة في الأعمال الفنية العربية !!! ودائماً نجد أن بطل الرواية هو ذلك الشخص المتحرر الذي لا يتوانى عن ارتكاب الكثير من المعاصي ..
وهذه المشاهد المتكررة والمملة في معظم الأفلام والمسلسلات كان لها دور كبير في تشويه صورة الدين وأهله لدى عقول الناس .. هؤلاء الناس الذين يتسمرون لساعات طوال أمام التلفاز وقد فتحوا عقولهم لكل ما يأتي به من الأفكار سواء أكانت هادفة أو سامة >_<
- تعتيم وإنكار بعض أحكام الإسلام .. وأهمها الحجاب :
من المعروف لدى الجميع موقف صناع الفن العربي من الحجاب .. وهو الأمر الذي وجب على كل مسلمة .. لكننا نجد أن الاتجاه السائد لدى صناع الفن العربي أن الحجاب واحد من مظاهر التخلف والرجعية والتشدد الديني .. سواء أصرحوا بذلك أو اكتفوا بالتلميح إليه .. :موسوس: .. حتى إن بعضهم يقولون بأن الحجاب يتعارض مع الفن .. وهذه هي الفكرة السائدة لدى جميع الفنانات غير المحجبات .. واللواتي فضلن الفن والشهرة على إرضاء الله والتزام أمره .. فما أشقاهن إن لم يتبن ..
لن أطيل الحديث حول هذا الأمر فهو معروف لديكم جميعاً .. لكن لا يجب أن يخفى عليكم أن المسلسلات والأفلام تضع للمشاهد ( نماذج من أنواع البشر ) ... واتجاهها عموماً أنها تؤيد أحد هذه النماذج باعتباره ( البطل ) أو ( الإنسان المثالي ) .. بينما تقوم بتهميش نماذج أخرى .. والسم المدسوس هنا جعلهم للمرأة غير المحجبة ( إمرأة مسلمة مثالية معاصرة ) .. وهذا اعتراف ضمني منهم بأن المرأة المحجبة ( إمرأة متشددة متخلفة ) .. فلا تسمحوا أيتها الأخوات غير المحجبات لأمثال هؤلاء أن يحددوا لكن مصير حياتكن .. فهم أقل شأناً من أن يستحقوا منا أخذ ثقافتنا وأفكارنا منهم .. ..
وأشير إلى أن نفس ما ينطبق على الحجاب ينطبق على غيره من مظاهر الاستقامة والالتزام بدين الله ..
- تصوير المحرمات والمنكرات بحجة أنها واقع لا يجب السكوت عنه :
وهذا من التلبيس الذي لبسه صناع الفن العربي لدى كثير من المخدوعين .. بحيث يقوم المخرجون والكتاب والممثلون وغيرهم بتصوير وطرح مواضيع خبيثة وجريئة تعارض الدين والأخلاق وتخدش الحياء العام وتنزل بالمتفرجين إلى أدنى دركات الانحطاط ..
والخدعة هنا قولهم بأن السينما والفن يجب أن يعالج مشاكل المجتمع .. ولكي نعالجها يجب أن نقوم بعرضها كما هي دون تغيير أو تحريف .. .. ولا يخفى على أحدكم أن هذا العذر السخيف باطل بل ومضحك أيضاً .. إذ أن أي عذر لا يستطيع إرضاء الله هو باطل ولا يصح الاعتذار به .. والواقع أن تلك الأقنعة الزائفة التي يضعونها على وجوههم إنما هي فقط من أجل تسويغ أفعالهم القذرة التي تهدف خصيصاً للقضاء على الأخلاق الإسلامية وتمييع أفكار المسلمين الذين بالفعل تلقحت عقول كثير منهم بتلك الترهات التي لن تنفعهم أمام الله ولن تكون لهم عذراً يعتذرون به ..
فالهدف من الجرأة في التصوير والطرح واضح وإن اجتهدوا في إخفائه والتمويه عنه ..
- تمييع العلاقة بين الشاب والبنت وكذلك الاختلاط وطريق الزواج :
وهذا أيضاً من الكوارث المنتشرة في أعمالنا الفنية العربية التي لا يمكن بأي شكل من الاشكال أن تنسب إلى الدين الاسلامي وتمثل أخلاقه .. بحيث نجد وجود العلاقات بين الشباب والفتيات منتشرة بشكل عادي وطبيعي .. وأن معظم الزيجات تكون من خلال المعاكسة والجلوس في المقاهي وعلاقات الحب المحرمة قبل الزواج .. وليتهم يصورون تلك العلاقات بهدف استنكارها وإظهار خطئها .. لكنهم يصورونها في أعلى مستويات الرومانسية والعاطفية داعين بذلك إلى كسر كل حدود الدين والأخلاق في سبيل الحب ..
