(مشاعر طفل)
وقفت تلك السيدة الرقيقة الملامح بعيدا عن الشرفة تراقب ذلك الطفل ذو السنوات العشرة الذى يجلس
واجما ساهما وقد بدأ مظهرة حزينا اقتربت منة ووضعت يدها على كتفة وقالت فى حنان دافق:
-أى بنى ...... مالذى يحزنك؟!
لم يتحرك ولم ينظر اليها وهو يقول :
-أهذة انتى يا أمى ؟!
جثت على ركبتيها امام مقعدة واحتوت وجهة الصغير بين كفيها وتأملت ملامحة بحنان ثم همست:
-حازم... إننى والدتك .. لماذا لاتريد ان تقول لى مالذى يحزنك؟
عض شفتية السفلى وترقرقت عيناة با الدموع وهو ينظر اليها ثم لم يلبث ان اشاح بوجهة فى مرارة فعادت تدير وجهة اليها وسألتة بتأثر:
-الاتثق فى حبى لك يا حازم؟ قل لى ما الذى يغضبك ؟!
خفض عينية لحظة ثم عاد ينظر اليها فى مرارة وقال بغضب مكتوم :
- انة انتِ السبب.
تراجعت وهى تعقد حاجبيها وقالت فى قلق:
- ولم ؟!
اجاب بلهجة ملؤها الاسى والمرارة :
-لم تسمحى لى بالذهاب الى هناك .
قالت فى حذر:
- الى اين؟
- الى هناك الى الارض المحتلة هناك فى القدس.
رمقتة فى لوم وقالت معاتبة :
-هل سنعود لندحدث فى ذلك الامر؟!
ثم نهضت من مكانها فى عصبية وقالت
- لاادرى ماذا اصنع معك حقا يا حازم..... منذ ذلك اليوم قتل فية صديقك هناك وانت امتنعت عن الاكل
والشرب والتحدث, أكل هذا من اجل انى منعتك من الذهاب الى هناك ؟! اننى اقدر حزنك على صديقك ...
ولكن هل الذهاب الى هناك هو الحل ؟!
ثم التفت الية لتصيح فى وجهة بعصبية اكبر:
- قل لى ما الذى ستفعلة هناك؟ هل تستطيع حمل مدفع رشاش او حتى مسدس عادى؟!
عقد حاجبية واطلت من عينية نظرة غاضبة فعادت تجلس امام مقعدة وتقول بلهجة اكثر ليونة :
- اجب يا حازم ... ما الذى تستطيع ان تفعلة هناك ؟!
خفض عينية وقال ببراءة :
- على الاقل اشاركة مصيرة
دمعت عيناها مع لجهتة التى تقطر حزنا وألما فقالت بخفوت :
- ولكن ما جدوى كل هذا يا بنى ؟ يجب عليك ان تفكر فى شىء اكبر من ان تموت معهم ... أليس كذالك؟
دفن وجهة بين يدية الصغيرتين واخذ جسدة يرتجف لحظات قبل ان يجهش با البكاء وهون يردد:
- ولكنهم .... ولكنهم قتلوة يا امى .... قتلوا جاسر يا امى ... قتلوة.. ولابد ان أثأر لة منهم .... لابد يا امى..
ضمتة الى صدرها فى حنان ... بينما هو انخرط فى بكاء مرير .. ولم تدرى ماذا تفعل معة ...ورجعت بذاكرتها
للوراء............
كان على علاقة بصديق فلسطينى من عمرة ... عاش فترة فى مصر .. وعندما عاد الى وطنة لم تنقطع
صداقتهما .... ظلو على علاقتهما بالهاتف ....
ثم حدث ان كان حازم يتنقل بين القنوات .. فأوقفت الشاشة المرئية على قناة فلسطنية .....
كان يعلم ان والدتة تعنفة بشدة إذا فتح هذة القناة ... قد كانت تشفق علية من رؤية هذة القناة .... لما
فيها من مجازر حقيقية تقشعر لها الابدان ويشيب لها الولدان .... لكنة لم يبالِ .. كان يحب مشاهدة هذة
القناة دائما ... ودائما ما تبعث فى نفسة حماسا هائلا وتولد فى اعماقة الكراهية لهؤلاء القوم غلاظ القلوب
جلس امام القناة منتظرا ما بين لحظة واخرى ان تأتى امة لتعنفة وتنفجر فى وجهة بعصبية كعادتها ...
وراحت الصور تتوالى وتتابع على القناة ... هذة ام تبكى بحرقة ... وذاك طفال مصاب .... وتلك فتاة قتيلة...
اخذ يراقب با نفعال ... ووجهة الصغير يتلون مع الاحداث .. فتارة يرتفع حاجباة فى اشفاق وتارة تدمع عيناة وتدفق دموعة لتغرق وجهى الصغير وتارة ينعقد حاجباة فى غضب ويتحفز على مقعدة و تنغرز اصبعة فى حافتى مقعدة وكأنة يوشك ان يثب فى وجه ذلك الاسرئيلى البغيض ......
وفجأة توقغت الكميرا على وجة .........
وجة طفل وديع فى العاشرة من عمرة ساقط على الارض وقد تهدل شعرة الناعم على وجة وعيناة مغلقتان
ويظهر الألم فى ملامحة جليا ... وتتفجر من عنقة الدماء ......
وفجأة ايضا تصلبت قبضتا حازم على مقعدة وتجمدت نظراتة ..... إنة يعرف هذا الوجة ... وذاك الشعر الناعم المنسدل علية .... وهذا الفم ....و.........
اطلق حازم صرخة مريعة ...........
انتفض قلب امة ووثبت ترى ماذا دهى فلذة كبدها ... ورأتة ....... اخذ يردد ويصرخ :
- لقد قتلوة................ قتلوا جاسر ..... قتلوا جاسر ..
جزعت الام واسرعت الى الهاتف .. وبسرعة طلبت رقمهم ... وواصل الجرس رنينة بلا انقطاع .. ومامن مجيب.....
ثم اصر حازم ان يذهب الى هناك ... ورفضت هى بعصبية مفرطة
وهاهو منذ ذالك اليوم يجلس ساهما واجما.... ولم تدرى ماذا تفعل معة ... وكان ما يزال يبكى على صدرها فقالت بحنان :
-اسمع يا حازم... قد اوافق ان تذهب الى هناك .
انتزع نفسة من نين ذراعيه وحدق فى وجهها بدهشة بالغة فابتسمت إبتسامة حانية وقالت :-
- ولكن ليس الأن ... عندما تكبر وتتدرب على مثل هذة الاشياء
اشرق وحهة وقال بحماس فائق :-
- احقا يا امى ستسمحي لى بالذهاب الى هناك ؟!!!!!
ثم لم يلبث ان ضم قبضتية الصغيرة بقوة وظهر البغض فى ملامحة وقال بصرامة:-
-وسيعلم يهود الغدر ان دم جاسر لن يذهب هدرا.
وعادت امة تضمة الى صدرها بقوة ...
( تمت بحمد الله )
ها هى مشاعر طفل صغير ... فهل يا ترى ستنمو هذة المشاعر مع الايام ..... ام ستخمد مع صعوبات الحياة ....
لم اعد أدرى .......
منتظرة رأيكم فى هذة القصة
ملحوظة: هذة القصة من تأليف اختى حفظها الله
المفضلات