اليوم بـ إذن الله , سـ ننتهي من الرأسمالية الكلاسيكية ..
سيكون درس مُزعج
مالتس
واحد من أهم فلاسفة الرأسمالية , وهو رجل تشعر وأنت تقرأ عنه بـ أنه غاضب من كل شيء وأي شيء !
يُعادي الفقراء والمُعاقين وكل من لا يجد من يتكفل به في صغره , ويرفض أن تقوم الدولة بـ رعايتهم .. ويعتبر بـ أن ليس لهم أي حق في الحياة ، وأن عدم وجودهم أفضل وخير للمجتمع !!
بشكل عام يرى أن زيادة السكان .. تُدمر أي إقتصاد , مهما كان النظام الذي يتبعه ، وأن ما يستهلكه الفقراء والمعاقين والأيتام في ملاجئ الفقراء .. يُقلل من نصيب الطبقة العاملة , لذا طالب الدولة بـ عدم رعايتهم أو الإنفاق عليهم ، حتى أنه حرَم الإحسان من الأثرياء تجاه الفقراء !
تحمست الطبقة الرأسمالية والسلطة لأفكاره ، وخلصوا في النهاية إلى أن الزواج المبكر وكثرة النسل .. تؤدي إلى سوء توزيع الثروة !
ملاجئ الفقراء
تذكرون في الدرس الماضي الإقطاعيين الجدد الذي قاموا بـ طرد الفلاحين من الأراضي التي وزعها عليهم الملك هنري الثامن .. بعد أن تمت مصادرة أموال الكنبيسة !
هؤلاء الفلاحين كان منهم الكثير من المعوذين والمشردين , فأصدرت الملكة إليزابيث قانون الفقراء , ووضعتهم على عاتق الأبرشيات ( أصغر وحدة في الكنيسة ويرأسها أسقف ) ، التي حبستهم في ملاجئ , وُصفت بأنها سجون حقيقية .. تعرضوا فيها للكثير من العمل المرهق ، مُقابل أقل القليل من الطعام والكساء !
لكن قانون الفقراء هذا تم إلغاؤه ، لأن الطبقة الرأسمالية الإنجليزية شعرت أن ما تدفعه لإعانتهم .. أموال مهدورة , في مقابل ما يقومون به من أعمال بلا قيمة حقيقية !
نُقلوا فيما بعد إلى ملاجئ عمل , يعملون فيها 18 ساعة يومياً ويحصلون على أجر , أقل من أجر أقل عامل في مصنع !!
وحين كانت مصانع الغزل والنسيج بـ حاجة إلى أيدي عاملة ( تمتلك اصابع صغيرة ورشيقة ) من أجل مغازلها ومناسجها ، إستطاعت بـ سهولة الحصول على الأطفال اللازمين .. من بيوت العمل في لندن وبرمنغهام ، فتم إرسال ألوف الأطفال الأيتام من أعمار 7 – 14 إلى العمل في تلك المصانع ..
وكان يشتريهم أو يسرقهم ( مُعلم ) يتكفل بـ تسكينهم في بيوت قرب المصانع ، ويؤجرهم لأصحاب المصانع .. الذين بدورهم كانوا يُعينون عليهم مُراقبين أثناء العمل ، وكان أجر المراقبين يتحدد بـ حسب ما ينتجه هؤلاء الأطفال ، فكان المراقبين بـ دورهم حازمين بطريقة بشعة ، وبعضهم كان يستخدم السياط !
يقول محمد قطب في أحد دروسه :
" بدأ العصر الصناعي والمال محصور في طبقتين :
الأولى : الملاك الإقطاعيين ( بقايا النبلاء ورجال الكنيسة والإقطاعيين الجدد )
الثانية : المرابون اليهود .
وعندما إحتاج الصناع للإقتراض لـ تمويل صناعتهم , رفض الإقطاعيون إقراضهم ..
بينما تحمس اليهود لـ ذلك ، وتحمسوا كثيراً لـ ظهور طبقة جديدة تُنافس الطبقة الإقطاعية ، وتكون تحت رحمتهم !!
.
.
ننتقل الآن إلى ريكاردو الفيلسوف اليهودي لـ نرى كيف سيُحطم هؤلاء الإقطاعيين !
ريكاردو
يُمكن تلخيص وشرح وجهة نظره في أنه .. إعتبر أن الأزمات الإقتصادية للدولة تنشأ نتيجة الريع ( مكسب الإقطاعي ) ، وليس الربح الذي يحصل عليه صاحب العمل الذي يستأجر الأرض من الإقطاعي !