والخدعة في هذا قولهم بأن أي إنسان هو معرض للحب وأنه يجب على المسلسلات أن تعالج القضايا الاجتماعية للشباب والمراهقين وخاصة ما يتعلق بعلاقات الحب والزواج <<< ما شاء الله البراءة وحسن النية يقطران من كلامهم ..
وطبعاً نتيجة هذا انتشار الأفكار المعوجة لدى الشباب والشابات فأصبحنا نجدهم يتأثرون بعلاقات الحب والمشاهد الرومانسية التي جمعت بين ممثليهم المفضلين ويحاولون تطبيقها على أرض الواقع بأن يفعلوا مثلهم ..
- تمييع شهر رمضان المبارك :
وهذا ما نعايشه حالياً في هذه الأيام المباركة .. وهو نفس ما عشناه في الأعوام السابقة .. وما سنعيشه في الأعوام التالية .. ولم يقصر بقية الأعضاء في الإشارة إلى خطر انتشار المسلسلات في رمضان .. وغير ذلك من الأغاني والبرامج الفكاهية التي تلهي الناس عن دينهم ..
الخدعة هنا طبعاً ما يقولونه من أن رمضان شهر الخير والبركات مع عبارتهم الشهيرة ( رمضان كريم ) والتي يسوغون بها كثيراً من المعاصي .. فيا سبحان الله .. تحول موسم العبادة إلى موسم تجتمع فيه كل الملهيات عن العبادة .. والأنكى من ذلك أن البرامج الدينية نفسها في رمضان تعاني بهوتاً شديداً في أغلب الأحيان إلا من رحم الله ..
ومن أسوأ مظاهر التمييع الديني في رمضان تلك المسابقة الرمضانية في حفظ وتجويد القرآن .. والتي تقيمها قناتنا المحلية .. والتي تختتم حلقاتها في آخر يوم في رمضان بحفلة ما شاء الله فيها من المنكرات والمعاصي الشيء الكثير .. ربما بدا قليلاً إذا ما قارناه من برنامج غير ديني .. لكنه كثير في برنامج لحفظ القرآن الكريم .. بحيث نجد حفلة مختلطة بين الرجال والنساء .. والنساء غير محجبات وفي كامل زينتهن .. ( لولا أنهن يلبسن لباساً تقليدياً مزركشاً ) .. وهم يغنون طرباً أندلسياً في جو ( روحاني ) و ( إيماني ) يسمو بالروح إلى أعلى الدرجات .. كيف لا وهي الحفلة الختامية لبرنامج تحفيظ القرآن الكريم
*****
2 - الجهات الإعلامية العربية التي تعمل تحت الشعار الديني :
وهذه كارثة من الكوارث التي أفسدت على كثير من الناس صورة الدين الحقيقية .. فمن المؤسف حقاً أن نجد صراعاً بين بعض جهاة الدعوة والدعاة والقنوات الإسلامية ..
والمؤسف أكثر من هذا أن نجد قنوات وبرانمج إسلامية فيها من المخالفات الشرعية الواضحة الشيء الكثير .. فكأنهم يتحايلون على شرع الله ويأخذون منه فقط ما يريدون ويتركون ما لا يتناسب مع أهدافهم في نشر صور الإسلام المتفتح المساير للعصر ..
نعم أنا أومن بضرورة مسايرة الدعاة للعصر الحديث وأن تكون برامج الدعوة بشتى أشكالها متماشية مع آخر ما جد في عالمنا المعاصر .. وأعارض بشدة أولئك الذين يريدوننا أن نعي في العصور القديمة رافضين كل جديد لم يكن في عهد النبوة !! لكن هذا لا يسوغ بأي شكل من الأشكال هدم بعض الأحكام الإسلامية وخدش بعض المبادئ من أجل تجميل صورة الإسلام في عقول الناس ..
فلا شيء يجعل الحرام حلالاً إلا ما جاء نصه في الشريعة .. وخير مثال أضربه لهذه الظاهرة ما يتعلق بحجاب المرأة وكيف قامت بعض القنوات بتمييعه إلى أقصى حد بشكل مثير للاشمئزاز ..( قناة إقرأ خصوصاً ) حتى أنني لم أفهم بعد كيف قاموا بطمس النصوص الصريحة التي تحدد كيف يجب أن يكون حجاب المرأة .. ثم بدؤوا بعرض المرأة في الواجهة بكامل زينتها مع أطنان من الماكياج وملابس مزركشة تصف وتشف ..
