المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : | قِصَّة مِن وَحي الأعضِآءء ~ عَلَـــے حَــآفَـة ـآلـقُـبُور .. } !



الجاثوم
28-7-2014, 03:43 PM
http://im54.gulfup.com/vZybVW.jpg





> آﯾھَـآ آلآعژآءء .. ﯾړُﭴـے عﮃم̝̚ آلرد :} !

أثير الفكر
28-7-2014, 03:53 PM
http://im54.gulfup.com/4By4yr.jpg



قلوب أغدقت نفسها في الظلام

و أبت إِلا أن تخبئ بريقها عن الأعين

فتسربلت في ضياع لا نهائي وَهي تحاول باستماتة البحث عن حقيقتها الضائعة

أمانٍ و أحلام مظلمة سَعَوْا لِتحقيقها فرمت بهم إلى الحضيض بقسوة

لتتسلل جذور اليأس إلى قلوبهم وتتملكها باستبداد

فهل يمكن لليأس أن يدمر تلك القلوب المضيئة؟

دِماءُ و ألغازُ و أحياءُ أمواتْ في عالمٍ لا يتسيّدُهُ سِوى القويّ !

.{على حافة القبور حينما يكُونُ البشَر ضحيّةً لِأشباهِ بشر ..

هُنَا حيثُ تبدُو الحقائِقُ مُختلِفة ~



http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg

الفصل الأول : الحاسة السادسة


الفصل 2 : خلف الستار الحاجب


الفصل 3 : أطياف ذكريات


الفصل 4 : رحلة إلى نارتيروثيا


الفصل 5 : لعبتي مع النار


الفصل 6 و الأخير : فجر جديد بنكهة أخرى !




يتبع

الجاثوم
28-7-2014, 04:11 PM
الحاسة السادسة:




تغير لون الصباح , آلام مبرحة كتأنيب الضمير تدرك روحها و هي تستيقظ فزعة بصمت من كابوس باغتها على سريرها كسكرات الموت ,

ما هاته الرغبة الجامحة في التقيؤ ، لا تشعر أنها بخير أبدًا ,

رغم الهواجس المتناقضة المتضاربة يجب أن تستيقظ , أن تأخذ نفسًا عميقًا نقيًا لتبيد به التسربات السوداوية ,

ثم تبدأ يوما انتظرته طويلا و الآن لا رغبة لها فيه لسبب ما ...

إنه اليوم المنشود الذي أرهقت نفسها لأجله مدة شهر كامل ,

فلم تترك الرمق الأخير له , السهر لساعات متأخرة , الاستيقاظ المبكر ,

أعمال شاقة مضنية دون فترات راحة من سطوع الشمس لغروبها , صعود و هبوط ,

نشاط و حيوية غريبان , لشهر كامل بالتحديد , دون مرض أو نكسة , و في اليوم العظيم ؛ يزول ذلك السحر, بكل بساطة ...

هكذا كان شعور سندريلا حين دقة الساعة معلنة عن منتصف الليل , إنها نفس الخيبة و الفزع , الفزع الأخرس :


{ هيا سايا قومي , إنها الخطوة الأخيرة و الأهم , و ستتحدين مع السرير للأبد }×

ذلك الكلام الهامشي في سرائرنا بعيدًا عن صفحة الحياة و آذان حروفها الذي نحرض به أنفسنا و نشجعها على الإقدام على أمر ما ؛

ترفع رأسها المثقل بصراخٍ من نوع ما ببطء , ينسدل شعرها المخملي الأجوري البراق على كتفيها ؛

و تستوي الخصلات الصغيرة لوحدها فوق عينين حالمتين غابيتين يملؤهما النعاس حتى النخاع ,

ثم تقوم مترنحة كزهرة توليب تلعب بها النسائم فتميلها كيفما شاءت...

المنزل هادئ كقطرات الندى الحلوة الصباحية التي تزين رؤوس الحشائش و الورود ,

قطعًا ؛التوأمين ليسا هنا , لكانت أحد المعارك تندلع الآن , لا أحد هنا غيرها ؛ والصمت العريق ...

الورقة الصفراء الفاقعة معلقة على الثلاجة , تنذر بالشؤم ,

تحمل وابلاً من الأوامر رغم اليوم العظيم و التعب و ذلك الشعور الغريب المؤلم الذي ينخر عظامها ...

( أدخلِي الثياب التي نشرتيها بالأمس و أخرجِي الغسيل من الآلة ... البسكويت في الرف العلوِ خلف كيس الدقيق , عندما تعودين أرجو أن تتكفلي بالفطور فلدي ثلاث اجتماعات و أعمال كثيرة ؛ سأتأخر ... لا تنسي اصطحاب آي و كورابيكا من عند الخالة آمي , و حظًا موفقًا ... أمك )



( يا إلهي, ليتني لا أجيد القراءة, أصبحت أكره اللون الأصفر, لن يكفيني الوقت لكل هذا... أوووف, حسنٌ , سأسرع لأنهي هته الأعمال و أذهب )



رغم أنف الوجع و التعب تكمل واجبها و تتجه نحو الكلية ,

و في كل خطوة لها وخز في كل ما هو لها , كم طالت الطريق إلى هناك اليوم , يبدو المكان بعيدًا , بعيدًا جدًا ,

تمامًا كالأحلام , إلا أنه أمكنها الوصول إليه ؛ بينما تلك الأحلام لم تقترب منها و لو شبرًا واحدًا ...

كغريب تتصفح وجوه معارفها أمام باب المدخل , هذا الإحساس يمس حتى الذاكرة و يمسحها رويدًا رويدًا ,

تنقذها ساتو من الدخول في غيبوبة حتمية :

" مرررحبًا سايا ☺ , كيف حاا ... !! , آه.ه , ما بك , ما الأمر عزيزتي ؟ , لا تبدين بخير! "


ترفع رأسها نحو ساتو و في عينيها امتنان سري مخفي لمنقذتها من هذا الصمت المُنْهِك

" أأ , أنا لا أشعر أني بخير أبدًا , استيقظت مع شعور غريب أثقل صدري , لقد كنت على ما يرام بالأمس فقط , و اليوم أشعر بالكآبة , صدقًا , هذا اليوم ليس يومي إطلاقًا ّ"


تنفجر ملامحها كمن اكتشف اكتشافًا عظيمًا:

" ساياا , أنت دوما لما يتملكك شعور سيء يحدث أمر ما , ربما محاضرتك ستفشل .. أتعلمين ؟! يمكنك أن تلغيها , يوجد فرصة أخرى الأسبوع المقبل "

" آ , ربما , ستفشل حتمًا و أنا في هذا الوضع , على أي حال أشعر أن كل الأفكار و كل ما حضرته قد تبخر , تعالي لأخبر الآنسة "

" تخبرينني بماذا ؟!" رن صوت رقيق خلفهما

" آآنسة أسامي , كــ ... كنت أود أن أخبرك أني سألغي محاضرتي هذا اليوم "

" ماذا؟! و لماذا ؟ "

" لأن حاستها السادسة قالت ذلك " تنطلق من فم ساتو كالصاروخ

" حاسة ؟! أي حاسة هذه ؟ لا شك أنك أنت من أقنعتها بذلك , واثقة ... عزيزتي, لا تلقـِ لها بالاً, إنها مجنونة, صديقتك و تعرفينها, هيا لندخل"

" لاا , في الواقع أنا لا أشعر أني بخير , استيقظت بصعوبة اليوم و أحس أني مريضة , ربما سأصاب بالزكام "

" لا بأس , هذا طبيعي , لقد أرهقت نفسك كثيرًا هاته الأيام , و لا ريب أنه الخوف فقط والرهبة قد فعلا فعلتهما فيك , ستكونين على ما يرام "

" لا صدقًا, لست ممن يهاب شيئًا, لكني لست بخير, و واثقة من هذا "

" سأحضر لك بعض الأدوية و ستتحسنين, لا تدعيني أشرح لك تأثير العامل النفسي و المرض الوهمي الذي يصيب الناس في حالة الفزع و الجزع , هيا بنا لندخل"

" آسفة آنسة, لكني لست بخير مطلقًا, لست جاهزة حتى, متأكدة أني سأفسد كل شيء "

" حسنٌ حسنٌ ... إذا ؛ لعبت ساتو بعقلك , لا بأس , يوجد فرصة أخرى الأسبوع المقبل , سألغي محاضرتك , و لكن لن تذهبا لأي مكان , ستبقيان لمشاهدة محاضرات اليوم"

تصرخ ساتو " ماذا ؟! و هل أنا مشعوذة ؟! "

تُطْبِق سايا فاه ساتو "أصمتِ ... حسنٌ , شكرًا آنسة أسامي "

الآنسة ممازحة " هههه , هيا تعاليا , و ساتو , أرجو أن لا يبدر منك أي تصرف مشين كالعادة "

" حاضرة آنسة "






ألقى العديد من الطلاب محاضراتهم , كلها تتحدث عن موضوع واحد , بالرتابة و الملل نفسه ,

و كأنه لا يوجد في بحر الكتب التاريخية الأدبية التي تتحدث عن الأمجاد و الأساطير إلا كتاب "الإلياذة" لهوميروس ,

الشاعر الإغريقي العظيم , واضحة هي المعركة التي تنشب في أنفسهم , تفضحها الأنفاس المتذبذبة المتوترة ...

و هي تعارك في نفسها شيئًا أكبر , إلحاح الحاسة السادسة على الانتحار ..

{ أيها الشعور؛ لقد ألغيت المحاضرة , رجاءًا توقف ‼} ...


انتهت المحاضرات و الأوجاع لم تتوقف بعد , و هذا الزحام يزيد الأمر سوءًا , تخلق آلاف الأعذار و الحجج لتغادر , فلم يبقى نفس ,

لتطلق الآنسة أسامي سراحها بعد جهد كبير ,

غادرت المكان مع ساتو نحو بيت الخالة آمي , آملة أن يعلق الشعور وسط الحشود و تدهسه الأرجل الدائسة ,

مرجرجة نفسها في الطريق معتقدة أن هذا الوخز في قلبها هو مجر بقاياه ,

تحتاج لتنفث عليها فتروح هباء منثورًا عبر الأثير...

يُقال ؛ أي فكرة تعتقدها و تؤمن بها يمكن أن يُريك عقلك أنها قد تحققت , بينما في الواقع لم يحدث شيء ,

رغم إيمانها أنها قد تخلصت من الإحساس ذاك , إلا أن الآلام أبت أن توقف سخافتها , استمرت , و استمرت و استمرت ...


لكل طريق نهاية , لكل شيء نهاية , فهاهي آخر الطريق و ها هو بيت الخالة ,

و لكن ليس لسكرات الحاسة السادسة من نهاية , بقناع خادع و ابتسامة حلوة مصطنعة تخفي عذابها ,

فلا تريد لأحد أن يشاركها هذا , أن يسألها عن أمر يلم بها , تشعر به و يملؤها حتى أخمص قدميها, و ليس لها تفسير له ...




تدق الباب لتفتح الخالة بعد لحظات معدودة و تقبل بوجهها البشوش كالعادة :

" سايا عزيزتي . مرحبا بك , و من حضر معك ؟ .. آاا , ساتو , تفضلا بالدخول , مرحبًا بكما ‼ "

ساتو "مرحبا خالتي آمي "

سايا "شكرًا خالتي , أتيت لاصطحاب آي و كورا "

" حسنًا , لكن لماذا لا تبقين تناول الغذاء معنا ثم يمكنكم الرحيل "

" شكرا خالتي , لكن سيعود أبي قريبًا للمنزل و يجب أن أكون هناك .. أنت تعرفين؛ لقد أوصتني أمي ببعض الأمور و تدركين إن أنا لم أقم بها ما الذي سيحصل لي "

" ههه حسنٌ , لا بأس , تفضلي لغرفة الجلوس و سأناديهما ... آي , كورابيكا , لقد جاءت سايا , هيا انزلا "

صوت يبدو من نبرته أنه مرتفع و إنما هو خافت من الأعلى " نحن قادمان "

" سأحضر لكِ بعض الطعام لتأخذيه معك, دقيقة فقط و سأعود "



بعد دقائق نزل التوأمان و أحضرت الخالة سلة بها الطعام ثم غادروا صوب منزلهم ...

" حسنًا سايا , نلتقي غدًا , وداعًا "

" شكرًا لك ساتو لأنك رافقتني اليوم , إلى اللقاء "

" لا شكر على واجب عزيزتي "




اتجهت ساتو لبيتها و دخل الأشقاء الثلاث منزلهم :

" مرحبًا , لقد عدنا .... لا أعتقد أن أحدًا هنا , هيا اغسلا أيدكما و تعاليا , ستجدان الغذاء جاهزًا "

ما إن غادر التوأم حتى دق جرس الباب , فاتجهت سايا لفتحه

" من بالباب ؟"

" إنه والدك , افتحي "

" مرحبًا أبي , تفضل "

" مرحبًا , هل عادت أمك ؟"

" لا , ليس بعد , أعتقد أنها ستتأخر اليوم "

" نعم أدرك ذلك , لكني اتصلت بها لتأتي - يضع حقيبته على المنضدة و يفتح ربطة عنقه- أنا تعب جدًا , سأصعد لغرفتي لأرتاح ,عندما تأتي أمك أخبريها أن لا تزعجني المهم أن تحضر ما طلبته منها ... -يُدخل يده في جيب السترة متأففًا - خذي هاتفي و ضعيه في الشاحن "

تأخذ منه هاتفه و هي لا تزال تنظر إليه باستغراب , ثم ترد بصوت هادئ " حسنًا , أمرك "


صعد للطابق العلوي متمتمًا بكلام غير مفهوم , يبدو من حركاته و تعابير وجهه أنه متذمر من أمر ما , ربما واجهته مشاكل في العمل ...

عاد التوأمان من الحمام, تناولا فطورهما ، توسل كورابيكا لتتركه يذهب لبيت الجارة للعب مع ابنها,

بعد إلحاح طويل , تركته يذهب , شرط أن يعود باكرًا , و أن لا يوسخ نفسه أو يخلق المشاكل ,

بينما آي قررت البقاء لمشاهدة التلفاز في أمان, المهم أن يتركاها في سلام نظرًا لتصرفاتها الغريبة الملحوظة اليوم,

على أي حال تحتاج للراحة و الجلوس وحدها لتهدئة و ترويض هذا الإحساس الهجين الذي يرفض الانصياع و الخضوع ....

في محاولة مجنونة يائسة لمدة طويلة تفتح كل أبواب حواسها لتطلق سراحه ,

أو بالأحرى لتطرده بعيدًا عنها , تصرخ في صمت يمزق حناياها , تترجاه ليتركها في سلام , و لكن دون جدوى , فقلبه قاسٍ ...

تُرهِف كل ما فيها , عبثًا تبحث عن ما يبعدها و ينسيها في كل هذا الهراء في حديقة غرفة الجلوس ,

بينما هي منهمكة في التفتيش عن سؤال ما في زهور تبدو كئيبة اليوم , رنَّ الهاتف,و قبل أن تتفطن للقيام رفعت آي السماعة :

" ألو , مرحباً ! من على الخط؟ "

" ألو , مرحبًا عزيزتي آي , كيف حالك "

" آاا , عمي ياماتو , أنا بخير و أنت , كيف حالك ؟ "

" أنا على ما يرام , هل والدك في البيت ؟ "

" أجل إنه هنا , هل أناديه لك ؟ "

" أجل عزيزتي , هيا أسرعي "

" حسنًا -تضع السماعة جانبًا- أبي ... أبي , العم ياماتو على الهاتف "

بصوت خافت لا يخلو من التبرم من الطابق العلوي " أنا قادم ... ألو "

" أكان , في أي عالم أنت ؟‼ , أحاول الاتصال بك منذ الصباح و هاتفك مغلق "

" نعم , لقد نفذت بطاريته , ما الأمر؟ "

"لقد أفقدوني صوابي إدارة المصحة , لا ينفكون يتصلون و يتصلون من أجل جثة العجوز و مقتنياته , أنت تعلم أني لست بالمدينة اليوم , اذهب بدلي "

" و ما الذي يفترض بي أن أفعله أنا, هل احتفظ بجثته في الثلاجة ؟‼ ... لقد أفسدت يومي بخبره هذا الصباح و تريد مني أن أذهب إليه, لا صلة لي بذلك الهرم , أخبرهم أن يفعلوا به ما شاءوا "

" ماذا تعني بكلامك ؟ "

" أرجوك , ما الذي يمكن أن يملكه ذلك العجوز المُعْدم , فليتبرعوا بأشيائه إن وُجِدت حقًا , و ليأخذوا جثته لمصلحة حفظ الجثث أو يدفنونه دون أي مراسيم أو أي سخافات , أو يرمونه في بحيرة ما , ما أدراني أنا ؟ , لن يفتقد العالم مجنونًا , إنه بحاجة للعقلاء "

" حسنًا , و لكن إن اتصلوا مجددًا يجب أن تفعل شيئًا , إنهم يفسدون عطلتي و زوجتي غاضبة جدًا مني بسبب هذا الإزعاج "

" لقد قلت لك مسبقًا, ليس لي أي وقت لمثل هذا الهراء, لست مهتمًا بالأمر و لن أضيع وقتي, إن تخلصت منه أخبرني و إلا, فلا داعي للاتصال بي مجددًا "

" حسنًا حسنًا , سأُعْلمهم بقرارنا , وداعًا "

"إلى اللقاء " و يضع السماعة بعنف





> آﯾھَـآ آلآعژآءء .. ﯾړُﭴـے عﮃم̝̚ آلرد :} !

أثير الفكر
28-7-2014, 04:29 PM
"ج2"

تفاجئه سايا خلفه بصوت قوي شجي

" عن أي عجوز أنتما تتحدثان؟ "

ينتفض انتفاضة خفيفة دلالة على الفزع " أنت هنا, لم أرك... إنه فقط ذلك المجنون "

تصرخ بصوت مبحوح و الدموع تباشر الظهور على عينيها " لا تنعته بالمجنون , ما الذي حلَّ بالعم رييو ؟ "

بتهكم واضح " ليس طبيبًا في المصحة, بل هو من المرضى أعتقد... لقد توفيَّ هذا الصباح "

تنخفض حدة نبرة صوتها " كـُـ ... كنتـ تعلم بهذا, صحيح ؟ "

" نعم , لقد اتصلـ ..."

تقاطعه و تعود للصراخ و تنفجر بالبكاء " و لم تخبرني بذلك , لماذا لم تخبرني , لماذا ؟ "

"سايا , كان لديَّ أعمال كثيرة اليوم , خسرت رهانًا و صفقة , و تشاجرت مع مديري و هو غاضب مني جدًا , بسبب العجوز الأحمق ذاك و الاتصالات المتكررة لإعلامنا بموته , لا ينقصني همك أنت أيضًا .. و من يهتم لأمره أصلاً ؟! "

" أنا أهتم !... أنت تدرك ذلك جيدًا, لكنك لم تخبرني, لما تكرهني هكذا ؟.. " وتركض صوب الطابق العلوي لغرفتها

" سايا ... سايا انتظري , تعالي إلى هنا ‼ ... آه يا إلهي ستفقدني صوابي هاته الفتاة "

تصعد السلالم و الدموع تغشي بصرها, تكاد لا ترى طريقها إلى الأعلى, و نواحها خلفها يتجرجر , تدخل غرفتها و تغلق الباب خلفها بقوة , و ترمي بنفسها على السرير محاولة كسر الأحاسيس التي اندمجت فيما بعضها البعض لتخلق ألمًا جبارًا أكبر من ذي قبل .. كانت منذ البداية تنذر بالنحس , منذ البداية كانت الحاسة السادسة رافعة الراية الحمراء , يا ليتها أفسدت المحاضرة و قلبتها رأسًا على عقب و لم يكن هذا ... لقد توفي العجوز رييو , العم الرييو شقيق جدها المتوفى , دخل المصحة العقلية منذ أن كان بعمر العشرين , بسبب أمور غير منطقية كان يتلفظ بها تفسيرًا لضياع يوري , صديقه المقرب , في رحلة لتصوير فلم وثائقي قام بها و أصحابه المقربون ,تومومي , واكانا و كوتا , و الذين فسر موتهم أيضًا رغم أنهم توفوا بطريقة عادية خلال فترات متقاربة في حوادث متفرقة تفسيرًا ليس له أساس من الصحة , و حديثه مع نفسه و شجاره و صراخه مع شخصيات خيالية لا توجد إلا في عقله , و إيذاءه نفسه ثم تلفيق التهمة لهاته الشخصيات ... هكذا يقولون عندما يتحدثون عن رييو المجنون , لكن سايا لم ترى أي خبل في تلك العينين , بل سكينة و لطفًا و رزانة ..
تعرفت على العم رييو و هي في العاشرة من العمر , عندما كان يصطحبها جدها أكيرا دومًا لزيارته من فترة لأخرى ... كان وحيدًا , وحيداً حقًا , تخلى عنه الجميع و تركوه منفردًا بائسًا مع اللون الأبيض و رائحة الأدوية و الموت , لم يكن له إلا شقيقه الذي يزوره كل أسبوع من باب الإنسانية , من باب الأخوة التي جمعتهما يومًا , و برفقته حفيدته الجميلة

"سايا" ‼

سايا لم تكن تعي أنه مجنون قد يودي بحياتها أو حياته في نوبة غضب أو هستيريا , لكنها كانت ترى و تفهم انه رجل عادي , رغم أن ما بعد الهدوء عاصفة هوجاء حتمًا .. بعد مرور الزمن توفي الجد , فشعر العم رييو بحزن عميق , لأنه فقد آخر ما كان يملك , و قد بدا هذا جليًا في كل ما هو فيه , انقطعت الزيارات بانقطاع آخر بصيص ... مرَّ الأسبوع الأول , فالثاني , فالثالث فالرابع , و رييو يغوص في الحزن أكثر فأكثر ‼

و ذات مطر جاءت ... تلك الصبية التي ملكت ما يكفي من الشجاعة والوعي و الرحمة , لتقف إلى جانب هرم لم يتبقى له إلا طاقم أسنانه القديم , مثلما رآها هو و استغرب من قدومها , رأته هي واحتارت في الحزن الذي يفوح منه ...
كانت يانعة آن ذاك , و ما كنت لتكذب و تراوغ , أثبتت أنها تريد أن تتوغل في هته الروح ,أن تكون لجنبه , أن تكون الصندوق الخشبي الصغير الذي نخبئ فيه أسرارنا و أثمن ما نملك .. فتح رييو قلبه , و لم يتوانى في كشف كل ما يوجد في الثنايا و أفرغ كل ما في جعبته, و كان رييو ؛ ريو حقًا ، لكنه لم يجرأ أبدًا على فتح آخر و أصغر بابٍ أوصده بإحكام منذ زمن بعيد , رغم تكتمه و صمته و بسمته تلك التي يرد بها دومًا عن سؤال لا طالما رددته بنفس الصيغة و بعفوية مطلقة
"( لم زجوا بك هنا ؟ , أنت لا تتصرف أو تتحدث كالمجانين أبدًا )" ...

قطعًا , لا يمكنه أن يخبرها بأي شيء, كي لا يُرمى به لآخر الرواق بعيدًا عن الحياة و النور و فوضى المرضى و الزوار و الأطباء , يريد أن يشعر و لو قليلا أنه هنا في مكان ما من هذا العالم الكبير , أنه موجود حقًا , أو شبه إنسان , أو ربما لا يريد أن يبدو مجنونًا في نظرها بعدما صورته لمدة طويلة عاقلاً , لا يريد أن يفقد ما كسب بدل شقيقه , فلن يسقط عليه شيء من السماء .

هكذا كانت حياته , مغامرة صغيرة تودي بحياته و حياة أصدقاءه, ليدخل مصحة عقلية في غز شبابه و يقضي فيها خمسين عامًا , يتلوى و يحترق , في نفس ذلك الصمت الطاغية الذي أرهقنا جميعًا ...
دخل ابن العشرين , مفتول العضلات , قوي و وسيم , و خرج بن الستين , ضعيف , خائر القوى و عجوز...

لا طالما مات المُهَمَّشُون المُهَشَمُون في صمت , بل تحت ظل صراخ الحياة التي لا تبالي , مطلقًا ...

× قامت سايا من سريرها بعد أن أغرقت وسادتها في الدموع الحارقة الساخنة , مسحت ما تبقى من الألم و الندى من على عينيها , غيرت ملابسها و اتجهت نحو الأسفل و ارتدت حذاءها و اتجهت للباب الخارجي , لمَّا سمع والدها صوت فتح الباب أسرع إليها و نداها , لكنها لم ترد عليه و استمرت في المسير , نحو المشفى لتتكفل بجثة العم رييو .. وجدت القطار معطل لمدة مؤقتة بسبب الصيانة , و ما من سيارة أجرة , العالم اليوم كله ضدها , رغم أن السير إلى هناك على الأقدام يستغرق ساعة كاملة , إلا أنها ذهبت مشيًا و لم تأبه أو تهتم , أو بالأحرى ذهبت ركضًا , لكنها لم تصل في الوقت المناسب , لقد تمَّ دفن العم رييو , ذهب للأبد و لن يعود أبدًا

[ بأمر من أقرباءه دفناه في مقبرة المشفى , لأولئك الذين لا يملكون أهلا و يموتون هنا ]

هكذا قالوا لما سألت عن المريض صاحب الغرفة 201 !
هل لهذه الجملة من معنى ؟! , بأمر من "أقرباءه" دفناه في مكان مخصص "لمن لا أقرباء له", ما هذا العالم الغريب, ماتت قلوب الناس .. لم تستطع أن تنقذ منه شيئًا سوى مذكراته الغير صالحة لتبرع, و قلادة كانت في طريقها للبيع لتذهب نقودها لميتم ما , و ذكريات حلوة معه , تركت البهو العظيم , و اتجهت للمقبرة الصغيرة المخفية خلف أشجار العليق , استطاعت ان تتعرف إلى قبر العم رييو لأنه جديد على غرار القبور الأخرى , تبدو من القرن الماضي , و كأن الزمان قد توقف في تلك المقبرة , بقيت لجنب قبره مدة طويلة و لم تشعر بها قط , كل ما في الأمر أن الدموع انهمرت بغزارة , و دون توقف .. قد توقف ألم الحاسة السادسة , لكن حلَّ بدله شعور آخر , إنه شعور بالضياع و التيتم , بالحزن الباذخ , ثم غادرت تاركة بركة دموعها خلفها لتدفئه هذه الليلة , كاعتذار منها عن انقطاعها عن زيارته الشهر المنصرم بسبب انشغالها بالمحاضرة ... لم تعد للمنزل بالخطوات السريعة التي أتت بها , و لم تبالي بالقطار و سيارات الأجرة , فلا تهمها العودة مثلما أهمها المجيء , سارت ؛ و سارت , و لم ينهكها المسير , و بينما هي تائهة و شاردة , فاجأها فتــًا يخرج من محلٍ كالرصاصة صارخًا و زاهيًا

" ياا رجل! لا أصدق هذا ! أرأيت كيف طفى الكأس في السماء لوحده؟! "

" أنا لن أعود لهذا المكان مجددًا أبدًا, دومًا ما تجرفني لما لا أحبه "

" ههه , أصمت أيها الجبــان "

بعد حديثهما المشوش رفعت رأسها نحو واجهة المحل ... "المشعوذة أنستازيا " هذا ما كتب بالأعلى , إنها محل للترهات , و إعلان أسفله عن لعبة ما , تتصل بها مع عالم الأرواح , لتخبر عزيزًا فقدته بأمر ما كنت تود ان تقوله و لم يسعفك الحظ , أو يخبرك هو .. فجأة أصبحت الترهة أمرًا جديًا و حقيقيًا , دون وعي و بكل تلقائية , جدت نفسها تدخل , فتطلب اللعبة و تخرج,ليعود لها وعيها و تحلل ما فعلت ,هي لا تعرف هاته اللعبة و لا تعرف كيف تلعبها و لا تؤمن بها , و لكن شيء في الأعماق قادها , ربما لتحدث العم رييو لآخر مرة ... لا تدري حقًا , فقط أكملت طريقها الطويل للمنزل .

إنها السابعة مساءًا , تدخل البيت عابسة ؛ حاملة القلادة و المذكرة و اللعبة , و تتجه لغرفتها دون أن تحيي أحدًا أو تبحث عن أحد , تسمع أمها صوت قدوم أحدهم , فتسرع نحو الأسفل " هل هذه أنت سايا ؟, أين كنت ؟, تعالي لأتحدث إليك "
لا ترد سايا و تستمر في صمتها الذي تبنته فجأة .. تعاود الصعود للطابق العلوي نحو غرفة سايا

" يا إلهي , ما به هاته البنت ... سايا افتحي الباب و حالاً ! "

ترد من خلفه " لن أفتح , اتركيني و شأني "

" سايا , أرجوك افتحي , أنا قلقلة عليك "

تعود للبكاء " ما الذي تريدينه مني ؟ "

" أرجوك عزيزتي , افتحي , أود أن أتحدث إليك "

تفتح الباب و تصرخ " ما نفع الحديث الآن , لقد مات و انتهى , لقد أخفيتم عني أمرًا مهمًا و يعنيني كثيرًا ,و أنتما تدركان هذا , أنتما تعلمان أن العم رييو عزيز على قلبي , لما فعلتما بي هذا ؟‼ "

تحاول الاقتراب منها لتحضنها "عزيزتي كان لديك محاضرة اليوم و لم أرد إزعاجك أو تعكير يومك, لقد قلتها الآن ؛ قد مات و انتهى !"

تبتعد عنها نافرة رافضة عناقها "إذًا , أنت أيضًا كنت تعلمين بالأمر .. يمكنك أن تغرقي الثلاجة في أوراق ملاحظاتك , لكن لا يمكنك أن تخبريني بأمر أهم من القيام بواجباتك بدلك .. لقد ألغيت محاضرتي , و لن أتحدث إليكما مجددًا , اتركيني و شأني , أنا أكرهكما ! " و ترتمي على سريرها من جديد لتجهش في البكاء

" ماذا؟ .. يا إلهي ! "

ثم تخرج من الغرفة نحو غرفة الوالد " اسمع , ستقوم سايا بأمر سيء , أنا واثقة , لقد قالت إنها تكرهنا , كنت واثقة أنها ستغضب لكن ليس لهاته الدرجة "

دون أن يوقف استهزاءه و تكبره " لو منعتيها من الذهاب إليه منذ البداية لما جرى هذا , الآن أصبحت مجنونة مثله "

تصرخ في وجهه "و الآن تلومني أنا؟ , أعتقد أن أول من اصطحبها هو والدك, و ليس أنا -يعود صوتها الحنون الرؤوف- أنا قلقة عليها جدًا, أنا أعرفها جيدًا, عاصفة غضبها هوجاء "

" هذا كله هراء, ستتحسن مع مرور الأيام, أليست في سن المراهقة ؟!, ستنسى الأمر بسرعة "

بنبرة الرجاء " آمل هذا "



يعود الهدوء للمنزل , و ينام الجميع , إلا سايا .. لا زال الوجع جديدًا في قلبها و الجرح حديث .. تتذكر المذكرات , تحضرها .. تتحسسها .. تتملكها رغبة في البكاء فتكبحها , قد تعبت من النحيب ..

ثم فجأة , تتذكر أمر اللعبة ، لتتصرف بالتلقائية نفسها و تجلبها لتتفقدها ... كُتب عليها "لعبة الويجا" .. اسم الغريب قد لعب في وقت سابق في ردهات مسامعها.. تفتحها أمامها , تتمعن في الرموز العجيبة التي أحاطت بها و في الأحرف المبعثرة عليها , و كلمتي |نعم| و |لا| ..

بغتة ؛ تتذكر أن ساتو قد أخبرتها عنها من قبل , فتسرع نحو هاتفها لتتصل بها لتجد الساعة قد قاربت الثانية فجرًا .. حتما هي نائمة الآن .. فتعدل عن الفكرة و تغلقها ثم تعود باحثة عن نوم شهي بين ثنايا الظلام .

[ نهاية الفصل]




يتاح لكم الرد الآن




http://im54.gulfup.com/eCHYpY.jpg

تشيزوكو
28-7-2014, 06:03 PM
من المذهل تعاون كاتبتين عظيمتين في كتابة رواية!

راااائعة ♥___♥ وكلمة رائعة لا توفيها حقها!

أشعر بمقدار المفاجآت التي تخبؤها الفصول القادمة.. أنتظرها بشوق ومتحمسة جدا لمعرفة قصة العم رييو والسر الذي يخفيه..

اللغة والفواصل والأسلوب كلها رائعة.. أبدعتما بحق ^^

عالم الاحلام
28-7-2014, 08:57 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

واااااااااااو ..

إبداع فاق الخيال ما شاء الله ..

لكم تشدني روايات الغموض والرعب *^* ..

تعاون كاتبتين جذابتين ..

أتشوق لإكمال القصة المدهشة ..

دمتم بود ..

ساعة التخدير
28-7-2014, 10:03 PM
وظهرت الرواية أخيرًا بسبب كسل الأخ ساعة وانشغاله
وارتباطه بالعديد من الروايات فسأقرأ روايتكم دفعة واحدة
عند اكتمالها فأنا لا أحب أنسى التفاصيل ^^"
إلى ذلك الحين...

[ اللــيـــث ]
28-7-2014, 10:05 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
تبارك الرحمن .. رواية رائعة ننتظر التكملة منها .. أعجبتني جداً
وطريقة الصياغة تدخل في القصة وتعيش أحداثها مع أنها للفتيات :wah-sm-new (22): ...
أتمنى أن تبتعدوا عن وضع التعبيرات كــ " ^_^ و -_- " أمتعونا كأننا نثرأ رواية لا قصة عادية .. الله يعطيكم العافية وننتظر جديدكم

وكما قلت للأخت سيناري لاشا .. أتمنى أن تستطيعوا حفظ أعمالكم .. لأن هذا العمل مميز ويحتاج للنشر على أوسع نطاق !
ولا أدري ما به الرفع عندي اليوم .. المهم حاولو حفظ أعمالكم في مدوناتكم الخاصة وفي الفيس بوك ونشره بتويتر وغوغل
هذا العمل سيتم نسخه لأماكن أخرى لأنه مميز وممتع .. قمت بنشره في تويتر والفيس وغوغل .. وننتظر إكمال القصة :)

الجاثوم
29-7-2014, 12:00 AM
[ الليث ] بادرة طيبة منك و اهتمام بالغ مشكور عليه :} + كل من ^_^ و -_- موجودة هنا فقط و لا تتوتجد في بقية الرواية + ننتظر التفاعل البناء من الجميع









طريقة الصياغة تدخل في القصة وتعيش أحداثها مع أنها للفتيات







صدقت في كل شيء .. لكن تلك " رغم أنها للفتيات" .. دع الأيام تخبركـ و تكشف لكـ مجموعة من الأشياء :} !!

غاسا آليرو
29-7-2014, 01:35 AM
وقعتُ في حب سايا 💔 > يرسم لها صورة في رأسه

سلاسة السرد وغنى المعاني جعلاني أقرؤها بلا توقف حتى آخر حرف ^^

*فاصل*
أعشق اللون الأحمر الآجري!
***

لكن،
لِمَ التجزئة '(((
إن كان لا بد؛ فاجعلوا كل يومٍ جزءًا رجاءًا!
أونيقاي 🙇


*فاصل آخر*
كنت قد اقتنيت كتابًا للإلياذة والأوديسة ثم مللت قراءته من الصفحات الأولى ..
لا أعلم أن كان لا زال معي أم تخلصت منه بإهداءه إلى أحدهم ^^°
فلا يقدر أحدٌ على لوم سايا =}
***

ملاحظة عابرة :
- أظن أن كلمة (فتى) ممنوعة من الصرف > بالتالي هي لا تنوّن

S O L I D
30-7-2014, 07:10 AM
مكاني ='(

أثير الفكر
30-7-2014, 07:50 AM
إحم أتينا للإطلاع و التعقيب

مع التاباتالك التعقيب صعب للغاية مع الاقتباس لذا سأكتفي برؤوس الأقلام [emoji38]

تشيزوكو :

سعيدة وممتنة أن تكوني أول من شرف هنا

وجميل أن راقك ~> يمكن تصنيف رييو كبطل الأحداث الثالث [emoji16]

عالم الأحلام:

حياكِ الله ، وأهلًا بجمال طلتك ، نترقبك في القادمات


ساعة التخدير :

يالكسلك -_-

لا تقلق فلن تنسى التفاصيل ~> تضع يدها تحت ذقنها و تنظر لسيناري بابتسامة [emoji57]


الليث :

جزيت خيرًا على النشر و الرد هنا . وسنتلافى ماقلته في القادمات


غاسا آليرو :

أنظروا من يتكلم [emoji38]

غاسا إن وضعت كل يومٍ موضوعًا في القلم . أرسلت لك مقابلًا له جزءً من الرواية كخدمة خاصة ^.^


صحيح نسيت أن أخبركم أن الفصل كاملًا كان عيدية . والقادمات سنضع جزءً واحدًا لتمارسوا * التكهن * بالقادم

وبما أن الرواية كاملة تنسيقًا و مراجعة فستكون المدة يومان ونصف بين جزءٍ و آخر

وبالتالي بين كل فصل كامل و آخر ٥ أيام

إذ أننا سنجزئ الفصل على يومين ونصف

Solid . Gx

بانتظارك

ودمتم بجال و نقاء كأنتم


أرسلت بواسطة iPhone بإستخدام Tapatalk

Miss ShyMaa
30-7-2014, 08:07 PM
جميل جداً ما أبدعتما
سلمت أناملكما D:

لا طالما مات المُهَمَّشُون المُهَشَمُون في صمت , بل تحت ظل صراخ الحياة التي لا تبالي , مطلقًا ...
هي أكثر جملة راقني صياغتها
شي أخير .. تمنيت لو كانت الأسماء عربية
دمتما يخير ")

غاسا آليرو
31-7-2014, 11:34 AM
هاهي ثلاثة أيام '(

أثير الفكر
31-7-2014, 01:32 PM
سيوضع بحول الله ^^

أمهلنا لحظات فقط

أثير الفكر
31-7-2014, 03:51 PM
2- خلف الستار الحاجب :

*
*
*

*الجزء 1 من خلف الستار الحاجب*

.. "أمي أين جواربي "

" عزيزتي هل الإفطار جاهز .. "

"اااااخ أين اختفت حقيبتي"



لفح هذا الإزعاج مسامعها و طفق الصخب يتدافع نحو أذنيها كوابل رصاص , شيئاً فشيئاً خضعت حواسها للاستيقاظ فراحت أهدابها تنفك من إغماضها سامحة لأشعة الشمس بأن تقتحمها ماحية ذاك الظلام الذي كانت ترقد فيه , زحفت يديها من على سريرها بكسل وقامت لتتكئ .. غرقت في أحلام اليقظة و أخذها شرودها بعيداً عن تلك الغرفة , حتى نفذ إلى مسامعها صوت طرق الباب الملح , قامت بتثاقل نحوه ولكن شيئاً أجبرها على الالتفات .. كومة المذكرات ولعبة الويجا التي اشترتها ليلة الأمس, لم تغير ملابسها .. بل فتحت الباب على مصراعيه وتخطت كل العتبات نزولاً إلى الأسفل .......

