أما كريم ، فلجأ بدوره إلى الكلمات في تلك الليلة و كتب رسالةً لنور ، بل حفرها بأظفاره على ظهر الأوراق . انكبّ على الكتابة طوال ساعتين لكأنه ينتقم باللغة من كل آلامه و غضبه ، باح لها بكل شيء ، بماضيه و حاضره و أحلام مستقبله . أحلام جلّ ما يتمناه هو أن يتشاركا معاً فيها . كان يكتب كمخنوقٍ يستجدي في الكلام فسحةً من الهواء النظيف ليتنفس ، و لم يشعر بالارتياح إلا بعدما أودع الرسالة صندوق البريد القريب من منزله . حين عاد رأى سيارة والده مركونةً في المرآب ، فانسحب بصمت إلى غرفته مصمماً على ألآ يوجّه إليه أي حديث ، شاعراً نحوه بحقد يضمره بإحساسٍ عارم بالذنب و القرف في آنٍ واحد ...
لكن سعيد ناصر أبى أن تمرّ الليلة بلا مواجهة ، فما كان منه ألا أن لحق بابنه قائلاً :
# ما بكَ ؟ هل أنت مضرب ع ألقاء التحية على والدك ؟
# ليس لديّ كلام أقوله لك ...
# هكذا إذاً لا بد أن سمّ تلك الحقيرة قد تمكّن منكَ جيداً ! هل تستحق تافهة كهذة أن تنبذ عائلتكَ من أجلها ؟
# إسمعني جيداً با أبي : نور هاشم فتاة رائعة و هي في نظري كنز وجدته و لن أضيّعه ما دمت حياً ! لطالما تدخلت في حياتي و تحكّمت بخياراتي و قراراتي الشخصية ، لكن هذة المرة لن أتيح لك هذة الفرصة ! لذا أطلب منك بكل احترام ألاّ تبذل أي جهدٍ في هذا المجال ، لأنه سيضيع سدًى ، أحب نور و لن تقف قوّة في العالم بيننا !كان لهذة الكلمات وقع الصاعقة على رأس سعيد ناصر . عجز عن الردّ لكن لمعت في عينيه شراراة من الحقد لا تنذر بالخير ، ثم أدار ظهره و مشى .

رد مع اقتباس

المفضلات