مهما كانت نيتهم في هذا إلا أن مثل هذه التجاوزات الشرعية تظل غير مبررة وستكون خير معين للمسلمين على ارتكاب المعاصي والتساهل في شأنها ثم يحتجون بعد ذلك بأنهم رأوا ذلك في القناة الإسلامية الفلانية ..
----------------------------
إسترسلت في الحديث حول خطر التمييع الديني في وسائل الإعلام عن غير قصد مني .. رغم أنني تحدثت بإيجاز حول هذا في موضوع سابق
لكنني وجدت نفسي أدفع دفعاً للاسترسال لأن الإعلام كما علمتم هو أكثر وسيلة مساهمة في تكوين الرأي العام لدى المسلمين ..
وحال إعلامنا العربي يرثى لها .. !!
أحب أن أنتقل الآن إلى مظاهر أخرى من مظاهر التمييع الديني .. لكن هذه المرة سنبتعد عن الإعلام لننتقل إلى واقع الناس ..
هذا الواقع الذي يحتوي كثيراً من المواقف والأفكار الخاطئة والمنتشرة بكثرة لدى جميع الناس .. !!!
ومعظمها من أثر الشيطان ووسوسته وهي أخطاء نقع فيها جميعنا مع الأسف الشديد
3
- في واقع الناس -
ليس هناك مسلم معصوم من الخطأ .. وليس هناك مسلم يملك من الأعمال الصالحة رصيداً يجعله مستحقاً لدخول الجنة بعمله .. بل كلنا نخطئ ونعصي وتغلب علينا أنفسنا أحياناً بعد أن يستحوذ عليها الشيطان عليه لعائن الله ...
ولا يزال الإنسان غارقاً في أخطائه كلما ازداد جهله بأحكام الدين ومبادئه .. ومازال يتصرف بحكمة كلما ارتفع مقدار ثقافته الدينية .. لكن كثيراً من الأخطاء الصريحة والواضحة لدى عموم الناس تكون مبررة ببعض التبريرات المتكررة والمنتشرة في كافة مجتمعاتنا العربية !!! .. وأنا بصراحة أستغرب من انتشار نفس العبارات والجمل والتبريرات بين معظم الناس رغم اختلاف دولهم وأجناسهم !!!
ونبدأ بـ :
1 - إن الله غفور رحيم ( الأمن من مكر الله ) :
نعم إن الله غفور رحيم .. لكنها كلمة حق يراد بها باطل ..
جملة طالما ترددت على بعض العصاة الذين لا يقيمون للدين وزناً .. ولعلهم متأثرون ببعض آيات المغفرة والرحمة .. والتي تجعلهم يظنون أن الإنسان يدخل الجنة بعقيدته فقط مهما أغرق في المعاصي .. وهكذا يلبس عليهم الشيطان فيتصرفون كما يحلو لهم ولا يبالون هل ما يفعلونه حلال أم حرام .. كبير أم صغير ..
حتى إذا روجعوا يقولون ( يااااه !! إن الله غفور رحيم !!!! رحمته سبقت عذابه !!!! )
والواقع أن أي إنسان له مع الله خوف وأمن .. فإذا خافه في الدنيا أمنه في الآخرة .. وإذا أمنه في الدنيا خافه في الآخرة وكان من الخاسرين ..
وكما يقول الله تعالى في كتابه العزيز : [ فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ]
2 - سأتوب لاحقاً ( طول الأمل ) :
أعرف شخصاً لا يصلي .. وطالما نصحناه للتغلب على نفسه وأداء صلواته الخمس .. فكان جوابه المعهود ( عسى الله أن يسامحنا ) .. ومرة أجاب قائلاً : ( لم يحن وقت التوبة بعد .. لكن عندما أتوب فإنني سأصبح أحسن منكم جميعاً ) ...
