هذه أول مرة أشارك فيها في هذا الموضوع، وربما تكون مشاركتي مختلفة كثيرا عما قبلها كما ألاحظ، لكنني شعرت أني عثرت على جوهرة وأحب أن أشارككم بها إن كان منكم من يثير موضوعها اهتمامه، وأظن أن هذا هو المكان الأنسب.

الكتاب الذي سأتحدث عنه ليس رواية ولا قصة بل كتاب أكاديمي تقريبًا، وأزيدكم فأقول أني عثرت عليه صدفة بلا أدنى تخطيط، وقطعت خطتي في القراءة لأنهيه في أسرع وقت. كنت أستخدم محرك بحث إحدى المكتبات غير التجارية للبحث عن الكتاب التالي الذي سأبدأ قراءته فلم أجده، لكن ولعدم دقة المحرك فقد أظهر لي عناوين أخرى من مجالات غير متصلة بالمجال الذي كنت أبحث فيه، لكن عنوان أحدها أثار اهتمامي لارتباطه بالترجمة والحاسوب وهما موضوعان أثيران إلى قلبي. ذهبت إلى المكان الذي يفترض أن يكون فيه هذا الكتاب ذو العنوان المثير حسب رقم التصنيف فلم أجده لكني وجدت كتبًا آخر ذات عناوين مثيرة فتصفحت بعضها وقرأت منها صفحات أو مقالات اعتمادًا على ما أثار اهتمامي من الفهرس، لكن هذا لا يهم. المهم هو أن كتابًا كان يلمع من بينها -مجازيًا لجودة محتواه XD- ويهتف بي أن أقرأه -مجازيًا أيضًا XD-. لم يكن عنوانه مثيرًا كسابقيه لكن بدا لي أن طباعته جيدة فأمسكت به وبدأت أقرأ بضع صفحات فوجدت ما يلذ وما يطيب، فلم أدرك إلا وأنا أحمله إلى الطاولة، بعد أن كنت أقرأه أمام الرف. كل هذا الوصف السابق التشويقي إنما هو لأوصل إليكم احتفائي بالكتاب وسعادتي به، والرغبة العارمة بمشاركة أحد بهذا الكلام.

الكتاب الذي أتحدث عنه عنوانه: دراسات في الترجمة ونقدها لمؤلفه د. محمد عصفور. الكتاب مقسم إلى دراسات منفصلة الموضوع كما يدل اسمه، إلا أنها جميعًا مرتبطة بالترجمة من زوايا متعددة. من مواضيع الكتاب حديثه عن مشكلات القواميس الثنائية، وحديثه عن ترجمة إحسان عباس لرواية موبي دِك وكان في حديثه هذا صفحات كررتُ قراءتها لما فيها من جمال النقد والتصنيف والترتيب ولأن الترجمة التي يدور حولها الفصل مطربة صراحةً، تحدث الدكتور أيضًا عن ترجمة الشعر وأخذ مثالًا على ذلك ترجمة نازك الملائكة لقصيدة إنجليزية (أو كما يكتبها الدكتور: إنگليزية )، وتحدث أيضًا عن ترجمة المؤلف لنفسه، أي حين يكتب المؤلف بلغة ثم ينقل كتابه إلى لغة أخرى. وتناول مواضيع أخرى مشوقة.
ختم د. محمد عصفور كتابه بجدول قارن فيه بين ترجمة مصطلحات عسكرية في بعض القواميس وبين اضطرابها في ذلك، ولا شك في الحاجة إلى التوحيد والاتساق.

أظن أن أي مترجم أو مهتم بالترجمة سيستفيد من قراءة الكتاب، وسيستمتع به كما فعلتُ.

أختم بالقول إني حين أعدت الكتاب إلى الرف بعد انتهائي من قراءته فوجئت بالعثور على الكتاب الأصلي الذي قلت لكم إنه مرتبط بالترجمة والحاسوب، لم أستطع الاطلاع عليه بما يكفي لأحكم هل سأقرؤه أم لا لكنه بدا أقل إثارة للاهتمام بكثير من كتاب الدراسات. أنوي العودة لاحقًا لأطلع عليه أكثر وسواءً وجدته مستحقًا للقراءة أو لا فإني سعيد ومكتفٍ بأن قرأت كتاب الدراسات، وعاشت المكتبات! ^_^