الاجابة ممكن أن تكون على وجهين: أولاً: الجواب بأن الحصر في كلام أنس إضافي، لا حقيقي.
أي أن قول أنس (أَرْبَعَةٌ) لا مفهوم له؛ وليس الحصر في كلامه حقيقيًّا، بل هو حصر إضافي، أي: بالإضافة إلى غيرهم، وإلا فأين الخلفاء الأربعة، وأين سالْم مولى أبي حذيفة، وأين أبو موسى وغيرهم.
ولذلك ثلاثة أدلة:
الأول: كثرة الحفاظ من الصحابة:فقد روى حفظ كثير من الصحابة فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر بأنه قتل يوم بئر معونة سبعون ممن جمع القرآن وطبعا يوجدغيرهم من الصحابة فى مكة والمدينة.
الثاني: استحالة إحاطة أنس بحال كل الصحابة وأنَّهم لم يجمعوا القرآن كله .........أى أن هؤلاء هم من عرف عنهم وهذا لا ينفى غيرهم مع كثرة الصحابة وانتشارهم فى البلدان حيث أنه لم يقابل كل منهم منفردا ويسأله أى أنه لم ينفهم ولكن نفى علمه بهم. الثالث: اختلاف الرواية عن أنس في تحديد الأربعة......ففى رواية :أبى ومعاذ وزيد وأبى زيد .........وفى رواية أخرىأبو الدرداء مكان أبى ...كما اختلف العلماء فى تحديد أبو زيد فى هذا الحديث.وهذا دليل على عدم الحصر لأنه صادق فى كلتا الروايتين ومن المستحيل أن يكذب نفسه.
ثانيًا: الجواب بتقدير مراد أنس ليس الحصر الإضافي:
وذلك بوجوه:
الأول: أن الْمراد به: لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بِها إلا أولئك.
الثاني: أن الْمراد: لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته، وما لم ينسخ غيرهم.
الثالث: أن الْمراد بجمعه: تلَقِّيهِ من فِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير واسطة، بخلاف غيرهم، فيحتمل أن يكون تلقى بعضه بالواسطة.
الرابع: أنَّهم تصدوا لإلقائه وتعليمه، فاشتهروا به، وخفي حال غيرهم عمن عُرف حالهم، فحصر ذلك فيهم بحسب علمه.
الخامس: أن الْمراد بالجمع في هذا الحديث الكتابة، فلا ينفي أن يكون غيرهم جمعه حفظًا عن ظهر قلب، وأما هؤلاء فجمعوه كتابة، وحفظوه عن ظهر قلب.
السادس: أن الْمراد أن أحدًا لم يفصح بأنه جمعه بمعنى أكمل حفظه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هم، بخلاف غيرهم، فلم يفصح أحد منهم بأنه أكمل حفظه إلا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت آخر آية منه، فلعل هذه الآية الأخيرة وما أشبهها ما حضرها إلا أولئك الأربعة مِمَّن جمع جميع القرآن.............والله أعلم .

رد مع اقتباس

المفضلات