وهذه فتنة عظيمة ابتلي بها كثيرون من الناس الذين ربما كانوا يحسون بتقصيرهم مع الله .. لكن الشيطان يغشي على بصيرتهم ويلبس عليهم بالتسويف والتأجيل .. فالطفل يقول سأتوب عندما أشب .. والشاب يقول سأتوب عندما أتزوج .. والمتزوج يقول سأتوب عندما أنجب أطفالاً .. والأب يقول سأتوب عندما أصل إلى الأربعين .. والكهل يقول سأتوب عندما أتقاعد .. .. وهكذا إلى أن ينقضي أجل الإنسان وهو يؤجل توبته إلى غد وبعد غد .. وليت التأجيل يكون في بعض الأمور الثانوية كالنوافل .. بل تجد أن الرجل يؤجل توبته من بعض الكبائر .. والمرأة تؤجل ارتداءها للحجاب إلى المرحلة التالية من حياتها .. ومازالت كذلك حتى تموت متبرجة والعياذ بالله ..
وهذا بالطبع من تلبيس الشيطان الذي غاب عن كثير من الناس .. ولو فتحوا أعينهم وعلموا أن أفكارهم تلك هي من عند الشيطان لسارعوا إلى التوبة من فورهم ..
وكما قال تعالى : [ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين .. ويهلك آخرها بالبخل والأمل ]
3 - لن يغفر الله لي أبداً .. النار مصيري لا محالة ( اليأس من رحمة الله ) :
أعرف شخصاً أقدم على ارتكاب معصية من كبائر الذنوب .. وعندما نصحته وحذرته من النار أجاب : النار ؟ .. أنا أصلاً في النار !! وهل تتوقع أن يغفر الله لي وأنا غارق في بحور المعاصي والآثام ؟
سبحان الله .. وهذا تبرير آخر وعذر مختلف للإغراق في مزيد من الذنوب والمعاصي .. بحيث ينظر المرء إلى ماضيه الأسود والملطخ بالخطايا .. فيظن أنه قد بلغ من الشقاء مبلغاً بحيث لم يعد لرحمة الله مجال أن تسعه .. فيفكر في الآخرة على أنها ستكون أسوأ مرحلة في حياته ولا يشك للحظة في أنه خالد مخلد في النار .. فيحاول استغلال هذه السنين التي يملكها في الدنيا فيغرق بقدر استطاعته في المعاصي والذنوب والشهوات ظناً منه أن العودة إلى الله والتوبة لن تنفعه لأنه ( راح فيها ) ..
ولا شك في أن هذا من تلبيس الشيطان أيضاً ليجر إلى سبيله مزيداً من الضحايا والمخدوعين .. ولو علمت هذه الفئة بصفات الله ومدى رحمته بعباده وقبوله للتوبة من أي عبد كان ومن أي معصية مهما بلغت .. ما لم تطلع الشمس من مغربها وما لم يغرغر ..
لو علمت هذا لسارعت إلى التوبة ولأدركت أنها قد وقعت في اليأس من رحمة الله وهو أمر منهي عنه في الإسلام ..
فقد قال تعالى : [ ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ]
وقال أيضاً : [ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ]
4 - الإيمان في القلب :
لعل هذه الفكرة الخاطئة من ثقافة المسلسلات التافهة .. فكثيراً ما نجد الفتاة غير محجبة وترفض الاقتناع بالحجاب .. ونجد الشاب غارقاً في بحور الشهوات والمعاصي .. لكن إذا راجعتهم يقولون جملتهم المعروفة : ( الإيمان في القلب وليس في المظاهر الخادعة كالحجاب والصلاة وغض البصر وغير ذلك ) ...
وهذه الفكرة منتشرة بكثرة مع الأسف .. وهي من تلبيس الشيطان أيضاً بحيث صار الناس يعتقدون أن كونهم مسلمين بالإسم ويحملون الإيمان بالله في قلوبهم يغنيهم عن الالتزام بأوامره والانتهاء عن نواهيه .. وخاصة عندما يسمعون بأنه لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ..
وطبعاً فقد لبس عليهم الشيطان ووضع على أعينهم غشاوة تحجب عنهم رؤية الاحكام الخاصة بالعبادات والأخلاق .. بحيث تصبح بالنسبة لهم مجرد مظاهر خادعة لا تعبر في الحقيقة عن إيمان المرء .. ولا بأس في التخلي عنها ما دام الإيمان في القلب وليس في الصلاة والحجاب !!!! .. فيا سبحان الله ..
وكأنهم لا يعلمون أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ..
5 - الإهتمام بأحوال بعض المسلمين مظهراً فقط :
تنصح الفتاة بالحجاب فتجيبك : لا لا لا .. أنظر إلى بعض المحجبات وكيف هي أخلاقهن ..