" سايا .. سايا ... !"

لم يثنها نداء والدتها عن استكمال السير .. لحظات حتى خرجت من المنزل و توغلت بين المشاة في الشارع..
http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


غارقة في سكونها .. يستند رأسها إلى زجاج نافذة معمل التشريح المطل على الحديقة .. منساب شعرها على كتفيها يلثم جبهتها بغزل .. وبين الفينة و الأخرى تلوم نفسها على تصديق تلك المشعوذة, تفر تنهيدة خافتة من بين شفتيها وتعود لاستئناف الشرود من جديد , انتبهت لدمعة تحاول الفرار من مقلتيها .. نفضت رأسها تكابرها واستدارت على صوت صديقتها ساتو بالكاد كان يخرج من حنجرتها إثر لهاثها الناتج عن ركضها مسافة ليست بالقصيرة:
"ما لأمر الذي جعلك تستدعيني كل هذه المسافة؟ تدركين أن لدي الكثير من المحاضرات "

.... رمقتها بنظرة شاحبة .. تقاوم دمعة تطفو في حدقتيها " سايا .. أكل شيء على ما يرام؟؟"

مسحت دمعتها بحركة عفوية وارتسمت ابتسامة واهنة على شفتيها : "أحتاج مساعدتك !! "


http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



صامتتان .. كأن كل واحدة منهما تفكر بشيء , تريد قوله للأخرى دون أن تبلغ تلك النقطة التي تستدير عندها الأحداث:

"شكراً لك ساتو , من بين الجميع كنت واثقة ألا أحد سيخفف عني غيرك"

قالتها وعيناها مفتوحتين .. تنتظران أن تتحرك شفتا الواقفة أمامها لتغادر المكان بشكل لبق , تستند ذات الشعر البني إلى الجدار .. تعبث بطرف ثوبها و بصوت يكاد يكون مسموعاً:

" سايا .. الأمر ليس سهلاً كما تتصورين .. إن كنت مصرة ؛ لا أستطيع إيقافك , و لكن متى ما احتجت إلى المساعدة فأنا حاضرة"

" لا بأس سأكون بخير ... لم تخلق سايا لتبقى أسيرة في دهاليز مخاوفها .. و الآن أراك لاحقاً "

لوحت بيديها وسارت نحو الدرج حتى اختفت عن أنظار صديقتها, ترفع ساتو رأسها نحو السماء مطولاً وتهتف: "أرجو أن يمر الأمر بسلام"

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg

على سريرها استقرت .. ويداها تعانق رأسها .. عشرات الأمور تتقلب فيه .. تحاول ربط الأحداث معاً وتتخيل ما سيؤول الأمر إليه , أعرضت ببصرها عن كومة المذكرات تلك .. وانتزعت ذراعها من معانقة رأسها .. واجتذب الفضول أحداقها إلى زاوية الغرفة حيث يستقر الصندوق الجديد الخاص بلعبة الويجا

بعثرت نظراتها في أنحاء الغرفة .. باحثةً عما يصلح ليكون حلقة ويجا .. حتى هداها تفكيرها إلى استخدام خاتمها ... في منتصف الغرفة جلست .. و أمامها استقرت طاولة يتوسطها لوح الويجا أخذت تمتم بكلمات تلك المشعوذة و تحرك الخاتم يمينا و يساراً وخطت عبارة : "هل هناك أحد " ....
ولم تحصل على إجابة , كست نظرة الإحباط وجهها .. :

" أكان ذلك مجرد كلام فارغ .. ؟؟ تلك كانت كذبة ملتوية مخادعة .. حمقاء أنا أن صدقت تلك المشعوذة "

أشاحت ببصرها عن اللوح باستهزاء : "لست بمزاج جيد لأخرج من الغرفة .. و لكن في الغد ستتبعين قبيلة النفايات في الشارع"

... أطفأت المصابيح وخلدت للنوم

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



هي الآن تركض في ممرات المصحة .. عجباً!! العم رييو يقف على بعد مسافة منها ..
تزيد من سرعة عدوها ثم تتعثر .. فجأة .. تخترق أذنها صوت طرقات عنيفة مدوية ..
تستمر الطرقات العنيفة و كأنها طبول في أوج نشوتها , صوت مزعج ذاك الذي اخترق أذنيها ..
تصحو بوجه يلثمه العرق محدقة في ظلام الغرفة.. إذاً فقد كانت تحلم ؛
و لكن!! ... كان هناك صوت طرقات بالفعل .. ويبدو بأنها تداخلت مع الحلم بطريقة ما ..
رفعت هاتفها وحدقت في شاشته لتكتشف بأن الوقت قد تجاوز منتصف الليل
" عجباً !! الجميع نيام في هذه الساعة" ... كان ذلك حديث نفس راودها ,
الطرقات تزداد عنفاً .. نهضت مترنحة و القلق يعتريها و لم يلبث إلا و تحول إلى خوف بعد أن عجزت عن إضاءة الغرفة " تباً .. المصباح لا يعمل!!"

تحسست طريقها بيديها حتى خرجت من الغرفة واتجهت نحو السلالم .. تلك الطرقات مازالت مستمرة ,

نزلت الدرجات نحو الأسفل فتوقف الصوت .. وخيم السكون ملتحفاً الظلام فما عادت تسمع غير لهاثها الذي يخترق الصمت,

لوهلة شعرت بأن ما سمعته خيال سوله عقلها .. تنهدت و صعدت السلالم نحو غرفتها ..

عادت الدقات مرة أخرى بمجرد اقترابها من الغرفة .. ارتجف قلبها الواهن و دارت خواطر سوداوية بعقلها ..

فذلك الصوت كان قادماً من الأعلى - من غرفتها- اخترقت صرخاتها سكون الليل .. فقامت حركة استنفار في أرجاء البيت و أضيئت جميع الأنوار,

خرج الوالدان سريعاً من غرفتهما و ركضا للأعلى .. بينما وقف التوأم أمام باب غرفتهما في حالة ذهول وهي قد

تقوقعت على نفسها مرتجفة تقاوم شعث أنفاسها ...

" سايا . سايا يا ابنتي أأنت بخير؟؟."

... كان ذلك صوت والدتها , رفعت رأسها على إثره فلسعها الضوء الساطع .. قاومت نفسها و ارتمت في أحضان والدتها ترتجف وكأنها قطة في يد طفل يعبث بها " هوني عليك يا ابنتي ماذا حدث ؟! ... عزيزي أحضر كأس ماء لها بسرعة"
http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


سار الوالد شارداً في ردهة طويلة تصل بين غرف الطابق العلوي، وصل إلى الدرج و شروده لم يسكن بعد ، هبط تلك الدرجات و ما يزال مطرقاً لا يكاد يستوعب تلك الأفكار التي تغزوه ، سار بضع خطوات بعيداً عن الدرج حتى اقترب من باب غرفة الجلوس ، أدار المقبض بهدوء حين سمع هتافاً من خلفه .. استدار ليجد زوجته تمسك بكوب حليب يتصاعد دخانه هاتفة:

" هل وجدت شيئاً ؟ "

أطرق مليا: "لا .. لا شيء بالأعلى"

" عزيزي أيعقل أنها تهذي ."

" لا أفترض شيئًا آخر, ولكني وجدت النافذة مفتوحة , ربما كان الطرق نتيجة الرياح "

" ولكن الليلة الماضية كانت هادئة ولم تكن فيها أي حركة للرياح "

"أرجوك لا تزيدي من وضعها النفسي سوءً .. علينا طمأنتها بأي شيء"

" كما تريد " ....

أدارت الأم المقبض وما كادت تتجاوز عتبة الباب حتى أطلقت صوتها لينساب في الغرفة وهي تقول برقة وعذوبة منادية بنبرة شبه عالية: " سايا .. حضرت لك كوب حليب دافئ"....

ما لبث صوتها أن تلاشى في أنحاء غرفة الجلوس الضخمة ولم يصل لمسامع المعنية الواقفة على الشرفة بذهن شارد في خواطر مجهولة , وضعت الأم ما بيدها على الطاولة .. وراحت تحث الخطى إلى الجزء الأيمن من الغرفة - نحو الشرفة- لتلمح بعد لحظات جسد ابنتها بملابس النوم مستندة بمرفقيها إلى سور الشرفة وعيناها تعانقان القمر في السماء
" سايا " ....

تلتفت سايا فتقابل نظراتها نظرات والدتها وسرعان ما ابتسمت ابتسامة بيضاء هاتفة: " الجو بارد .. لم لا تدخلين و ترتشفي الحليب الذي حضرته لك ؟؟"


http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


" تقولين لم تجدوا شيئاً" .... هتفت بشيء من الاستنكار و عدم التصديق

" أجل يا عزيزتي .. والدك ذرع البيت بأكمله ولم يعثر على شيء .. ربما هو خيالك أو أن الرياح تلاعبت في نافذتك "

"لا أدري لماذا .. أشعر بأنه شؤم ذلك العجوز .. مذ ذهبت للمصحة و أنت تتصرفين بغرابة" .....

ارتطم الكوب على الطاولة بقوة: " ألا يوجد لديك شيء أفضل من هذا لتتحدث به عن الموتى , لست بحاجة إلى هذا الشراب , و لا أبالي بما في الغرفة .. المعذرة أنا مغادرة " ثم أغلقت الباب بعنف ....

"عزيزي ما كان عليك قول ذلك لها"

تنهد الأب حانقًا : " دعيها وشأنها .. فتاة عنيدة "



http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


مدت يدها ناحية المقبض تديره ثم خطت إلى داخل الغرفة .. توقفت قليلاً تدير أنظارها هاتفة بشيء من الدهشة:
"حقاً لا شيء هنا!!"
, أغلقت الباب من ورائها ثم حررت نفساً هادئاً وهي تتفحص أركان الغرفة الفراش كما تركته .. و الطاولة كما هي .. كل شيء في مكانه الصحيح , ابتسمت بهدوء مردفة: "أيعقل بأنه مجرد هذيان ؟!"

اتجهت نحو النافذة ألقت بأنظارها من خلال الزجاج بحثًا عن القمر الذي استتر خلف طبقات من الغيوم , تمطت ابتسامة على شفتيها وشعرت بشيء من الأمان يسكن قلبها للحظات فقط , حيث أن انعكاس غرفتها على زجاج النافذة قد اختفى وحل محله انعكاس لجسد شخصٍ ما !!!



http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


ترررررا انتهى الجزء :icon100:

هل هناك من يجهل لعبة الويجا لنضع شرحًا لها؟ ~>سيناري تعالي وثرثري لهم عنها

" تستحيل عينا سيناري إلى قلوب"

Icon093

ساعة التخدير
31-7-2014, 07:55 PM
لدي اعتراض كبير..
قلت لغاسا انتظر لحظات
ثم وضعت الجزء بعد ساعتين وتسعة عشر دقيقة
بالنيابة عنه أطالب بتعويض عن كل دقيقة مرت!
ألا تعلمين كم يعاني قلبه المسكين؟
:icon100:
+
متى ستنتهون من وضعها كاملة أريد أن أبدأ؟icon145

غاسا آليرو
31-7-2014, 08:01 PM
اعتراضي كبير أيضا بسبب عدم الالتزام باليومين والنصف، لكن أوجله لحين الانتهاء من قراءة الجزء .... سنعود بعد قليل :icon100:

[ اللــيـــث ]
31-7-2014, 08:27 PM
مكاني .. إلى أن أقرأ الجزء الثاني من الرواية :) ليتني لم أقرأ هذا الجزء -_- .. كان قصيراً جداً



أولاً : أؤيد الوالد بما قال البنت هذه " عنيدة " و دلوعة كمان xD أمزح

المهم .. القصة جميلة جداً ، جذبتني كثيراً وشعرت براحة وانا أقرئها .. أي أخرجتني من الجو الذي كنت فيه " الملل >> الإمتاع "
يبدو أن طيبة قلبها والتي بدأت أشعر بها .. جعلها تحزن كل هذا الحزن على العجوز الراحل
تصوركم لخوف الأب والأم عليها شئ جميل .. ودقيق ، رغم أن الأب واضحة عليه الشدةإلا أنه حاول أن يخفف عن إبنته @@


إمممم :/ أتمنى أن يكون الجزء التالي أطول قليلاً .. ودمتم بخير .

غاسا آليرو
31-7-2014, 10:43 PM
عدنا :icon100:
فعلًا جزء قصييير ولكنه ممتع !
منذ زمن لم أقرأ رواية كهذه > أستمتع بكل تفاصيلها حتى الدقيقة منها 😍

..

حسنا، بالنسبة للاعتراض
هنالك طريقة للتكفير عن ذنبكم بما أن خير الخطائين التوابون
ما التكفير؟ نطرح من اليومين ونصف القادمة الوقت الذي أخّرتم به هذا الجزء، بمعنى :
٦٠ ساعة - ١٢ ساعة و ٨ دقائق = ٤٧ ساعة و٥٢ دقيقة
مما يعني :
يوم السبت الساعة ٥:٤٣ عصرًا !
.
.
.
> بعد كل هذا التعب كان علي إضافة خمسة أيام لأول موعد فحسب 😩

تشيزوكو
1-8-2014, 12:18 AM
×__×

ألم تجدا مكانا أفضل للتوقف؟ مثيرة جدا لا أستطيع انتظار التتمة >__<

بالمناسبة أنا لا أعرف اللعبة ^^" سأكون سعيدة بسماع شرحٍ عنها :)

ساعة التخدير
1-8-2014, 12:46 AM
عدنا :icon100:فعلًا جزء قصييير ولكنه ممتع !منذ زمن لم أقرأ رواية كهذه > أستمتع بكل تفاصيلها حتى الدقيقة منها 😍..حسنا، بالنسبة للاعتراضهنالك طريقة للتكفير عن ذنبكم بما أن خير الخطائين التوابونما التكفير؟ نطرح من اليومين ونصف القادمة الوقت الذي أخّرتم به هذا الجزء، بمعنى :60 ساعة - 12 ساعة و 8 دقائق = 47 ساعة و52 دقيقةمما يعني :يوم السبت الساعة 5:43 عصرًا !...> بعد كل هذا التعب كان علي إضافة خمسة أيام لأول موعد فحسب 😩غاسا إما أنك تمزح أو أنك لم تدخل محكمة من قبل ^^"..هناك ما يسمى بالتعويض النفسي بالإضافة للتعويض بالتمام والكمال..فلو كسر أحدهم راديو جد جدك هل يكفي أن يعوضك بقيمته 10 ريال..بالطبع كلا بل هناك تعويض نفسي كمليون ريال مثلاً؟ ^^لذلك التعويض يكون بوضعها كاملة حتى أقرأها أم أنكم لا تريدونني أن أقرأ؟http://www.msoms-anime.net/images/smilies/tears.gif

الجاثوم
4-8-2014, 02:16 PM
* ج2 *


تَعالى صوتٌ خشخشةٍ اقتحَمْت مسامِعها ، فانتْفضت بغتةً وتصلبت قَسماتُها وانْكَمشت شفتاها ، زَاد صوتُ الخشخشة أكثر ، عمّت جسدها الواقف رَعْشةٌ مستبدّة ، خَلعتْ عَنها مَا بقيَ مِن استكانة ، وانْفرجتْ شَفتاها محاولة الصراخ و لكن الصوت خرج همساً ، توقّفتْ الخشخشةُ بَعدَ أن تصاعدتْ ، وَتلاشَى ارْتِجاجها ! تصلّبتْ لِوهلة قَبل أَنْ تستدير وفِكرة واحدةٌ تأصّلتْ بِعقلها : " الويجا" !!! ...... أدركت الآن , حقيقة الموقف الذي تعيشه ولم يبق عليها إلا أن تواجه الواقع .. حدقت بالفراغ أمامها طويلاً قبل أن يتحرك بؤبؤ عينها نحو الطاولة بل نحو لوح الويجا , لا شيء .. انتفضت مُديرة أنظارها من حولها ، كأنها تبحث عن شيء ، أو تحاول استقراء المكان والموقف الذي وُضِعت فيه ، قاومت أنفاسها اللاهثة و المرتجفة حين رأت الخاتم يتحرك على اللوح .. تقدمت بخطوات مترددة و جلست قبالة الطاولة :


- م ر ح ب ا


كان ذلك ما كتب على اللوح , رفعت سبابتها و بادلت المجهول التحية


- م رح ب ا ،، م ن ت ك ون . أ ي ه ا. ا ل م ج ه ول - أ ن ا . ي و ر ي


" يوري ؟! عجيب .. اشتريت هذا اللوح لأخاطب عمي و لم أتوقع بأني سأخاطب روحاً أخرى "


- ل س ت .. ر و ح ا .. أ ن ا .. ب ش ر ي .. م ث ل ك


" قلت بشري؟؟ إذاً لمَ لا تظهر بشكل طبيعي؟؟ "


- ك ا ن ت .. ح ا د ث ة .. ق د ي م ة


" حادثة قديمة ؟؟ لا أفهمك !!"


- أ ن ت .. ت ع رف ي ن .. ر يي ي و ؟


"آه العجوز الطيب .. نعم هو قريبي .. لحظة هل تعرفه "


- ك ن ا .. أ ص د ق ا ء .. ف ي .. ا ل م ا ض ي .. ف ي .. ن ا د ي .. ا ل أ ف ل ام !


بدا عليها الوجوم إثر جملته الأخيرة : " هل يعني أنك أحد أولئك الخمسة الذين فقدهم عمي في رحلة تصوير فيلم وثائقي ؟ "


- ن ع م .. !!


ازدردت لعابها وسألت: " عمي لم يكن يكذب .. أو يهذي ! "


- ن ع م .. ه و .. ك ذ ل ك ..


سألت و قد أصبح صوتها أكثر حدة : "أخبرني ما هي القصة ؟؟ و لم زُج بعمي في تلك المصحة .. حباً لله أرجوك"


- ا ل م ذ ك ر ا ت !!

أثير الفكر
4-8-2014, 02:19 PM
-أطياف ذكريات:



"ج1من أطياف ذكريات "



الحقيقة ! .. حقيقةُ الخذلان، حقيقةُ التهمة الباطلة، تسقطُ على رأسها وتثقله، تُشيع فيهِ صداعًا مراً ترقُصُ أحْدَاقها برجْفةً مُرغمة، تحتَ سطوةِ الحقيقة المرة المنكفئة على نفسها ! شعرتُ بغصة في حلْقها، تقافزت أسئلتها ونطقت
" مَا هو ذنْبه ؟.. ما هو ؟ - يجبُ أن أعرف ، يجبُ أن أعرف " ...

بِصعوبةٍ جمّة أجبرتُ أطرافها على الحركةِ وجرت نفسها حتى وصلت إلى المذكرات .. تلمستها بأكف مرتجفة واستدارت عائدة نحو الطاولة .. حيث يجلس يوري .
http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



أطلقت العنان لمقلتيها وهي تـقف أمام تلك السطور التي تربعت عليها أنواعٌ مختلفة من الأحداث أحداث لا يتصورها عقل وخيال قاصر كخيالها ، حيرة طفيفة تتملك ملامحها التي باتت تتعرج في حين وتنفرج في حين آخر وكأنها تبحث عن تعبير يصف تلك الشحنات المتصادمة في داخلها من جراء ما تقرأه! قطبت حاجبها محاولة منع طيف الخوف والمفاجأة من أن يتملكانها , ولكن هيهات فهاهما يزحفان إلى ملامحها مجدداً ويطبقان عليها بقبضتهما ، وما لبثت نظراتها المشتعلة قليلاً حتى انصاعت لهما وتبعثرت نظراتها لتصطدم بالزاوية التي تجلس عندها الروح مخاطبة إياها:

- م اذا و ج د تِ ؟؟

تشبعت أطرافها ببرودة كالجليد و هي تروي ما حوته الأسطر التي قرأتها قبل لحظات , أحست بصوت يولد في صمت الغرفة المطبق كشرارة هوجاء كلمات تنبثق من نفس مستعرة ولا عجب !! يعيش محجوزا. بين أربعة جدران ولا يملك إلا أن ينتصب أمام هاته السطور يبث نفسه إليها يتسع و يتشعب .. يكتب بكل إصرار .. يزيل شبهة علقت بقدسية عقله بكلمات تنفرط كبكرة أثيرية حمراء



http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



[ لا يُمكِنُنِي الفَهْمُ أبَداً .. إنَّ هذَا الاكْتِئَابَ الّذِي يُصاِحبُ لحَظاتي لا ينفَّكُ يُراودِنُي كُلَّما أغدَق عليَّ اللَّيْلُ بـهذَا السُّكون . رُبمَّا كانَ هذَا بسِبِب الزنزانة المصحة التي أسكنها , فمِن أيْنَ لِي أنْ أُمتِّعَ نفسي وأنا مُحاط بـأربع جدران منكفئة على نفسها !؟, أوْ رُبَّما لأنَّهُ اللَّيْلُ - علَى أيَّةِ حال - أعيش الآن حياةً ملؤها الصخب و الأشخاص .. ولكنها في نظري ضيقة .. حزينة.. فارغة من كل معنى ولون عدى معنى الخسران و الفجيعة .. خالية من أعز الأشخاص : يوري .. تومومي .. واكانا .. كوتا , كئيبة عيشتي من بعدهم .. كل يوم أحس بشعور المنفي الغريب عن وطنه وكل يوم أنتظر شخصاً ينتشلني من براثن هذه الغرفة .. ولا مجيب!! أحاول الكذب على نفسي و إقناعها أن وضعي هنا كان خطأً لا أكثر .. وسيحضر أقربائي لإنقاذي في أقرب وقت .. ولكنهم لم يمهلوني طويلاً .. لماذا لا تكاد عقولهم تستوعب أنهم يمزقون قلبي بسهامهم التي يتقاذفونها .. سلبوا كل ما تبقى لدي من آمال كنت أهذي بها لنفسي .. أخبروني بأني مجنون أهذي بكلام غير مفهوم .. و أن هذا المكان هو الأنسب لي , لم اعد أشعر بالأمان .. أفتقد أصدقائي حد الموت .. امتنعت عن الطعام و الشراب وزهدت في الحياة .. كرهت كل شيء حتى نفسي .. لماذا لم أمت معهم ؟؟ لماذا نجوت وحدي ؟ أشتاقكم .. أشتاقكم يا أصدقائي ]




رفعت رأسها .. وأطلقت لجام حدقتيها لتوشح تلك السماء الزرقاء والسحب الباسقة التي انتشرت على محياها ، وشيئاً فشيئاً انسلت نبرة حزينة مصحوبة بنوبة بكاء إلى مسامعها لتملأها كمداً ! كان أنين الروح التي تشاطرها المكان , اشتعل لهيب حدقتيها مرة أخرى وانسلت دمعة ساخنة من مقلتيها فأشعلت وجنتيها حرارة !!

- ه ل .. ص د ق ت .. ا ل آ ن

كانت تدرك حقيقة شخص عمها و مع هذا لم تجب إلا بدموع عينيها.. وصوت نشيج يمزق صدرها أغلقت فمها بقبضة يدها بقوة أشعرتها بالألم.. فعلت ذلك كي لا يخرج صوت بكائها فيوقظ الجميع .


*
*
*

الجاثوم
4-8-2014, 02:20 PM
ج2


انبلج الفجر .. وراح القمر يزحف بهدوء ليتلاشى.. أطل سلطان الضوء .. ورمت الشمس بأوشحتها النقيّة الذهبيّة بعنفوانٍ على صفحة السماء لينعكس ضوءها على السحب الباسقات ويخترقها ماضياً إلى الآفاق !
فتحت عينها بتثاقل وفي يدها تبعثرت أوراق المذكرة .. يبدو أنها نامت الليل بينما هي تقرأ , مرت لحظات ولا تزال جالسة على وضعيتها .. حتى سمعت صوت طرق على الباب تلاه دخول أحدهم , حاولت قدر الإمكان مغالبة مفاجأتها و دست المذكرات خلفها :

" صباح الخير سايا "

ردت باقتضاب: " صباح الخير أخي"

" البارحة لم تبرحي غرفتك .. أتساءل أكل شيء على ما يرام ؟ "

تمنت لو تفرغ غضبها في أي شخص يستفز هدوؤها .. ولكنها غالبت ما بداخلها و اكتفت بابتسامة لتتملص من ثرثرة أخيها: " إييه .. بالطبع كل شيء على ما يرام .. و أتساءل هل ستبقى واقفاً هنا بينما تبدل فتاة ملابسها؟!"

أدركت ما مدى الورطة التي حشرت أخاها فيها ..ومع تلك الحرارة التي استشعرها تنبعث من نظراتها .. رد بتلعثم:" آه بالطبع لا .. ولكن أردت الاطمئنان فقط .. و الآن وداعاً!" ... تنهدت بعد سماعها لصوت إغلاق الباب .. "مر الأمر بسلام "

أخرجت المذكرات و أكملت ما كانت تفعله ...

[ في ظلال السيول الجارفة , منبهرون أمام وجه الظلام و الخيبة , محشورون في زاوية ضيقة مدببة باليأس , يعتصر في أحشائنا الذهول و الألم حد التعفن , على ضفة أيام الريبة و الذعر , نكتشف الأسرار و الحقائق اليابسة التعبة , ترهق آذاننا بنشيج صاخب يمزق ما تبقى من الأمل , ’’ على حافة القبور ‘‘ نقف , نتحسس مناجاتهم عبر الأثير , مثخنة بالدموع و الدماء ... اقرأ بعناية , خلفك دومًا , شخص ما , يتربص عنقكـ , شيء ما , ظلال تتسلل كالخوف , على حين غرة سيطوقكـ بيديه الباردتين , و الإفلات معركة مريرة دامية, الخاسر فيها أبدًا أنتـ , دومًا خلفكـ , عيون حمراء , لمخلوق يدعى الموتـ ! ] .......

فتحت عينيها على اتساعهما .. واستشعرت ضربات قلبها بينما تقرأ هذه الكلمات ...

[ كان مبنىً نهشته الكآبة .. جدرانه المريرة عبث بها الزمن .. أغلقوا أبوابه أمداً طويلاً .. ترك وحيداً ليتعفن على التلة .. وبقيت معه ذكرياته و أشباحه المعذبة .. جدرانه اعتصرت آلاف الأرواح التي أبت مغادرة عالم الحياة .. واستحالت إلى أشباح هائمة على وجهها بين الطوابق و الردهات .. تفوح منها رائحة الموت و العفن .. ]


[ يوماً ما .. كان مصحة نفسية تعج بالحياة .. ولسبب ما غادر الجميع .. هكذا فجأة .. تركوه غارقاً في ظلامه .. تكتنفه التصدعات ولا يقربه أحد .. ولكن..مهلاً ! هناك من لم يرحل بعد!! ..أحياناً تُشاهد امرأة.. تسير وحدها وسط الظلام بشفتين متشققتين .. ينبعث لمعان شرارة ترقب وحشية من حفرتيها الغائرتين في مسخ وجهها .. وفي بعض الليالي يمشي رجل في أروقة المشفى بيدين مخضبة بالدماء .. يزعق زعقا مخيفاً ولهاث أنفاسه يتكردس بين شفتيه .. أمور أخرى غريبة تحدث في تلك المصحة .. لكم أن تتصوروا خيالاً أسود على شكل دخان يظهر في منتصف الليل .. ينسل من تحت الأبواب يفتحها .. ثم تسمع صرخات مشحونة بالألم دون معرفة مصدرها .. وشبح الممرضة في الطابق الخامس .. ينسل ويستطيل إلى جميع الغرف .. يتماهى في الأرجاء و يطل بوجهه القبيح من الباب ]

والعديد من تلك القصص التي كانت تسردها واكانا فتنساب إلى مسامعنا بحماس.. فنتراشق النظرات و الشغف يكاد يقتلنا لاستئناف بقية القصة .. تتراخى ابتسامة واكانا من فوق ثغرها قبل أن تبعثر حروفها:

" سيكون عظيماً لو صورنا فلمنا الوثائقي القادم هناك .. سيعود علينا بأموال طائلة",

صمتت تراقب تجلي نظرة كلف ودهشة في أعين أصدقائي .. ومن ورائهم في أقصى نقطة في الغرفة أبصرت شدائد من تهديد صاعق يخنق قزحيتاي .. أسررت إليها بنظرة وعيد غامض .. فأشاحت بوعيها عني واستأنفت ما كانت تردده : " نذهب هناك في الصباح بمعداتنا كلها ونأخذ إذن الحارس ليفتح لنا الأبواب "

"ألن يكون ذلك صعبا " قفز سؤال يوري إليها

" مطلقاً .. كل ما سنفعله أن نثبت كاميرات في كل مكان.. حتى إذا تجاوزنا 24 ساعة أخذنا ما ثبتناه و عدنا به إلى الاستديو .. الأمر ليس صعباً و سيكون أعظم مشروع نخرجه -استرقت نظرة خاطفة إلى حدقتي المظلمتين - ما رأيكم ؟؟ "

لم تكد تصمت إلا وقد وقعت كلماتها وقعاً ثقيلاً ألهبت أحداقهم حماسة نقلت بصرها بين وجوههم و استرسلت في شرح خطتها .. وكلما انبثق حرف من شفتيها ازداد لهيب فضولهم حدة .. حتى إذا ما صمتت أخيراً .. راح كل واحد منهم يرسم خطته و الطابق الذي سيثبت آلات التصوير خاصته فيه ثم انسلت خطاهم إلى الخارج وهم يتهامسون بسعادة عن هذا المشروع و الذي سيكون بلاءً على أرواحهم وهم لا يدركون]

أثير الفكر
4-8-2014, 02:21 PM
آخر حجز :)

غاسا آليرو
4-8-2014, 03:33 PM
سنعود بعد قليل :icon100:

[ اللــيـــث ]
4-8-2014, 05:23 PM
ونحن أيضً بإذن الله لنا عودة .. حجزٌ مؤقت :)

أثير الفكر
4-8-2014, 05:26 PM
ي سلااام

شوفوا النحاسة الفصل كان اطول و اطول و اطول

ولما حطيت اضافة تعطل المنتدى :)

حاليًا خارج المنزل .. سأسأل سيناري لتضيفه و في حال كانت غير متواجدة لا أحب إكمال البقية XD

ربما أطلب متبرعًا منكم أرسل له ليضيفه :/


أرسلت بواسطة iPhone بإستخدام Tapatalk

غاسا آليرو
4-8-2014, 08:33 PM
يوجد متطوع :icon100:

[ اللــيـــث ]
5-8-2014, 03:12 AM
[ انكفأت وتضاءلت على نفسي.. و أنا أحاول عبثاً لفظ أحرفي من أخاديد الصمت .. تكاد نظراتي تبتلع واكانا الواقفة أمامي و أنا أتقدم نحوها بخطوات رتيبة .. حتى إذا صرت أمامها مباشرة أقبلت حروفي ممتطية صوتاً خرج كالصاعقة على واكانا:


" لم قلت كل هذا؟؟"






ألبست واكانا شفتيها أسمال ابتسامة .. وتسللت كلماتها من بين شفتيها باهتة وعيناها مثبتتان علي:


" ما المشكلة فيما قلته؟ -رفعت يدها ثم هبطت بها على كتفي - رييو .. تدرك أن النادي مؤخراً بدأ بالتراجع ..ونحن بحاجة إلى مشروع ضخم يبث الحياة فيه منجديد"






وبصوت ذابت فيه صنوف التهديدات "حياة جديدة؟؟ أتسمين المقبرة المظلمة التي ستشيدين أركانها وتقحمين أرواح أصدقائنا فيها حياةً؟ -أوقفت سيول اللهجةالحادة المتدفقة من فمي ورفعت كفي نحو صدغي- صدقاً لم أعد أفهمك !!" ]






[ الخوف من المجهول هو ما منعني من الموافقة على اقتراح واكانا .. ومع هذا تأنيب الضمير يتفشى في قلبي .. فلو كنت قائداً ناجحاً لما تدهور نادينا إلى هذاالحد .. كل مشاريعنا الأخيرة لم تحظ بجذب الأنظارفتدنت ميزانية النادي كثيراً .. أدرك جيداً بأن واكانا تسعى لمصلحة النادي و لكن لن أقحم رفاقي بأمرٍ كهذا]






[ تأففت عقدت ساعدي ثم تلفت .. لا أثر لأصدقائي .. تباً لقد تأخروا .. أعدت ناظري إلى الباب .. حدقت فيه للحظات سرعان ما امتدت لما تراءى لي مبنى المصحة يصيبني بالقشعريرة .. نسيت نفسي فجأة في هذا الشرود لولا أن أنقذتني يوري بضربة على كتفي,لألتفت إلى الوراء حانقاً :


" مبــكرون جداً .. أهنئكــم على هذا الالتزام بالمــوعد! "


جاءني الرد مسرعاً: " ماذا عنك ؟؟ في أي عالم كنت تسبح؟؟ " , لم تكد تومومي ترد علي حتى نطقت تلك الواقفة على مقربة منا ومدت يدها لتضعها بيننا : "هذا ليس وقت إهدار الجهد في المجادلة بينكما .. هناكالعديد من المعدات تحتاج إليكما لتحملاها إلى السيارة"


كعادة الآلات البشرية . لا تقول إلا الحقيقة وخصوصاً إذاكانت من النوع النادر كـ "واكانا" .. مع أنني القائد ولكن الشخص الذي يدير الأمور كان هي .. يمكن وصفها بالقائدة الناجحة ... أذعنا لما قالته , وسرعان ما تبعناها إلى المعدات و نقلناها إلى السيارة .. منذ الصباح وأناأشعر بنذير في قلبي .. لم أكن أرغب في خوض هذهالتجربة .. و لكن إصرار الجميع أجبرني على الانصياعلها ]

[ بينما أقود السيارة .. تبعثرت لفحة هواء باردة من النافذة أثارت مخاوفي التي ما فتئت , أحاول عبثاً وأدها ولكنها فتكت بي مستهينة بتلك الشجاعة و الثقةالتي أختبئ وراءها .. تراءت لنا التلة .. وصلنا أخيرا]














" رييو .. أحضر الكشافات و كاميرا الاستشعار "






" واكانا الأرض هنا رطبة .. انتبهي كي لا تزل قدمك"






"من هنا .. أظنني وجدت المدخل!!"






وأكملوا خطواتهم مبتعدين عني و نظراتي تشيعهم بغبطة تتمازج مع الخوف فلازلت غير مطمئن لهات هالمصحة .. تتشتت نظراتي في الأرجاء لتتسع عَلى أوجها حين التقطت أذناي أصوات خطواتٍ متقاربة متتابعة بإيقاع سريع فالتهمني الرّعب واستشرى في أصقاعي المتشرنقة وحانت مني التفاتة مرتجفةٌ إلى الخلف لألمح رجلاً يبدو في العقد الخامس من عمره " أأنت من جامعة سوميسي ناوتو ؟ "






استكانت جوارحي مرة أخرى فأجبت: " نعم يا سيدي،و يبدو أنك الحارس؟؟"






أومأ بالإيجاب: " نعم أنا هو .. كنت أنتظركم هنا لأعطيكم المفتاح .. - صمت هنيهة - لا أرى أحداً هنا ، أأنت وحدك؟؟ "






" لا يا سيدي معي أربع رفاق .. لكنهم مشغولين بحمل المعدات إلى المدخل"






تمتم: " هكذا .. ظننت بأني سأقابل مكتشفاً مسناً بأربعة مساعدين وليس طالباً شاباً "






اعتلى الصمت قسماتي و تدافعت حروفي لتخرج : "هل الأمر مهم لك لتلك الدرجة لتعرف من سيمكث هنا .. -ومددت له يدي- المفاتيح من فضلك !! "






فرماها و من عينيه يتناثر السخط شظايا ومعها ورقة مطوية بالية تبين أنها خارطة قديمة غير واضحةللمشفى , ثم تبخر أمامي كالماء , لم يتمكن عقلي من إدراك كيفية اختفائه من أمامي هكذا , بقيت يابسًا جاحظًا ... تناقضات كثيرة كالسالب و الموجب تجري هنا , أو ربما أنا أبالغ لأني لم أرتح لكل هذا ... بطريقة أو بأخرى , يجب أن أنفض عني هاته الأفكار و أمسحها من عقلي , فهذه طبيعة المكان, هذا ما يجب أن يجري ,يتوجب ان نشعر بالريبة و الخوف و النفور , و إلاسيفتقد عظمته و بريقه .. إذا ما كنت أتقبل الكثير من الأشياء في العالم , فليس هذا أقلهم شأنًا , على أي حال, واكانا على حق , دومًا ما تكون على حق , هته آخرفرصة , للعودة و بقوة ... عدت أدراجي إليهم فوجدتهم جالسين ينتظرونني يحوم حولهم السأم غربانًا :






" أكنت تتوسل إليه كي يعطيك المفاتيح أم قصصت عليه حكاية حياتك , لم كل هذا التأخير ؟ "






ما أمكنني إخبارهم بأني كنت أقنع نفسي بالمواصلة في كل هذا و أحفزها على مجاراتهم : " آآ ... المعذرة ,هيا بنا لندخل ... –أدخلت المفاتيح فصدر صوت غريب,التفت إليهم و كُلِي قلق و ارتباك- , أسمعتـــــم هذا يارفـــاق ؟ ! "






زمجرت تومومي من خلفي منزعجة " أرجوك توقف عن هذا , أفتح الباب و دعنا ... أصبحت تزعجني "






عدت لمقبض الباب أشعر بنوع من الخجل و الاستكانة,ثم بصوت خافت صدرت كلماتي " أنا أهذي, لا تلقوا لي بالا "








, و أدرت المفتاح فاتحًا ذلك الباب العتيق المملوء بالتجاعيد و الخدوش الغريبة من أعلاه لأسفله , و كأنه كان درعًا لأحدهم أمام مخالب مخلوق خرافي ما , بمجرد أن نُكَئ الباب كالجراح القديمة حتى نفرت نحونا ريح غريبة , لست أدري عنهم و لكني شعرت بقشعريرة تغلغلت في كل ما هو فيَّ , لم أرد إخبارهم أومقاسمتهم إحساسي هذا , فقد أضحوا يتحسسون بشدة مني ... تتبعنا الأشعة التي سارت أمامنا للداخل, كأننا نتشجع بها للدخول , أنا أتشجع بها .. حتما هي أول ما يدخل إلى هنا من نور منذ زمن بعيد جدًا , و كذا نحن , فلم يقرب أحد المكان منذ سنوات طويلة , إلاالحيوانات التي تمر من هنا و الطيور في السطح ,لربما إن كانت عاقلة لعاشت في الجهة المقابلة لهته المقاطعة بأكملها .. كنت أولهم , و كان عليَّ التقدم قبل أن يدفعني أحدهم بيده أو كلامه اللاذع , كانت مجرد أربع خطوات لتضعنا في الصورة , أربع خطوات و أعناق معلقة للأعلى ... بهو عظيم و سقف عالٍ , تتدلى منه خيوط تعلق ألف قارورة زجاجية مختلفة الألوان تنعكس من خلالها الأشعة التي دخلت معنا فتبدو أقرب للمصابيح , بقينا مدة من الزمن و رؤوسنا معلقة , لوأننا من كوكب آخر لقلنا أنهم يتبعون آخر الصيحات , أوأن المصحات وجب أن تكون سقوفها هكذا , كم كان باهرًاالمنظر فعقد ألسنتا ومنعها حتى من إبداء دهشتها .. بعدأن تعبت رقابنا , أنزلنا أبصارنا لتظهر لنا ملامح المكان ,صورة أُضِيفت إليها خامة ما , إنها ذرات التراب التي تبدو فقاعات صغيرة براقة متحركة في الفضاء حينما تخترقها الخيوط الشفافة الضوئية , وفي صلب هاته الصورة غرف وممرات عديدة متناثرة في هذا البهوبشكل دائري , تقابلنا سلالم عظيمة قد تحمل مئة شخص نحو الطابق الثاني الذي شكله مثل شكل الأولدون أن يُفَرق بينهما سطح كامل , رغم أن المكان يبدو أكبرمن الخارج لكنه من الداخل أصغر , أو ربما يفصل بين كل طابقين سقف , و سلالم موزعة أصغر من السلالم الرئيسية التي أمامنا في نهاية كل دورين للصعود للأعلى , هكذا هي هندسة المكان ربما , إذا ما كان تصميمه كما أتصوره ... بعد لحظات من الصمت والتحديق , كسرت واكانا ذلك الهدوء :






" ربما لا توجد أنوار هنا , و يجب تثبيت آلات التصوير-رفعت معصمها تنظر لساعتها- إنها السادسة و عشردقائق , ليس أمامنا وقت طويل كي يُسْدِل الليل ستائره... تومومي خذي الجهة الشمالية , يوري الجهة الغربية, كوتا الشرقية , و أنا و رييو سنتقاسم الطابق الأول ...حسنٌ ؛ تبدو هذه ممراتٌ هنا , حتما يوجد مثلها بالأعلى , ثبتوا كاميرا في بداية كل ممر و أخريات في بعض الغرف ... لا تتوغلوا أكثر, و إذا ما لاحظتم الظلام قد اشتد؛ عودوا أدراجكم.. نلتقي هنا عند السابعة والنصف, بيننا اللاسلكي, فلا تغطية هنا ... هيا بنا لننطلق, ليس لدينا الوقت نضيعه " ..






