و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أخي مجاهد هذه الشبهة تذكرني بسؤال مهم و هو [ لماذا نقيم الأدلة و الدلائل و البراهين على وحدانية الله إذا كان الله قد فطر الناس على التوحيد ؟ ]
و جوابه لأن الفطر السليمة في الناس تعرضت لعوامل حرفتها عن الطريق الصحيح كإغواء الشياطين لبني آدم و ما يرثه الإنسان من عادات و تقاليد متعارف عليها بين قومه و أهله و إنتشار الفساد...
فانحرفت فطرته بسبب هذه العوامل و بالتالي وجب علينا أن نبين له الحق و نكشف عنه الغشاوة بما نتفق نحن و هو عليه..
إذا قابلت ملحدا لا يؤمن بالله و لا باليوم الآخر ؛ لأنه اغتر بالدنيا و ركن إليها ،
و كنت مثلا قد نلت براءة على اختراع جديد فقابلته في مؤتمر أو مجلس ، هو ينظر إليك على أنك أنت من اخترع و ابدع و أن المسألة ليس لها أدنى صلة بالله عز و جل ، و أرت تغير هذه الصورة في ذهنه إلى الصواب..
ستنظر في الأمور أو الأصول أو الأفكار أو المبادئ أو المراجع المشتركة بينكما و التي لا يمكن أن يرفض هذا الملحد التحاكم إليها ... كالعقل مثلا
و تتفق معه على أن نتحاكم إلى العقل و الحواس الخمس في قضية [ هل ما يبدعه الإنسان و يصنعه صار بذات الإنسان أو بقوته أو بذكاءه و لا صلة لذلك بالله ؟ ]
لاحظ أخي مجاهد أنك تستطيع تغير الصورة الذهنية عند هذا الملحد إذا قلت له [ ماذا لو سلب الإنسان العقل و الحسواس الخمس فهل يبقى أثر الفطرة التي نقول ــ معاشر المسلمين أن الله فطر الناس عليها ــ هل يبقى أثرها ظاهرا أم لا ؟، ما رأيك يا فلان أن نزور دارا لغير العقلاء من الصم البكم و نتعرف على الحقيقة ؟ ]... سيوافق طبعا ؛ لأنك حاكته إلى شئ يقبله و هو المنطق السليم..
إذا ذهبتم إلى الدار سترون أن كل إنسان سيتوجه إلى مصدر واحد في حال الضر .
إو إذا نظرتما إلى شخص فقد الحواس الخمس لكنه عاقل لابد في النهاية أن يلجأ و يدعو إلاها واحدا..
لقد طرحت هذا المثل لنعرف أن الناس انحرفوا عن الفطرة فصاوا لا يميزون بين الحق و الباطل [ الحق هو الإسلام و الباطل ما عداه ] الشئ [ و هو الفطرة السليمة ] الذي يهديهم و الفرقان الذي يظهر لهم الحق من الباطل فقدوه بسبب العوامل السابقة و غيرها....
و لهذا بعث الله النبيين بعد أن كان الناس أمة واحدة.....
ملاحظة [ الملاحدة ينكرون وجود الله أصلا فلا يمكنك أن تجعل القرآن أو السنة حجة لك عليهم ؛ لأنهم أصلا لا يؤمنون بالله ، فوجب عليك أن تنظر بماذا يؤمنون إذا؟! إنهم يؤمنون بما يرونه و يسمعونه و بما يشعرون به و ما يدركونه بعقولهم ؛ و لهذا إذا قابلت واحدا منهم لا تعرض عليه القرآن ؛ لأنه سيرفضه مباشرة ، و لكن حاكمه إلى العقل و الحس ، و تكون هذه الخطوة الأولى ، و بالمناسبة هذا المنهج أو الأسلوب نجح به عدد من الدعاة إلى الإسلام في اقناع الناس بالإسلام ]..
لماذا هناك شبهات أو أمور متشابهة في دينكم ؟
الخلل ليس في ديننا و إنما في الناس و اختلافهم...
لماذا لا يعلن الله تعالى عن الدين الصحيح بكل وضوح ؟
لا يوجد غموض أصلا إلا في عقول بعض الناس ، و قد أعلن الله عن وجوب العبادة له وحده بكل ما تحمله هذه الكلمة و بكل وضوح حتى دخل الناس في دين الله أفواجا بعد إزالة صوارف الفطرة السليمة عنهم..
و هذا الإعلان لم يقتصر على الأدلة النظرية فقط بل كان كل شئ فيه آية تدل على وحدانية الله...
لماذا لا نجد إشارة أو لا فتة من السماء تقول إن الدين الصحيح هو الإسلام, وأنه لا إله إلا الله تعالى خالق السماء والأرض ؟
قل لهم كأنكم كسالى لا تستطيعون حتى أن تتدبروا في أنفسكم، قل لهم لينظر أحدكم إلى يده و سيرى أكثر من برهان على وحدانية الله...
هذه التساؤلات تدور في أذهان الملحدين أو غير المسلمين عند مناقشتهم عن أدلة وجود الله تعالى أو عن أمر من أمور الإسلام
و قد حاولت الإجابة عنها من هذا المنظور ، ستحتار حينما تواجه شخصا يعرض الضروريات الخمسة ــ الدين و النفس و المال و العرض و العقل ــ للخطر و لا يحاول حتى حمايتها لأنه يرى وجوده كعدمه...
فعليك أولا أن تقنعه بأن لوجوده سبب و هو عبادة الله وحده...
لماذا لم ينزل الله نصوص القرآن واضحة جلية بحيث يفهمها العالم والجاهل على نحو واحد؟
قد أنزلها ، لاحظ تكرر لفظ [ آيات بينات ] في القرآن...
لماذا هذا الإجمال الذي يسمح بفهم النص على عدة أوجه حسب أفهام الناس؟
لختلاف قدرات الفهم لدى الناس و تفاوتهم في ذلك كان من الحكمة أن تصل الصورة إلى كل إنسان ــ بل حتى الجن أيضا ــ....
أخي مجاهد أسأل الله لك السعادة في الدنيا و الآخرة و للجميع
المفضلات