وتنصح الشاب بالصلاة فيجيبك : لا لا لا .. أنظر إلى بعض من يمضون الساعات في نطح رؤوسهم في الأرض وكيف هي أخلاقهم ..
والمشكلة هنا أنهم على حق في كلامهم .. فكثير من المحجبات أخلاقهن في أسفل من الحضيض .. وكثير من المصلين أصحاب اللحى الطويلة هم من أسوأ الناس أخلاقاً وأكثرهم غشاً وخداعاً للناس ..
هذه الفئة هي التي شوهت صورة الدين فأصبح الشباب يظنون أن أي التزام بأوامر الدين يجعلهم مثل أولئك المتأسلمين .. وأن الصواب في مخالفة مظاهر الالتزام لأن أصحاب مظاهر الالتزام هم أراذل القوم وأكثرهم جهلاً وانقباضاً وتخلفاً ..
ولعل هذه مع الأسف أخطر تلبيس أصاب كثيراً من الشباب .. وسببه بعض المتخلفين التنفيريين الذين يدعون الالتزام وهم أبعد الناس عنه ... فليس الالتزام في المظاهر فقط بل الدين المعاملة ..
6 - إختلال مفهوم التشدد الديني :
ما هو التشدد الديني ؟ وما هي الحدود بينه وبين الاعتدال والتحرر .. ؟ سؤال صعب جداً .. والمشكلة هنا انتشار الثقافة الغربية في الشعوب العربية وقد أعانها على ذلك الإعلام العربي صاحب التمييع الديني .. وكانت نتيجة هذا الغزو اختلال مفهوم التشدد الديني ..
فأصبح المتشدد هو الشخص الذي يقوم بواجباته الدينية وعباداته المفروضة .. وأصبح المعتدل هو صاحب المعاصي الذي لا يبالي بالحلال والحرام .. أو الذي يحدد الحلال والحرام حسب مقياس عقله وهواه ..
ومن مظاهر هذا التلبيس الخطير .. أن الشاب الذي يصلي الصلوات الخمس في المسجد هو متشدد .. وأن الفتاة المحجبة متشددة - فكيف بالمنقبة ؟ - .. والذي يمتنع عن مصافحة الجنس الآخر متشدد .. والذي يغض بصره متشدد .. والذي يرجع إلى الدين في بعض شأنه متشدد .. والملتحي متشدد .. والذي يعارض الاختلاط متشدد .. والذي يذكر الله متشدد .. وغير هذا الكثير ..
ولو نظرنا في هذه الأمور سنجد أنها ليست تشدداً بل هي من ضرورات الدين وثوابته ..
لكن أعداء الإسلام قد نجحوا في جعل المعصية اعتدالاً .. والاستقامة تشدداً ..
ولعل التيار الفكري الذي يروج لهذه الفكرة هو تيار يقال له :
7 - الإسلام المتنور :
ليتنا نعيش في عصر النبوة .. حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المرجع الوحيد لأحكام الدين . هناك .. حيث كان الحق واضحاً لا لبس فيه .. والباطل واضح أيضاً .. وكان المسلمون يجدون من يعينهم على الحق ويريهم مناسكهم .. أما الآن فقد اختلفت المصادر المتكلمة باسم الدين .. وليتها كانت متفقة فيما بينها ..
فأصبح الشاب إذا أراد الالتزام لا يعرف الطريق التي ينبغي أن يسلكها .. فهؤلاء يدعون إلى السلفية .. وهؤلاء يدعون إلى الاسلام المتفتح .. وحتى لو قلنا بأن المصدر هو كتاب الله وسنة نبيه .. فإن تفاسير النصوص الشرعية تختلف من تيار إلى آخر ..
لكن هذا ليس موضوعنا على كل حال ^_^ .. بل الموضوع هو ما قرأته في تصريح أحد الممثلين المشهورين .. وكان تصريحه ( أسعى لنشر صورة الإسلام المتنور ) .. ما هو الإسلام المتنور ؟
بحثت في تصرفات ذلك الممثل لعلني أتبين شيئاً من ملامح هذا الإسلام المتنور الذي يسعى لنشره .. فلم أجد أنه مختلف كثيراً عن عموم الممثلين من الناحية الأخلاقية ..
الدعاة إلى هذا التيار يرون بأن الإسلام يجب أن يتماشى مع معطيات العصر الحديث .. وهذا كلام صحيح لا لبس فيه .. لكن المشكلة في كون أصحاب هذا التوجه يرون أن أحكام الإسلام ومبادئه نفسها يجب أن تتغير لتناسب العصر .. وكأن الأحكام الأصلية للدين كانت صالحة قديماً .. أما الآن فيجب أن نعيد صياغة الأحكام والمبادئ الإسلامية لتتماشى مع النظم الغربية حتى نعطي صورة جميلة للإسلام أمام الغرب ..