لم يعترض أو يسأل أحد , فقط حملوا أجهزتهم طبقوا ماسمعوا , و بقيت أنا و واكانا .. لا زالت تدقق في كل الزوايا و كأنها تدرسها بعمق في عقلها , و لم تنهرني لوقوفي دون حركة بجانبها , أو ربما كانت تجهز وابلاً من الأوامر و التأنيب لي ,

باغتها بسؤالي الذي نطَّ من بين شفتي كهر أسود أخضر العينين في قمة تركيزها ,قد يكون عليَّ تذكيرها من حين لآخر بأني أنا القائد هنا رغم تراجعي في الفترة الأخيرة : " ما الذي تعتقدينه في هذه الزجاجات المعلقة ؟! "






التفت إليَّ و على وجهها نوع من الاستغراب الطفيف ,لربما لأني أحاول الدخول في مغامرتهم هاته المرة وليس الفرار , ثم ابتسمت تلك الابتسامة التي تنِم عن الجرأة و الحماس : "من يدري ؟ قد تكون سجنًا للأرواح, سنأخذ واحدة معنا "






حملت أجهزتي و أخذت بنظري لطرف من الطابق : "الأفضل أن لا نلمسها , سنلتقط بعض الصور فقط ,فلنترك هته الأرواح في سلام , دعينا نكتشف المكان أولا"






و دون أن يخلو وجهها -رغم أني لم أكن أنظر إليه- من ذلك الاستغراب ثم البسمة: "هل تصدق حقًا أن بهاأرواحًا محبوسة ؟ , كنت أعتقد أنك تعتبر كل هذا هراءً "






أجبتها و أنا أسير لجهتي تاركًا إياها و صدى صوتي خلفي : "إذا كانت قصصك حقيقية , فحتمًا يوجد شيء بالقارورات , و حتمًا يجب أن ينجح هذا الفلم الوثائقي نجاحًا كاسحًا ليس له مثيل , يجب أن نبذل كل جهدنا لنجعله الأعظم ... هل ستقفين هكذا هناك ؟! هيا قومي بواجبك "






قد دخلت مغامرتهم حقًا , شعرت بأن واكانا فرحت بذلك جدًا , سمعت من مكاني صوت حملها لأشيائها , ثم رنت حنجرتها من هناك : " حاضر سيدي ! "






... أحسست بنوع من الرضا على نفسي , و شرعت في التنقيب في جهتي .. ممر رئيسي كالوريد و أخرى تتفرع كالشرايين , من الجيد أنها قصيرة , فهي مظلمة نوعًا ما , وضعت آلة تصوير في نهاية بعضها , و في بعض الغرف التي وجدتها مفتوحة , فلم أرد لمس المقابض لأن الأبواب تبدو هشة و خشيت أن تسقط ... أواعتقد أنه عذر كي لا يفاجئني شيء ما ... بقيت لي كاميرا واحدة أردت وضعها في آخر الرواق, فاتجهت إلى هناك متفقدا ما تبقى من الغرف, ملتقطًا بعض الصور, فإذا بفجوة كبيرة تفاجئني على الجدار , كأنما شخص قد حطمه بمطرقة كبيرة , شغلت الكاميرا كأني أخشى أن يفوتني شيء ... لا أنكر طبيعتي الفضولية ,تجاوزت بعفوية ذلك الحرص و الذعر ؛ و دخلت ..






كان المكان دامسًا , فأشعلت مصباحي , لأندهش بالسلالم امامي , جيد أني لم أخطو خطوة إضافية , لكنت سقط أو ربما أغمي عليَّ ... كانت الجدران رطبة و ترابية , والجو خانق نوعًا ما , لكن لم تكن الطريق طويلة كما اعتقدت , ثم وصلت لغرفة ذات حجم عاديٍ , لا يتواجد فيها أي باب أو نافذة أو منفذ غير هذا الذي أتيت منه , يتوسطها مكتب أكله الزمن , فوقه كتاب أو دفتر أسود الطلة و قلادة فضية تحمل جوهرة حمراء , ربما يكون هذا كتاب السحر الأسود... لم أتوانى في حمله أبدًا ,كان غارقًا في الغبار , فمسحته عنه و فتحته بكل تلقائية, لكنه كان فارغًا ... خاب أملي حقًا , فقد دخلت فعلاً في مغامرتهم , أدخلته حقيبتي و دسست القلادة في جيبي, ثبت الآلة و صعدت , ثم تفقدت ساعتي فوجدتها قاربت السابعة و العشرين دقيقة ، لهذا عدت إلى البهو ... كنت أول الواصلين , لم ألبث حتى نزلت تومومي و خلفها كوتا , ثم أتت واكانا , و جلسنا ننتظر يوري ...






أخبرتنا تومومي عن غرفة ملطخة جدرانها بطلاء أسود أو أحمر غامق , ربما هي دماء قد جفت , و سريرها المملوء بالأحزمة التي تثبت المريض , و سلاسل راسخة في الأرض و الحوائط كي يبقى المضجع دون حراك , كوتا حدثنا عن رواق مملوء بحفاضات للأطفال و غرف ةبها دمية و ملتزمات الرُضَّع , ، أما واكانا فأعلمتنا عن حجرة غريبة و مميزة عن الأخريات , فلا تبدو غرفة مريض ؛ سرير فخم , جدران مغلفة , صورة كبيرة معلقة لشابة تبدو من العصور الوسطى نظرًا لملابسها و شكل الغرفة عامة , و قناع مكسور على أحد المناضد , ربماتكون هاته الغرفة لثري ما , و قد يكون صاحبها مصاب بانفصام الشخصية , أو بما يسمى بتعدد الشخصية الفصامي أو اضطراب الشخصية المتعدد , ظن نفسه من العصر الفيكتوري , فشُكِلت على حسبه ... و أخبرتهم أناعن الجدار المكسور و الكتاب و القلادة اللذين أحضرتهما معي , لما أبصر كوتا السِّجِل , أخبرنا عن الحبر السريِّو إمكانية أن يكون مملوء بالكتابات لكنها لا تظهر إلا إذاسلطنا عليه شعاعًا ما و عن الأحجار الكريمة النادرة التي هي أنواع مختلفة من المعادن المتبلورة مركبة من عنصرين أو أكثر و أكثرها ندرة يتجسم من عنصر واحد غير معروف ، وتتكون أساساً من مادة السليكا مع وجود بعض الشوائب المعدنية و مواد أخرى تتواجد عادة على فواهة البراكين و مناطق جريان الأنهار البركانية و التي تطلق ذبذبات كهرومغناطيسية و تجذب أو تنفر طاقات أو عناصر ما عبر مجالها الضيق أو الواسع و تصدر ما تصدر و تشوش ما تشوش و أمر عن درجة الشفافية و التكوين الكرستالي السريع و أشياء أخرى من هذا الهراء الذي أحاول دومًا أن أفهمه و اقتنع به ... بقينا نتناقش مدة من الزمن ننتظر يوري ,حتى قاربت 7:40 , و الليل قد هبط , فاتصلنا به على اللاسلكي لكنه لم يرد , إنما خدش مسامعنا حسٌ مبحوح أو صوت خشخشة , تملكنا الخوف هاته المرة جميعًا , و لكنا صعدنا مع بعض لنتفقده , فجأة ؛ سمعنا غناءً غريبًا و فتصلبنا في أمكنتنا !

Hercule Poirot
5-8-2014, 05:18 AM
جئتُ متأخرًا - ربما من حسن حظي لأقرأ أكبر عدد من الفصول معًا - وأخرتني مشاكل المنتدى أكثر عن إمكانية الرد. سيكون لي تعقيب مفصل عند انتهاء الرواية إن شاء الله، لكن حتى الآن، أقول إني مستمتع بما أقرأ وأنتظر الفارغ بباقي الصبر... أعني أنتظر الباقي بفارغ الصبر.

دمتما مبدعتَيْن

dete.ctive2

أثير الفكر
7-8-2014, 04:41 PM
"ج3"

ظهر لنا ظلٌ لمخلوق غريب لم يتضح لنا لا رأسه و لا أطرافه, ثم قفز من الظلام إلينا و ليتضح لنا أنه فقط ... يوري , واضعًا حقيبته على رأسه , و كأن المصحة قد خلخلت دماغه فأضحى مجنونًا ... صرخت تومومي في وجهه :

" أيها الأحمق , لقد أفزعتنا ... لا تكررها "

لم يفهم يوري شيئًا فاعتلى قسماته التعجب : " ما الأمر , ما الذي تقصدينه ؟ "

ردت واكنا في غضب عارم : " لسنا نلعب هنا ... دعنا نعود الآن "

" و أنا لست هنا للعبث ... لقد وجدت سلالم قادتني للأعلى لمكان مثل هذا بالتمام, أعتقد أنه يوجد طابقين آخرين بما أن المكان يبدو أكبر من مجرد طابقين من الخارج "

نسينا ذلك الحنق جميعًا و رحنا نستفسر أكثر عمَّا وجد ... عادت واكانا للتدقيق في الزوايا , ثم بصوت خافت بدرت كلماتها : "إذًا ؛ طوابق أخرى و وقت إضافي هنا , سنأتي بمعدات أخرى غدًا و نباشر العمل منذ الصبح كي لا يباغتنا الليل "

تأففت تومومي نازلة بخطوات عنيفة ؛ ما بالها هاته الأيام كالنار المتأججة : " أوووف ؛ أنا لن أبقى هنا أكثر من يومين "

" يمكنك أن تنسحبي , نحن لن نفشل من دونك ... أوقفي تذمرك هذا , و كوني جادة إذا سمحت "

زمجرت بكل قواها فارتد صدى صوتها بقوة لآذاننا فآلمها "و من أنت لتتحكمي فيَّ و تأمريني , سكوتنا في كل مرة عنك لا يعني أننا نخشاك , على أي حال لست القائدة هنا ... أيتها المتسلطة " بدرت الكلمة لأخيرة مغمورة تهكمًا

رمقتها بنظرات حقيرة ثم بنوع من الاشمئزاز قالت " يا لك من غبية ثرثارة ..... ! "


و بدأت مناوشتهما الكلامية , و واثقون أنها ستتحول لمصارعة حرة ... واكانا لا تحب من يجادلها كثيرًا و يخالفها , أو يتذمر و لا يلتزم بأعماله و اتفاقاته .. و تومومي ؛ روح حرة كما تقول , لا تقبل من يكثر أوامره عليها , كما أنا تصبح كالهرة المتوحشة عندما تبتعد أكثر من 12 ساعة عن ألعابها .... معارك النساء أعظم من حروب الفايكنغ , بصعوبة بالغة أسكتناهما و أوقفنا جدالهما , رغم أننا لسنا معتادين على الخلافات ، و كل ما في الأمر أن تومومي تحتاج لفترة راحة والقليل من الألعاب كي يعود لها وعيها , أما تلك الربوت , فلا تحتاج للشحن حتى ... على أي حال المكان مملوء بالطاقة السلبية , رغم أني قد دخلت لعبتهم , و لكن تبقى " حاستي السادسة " أمامي دومًا في كل شيء .

عدنا للنزل منهكين , تعب عجيب يحاول التَجَذُر , و نعاس بوزن الفيلة يقف على الأجفان يأبى الذهاب في حال سبيله ... أمرٌ طبيعي ؛ فقد تعبنا اليوم من السفر و البحث عن المشفى و تجهيزه بالآلات ...

إنها الساعة 10:45 ليلاً , استسلمنا و رفعنا الراية البيضاء , و سلمنا أنفسنا للنوم , إلا يوري ؛ بقي كعادته لينقب أكثر عن قصة المصحة و يرفع صورًا لها و يجهز البرامج و الملفات للمباشرة بالعمل غدًا .... قد تكون قاربت الساعة الثانية عشرة , و يوري يجهز نسخًا من الخريطة الرثة و يوضحها و يسهل قراءتها , يتصفح منتديات و موسوعات تحمل الكثير من المعلومات عن المصحة , و يراقب من حين لآخر أشرطة الفيديو التي تُبَثُ مباشرة من المشفى إلى الحاسوب من خلال الأجهزة التي علقناها في كل مكان ....

مشفى [كوشمار للأمراض العقلية و النفسية] , قبل حوالي قرن من الزمن كان يعُجُ بالمرضى من مختلف الأعمار و الأجناس و الأصناف , كمستعمرات النمل .. عرف في بدايته نجاحًا نسبيًا في مداواة المرضى و تطوره , فلاحَ في الأفق كقرص الشمس الأصفر , و أكثر ما جعله مشهورًا , هو أحد الأطباء المحنكين الذي عُرف بطرقه و أساليبه الفذة و الفريدة في معالجة المرضى ... مرت 50 سنة , و كل شيء على ما يرام , أناس يلجون ميئوس منهم , ثم يخرجون و كأن شيئًا لم يكن , أو كأنهم مجرد زوار لم يعرفوا من قبل أي نكسة .. فجأة و دون سابق إنذار , أضحى الطبيب المثالي جلادًا من الدرجة الأولى , فلم يسلم أحد من سياطه , فعذب و نكل بجثث المرضى , و ساءت بذلك سمعة المكان و تدهورت حاله .. استمر الطبيب في تشريحه دون أن يوقفه أحد ، حتى الممرضات اللواتي كن يعمل هناك ، تلك المخلوقات الرقيقة التي أطلق عليهن التاريخ { ذوات الرحمة } أصبحن مثله ..

لم يسلم أحد من تجاربه و أعمالهن إلى أن أُغلق المشفى نهائيًا و لم يرى أحد المرضى أو الطبيب و الممرضات أو يعثر عليهم , فقط اختفوا , هكذا بكل بساطة ... أصبح المشفى مهجورًا , لكنه عرف حوادث كثيرة , فكل من دخله لم يخرج أو خرج مجنونًا ... قيل أن الطبيب كان ساحرًا يستعمل المرضى في شعوذته و يذبحهم تقربًا من الأرواح الشريرة التي أوهمته أنها ستعطيه القوة و المال, إلى أن أشبعهم بالدماء فقضوا عليه و على الجميع, و قيل أنه كان هو نفسه مختلًا عقليًا و قاتلاً متسلسلاً يعشق الدماء , حين فرغ المشفى انتحر في مكان ما , و قيل أن الناس شاهدت أشخاص هناك بالداخل يظهرون ثم يختفون , من أطفال و ممرضات و مرضى ملطخة ثيابهم البيضاء بالدماء , و أصوات صياح و نحيب , لكن لم تثبت أي من هاته النظريات و الخزعبلات , و رغم هذا يبقى المكان يحمل العديد من الأسرار و الأحاجي , و الوجهة الأولى لعشاق الرعب , و الشعوذة ...



كالغريق يتخبط حينًا و يطفو حينًا أخرى في هاته القصص و الحكايات, يتدفق الأدرينالين بقوة تكاد تمزق شرايينه , و نشوة عارمة تغمره حتى النخاع في جنح الظلام و الوسواس ... بينما هو راسب فيها , تمثل له خيالً في أحد الأشرطة , فدارت رقبته 260 درجة كالبومة و ثبت عينيه المفتوحتين لآخرهما و ملؤهما العروق الحمراء التي تتالت بشكل أفقي من الحدود لبؤبؤ عينيه, و تقلصت حدقته ليركز مليًا في الشريط فإما يثبت أو ينفي شكه ... الساحة الخالية حتى من ذبذبات الهواء التي من المفترض أن تحرك و لو قليلاً الأوراق المتناثرة على الأرض , أعاد الشريط للخلف أتت من عدم صبية تبدو في التاسعة من العمر , ترتدي ثوبًا قد انقرضت موضته منذ قرن من الزمن تحمل دبًا باليًا ممزق الرأس, ترفع رأسها نحو آلة التصوير و تحدق في الكاميرا بعينين مشعتين كالقناديل ثم تمضي ... أعاد الشريط ألف مرة كي يتأكد أن هذا حقيقي و أنه لا يتخيل ...إنها نفس الفتاة ودبها البني في أحد الموسوعات التي تتحدث عن المشفى وعن قصة طفلة تعاني من مرض التوحد التي سقطت من نافذة غرفتها منذ أكثر من نصف قرن , نفس الملامح و الثياب و تسريحة الشعر ...مذعورًا قام شاحبًا, يحاول إيقاظ كوتا لكنه لم يستجيب, بل بدأ يهذي هذيان النائمين ... عاصفة اضطراب نفسي لمت بيوري فلم يعرف ما الذي يجب أن يفعله , فلم يكن له إلا أن يحمل خارطته و بعض المستلزمات , و يترك لنا ورقة يعلمنا فيها أن نلحقه , و ترك المكان في حالة فوضى عارمة ... لقد أخذ القرار الخطأ هنا , ما كان عليه المغادرة لوحده ...

في ذلك الظلام الحالك و أصوات الذئاب و حفيف الأشجار التي يبدو و كأن أحدًا يتحرش بها , و رائحة الذعر و الارتياب العفنة المنبعثة من كل شيء , سار إلى المصحة وحيدًا إلا من أمتعته القليلة و الشغف و الجنون في قلبه , تاركًا إيانا في نوم شهي و سلام .



الساعة 02:30 ليلاً !


استفاق كوتا , فوقع نظره على النور الخافت القادم من الحاسوب , استغرق لحظات ليستوعب الموقف , ثم قام ليطفئه , رغم بقايا النعاس و النوم على عينيه و عقله , إلا أن صورة الفتاة لفتت انتباهه , ظنها من الإنترنت , لكنه وجدها صورة ثابتة من الفيديو , ارتج رجة بددت أي سبيل للعودة لسريره , تحقق من الأمر عدة مرات, و ما زاد إلا يقينًا , أنار الأضواء بحثًا عن يوري :

" أطفئوا الأنوار اللعينة ... دعونا ننام "

صرخ ففاجأ آذاننا " أين يوري ؟! ... واكانا استيقظي , يوجد شيء على الأشرطة "

رغم أنها كانت نصف نائمة و نصف مستيقظة و لكن بمجرد أن سمعة الأشرطة حتى قفزت و اتجهت نحو الحاسوب بسرعة البرق

"ماذا ؟ ... ابتعد عن الطريق ...هل هاته فتاة هنا ؟؟‼"

" أجل , لقد تحققت من ذلك ألف مرة , يوجد فتاة في المصحة , و في هذا الوقت المتأخر من الليل "

التفتت للأسرة " أين يوري ؟ يوري ... ماذا ؟! , سريره خالٍ و أين هو؟"

" إنه مرتب , لم ينم فيه حتى , أين هو ؟ "

"يا أصدقاء , أنظروا لهاته الورقة , أعتقد أنها منه "

خطفتها واكانا من يد تومومي

×(أنا في المشفى الآن , الحقوا بي حين تستيقظون ..يوري) .. زمجرت رامية الورقة ... "غير معقول‼ .. كيف له أن يذهب دوننا في هذا الوقت, الأحمق ... "

وسط هذا الانزعاج و الجو المشحون, تنبه كوتا لحركة على أحد الأشرطة و برزت عيناه مسربة الذعر , ثم بصوت متقطع تدحرجت الكلمات من حنجرته

" و..واكـ.. واكانا , تعالي أنظري إلى هنا "

التفتنا جميعًا فارتعشت أرواحنا ارتعابًا , و نَتأت أعيننا و بقينا مدة نستثبت أن هذا ليس هذيان المستيقظين حديثًا من النوم .. إنه يوري وسط ثلاثة أشخاص ملثمين يحملون عصيًا فولاذية يحاولون مهاجمته ... بسرعة جهزنا أنفسنا و أسرعنا بالسيارة للمصحة, نتقطع قلقًا في الطريق إلى هناك وسط السخط و الصمت... وصلنا مذعورين, يعترينا الروع و الاستياء, و العرق يتندى على جباهنا, لم أدري كيف أوقفت السيارة , و لكني أعتقد أني اصطدمت بشيء ما , لم يكن لي وقت لتفقده ... و ولجنا بسرعة , لم نسمع أي صراخ أو صياح , كان المكان هادئ كأي مقبرة , خالٍ حتى من أصوات الليل و الظلام , أخرجت هاتفي في محاولة عابثة للاتصال بالأخرق , و لكن ما من تغطية في هذا المكان المنفي اللعين , حاولت التحكم في أعصابي قدر المستطاع و أرجعته بهدوء لجيبي , ثم حاولنا الاتصال على اللاسلكي ؛ و ما من رد .. لم يكن لنا إلا أن نتوزع بحثًا عنه , أخذ كل واحد جانبًا بعشوائية , و تهنا في مستنقع المجهول ....


× اعتراف ؛ منذ البداية هكذا شعرت , و ما خاب ظني , رغم أني حاولت طمس إحساسي و مواراته التراب و إنما كان ما كان ... لا أمل في الرجوع , لم يحكي لنا التاريخ يومًا عن شخصٍ عاد به الزمن للوراء ليصحح خطأً ما .. هذا الركب يسير لا ينتظر أحدًا !





تغلغلت تومومي في تلك الأوردة و لم تترك زاوية إلا و نقبت فيها, رغم تعجرفها؛ لكنها قامت بواجبها على أكمل وجه , فتشت كل الغرف إلى أن وصلت لغرفة العصر الفيكتوري .. ولجت بسرعة , لكنها لم تخرج بالسرعة نفسها , بقيت مدة تتأمل شكلها الذي جذبها , و أسلوب صاحبتها أو صاحبها الفذ .. بدت الغرفة جديدة كأنها لم تكن في هذا المكان المهجور من قبل , و لوحة المرأة الحسناء ذات الابتسامة العجيبة كابتسامة موناليزا .. نسيت كليًا أمر بحثنا عن يوري , و بقيت كالسائحة في الغرفة تتمعن في كل شيء, لفت انتباهها مرآة مزركشة على المنضدة .. بينما هي تنظر لانعكاس صورتها تمثلت خلفها الشابة التي على الصورة بقناع مكسور , فما بدا منها إلى عينها التي كادت تخرج من مكانها لجحوظها , تجمد كل ما هو فيها , و لم تقدر على الصياح أو الحركة , تنتظر أن تجهز عليها بكل بساطة ...

" هل أنا جميلة ؟! "

نطقت المرأة المومياء خلفها بصوت متحشرج , التفتت تومومي ببطء كأنما تخشى مفاجئتها فتهجم عليها , و لكن ... ما من أحد خلفها , كادت تفقد تومومي أعصابها , فلا يمكن لها أن تتخيل كل هذا و بكل تفاصيله الدقيقة , عادت لتنظر للمرآة , و لا يوجد أي شخص ...

أشبع الارتياع قلبها خفقانًا , بدت كالمجنون تتصفح الزوايا الأربع و هي تسير نحو الباب ... بينما هي تتقدم و رقبتها ملفوفة للخلف كأنما قد علقت أو صدئت مفاصلها , اصطدمت بشيء بارد و يابس كالجدار .. طأطأة رأسها هنيهة ثم أثقلته يد ثلجية صلبة , غارت عيناها و هي ترى الثوب الأحمر الطويل المنمق بزركشات سوداء لصاحبة الصورة , ثم و هي تنظر للقناع يسقط على الأرض .. فغرت فاهها و توقفت أنفاسها ... رفعت اليد رأس تومومي بقوة فكادت تقتلعه من مكانه , ليقع بصرها مباشرة على وجه نهشته وحوش ما ...

إنها المرأة الحسناء ممسوح نصف وجهها كأنما قد غُسِل بحمض حارق , فبدت عظام فكيها واضحة ... أمالت رأسها ثم رفعت يدها الأخرى ماسكة سكينا تحاول ذبح تومومي ... صاحت بقوة قاربت أن تمزق بها حنجرتها , و دفعتها عنها بكل ما أوتيت من جهد , ثم استجمعت شجاعته و ما تبقى منها , و أسرعت نحو الرواق .... ركضت كما لم تركض من قبل , نحو مصير مجهول لا تتبصر لنفسها سبيلا للخلاص , خلفها المومياء تقذفها بسواطير حادَّة , أو تتقاذف لوحدها ... زادت من سرعتها مخافة أن تصيبها فتمزقها أشلاءً..

على حين غرة , داهمتها كالموت تلك المخلوقة , فطرحتها أرضًا , و ارتطم رأسها فتهشم و تقاطرت دمائها القرمزية الحارة .. بصعوبة بالغة حاولت فتح عينيها , فوقعت على رجلي المرأة , رغم أن جسدها قد تكسر كلية , إلا أنها قامت بسرعة و دخلت أقرب غرفة لها لتحتمي منها ...!
*
*
*

الجاثوم
7-8-2014, 04:51 PM
"ج4"



نفَّض كوتا الممرات و الغرف نفضًا , مناديًا يوري , حارقًا طاقته حتى كاد يسقط تعبًا ... كان من نصيبه أن يصل للغرفة المطلية بالدماء , كان منهكًا من الجري كمن به مس , توقف ليلتقط أنفاسه المبعثرة و جلس على السرير المتسخ خافضًا رأسه محاولا مسكه براحة يده كأنه يخشى سقوطه من شدة الصداع ...

لم يمر من الزمن إلا أجزاء من الثانية , حتى وُضِعَت كفٌ على كتفه , و جذبته لتلقيه على السرير , ثم أنحنى صاحبها محدقًا بعينين ناريتين , أصلع , أشبه في ملامحه للجوكر , و خاصة تلك الابتسامة العريضة الخبيثة :

" هل رأيت ويومًا أحشاءك ؟! ... دعنا نتفحص عشاءك "

و ضغط عليه بيده المخضبة بالدماء ... بالرغم من الصداع و التعب قفز كبطل أولمبي , و نظر مليًا في الرجل الجوكر مرعوبًا من كلامه و شكله , و وجوده كلية .. ما كاد يتفطن للفرار و النجاة بحياته حتى ارتفع الوحش بجسمه للأعلى و ارتمى عليه ,...

و أخيرا ؛ عاد نخاعه الشوكي للعمل ليستجيب للموقف و يفرَّ هاربًا من الهلاك .. ارتطم الجوكر بالحائط فدمدم صوت تحطم عظامه , إنما واصل سعيه وراء كوتا و كأن شيئًا لم يكن ...هذا شبيه بمثابرة دءوب يعدو خلف حلمه أو هدفه إلى أن يحققه و يظفر به , أو بشكل أوضح , وحش ضاري يسابق الريح خلف فريسة يائسة , إلى أن ينقضَّ عليها و يمزقها بمخالبه الحادة و يُريق دماءها على الأرض مخلفًا ورائه دربًا من الأوجاع ... ما كاد كوتا يأخذ الطريق إلى أي مكان كان المهم بعيدًا عن هذا , حتى هوت عليه من السماء ضربة أفقدته توازنه و ربما جزءًا من الذاكرة , شعر بسائل ساخن يجري جريان النهر على جبينه و هو يرفع رأسه الذي أترع بالآلام و الارتباك , ثم سقطت أشياء كالدموع على الأرض , قطرة قطرة , إنما باللون الأحمر .. زاد توتره و رجفته , فكم خشي الدماء و هابها , قام متمايلاً متحسسًا الجوكر خلفه من جهة , و قابضًا قلبه خشية سقوطه من مكانه بسبب ذلك الفجّ العميق الذي فُتِح في رأسه من جهة أخرى .. كاد يفقد وعيه من هول الأمرين , تمسك بالجدران وصولاً للغرفة المجاورة و رمى نفسه فيها و في ظلامها هاربًا من ذلك الهمجي و من منظر دماءه على الأرض و على يديه , و كأن العتمة ستبعده عن كل هذا , و تصفعه فتوقظه من كابوس فظ مزعج .. ديجور الليالي الباب الواسع الرئيسي لقصر مخاوفنا و أوهامنا , ما كان البطل يومًا ...






واكانا لم تنفذ بطاريتها بعد , أو أنها تُشح تلقائيًا , أو الأرجح أنها منبع و مولد لطاقة لا تنضب .. لو أن الأمر ممكن؛ لقلصت نفسها و بحثت حتى في الثغور الصغيرة المتناثرة في كل صوب .. فتشت و فتشت , إلى أن وصلت لهديتها من عالم البؤس و الشر , غرفة الرضيع ... دخلتها قانطة مشمئزة من تكرار هذا المشهد مرارًا و مرارًا , نفس الشكل و التصميم تتكرر عليها أثر من ثلاثين مرة , صورة واحدة طبق الأصل لكل الغرف , حتى كادت تعتقد أنها تدور في حلقة ليس لها بداية أو نهاية .. وقفت برهة تنظر للدمية و مستلزمات الأطفال كأنها تريح بصرها من ترداد اللون و الشقاء نفسه ثلاثين مرة , أو أن عقلها استوقفها فلا تتفجر عروق عينيها من شدة تدفق الدم المحمل بالمغذيات و الأكسجين , و بل المثخن بها , و تريح تلك الطرقات من الازدحام الخانق , و تترك فسحة لرجليها لالتقاط أنفاسها ...

بقيت تنظر لتلك الأشياء من بعيد , ثم تقدمت نحو السرير كأنما في قلبها شوق لأيام الصبا أو تَحَرُقٌ ليوم ترى حولها أطفالاً ينادونها "ماما" ... لم تلبث حتى خدش مسامعها صوت جهوري لامرأة كأنها تغني أنشودة النوم لطفل ما , تلفتت دائسة على بسمة كانت تحاول الظهور على محياها ... في مكان قرب النافذة كان خاليًا حين دخلت , انبثقت من عدم فتاة تبدو في ريعان الشباب , شعرها الأسود الفحمي منسدل كالستار على وجهها , تحمل في حضنها دمية كما نحمل الأطفال حديثي الولادة , فتداعبها و تجعل من الهيكل الخالي من الحياة بشريًا حقيقيًا , و بطنها المنتفخة بها فجوة كبيرة تتدلى منها أمعاؤها كالعناقيد , و ثوبها يتقاطر دمًا ؛ ممزق على قدر تمزق جوفها :

" نم يا صغيري و غُص في الأحلام × ثم احكي لي عن أرض السلام.... تعالي و انظري لطفلي كم هو جميل , كل النساء يغرنَّ مني لأن أنجبت صبيًا حلوًا كالسكاكر ) ...

و رفعت رأسها ووجهته نحو واكانا لتظهر ملامحها القبيحة من بين الخصلات الفحمية , و تبدو واضحة الندوب المصطفة على كامل طلعتها , ثم عين مفتوحة و أخرى مُطْفَأة تمامًا كأنما هي مفقوعة ... ما إن ثبتت نظرها عليها حتى برزت و جحظت تلك العين الواحدة ثم صرخت فهزت ذبذبات صوتها الأرضية تحت رجلي واكانا :

" ما الذي تفعلينه عندك هناك؟! ... ويلك ؛ أتحاولين سرقة صغيري أيتها الرعناء الغيورة !؟ "

و رمت عليها الدمية التي كانت تحملها فخفضت واكانا رأسها ... لحسن حظها أنها قد أهبطته , فقد اخترقت تلك الدمية الجدار؛ فما يمكن أن تفعله لجمجمة بشرية ... قفزت واكانا من فوق المضجع أمام هول وجه المرأة و بطنها و أطلقت العنان لرجليها فلا يوقفها من جديد أي شيء أو أحد .. ما كادت تخرج من الغرفة حتى تعثرت فلوت كاحلها و سقطت , لم تكد تستوعب أنها قد هوت على الأرض حتى أحست بأيادٍ صغيرة قد وُضِعَت على أطرافها و القليل من جسدها ,ثم زاد ضغط تلك الأكف الصغيرة و كأن لها ثِقَل جبل .. فتحت عينيها لتجد دُمًا مستأصلة المقلتين تثبتها على الأرض , و المرأة أمامها تحمل منشارًا في يدها .. ركلت واكانا و هي مستلقية بطن تلك المسخة غير فاسحة المجال لها لتطبق ما يجول في عقلها , فسقطت أمعاؤها أمامها و قطع أخرى لم تستوضحها , نفضت نفسها من تلك الدُمى ثم قامت عرجاء لباب غرفة كانت إلى جنبها , ثم قذفت نفسها للداخل مقلصة زمن تواجدها في مكان واحد مع شيء لم يتبن لها نوعه أو صنفه...







أما أنا فأخذت بالتنقيب في جهتي كما في المرة الأولى , متفقدًا الغرف المفتوحة و تاركًا المغلقة , إلى أن اقتربت من آخر الممر , استشعرت نفسًا خلفي , أمسكت عنقي و كأني شعرت أن مصاص دماء يحاول الانقضاض عليها , و أكملت طريقي بنوع من اللامبالاة المعجونة بالارتباك , فغالبًا ما أتخيل أمورًا لا وجود لها , تسارعت خطواتي و معها نبضي حتى لفت انتباهي ؛ فأوقف فيَّ كل شيء؛ ظلال تتحرك أمامي على الأرض , تسمرت و كأني مومياء, ثم انفجر قلبي ذعرًا عندما قام ذلك الظل أمامي و حاول أن ينقضَّ عليَّ, لم أدري أأبقى أنتظره أم أهرب , فما من أحد يقدر على الاختباء من الظلال ..
ما كاد يقترب مني حتى اصطدم بشيء ما , شيء شفاف أشبه بحاجز أو شيء من هذا القبيل , ثم بدء يحوم حولي و يصيح , ثم ظهرت أشباح سوداء أخرى و طافت نحوي و هناك فقط أدركت أن عليَّ الفرار , جريت لآخر الرواق بكل سرعتي إلا أن وصلت للفجوة و قفزت إليها بخطوات كبيرة هاربًا من هاته المخلوقات رغم ظلامها المدلهم الذي قد يكون كله ظلالاً كهاته فتطوقني و أغرق فيها ...






مزيج من الحرص و الفضول و القليل من الارتعاب و المغامرة , يحث الخُطى نحو تمثال صغير قريب من الحقيقة بكل تفاصيله الممكنة , الشيء الوحيد الناقص هو دبيب الحياة و الحركة ...

أحيانا, نتصرف بطيش و سفه, قد لا نفكر مليًا, أو لا نفكر مطلقًا, مجرد فضول أعمى, كالعدالة العمياء و الحب الأعمى, يقودنا و يسوقنا؛ إما نحو الهاوية, أو نحو طريق مسدود... أحيانًا ؛ الفضول لا يؤذي , ولكن غالبًا ما يقتل, فقط لو كان في دربا إشارات مرور , ترجعنا و توقفنا عندما يجب عدم الاستمرار , أو ضوء احمر يشع من حين لآخر عندما يتوجب علينا الوقوف و التمهل للتفكير و التمعن ... هاته مجرد أمنيات و لكن الحقيقة شيء آخر تمامًا ...

بينه و بينها مسافة وضعتها الأقدار حرصًا عليه و هو يقلصها غير مبالٍ , بينه و بين صبية مسمر كل ما فيها, واقفة و كأنها منذ آلاف السنين هنا بذلك الثوب القديم و الدب المشنوق .. هي كمركز الدائرة ثابتةٌ , و هو نقطة هائمة في المستوي تنسحب وفق أشعة عديدة ..

بتلك المراوغة التي نحاول بها كسب قلوب الأطفال البريئة , يقترب ببطء مرددًا : "لا تخافي ؛ أنا لن أؤذيك ... "

بقيت خطوة واحدة بينه و بين الفتاة اليابسة كمنحوتة أثرية ... كاد تتسلل إليه فكرة أنه خُدِع بهذا الإتقان اللامتناهي في صنع هته الدمية حتى بدت حقيقية جدًا , ثم فجأة ؛ رفعت الصبية رأسها , و بعينين قانيتين حدقت , ثم تلعثمت :

" أ..أنقذ..أنقذنا مـ.. مـنـ... منهم ... أرجـ .. أرجوكـ !"

