السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلام يقطع القلب بالفعل ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، نصيحتي لهذا الأخ الكريم أن يطرد التشاؤم ويحل محله التفائل ، وليعلم بأن ذلك ابتلاء من الله عز وجل، وما ابتلاه الله عز وجل إلا ليرفع قدره عنده سبحانه إن رضي بقدر الله عز وجل، فكم من مقعد هو خير عند الله من الألوف المؤلفة من الناس ، وليتذكر بأن هذه إنما هي مجرد دنيا فانية ، دار لا بقاء بها، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا ، وليتذكر نعيم الجنة وقصورها وأنهارها وعسلها المصفى وألبانها ، ما أحلى الجنة، فلنسعى لها بالعمل الصالح ، فوالله لغمسة في الجنة تنسي أبئس أهل الأرض ما مر به من بؤس ، وليعلم هذا الأخ الكريم أنه ليس وحيدا فالله معه، نعم رب العزة والجلال معه ، فكن مع الله ترى الله معك .
هؤلاء الناس بالذات أحبهم، ولو كان لي سبيل لأتيت إليه وقبلت جبينه ، ولاخترقت أسوار بيته وقمت بزيارته وأخرجته معي ، لكن للأسف ما باليد حيلة ، فإن تفارقت الأجسام فالأرواح تتصل .
عليه أن لا يفقد الأمل وليعلم أنه في نعمة ، فغيره لا يبصر والآخر لا يسمع ، وليستعن بالله وليصبر .
وأحب أن أذكر له هذه القصة التي شاهدتها بأم عيني عن شخص قطعت رجلاه كاملتين ، ففي أحد الأيام ليست بالبعيدة أتصل بي أحد الإخوان الذين أحبهم في الله هو ومجموعة من الإخوة لنخرج في رحلة خارج المدينة ونذهب لقضاء يوم كامل في إحدى البحور الخالية من الناس ، فذهبنا وعندما وصلنا إلى إحدى المنحدرات لكي ننزل إلى البحر وجدنا ثلات دراجات هوائية ودراجة نارية ، فلما نزلنا وجدنا مجموعة من الإخوة الملتزمين تظهر آثار السنة على وجوههم ، وجدنا معهم أخا مقطوع الرجلين لا يمشي إلا بالعكازين ويركب الدراجة النارية ، فأنزله الإخوة إلى الشاطئ ، وكم أعجبني هذا الأخ الكريم وكم أحببته ، فالإبتسامة لا تفارق وجهه ، يتحدى كل الصعاب ويلعب ويسبح، وإذا حضرت وقت الصلاة قام ليصلي في الجماعة مع الإخوة ، مؤمن بالله وبقدره خيره وشره ، متفائل ، فسبحان الله.
وأعرف أحد الإخوة الذين لا يبصرون لو جلست معه لما مليت من الجلوس معه، كلامه النور كالعسل، وأخلاقه عالية، ترى الإيمان يفيض منه .
وهذا آخر كان يدرس معي في الجامعة ولا يبصر وكان اسمه رضوان، والعجيب أنه كان يسكن في مكان بعيد جدا ، فيأتي في الحافلة وحده، ثم يكمل مشوارا طويلا وحده فقط مع عكازه وهو لا يرى، فيصل إلى الجامعة ويجلس في الصف الأول ، وكان يقرأ بطريقة برايت، يخرج إحدى الأوراق الكرتونية ويكتب عليها بشيء كالمسمار ، وعندما يقرأ، يقرأ بأصابعه ما كتب، وكان ذا ذكاء خارق وإيمان قوي، حتى أنه لو ناقش أستاذا لأفحمه، كان يناقش حتى الأساتذة ويُسكتهم إن هم جانبوا الصواب، وكان يأتي في المركز الأول في نتائج الإختبارات، فسبحان الله.
رد مع اقتباس




المفضلات