السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أغلبنا سمع باسم دراكولا وقصص مصاصي الدماء، وقد صارت هذه الأسطورة مكررة في القصص المقروءة والمسموعة والمرئية حتى صار بعضها مبتذلاً ومستهلكًا، لكن قلة قليلة من الناس يعرفون الشخصية الحقيقية لدراكولا، وهو أمير لمنطقة أوروبية تُدعى والاكيا، عاش في القرن الخامس عشر الميلادي، وله صولات وجولات، وأخبار وصفات، سنتطرق إليها في هذه الرواية. لكن ما تجدر به الإشارة هنا أن هذه الشخصية، واسمها الكامل فلاد دراكولا، واللقب الذي اشتُهرت به هو "فلاد المخوزق"، لم يكن لها أدنى صلة بمصاصي الدماء ولا بالخفافيش، بل كان ذلك بسبب خيال كاتب أمريكي أخذ الاسم من كتب التاريخ ونسج عنه القصص من مخيلته.

لكن هذا لا يعني أن قصص دراكولا الحقيقي تقل أثرًا وتشويقًا عن قصص مصاصي الدماء، والرعب والإجرام الذي فيها يُعدّ مصاصو الدماء إلى جانبه حملانًا وديعة، ولذا قررتُ أن أسلط الضوء على هذه الحقبة شبه المجهولة، خاصة وأنها على ارتباط وثيق بالدولة العثمانية والسلطان محمد الفاتح.

تقع أحداث هذه القصة في القرن الخامس عشر كما أسلفنا، في إقليم والاكيا (التي حكمها آل دراكولا) وإقليمي ترانسيلفانيا ومولدافيا، وهذه الأقاليم الثلاثة تُشكّل ما يُعرف بدولة رومانيا اليوم. وكانت تلك المنطقة آنذاك حلبة صراع للقوى الكبرى على الخارطة الأوروبية، فقد كان العثمانيون المسلمون قد وصلوا بلغاريا - جنوب رومانيا - في فترة فتح القسطنيطنية وتقويض أساسات الإمبراطورية البيزنطية، أما من الشرق فكانت إمبراطورية المجر (هنغاريا) والتي كانت عدوة لدودة للعثمانيين بطبيعة الحال، ومن الغرب كانت أوروبا الغربية التي كان يحاول بابا الكنيسة الكاثولوكية حثها على الإعداد لحرب صليبية جديدة تردّ المسلمين على أعقابهم وتوقف زحفهم في أوروبا. ففي هذا الجو السياسي والعسكري المضطرب، وُلدت قصتنا.

يبقى أن أقول أن هذه الرواية وإن كانت تحمل طابعًا تاريخيًا فليس كل ما فيها حقائق موثقة تاريخيًا، إذ ثمة ثغرات عديدة في الفترة الزمنية المذكورة لم تذكر عنها كتب التاريخ شيئًا، أو تضاربت في شأنها، فكان سدّ الثغرات من مخيّلة كاتب هذه الرواية. يُضاف إلى هذا أن كثيرًا من المبالغات والأساطير نُسجت حول شخصية فلاد دراكولا بعد أن عمّت شهرته الآفاق في زمنه، مما صعّب
عملية فهم هذه الشخصية وطريقة تفكيرها، فالصورة التي سترونها في هذه الرواية هي ما تصوّرها الكاتب في نفسه بعدما قرأ عن كثب وتعرّف أكثر عن أحداث وشخصيات تلك الحقبة.


تصنيف الرواية: غموض - تاريخي - تخطيط واستراتيجيات - حروب ومعارك - عنف زائد.

وفي الختام، تنبيه للقراء الكرام - إن وُجدوا - بأن هذه الرواية تحوي في بعض أجزائها من أشكال القتل والتعذيب ما قد لا يحتمل البعض قراءته أو التفكير به.


نبدأ مع الفصل الأول على بركة الله.