لم يفهم , أو كان بصدد الفهم .. بعدها و ضع كفه على أسها مداعبًا إياها :

" و من هؤلاء الذين يزعجونك يا صغيرتي "

" إ.. إنهم هـ..هم ؛ يذ...يذبـحوننا كـ ..كــ .. كل يوم ؛ يعــ ..عــ.. ذبوننا , لم أعـ..عــد أتـ.. أتحمل "

اعتلى وجهه الاهتمام و الاكتراث: " و من هؤلاء !؟ "


"الأ...أروااح الشــ ... شـ ... شريرة !"


كل ما قيل، و كل ما قرأه يوري عنهم, واقعيٌ إذًا، و يجري هنا كل يوم دون وجود نقطة محددة يتوجب الوقوف عندها على معلم يمتد من ناقص ما لانهاية إلى زائد ما لانهاية , أو وجود علاقة رياضية ما يمكن استعمالها لخلق نقطة متناهية الصغر بمقدورها فعل أمر متناهي الكبر , و إيقاف هذا الامتداد المستمر منذ الأزل إلى يوم يصل فيه عالمنا إلى الساعة الصفر... جلس على الأرض كي يتساوى في الطول , ثم نطق بصوت قوي و وشاح من الشغف و الجدية حول عنقه ممسكًا بكلتا يديه ذراعيها :


" اروِ لي كل ما حدث , و ما يجب عليَّ فعله! "


سردت عليه بالتفاصيل المملة أسطورة خيالية بدأت بداية جميلة و انتهت بأبشع ما يكون , أو لم تنهي بعد , بل استمرت بأبشع ما يكون .. منذ قرن من الزمن؛ عاش في هذا الدمار رجل يحمل تصريحًا بالمساس بمن يريد و دون أن يعاقبه أحد , فهو دكتور و يعلم ما يفعل, إذا ما آلمه أحدهم رأسه , يُثقب .. و إذا ما عانى أحدهم من الحمى , فيحرق .. فكما تتأجج النار بداخله وجب أن تُشْعل من الخارج ، فليس التناقض بالأمر الجيد رغم أنف قطبي المغناطيس , و رغم أن البداية كانت أجمل الأحلام , و لكن حين نفيق من النوم يكون كل شيء قد تبخر , مهما آمنا و صدقنا يقينًا قاطعًا أن هذا حقيقي و واقعيٌ ...

كان كل شيء على ما يرام , كلٌ يؤدي واجبه , ناس تدخل سقيمة عليلة ثم تخرج سوِيَّة , كان كل شيء مثاليًا , إلى أن سقطت كما تسقط على الجميع أفكار و معتقدات تُرَّوَجُ في أزقة الفساد و الشر عبر أبالسة تتنكر بجلود البشر للظفر بالمال و القوة الفانيان ..

تبنى الدكتور ناتشو هته الخزعبلات , و اتخذ تلك الأرواح الشريرة الشريدة أبناءً له , فأكرمهم بالرؤوس و سقاهم بالدماء , و أشبعهم بالقرابين , و جعل الطابق السفلي منبعًا لتجددهم و استدعاءهم من الجحيم , فملأه بالتمائم و الكتابات الغريبة الغير مفهومة البتة و التعاويذ ... ثم انقلبوا عليه كما تنقلب العنكبوت على زوجها , و جعلوا المصحة وكرًا لهم يستدرجون إليه الضحايا لالتهامهم , و يستعملون المرضى عرائسًا يُحَرِكونها كما أرادوا ... لربما روح هاته الصبية غضة فلم تتحكم الأرواح الشريرة فيها كما البقية , لهذا هي ترفع الستار عن الحقيقة , و أخبرته عن أن الحل الوحيد هو حرق التمائم في الطابق السفلي كي نتحرر جميعًا , لكن سيكون الثمن رأسه , ثم أردفت كي لا يهرب بعد علمه بما سيدفع بالمقابل :

" أ ... أصدقــ .. أصدقاءك هـ..هنا , و هم في خـ .. خطر , لــ ..لـن يتر ... يتركــ ..كوكم في سـ...سلام "

" لا يهم أمري , سأقوم بالمطلوب ...-ابتسم- لا تقلقي يا صغيرة , سوف تصبحين حرة طليقة "

ردت الفتاة بابتسامة طفولية حلوة تدل على عذوبة و البراءة , ثم و دون سابق إنذار, انبثقت من اللامكان الأشباح السوداء لتلاحقه , قام من مكانه ثم حاول حمل الطفلة و الفرار بها , إنما اختفت من أمامه دون أن يتفطن أو يلحظ ذلك , فهرع لإنقاذ نفسه , فليس عليه أن يقلق على الشبحية , يمكنها تدبر أمرها ... ولج أول ما وجده مفتوحًا أمامه و تلك المخلوقات خلفه تتسابق, فوجد نفسه قد حُشِر في خزانة لأدوات موظفي النظافة من مكانس و مواد التنظيف , و أغلق الباب على نفسه بإحكام , و كأن الأشباح لا تمر عبر الجدان أو الخشب , و أوقف تنفسه كي لا تتحسسه راداراتها , فسمع حفيف أجسامها تمر و تمضي و ثم تروح و تجيء ....


http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



كنت أنا كمن هو عدم و لا شيء في ذلك الظلام أو ربما جزءٌ منه, إلى أن وجدت نفسي من تلك السلالم التي من المفترض أن تأخذني لتلك الغرفة؛ في طابق وحيد من هذا المكان المشوش.. يشبه الطابقين الأولين , إنما دون الدور الإضافي و من دون السلالم الكبيرة , طافحة أرضيته بالأوراق , لم أعلم إن كنت قد تهت في الزمن أم أن كل هذا هذيان .. لم ألبث حتى خرجت تومومي من أحد الغرف راكضة تصرخ , استقبلتها دون قصد, فقد كنت أقف هناك أتمعن في المكان لأفهم أين أنا من العالم , حتى ارتطمت بي فكادت توقعني أرضًا لو لم أتماسك , ظنتني من كان خلفها يحاول إلحاق الضرر بها , فأوسعتني ضربًا , و ثقبت طبلة أذني بصراخها ... بصعوبة ألجمتها , و أعدت لها وعيها , فظهرت لي بعد أن هدأت , دمائها التي انسكبت على وجهها , و افتتاحية الدموع على عينيها , فلم أكد أستفسر عمَّا لمَّ بها حتى قفز البقية من غرف متفرقة صارخين مفزوعين ... جيد أني لم أقف في طريقهم هم أيضًا , لكسروا عظامي و هشموها , بعد أن استوعبوا أننا معًا هنا , و أنهم خرجوا لمكان منطقيًا لا يفترض أن يكون هو هذا , و أن لا شيء خلفهم بعد التفقد مليًا , أوقفوا قليلا جنونهم , و راحوا يتصارخون في الوقت نفسه يروون ما جرى معهم , حتى كادت الجدران تتحطم من الضجيج , غلبهم الإعياء ليتوفوا معًا في الحين نفسه مخلفين وراءهم هدوءًا قاتلا , لاحظت الإصابات المتفرق على أجسادهم , بينما أنا لم يحصل لي شيء , وفزعهم و خيبتهم اللذان شاركتهما معهم مما حصل و من عدم إيجادنا ليوري ...لم تطرأ أي فكرة توحي لنا بالأمان و تفسر و لو بشكل سخيف كل هذا , حاولت الإلقاء بنظري للخارج من النافذة لأعرف أين نحن , لكن كان كل شيء أسود , و كأنه لا يوجد أي شيء , أو أن جدارًا قاتما ملتصق بالنافذة أو أن زجاجها أصلًا أسود , حاولت فتحها لكن أبت أن تتزعزع من مكانها , ثم حاولت كسرها ولكنه كانت صلبة أكثر من الفولاذ نفسه, غاص الإحباط و الخوف فينا أكثر , و خارت قوى الجميع , فاستلقى على الأرض من استلقى , و بقي في مكانه من بقي ... تعبت واكانا من الوقوف و قد بدأ كاحلها يؤلمها فجلست على صندوق كان في منتصف البهو هذا , فتأففت بصوت كئيب :

" ما الذي سنفعله الآن , نحن محجوزون هنا و لا ندري أين هو يوري الآن , لا ندري إن كان حيًا حتى .... رييو , قل شيئًا , أوقف صمتك هذا "

لو أني لم أخشى الشجار لذكرتها أنها هي من أتت بنا إلى هنا ,و لكن الجو مشحون صخبًا , يكفينا ما نحن فيه , فليس هذا موعد نبش الجراح و النقاشات الحادة , و اكتفيت بإشاحة وجهي ماسكًا ناصيتي , أما تمومي فقد انفجرت باكية :

" أرجوكم لا أريد أن أموت , لا أود البقاء هنا ... رييو ,افعل شيئًا !"...

أصبح الكل ينتظر مني أن أفرقع بأصابعي فأخرجهم من هنا في لمح البصر , لكن لا أنكر أنها قد مزقت فؤادي و هي على هذه الحال , و لكن ما باليد حيلة , قبل أن أحاول الكلام لتخفيف عن الجميع , تزحزح ذلك الصندوق الذي كانت تجلس عليه واكانا, فنطت برجل واحدة مبعدة نفسها عن قنبلة ستنفجر .. صدرت منه طرقات قوية , كأنما يوجد شيء يحاول الخروج من هناك ... زاد نحيب تومومي , و توجسنا خطرًا كبيرًا سيَلُم بنا ... هاته هي النهاية لا محالة !

*
*
*
*

أثير الفكر
7-8-2014, 04:54 PM
"ج5"

تشابكت أيدينا, و تأهبنا إما للعبة القط و الفأر أو لمواجهة هذا السعير ... فُتِح الصندوق , و بدأ بابه في إصدار صرير أرعب بطين و أذين قلوبنا , ففقدت تركيزها و اختلط عليها كل شيء فنسيت عملها و راح الصمام يُفتح و يُغلق عشوائيًا , و امتزجت الدماء النقية بالدماء المشحونة بثاني أكسيد الكربون و الفضلات ... ثم خرج منه جسم ما, لم تتبين لنا قسماته من شدة قلقنا... جهزنا أنفسنا للتهلكة, إلى أن اتضح أن هذا... يوري .!

للوعاء حدود فلا يستوعب أكثر من حجمه,.. كذا نحن, قد أتلفت عقولنا كلية, و لم يعد بمقدورنا تفسير أي شيء, أو الثبوت مدة أطول ... كما التقيتهم هم فصرخوا في وجهي يفضفضون , باشر يوري في حكايته الطويلة , رغم أنه كان وحده يتحدث , إلا أننا لم نفهم ما كان يقول , أو لأن حواسنا قد تعطلت مؤقتًا ... بعد مدة, عادنا من جديد لأرض الواقع و فهمنا أن المكان يعُجُ بالأرواح الشريرة التي لن تتركنا و شأننا, و الأشباح المحبوسة المعذبة, و الحل الوحيد الخطير في الطابق السفلي ...

رفضت رفضًا قاطعًا, أن يتحرك من جديد لوحده, فإما نذهب جميعًا أو لا نذهب أبدًا و نبقى هنا إما لتأكلنا الديدان أو لتنهشنا المخلوقات تلك , و جيد أني لم أكن وحدي المعترض هنا كما في بداية كل هذا الهراء , إنما يوري تمسك بموقفه و أكَّـدَّ على أنه سيقوم بالأمر رغمًا عن الجميع , فهذا ما وعد به الصبية .. أكبر جريمة أن تُخْلف وعدًا مع طفل بريء ...

أمام إلحاحه انصعنا لقراره, إنما أبينا أن يذهب وحده, و لكن لم نكن ندري بعد أين نحن من هاته المصحة , فأخرج يوري الخريطة التي معه , و بدأ بالبحث عن موقع مثل هذا في التخطيط , فاتضح على الأرجح أننا في الطابق الخامس و الأخير, ثم تبعناه للبحث عن سلالم ما تقودنا للأسفل , تغلغلنا مذعورين تتحرك عزيمة كل واحد فينا بالتناوب من جهة إلى أخرى عائدة من النقطة ذاتها و بالسرعة ذاتها حتى وصلنا لسلالم قادتنا إليها الخريطة , لربما قد ارتحنا لأننا سنغادر هذا المكان الذي دخلناه عنوة , أو لاقترابنا شبرًا واحدًا من المخرج , لكن الحقيقة التي نقرب منها شيءٌ منافٍ لكل هذا ... كان يوري يتقدمنا , فنزل أولاً و ركضنا خلفه كصيصان تتبع أمها و لو لحفل شواء الدجاج , إنما أوقفنا حاجز شفاف كالذي أحاط بي بالأسفل , لم نستطع مواصلة الطريق معه , فارتفعت أصواتنا آمرة إياه أن يعود حالاً , فنحن ندرك أنه سيستغل الفرصة للذهاب وحده دون أن يعرضنا للخطر , فدومًا ما كان أشوسًا أشمًا ...

لم تبدر منه إلا ابتسامة عذبة دلت على ارتياحه لهذا , ثم ردد و هو يطوي الخريطة :

" اسمعوا يا أصدقاء ... أعلم أنكم ستغضبون و تحزنون لاحقًا , لكن يجب أن تستمر الحياة , يستلزم اختيار الخيار الذي يتوقف أحدهم عن المسير لأجل جيل كامل ... لست أدري كيف تحديدًا, و لكن ستجدون طريق الخروج و الخلاص, سأنزل للأسفل للقيام بما يجب أن أقوم به... بلغوا سلامي لأهلي, و اعلموا أني أحبكم, و سأبقى... رييو , اهتم بهم جيدًا , أعتمد عليك ! "


لم نعد نبالي لما سيجري لنا , لم نعد نتوجس الخطر في كل زاوية , و لم نعد نبالي لكل تلك المخلوقات السفاحة , أصبح شغلنا الشاغل هو يوري , توسلناه و حناجرنا تكاد تتمزق من كثرة الغصص فيها , إنما ما من رد , و بقينا نتخبط في فوضى عارمة .... سار يوري لا يدري أين يمضي بالتحديد , تاه في تلك الممرات و دار في كل جهة أكثر من مرة , إلى أن انبثقت من عدم تلك الصبية , تقدمت نحوه صامتة , ثم أمسكت كفه و ابتسمت ابتسامتها الطفولية كي تقوده أمامها فينقاد بكل رعونة .... ساقته لأحد الغرف , مظلمة حالكة, قابله على بعد مسافة معينة باب آخر يشع نورًا برتقالي اللون , سحبت يدها الصغيرة , فلم يقدر على رؤيتها في ذلك الظلام إنما سمعها تقول و بلسان طليق هاته المرة

" ستجدها غرفة واسعة و كبيرة , معلق بسقفها خيوط عديدة لا تُعد و لا تحصى , تحمل في نهايتها أوراقًا صفراء قد يقارب عددها الألف , و أخرى حمراء , لا تتجاوز العشرة , اقطف الحمراء منها , و رتبها في منتصف الغرفة ليتشكل لك رسم باللون الأسود لدائرة يتوسطها مثلثان قائمان , كما في لعبة التركيب , ستجد نقطة خضراء على أحد الأوراق , أبصق بداية منها بشكل دائري عكس اتجاه عقارب الساعة , ثم سيُشْتَعل مشعل لجنبك الأيسر, خذه و احرقها و هي على الأرض مع اتجاه عقارب الساعة ثم ستحترق التي بالداخل لوحدها ,هكذا ستضمن تحرر أصدقاءك و إبطال السحر و تحررنا من قبضتهم "


بعد أن أصغى إليها باهتمام, دفعت كلماته بعضها بعضًا للخارج " حسن , ليكن هذا "


مضى إلى الباب الذي أمامه , وقفت الصبية خلفه في ذلك الدجى فبدا منها إلا عينيها المتأججتين... قام بما أمرته بكل حذافيره ... ذاك الرماد الناتج طفا في الفضاء و التف حوله و تجمع عليه ليلتصق به بشدة , حتى حوله لتمثال صامت أبيض , و كأنه منحوتة طبق الأصل عن يوري .....

تشيزوكو
7-8-2014, 06:53 PM
لقد قُتلْت ×___×

الإبداع هنا لا متناهي.. بل كلمة إبداع لا تكفيه شيئا.. الأسلوب واللغة والعبارات البليغة التي انسلت إلى القصة بمهارة كلها أكثر بكثير من رائعة.. الأخطاء النحوية واللغوية شبه معدومة..

أؤمن بـ "إن من البيان لسحرا".. نادرا ما ترقى النصوص لتمنحك مثل هذا الإحساس بالعذوبة الساحرة القاتلة.. ولكنكما هنا أثبتما أن ما تكتبانه هو من السحر الحلال ♥ ♥ ♥


عودة للقصة.. الأحداث رهيبة ومشوقة جدا جدا جدا.. أشعر أني أشاهد فلما، باستثناء اللذة الأدبية التي لا نستشعرها في الأفلام ^^



لم يحك لنا التاريخ يومًا عن شخصٍ عاد به الزمن للوراء ليصحح خطأً ما .. هذا الركب يسير لا ينتظر أحدًا !

أحببتُ هذه العبارة كثيرا :'(


بورك قلمكما العذب.. وزادكما الله إبداعا على إبداع :)

بانتظار التتمة بشوق ♥

أثير الفكر
7-8-2014, 07:26 PM
من المؤسف ألا نجد ذاك التفاعل .. في الحقيقة أشعر بالأسى على هذه السطور .__.

غاسا .. الليث .. تشيكو .. عالم .. هيركيول

مروركم معبقٌ برياحين .. بارك الله فيكم

:)

ساعة التخدير
7-8-2014, 07:31 PM
وما ذنبي إن كنتم لا تريدون وضعها مرة واحدة؟
وجهوا دعوات..
ثم سمعت طراطيش كلام غير جيدة تقول أنها
بأسماء غربية ومجتمع غربي؟

أثير الفكر
7-8-2014, 07:54 PM
ساعة تعب 8 أشهر ونضعها على بلاطة ._.!

كل 5 ايام فصل و غير هذا فلا ^_^

والبيئة يابانية يا سيد :)

[ اللــيـــث ]
8-8-2014, 02:54 AM
حجز ولي عودة للإطلاع على الجديد من هذه الرواية الشيقة .. :)

ياسر
8-8-2014, 03:55 AM
ماذا تريدان من المتابعين أن يفعلوا فصول الرواية طويلة ولم تنته الرواية بعد، علام نعلق؟

أيضًا أنا صاحب ذاكرة سمك في كثير من الأمور، أحيانًا أحتاج لقراءة موضوع ما مرتين للتعقيب عليه؛ فالكلام يُنسي بعضه بعضًا ^_^



أرسلت من GT-I9300 الخاص بي باستخدام تاباتوك

ساعة التخدير
8-8-2014, 04:28 AM
ساعة تعب 8 أشهر ونضعها على بلاطة ._.!

كل 5 ايام فصل و غير هذا فلا ^_^

والبيئة يابانية يا سيد :)
ولماذا هذا؟
أذكر في هذا السياق أحد الفرنسيين وأعتقد والله أعلم
أنه أديب أخبر أحدهم أن يأتيه برواية عربية وتحديدًا "خليجية"
لرغبته في معرفة هذه الثقافة التي لدينا فأحضر له رواية
مؤلفها على ما أتذكر كويتي وكانت مكتوبة في بيئة "فرنسية"
فردها إليه وقال:أنا لا أريد أن أعرف ثقافتنا منهم!
أنا أريد أن أعرف ثقافتهم منهم!"
المقصود هو يعرف ثقافته وليس بحاجة أن يكتب أجنبي له عنها
هو يريد ثقافتهم منهم!
وأنا معه وبصراحة أنا ضد ذاك الأمر :/
+
ياسر ما الذي أتى بك عند مجلدات الأختان رواتي
وسيناريXD

أثير الفكر
8-8-2014, 04:38 AM
أولا فكرة القصة لا تنطبق على المجتمع العربي :)

ثانيًا أنا من المشرق العربي تحديدًا السعودية و سيناري من المغرب العربي تحديدًا الجزائر

شتان ما بين محيطي و محيطها :)

كما أن هذه ليست رواية ورقية لنطبق عليها ما قلته .. و إن كنت مقتنعة بكلامك ^ـــ^

+

أتمنى كتابة شيء عن بيئتي في يوم ما

ساعة التخدير
8-8-2014, 04:42 AM
حتى لو اختلف المكان نبقى جميعنا عُرْبًا من المحيط للمحيط
ليست ورقية -_- أيعني هذا أن غير الورقية لا يقرؤها أصحاب عقول؟
..
تقصدين عن الفول والسوبيا والتميس والغبانة والسديرية؟ XD

ياسر
8-8-2014, 04:46 AM
لا أعلم لكن ربما هذا آخر رد لي في الموضوع
حقيقة لم أستطع الإكمال.

صحيح أن الرواية نص أدبي، ولكن يستحسن بالرواية أن تبتعد التكلف البلاغي في نظري؛فهي ليست قطعة أدبية قصيرة بل طويلة.

اعتدت أن أقرأ الروايات بسرعة وأحللها أثناء القراءة؛ لأن الأمر لا يتطلب التركيز حتى تحافظ على النسق
مثلًا: عندما أقرأ كلمة "فر" تلقائيًا يرتسم في مخيلتي فر اللص أو فر الشخص فأحلل الموقف وأنا لم أبعد عيني عن كلمة "فر" لأفاجأ بأنها دمعة خرجت :/، هنا يبدأ عقلي بتوبيخي على إضاعة كمية الأكسجين التي استخدمها ويضيع تركيزي كذلك والسبب هو زيادة جرعة البلاغة التي حولت النص من رواية إلى قطعة أو مقالة استعراضية
شكرًا لكما ربما أعود في نهاية الرواية إن ذكرني ساعة بذلك <<<تم توريط ساعة بنجاح XD



أرسلت من GT-I9300 الخاص بي باستخدام تاباتوك

أثير الفكر
8-8-2014, 05:00 AM
ساعة :

لا عن المعصوب و الكباب ميرو xD

اممم قصدت شيئا كساق البامبو عندما تحدث عن المجتمع الكويتي و انتقد بعض مظاهره بطريقة جذابة :)




ياسر :

تختلف وجهات النظر من قارئ لآخر .. سمعت نفس كلامك من أخي فلم يكمل فصلا واحدا مما كُتب XD

+

أحببت كتابات المنفلوطي للكمية البلاغية الهائلة في سطوره

وكل من يحشو تلك الكمية أعشق أسلوبه أيًا كان التصنيف .. ولولا انحطاط مؤلفات مستغانمي لما برحت يدي من بلاغة أسلوبها :$

" مجرد ذوق أدبي "

جميلة هي صراحتك ووجهة نظرك ^^

سلمت على هذا المرور

:)

ساعة التخدير
8-8-2014, 05:52 AM
أحببت كتابات المنفلوطي للكمية البلاغية الهائلة في سطوره


+1000
أشعر عند قراءتي له أن أتى من عصر بعيد جدًا!
لا أريد تخريف الموضوع ففي كل مرة تضعون فصلًا
أأتي لأعلق خارجًا XD
آه إلا المعصوب! حبيب القلب

الجاثوم
8-8-2014, 06:47 PM
~ الأمر لن يستمر إلا ثواني معدودة

أنا حرة للحظات معدودة الآن .. فقبل أن ينادي المنادي أقول :

أولا السلام عليكم .. أتمنى أنكم في خير الأحوال ♥

للأسف لا أقدر على التعقيب على رد كل واحد منكم لأن الوقت يداهمني ..



سعيدة لهذه الجلبة التي تجري هنا .. سعيدة لأنكم لم تنالوا ما تريدونه من تعجيل رغم أن الأمر يحدث الآن :}

سعيدة بكل من مر مرور الكرام و من أرهق نفسه في الحديث ..

و بعيدًا عن السعاادة .. توقفوا عن استفزاز رواتي Icon00.. ألأني غر موجودة للذود عنها تفعلون هذا ؟! ..


تقبلوا ما يحدث بروح رياضية .. مؤلم أن نعاني لشهور ثم يخرج أمام الملأ كل ما قد تعب عليه لمدة طويلة في ثواني .. الأمر محبط جدًا ~ أنا السبب في بعض أوجاع العالم لكن ليس كلها !

+

ما المشكلة في التكلف البلاغي:cry:.. في نظرك سيد ياسر ما طعم الأدب إن كان خاليًا من لبه و أساسه .. أم لأنك تفضل المقال العلمي الجاف المجرد الأخرس لا تنال ما يناله غيرك و يتعبك هذا الجانب من اللغة العربية .. كما أن الأكسجين لن ينفذ لتخشى قلته باستهلاكك هذا :icon100:.. بالعكس سيحب عقلك هاته الكميات الكبيرة المنعشة من الأكسجين التي تتوافد عليه :icon100: .. كلٌ و ذوقه و رأيه و أحترم ما تقوله خاصة لما قلت أن الرواية تتحول لقطعة أو مقالة استعراضية .. هذا فخر و شرف لنا:SnipeR (69):!

لكن دعني أخبرك أن الأدب من دون هذا التشابك و التفاعلات التي يُحدثها في العقل أشبه ببحر دون سمك أو الأكثر إيلامًا سمك من دون بحر .. الأمر أشبه بجسد من دون روح .. لا أعتقد أن احدهم سيستمتع بجثة تنتن تدريجيًا لتنبعث منها روائح الموتى العفنة .. إننا نحاول الارتقاء الى أعلى درجة من هذا الذي يسمى أدبًا نحاول الابتعاد عن اللهو و اللعب و أن نكون في قمة جبل الحرف .. بمعنى أن تكون هاته أكثر من مجرد هواية و أن نكون في مقام الكُتاب كالمنفلوطي و جبران خليل جبران و السيد قطب ؛ قطعًا لن نصل إلى غيمتهم لكنَّا نحاول الطيران رغم كل شيء ، أليس كذلك رواتي Icon-yes0 ..

عن نفسي إن لم أرواغ في الكتابة و أجعل نفسي أتوه قبل أن أجعل غيري يتوه لا أقدر على الكتابة .. الأمر أصبح تلقائي و فطري .. !

.. لن أسامحك أبدًا إن لم تستمر إلى النهاية معنا .. فهل سيرتاح ضميرك لأنك تؤذي أحدهم و هو الآن ينام متألما بسببك .. لا أعتقد أنك قد قتلت انسانيتك لذلك ستبقى و لا أعتقدك ستعتمد على ساعة :icon100:.. قطعًا ساعة دوما متأهب و في المستوى و انسان طيب و رائع و لا يخلف وعدًا قطعه و كلامه كالسيف و كل شيء فقط كي لا يغضب لكن كل و همه لا ينقصه هم آخر !


+

الجميع يواجه مشكلة مع مستغانمي :} .. تغضبني بقدر كبير لأنها تستخدم سحرها بقصد أو دون قصد لمواكبة العصر الآيل للفساد التام و الشباب الملفوفة رقابهم إلى أظلم الزوايا مولين وجههم عن الشمس .. و مع هذا أنا ملكها .. لكن أبقى أنا أنا ، فما من يد تقدر على عجني إلا أنا و ما من نسيم يأخذني معه إلى سبيله و يذرني عبر الأثير و المجال الذي أراد ، فسبيلي أسطره بنفسي أمامي أذهب به إلى حيث شئت أنا و أنسج فكري باللون و القماش و الحرير الذي أحببت أنا و أتبنى ما شئت و ما راق لي من الأفكار و ألد ما أحببت أنا .. لأني أنا ، و أنا لست جزءًا منفصلًا من كيان ما بل مصدر و أصل و ليس فرعًا من أي شجرة :} ... بعيدًا عن حافة القبور أنا هنا :icon100:

+
ساعة أنت شرير جدا .. و إنما الجنود غير مكتمل عددهم فكن عاقلا نبيلا و توقف عن الهجوم و محاولات النهب .. حاول الاستمتاع بالقراءة فقط .. اتفقنا :} !




قبل كل شيء آسفة رواتي لأنك تواجهين كل هذا وحدكـ :blushing: .. تدركين .. الأمر خارج عن نطاق جاذبيتي و يخالف قوانيني الفزيائية !



دمتم في أمان الله أيها الأحبة icon180

ساعة التخدير
8-8-2014, 11:38 PM
قطعًا ساعة دوما متأهب و في المستوى...
الله ماذا أيضًا ^^
و انسان طيب...
يا سلام
و رائع..
أحرجتني
و لا يخلف وعدًا قطعه و كلامه كالسيف..
الله إلى هنا ونحن ما شين كالفل..
وكل شيء فقط كي لا يغضب لكن كل وهمه لا ينقصه هم آخر!
لأ..لأ..لأ كل هذا الكلام حتى لا أغضب XD أعتقد المثل "أتى ليكحلها فعماها"ينطبق تمامًا :icon100:
ياسر غالي علي ولو أراد عيني لأعطيته إياها أبشر أبا عمر أذكرك من عيوني
أما أنه هم ! وثقيل! إذن ماذا يقال لغيره :icon100:











ساعة أنت شرير جدا .. و إنما الجنود غير مكتمل عددهم فكن عاقلا نبيلا و توقف عن الهجوم و محاولات النهب .. حاول الاستمتاع بالقراءة فقط .. اتفقنا :} !







لا أردي أتذميني أم تمدحيني Icon108
أنا شرير O_o
وجدًا! ×_×
وأهجم:opr0E6TK:
وأنهب:451403545:
وأكون بعقل ونبل
أأنا مجنون حتى أكون بعقل
:onion_msn_smilies-1
ما هذا يا عالم ألست إنسانًا بريئًا

:opr0E6T5:

يكفي أنني قائد أركان حرب للجيش القلمي
icon944:aa_royalguard:
بعد كل هذا تسأليني اتفقنا XD

غاسا آليرو
9-8-2014, 04:01 AM
*ملحوظة صفراء فاقعة* :
لأولادي الجميلين
أبوكم يطلب منكم التوجه لساحة أخرى لتصفية الحسابات > لا تنسوا إعطائي العنوان xD ؛ فلدي الكثير لتصفيته ^___^[emoji96]

أثير الفكر
9-8-2014, 04:09 AM
سيناري أسعدك الله وفيت و كفيتِ XD

+

ياذات القوانين الفيزيائية رفقًا بي " مثلي مثلك تيرم صيفي :cry: "

أما عن تصفية الحسابات لدي مكان لطيف مناسب = المصحة الظريفة XD

+

فلنحاول ألا نحيد عن الموضوع أكثر فيحال إلى الدردشة ^^"

وأتمنى رؤية ردود تشرح القلب في الأيام القادمة


دامت أوقاتكم معطرة بذكر الله

غاسا آليرو
9-8-2014, 05:27 AM
لم أقرأ الجزء الذي وضع مؤخرًا بعد!

سنعود بعد قليل للتعقيب :icon100:

وهج البنفسج
9-8-2014, 10:35 AM
-
ا ل م ذ ك ر ا ت
!!

هنا توفقت, مثل القصص لا تقرأ إلا في أجواء خاصة $;

رواتي و لاشا أنتما أكثر جنوناً مما توقعت $;
انتظرا حتى ألتقط أنفاسي ...

Hercule Poirot
9-8-2014, 11:12 AM
ما شاء الله! قصص الرعب محرّكها الأساسي عادة عنصر المفاجأة والصور المخيفة (والمؤثرات الصوتية إن كانت مادة مرئية ومسموعة)، لكن هذه الرواية تجاوزت ذلك المستوى بدرجات بفضل خصوبة خيال كاتبتيها، عدا أنها قصة في قصة في قصة...

لا يهمني كثيرًا أن بيئة القصة أجنبية، فبعض أحداثها لا يصلح لبيئتنا، والذين اعترضوا لم يقرؤوا من الرواية ما يخولهم لإطلاق حكم بعد (يقول ذلك ويجلس على مقعد مع برميل من الفشار منتظرًا نشوب حرب هنا xD). في نهاية الأمر، الكتابة تعبّر عما في نفس الكاتب، فحتى لو كتب عن بيئة مختلفة، فهو سيُنزل شيئًا من بيئته وما تشرّبه منها فيما يكتب.

عن المبالغة والتطويل في الوصف، رأيي الشخصي أن ذلك قد يضفي نكهة فريدة على النص الأدبي لكن بشروط: أولها عدم التكلف واستخدام غرائب الألفاظ؛ وثانيها عدم استخدام عبارات تنقل القارئ من المعنى المقصود إلى معنى بعيد، ثم تعود به العبارة التالية إلى المعنى الأول، فيحس نفسه مثل كرة اليويو يرفعه معنى ويهوي به الآخر في مكان سحيق؛ والثالث عدم الإكثار من الكلام من غير داعٍ بحيث تشرح في سطرين ما تغني عنه كلمتان، فالفصاحة في اللغة العربية هي الإيجاز، وكفى بذلك تعريفًا موجزًا للفصاحة. لم أرَ في الرواية خرقًا للشرطين الأول والثالث، لكن الشرط الثاني لم يُلتزم به أحيانًا.

لن أكمل ثرثرتي الآن، فقد وعدتُ أن أدلي بالتعليق المفصّل عندما تنتهي الرواية إن شاء الله، ولكن أهنئكما على ناتج إبداعكما.

بالتوفيق لكما

dete.ctive2

yagame light
15-8-2014, 08:13 AM
مشكور

الوجه المبتسم
15-8-2014, 03:02 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...
رو تشان.. سيناري.. أبدعتما بحق...
قلبي يرجف من الحماس عند كل كلمة أقرأها...
أظن أنه كان يجدر بي قراءتها ليلًا ليضفي ذلك شعورًا أفضل بالإثارة xD
أتطلع لرؤية القادم من الأحداث...
بالتوفيق لكما...

أثير الفكر
15-8-2014, 10:22 PM
||عودة للطابق الخامس||



بقينا نحن الأربع كالأطراف دون الرأس , أو كاليتامى و هم يتأوهون متوجعين و انتظار يوري يعذبنا , محاولين طرد فكرة أنه قد رحل ليرحل للأبد ... في صمت عريق ركدت أرواحنا , حتى عكَّرَتها أصوات انبعثت من كل الزوايا , زمجرت بقوة فتردد صداها الخشن مخرطًا آذننا و قلوبنا , و انتصبت من جميع الأركان هياكل سوداء , محاولة مهاجمتنا , وثبنا و كأننا شبعنا من الراحة , و هرعنا متفرقين , بغباوة نجرب الاحتماء بأي شيء كان , ثم تزلزلت الأرضية من تحت أقدامنا لتزيد الموقف هولاً , و لم نلبث حتى انبثق من النوافذ ضوء ساطع أنار البهو المظلم ليبدد الأشباح و يحرقها , لم ندرك مصدر ذلك الضياء إنما لدغ أبصارنا فألصقنا أيدينا على وجوهنا لنحميها من سطوعه , لم نكد نلتقط أنفاسنا حتى انشقت الأرضية و ظهرت لنا سلالم للأسفل ... إذًا قد قام يوري بمأموريته , وهذا إشارة على أن .. كل شيء قد انتهى , حتى يوري ... !


ركضنا على تلك السلالم التي ظهرت بشكل غريب هنا فاخترقت الطوابق العليا للأسفل إنما لم يكن لنا وقت لتفقدها و التمعن فيها , إلى أن وصلنا للدور الأول .. اختفت الزجاجات المعلقة ...

ما إن وطأت أرجلنا الأرض حتى توارت عن أنظارنا تلك السلالم ثم تبين لنا وسط هذا تمثال أبيض .. إنه يوري؛ قد أضحى جمادًا , ضحى بنفسه و قدم حياته لأجلنا ... لا طالما كان ذو أنفة و عزة, و ها هي هاته الخصلة تودي به, تمزقت الحنايا و نحن نتمعن فيه , حاولنا جره معنا لنأخذه بعيدًا , يكفي أنه واجه المجهول في الطابق السفلي , لا ينقص أن نتركه وحده هنا أيضًا , رغم أننا لا ندري ما يجب علينا فعله به أو له لإعادته إلينا , لكنه أبى أن يتزحزح من مكانه وكأنه ثابت على الأرض أو نابت في ذلك المكان و قد تأصلت جذوره ... لم يكن لنا إلا أن نتركه و نمضي لحال سبيلنا كما أراد.. فتحنا ذلك الباب فصفعتنا أشعة الشمس .. قد حل الصباح , و جاء يوم جديد و أمل جديد لكل هاته الأشياء الصغيرة, إنما ولد أمامنا نحن, وجع سيتتبعنا و يكبر معنا .


وصلنا المدينة مدمرين , بللت واكانا و تومومي المكان بدموعهما , لم نعلم ما يجب أن نفعله أو نقصده في أوج ألمنا و تيهنا ...

" يوري ضاع , يوري مات "

هذا ما تردد في أذهان الجميع مرارًا و تكرارًا , توقفنا عند النادي , لكنا لم نود الخروج للعالم فيرى الناس سواد وجهنا , و كان من الأحسن أن يذهب كل واحد لمنزله ليرتاح ,ثم نلتقي غدًا لنرى و نتعمق في أمرنا , و كيف سنشرح لعائلته هذا الجنون ... !

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



حل الصباح ثقيلاً مدببًا , حرقت أشعته جلودنا , و أبرحت نسائمه أرواحنا الباكية ضربًا ... كنا سنلتقي على الساعة التاسعة ؛ فمرت واكانا على تومومي بما أنها في طريقها للنادي , وجدت أهلها هناك حيتهما ثم طلبت منهما مناداتها :



والد تومومي " هل عدتم من مهمتك تلك ؟ .. لكن تومومي لم تأتي بعد "


" كيف هذا؟‼ ... قد أوصلتها بنفسي بالأمس إلى هنا , و دخلت أمام ناظري ثم غادرت "



والدة تومومي " في الواقع لم نكن بالمدينة بالأمس , لقد عدنا منذ قليل فقط , ربما هي في غرفتها الآن , دعيني أتفقدها "


صعدَت نحو الأعلى , لم تكن إلا دقائق حتى سمعا صراخها من الطابق العلوِي , أسرعا إليها , ففاجأتهما ساقطة على الأرض ماسكة رأسها بعنف تبكي , تقدما نحو باب الغرفة فصُدما بتومومي جثة هامدة زرقاء معلقة من رقبتها ... قد انتحر تومومي ..

كادت واكانا تفقد وعيها , و سقطت إلى جنب والدتها فاغرة الفاه لا تصدق ما ترى , و بقيا تحت وقع الصدمة , واحدة تصرخ و الأخرى في صمت عريق يحاول عقلها تحليل هاته الوضعية , و أخيرًا أدرك أن تومومي قد رحلت , فانفجرت واكانا باكية لا تجد من يواسيها , ثــم اتصلتـ بي و بكوتا و أعلمتنا بالخبر...