فأصبحنا نجد بعض الرويظبات الذين يتكلمون باسم الدين ويجاملون الغربيين في بعض أمور العقيدة ولا يتوانون عن طمس كثير من أحكام الإسلام وإخفائها لأنها ( غير صالحة للنشر ) .. فكأنهم يعقدون مع الله تحالفاً ومفاوضات دينية أو كأنهم يعلمون الله بدينهم بحيث يأخذون من الأحكام بعضها ويستبدلون بعضها بغيرها مما يقر عيون أعداء الإسلام من الغربيين خوفاً من أن تتكون لديهم صورة سيئة عن الدين الإسلامي ..
وفكرة ( الإيمان في القلب ) واحدة من أفكارهم الكثيرة ومنها أيضاً ( تحرير المرأة ) و ( نزع الحجاب ) وغيرها من مظاهر التمييع الديني الذي انخدع به كثير من الناس الضعفاء الذين لا يجد الشيطان صعوبة في التسلل إلى قلوبهم وإقناعهم فمثل هذه الأفكار المنحرفة ..
والحقيقة أن الدين الإسلامي هو نور في ذاته وهو متنور أصلاً ولا يحتاج إلى من يقوم بتنويره .. ومن المعروف في الدين أن الذي يرضي الناس في سخط الله .. فإن الله يسخط عليه ويُـسخط عليه الناس ..
-------------------------------
خلاصة القول
هذه بعض المشاهد المتكررة والمعتادة في مجتمعاتنا المسلمة .. أحببت مشاركتكم بها .. ومعرفة آرائكم حولها .. ولا شك في أن الشيطان وراء كل مظاهر التمييع والتلبيس في بعض الأفكار والمعتقدات ..
ورغم أنني أقول هذا .. إلا أنني لا بد واقع في بعض هذه المظاهر سواء علمت ذلك أم جهلته .. وأنتم كذلك .. فليس منا إنسان نـُـزع حظ الشيطان منه .. وليس منا معصوم من الخطأ ..
ونحن جميعنا دون استثناء نخطئ ونستمر في الخطأ ثم نجد لأنفسنا الأعذار والتبريرات التي تقنعنا وتقنع غيرنا .. وليس أمامنا سوى الدعاء لله أن يهدينا إلى الصراط المستقيم وأن يجعلنا من عباده الصالحين حتى نلقاه
ورغم كل شيء .. يظل الصواب واضحاً والخطأ واضحاً .. فالإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ... والبر ما اطمأن إليه قلبك .. والاثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس ;)
فهيا معاً نقف متأملين في أنفسنا التي تحتاج إلى مراجعة وضبط .. لنبحث عن أخطائنا .. ولنعرف ما هي التصرفات التي يكون للشيطان والنفس دور فيها .. ثم نحاول تركها وتعويضها بالصواب .. على ضوء من التشريع الإسلامي الحكيم القائم على الكتاب والسنة ..
------------------------------
أسئلة
لن أطرح أسئلة .. لأنني أحس أنها تقيد المشاركات وتحصرها .. لكن سأطرح سؤالين فقط
1 - ما رأيك بالموضوع ؟ وهل لك أي تعليق على بعض فقراته ؟
2 - كل ما ذكر في الموضوع هو مشاهد علمتها أنا وطالها بصري وسمعي .. فهل تملك في جعبتك مظاهر أخرى من التلبيس الشيطاني والتمييع الديني ؟ الموضوع مفتوح للجميع .. أفيدونا بما عندكم .. وحذرونا ممن يحيكون الخطط ضدنا .. فلنفضح معاً مؤامرات الشياطين .. سواء أكانت شياطين جن .. أو شياطين إنس :مكر: .. وجزاكم الله كل خير ..
-------------------------------
خاتمة
بصراحة تامة لم أكن أنوي الإطالة إلى هذا الحد
لكنني استرسلت دون شعور مني .. ::no:L .. فأرجو المعذرة .. الموضوع من إعدادي ولا مصدر له سوى واقع الناس في المجتمع وواقع الإعلام العربي ..
حقوق النقل غير محفوظة ..
وأتمنى أن الموضوع أعجبكم
أترككم في رعاية الله .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع من إعداد : أنـس
المفضلات