بسم الله الرحمن الرحيم ..
[ للنـــقاش ]
حَدَثَ يَوْمًا ~ أَنْ ماتَ ضِميرُ أُمَّة ~ [ حِزْبُ المَوَاضِيعِ النَّثْرِيَّة ]
جاء رجل مسرعا بنبأ غير ذي سابق , ووجهه ينذر بشؤم و بؤس , قائلا بأنفاس متقطعة : لقد مـ مات , مات !
و ذُهِلَت وجوه السامعين , و غاصت قلوبهم , و كادت أبصارهم تَبْيَضُّ من هول ما سمعت آذانهم ..
~ ~~ ~~ ~
مشت قدماه مسافة طويلة , غير آبهة بألم يعتريها , و لا بمسافة عظمى قطعتها , مشى ليس ليمشي فحسب ؛ بل ليبحث عمن يهتم للأخبار المهولة التي يحملها
و لكن بحثه و مشيه لم يسفر عن أي شيء , دونما الألم المتزايد لقدميه , و القهر و الإحباص المتراكم حول شرايين قلبه و أوردته !
~ ~~ ~~~ ~~ ~
قفل عائدا - ذلك الرجل - إلى حيث كان , فقد اكتشف أن المشي لن يفيد , سوى بألم يزيد ..
و نكس رأسه للوراء , و أخذ يفكر بأمر ما كان قبل عشرين سنة ..
و انغمس في التفكير , إلى أن قُتِل بقذيفة العدو الذي أعلن بداية حربه ..
~ ~~~ ~~ ~~ ~
[ قَبْلَ عَشْرِينَ عَامًا ]
كانت القرية تعج بالحياة , و الناس يمشون في مناكب الأرض , و المواخر تشق عباب البحر ..
تروح العصافير مغردة صباحا , و تجيء مساءا , و كل شيء كان يسير بطبيعية تامة ..
إلى أن .....
أطلق العدو رصاصته على جزء من القرية , فمات بعض من الناس , و جرح آخر ..
و حالما حدث هذا , هب الشبان و الرجال من أهل القرية كلها جمعاء , لنجدة الجزء ذاك ..
و حملت الحرب أوزارها , و حمل العدو عجته و عاد من حيث أتى .
بعد ذلك , أي بعد هذه العشرين , جاء رجل يهرع إلى المدينة , و قال لهم : لقد , لقد مات !
و عاد الناس بعدها لأعمالهم , و كأن شيئا لم يكن ..
~ ~~~ ~~ ~~ ~
لم يأبهوا بما قال و لن يأبهوا , سواء مات مسلم واحد أو مئة ؛ لماذا ..؟
لأن ضمير الأمة مات معه !!
و لم يعد موت مئة يهمهم , فكيف بواحد ؟!
~~ ~ ~~ ~~~ ~~ ~
بدأ الرجل رحلته ليخبر الناس عما يجري حولهم من أخطار في الأمصار المجاورة ..
و لينذرهم من شر بدا أنه اقترب , و لكن الضمير حينها , كان مقتولا منذ زمن , فكأن كل كلامه و تحذيره بلا فائدة !
~ ~~~ ~~ ~~ ~~ ~
توفي هذا الرجل على يد العدو , أجل ..
مات بأول قذيفة أطلقها العدو على القرية , و هو الذي كان يحذر أهلها , أجل لقد مات ضمير أمـــة , فكيف بضميره هو ..؟!

رد مع اقتباس


المفضلات