وقعت عليَّ ثقيلةً هاته الفاجعة , الأمس فقط غادرنا يوري و اليوم تومومي .. حملت نفسي بسرعة رغم أني كنت أعاني من صداع حاد و تمزق و بل تحطم تام في جسدي , و أسرعت لمنزلها .... اندهشت و أنا أرى رجال الإسعاف يجرون سريرًا حديديًا ينام فيه شخص ما مغطًا بغطاء أبيض , إنها تومومي تغط في نوم أبدي ... لم أستطع تصديق الأمر و هرعت للداخل لأرى وضعية أهلها , فأيقنت نوعًا ما أنه قد حدث فعلاً , لم أعرف ما الذي يمكنني قوله لهما , لم أستطع الكلام حتى , أصلا لم يكونا يريانني في أوج حزنهما و غرقهما في المصيبة , ثم انتبهت لصوت واكانا خلفي باكية , التفت فارتمت في أحضاني تجهش :

" رييو ... تومومي ماتــ .... "

أوقفها نحيبها عن مواصلة كلامها , و راحت تبللني و بل تغسلني بدموعها , لم يكن لي إلا أن أمسكها و أحضنها كما الصغار لربما سيخفف عنها هذا شيئًا ما , بينما دمعة حارة تسللت من عيني لتخرج و تنساب على خدي .. رغم أن الرجال لا يبكون أبدًا , و لكن هذا إكرامًا و حزنًا على تومومي ... بقينا مدة هكذا حتى أدركت أننا قد بقينا لوحدنا هنا و أن الجميع قد رحلوا , و كان بكاءها قد خف نوعًا ما , بعد أن أفرغت كل ما فيها ابتعدت عني ثم كلمتني , و وجهها مملوء بندى دموعها و وجنتيها قد احمرتا كأنهما قد عصرتا :

" كيف حدث هذا ؟ كيف أمكنها القيام بهذا ... هي تعرف أن جرح يوري لا يزال جديدًا , كيف لها أن تزيدنا همًا ؟!!! "


كنت سأرد عليها بكلام غير مفهوم فيزيدها سوءًا , فرنَّ هاتفي و رفعته دون ان أرى من المتصل :


" ألوو .. ! "


" رييو .. تعالى للمستشفى الأمل حالاً ! "


" لماذا ؟ ما الأمر .. هل هذا أنت ريكو؟ " .. نظرت لشاشة هاتف لأجد أنه شقيقي فعلا ثم أعدته لأذني


" أجل؛ إنه أنا ... أسرع , كوتا تعرض لحادث مروع , إنه في حالة حرجة و يستبعد نجاته "


توقف قلبي عن الخفقان و بقيت جامدًا في مكاني شارد الذهن حتى أعادتني واكانا منادية إياي لسطح الأرض


" رييو , ما أمر, من المتصل ؟ "


" إإنه .. لا شيء , هذا أخي ريكو فقط , لا تهتمي لأمره... دعينا نغادر المكان "


لم أود أن تصابَ بانهيار عصبي , فركبنا السيارة و اتجهت لمنزلها , ثم بدا لي فجأة أنها ستغضب إن عرفت أني علمت بما حلَّ بكوتا و لم أخبرها .. صدقًا , لا أود مواجهة غضبها العارم , فغيرت وجهتنا للمستشفى


تساءلت محدقة إليَّ باستغراب " منزلي ليس من هنا , لما غيرت الطريق ؟ "


تركت الصمت بيننا مدة ثم قلت " سوف نذهب لمكان ما .. لا تسأليني , عندما نصل سوف تعرفين "


فلزمت الوجوم و كأنها تحسست جديتي حتى وصلنا .. نزلنا , و لكنها لم تسأل إنما قرأت في ملامحها اصفرارا أنبأني أنها قد فهت كل شيء أو شعرت بأن خطبًا ما قد حصل , سألت موظفة الاستقبال عن آخر شخص قد جاءوا به لهنا بسبب حادث مرور , ففضحتني عندما نطقت اسم كوتا أمام واكانا و زادت الأمر سوءًا حين قالت أنه في غرفة الإنعاش , ثم طلبت منَّا الانتظار حتى تنادينا و تعلمنا بأي جديد , أمسكت واكانا ذراعي بعنف ثم قالت بصوت حاد

" رييو , ما به كوتا , ما الذي حصل له ؟ "


حاولت الإفلات منها و من الجواب " دعينا نجلس هنا , و سوف ينادوننا بعد قليل "


" قلت لك ما الذي جرى له ؟؟!! "


أشفقت عليها و أنا أرى عينيها قد اغرورقت بالدموع, فرددت بصوت خافت " لقد تعرض لحادث مرور منذ قليل... و حالته خطرة "


لم تزد كلمة بعد هذا , ما كان عليَّ قول الجملة الأخيرة لها أصلًا , ثم عادت لتجهش بالبكاء ... عدت بذاكرتي للوراء , و شغلت شريط الأحداث لأحلل و أفسر كل ما حصل , بالسرعة نفسها .. أولاً ؛ حشرنا أنفسنا في متاهة من الحمم , ثم تسببنا بموت يوري , ثم انتحرت تومومي من هول الصدمة , رغم أن هذا ليس من طباعها , فقد تقوم بأمور غبية لكن الانتحار ليس من ضمن القائمة الطويلة , ثم الآن ؛ كوتا بين الحياة و الموت .. من التالي يا ترى ؟... بدت لي الأمور غير منطقية البتة , كيف يحدث كل هذا خلال فترات متقاربة , أنا أشعر ؛ و نادرًا ما يخطئ شعوري ؛أشعر كما شعرت في بداية هذا الجحيم , أن الأمور غير طبيعية , و أنهم ؛ لم يرحلوا حقًا , و لهم يدٌ في هذا ..."إن لهم يدًا في كل هذا"... ترد صدى هاته الجملة في عقلي, و أيقنت أني على حق , فأدرت رأسي نحو واكانا لأخبرها عن استنتاجي , فوجدتها مغمورة حزنًا و أسى , يرثى لها ... ترددت في البوح بخواطري, و احترمت شجنها , أعدلت عن فكرتي رغم أنها كانت تستفزني ...

ثم أنقذوني من الكلام حين نادوننا لرؤية كوتا , قامت واكانا من مكانها و اسرعت للغرفة ثم لحقتها , حاولنا اقتحامها لكنهم منعونا و طلبوا منا الطمئنة عليه من بعيد فقط , من خلال زجاج النافذة الكبيرة التي صنعت خصيصًا لمن هم في وضع خطير و يتوجب إبعاد الناس عنهم قدر المستطاع دون منعهم من رؤيتهم , لم يكن لنا إلا الانصياع لهم , و بقينا ننظر إليه بحزن و هو مربوط بالآلات و الأنابيب التي تثبته على قيد الحياة , و الكدمات التي بدت لنا من هناك في مختلف جسده , عادت واكانا مجددًا للنحيب و أنا أربت على كتفها ... هكذا كانت الصورة.. نحن واقفان في الخارج و كوتا محجوز بالداخل يُمْنُع علينا الولوج إليه .. ثم تغيرت هاته اللوحة فجأة , و تمثل أمامنا و وراء الزجاج , شبح أسود كالذي تركناه في المصحة , أوقفت التربيت و أوقفت واكانا البكاء , تصلبنا و نحن نحدق إليه بفزع , غير مصدقين لما تبصره أعيننا .. راقبنا ذلك الشبح و هو يتركنا في ذهولنا و يتقدم نحو كوتا , و يقف عند رأسه هنيهة و ثم يضع أحد أطرافه التي لم يتضح لنا إن كانت يدًا أو رجلاً , على فمه ... صرخنا فقلبنا القسم , و زاد رنين الآلات أعصابنا توترًا ليَدُل على اضطراب نبض كوتا و تنفسه ..

"أيها الأحمق أبعد يدك القذرة عنه ! "

و أسرعت نحو الباب محاولا كسره , لكن منعتني الممرضات الضخمات , و أوقفنني رغم قوتي , ثم دخلن بسرعة و أغلقن الباب خلفهن ... و لكن بعد فوات الأوان , فقد خنقه و اختفى , و لم يره أحد إلا نحن ... توقفت صرخاتنا و لم نسمع إلا صفير الآلات المخيف الذي ثبتنا أمام حقيقة واحدة واضحة ... جلست على أحد الكراسي ممسكًا رأسي بكلتا يديَّ مانعًا إياه من الانفجار , ثم شعرت بجسم قد ارتمى لجنبي ...


"هل رأيته أنت أيضًا ؟! "


"أجل , ... لقد رأيت كل شيء -صمتُ قليلاً - أعتذر في قلبي للشعور الذي كبحته أولا ثم رفعت رأسي نحوها و
-استطردت- أخذوا يوري , و واثق أنهم قد شنقوا تومومي , لا أعتقد أنها مجنونة فتقدم على مثل هكذا عمل , مهما واجهتها المشاكل و المآسي , تجابهها و لا تستسلم , إن لها شخصية قوية و انتحارها مستبعد مليار ميل عن عقلها , و قد رأيت ما حل بكوتا , لقد خدعونا منذ البداية بقصتهم تلك ... واكانا , نحن التاليان , نحن نعرف سرهم , سيلحقون بنا و لو لنهاية العالم "


خفضت رأسها تستوعب كلامي , هاته المرة لم تلعني لتلفظي بأمور قد لا يتقبلها العاقلون , لكن بما أنها قد كانت معي و رأت بأم عينها الذي حدث, ليس لها أي حق في اعتراضي , قامت من مكانها و اتجهت للخارج .. لم أدري ما كانت تفكر فيه لكنها بدت لي ستقدم على أمر جنوني , لحقتها مسرعًا , ثم أمسكتها سائلاً

" أين أنت ذاهبة لآن , يجب أن نبقى مع بعض "


صرخت في وجهي " سأنتقم منهم ... أولئك الحمقى ... سأنتقم لأصدقائي , أنا متجهة نحو المصحة "


" هل أنت مجنونة أم ماذا !؟... لا يمكنك الذهاب إلى هناك , هذا ما يريدونه هم , سيكون أمر تخلصهم منك سهلاً إذا ما دخلت عرينهم , لن تتحركي من قربي ... أتسمعين !؟ "


دفعتني صائحة " اتركني , لن يمسوني أبدًا , لن أبقى لأراك تموت أنت أيضًا , ...-بصوت متقطعٍ باكٍ- يكفي أن البقية ماتوا أمام ناظري حيث لم يمكن في وسعي عمل أي شيء "


أكملت طريقها نحو السيارة , لم تكد تبعد عني خمسة خطواتٍ حتى باغتتها شاحنة إسعاف كأنما يقودها أعمى, فصدمتها و تناثر دمها في كل مكان صابغًا وجهي ... حطمني و أغرقني في الذهول و السكون ذلك المشهد , و أنا أراها تطير في السماء ثم وقعت بقوة على الأرض كالدمية , لم أتمالك نفسي و وقعت على ركبتي فاغرًا فاهي مقهورًا أمام ما حدث على حين غرة , نزل السائق مستغربًا من المكابح التي تعطلت فجأة , و اتجه نحو وكانا ليتفقدها , أسرعت إليهما و دفعته عنها , يا ليتني دفعت السيارة الطائشة هكذا , و جدتها على الرمق الأخير , ابتسمت في وجهي مخضبة بالدماء , حاولت قول شيء ما لي لكني لم أفهمه جيدًا و لم أسمع إلا اسمي على لسانها , كان هذا آخر ما نطقت به ثم أغلقت عينيها ..للأبد , لست أذكر ما حلَّ بي و ما حدث بعد هذا تحديدًا , لكن شعرت أني داخل دوامة مظلمة حيث لا يوجد شيء لتمسك به ...

كنت مستلقيًا في مكان ما , و عيناي نصف مفتوحة و نصف مغلقة , فلم تتضح لي معالم المكان الذي انا فيه و لم أستطع الحراك أو القيام لمعرفة أين أنا ... امتزجت الخيالات ثم اتضح لي بينهم الشبح الأسود , نفسيًا صرخت و ربما قمت و هرولت , إنما جسديًا كنت ساكنًا في مكاني و لم أستطع الفرار أو إبعاده عني و هو يقترب رويدًا , وقف عندي يحاول مهاجمتي إنما مجددًا , ذلك الحاجز دومًا معي , كم من مرة جرَّب اختراقه لكنه لم يقدر ثم زمجر زمجرة وحشٍ في وجهي .... لاستيقظ على إثر ذلك ..
لم يكن ذلك إلا حلمًا إذًا , لكنها رؤيا حتمية على أنهم قادمون , و جدت نفسي في غرفتي , فلم يتبن لي إن كان كل ذلك كابوسًا أو أنه قد أغمي عليَّ في المستشفى , نزلت للأسفل لأجد العائلة مجتمعة على وجوههم علامات الانقباض ... أدركت أن أمرًا قد حلَّ بواكانا , بقيت مدة واقفًا انتظر أن ينطق أحد و يريحني , أُطْرِقَت جميع الرؤوس , ثم رفع ريكو خاصته بنبرة مواسية


"رييو ... واكانا ... لـ .. لقد رحلت , آسف جدًا لهذا أخي .... و ... "


قاطعته أمي ناهرة " يكفي ريكو .... هيا عزيزي اصعد لغرفتك لترتاح "


لم أنبس ببنت شفة , إنما ملئت عيناي بالدموع ... صعدت و من هناك سمعتها تقول لريكو "هل تريد أن يصاب بانهيار عصبي ، يكفيه خبر واكانا , لا ينقصه خير ضياع يوري .. فكر المرة المقبلة في كلامك "


ضائع ... أنا الضائع الوحيد هنا ....دخلت غرفتي و تسللت لسريري في ذلك الظلام , فجأة فتحت النافذة و دخلت منها رياح اقشعر لها بدني , ثم سقط أمامي ذلك الدفتر الذي أحضرته معي من المصحة , لست واثقًا ما إن كنت أهذي , لكن بدأت تظهر عليه كتابات حمراء كأنها نار, مضيئة فبدت واضحة في العتمة ... إنها رسالة منهم , تخبرني أنهم لن يتركوني في سلام إذ ما نشرت خبرهم ... عاد التوتر ليتملكني و رجعت للخلف فأسقطت شيء ما لم أره بسبب الظلمة, فأحدثت فوضًا وصل صداها للأسفل, سمعت خطًا سريعة تتجه نحو غرفتي , فزاد انقباضي , ثم ولجت أمي و أبي , ليطمئنا عليَّ


" رييو , ما الأمر , ما هاته الضجة؟ "


" لا .. لا شيء البتة لقد أوقعت الكرسي حين دخلت و الظلام يخيم على الغرفة و لم أره ... لا شيء "


" عزيزي , كن بطلاً و لا تترك هذا الأمر يؤثر عليك كثيرًا , لا تستسلم ... سيكون كل شيء على ما يرام "


ابتسمت كي أتملص منهم و أطردهم من غرفتي بطريقة غير مباشرة " لا تقلقا عليَّ , سأكون بخير ,أحتاج إلى الراحة فقط .. أنتما تعلما أنكما قد أنجبتما جسورًا "

شعرا بالراحة وغادرا ليتركاني و همي , تذكرت أمر القلادة هناك , لا شك أنها ما كان تحميني و ما يتسبب في ابعادهم كتطبيق لنظرية للنفور والجذب في الحقل الكهرومغناطيسي و الساليب و الموجب و موجات الرجعية .. كل ما يمكن أن يقوله كوتا لو كان .. كان موجودًا معي الآن .. حاليًا روحي في انقباض حديدي ملتهب شائك .. الاحباط على مد البصر ‼
لم أدري ما يمكنني فعله , أأهرب من المنزل فلا يتعرض غيري للأذى , أم أشارك سري أحدًا ما .. اتضح بعد هذا أنه الخيار الخطأ .. مرت الكثير من الأيام و الأرواح الشريرة تزعجني و تلحقني أينما ذهبت, و قد لاحظ أهلي تشوشي و الشجار الذي ينشب بينا , و لكن لما يسألون أمتعن عن الجواب , إلى أن أخبرتهم بكل شيء , و لكن ؛ ما صدقني أحد أو حاول .. أو على الأقل تظاهر بذلك ...
أخذوني لطبيب نفساني ليشخص أني مصاب بمرض نفسيٍ لا أذكر اسمه , لكني لغبائي و اصرارهم على ازعاجي استمررت أنا في أقوالي, إلى أن رموا بي في هاته المصحة العفنة ... أخذت الخيار الخطأ , كان يجب أن أبقيَّ ذاك السر عميقًا في قلبي ...
بعد أن تأكدت المخلوقات أن أحدًا لن يصدق كلامي , تركتني .. لكن بعد فوات الأوان ,..
قد استلزمت الصمت فلم أغرق في أدويتهم , و لم أحدث أحدا عن ما أعانيه .. و بقيت ذئبًا مستوحشًا يزحف نحو الشيخوخة متفردًا وكأن العالم قرر أن يبقى شابًا فتيًا ... لقد تخلوا عني , جميعًا , بقيت وحدي .... كل ما أنتظره هو الرحيل, و لكن طال بي الزمن ، طال كثيرًا... لم أعد أثق في أحد ! ]




أكملت سايا المذكرات و ضعتها جانبًا تتحسس قلبها الصغير , تبكي بحرقة , ثم التفت ليوري " كنت واثقة أنه ليس مجنونًا , كنت أدرك أنه يحمل بين طياته سرًا عظيمًا .... يوري , يجب أن يدرك العالم أن عمي بطل ... -بنبرة حادة- و سأنتقم لكم منهم ! "


" س و ف ت ق ح م ي ن ن ف س ك ف ي م ت ا هـ ة ... ل ق د ع ج ز ن ا ع ن ص ده م ف ك ي ف س ت ف ع ل ي ن أ ن ت , ل ق د خ د ع و ن ي ف ح ر ر ت ه م ب ع د أ ن ك ا ن و ا م ح ج و ز ي ن ه ن ا ك , ي ج ب أ ن ي ك و ن ل ج ن ب ك خ ب ي ر ك ي ت ن ج ح ي "

أطرقت هنيهة ثم تكلمت كالواثق من نفسه " أنا أعرف شخصًا سيساعدنا حتمًا ... ساتو ! "











http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg

تشيزوكو
16-8-2014, 01:55 AM
:'(

قصتهم حزينة جدا :'(

حتى لو انتقمت لهم سايا تبقى القصة حزينة.. لمَ لمْ يبق منهم أحد؟! T______T

+

بالنسبة للنقاش الذي حدث حول الطريقة الوصفية البلاغية للرواية.. برأيي أن هذا الوصف هو ما يجعلها تحفة فنية :")

بالمقابل دون هذا الوصف ستكون القصة حماسية أكثر وسيكون الأكشن مضاعفا (لأن الوصف الدقيق يُذهب الإثارة أحيانا) ولكن بالمقابل سيقل الحس الفني في الرواية كثيرا..

لذا الخياران متاحان حسب أسلوب الكاتب وما يفضله :)

الجاثوم
16-8-2014, 03:20 AM
4-رحلة إلى نارتيروثيا :

*
*




* جزء 1 من رحلة الى نارتيروثيا

حدقت ببطاقة في يدها كتب فيها { نارتيروثيا } ثم إلى السماء التي بدأت تتجلى مع ضوء النهار وأخيراً حولت نظرها إلى المكان الذي اعتادتا على اللقاء فيه أمام مبنى الكلية

-" لم تأتِ بعد ؟"

رفعت الساعة حول معصمها إلى مستوى عينها

" لا لم تتأخر إنما أنا التي أتيت باكراً"

تنهدت و أعادت عينيها إلى نقطة اللقاء التي تبعد عنها ما يقارب العشرة أمتار ، اتكأت على الجدار و رفعت إحدى قدميها لتثبت نفسها أكثر رغم أن هاته الوقفة لا تليق أبدًا بفتاة و تنهدت :
" مهما يكن عليّ أن أنتظرها ريثما تأتي"



أرجعت بصرها إلى مكان اللقاء .. رمشت بعينيها مرة ثم أخرى بينما تراقب ساتو المتجهة نحوها .. سارت تلك المعنية بهذه النظرات وقد تغير لون شعرها إلى الأسود واصطبغت عيناها بلون أخضر مشع .. أخذت تدور بنظراتها بحثاً عن سايا وقد تمايلت ساقاها مع ذاك الكعب العالي و تحرك ثوب الموسلين الأسود الذي امتد وصولاً إلى منتصف ساقها
اقتربت منها سايا راكضة:

" ساتو أنت تمزحين !! ما هذه الملابس و هذا المنظر الغريب"

خللت أصابعها في شعرها و بنبرة دلال مصطنعة:


" جميل أليس كذلك ؟! .. مللت من ملابس المعمل البيضاء تلك .. ربما حان الوقت لأظفر بصديق"

تحركت أناملها الرفيعة لتغطي فمها الوردي و تلك الابتسامة الرقيقة تشق طريقها على وجهها :

" .. ألست فاتنة؟!"

ردت سايا بشيء من الصبيانية الطفولية :
" لأكون صادقة .. أنا أحب ساتو بثوبها الأبيض وبتلك التسريحة المكورة أعلى رأسها"


حكت ساتو أنفها المستقيم بحركة سريعة .. وفتحت فمها ليبدأ سيل الكلمات المندفع لتغيير الأمر لصالحها:
" أنت لا تفهمين شيـ ..."

صدمة قوية على ظهرها هوت بها على الأرض .

فزعت الواقفة أمامها و جثت بقربها:
" أأنت بخير؟"

رفعت ساتو رأسها ببطء و هي تحاول استيعاب ما حدث ، حدقت بصديقتها بعينيها الخضراوين المتسائلتين لكن تساؤلها لم يدم طويلا فقد كُسِر بصوت ضحك هستيري ، أدارت رأسها لترى فريق كرة السلة ، الشبان الأكثر وقاحة و إزعاجًا بهذه الكلية ، وصلت إلى إذنها كلمات احدهم :

"- ألم أقل لك بأني أستطيع ضربها بالكرة ."

" كما أخبرتكم .. هي ذات الفتاة المخيفة من معمل التشريح .. ما نوع عملية التجميل التي صنعتها لتبدو بهذا المنظر"


ثم تعالت ضحكاتهم الصاخبة




أعادت عينيها إلى الكرة التي ضربت ظهرها و وتسببت في سقوطها ، ثوان من الصمت ثم شعرت بغليان الدماء في رأسها ،نهضت بقوة و حملت كرة السلة و هي تتجاهل صوت صديقتها المانع ،تقدمت بخطوات ثابتة لتقترب من الشبين اللذين لم يكلفا نفسيهما عناء نزع الابتسامة الساخرة عن وجهيهما ،ثم رفعت إصبعها بوجه رئيسهم :
" أنا اتحادك في مباراة لكرة السلة ..."

رفع احد حاجبيه باستغراب ثم ابتسم بسخرية و تكلم و هو يعبث بشعره بشقاوة:

"- يا آنسة كانت مجرد مزحة تقبليها و لا داعي لإحراج نفسك أكثر من هذا"

( صمت و هو يراقبها تخلع حذائها ذي الكعب العالي و ترمي به إلى الوراء بغضب عارم لترتسم علامات الارتياب على وجهه)

"مـ .. ما الذي تفعلينه ؟ "

"أتعاني من صدأ في أذنيك؟ أنا أتحداك أيها الجبان ... "

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


اندفعت نحوه بقوة و هي تحرك كرة السلة بيدها باحترافية ، اخذ خطوة إلى الوراء ، ضربت الكرة بالأرض بقوة لتمر من بين قدميه ، ، حركت عينيها الخضراوين كلون الفضائي الكلاسيكي لتحدق بعينيه و رسمت ابتسامة سخرية على وجهها ثم استلمت الكرة مجددا و رمتها إلى الهدف مباشرة معلنة نجاحها بتفوق رغم المسافة البعيدة نسبيًا ..
اعتدلت بوقفتها و أدارت جسدها نصف استدارة :


"ربحت!! .. -ثم أكملت بتهكم واضح بين طيات صوتها- أيها البطل ... "

بدأت صرخات السعادة تصدر من سايا رغم أنها كانت تحاول منعها أولا:
" أحسنت ساتو .. أحسنت .. أنت الفائزة ..ّ

مدت يدها نحو منافسها:
"- على الخاسر أن يخلع حذاءه .. أَوَ تدري؟ ، البس خفي الجميل ذي الكعب العالي و تجول به قليلًا هنا "


وقف متصلباً للحظات
" أنت تحلمين .. معتوهة ! "

" ألم تسمع .. قلت أعطني حذاءك و ارتدي هذا و إلا سأنشر خبر هزيمة فريقكم أمامي في أنحاء الكلية .. قل وداعًا للشعبية و جامعة العاصمة "


سارع الواقف أمامها بخلع الحذاء بحنق ثم اتجه نحو خاصتها في تماطٍ ، حمله في محاولة للبسه ثم استدار تاركًا محاولته البلهاء تلك

" ما هذه السخافة .. لست واثقًا من أنه حذاء حتى .. " و رما به أرضًا


" أيها الأبله .. لم قذفت به ،لقد كسرته –حملته دون أن تتحقق من تحطمه حقًا- .. قلت ارتده يعني ارتده .. لن أتهاون في اشعال نار الفضيحة ..-تعتلي قسماتها بسمة استهزاء- هيا أنا لن أخبر أحدًا بأنك أقرب للفتيات من كونك فتى "


مد يده بغضب " أيتها الـ .. هاته . " .. قام بلبسه ثم مشى متمايلًا كحمقاء تنتعل حذاءً ذي كعب عالٍ لأول مرة .. انفجرت الفتاتان ضحكًا في وجهه .. و اعتصرت أوجه أصدقاءه فاحمرت أمام مشهده المحرج و هو يروح ذات شمال ثم ذات يمين ، و رغم تحفظهم و كتمهم لكن أبت الضحكة أن تطمر ..


استدار بعنف لهم يستشيط غضبًا " أيها الأغبياء .. إلى ماذا أنتم تحملقون.. توقفوا عن الضحك و اعلموا اني أضحي لأجل مستقبلكم .. بُلهاء .. جميعكم حمقى !!" ليفقد توازنه و يقع بقوة على الارض دون أن يفقد غيظه لكنه اكتسب شعورًا آخر لا محالة ، مخلفًا خلفه صوت ارتطامه العنيف الدال لا بد على أن السقطة مؤلمة ..

.. علت وجه ساتو ابتسامة النصر بعد أن كان لعبة أصحابه لأول مرة للحظات في حين اعتادوا أن يكون دماه التي يلهوا بها كيفما شاء .. أخذت تقلب الحذاء بين يديها حينما ملت من منظرهم ذاك و سرعان ما ارتدته و اتجهت ناحية صديقتها


" لديك ملابس النادي أليس كذلك؟!"


فتحت ساتو فمها:
" ماذا تقصدين"


تنهدت ساتو:
" سايا .. دعيك من التحامق . برأيك لم أريد ملابس النادي .. بالطبع سأغير هذه الملابس"


كتمت سايا ضحكة تجلجلت في قلبها و سارت برفقة ساتو نحو ناديها ، نادي التنس !


http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


" م . ممماذا؟ .. تقصدين يوبا؟!"


" هشششش . أخفضي صوتك .. نعم يوبا .. ساتو أنت على علاقة به لذا أرجوك كلميه لأجلي"


أخذت ساتو تحك رأسها :
" ولكن كانت علاقة عمل فقط .. و أيضاً يوبا الآن يعمل في لندن "


نظرت إلى عيني سايا المستجدتين:


" أوووه تباً !! أكره نظرات الاستعطاف هذه .. حسناً سأكلمه لك ... -وجهت سبابتها متوعدة بعد لحظة- لكن يفترض أن أحطم رأسك لا أن أكلم يوبا .. أنت أكثر من يدرك تجاهلي لمكالماته و رسائله مؤخراً .. اخخخ تباً لك ..حسنٌ حسنٌ ؛ نلتقي لاحقًا "

" إلى اللقاء ! "



ابتعدت قليلاً ونظرات التردد تكسو وجهها .. التقطت هاتفها و راحت تنقر على لوحة أرقامه ، و ابتعدت خطواتها عن سايا ..


http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg




اتكأت على أقرب جدار وحركت قدميها بتململ حتى وصلها صوت ذكوري :

" ماذا ساتو.. أنا مشغول الآن"


"ما بالك يا عزيزي .. أهكذا تخاطب صديقتك؟!"


" صديقتي؟ هه .. الآن أصبحت صديقتي .. لابد أنك بورطة وتحتاجين إلى المساعدة"


" هيييه . يوبا.. ألا يمكنني الاتصال إلا إذا احتجت إلى المساعدة ؟"


" ساتو . لنكن واقعيين .. أنت لا تتصلين بي إلا إذا كنت في مأزق.. متى آخر مرة سألتي عني دون أن تطلبي شيئًا مني .. أو لنقل متى اتصلت قصد السؤال عن حالي و لم تطلبي شيئًا لنفسك ..هيا ، أسرعي و قولي ما لديك فلا وقت لدي لألاعيبك"


صرخت دون أن يصل الحد لخرق طبلتي أذنه " حسناً .. عد إلى اليابان بأقرب وقت .. أفكر في إعادة إحياء النادي"


" تحلمين!"


رددت في استعطاف الأطفال " يوبا أرجوك !!"


" انت أول من تخلى عن النادي فكيف تطلبين مني العودة .. أضيفي إلى ذلك أني أشغل منصباً كبيراً في لندن الآن"


" يوبا أرجوك .. إنه أمر ضروري و سيعنيك كثيراً"


تنهد الشاب من الخط الآخر:
" بشرط!!"


" حسناً ما هو ؟"


" هل ستنفذينه"


" قل ما هو وسأرى"


" لا تريدين أن أعود .. حسن لا بأس إلى اللقـ .."


صاحت في محاولة لمنعه من اقفال الخط " مهلاً مهلاً أنا موافقة و لكن ما هو؟"


" ستستأنفين أبحاث المومياء التي أقفلت عليها قبل سنة !!"





يتبع ~

أثير الفكر
16-8-2014, 03:52 AM
اختفى نور الشمس و ارتدت السماء ثوبها الرمادي, هدوء فضحه صوت المطر , فَلَاحَ يعلن طقوس التغيير..
قطرات المطر الباردة تتلمس بفرح دفء زجاج النوافذ , قطرات متفاخرة بقوتها أعلنت التمرد لتصنع بركة داكنة, قطط كسولة لا مكان لها تجلس في ظل هنا وتحت سقف خرب هناك, أمطارٌ غزيرة تُخفي معالم الافق البعيد ,أشجار تغتسل بنشوة , طرق أشبعتها جداول الماء , أُناسٌ يركضون , و خلف المعاطف يختبئون خشية البلل في ذلك الجو المقدس .. امتدت يدها لجيب بنطالها الاسود بينما أسرعت قدماها الى أقرب ركن لتحتمي تحته من المطر المنهمر بغزارة .. أحنت رأسها محاولةً السيطرة على أنفاسها المتقطعة ..أخذت نفساً عميقاً ثم رفعت رأسها من جديد لتعودَ منتصبة القامة .. شعرها الأجوري الذي غطى جزءا كبيرا من معطفها الداكن بدت أطرافه تلمع بسبب قطرات المطر التي عَلِقَت به فباتت تتلألأ كزجاج الثريا الكريستالي .. بدا الارهاقُ واضحا على ذلك الوجه الذي بدا شاحبا بملامح متعبة .. عادت من جديد الى الهاتف المحمول بين أصابعها الباردة ، صوت موسيقى هادئة متناغمة أصدرها هاتفها وأناملها تداعب لوحة المفاتيح وهي تضغط الأزرار لتحفر تلك النغمة الهادئة ومعها تخط طريقها نحو الرسالة الواردة لترقص عيونها :

[ لقد تحدثتُ إليه .. أين أنت الآن ]

[ أنا واقفة تحت المظلات المنتشرة في الساحة .. سأنتظرك فلا تتأخري]

و بكبسة زر تم ارسال الرسالة .. اتكأت على عمود حديدي خلفها ليتسلل برده الى أطراف معطفها , تنهدت قليلا ثم عادت وأغلقت عينيها من جديد .. الدقائق والثواني مرت بطيئة للأمامِ.. وشيئاً فشيئاً عم السكون.. لم يَعُد يُسمَع سوى صوت قطرات المطر التي تنهمر بغزارة وكأنها تخوض حربا مع أرضية الموقف الصامدة .. صوت خطوات ترتطم بالأرضية المبتلة .. فتحت عينيها على الصوت الحاد المعروف .. صوت ساتو .. تقدمت ساتو واضعة قبضتها على خصرها ووجهها مشدود
" أنت بالتأكيد ممتنة لي .. أتعلمين ما الذي حصل من ورائك" كان صوتها منزعجاً وغير راضٍ أبداً
تمتمت سايا:


" ما الذي حصل؟!"


حركت يديها في الهواء بنفاذ صبر:
" لا إشكال معك .. ستسير أمورك كما أردتِ .. و أنا الضحية بينكما"


تعلقت نظراتها بساتو:
" عذراً لست أفهم"


تمتمت ساتو بنفاذ صبر:
" سيأتي يوبا من لندن بعد يوم و لكن بشرط"


" بشرط؟"


ظهرت علامات الانزعاج على وجهها:
" أن أستأنف تلك الأبحاث .. تعرفينها جيداً تلك المتعلقة بمتحف المومياء ! ... -أمسكت برأسها - سأفني شبابي في مواعدة الهياكل العظمية ..... -تغيرت ملامحها إلى الجدية- هذا غير مهم الآن .. أنظري حولك .. الجامعة خالية إلا منا و هذا يعني عطلة بسبب الطقس.. خذي قسطاً من الراحة و سأمر بك غداً و اصطحابك إلى نارتيروثيا.. اتفقنا"


ظهرت على قسماتها ملامح الامتنان:
" ساتو أنا أنا .."


" هيييه أيتها الحمقاء .. نحن صديقتان بعد و قبل كل شيء .. دعي أمر يوبا علي .. أممم أنا آسفة علي أن أغادر من دونك .. أحتاج إلى بعض الوقت لأصفي ما بيني و بين أعضاء النادي .. إلى اللقاء "


لوحت سايا هاتفة:
" انتبهي لنفسك"


http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


سارت قدماها بخطوات رتيبة وصوت حذائها يعزف نغمة منتظمة على الأرضية المبللة زادت سرعة خطواتها إلى الأمام شيئاً فشيئا حتى تلاشت الكلية خلفها تماماً .. ثم انحرفت متجهة نحو محطة الحافلات
http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



*ج2*

‏يبدُو الصَّخبُ بعيْداً جدَّاً كما لُو لم يكُن بجانِبها ، هيَ في عالمٍ مُغايرٍ يحفًّه سكُون وذَكرياتٌ ماضٍ يأخذها ما بيَن أسطره , رأسَها استَند فُوق ركبتيْها وجسدُها انطوى فٌوق السَّرير البسيْط فِي الغرفةِ الواسعَة , شعرُها الأحمر المُشاكسُ يتبعثُر مِن حُولها لكنَّها كانت بعيدة عَن كلِّ ذلِك , عَن غناءِ التوأم فِي زاويَة الغرفَة , وَعن شجار الأخرتين تقبُع إحدَاهما فُوق سرِير يعلُوها وثانيةٌ إلى سريرٍ يجاورَها :
" سايا أين وصلتِ ؟ "


اسْتَيْقظَت علَى صوْتٍ مشاغب فجَّر طبلَتِي أذَنيْهَا بضجيَجِه , رفَعت رأسَهَا المُنكَس فُوقَ رُكبَتيْها لتصْرُخَ بفَزعٍ مِن منْظَرِ الفتاةِ الَّتِي نادَتْها للتَّوْ بهذِه الطَّريْقَة. إذ وجَدت أمامَها وجْهاً مقْلُوباً يُطلُّ مِن السَّريْرِ العُلوِّي وقَد انسَدل شعْرُ صاحبته الأسود القَصيْرُ وتلألأتَ عيْنيَها الزرْقاوان بمَرح ، فصرَخت بها:
" بحق الله ماذا تفعلين .. لقد أفزعتني ؟"


قفزت نحو الأرض ورغم التواء كاهلها قالت:
"لا شيء .. أردت قطع صمتك المهيب الذي بات يخيم عليك وانشغالك بتلك الأوراق ومع هذا .. -بعد خطوتين مدت يدها لرجلها- آه كاحلي يؤلمني حقاً "


هبت سايا واقفة لتقول بوجل:
"أأنت بخير ؟!"


الْتفَتْت إليْها رُغْمَ اْنحناءَاِتها و انشغالِها بـمُلامَسةِ كاحِلهَا وتفقُّدِهـ , كانَت تودُّ قُولَ شيءِ مَّا لكنه قُوطِعَ هذِه المرَّةَ مِن قبَلِ صوْتٍ صارِمٍ أتَى مَن والدتهما الواقفة عَلى بآبِ تلْكَ الغُرْفَةِ الواسِعَةً مُردِّدَةً بمآ يُشْبِهُ التّأنيْب :
" هَل عليَّ إرْسالُ بطاقاتِ دعْوَةٍ لكُنَّ سيِّداتِي ؟ , هيَّآ إلَى العشاءِ حالاً !"


صرَخت بالجُملَةِ الأخيْرَةِ بعْدَ أن قَذفتْ بما يُفترض بهِ أن يكُون دعابةً ساخرةْ , ما جعَل تلْكَ الفتاةَ ذاتَ العَيْنيَنِ الرَّماديَّتِيْنِ الَّذَّكِيَّتيْنِ تضُع المذكرات جانِباً , وَ تَثِبُ مِن سرير التوأم المجاوُرِ لسرير الشقيقة الوسطى بـهُدوءٍ ثُمَّ تنْظُر بازْدراءٍ إلَى ذات الكاحل المصاب وتقُول :
" لا تقلقي ستكونين بخير !! "


ومضَت تجُرٌّ خلْفَها مظْهَرها المُنظَّمَ , وَ شعْرَها المُميَّزَ ذُو اللَّوْنِ الماغماتي بتموَّجاتِه الواسِعَة , فسَحبت تاكارا قدمِيهما خلفها وطَغى كثيْرٌ مِن الانْزعاجِ علَى نبْرَتها وردَّدَت بسُخريَة :
" سأكون بخير هاه !! سحقاً لك يا دودة الكتب!"


لـتقَهْقِه سايا بسعادَةٍ , وهِيَ تقُول بنبْرَةٍ كسَتْها الأريحيَّة :
" ما قصة هذا اللقب .. مؤخراً بدأت أسمعه بكثرة"


تنهدت تاكارا وربتت على ظهر سايا بقوة :
" اسألي نفسك يا آنسة .. تلك الصفحات البالية تكاد لا تفارق مجلسك .. هيا بنا قبل أن تأتي والدتي ببطاقات الدعوة تلك"

" أيتها الـ .. يا لك من عنيفة .. تلك تنجب و أنا أتورط بكم !"