وسبب ذلك أن الإقطاعي ( الذي يملك ويؤجر الثروة الطبيعية ) .. يقوم بـ تأجير الأرض لـ صاحب العمل مُقابل مبالغ عالية لا تتغير ، بينما صاحب العمل قد يضطر أحياناً لـ رفع أجور الفلاحين ، ومع ذلك فإن أسعار ما يُنتجه ويبيعه , ليس بـ إستطاعته أن يتحكم في سعرها ، ونتيجة لـ ذلك فإن ربحه يقل أو يخسر ، بينما يستولي الإقطاعي على الفائض الإقتصادي ويختزنه ..
إستطاع بعدها الرأسماليين , إقناع الحكومة بـ إستيراد الغلال ، مما خفض كثيراً من أسعار المنتجات الزراعية ، فتلقى النظام الإقطاعي ضربة قوية ، وفي الوقت نفسه إستفاد الرأسماليين من هذا بـ إنخفاض تكلفة الصناعة .. نتيجة رخص المنتجات ، ثم إستفادوا إستفادة مضاعفة .. بـ أن قللوا من أجور العمال , بحجة إنخفاض الأسعار !!
المركنتلية
مذهب إقتصادى يُسمى أحياناً ( مذهب التجاريين ) ، كان كولبير ( ليس ستيفن كولبير ) هو أول من نادى به ، وهو مذهب يرى أن :
1 – مقدار غنى الدولة يعتمد على ما تملكه من ذهب وفضة .
2 – تزداد الدولة غنى وقوة بـ مساعدة التجار على تكوين ثرواتهم من خلال مساعدتهم على تكوين صناعات قابلة للتصدير .
ونتيجة لـ ذلك تم الآتي :
1 – منع تصدير الذهب والفضة .
2 – التشجيع على مقايضة الصادرات بـ الذهب والفضة قدر ما أمكن .
3 – فرض حماية جمركية على الواردات .
ولذلك نتائج كثيرة منها السياسة الحمائية ، والصراع بين الشركات كـ شركة الهند الشرقية البريطانية والفرنسية ، وأسوأ النتائج وأشهرها ما فعلته بريطانيه مع الصين .. حين كانت قد قررت أن تستورد منتجات الصين بـ الأفيون بدلاً من الفضة ، ثم شنت عليها الحرب الشهيرة المسماة بـ ( حرب الأفيون ) .. حين حاولت الصين منع الأفيون !
وإنتهت تلك الحرب بـ نتائج كثيرة منها تخلي الصين عن هونغ كونغ ، فتح خمس مرافئ للإنجليز ، وعادت تستورد الأفيون مرة أخرى !!
أما شركة الهند الهولندية في أندونيسيا فقد إنتهجت واحدة من أبشع السياسات الإستعمارية .. لـ تأمين أرباح قياسية سريعة لها , وذلك عن طريق :
1 – فرض زراعات إجبارية على الفلاحين .
2 – فرضت على الفلاحين ان يعملوا لأجلها مجاناً بدأً من 66 إلى 240يوم في العام .
3 – تقديم خمس أفضل ما يُنتجونه للشركة بلا مُقابل , ثم تطور إلى النصف .
4 – وحين بدأت الشركة بـ إنشاء مزارع التبغ والمطاط ، جندت يد عاملة لديها وحولتهم إلى عبيد .
يقول ماركس في حديثه عن الرأسمالية :
" إكتشاف قارات أمريكا , وإسترقاق السكان الأصليين ، وحبسهم في المناجم أو إبادتهم ، وبداية الغزو والنهب في الهند الشرقية ، وتحويل أفريقيا إلى نوع من أرض قنص تجارية لـ صيد أصحاب البشرة السوداء ، تلكم هي الطرائق المثالية للتراكم الأولي ، والتي تُشير إلى العصر الرأسمالي عند فجره "
ويقول جان سوريه :
" وهكذا وصل إلى العالم رأس المال المنتصر , ينضح بـ الدم والوحل من كل مسامه "
وفي رواية كانديد يقول فولتير على لسان أحد العبيد السود الذين تشوه جسدهم :
" هذا هو الثمن الذي تأكلون به السكر في أوروبا "
الدرس القادم
النظريات السياسية ..
أو ربما ملاحظات على ما سبق !




رد مع اقتباس

المفضلات