نَقتُل .. لا لأننا نُحبّ الموت، بل كي لا يصير دمُنا بُقعا داكنة في جدار الروح، لا تُحتمل ..
نقتل .. لأننا نُحبّ ضحكات الصغار، وخطُاهم اللينة على الطُرق القاسية، كي لا نسمع صرخاتهم المفزوعة أمام سكّين
"الطعام" قبل أن يصمتوا للأبد، كي نتمكّن من النوم دون معاناة خيال اللحظات الأخيرة للمجزرة ..
نَقتُل .. لا لأننا نُحبّ القتل، بل لأننا نكرهه، لأننا يجب أن نوقف منبعه الظالم العفن، والطُغيان لا يُوقفه سوى الدم، والعدل
لا يكون بدون قصاص .. نقتل، لا لأننا نُحبّ القتل، بل لأننا نعشق الحياة وننتزّع حقّنا في الحُب دون ضجيج القصف
وصراخ الأموات ..
نقتُل كي نُوجد العدل، لا حُبّا في الدماء، ثم يُلاحقنا كل هذا الحزن الأبديّ، حُزن القتل البشريّ الأول الذي ألجأنا / يُلجئنا
للسلاح، على كُرهٍ وألم .. نثأر لدماء الأمّ، وأطراف العجوز المبتورة ألما، وعجز الطيور عن الوصول للسماء الرحبة بلا
أجنحة ..
ونعرف جيدا أن ضحكات الصغار لا تعود، وأن مرارة ضحكاتنا لن تُبدّدها الرياح ، وأننا لن نعود كما كُنّا على براءتنا الأولى
حتى الأبد، وأن تعبّنا لن يزول حتى لو اغتسلنا بدموعنا المُتقيّحة في نهر الفرات ..
ويملؤنا الحُزن بلا انتهاء ..
المفضلات