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg




أحاديث تافهة وقهقهات هنا وهناك ، حركة النادل المستمرة بين الطاولات ، سحابات دخانٍ كثيفة تروح و تجيء من ركن واحد لا تنفك تختفي بنهر المالك و رفع لافتة 'ممنوع التدخين' في كل مرة يمر فيها عليه مهددًا إياه بالطرد كل كرة ، رنين هواتف وصمت أخرى وحركة الثلج في أكواب العصير تصطدم بزجاج الكأس لتصدر صوتا رنانا مزعجا اختلط مع تلك الضوضاء العارمة ، وهي تجلس على الطاولة الخشبية وحيدة اعتلاها صمت مريب ، تنظر تارة إلى النافذة الزجاجية التي بالقرب منها وتلوح بشرود بين ملامح الأشخاص المبهمة التي تمر وتغدو دون عودة ، وتارة أخرى تنظر إلى كوب القهوة الفارغ أمامها للحظات تدوم لدقائق ثم تنادي النادل بصوت هادئ :

" كوبًا آخر من القهوة لو سمحت "

تشير عقارب ساعتها إلى التاسعة مساءا ، تأففت بانفعال ودست يدها في جيبها الأيمن لتخرج هاتفها المحمول ، بادرت في الضغط على الرموز الرقمية لكنها تراجعت وأعادت هاتفه إلى جيبها بتذمر .. وضع النادل القهوة أمامها ، ، يخرج منها بخارها ليمتزج مع الهواء حولها .. رفعت الكوب بمستوى فمها وارتشفت منه قليلا ، قطع لحظاتها تلك صوت قادم من أمامها :
" أنتِ مدينة لي بالكثير .. القدوم إلى هنا بعد رحلة دامت 8 ساعات ليس بالأمر الهين "


همست بهدوء وهو تضع الكوب على الطاولة :
"أنا ممتنة لحضورك كل هذه المسافة يوبا !"


وضع حقيبته السوداء الجلدية على الطاولة ثم وضع فوقها معطفه الفاحم الذي يناسب قميصه الأبيض و الذي بدوره انسجم مع منظره الأنيق وعينيه العسليتين وشعره الكستنائي المبعثر بلون حمرة النار فوق رأسه ..
قال بابتسامة :
"والآن ما الأمر المهم الذي لأجله ستستأنفين أبحاث المومياء التي أقفلت عليها منذ سنة "


رفعت عينها و نظرت إليه باستنكار ، ثم أزاحت وجهها إلى النافذة عندما سمعت صوت قطرات المطر تتساقط بعنف على أرضية الشارع .. استجمعت قواها و ارخت أعصابها ، ثم شبكت ذراعيها وزفرت نفسا هادئا :
" إذاً استعدّ لما ستسمعه !!"



http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


هنا يتوقف الكلام و الساحة لكم :)

تشيزوكو
16-8-2014, 06:44 AM
أعتذر لأني رددت قبل إتمام وضعها ^^"

لماذا كان يجب أن يدخل يوبا؟ كنت أريد أن تكون البطولة من نصيب الفتيات :P

أبدعتما كالعادة.. أشعر أن كما هائلا من المغامرة بانتظارنا ^^

لكني ما زلت حزينة على الأصدقاء الخمسة من الماضي :'(

عالم الاحلام
16-8-2014, 07:11 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

سيناري + رواتي ..

T____________T ..

لماذا أنتما هكذا ؟؟

أنا الآن بأفضل أحوالي ^^ ..

لما لما لما ؟؟

لما توقفتما هنا ؟؟

><" ..

سأنتظر حتى وضع الفصل الأخير لأضع رداً يليق بإبداعكما ..

أبدعتما حقاً ..

يا لكما من رائعتين ..

دمتما بود ..

الجاثوم
21-8-2014, 03:32 PM
نظرت للحظات إلى الباب ، بادرت في طرقه ، ترددت قليلا لكنها طرقته ، ثلاث ضربات بسيطة بقبضة يدها .. لحظات قليلة حتى فُتِح الباب .. كانت سايا بملابس النوم تحرك فرشاة أسنانها بلا مبالاة .. فتحت عينيها باستغراب و سرعان ما أبعدت الفرشاة عن فمها :
" ساتو ماذا تفعلين في هذا الوقت ؟ انتِ مبللة جداً .. ادخلي لتجففي نفسك"




ولكن الأخرى قاطعتها :
" غيري ملابسك وسنذهب للمصحة ، يوبا سيقلنا في سيارته !!"






http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg






طوالَ الطريقِ وعيناها تُحدِقُ من خلالِ نافذةِ السيارةِ المشوشة لترقبَ قطراتِ المطرِ التي عادت لِتغسِلَ الطُرُقاتِ من جديد ..وما هي إلا نصف ساعة حتى توقفت سيارةُ يوبا أمامَ الشارع المطلوب.. قالت وملامح القلق تَرتَسِمَ على وجهِها :


"وصلنا .. - ابتلعت ريقها- لم أعلم أن المكان قريب لهاته الدرجة "


قطعوا شارعاً طويلاً لاحت من نهايتهِ واجهة مبنىً كبيرٍ بوابته الأماميةُ حديدية شاهقةُ الارتفاع أَشبَهَ بأَبوابِ قصور الخفافيش بأفلام الرعب التي تحرق الشرايين ذعرًا
..




صَعَدَ عَتَبَةَ المصحة ليلتَفِتَ إلى اليمينِ واليسار ثم قال :

" ابقيا هنا سأتفحص المكان وحدي "




" لطف منك سيد يوبا أن تقول هذا ولكن المطر يتساقط و الجو غير ملائم للانتظار .. لمَ لا ننتظر بالداخل ونجفف ملابسنا ريثما تنتهي"


قاطَعَهما بنبرة جادة :


" طلبك مرفوض .. لسبب ما أشعر بهالة غريبة تحوم من هذا المبنى لن أجازف بإقحامكما معي"


عَبَرَ البابَ الأمامي للمبنى وسرعان ما انغلق من خلفه بقوة دون تدخل من أحد لِيكمل سَيره على طريقٍ ضيقٍ حَفَتهُ أشجار خربة مِنَ الجَانِبَينِ ولاحَ مِن نِهايَتِهِ بابُ المصحة الثاني .. أي عمل هنا هو خطأ في هاته اللحظة ، الانتظار خارجًا خطأ ، و عصيانه و اقتحام المكان خطأ .. و الرحيل خطأ .. لكن عليهما الاندفاع فسايا وحدها تعلم جيدًا مدى خطورة الوضع مهما كان يوبا خبيرًا و مهما كانت ساتو شجاعة .. الخطأ الهين هنا هو الدخول بكل بسالة و مقاسمته أي شيء قد يقابله .. لم يلبثا دقائق حتى تبادلا النظرات الخاطفة تلك فتبادلا معها الأفكار ليدفعا البوابة الصدئة الكبيرة بقوة فدخلا و هما تراقبانها تنغلق تلقائيًا .. يوجد بعض الأبواب المصممة لتنغلق لوحدها كلما فُتِحت ، عادي جدًا .. هذا ما يهدئ عاصفة روعهما و يبقيهما قيد التخدير ..



هذا الطريق ممتد كشريان موحش لا تصله تيارات الدم المندفعة ، طويل تحده الأوهام و الأحراش المدلهمة ، تقف على طوله الأشجار المنتصبة كالزومبي تحدق بعيون لا نراها لكن نشعر فنفهم أنها موجودة مع ذلك الإحساس اللحوح الذي يقنعك أن أحدًا يراقبك في هذا الظلام ..



لم تبلغا نصف السبيل الشائك تتراقصان من شدة الفزع حتى نط من العدم جسم مبهم أسود له عيون خضراء حادة فقفزتا معه مولولتان و زاد مع هذا ارتجافهما و ارتعاشهما لتتشبثا ببعضها البعض حتى كادت الواحدة تنتزع لحم الأخرى .. حدقتا في الجسم الذي انبعث من العتمة و مع النور الخافت القادم من القمر اتضح أنه مجرد قط أهوج هائم قرر اللعب معهما .. امسكت ساتو بقلبها المرتعد و تنهدت فهرب نفسها حارًا طويلًا متتابعًا ..



" يا إلهي .. كاد قلبي يقع .. هذا القط الأحمق ! .. آخخخ "


أمسكت سايا بذراعها تجرها " دعينا ندخل قبل أن يباغتنا شيء آخر .."


أسرعتا إلى الباب و كل واحدة تثني نفسها عن الالتفات فلا تتفاجأ بوحش أعور أو شيء من هذا القبيل .. كان الباب كما وصفه العم رييو تمامًا .. مهشمًا مخدوشًا يفوح قدمًا .. دفعته ساتو برفق ففُتِحَ بكل سلاسة و إنما أًصدر صرير الأشياء الصدئة العتيقة المزعج .. لم تقدر عيونهما على التقاط الصور في هذا الظلام بشكل سليم و ارسالها للعقل ليضع استراتيجياته المحكمة للفرار و الصراخ حد الموت طبعًا .. أخذتا في تضيق بصرهما و التحديق في الداخل ليتضح رسميًا ما يجول و لا يجول هنا ،و إنما لم يسري المفعول سريعًا ..


غائبٌ غير متأهب نخاعهما الشوكي لصعق كل خلية حية فيهما ، متردد هو ضوء القمر في الدخول قبلهما و كأنه اكتسب مشاعرًا بشرية و هو الذي يبعث الرعب في نفوس السائرين المكفنين بهذا الظلام المر .. تمامًا كما لا يمكنك رؤية الحقيقة حتى تلطمك في وجهك ، اندفع نحوهما ذلك الشيء و كأنه يحاول صفقهما ، لكن لا أعتقد أن الحقيقة دومًا هي من تصفعك ليلا في هذا السواد .. وثبتا صارختين فاقتحم نور القمر المكان لينجو من هذا العويل المزعج و غمر ذلك الشيء لتتضح ملامحه .. إنه يوبا معجون غضبًا " ما الذي جاء بكما .. ألم أقل لكما أن تبقيا خارجً !"


رددت سايا قي صوت متذبذب " لا أعتقد أن من الحكمة أن نبقى نحن وحدنا و لا أن تبقى أنت وحدك "


" أنتما لا تدركان ما يمكن أن يوجد هنا "


رسخت ثقتها و زادت حدة نبرتها " كيف لا أعرف .. إنه عمي و أعرف جيدًا ما جرى له .. أنا على أتم العلم بما يطوف هنا "


زمجر فيها عاصفة " ماذا، هل تعتقدين أنها لعبة ؟ .. هل أنت من واجه الزومبي و دراكولا في الظلام الدامس في براري أوروبا .. هل أنت من قابل فرانكنشتاين .. هل أنت من مكث وحده في البرية مع المستذنبين الجائعين .. هل لفتك لعنة ما أو تقلصت لتسجني في ساعة رملية .. لا أعتقد هذا .."


نكزت ساتو ذراع سايا و همست لها " سايا .. إنه يقصد ما يقوله .. قد يبدو لك أنه ظريف جدا و رقيق لكنه اخشن مما تتصورين و قد جابه الكثير .. جابه اشياء لا نعرفها قط "


صمتت لحظة ثم بادرت في زئير اللبؤة " لكن لن نتركك وحدك مهما حدث .. أيا كان ما سيصيبني فأنا المسؤولة عن نفسي و لن يحملك أحد مسؤولية أي خدش فيّ .. أنا من أحضرتك و أنا من يقرر خيار بقائي أو مغادرتي .."


بدت جادة في كلامها الذي لبس هاته المرة الحدة و نوعًا من التهديد .. فتركها بعد ان تحسس نارها في وجل ثم و جه نفسه خطوات للأمام نحو الداخل " عنيدة .. رأسك حطبة .. ابقيا لجنبي و إياكما و الاقدام على أي عمل دوني .. "


أسرعتا نحوه يتخللهما السرور جنب هذا الذعر و الارتباك الفاضح لتصرا جنبه فيسيروا ضمن مسار واحد دون مسافة تبعدهم عن بعض .. بمجرد أن توسطوا الردهة حتى تبينت لهم تلك الخيوط المتدلية


" هل هاته حبال .. " حدقت ساتو متسائلة


بادرت سايا في الرد بما أنها الأسبق في العلم بكل هذا " أجل .. إنها خيوط كانت تحمل في نهايتها قوارير من مختلف الألوان ..اختفت بعد قيام يوري بحرق تمائم ما في الطابق السفلي .. "


بصوت التمتمة خافت همس يوبا "إنها التاري .."


" الماذا ..؟‼"


" التاري .. سجون روحانية .. تستعمل لحبس أي روح كانت، لبشري أو مخلوقات أخرى .. أي أنها تُحبس ضمن حيز يُختار في تلك التعاويذ التي تسبق دخول الروح .. لنقل على سبيل المثال أن الشياطين هاته كانت تستطيع الجولان في هذا المشفى فقط لأن هذا ما كُتب في التمائم ..ثم أصبحت تقدر على الوصول لأي مكان تريده .. هذا لأن الروح تتحرر بعد حرق التمائم التي تكتب عليها التعاويذ .. "


" و ما الذي يجري لـ ... لحارق التمائم "


" إن حارق التمائم يملك امتيازًا.. ألا و هو أن تلك المخلوقات لا تقدر على المساس به أو التحكم فيه .. لكنه بالمقابل سيتحول إلى شبح .. "


" يعني أن يوري لم يكذب و لو في حرف .. أهناك أمل في أن يعود "


" لا أعتقد أنه كذب .. أما بخصوص عودته إن انقضت مدة طويلة لا أظن أنه يمكننا رده لشكله .. قد يعود ترابا إذ ما مرت أكثر من عشرين سنة من تحوله أو أقل "




" لقد مر .. نصف قرن .. "


" و أين هو هذا اليوري الآن .. "


" أنا لا أدري قد يكون معنا الآن .. دعني أتحقق باللوح . لقد تحدث معه بالويجا "


" الويجا .. لا انتظري .. لا داعي لذلك هنا .. سنتحدث إليه لاحقًا عندما نغادر من هنا "


" لكن لم ؟ "


" أنت لن تري من يتحدث إليك لذا لن نكون واثقين انه يوري حقًا فلسنا وحـ .. دعونا من هذا الآن .. لنبحث عن سلالم تقودنا للأسفل "


بلعت ساتو ريقها " للـ .. للأسفل .. في هذا الظلام "


ارتسمت ضحكة ماكرة على شفتيه " و ما يمكن أن تخشينه في هذا الظلام "


أسدلت الستائر على مشاعرها " همم .. أنا لا أخشى شيئًا أبدًا "


" إذا هيا بنا للأسفل معًا "


أشعل المصباح اليدوي و تقدم الموكب لتنجرا خلفه و ما يتملكهما هو ما يتملك الخروف قبيل الذبح .. لم يدركوا تحديدًا أين يتجهون و إنما سطروا في أذهانهم أن يبحثوا عن أي وهدة تودي بهم للحضيض .. الحضيض بمعنى الكلمة .. بعد أن غمروا أنفسهم في ذلك الظلام وجدوا سلالم تقود لتحت ، منزوية بعيدًا في آخر نقطة أمكنهم الوصول إليها بعد تعيين طريق العودة للردهة الكبيرة ..


" ها نحن ذا .. لننزل .. اتبعا خطواتي و لا تلمسا الجدران "




نزلتا خلفه ترتجفان محاولتان تنفيذ أمره و عدم الاحتكاك بالجدران أثناء رقصة الخوف العتيقة ، و بعد مدة شعروا أنها طويلة نوعًا ما وصلوا لمكان مترامي الأطراف نظرًا لأن شعاع المصباح لم يصدم أي جدار حينما صوبه للأمام ، لم تكن تلك الأرضية مستوية تمامًا و مسطحة فقد بدا و كأن بها حجارة و حفر مع الإنارة الخافت الجزئية لما هو في البقعة التي هم متواجدون فيها .. صوب يوبا المصباح للجدار الذي جنبه ، فظهرت عليه الكتابات الغريبة التي سُطرت عليه و قد ذابت رموزها فزادت شكلها رعبًا .. تقدم للأمام و الفتاتان خلفه فالتصقتا به ..


" ما بكما أنتما ؟ "


" لقد قلت أن لا نبارح جنبك "


" لقد قلت ابقيا إلى جانبي لا أن تصبحا جزءًا مني .. أفلتا ذراعي قد آلمتماني بمخالبكما "


ابتعدتا معتذرتين لكن ليس كثيرًا " المعذرة ! "




زاد هو في تقدمه و هما خلفه تتبعانه في وجل .. يحثون الخطى على أرضية متسخة فوضوية حتى وصلوا إلى حوض مائي مملوء بسائل ما يبدو قانيًا .. تتقاطر من السقف نحوه قطرات بلونه تتتابع برتابة خلف بعضها البعض ببطء .. رفع يوبا المصباح رويدًا ليقع النور على رجلين مخضبتين بالدماء ، ليدرك أن شخصًا معلقًا مذبوحًا ربما هناك فأخفض المصباح بسرعة كي لا يصدم الفتاتان المنظر فيباشرا الصياح .. التفت اليهما و ردد بهدوء و إلحاح " إياكما و الصراخ .. أنا أحذركما ... و لا حتى ربع نفس "


أمسكتا فاههما محاولتان منع أي صياح قد يهرب على حين غرة و أومأتا أن نعم .. راح يوبا يحدق في الحوض فأبصر الكتابات التي عليه و تلك التمائم التي عُلقت عشوائيًا .. ابتع خطوات للخلف و أشار لهما أن تعودا للسلالم في هدوء .. بينما هما موجهتان وجهيهما للجهة الأخرى رفع يويا المصباح لذلك المعلق ..




فصفعه منظره الشنيع معلق من رقبته برأسه المهشم و دماغه الذي بدا يلوح من جمجمته .. كاد يوبا يتقيأ مع تلك الابتسامة الماكرة التي ارتسمت على ذلك المخلوق الذي ما اتضح ان كان رجلا او امرأة .. مجرد ملامح دامية معجونة مشوهة و بسمة مخيفة يابسة .. أخفض المصباح بعد أن أرهب قلبه و وجهه للجدران و الزوايا و السقف في طريقه نحو سايا و ساتو إلى السلالم ليرصد أي نوع من السحر هو هنا فيعرف أي سلاح قد يستعمله لمحوه .. ناداهما في سكون و برقة كي لا ترتعبا و طلب منهما الاسراع للأعلى ..


بمجرد أن ولجوا إلى الممرات حتى أمسكا بكفيهما ثم تحدث بثبات و رزانة مصطنعة ، فقط كي لا تصرخا فتوقظا وحشًا لا أمل لهم أمامه


" اسمعاني جيدًا لن أكرر هذا مرة أخرى .. لو فقط كانت لكما نية في الصراخ الآن سيحدث أمر لن نحبه .. سنركض الآن نحو الخارج دون أن ينبس أحدنا بحرف و سنكون في أمان إذ لم نصح .. حاولا أن لا تفلتا مني "


ارتج قلبهما رعبًا .. فسألت ساتو ترتجف " و لما تـ..تـ "


" ليس أمامنا وقت للحديث .. هيا "


انطلقوا في صمت إلا أصوات ركضهم و دقات قلوبهم .. و فحيح ما كان يتردد على مسامعهم كل ما مروا بغرفة ما دون أن يجعلهم هذا يتوقفون لتفقده بل زادهم قوة لمواصلة الركض .. وصلوا الردهة فباغتهما تمثال ما .. في المنتصف .. لم يكن هناك من قبل .. بدا لسايا و كأنه يشبه يوري .. لكنها لم تنبس ببنت شفة خشية أن يخرج بدل قول أنه هو دوي صرخة مدمرة .. اكمل يوبا طريقة للخارج و يداه متصلبتان على كفيهما بعد توقف ثانية ليرى هذا الذي انبعث من عدم أمامهم .. سمعوا باب المصحة يغلق خلفهم و هم يخترقون الأحراش و الممر المظلم إلى البوابة الحديدية .. لكنهم لم يكونوا مستعدين لتمزيق مقلهم بشكل الذي أغلق الباب و قد يكون على بعد ملمترٍ واحد منهم .. فتح يوبا البوابة بقوة ليخرجوا بسرعة نحو السيارة ..


أقلع دون أن يترك لنفسه المجال لالتقاط أنفاسه و هو الأحق بذلك قبل أن يغمى عليه في الطريق و هو يقود .. لكنه آثر ذلك و قرر أن يبتعد أولا ثم يأخذ أكبر نفس قد أخذه في حياته .. بعد أن لملمت ساتو شتاتها سئلت بأنفاس متقطعة " ما الذي جعلك تفعل هذا "


التزم الصمت دقائق ثم ردد " ما كان يجب أن نبقى مدة أطول عزل هناك .. أتملكين مفاتيح نارتيروثيا "


" أنا .. و من أين لي أن أحصل عليها .. ؟ "


"أيتها المتكاسلة .. أحتاج لبعض الأدوات .. "




أخذت العبارة الأولى نبرة تهكم ثم عادت الذبذبات الجدية " لقد تذكرت أيها الورش النشيط .. تذكر شو صحيح .. أعتقد أن المفاتيح معه فهو كما تعلم مهووس بالنادي و يحتفظ بكل شيء يخصه .. أنت تعرف الطريق لمنزله ! "


" أجل أجل .. أعتقد أني أذكرها .. أتمنى أن نجده مستيقظًا "




عادت سايا للساحة بعد أن غرقت في السكون " ما الذي وجدته هناك يوبا .. "


نظر إليها من مرآة السيارة ثم أعاد بصره للطريق " أتعلمين .. لكن مجددًا لا تصرخا لأن هذا منفذهم إليكما .. قد يكون أحدهم معنا الآن هنا .. من الأفضل أن نتحدث لاحقًا عن كل شيء "


التصقتا ببعضهما ثم همست ساتو بصوت مرتعب مرتجف " مـ .. ماذا تقول ؟ "


" حسنًا .. أنا أمزح .. لا تباشري نحيبك .. انزلا لقد وصلنا الى بيت شو "




" يوجد الأضواء في أحد غرف المنزل .. لا شك أنهم مستيقظون .. "




" أعتقد هذا .. "


رفعت ساتو سبابتها لتدق الجرس ، فارتفع صوته المزعج مدمدمًا في الأرجاء ..


ضربت سايا مؤخرة رأسها ضربة خفيفة " أيتها الغبية .. كان يكفي الطرق .. ماذا لو كان أحدهم يشرب كأس ماءٍ فقط "


مطت شفتها السفلى اقتداءً بالأطفال ماسكة قفاها " آسفة.. لم اقصد "


فُتح الباب فأطل الفاتح بكرشه المنتفخة و كأن بها 19 صبيًا سائلاً " نعم .. هل من مساعدة "


اعتدل يوبا " مرحبا .. المعذرة على الازعاج .. هل هذا منزل شو "


" أجل إنه هو .. "


" هل يمكننا رؤيته "




" ليس متواجدًا هنا حاليًا .. لا أعتقد أنه سيعود حتى الغد "


" لكن الوقت المتأخر .. كيف ألا يتواجد بمنزله "




رمق ساتو التي أدلت بآخر تصريح بنظرة ازدراء " و أنتم ما الذي تفعلونه بالخارج الآن .. مهما يكن ، تعالوا غدًا مساءً تجدوه "


و أغلق الباب في أوجههم بقوة




رددت سايا ف استياء " يا له من وقح .. هل يعقل أن شو هذا هنا و لا يرغب في أن نتحدث معه "




ترك يوبا عتبة الباب و اتجه الى السيارة " لا يهمنا أمره .. دعونا نغادر إلى نارتيروثيا .. فلنقتحم المكان إذا ما استلزم الأمر ذلك "




ساقهما أمره خلفه نحو المركبة السوداء رباعية الدفع .. أمسكت ساتو المقبض ثم تسمرت بعدها همست في قلق " يـ..يوبا .. "




التفت إليها في اهتمام سائلًا : " ما الأمر ساتو "


رددت و هي لا زالت محافظة على جمودها " ماذا لو لازال ذلكـ ... الششيء هنا "


تفحصها بنظرات بلهاء ثم صعد السيارة " حمقاء .. قلت أني أمزح .. لا تعطلينا "






http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg




شقوا الدرب نحو مترعهم القديم .. لم تكن إلا ربع ساعة و وصلوا البناية العتيقة المطلية بالأبيض الضارب للصفرة و بعض الأزرق هنا و هناك ، يحده شمالاً مكتب لخدمات ما و يمينًا عمارات تصطف خلف بعضها .. لا يبث المكان الوحشة في المهجة أبدًا ، سواءً صباحًا أو ليلًا .. و لكن هذه المرة بسبب الأنوار التي وجدوها مضاءة هناك دبت دابة الرعب في الثلاثة ..


تمتمت ساتو يشوبها القلق " أترون تلك الأنور .. من أضاءها .. لا بد أن أحدًا هناك "


" أنا يا ساتو ، لست بأعمى .. أنا أرى "


تحسست سايا طريقها إلى ساتو لتحتميا ببعضهما ثم دفعت كلامها ثقيلا للخارج " و هل سندخل "


" قطعًا .. سندخل "


تبعتاه مجددًا كالأطفال البكائين الذين لا يبرحون ذراع أمهاتهم .. تقدموا بكل ما تحمله الريبة و الجزع نحو الباب ففتحه يوبا رويدًا .. لم يكد يرمي خطواته الأولى للداخل حتى سمعوا حركات سريعة تتجه نحوهم .. تسمروا في أمكنتهم ينتظرون أن يهوي عليهم **** حديدي ما أو قبضة فولاذية .. أو رصاص ..






" لا أصدق .. أهذا أنت يوبا "




أقبل شو نحوهم يستفسر عن الزائر .. أمسكوا قلوبهم الواجفة .. ثم ابتسم بهدوء يوبا " مرحبا شو .. إنها مدة طويلة يا صديقي "


" يا رجل .. انظر لنفسك كم غيرتك سنة واحدة في الخارج .. اشتقت اليك "


" ههه تغيرت! ... ألأني رفعت شعرة واحدة من رأسي اعتبر هذا تغيرًا .. لا زال يوبا هو يوبا .. "


" أعلم أنك من المحافظين .. من هاته .. ساتو ؟! آهه .. تلك القطة المتشردة "


" شكرًا لترحيبك الحار أيها الغليظ .. ما الذي تفعله هنا في هذا الوقت "


" أنا آتي إلى هنا يوميًا طوال هذا العام لأتفقد الأدوات و حال المكان .. لا طالما تشبثت بالأمل و عرفت أن النادي سيعود للحياة .. قررت اليوم بعد أن علمت أن القطة ستعيد افتتاحه أن أجهز المكان لاستقبال الأعضاء ... و من الآنسة التي معكم؟"


" إنها صديقة .. سايا .. "


انحنى شوم محييًا إياها في أدب و نبل بالغ " أهلا بك سايا أوجوساما "


ردت بصوت خافت " أهلا "


أبدت ساتو سخريتها منه بمرح " هوهوهو .. من أين أتيت بهذه اللباقة فجأة "


" أنا جنتل مان بطبعي أيتها الشرسة "


أقحم يوبا نفسه في خضم ما يحاول أن يطغى " أعتذر لأني أقاطع كلامكما الفارغ و لكن شو أنا بحاجة للأدوات .. سأتفقدها إن كانت لا زالت تعمل أو لا "


" لا تقلق عليها .. كلها و كأنها جديدة .. لم أكن طوال العام أتسكع هنا و أتصفح الجدران فقط .. كنت أعمل بجهد "


" لا طالما كنت متفانيًا في عملك .. لكن لا بأس سآخذ بعضها لأجل .. بعض التعديلات .. أتسمح "


" حسنًا .. إن كنت مصرًا !"




أخذا ما بدا له يصلح للمهمة المستحيلة.. ثم غادر مع طاقمه المتذبذب الحائر ..






وقف شو عند نافذة السيارة ليودع يوبا .. " أعتقد أن كل شيء سيبدأ من جديد يوبا .. أنا واثق أن الكثير من الاثارة و العمل ينتظرنا .. أرحب حتى بأصعب و أخطر و أرعب الموافق .. أجل ، ستعود نارتيروثيا "


اكتفى يوبا بابتسامة باهتة ثم أشار له مودعًا " نلتقى غدًا إذًا .. "


[ ألا تعلم ان أبواب السماء مفتوحة تنتظر الأماني في هذا الوقت .. أجل .. ينتظرنا نحن الأسوأ على الاطلاق .. افتح ناديك لتهيئة جنائزنا ]

الجاثوم
21-8-2014, 03:36 PM
-لعبتي مع النار :


*ج1*




أرخى الليل بسدوله القاتمة على المدينة و اختبأ البدر بهدوء خلف سمـاء الأفق الملبـدة بالغيوم الساكنة , لكن ضجيج المدينة و أنوار شوارعهـا كفيلة بإبعاد سكنات الليل الرهيب لطمأنة ما تخاف منه قلوب , تأخر الوقت كثيراً و العودة إلى المنزل في مثل هذا الوقت سيوقظ آلافًا من التساؤلات في ذهن والدي الفتاتين .. سيكون من السليم أن تقضيا بقية الليل في منزل يوبا ، ولكن ما تخبئه تلك الليلة لن يغيب عن ذاكرتهما ما دامتا حيتين ، كيف لا وستشهدان حادثة بين الحقيقة و الخيال . بين الحلم و الواقع و الأساطير الغير مقنعة و الخوف الرهيب




http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg






لوح الويجا هو ما كان يشغلها .. لاتزال الحلقة تتحرك يمينا ويساراً .. ولا تزال الحروف في فوضى بعد عدة محاولات فاشلة للاتصال بيوري لطلب من يوبا ، وأخيراً وضعت الحلقة جانباً واستندت بجذعها للخلف حتى لامس ظهرها الكرسي الأملس .. أغمضت عينيها لشعورها بالإرهاق , و راحت تفكر بما سيؤول إليه الأمر بعد ذلك , ثلاث طرقات على باب الغرفة اقتحمت أذنها و سمحت للأفكار بأن تنقطع دون سوابق , أسرعت بالإجابة بينما تعدل جلستها:


" ادخلي "


تدرك جيداً أنها ساتو فيوبا قد استأذنهما وتعلل بإرهاقه وصعد إلى غرفته للنوم بعد أن فشلت اللعبة في نداءها للشبح ذاك ..
فتحَت الباب بهدوء ليصدر صريراً ناعماً مشت بخطوات متمايلة وقد بدا النعاس جلياً على عينيها :
" لم أستطع النوم !!"
قالتها بصوت رخيم بعد أن استرقت نظرة إلى ساعة الحائط و التي قد أشارت إلى الثانية بعد منتصف الليل :
" أنا جائعة لم آكل شيئاً منذ الصباح"
مدت سايا ذراعها نحوها و ابتسمت بهدوء:


" تعالي واجلسي هنا فلا أمل في أن تجدي طعاماً في منزل قد هجر منذ سنة "


أقبلت ساتو بهدوء و ألقت بجسدها على الأريكة :


" ولكنّي اتصلت بمطعم منذ ساعة ولم يصل عاملهم حتى الآن !! "

تنهدت سايا :


" أهناك مطعم مفتوح في هذه الساعة .. ساتو أنتِ حمقاء للغاية !!"


فجأة و بدون سابق إنذار سمعتا صوت جرس المنزل , هتفت ساتو رغم الارهاق البادي على ملامحها:

" البيتزا لقد وصلت "


ركضت مسرعة لتتجه صوب باب المنزل , و نهضت سايا من كرسيّها و تبعتها و حينما عتبت باب الغرفة أدركت أنها قالت و متأكدة من أن لا محل مفتوح في هذه الساعة المتأخرة مما جعلها تهرول مسرعة لتصل إلى معرفة الزائر و تصحح كلامها و تثبت ما قالته و أنه هو الأصح .. لربما النعاس جعلها تصر على أشياء سخيفة .. لكن ساتو سبقتها بفتح الباب قبل أن تطأ قدم سايا المدخل وليتها مرنتُ قدماها لتكون أسرع من البرق و تشبثت بقوة بإصرارها ذاك و لكنها لم تفعل , و عندما وصلت إلى المدخل فاجأها من كان يقف خلف الباب القويم الذي قال بصوت خشن:

" مرحباً !! "


كان رجلا بملابس طبيب مهترئة نوعاً ما و ممزقة في مواضع يرتدي حذاءً مغبر قديم , كانت عيناه الشاحبتان و صوته و جلده المجعد الأسمر بل الأسود أكثر ما كان له وقع كبير على قلب سايا الذي هلع من مظهره ذلك ، إضافة إلى كيان المرأة المومياء بجانبه ، نعم كان ذلك الوصف الأنسب لها !!


ساتو التي فتحت الباب لم تكن أقل هلعاً من سايا بل تركت الباب مفتوحاً وهرعت إلى صديقتها متشبثة بها ،أومأت الأخرى في محاولة طمأنتها و تقدمت نحو الزائرين رغم حالة الذعر التي تعيشها :

" عفواً هل من خدمة ! "


بدا وكأن الزائر استغرب نبرتها حينما بدت عيناه أكثر اتساعاً ثم قال:


" هل هذا منزل .. يوبا ؟ "


أجابت سايا بارتباك:


" بـ .. نعم !"


" إذاً أين هو؟ "


أجابت بعد أن كاد قلبها يقع أرضاً :


" إنه نائم الآن قد لا يستقيظ قبل طلوع الصباح أبدًا.. تعاليا غدًا وداعًا "

و همت في غلق الباب في وجهيهما ، وضع ذاك المسخ رجله مما حال دون إغلاق الباب ثم رفع بنظره عالياً حيث السقف , حيث لا داعي للنظر هناك , لكن المرأة التي كانت تقف بجانبه أمسكت بذراعه و جذبته نحوها فانحنى جسده نحوها , ثم قربّت رأسها من رأسه , وقتها فقط لاحظت سايا شيئاً غريباً في عينيها .. كانتا مجرد تجويفين فارغيين .. ثم ردد بعد حركاتهما الغير مفهومة و سكونهما الغريب :


" أنا صديق قديم ليوبا !! أظن بأن زيارتي أتت في وقت خاطئ و الآن يا آنسة هلا سمحتِ لنا بالدخول .. فنحن أتينا من مكان بعيد نحتاج إلى بعض الراحة و شربة ماء "


أدخلتهما فدخل معهما ذعر كبير إلى قلبها الذي تربعت مسبقًا فيه خيبة فشل محاولتها في طردهما ، ثم هرعت إلى غرفة يوبا مسرعة لإيقاظه غير أن الباب مقفل ، فأخذت قبضتها تتبع الطرقات و جسدها يرتعش مما رأت وسمعت وشعرت لكن مامن مجيب ..


"لم أدخلتهما؟"


صرفت نظرها ناحية ساتو التي استطردت بصوت مرتعش :


" سايا إنهما غريبان و مخيفان !!"


" أعلم أعلم .. لكن فات الأوان "


" ربما هما مجرد مهووسَيْن ، غالبًا ما يصادق يوبا المخبولين .. ألم يقل بأنه يريد بعض الماء؟ "


محاولة إيقاظ يوبا فشلت .. وقفت سايا عاجزة تنتظر وصول القدر إليها ، ثم التفت إلى ساتو :


" دعينا ننزل إليهما ، ربما يكونان سارقين ، أو لا يهم أتركينا نجلس هنا ، لا أرتاح لهما مطلقًا ، فليفعلا ما شاء لهما أن يفعلا ، أتمنى ان يجدا شيئًا يصلح للسرقة هنا .. لا نريد مشاكل "



http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



الهدوء يخيم على الموقف و كأنهما خارج نطاق الزمن في عالمٍ خالٍ من أي شيء , جلست مقابلة لهما تسترق النظر كلما سنحت لها الفرصة و الحوار بينهم مختفٍ , لا كلام لا حركة لا نفس , مما سمح لتلك الهواجس بالعودة : [ هل هو صديق يوبا حقاً ؟ ألزيارتنا للمصحة علاقة بحضوره ؟ لم لا أثر لبؤبؤ العين في وجه تلك المرأة ؟ أي خطأ هذا الذي اقترفته بإدخالهما ؟ هل ستمضي هذه الليلة على خير .. ذاك الشعور الساطور يقول بغضب و صوت عالٍ جدًا { لا } ؟]


استمرت هذه الهواجس بالتوارد على عقلها حتى شعرت بشيء ما يلتصق بذراعها فنظرت كالمصعوقة نحوه فإذا بها ساتو تجلس بجواري حتى تكاد تخترق جسدها من شدة التصاقها ...


"سايا لم أتيتم إلى المصحة اليوم ؟"


قفز قلبها من مكانه و أصبح الهلع يجري بجسدهاً ، بل إن دمها ليكاد يتجمد في مكانه و لسانها عاجز عن النطق ، و لم تحرك ساكناً سوى عيناها التي شعرت بها تتحرك في كل الاتجاهات بحثاً عن جواب مناسب تنطقه قبل أن يبدي هذا الرجل أي تصرف ..


" أين يقع الحمام هنا ؟ سيلفيا في حاجة إليه "


تحركت سبابتها ناحية الباب:


" تـ .. تجدينه على الجانب الأيمن في آخر الممر"


لم تبدِ تلك المرأة أية استجابة


"عفواً هلا رافقتها إحداكنّ فسيلفيا تخشى الذهاب وحدها كما أني متعب للغاية و أحتاج إلى فترة جلوس أطول !!"


{ يا إلهي ، كيف لغول يرعب الظلام أن يخشى شيئًا ‼ }


نظرت سايا ناحية ساتو و التي بدا الهلع جلياً على ملامحها ولكنها تحاملت على نفسها ووقفت :
"سأرافقك إلى هناك - أومأت لساتو مطمئنة - سأوصلها و أعود !! "


استدارت مشيرة إلى المرأة لتتبعها غير أن سايا تجمدت في مكانها بينما تراقب مشية المرأة كأنها تقف على أرض صابونية تمكنّها من الانتقال دون المشي ، لتتزحلق بكل انسيابية , أو لكأن الرياح تدفعها نحو الباب مما أثـار الرعب في قلبها فتصبب العرق على جبينها فور رؤيتها لذلك الشيء وهو يطير في الهواء بجانب ساتو التي كانت سارحة في عالم آخر ,




" التدخل في شؤون العالم الآخر لن يجلب لكم سوى المتاعب "


شعرت بنفسها وهي تحرك ساقها توتراً و اضطرابًا عاصرة قبضتها من الوجل الذي تزداد شدته كل لحظة ، إلا أن الزائر الغريب كان سريع الملاحظة :


" هاه .. ما الأمر ، كنت أحادث نفسي فقط !!" ... وقع كلماته لم يكن بالأمر الهين .. استقامت بهلع متجهة ناحية أي مكان يزيد المسافة التي بينها و بينه ، و في رأسها عبارة واحدة [ ساتو ، أرجوك كوني بخير ]

... أظلمت الدنيا واختفت الأنوار فجأة .. شعرت و كأنه قد أغشي عليها وسرعان ما أدركت أن ما حصل لم يكن سوى انقطاع في التيار .. سارت بخطوات مبعثرة فاصطدمت بشيء ما , تحسسته فكان باب الحجرة التي تقف عندها أخذت تتحسس طريقها و تنادي:


" ساتو .. ساتو هل تسمعينني ؟ "


أخذت التساؤلات تعصف بعقلها :
[ هل اختطفاها .. هل سأتمكن من اللحاق بهما .. يا إلهي !]


وأخذت خطواتها تتسارع ناحية باب الحمام حاولت فتحه ولكنه كان موصداً بإحكام ، أصوات غريبة تصدر من مكان قريب منها .. شيء أشبه بالفحيح .. خطوات تسمع هنا وهناك .. في ذلك الوقت انقشعت الغيوم عن القمر و استطاعت خيوطه اختراق نوافذ المنزل .. اقتربت من مصدر الصوت .. شيئاً فشيئاً حتى تمكنت من خطف ما يجري و قد هالها المنظر ..

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg



مسخ يقفز و يرتمي على الأرض و يتحرك بعشوائية في شكل مهيب و كأنه يرقص طرباً , لا بل كأن أحدًا يتلاعب به .. في تلك اللحظة شعرت بنفسها في أسوء موقف يمكن أن يمر به أي إنسان , إنها المومياء الغريبة ..تضرب على الأرض و تجثو على ركبتيها و تقفز هنا وهناك .. بأطرافها الأربع تتشبث بالسقف و كأن الجاذبية لا يعنيها سحب جسمها كما هو مفترض للأرض .. تتحدى بكل بساطة كل القوانين الفزيائية ... انطلقت بكل قوتها تركض إلى ما لا تعرفه،


تخبطت سايا في الظلام فحسب فلابد أن خوفها مما يحدث في ذلك الوقت كفيل بمسح ذاكرتها لتنسى تفاصيل هندسة المنزل ,صعدت الدرجات العلوية بخطى متثاقلة, تعثرت ولكنها أكملت الصعود للأعلى دون أن تشعر بأي إصابات ألمّت بها جراء سقوطها , فتحت باب السطح و أغلقته فور دخولها هناك و جلست تلهث بعنف "ماذا سأفعل الآن ؟ أين سأجد ساتو ؟ يوري أين أنت .. يوبا أأنت بخير ؟ .. يا إلهي ما هذا الذي أتخبط فيه !! "


أولئك مجانين ليسو بشراً إنهم أشباح ، أشباح بلا شك !


اجهشت بالبكاء و أخذت تصيح:


" ساتو بالله عليك أجيبي ! "


و ما إن لفظت تلك الكلمات حتى سمعت صوتها يصدر من الجنب الآخر من السطح:

" سايا ! "


أسرعت سايا نحوها تحتضنها و الأخرى تهتز كل ذرة منها حتى كاد اهتزازها يوقع زلزالاً بالمنزل
شيء من الأريحية بدأ يسكن قلبيهما و لكن الخوف سرعان ما عاد إذ أنهما لا تزالان بالمنزل .. خرجتا من الباب الخلفي عبر السلم الذي يوصل إلى الشارع مباشرةً دون المرور بالمنزل وأيديهما متشبثة ببعض وقتها همست ساتو:


" يوبا ماذا عنه؟"




عندها فقط تذكرت يوبا النائم في غرفته لكنها أجابت:


" لا تقلقي الباب مقفل ولا أظنهم سيقتحمونه سنتصل بالشرطة فور تمكننا من الخروو -علق في حلقها الحرف الاخير ثم استطردت في فزع- .. مستحيل سيستطيعان الدخول ، إنهما شبحان يا لي من غبية .. سيموت بسببنا "






" يجب ان نعود إليه سايا .. لا يمكننا تركه إنه سبيلنا الوحيد لإيقافهم .. "


" نرجـ ..جع .. !! .. أجل ، مستحيل تركه "


" دعينا ندخل من الباب الأمامي "


بتهكم " أكيد .. سنطرق الباب و نقول لهم ها قد عدنا .. دعينا نتسلل و نخرج يوبا "


" كما تريدين .. لكن لا تصرخي فقط هكذا هناك "


" أجل أجـ.. "


التقطت اذنهما أصوات غريبة خلفهما .. لم يضيعا الوقت لا في الالتفات أو التأكد .. بل أسرعتا رجوعًا من حيث قدمتا ..


باشر القمر في بعث جنوده الذين ارتدوا الفضة البراقة ليكسوا الأرض النور الليلي الخافت .. فلفت انتباههما نافذة غرفة يوبا تُفْتَح


صاحت سايا " سيرمونه من النافذة .. مستحيل ‼ "


فعلًا .. كان يوبًا يلوح منها .. يخرج .. ليرمي نفسه بكل بساطة !!




" لااااااااااااااا " بدت كعواء ذئب حزين و هي تتدحرج من حنجرة ساتو




و إنما ذاك اليوبا لم يتوارى مدة طويلة .. قام من مكانه ماسحًا الغبار عن نفسه .. ثم ركض نحوهما صارخًا بقوة " إلى السيارة حالًا "


تسارعت الخطوات على غير العادة إلى المركبة التي ستنقذهم بعد أن اصبح سبب عجلة نبضات قلبيهما فقط الشيء الراكض خلفهما كذئب شرس جائع منذ شهرين ؛ و ليس يوبا المسجون مع الغولين .. و حشروا أنفسهم بقسوة هناك ، هذا لأن الخوف مسكر يفقدك تركيزك و ذكاءك مهما كنت عبقريًا .. دواءه الوحيد ليس جمعيات و مستشفيات محاربة و التخلص من الإدمان بل برودة الأعصاب و الثبوت ...

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg


رغم أن القيادة في أوضاعٍ و ظروف كتلك غير مريح البتة .. اندفعت سيارة يوبا وسط الشارع الرئيسي ثم في أزقة المدينة بأقوى سرعة مخلفة خلفها دخانها الخانق ..
بعد أن بدأت تعود المياه لمجاريها ببطء شديد و اقتطف كلٌ أنفاسه الضائعة بين الثنايا الظلام و الوجل رددت سايا في اهتمام
" يوبا ... ألم تتأذى حين رموا بك ؟ "


" إنهم لم يرموني بل أنا من فعلت لأنها كانت السبيل الوحيدة للنجاة .. هييه أنا بخير "


" لكن كيف .. كان المكان مرتفعًا "


" هل هذا وقته ! .. أولا الأرضية لينة لأنها ترابية عشبية و ليس اسمنتية .. ثانيًا إذا كنت أعرف كيف أسقط و كيف أصل للأرض و أقف بالشكل السليم لن أتعرض لأي أذى.. كالقطط "


" ذو سبعة أرواح .. لهذا لم تمت بعد .. "


" لا أعتقد أنه وقت المزاح ساتو .. أرجوك أعصابي تحتر.."


صدر صوت رنين متتابع فقطع كلامه و شعاع أحمر مضى يتوهج في ذلك الظلام ثم راحت السيارة تهتز بين الفينة و الأخرى .. بدت المباني و كأنها تزحف من خلال زجاج السيارة




" الوقود على وشك النفاد أخشى أن أضطر إلى تخفيف السرعة .. قد لا نصل سريعاً !! "






تقطعت أفكار سايا بهذا الصوت الذي خرج من شفتي يوبا الذي بان الانقباض في ملامح وجهه فتلاشت الحروف من مخارج صوتها المكبوت ليجتمع سيل الكلمات على شكل دمعة ذرفتها بهوان




حاول يوبا أن يرخي من العضلات المنقبضة في تقاسيم وجهه:




" لم كل هذا الخوف .. لن يتمكنا من اللحاق بنا "




قال ذلك مع أنه لم يستطع انكار البرودة التي تشبعت بها أطرافه .. أخذ يغرق في تيارات لوم نفسه على عدم اهتمامه بالوقود .. أي مستهتر كان؟




http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg






[ أتظنك تستطيع الفرار أكثر ؟ ]




تمتم بذلك صوتٌ خرج من بين شفتين متشققتين قبعت في أسفل وجه ذميم كريه الرائحة و اللون ..اخترقت يد المرأة المومياء زجاج النافذة و تشبثت أظافرها الفولاذية بالسيارة فأتلفتها .. ونظراتها مركزة على جسد سايا و التي باءت محاولاتها البائسة في قذف المسخ تلك إلى الخارج بالفشل .. و بعد أن انتهت المشوهة من تأملها في هيئتها المغبرة و شعثها المتطاول اندفعت بيدها في محاولة لنهش جلد سايا مع زعيقها الفريد ، فلم تهتدي كأي أنثى إلا للصراخ في تضرع و التلويح بيديها بجنون و بقوة سعيًا لإلحاق الضرر بها و صرفها عنها .. و راح يوبا يجيء و كذلك بالسيارة يمنة و يسرة في مساعدة لها للتخلص من أمرين مفزعين نهايتهما القبر لا شك دون الحق في إعادة النظر أو الطعن في الحكم .. تلك الخشبة المتآكلة و العويل الهستيري الذي أضحى رفيقهم الرابع .. و إنما ما من فائدة ، فقد أبت المومياء الجافة ان تترك سايا التي أبت هي الأخيرة العفو عن حنجرتها و آذانهم !






ما من منفعة الآن لكل هذا اللغط و الانتفاض .. الأجدر مقابلة الشيء بالمثل .. فالسن بالسن و العين بالعين و البادئ أظلم ..


أقحم يوبا يده في بحث عن أي شيء كان يمكن استعماله لصدها .. لم تقع كفه إلا على خنجر حصل عليه من رحلته قبل عامين في أدغال افريقيا .. رماه في غمده الى ساتو صائحًا ..


" مزقا يدها ‼ "


وقع الخنجر المزركش في حجر سايا باردًا كما وقع كلام يوبا خشنًا على طبلة أذنيهما لكن لم يثني من احتضنت السلاح عن التصرف فكل ما تريده هي هو ردعها مهما كان السبيل لذلك شائكًا .. أخرجته من غمده بصعوبة و مررته بسلاسة على يد الجيفة ليمر مرور الكرام دون أن يعرقله عظم أن تشده الأنسجة الخشنة و كأنها تقطع قطعة من جسمٍ مائيٍ .. و سقطت اليد الحرشاء الضاربة للسواد جنب رجلي سايا دون أن تقطر و لو قطرة واحدة من الدماء بينما توقف ذلك الصراخ و النحيب حتى صاحبة المقلتين المبتورتين تجمدت في مكانها تبصر كفها الساقطة ..


قطعًا .. و كما كان الصمت مرهقًا دومًا متلفًا للأعصاب .. كان أحيانًا رحيمًا فلا يدوم .. المشكل هو أنه لا يعلم متى يستمر و متى يذهب و يتركنا ..


لم تخلد لحظات الراحة تلك من السكون طويلا ليعود صوت اللهاث و محرك السيارة الصاخب و الهواء المنساب بسرعة عليها محدثًا ضجة كبيرة ونبضات القلب المتسارعة كقرع طبول حماسي ... و اطلقت ممرضة المقابر سراح صياح يصم الآذان لا تقدر عليه حنجرة بشر باسطة ذراعها التي قُطِعَت إلى وجه سايا بينما يدها جنب رجلها تتخبط تتحرك تحاول الامساك بأي شيء تصطدم به ، و ليعود أكثر الصراخ الذي أضحى مملًا و هذا الخوف الذي كدر النفوس ..
أدار يوبا المقود مقتربًا من الجدار الفاصل بين طريق الذهاب و الإياب الممتد طويلًا طويلًا لتحتك الجهة اليمنى من السيارة بالحائط الحرش و مهما أتلفت و خدشت و حفرت عليها الخنادق العميقة لا يهم فعليًا لأن المسخة سيتآكل جلدها وصولا إلى عظمها العفن بذلك بحيث لن تقدر إلا على الزفير ببطء و صوت منخفض لا يحرق المسامع ..


و إنما .. ثابتة مثابرة متمسكة بالنافذة و الصياح ، و لكن النهاية تشمخ هنا عند سقوط أحد طرفي المعركة و ليس للمحاولة من عمل سوى أنها تساهم في الهبوط و الاستلقاء لأننا في أوج الوجه الثاني من الحروب التشابك و لسنا ضمن أي برنامج حماية ما أو تحت لواء من يُطِيب الخاطر بأن القيام بعد الهوي شيء جميل و تلك الأوهام العديدة التي لا زلنا نختلقها رغم بلوغنا هاته المرحلة العظيمة من مجرد التوقف عن الانبهار من تغير لون الكرة التي تلعب فوق رؤوسنا من الفضي إلى الأصفر إلى برتقالي و وشاحاها الذي يلفها و تآكلها بين الفينات و تغير حجمها... فمع ضربات أخرى سقطت تتجرجر خلفهم يتكور جسدها الحي الميت لتتراكم معها أصوات ارتطامات متتالية لجسم يتكسر بعد تكسر بعد آخر .. و ملامح وجهها الجامدة مكشرة عن شرها تبدو ثم تختفي كومضات مصباح على رأس الرمق الأخير إلى أن أضحت مجرد شيء أسود يتدحرج يصغر تدريجيًا إلى أن اختفى في الأفق البعيد ..

أثير الفكر
21-8-2014, 03:37 PM
هكذا كانت الصورة من المرآة السيارة المحطمة ،هكذا كانت اللوحة بصفة عامة ، لهاث متطاول على الصمت الذي يسبق العاصفة و يليها و إيقاع القلوب الواجفة و رعاشٌ تصاحبه منذ الأزل قطرات العرق المتتابعة بغزارة من بوابات المسامات التي تفتح على مصراعيها ليقطر جنود يمتدون كما ينبسط الوريد الذاهب الغادي إلى حيث لا ندري ..



و لكن النهاية تشمخ هنا .. مهما كانت المناسبة للنهاية شموخ الجبل .. لم يكد الأمل يلوح في جوف الظلام حتى اهتزت السيارة وكأن زلزالًا يُثْبِت نفسه أو أنها تهوي من ذروة مرتفع ، ثم رجة قوية تقتحم في عقلك فكرة أن اصطدامًا قد وقع .. إنها المركبة قد تعبت من الهروب زيادة على أنها ارتطمت بالحائط فلا ترغم أو تكره على المواصلة و لو استدعى هذا انتحارها ..


تحطم الزجاج ليتناثر على الأشياء الرثة الضعيفة القابلة للتكسر بسهولة و ما تبقى منهم ، تلاه على المسامع الدوي المرضي للمحرك ثم سكونه بعد زفير أخير ضعيف فران صمته فجأة دون توقف أصوات الليل الجنونية ..


اسْتُدْعِيَ الوعي في لحظة طارئة بعد أن كاد يغفو في وقت استراحته و خرج الثلاثة من السيارة لتتحسس ساتو أي دبيب على الطريق خلفهم و يتفقد يوبا السيارة التي يرثى لها من شكلها و تبدو بوضوح انها صالحة لرمي أو صب جل الغضب عليها بينما سايا واقفة بين الطرفين لا تبتغي لنفسها سبيلًا للتخفيف من وطأة الحال كما يفعلان هما بإشغال نفسيهما بأمر ما و إن كان في لب الأمر يسبح و إنما مهما بلغ العقل تعقيديه الإنسان بسيط لا يفكر في ألف شيء في الوقت ذاته ...


اوقف يوبا عبثه الغير مجدي و التفت للأشجار المنبسطة الحالكة التي تمتد لبعيد في غابة هي مجرد زينة باطنها سم لا تصلح للرحلات و اللهو فلا يمكن أنها مهجورة " لن تسير و لو نصف متر آخر "


أمسكت ساتو بناصيتها و أخذت تلهث بشكل لا يقطع كلماتها " أجل واضح ... لقد تحطمت تمامًا .. ما العمل؟ "


غمغمت سايا " لن نقدر على البقاء هنا ننتظر طبعًا .. قد يللحقوننا .. هل نـ .."


ما كادت تكمل همسها حتى اخترق الظلام صراخ الغولين حيث تلتقى الأرض بالسماء ليخمش الحواس الخمس و لا ينسى أن يعرج على السادسة عند أحدهم ..


دون أن يضيع وقتًا آخر صاح فيهما " إلى الغابة خلفي .. حالًا ‼ "



نط للأحراش يعدو بكل ما أوتي من قوة رغم التعب المهلك خلفه الفتاتان يصرخن يركضن بغباوة ..

ببلادة لدرجة أن أخذ كل واحد مسرى .. و أخذت الوحوش أعقابهم تعوي ، ليلحق الطبيب الهائج ساتو ، خلفها يقترب من عنقها ليكسرها و لم تتفطن حتى شعرت بأحد خلفها يقترب و إن لم تسمع خطواته لكن الحواس متأهبة في هاته الأوضاع ،

و كما لا تبادر أي انثى إلا بالصراخ فعلت ساتو بكل فخر .. لم يوشك على الاقتراب منها حتى هوت عليه من السماء ضربة أفقدته توازنه إن ملك ما ملك البشر ، المهم أنه قد سقط بضربة يوبا المؤلمة على ظهره دون حركة .. فوقفا يتأملانه في عجب و قبل أن يهما في مواصلة الطريق قام مترنحًا بشكل مهيب لسعي آخر نحوهما ليخرج يوبا بعفوية حمضًا من جيبه و رشه عليه لتبثق رائحة عفنه و صياحه القوي .. تركوه يذوب كقطعة شوكولاة منتهية الصلاحية مضى عنها تاريخ تصنيعها ألف عام و تراجعا قبل أن يقوم متقاطرًا فيغرقهما في جلده الذائب المنصهر ..



بقيت سايا تهرول لتدرك بعد مدة من التجمد العقلي أن لهاثها و خطواتها السريعة وحدهما في هذا الظلام .. التفت في قلق تبحث عن ساتو و يوبا ، و لكن ما من أحد سوى الأشجار الباسقة السوداء و ظلالها المخيفة التي تكتسب العيون الحمراء و المخالب الحادة الطويلة ليلًا .. رددت بصوت خافت قلق " سـ .. ساتو .. يوبا .. أين .. أنتما ؟ .. يا إلهـ .. "


لاح لها من بعيد ظل هائم يسعى نحوها فأسكتها بلطمة على فاهها .. تراجعت خطوتين تبلع ريقها تردد في هيستيريا مطلقة جاحظة العينين مرعوبة " أنا هالكة .. أنا هالكة لا محالة .. الوحشان خلفي .. "


بعد ان قطعا مسافة لا بأس بها نحوهما في ظليهما المخيفين رافعين أيديهما نحو السماء يممت وجهها للأمام تركض تصرخ طالبة النجدة .. و كأن الخفافيش التي تدب هنا أو البوم سيمد لها يد العون .. و إنما لم تكن سريعة لتلك الدرجة فقد أمسكتها كف ما .. لتنتفض و يزيد عويلها و حركتها واضطرابها ..


" سايا .. سايا .. ما بك إنه نحن "


أوقفت حربها و هدأت نسبيًا من روعها " ما ..ماذا .. انتما ... – ترقرقت عينها دموعًا- آههه لقد أرعبتماني جدًا "


" نحن فعلاً آسفان .. لكن دعينا نغادر حالًا .. خذا هاته .. إذ ما بلغتنا شيء استعملاه .. "


" و ما هذا الشيء يوبا .. "


" إنه الضوء السيتوبلي .. انسيتيه .. على الأرجح كل ما سنقابله هو اجسام مسامية لا تخضع لأي ثقل مكونة من مواد هلامية حساسة للضوء المركز بالتضييق الكرستالي .. لن يقتلها لكنه ينفع في ابعادها لمدة و هذا يفي بالغرض .. إذ ما باغتنا أي شيء اضغطا على هذا الزر "


أخذت سايا خاصتها هامسة " لم أفهم حرفًا مما قلته .. "


" لا تبالي فلست بحاجة للفهم الآن .. هيا خلفي .. يجب أن نصل قبل أن يعرقلنا شيء .. "


راحو في صف بخطوات سريعة تتبعان يوبا في اتجاه دون أن يوقفهم شيء .. لكن غالبًا حين لا يعرقلنا شيء يعني أن ما ينتظرنا أسوء التصورات .. فنيل المبتغى بأشواكه و كسر الرقاب بنعيمه ..


وصلوا للمصحة .. و رغم أنهم في جهة أخرى .. إلا أن ذات البوابة قابلتهم و ذات الرياح الباردة التي اشتدت مع الظلام ..

هذا لأنه المشفى الخدعة ، يُدخلك من حيث شاء و لا يخرجك إلا ميتًا من حيث أراد أيضًا ..

فُتح الباب لوحده و كأنه يفتح أحضانه لهم .. و كأنه يقول أهلا بكم في جحيمكم ..

فبعد كل شيء هو المشفى الخدعة ، يفعل ما يحلو له و يربك بقدر ما يشاء و يلهو كما تلهو القطة بالفأر قبل تناوله دفعة واحدة .. و لكن لم تبتدئ اللعبة بعد !!



و بأول خطوة إلى الداخل رغم هذا الريب المحدق تمّ الضغط على زر " ابدأ اللعبة " .. ارتطمت البوابة خلفهم بقوة معلنة أن لا مجال للعودة و لو شبرًا ..فلا سبيل للعودة .. ‼


"لا ...لا تقلقا سنكون بخير .. فقط لا تفارقاني .. اتفقنا "


أومأتا في وجل ان نعم .. و أكملوا كريقهم للباب العتيق .. و بدوره هو أيضًا كان كريمًا طيبًا فُتِح لوحده و انغلق خلفهم كذلك ليغرقوا في الظلام و الخيبة ..


" رائع ها نحن بين أيديهم بكل بساطة .. أين أنتما .. اقتربا مني "


" يوباا .. أصبحت اخاف من الظلام .. قد يمسك كاحلي أي شيء الآن "


" ساتو لاا تقلـ .. "


سطعت الأضواء عاقدة لسانه ثم باترتًا إياه ..

المكان لا يحوي ردهة كبيرة .. إنه الطابق الخامس إذًا ..


" تعلم أنك لا تلعب مع ولد صغير صحيح ؟ "


دندن خلفهم هذا الصوت الغليظ .. فقفزوا من أمكنتهم ذعرًا ملتفتين مرتجفين .. إنه ذاك الطبيب الذي غسله في الغابة بالحمض بجانبه المومياء و خيالات سوداء تلعب في الزوايا تخشخش ..


" كـ.. كيف ؟‼"


"همم .. لقد أقحمت نفسك فيما لا يخصك البتة .. لكنا سعاد جدًا بكم هنا "


انبثقت الخيالات تعوي تحاول الإجهاز عليهم فرفع يوبا في وجههم سلاحه ليتبدوا ..


غمغم الطبيب " جميل .. احضرت ألعابك أيضًا .. لكني ألعابي لم تنتهي بعد "


تشققت الأرض و انبعثت أشباح أخرى تسعى خلفهم فعلا صياح الفتاتان .. و إنما حملت كل واحدة سلاحها و صوبته نحو من يتجه نحوها .. راحتا تقاتلان كنمرتين شرستين و تورى ذلك الخوف فقط لأنهما أدركتا أنهما هالكتين لا محالة و أن المواجهة خير من الاستسلام .. بل تيقنتا أن الخلاص بيد يوبا وحده و عويلهما ليس الا ثقلا عليه




" يوبا .. اذهب و قم بما يجب أن تفعله "


" مستحيل أن اترككما خلفي وحدكما هنا "


" قلت لك اذهب يعني اذهب "


" لا تقلق .. اذهب و اعتمد علينا يوبا "


" لا أنا لن..."


" لا تلق يوبا أنا بجنبهما .. يجب أن تنزل للأسفل و توقف قلبهم النابض فيتوقف كل هذا "


قاطعه هكذا , صوت صدر جنبهم .. إنه يوري و لم يكن بهيئته الشبحية .. إنما كان واضحًا ..


" يـ .. يوري .. كـ .. كيف جئـت.. "


" أنا أصحح الخطأ الذي ارتكبته منذ نصف قرن مضى .. ارجوك يوبا اذهب .. و اعتمد عليّ "


" حسـ .. حسن .. خذا هاته الحقيبة و استعملا ما تجدانه .. توخوا الحذر .. "


علا صوت الطبيب " إلي أين .. اللعبة لم تبتدئ بعد .. "


صاح يوري " اذهب يوبا .. خذ هذا الرواق "


ركض يوبا مبتعدًا في قلق .. يخفق قلبه بشدة من كثرة الصياح خلفه و سيطرة فكرة أن يتأذى أحدهم ..

أكمل طريقه .قابلته أروقة كثيرة و ممرات عديدة فلم يدرك أيُّ واحدة يختار


" أي واحد اعبر منه؟ .. لا شك أن في الأمر خدعة ما .. قد يوصل رواق ما لمكان آخر تمامًا .. تلك الخدع البصرية .. أجل النظارات الحمراء تلك ستنفع .. "


وضعها فتغيرت خارطة المكان و أخذ الطريق التي ارتسمت له للأسفل .. و إنما لم يسلم من الأرواح التي لاحقته ..


أوسعوه ضربًا .. فسقط عليه من السماء من سقط و لفه بطوق بارد من لف و شتتوه تمامًا ..

و رغم الاصابات استمر وصولا للقبو الدامس ..


زاد ألمه الروائح الكريهة المنبعثة و كأنه في مصلحة حفظ جثث معطلة الثلاجات .. وطأت قدماه الأرض في ذلك الظلام فاصطدم بأجسام لم يفهمها .. ثم اتضح أنها جثث ملقاة في كل مكان .. جثث ممزقة دامية .. اعتراه الرعب لكن لم يمنعه هذا من التصرف فعلى ذمته أرواح عديدة .. رش البنزين المخلوط بمواد كيمياوية - والذي أحضره معه- في المكان و على الجدران ليحرقه و رمى الحجارة الكريمة التي تبث حقلا مغناطسيًا و قبل أن يهم في اشعال النار قامت الجثث متتابعة .. معها الاشباح السود منبثقة من حيث لا يدري ترمقه بأبشع النظرات تسعى نحوه في مشية الزومبي ..

ارتمى عليه اقربهم فأوقعه ارضًا محطمًا عظامه فبقي في مكانه عاجزًا يتأوه .. ثم وقف عند رأسه أحدهم .. خفض رأسه و تفرس فيه بعينين حمراوين


" ألم تقل لك أمك يومًا ألا تحشر أنفك فيما لا يعنيك ؟.. "


رغم عجزه أشعل النار فالتهبت بسرعة و التهمت كل شيء حتى الطبيب فتعالى الصياح و بقي في مكانه يراقبها تأكل كل شيء ..


كاد يخنق بذلك الدخان و مع هذا حافظ بكل قوة على قواه ليخرج الجوهرة الأخيرة من صندوقها الأسود

فتحه لتمتص تلك النار و الجثث و الدخان .. و أخيرًا سبب أزمة المشفى - الطبيب الساحر - .. تشبث بالأرض يعوي ولم ينفعه شيء .. فها هو سجنه ينتظره .. لتتحول الجوهرة إلى سوداء مرقعة بالأبيض ‼


اختفت الجثث ودماءها و عادت الجدران و كأنها جديدة .. رمق يوبا المكان بعين تمكاد تغمض ثم ابتسم عندما راقب الشمس تلج من النافذة الصغيرة جدا و التي رغم قلت أشعتها إلا أنها بعثت الدفئ و الأمان في المكان .. ثم أسدل الستار على عينيه

http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg




|| في الطابق الخامس ||


سقطت ساتو بعد آخر محاولة لها في ابعاد المسوخ عنها و راحت سايا تركض نحوها لتنقذها فوقف في وجهها شبح مكشرًا عن أنيابه .. ما كاد يقترب ليمزقها حتى تجمد في مكانه .. ثم ذاب شيئًا فشيئًا و تبعه أصحابه .. أما تلك المومياء فقد تحولت إلى تراب منثور سقط على ساتو فلوثها و كأنها كانت تلعب بالفحم ..


يوري هبط من طفوه و عاد كام كان قبل 50 عام .. إلى تمثال .. ثم تبدد و تناثر كتلك الرمال السحرية البراقة في الجو و اخترقته أشعة الشمس التي تسللت فجأة من النوافذ قذرة الزجاج الذي اكتسب لونًا غامقًا..
" ما الذي جرى هنا ؟ "


" إنه يوبا .. لقد نجح "


تعالت ضحكاتهما ثم رددت ساتو " دعينا ننزل إليه هيا "


" هيا بنا .. لكن .. "


" لكن ماذا ؟ "


" يوري .. لم يتسنى لي وداعه حتى .. "


" لا تقلقي عزيزتي .. كم تاق لهاته اللحظة . إنه في مكان افضل .. دعينا نذهب ليوبا "


" هيا بنا .. "


أخذتا ذاك الرواق الذي أشار إليه يوري قبل أن يرحل .. و راحتا عشوائيا تنزلان إلى أن وصلتا الردهة ثم أخذتا الطريق إلى القبو على حسب ما تمليه ذاكرتهما ..


وصلا بعد مدة فأدهشتهما رائحة الدخان .. و الأدهى .. يوبا الممدد على الظهره إما في سبات مؤقت .. أو أبدي ‼

أثير الفكر
21-8-2014, 05:08 PM
واقتربت البداية من نهايتها .. و آن وضع النقاط على الحروف

كنتم مع خاتمة الفصل الخامس و غدًا سيشرف السادس و الأخير

أتمنى أن تفتح الحجوزات .. و قبل أن نضع الفصل الأخير سأراجع الفصول السابقة لتعديلها XD

دمتم برعاية المولى

ساعة التخدير
21-8-2014, 05:23 PM
جميل للغاية لكن المشكلة أن لدي مشاكل مع هذا الخط
لا يوجد أفضل من arial عندما يكون "3" و"غامق"
هكذا
"لا إله إلا الله" وضاح تمامًا على عكس هذا الخط أو الذي أكتب
به فحجمه بثلاثة سيئ "لا إله إلا الله"
هنا جميع الخطوط بترتيب الصندوق أيهم أجمل؟ الأول بكل تأكيد
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله

أثير الفكر
21-8-2014, 06:14 PM
الأمر سيان مع مواضيعك و ردودك

فلدي مشاكل مع اللون الأحمر =.=


على العموم لو كنت متابعًا للموضوع لتنبهت إلى أن الخط المستخدم هو أريال العريض

فقط هذه الجزئية مختلفة فقد جعلته الخفيف بدل العريض

ولا أرغب بتعديله لكوني أراه مناسبًا و أستثقل تعديله مرة أخرى :)

ساعة التخدير
21-8-2014, 06:19 PM
ماهذا الإفتراء؟
مواضيعي لا أكتب بالأحمر بها
:icon100:
ثم ما مشكلة الأخمر الذي ستخدموه هنا بالفعل؟

أعلم ذلك منذ أن اقترحت عليك هوب
وكل شيء تغيير :(

تشيزوكو
21-8-2014, 09:45 PM
O____O

أثير وسيناري لن أسامحكما إذا قتلتما أحدهم T_____T

تمنيت أن يكون لسايا دور أكبر من الصراخ XD لماذا حتى عندما تحصل الفتيات على دور البطولة لا تكون البطولة من نصيبهن؟ :P

أبدعتما حقا.. لا أملك كلاما أعبر به عن روعة هذا الجمال..

توقعت المزيد من الرعب والأكشن داخل المصحة خصوصا عند الفتاتين.. ولكن القصة والتشويق يبقيان مذهلين *_____*

بانتظار الخاتمة بفارغ الصبر.............. ولا تقتلا أحدا -____-

أثير الفكر
22-8-2014, 09:15 AM
-فجر جديد بنكهة أخرى :


بقيتا تتأملانه تخشيان لمسه ، تتدافع العبرات على وجنتيهما في حسرة .. لم تدركا ما تفعلانه سوى النظر إليه و البكاء ..


غارقتين في النحيب على عينيهما غشاوة الدموع سمعتا صوتا رقيقًا هامسًا " ما .. ما هذا .. أنا أتألم هنا و أنتما واقفتان هـ ..هنا . .ساعداني ! "


" يوبا .. أنت حي .. "


"أرجوكماا .. الحديث عن الحياة والموت لاحقًا "





http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg




لم يمكث إلا شهرًا في المشفى رغم كسوره التي ما اقتنع الأطباء بأنه قد سببها سقوطه من سطح منزله و هو يحاول تركيب سياج .. لكنه خرج رغم كل شيء ..


همست سايا في غبطة " هواء البحر منعش .. أليس كذلك ؟ "


" إنه منعش و بإمكانه بلع الكثير من الأسرار .. كالتايتانيك .. "


رددت ساتو في استهزاء من يوبا" ما الذي تقصده .. يبدو أن ما يوجد داخل جمجمتك قد اتلف أيضًا "

" ساتو توقفي عن ازعاجي .. انظرا .. لقد حبسوا في هذا الحجر .. "


" ما هذا الحجر الغريب .. يا إلهي هل هاته البقع البيضاء تتحرك ام ان السواد هو ما يتحرك "


" أسئلتك مجنونة ساتو .. احذري في حمله لو فقط خدش ستبدأ كل ذلك من جديد .. هاته إلى صندوقه و دعينا نرمي به إلى قاع البحر "


" طبعًا لن نرغب في تكرار التجربة .. ارمه بعيدًا "


" إذًا وداعًا أيتها الأرواح الشريرة "


" هاااااه الوداع .. لكن أتدرون .. ما حدث لنا .. يمكن أن يكون فلمًا رائعًا ... أو رواية ما "


" باشرت هلوستك ساتو .. "


" صدقًا .. سيكون جيدا لنارتيرزثيا أيضًا يوبا .. "


" هل أنت جادة ؟ .. أرجوك أنا أحتاج لفترة راحة قد تدةم عامًا .. "


" إذا لن يعود النادي .. أرحتني .. "


" لا عزيزتي سيعود .. رغمًا عنك .. و ينتظرك الكثير "


" ههاااااه .. لما أنت ترتاح و انا أعمل "


" لأني أنا المكسور هنا و ليس أنت .. "


تنهدت في غضب " شيطان أنت .. هااااااااااااه .. أتمنى أن تكون حيًا حين يجد أحدهم الحجر و يكسره "


رددت سايا في غنج مداعبة شعر صديقتها " يا لك من فتاة لئيمة ساتو "




يتبع
http://im54.gulfup.com/MREKoJ.jpg

الجاثوم
22-8-2014, 09:20 AM
المكان : أرخبيل هاواي
الزمان : 2046 م




الرمال البيضاء كبشرة الرضع الناعمة ممتدة إلى بعيد و الأشجار الخضراء المتطاولة تقف في حنان تتأمل البحر الازرق في موعد رومنسي لعناقه مع السماء المبسوطة إلى ما لا نهاية و ما بعدها بينما النسائم تلعب جنب من قرر إما المشي هنا أو البحث عما يهيم عادة في البحار دون الابتعاد عن الشاطئ ..


لوح لشقيقه بينما همَّ في القفزات الدورانية المتتالية على الرمال الملساء " هااي ، نوا .. أنظر لشقلبتي .. آآآآ .."


أسرع نحوه في نوع من الارتباك بعدما سقط " آههـ .. كريس .. ما الأمر ما بك ؟ "


" هذا مؤلم جدًا .. لقد اصطدم كاحلي بشيء ما "


تمتم محاولًا رفعه عن الأرض " لعله مجرد حجر .. انهض و دعني أتفقد سلامة رجلك "


"اجل ربـ ... انتظر انتظر ! هذا الشيء ليس حجرًا على الأرجح ؟ " أفلته نوا بعدما فرَّ منه عودة للأرض يحفر و من عادته النبش في الأرض كأنه مستكشف أو عالم آثار ..


أبعد الرمال عنه تمامًا و أخرجه يتأمله في زهو بين يديه " هااه .. إنه صندوق أسود .. لقد وجدت كنزًا نوا "


أدخل يديه في جيبه ينظر إليه في ازدراء " كم أنت سخيف كريس ، أي كنز في صندوق صغير .. عمرك 15 سنة .. أنت أكبر من هاته التخيلات "


"أنت غريب جدًا ، بمجرد أن بلغت الـ18 أصبحت لا تحتمل بففففف .. لنفتحه و نرى ... إنه عالــق تبًا .. افتح لأجلي نوا .. أرجوووك "


خطفه في حنق "هاته أيها الضعيف .. "


حاول فتحه لكنه علق بقوة و إنما لم يستسلم


ردد كريس كلماته في تهكم و شقاوة واضحتين " أنت أكبر و تعلم أن الإخوة يحملون الصفاة الوراثية ذاتها .. يعني لست الضعيف الوحيد هنا .. أليس كذلك "


" كريس أغلق فـ .. هاااه لقد فُتح ‼ "


" واااااااو حجر جميل . إن .. إن أشكاله البيضاء تتحرك .. انظر "


" إنه حجر غريب .. توقف لا تلمسه يبدو هـ.."


" لكني من وجدته .. اعطني إياه نوا .. "


" كريس قلت لك لا تلمسه إنه هـش ستـكـ .. آآآآآ .. أيها الأبله لقد كسرته "




" بل أنت من ضغطت عليه .. أحمـ .. "






أفلت الشمس و كأن العالم قد لعقه لسان أسود .. تحول كل شيء لظلام حالك .. و ساد اللامعنى و اللاوجود ‼


يومض من بعيد بعيد في اللامكان شعاع أحمر .. يتقطع برتابة و في كل مرة تتضح تلك العبارة و يشتد لمعانها .. [ تمّ إعادة اللعبة من جديد ] ‼




[ تمت بحمد الله يوم 1 / 10 / 1435 من شهر شوال]

ساعة التخدير
22-8-2014, 02:36 PM
هكذا أقول لي عودة بإذن الله لكن قريبة..
لا أعتقد :(
+
سيتم الإرسال لياسر :icon100:

تشيزوكو
22-8-2014, 03:31 PM
خاتمة رائعة جدا جدا ♥

أستطيع أن أتخيل مقدار الجهد المبذول في إخراج هكذا رواية.. خصوصا وأنها تعاون مشترك بين كاتبتين رائعتين ^^

ولكن جهدكما لم يذهب سدى فهذه الرواية الرائعة والبديعة ولدت نتيجة كل أيام التعب ذات الذكريات الجميلة بالتأكيد ^^

أبدعتما حقا أثير + سيناري.. من النادر أن أستمتع برواية كما استمتعت هنا..

شكرا جزيلا لكما.. أحببت الرواية حقا ♥

غاسا آليرو
22-8-2014, 03:54 PM
اكتملت ؟!!

سيتم قتلي من طرف رواتي [emoji88]

لنا عودة

الاميرة لين
22-8-2014, 04:21 PM
سابقا ....


حجز لحين الانتهاء من القرائه :Smile:

ماشاء الله .. تبارك الرحمن icon147
رواية حقّا مُمتعة icon30
أظن أنها قد تكون رواية الرّعب الوحيدة الّتِِي أعجبتني نِهايتها icon26icon26 ....... فغــالـبا ما تنتهي روايات الرُّعب بِمِيتَةٍ بَشِعة لأبطالها جميعا او لأحدهم علي الأقل:(
.
.
.
.
.
.
بالتأكيد لن أستطيع التعقيب علي كل الفصول لكني سأعقب علي ما لفت نظري فيها :

1- لم ترقني فكرة الاسماء الغير عربيه لأنني أعتقد أن الروايات المحتويه علي مقطوعات أدبيه أو التي يطول بها الوصف لا تتناسب معها تلك الاسماء .........

2 - حق يقة انا لم اسمع عن الويجا الا من خلال هاته الرواية . .... لكن من خلال بحثي وقرائتي عنها تراءى لي انها لعبة شركيه - والعياذ بالله - حقيقة انا لا أعلم حكمها ا لديني في الرواية لكني أري فيها شبهة ، والابتعاد عنها اسلم :Smile: . ........

3- فكرة كتابة التاريخ في بداية الجزء الثاني من الفصل السادس
الزمان : 2046 م
اظن انها ستكون افضل لو كانت مثلا : [ بعد العديد من الاعوام] ، أو [ بعد مرور أكثر من 20 عاما] أو شئ من هذ ا القبيل ( مجرد وجهة نظري لا أكثر :Smile: )

4 - كن ت أفضل التعرض للشخصيات قليلا لنعرف القليل عن حياة يوبا أو نعرف أكثر عن سايا و ساتو Icon108

5 - ا يضا تمنيت لو كانت سايا لتعرف - ولو قليلا - من العم ريو عن قصته كأن يلمح لها أ و ان تري العم ريو يخبرها شيئا عن انقاذ صديقه في حلمها بعد موته ........

6 - ك نت انتظر مزيدا من الصراخ من طرف سايا وساتو ويوبا ( أظن أيضا أن أي فتي في وقف يوبا كان ليفعل الأفاعيل حتي ولو كان اشجع الشجعان:icon100: )

ومن اكثر ما ابهرني :
1 - را قتني جدا حبكة الرواية ...... فقد كانت متقنة جدا تبارك الله icon180 ...........

2- اعجبتني جدا جدا الوصوفات المميزة للاهوال والاحداث والتي تجعل المرء يعيش المشهد كأنه شخص فيه msar3ah...........

3- طولها..... فأنا من عشاق الروايات الطويله التي لا تصيب قارئها بالملل icon088 ......

4- العديد والعديد من المشاهد التي كانت عكس توقعاتي والتي تنم عن مهارة كتابها eh_s7..... فأنا لا احب الروايه التي يمكن للقارئ توقع نهايتها ........
.
.
.
في النهاية اقول:
رواتي , سيناري
بارك الله جهودكما ......ابهرتني الرواية واتمني رؤية المزيد والمزيد لكما icon180
كما اتمني ألا يكون ردي ثقيلا عليكما icon115 وبالنسبة للانتقادات اتمني ألا تزعجكما فهي مجرد وجهة نظر يمكنكم تجاهلها :Smile:

Hercule Poirot
25-8-2014, 07:16 PM
المشكلة أني كلما ماطلتُ في الكتابة قلّت شهيتي لها، لذا سأكتب الآن قبل أن ينضب كل ما كنت أريد قوله.

بدأت القصة عندما وصلتني دعوة من رواتي على بريد المنتدى لدخول الموضوع ومتابعة الرواية >> يبدو أن الأخ ناوي على قصة طويلة... اجلسوا وأحضروا كمية كبيرة من الفشار والعصير، أو اهربوا ما دام ذلك في مقدوركم!

أخبرتُ رواتي أن قصص الرعب ليس من اختصاصي ولا مما يستهويني، ليس لأنها تخيفني... بل لأنها لا تخيفني، والرعب والإثارة هو مادة قصص/أفلام/ألعاب الرواية، فإذا انعدم الأثر المطلوب من هذه المادة لم ينتج عن القراءة/المشاهدة إلا الملل والنعاس. ولكن إذا دُعيتم فلبّوا، فلبّيت الدعوة رغم ذلك عسى أن تكون هناك وليمة مخفاة بين السطور.

ولما بدأتُ في الوليمـ... أعني في قراءة الرواية، كنت أستغرب لماذا اختارت الكاتبتان نمط الرعب محورًا للقصة، وكنت قرأتُ من قبل لي أن قصص الرعب من هواياتها، لكن يبدو من نشاطها في المنتدى أنها تضع بصمة في كل مكان، أما سيناري فكنتُ أتساءل إن كان لرمزيتها ذات الفتاة الملوثة بالكاتشب علاقة بالأمر.

والآن أنتقل إلى الرواية ذاتها، لكن سامحوني إذا أخطأت أو خلطت بين بعض الأحداث، فالفاصل الزمني بين قراءة أجزاء القصة قد يساعد على النسيان. المهم، بدأت القصتين بداية هادئة مع فتاتين شابتين تربطهما صداقة قوية، ومن ثم تعريف بالشخصيات الجانبية التي لم يلعب أغلبها سوى دورًا بسيطًا في بداية القصة. النقطة الجيدة أنه لم يُزج بالقراء في بيت من الأشباح والشياطين والعفاريت من أول صفحة. ثم يتلو ذلك حديث عن حاسة سادسة وإنذار قوي بالخطر ورغبة جامحة في العودة سريعًا إلى المنزل مما يجعل القارئ يرتاب أن ذلك المكان سينفجر حالما تغادره البطلة أو تُخسف به الأرض أو يتبخر فجأة بلا سابق إنذار. لكن لحسن الحظ، كانت فاتحة المصائب أمرًا معقولاً نسبيًا مقارنة بما ذكرتُ آنفًا، ألا وهو وفاة رجل عجوز مقرّب كثيرًا من البطلة، في وسط ظروف قلة اهتمام بالأمر من قبل المحيطين بها.

والآن أعرّج على صفة والديّ البطلة في القصة. كان سلوك الأم مناسبًا ونموذجيًا، لكن أحسستُ - وهذا محض رأي شخصي - أن شخصية الأب تنقصها الواقعية. لو أردتُ الحكم عليها، فهي شخصية تناسب أكثر شخصية شاب مراهق، لهذا فهي تنفع لأخ مراهق علاقته مع أخته نزال ومشاكسة، ولا يقيم وزنًا لرأيها ولا لمشاعرها. يصعب عليّ تصوّر والد يفكر بهذا الأسلوب المذكور في القصة، فهناك فرق بين أنانية شخص بالغ متزوج (وله ابنة في سن الشباب)، وبين أنانية شاب طائش. نصيحتي لمن يريد كتابة قصة فيها هكذا شخصيات، أن يبحث عن مثل هذه الشخصيات في واقعه، ويدرسها ويراقب عن كثب، ثم ينسج شخصيته بناءً على ذلك.

سأختصر من هنا فصاعدًا وأذكر أهم النقاط فحسب، فالوقت قد بدأ ينفد مني، ولستُ بالسريع في صب الأفكار في أقداح الحروف والكلمات (لكن لا شك أني ثرثار بحق!). النقطة الأخرى أشرتُ لها من قبل في ردي السابق، وهي الأسلوب البلاغي الوصفي المميز المنتشر في القصة، أستغني عن إعادة ذكر رأيي فيه مجددًا بردّي السابق. لعل السيئة الوحيدة فيه كانت غياب استخدام الفواصل (علامات الترقيم) في الجمل الطويلة (خاصة في الجزء الأخير من الرواية)، بحيث كان يحتاج القارئ أن يحبس ثاني أكسيد الكربون في رئتيه طويلاً ليستطيع قراءة الجملة في نفس واحد (تعبير مسروق من مدرّس لغة عربية قديم). لا تهملا في استخدام علامات الترقيم، فهي تسهّل الفهم على القارئ وغيابها كغياب حواجز الأمان من جانبي الطريق.

احتوت الرواية على كثير من الأحداث المتسارعة (الأكشن)، سواءً في الجزء الأول حين كان الأصدقاء القدامى يواجهون الأرواح الشريرة ويتصارعون معها، أم في الجزء الآخر حيث أبطال العصر الحالي يخوضون جزءًا من تجربة مماثلة. بدت لي بعض الأحداث سريعة وتحتمل المزيد من التأني في الوصف، أو ربما أنا الذي - بقراءته السريعة - يتجاوز السرعة المسموحة على أوتوسترادات القراءة.

بدا عنصر الحزن والرغبة بالانتقام واضحًا في النصف الأول من القصة، لكن في النصف الثاني، تغير الوضع مع دخول يوبا، وانتقلت البطولة (أو جزء كبير منها) من الفتاتين إليه، وصار دورهما ميلودراميًا أكثر، وإذ بالسيناريو القديم الشهير تُعزف: "سندخل معك مهما قلت ولا يهمنا ما يحصل لنا... لكن عند أول شيء مفزع صغير يبدأ الانسحاب المبكر يرافقه أسطوانة صراخ وزعيق يكاد يصل صداها إلى سابع طبقة من طبقات الأذن الداخلية للقارئ!". ربما ارتأت الكاتبتان أن الأحداث في هذا الجزء تناسب أن يتولاها الذكور أكثر من الإناث، وهي وجهة نظر قد تكون معتبرة، لكن كان ينقص هذا الجزء تعريف أكبر بالبطل يوبا وبخلفتيه وقدراته قبل أن يدخل خضم المعركة ويُظهر حركات ويستخدم أسلحة لم يُشمّ رائحة لذكرها من قبل في الرواية.

وقبل أن أختتم ثرثرتي، أحب أن أنبّه (بلطف) إلى أهمية الاعتناء بسلامة النص من الأخطاء اللغوية، ولا أعني هنا الأخطاء العارضة فلا يكاد يسلم شيء منها إلا كتاب الله، وإنما أعني الأخطاء المتكررة. من ذلك، استخدام بعض الكلمات العامية مثل "هاته"، واستخدام فاصلة الأرقام "," بدل فاصلة الحروف "،" في مواضع كثيرة من الرواية، وهي ملاحظة قد لا تكون ذات شأن، ولكن لديّ حساسية شخصية من الخلط بين الفاصلتين. :)


أخيرًا، أحب أن أهنئ الكاتبتين على صبرهما ومثابرتهما في إكمال رواية بهذا الأسلوب وهذا الحجم وهذا المحتوى. مستوى الرواية عالٍ، وبما أنه (أول؟) عمل مشترك بينكما وقد انتهى بهذا الشكل فأنا أشجعكما على المضي قُدمًا في الطريق الروائي وصقل مهارتكما فيه. ربما يبدو أكثر كلامي أعلاه نقدًا أو ذكرًا للنقاط السلبية، ولستُ بالكاتب حتى يحق لي أن أحكم على كتابة غيري، لكن هي مجرد ملاحظات صغيرة عابرة قد يكون فيها الجيد والسيئ. لم أُشر إلى النقاط الإيجابية بالتفصيل كما أشرتُ إلى السلبية، لأن الأولى أكثر وأعمّ، ولله الحمد.


والآن أترككم في سلام، فعادة ما يصيب النحس المواضيع التي أكتب فيها ردًا فتظل مهجورة بعض الوقت. :icon100:

dete.ctive2

[ اللــيـــث ]
25-8-2014, 08:37 PM
مكاني :)

أثير الفكر
26-8-2014, 12:35 PM
أرى بالأعلى ردًا متخمًا بشيء أعشقه ( للأسف من عشاق النقد و لو كانت طرفًا في من وُجه إليه )

سأعقب على ردك أيها الفاضل هيركول بحول الله خلال سويعات :") >> يحتاج إلى جلسة مع كوب من الشاي

وحتى ذلك الوقت دمت بحفظ الله و رعايته

أثير الفكر
26-8-2014, 03:16 PM
عدنا :""""")

نبدأ مستعينين بالله



كنت أستغرب لماذا اختارت الكاتبتان نمط الرعب محورًا للقصة، وكنت قرأتُ من قبل لي أن قصص الرعب من هواياتها، لكن يبدو من نشاطها في المنتدى أنها تضع بصمة في كل مكان

اختيار تصنيف و مكان القصة كان من إبداع العزيزة سيناري و الحق أقول أنني أعجبت باختيارها

وكانت محاولة أولى لي للخوض في عالم هذا التصنيف .. أما سيناري فهي أستاذة فيه تبارك الله icon152

+


- سيناري مخلوقة ظلامية بامتياز - icon001





نصيحتي لمن يريد كتابة قصة فيها هكذا شخصيات، أن يبحث عن مثل هذه الشخصيات في واقعه، ويدرسها ويراقب عن كثب، ثم ينسج شخصيته بناءً على ذلك.



سنتفادى ذلك في القادمات بحول الله :")





لعل السيئة الوحيدة فيه كانت غياب استخدام الفواصل (علامات الترقيم) في الجمل الطويلة (خاصة في الجزء الأخير من الرواية)، بحيث كان يحتاج القارئ أن يحبس ثاني أكسيد الكربون في رئتيه طويلاً ليستطيع قراءة الجملة في نفس واحد (تعبير مسروق من مدرّس لغة عربية قديم). لا تهملا في استخدام علامات الترقيم، فهي تسهّل الفهم على القارئ وغيابها كغياب حواجز الأمان من جانبي الطريق.



:cool:

عذرًا على سرقة الأوكسجين منك :"""

الحق أن اللوم هنا يقع علي أنا لا سيناري :)


يفترض أن أراجع الفصول كلها مع إضافة علامات الترقيم و تعديل أخطاء سرعة الكتابة

ولكن مراجعتي مستعجلة للغاية فلم أنصف التعديل حقه لا نحوا و لا إملاءً >__<

سأحاول العودة للفصول بأقرب فرصة لاضافة العلامات :)





لكن كان ينقص هذا الجزء تعريف أكبر بالبطل يوبا وبخلفتيه وقدراته قبل أن يدخل خضم المعركة ويُظهر حركات ويستخدم أسلحة لم يُشمّ رائحة لذكرها من قبل في الرواية.



^__^"

المعذرة على تشتيتكم




استخدام بعض الكلمات العامية مثل "هاته"، واستخدام فاصلة الأرقام "," بدل فاصلة الحروف "،" في مواضع كثيرة من الرواية، وهي ملاحظة قد لا تكون ذات شأن، ولكن لديّ حساسية شخصية من الخلط بين الفاصلتين.


ما أعرفه أن هاته اسم اشارة فصيح لا يستخدم بكثرة كما هذه .. لربما أكون مخطئة في معلومتي .. لذا سأبحث عنها بحول الله :)


أما عن الفاصلة >___<

لسبب ما جهازي لا يحوي الا هذه ( , )

فما كان بالفاصلة الصحيحة فهو من سيناري و الخاطئ من حضرتي xD

- كوننا نتبادل المستند النصي فيما بيننا -



أخيرًا، أحب أن أهنئ الكاتبتين على صبرهما ومثابرتهما في إكمال رواية بهذا الأسلوب وهذا الحجم وهذا المحتوى. مستوى الرواية عالٍ، وبما أنه (أول؟) عمل مشترك بينكما وقد انتهى بهذا الشكل فأنا أشجعكما على المضي قُدمًا في الطريق الروائي وصقل مهارتكما فيه. ربما يبدو أكثر كلامي أعلاه نقدًا أو ذكرًا للنقاط السلبية، ولستُ بالكاتب حتى يحق لي أن أحكم على كتابة غيري، لكن هي مجرد ملاحظات صغيرة عابرة قد يكون فيها الجيد والسيئ. لم أُشر إلى النقاط الإيجابية بالتفصيل كما أشرتُ إلى السلبية، لأن الأولى أكثر وأعمّ، ولله الحمد.

بالفعل هو أول عمل مشترك بيننا بل بمعنى أصح أول رواية مكتملة لكلتينا XD




والآن أترككم في سلام، فعادة ما يصيب النحس المواضيع التي أكتب فيها ردًا فتظل مهجورة بعض الوقت. :icon100:


:D :D :D

أسعدتنا بردك المتألق هنا .. وملاحظاتك النيرة .. ورقيّ نقدك السامي

بارك الله فيك و في عظيم عروجك على هذه القصة

دمت بحفظ المولى أيها الفاضل هيركيول


+

سأجمع كل ردود تشيكو بردي القادم و أثرثر فيها كما أريد

:)

أثير الفكر
26-8-2014, 04:09 PM
تشيزوكو نأتي لهذا الرد


>> عندما قرأته كنت بالكاد أمسك بأصابعيXD


O____O

أثير وسيناري لن أسامحكما إذا قتلتما أحدهم T_____T

تمنيت أن يكون لسايا دور أكبر من الصراخ XD لماذا حتى عندما تحصل الفتيات على دور البطولة لا تكون البطولة من نصيبهن؟ :P

أبدعتما حقا.. لا أملك كلاما أعبر به عن روعة هذا الجمال..

توقعت المزيد من الرعب والأكشن داخل المصحة خصوصا عند الفتاتين.. ولكن القصة والتشويق يبقيان مذهلين *_____*

بانتظار الخاتمة بفارغ الصبر.............. ولا تقتلا أحدا -____-







هل تذكرين دخول المومياء و الطبيب بمنزل يوبا ؟؟

ألم يقفز يوبا من النافذة ؟

في الحقيقة العرق الإجرامي المتفشي في أصقاعي

جعلني أقتله بل جعلته يموت شنقًا .. و لما تشدقت بفعلتي و سببها أن عقلي كان بحالة وحشية سوداوية

فقتلته , ثم فوجئت ببعثه من قبل سيناري .. تلاعبت في الحدث تبارك الله بشكل لم أتوقعه

موهبة هذه الفتاة مدهشة بحق .. عندما يقف قلمي عند نقطة أخاطب نفسي :

- أنّى لها أن تكتمل ؟؟

ثم أفاجأ بسيل من الإبداعات يتدفق من ذاك الحدث بتوفيق من الله ثم ببراعة سيناري و خيالها الخصب

ومع هذا كنت طامعة بموت يوبا .. فأنا أعشق موت الشخصيات قتلًا و فعصًا و تعذيبَا XD




خاتمة رائعة جدا جدا ♥

أستطيع أن أتخيل مقدار الجهد المبذول في إخراج هكذا رواية.. خصوصا وأنها تعاون مشترك بين كاتبتين رائعتين ^^

ولكن جهدكما لم يذهب سدى فهذه الرواية الرائعة والبديعة ولدت نتيجة كل أيام التعب ذات الذكريات الجميلة بالتأكيد ^^

أبدعتما حقا أثير + سيناري.. من النادر أن أستمتع برواية كما استمتعت هنا..

شكرا جزيلا لكما.. أحببت الرواية حقا ♥


أسعدكِ الله بردودك و عروجك المستمر هنا


وسعيدة أن نالت إعجابك

+

جاري انتشال سيناري من طوفان كتبها لتعقب عليكم :)


دمتم برعاية الله ~

Hercule Poirot
26-8-2014, 05:15 PM
عذرًا على سرقة الأوكسجين منك :"""

الحق أن اللوم هنا يقع علي أنا لا سيناري :Smile:


يفترض أن أراجع الفصول كلها مع إضافة علامات الترقيم و تعديل أخطاء سرعة الكتابة

ولكن مراجعتي مستعجلة للغاية فلم أنصف التعديل حقه لا نحوا و لا إملاءً >__<



لم أقصد بذلك لومًا، ولكنها ملاحظة ظريفة كان يرددها علينا مدرّسنا قديمًا إزاء هذه الجُمل، فأحببت ذكرها هنا.




ما أعرفه أن هاته اسم اشارة فصيح لا يستخدم بكثرة كما هذه .. لربما أكون مخطئة في معلومتي .. لذا سأبحث عنها بحول الله :Smile:


كنتُ قد قرأت نصًا قبل فترة أوحى إليّ بعدم جواز دخول ها التنبيه على حرف الإشارة "تِه" بالذات. عدتُ الآن إلى ذلك النص مراجعًا، فوجدتُني قد أخطأتُ في استخلاص تلك الجزئية من فحواه، ووجدتُ - ويا للسخرية - أنه نصَّ على دخول ها التنبيه على "ذا" و "ذِه" و "تا" و "تِه" في جزءٍ فاتتني قراءته.



هل تذكرين دخول المومياء و الطبيب بمنزل يوبا ؟؟

ألم يقفز يوبا من النافذة ؟

في الحقيقة العرق الإجرامي المتفشي في أصقاعي

جعلني أقتله بل جعلته يموت شنقًا .. و لما تشدقت بفعلتي و سببها أن عقلي كان بحالة وحشية سوداوية

فقتلته , ثم فوجئت ببعثه من قبل سيناري .. تلاعبت في الحدث تبارك الله بشكل لم أتوقعه



في الجزء الذي يتقابل يوبا والفتاتان مع روح يوري التي ترشدهم إلى طريقة الخلاص، توقعتُ أن يكون في الأمر خدعة بأن يكون أحد الأرواح الشريرة يتقمص شكل يوري، فيحدث مثلما حدث في الجزء الأول من الرواية حين خُدع يوري فخلّص الأرواح وهو لا يدري. لحسن الحظ، لم يحصل ذلك وتجنبنا نهاية مأساوية من عيار قد يكون ثقيلاً.

دمتم مبدعين.

dete.ctive2

[ اللــيـــث ]
29-8-2014, 12:56 AM
كل رواية تكون عـاريـة أمام أي قارئ ناقد ، فإما أن تتستر بحبكة درامية تحجب عين القارئ عن رداءة الأسلوب التعبيري أو تبهره بلغة شاعرية تشتت انتباهه وتركيزه عن سوأة المضمون الفكري ، والرواية هذه سُترت أمامنا عفا الله عنها .. ^_^

كنت أعتقد أن الروايات التي تتمحور حول الجن وعوالمهم دائماً روايات " هشّة " لأنها تدعم فكرتها الركيكة بعامل تزعم أنه يجعلها مثيرة وطبعاً تغيرت نظرتي بعد قراءة حَوجن لـ إبراهيم عباس وهنا أيضاً :) .. أستغرب كيف إستطعتما جعلي منذهلاً أمام زخم وجمال عملكم ، تبارك الرحمن !


القصة غريبة من نوعها شيقة في الشخصيات وفي الحبكة ومن ناحية السيناريو تستحق القراءة !
اللغة جيدة جداً ، مع التأكيد أنه ينقصها شيء من الخبرة في بعض التعابير اللغوية ووصف لبعض المواقف وهذا الامر واضحٌ للجميع !
الممتع في الرواية هو اسلوبكم السردي وتناغم أحداث الرواية كأنك تشاهدها لا تقرأها !

ما شدني في القصة .. وصفكم المذهل للمشفى
لحظات جميلة قضيتها في قرائتها تخللتها بعض اللحظات لا أدري من الرعب ؟! ربما .. أو الخوف أحياناً

أخيراً .. تجربتي في قراءة عملكم .. تجربةٌ مذهلة لن تنسى بإذن الله ..
إنتظار بكل شوق لعملكم القادم !

كل التوفيق لكما سيناري ورواتــي :)

الاميرة لين
29-8-2014, 12:07 PM
تم فك الحجز في الرد #76 (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=183846&p=3471464&viewfull=1#post3471464)

الاميرة لين
29-8-2014, 12:14 PM
لسبب ما جهازي لا يحوي الا هذه ( , )


ستجدينها عند الضغط علي
Shift + ن

أثير الفكر
29-8-2014, 06:43 PM
كنتُ قد قرأت نصًا قبل فترة أوحى إليّ بعدم جواز دخول ها التنبيه على حرف الإشارة "تِه" بالذات. عدتُ الآن إلى ذلك النص مراجعًا، فوجدتُني قد أخطأتُ في استخلاص تلك الجزئية من فحواه، ووجدتُ - ويا للسخرية - أنه نصَّ على دخول ها التنبيه على "ذا" و "ذِه" و "تا" و "تِه" في جزءٍ فاتتني قراءته.


^__^

هكذا إذًا .. فهي صحيحة كما خُيل لي : )



ف
ي الجزء الذي يتقابل يوبا والفتاتان مع روح يوري التي ترشدهم إلى طريقة الخلاص، توقعتُ أن يكون في الأمر خدعة بأن يكون أحد الأرواح الشريرة يتقمص شكل يوري، فيحدث مثلما حدث في الجزء الأول من الرواية حين خُدع يوري فخلّص الأرواح وهو لا يدري. لحسن الحظ، لم يحصل ذلك وتجنبنا نهاية مأساوية من عيار قد يكون ثقيلاً.

دمتم مبدعين.

>__< فاتتنا و إلا لجعلناها هكذا XD

نهايات العيار الثقيل هي الأفضل :")






كل رواية تكون عـاريـة أمام أي قارئ ناقد ، فإما أن تتستر بحبكة درامية تحجب عين القارئ عن رداءة الأسلوب التعبيري أو تبهره بلغة شاعرية تشتت انتباهه وتركيزه عن سوأة المضمون الفكري ، والرواية هذه سُترت أمامنا عفا الله عنها .. ^_^



icon79





حَوجن لـ إبراهيم عباس وهنا أيضاً :Smile:
.. أستغرب كيف إستطعتما جعلي منذهلاً أمام زخم وجمال عملكم ، تبارك الرحمن !


أن يتم مقارنة هذه الرواية بحوجن أمر أسعدني للغاية - رواية حوجن هي سبب ولادة هذه الرواية - :)




اللغة جيدة جداً ، مع التأكيد أنه ينقصها شيء من الخبرة في بعض التعابير اللغوية ووصف لبعض المواقف وهذا الامر واضحٌ للجميع !


:) :) :)

لازلنا في طور التعلم و نطمح للوصول إلى نجم الأدباء في لغتهم بحول الله




الممتع في الرواية هو اسلوبكم السردي وتناغم أحداث الرواية كأنك تشاهدها لا تقرأها !


كلتانا نعشق الأسلوب الوصفي أكثر من الحوارات :)




ما شدني في القصة .. وصفكم المذهل للمشفى
لحظات جميلة قضيتها في قرائتها تخللتها بعض اللحظات لا أدري من الرعب ؟! ربما .. أو الخوف أحياناً


رعب icon101

هذا جيد ^^"




أخيراً .. تجربتي في قراءة عملكم .. تجربةٌ مذهلة لن تنسى بإذن الله ..
إنتظار بكل شوق لعملكم القادم !

كلامك وسام شرف نعلقه على صدر الكتابة . أسعدكم الله :)



نأتي للأميرة لين 8wq4




1- لم ترقني فكرة الاسماء الغير عربيه لأنني أعتقد أن الروايات المحتويه علي مقطوعات أدبيه أو التي يطول بها الوصف لا تتناسب معها تلك الاسماء .........



الأسماء العربية تعبر عن المجتمع العربي .. وطابع الرواية لا ينطبق على المجتمع العربي :")




2 - حق يقة انا لم اسمع عن الويجا الا من خلال هاته الرواية . .... لكن من خلال بحثي وقرائتي عنها تراءى لي انها لعبة شركيه - والعياذ بالله - حقيقة انا لا أعلم حكمها ا لديني في الرواية لكني أري فيها شبهة ، والابتعاد عنها اسلم :Smile: . ........



طبعًا نحن لن نلعبها و وضعناها هنا لتسيير الأحداث + هي تحضيرية للجن XD




3- فكرة كتابة التاريخ في بداية الجزء الثاني من الفصل السادس

الزمان : 2046 م




اظن انها ستكون افضل لو كانت مثلا : [ بعد العديد من الاعوام] ، أو [ بعد مرور أكثر من 20 عاما] أو شئ من هذ ا القبيل ( مجرد وجهة نظري لا أكثر :Smile: )

أمممم أرى المدة أو الحقبة الزمنية هذه مناسبة :$





4 - كن ت أفضل التعرض للشخصيات قليلا لنعرف القليل عن حياة يوبا أو نعرف أكثر عن سايا و ساتو Icon108

:) :) :)

بالفعل يوبا و ساتو لم نتعرض لهما كثيرًا على عكس سايا :$



5 - ا يضا تمنيت لو كانت سايا لتعرف - ولو قليلا - من العم ريو عن قصته كأن يلمح لها أ و ان تري العم ريو يخبرها شيئا عن انقاذ صديقه في حلمها بعد موته ........

ظننت أن ما حصل أكثر من كافي فبعد كل شيء رييو تحت التراب :)





6 - ك نت انتظر مزيدا من الصراخ من طرف سايا وساتو ويوبا ( أظن أيضا أن أي فتي في وقف يوبا كان ليفعل الأفاعيل حتي ولو كان اشجع الشجعان:icon100: )







لا إله إلا الله XD

راحت هيبة الشنب لو صرخ يوبا XD XD XD




ومن اكثر ما ابهرني :


:) <3


1 - را قتني جدا حبكة الرواية ...... فقد كانت متقنة جدا تبارك الله icon180 ...........

2- اعجبتني جدا جدا الوصوفات المميزة للاهوال والاحداث والتي تجعل المرء يعيش المشهد كأنه شخص فيه msar3ah...........

3- طولها..... فأنا من عشاق الروايات الطويله التي لا تصيب قارئها بالملل icon088 ......

4- العديد والعديد من المشاهد التي كانت عكس توقعاتي والتي تنم عن مهارة كتابها eh_s7..... فأنا لا احب الروايه التي يمكن للقارئ توقع نهايتها ........
.
.
.
في النهاية اقول:
رواتي , سيناري
بارك الله جهودكما ......ابهرتني الرواية واتمني رؤية المزيد والمزيد لكما icon180
كما اتمني ألا يكون ردي ثقيلا عليكما icon115 وبالنسبة للانتقادات اتمني ألا تزعجكما فهي مجرد وجهة نظر يمكنكم تجاهلها


كمية السعادة التي يتنفسها المرء من هكذا تعليقات هي كمية مهولة

أسعدك الله لين و أسعد كل من مر هنا و ترك أثرًا بشكر أو تعليق أو نقد بناء و لا أنسى بعض التقييمات XD

سعدت حقًا بها فشكرًا لأحدهم من القلب :)

دامت أوقاتكم نقية كما أنتم

الاميرة لين
29-8-2014, 09:10 PM
لا إله إلا الله XD

راحت هيبة الشنب لو صرخ يوبا XD XD XD



هههههههههههههههههههههههههه
اضحكتيني يا فتاه
لكن اي شخص مكانه كان ليصرخ ولو قليلاً XD

الجاثوم
29-8-2014, 09:11 PM
سلام الله عليكم .. تحياتي المثقلة بالشوق لكم :}

السرقة حرام .. لكن سرقة الوقت لأجلكم لا تندرج ضمن أي خطيئة ..
رغم هذا لست بارعة في السرقة ليس لأدفع الشبهة عني لكن هي العادة ..
لذلك ها أنا آخذ دقائق فقط .. الأفضل لتوقف عن الهذيان كي لا تضيع في السخافات


صدقًا .. تمنيت ان أعقب على كل رد و أوفيه حقه الكامل و أن أتحدث باسهاب عن كل شيء و أطرح آراء تخص آراء أخرى .. أبدي وقفات ضد و مع .. لكن ما باليد حيلة

أنتهز هاته الفرصة لأشكر كل من مر من هنا و ترك بصمته خلفه أو خياله فقط .. أشكر كل من حث و كل من انتقد .. فنحن حتما أنا و رواتي بحاجة لحنانكم مثلما نحن بحاجة لنهركم إيانا على ما لم يرق لكم .. أشكر من أخجلني بكشفه عن حبه و انبهاره لقصتنا و كل من استمتع بقراءتها ..


أشكر رواتي لصبرها عليّ كل ذلك الوقت و لصبرها مستقبلا :> .. أشكر تفانيها و دفعاتها لي للأمام و مساعدتها لي دوما و أبدًا .. لي الرجاء ان يطيل لي الله عمري و يلفني بالبركته إلى ذلك الحين الذي سأهديك ما تستحقينه ..


و أخيرًا .. أشكر من جعلني أشعر غير متناسية اني لست وحدي من خط احداث الرواية اني سأكون كاتبة رعب عربية يوما ما :}


دمتم في أمان الله ♥

مع خالص حبي و ودي

S O L I D
2-9-2014, 11:35 PM
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته ~
كيف حالكم آل القلم و رواده ومحبيه 3> ؟! أرجو أن تكونوا بأفضل حال :)
-
بداية لا داعي للاعتذار ع التأخير الرهيب لأني مهما استرسلتُ فيه فلن أبرّئ نفسي
بالإضافة أن الاعتذار لا معنى له الآن .. أعلم جيدا أن الردود المتأخرة تكون
"باردة" وغير حماسية ولكني سأحاول أن يكون ردا لائقا بهذا
المقام الأدبي الراقي وربما يكون مروري -نوعا ما- عربون اعتذار بسيط مني icon180
-
كنتُ قد تلقيتُ دعوة لهذا الموضوع من رواتي أيام العيد , الرسالة كانت تحوي ع البوستر
الأسود المخيف ! الكلام الموَثق فيه كان أكثر من كاف لتحميسي وتشويقي
للاطلاع على الرواية , ذلك التمهيد فيه كاريزما رهيبة ويصف حالة سيكولوجية ظلامية
مشبعة بكل المعاني السلبية :

محشورون في زاوية ضيقة مدببة باليأس .. يعتصر في أحشائنا الذهول والألم حد التعفن
^ هذه كانت أكثر عبارة أعجبتني وكان وقعها على نفسي كبيرا icon26__icon26
-
قرأت فقط الفصل الأول بجزءيه , بداية لم أفهم عنوان الفصل " الحاسة السادسة " , أو لنقل
أني لم أفهم لماذا عنوان الفصل هكذا !! ولكني عرفت السبب بعد قراءتي
المتأنية للحالة السيكولوجية لـ سايا وذلك القلق والضيق غير المبررين الذين كانت تحس
بهما منذ تباشير الصبح الأولى , ليتضح لها فيما بعد أن فقدان أحد معارفها
المقربين لها هو سبب هذه الهستيريا الهادئة التي كانت تختلج كيانها , يعني أنها أحست
بطريقة ما بأنه قد وقع مصاب جلل متعلق بها .. ألا و هو وفاة عم والدها ريو ,
وبالتالي فإن " الحاسة السادسة " هو عنوان أكثر من مناسب لهذا الفصل =)
-
حسنا أكثر شيء راقني هنا هو الصياغة الرائعة للجمل والعبارات , فالانتقاء
الحذر والجيد للمفردات والكلمات لا يكفي بل يجب الربط بينها بطريقة حذقة وأنيقة
وهذا ما يسمى بالصياغة !! , الوصف هنا بلغ مستويات عالمية وخالقي :)
انذهلت من الوصف وخاصة وصف الحالة النفسية لـ سايا !!!

بكل صراحة وبدون ذرة مجاملة عمل أدبي خرافي , وأيضا الحوار بين الشخصيات قليل
ولا يطغى على الرواية وهذا ما أحبه , لا أحب أن تكون الرواية حوار x حوار :/
لم يعجبني والد سايا " أكان " >< , سحقا له كيف يتعامل مع وفاة عمه بهذا الجفاء
واللامبالاة !!! وأيضا نهاية الفصل مشوقة حقا *0*
لعبة تمكنكـ من الاتصال بالعالم الآخر !! لطالما كان استحضار أرواح الموتى حاضرا
وبقوة في روايات وأفلام الرعب , تولّد هذا عن الاحساس العميق بأن الروح
خالدة ولا تفنى ( لا تفنَ ~> لستُ متأكدا من حذف حرف العلة :$ ) بموت صاحبها ..
متشوّق لقراءة الفصول المتبقية ( الفصل الـ 2 ) :icon100:
-
في الختام لا يسعني سوى أن أتقدم لكما " رواتي و سيناري " بأحر وأصدق التشكرات
وكل معاني الاحترام والاعتراف بموهبتكما الفذة في التحرير ^^
صدقا مازالت حتى الآن منبهر حد الذهول من هذه الباقة الروائية المتميزة 8wq4~> ترا هذا الفيس معبر جدا xD
بعد كتابتي لـ هذا الرد الطويل أحتاج إلى شحنة عاجلة من الغذاء والشراب :P
لأني ركزت كثيرا في القراءة وبعدها مباشرة كتبت ما تقرأونه الآن breack-fast
-
كان معكم إيتاشي من إحدى الجزر النائية الموجودة في زاوية مظلمة من العالم الجديد
~> ون بيسي حتى النخاع حتى في قسم القلم *^*

وقبل ما أنسى , حتما ستكون لي عودة قريبة لإكمال البقية =)
بالتوفيق ~

الوجه المبتسم
3-9-2014, 10:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...
وأخيرًا تمكنت من العودة هنا.. مع ظني بأن الوقت قد تأخر بعض الشيئ ^^"
وعذرًا على ردي الذي لن يكون طويلًا >>> لم تستطع أبدًا كتابة ردود طويلة XD
كما أن الأعضاء الآخرين ذكروا ما تبادر لذهني --"
على العموم.. أظن أني سأعبر عن مشاعري هنا ^ـــ^
منذ البداية.. عندما أدركت أنها "رواية" وأنها ستحوي الكثير من الرعب اتسعت ابتسامتي وربما غطت نصف وجهي...
ورغم أني لا أحبذ الروايات التي تحوي الكثير من الوصف والكلمات المنمقة إلا أني أغرمت بأسلوبكما.. حفظكما الله...
أدخلتني عباراتكما إلى عالم آخر.. وبدأت بالتهام الكلمات تلو الأخرى.. وأنا أتمنى أن تطول وأحظى بالمزيد من المتعة...
أحببت الحبكة ككل.. وجذبني عدد من الشخصيات.. ولا بأس إن كانت الأسماء غير عربية.. أضفت جوًا مناسبًا للقصة وكأني أتابع "أنمي".. أحب اليابان والأشخاص هناك :>
حسنٌ.. خلاصة ما أود قوله أن ما قرأت هنا أثارني، أذهلني وأحببته حتى النخاع...
شكرًا لكما.. أسعدكما الله كما أسعدتماني...
بورِك قلميكما.. أرجو لكما التوفيق وأن نقرأ المزيد من كتاباتكما الباذخة في الروعة مستقبلًا >>> أهم ما في الأمر xD
في حفظ الله ورعايته...

أثير الفكر
4-9-2014, 12:27 AM
و كم نهوى حديث الشروق

ايتاشي و بسومة

أسعدكما الله مادامت السماوات و الأرض .. على هذه الكلمات اللطيفة و هذا الألق الذي اكتسى رديكما

و ما عساي أقول أمام هذه الموجة من السعادة ؟

جزاكما الله من وافر خيراته

:)